جــوهــان فــالـــون

 

 

https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image002.jpg

 

النسخة العربيّة

 

 

 

 

 

 

لي هونق جي

 

 


 

 

 

https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image004.jpg

 

لي هونـق جــي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

falun newpage

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                         

                                                                        

                                                                       

 

 

 

 

 

                                                                    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نقله إلى العربية: ممارسون من الوطن العربي

 

 

 

النسخة العربية الأولى- جانفي،  ينايـر 2006

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 

 

 

لمزيد المعلومات الاتصال بالموقع التالي:

www.falundafa.org

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدّمة "لي هونق جي" للنسخة الصينية

 

 

 

..."جوهان فالون" ليس مكتوبًا بأسلوب جذاب بل وحتـّى أنه لا يخضعُ للقواعد اللغويّة المُـتعارف عليها حاليّـا. ولكن لو أحاولُ أن أستعملَ القواعد اللغويّة الحاليّة لأنمّقَ هذا الكتاب، كتاب الشّرع الأكبر، سوف تبرزُ مُشكلة هامّة: رُبّـما ستـُصبحُ لغة الكتابة وتراكيبُها النحويّة مألوفة ً وجميلة ً، ولكنها لن تكونَ قادرة ً على احتواء الدّلالات الضّمنية العميقة والعالية، لأنه ليس في مقدور اللغة الحديثة السّائدة، ليس في مقدورها على الإطلاق أن تـُعبّرَ عن الشّرع الأكبر كمُرشد ودليل في مُختلف الدّرجات العالية وتجلــّياته في كلّ درجة بحيثُ تـُعطي دفعًا لتطوّر الكينونة الحقيقـيّة للمُمارس وطاقة تعهّده*، وتـُسهمَ في تحوّل جوهريّ....

 

                                          

                     

 

 

*التعهّد: مُصطلح وارد بكثرة وذو دلالة محوريّة في الكتاب (انظر في قائمة الكلمات الصينية – ص 224)     

                                  

  

 

 

 

 

(عن دافـــا)

 

لـــون يـــو

 

دافا هي حكمة الخالق. هي أصل فتق السماء والأرض، وأصل الخلق، وتحوّلات الكون ؛ وهي تشمل كل الأشياء، من أصغر الأشياء حجما إلى أكبر ما يوجد، وفي الحين نفسه هي تتجلى بطريقة مختلفة في كلّ طبقات الوجود المختلفة للأجرام السماوية. من أعماق الوجود إلى حيث تبدأ أصغر الجزيئات بالظهور، وإلى طبقات تليها طبقات من الجزيئات التي لا تعد ولا تحصى، من الصغير إلى الكبير، وصولا إلى الذرات، الجزيئات، الكواكب، والمجرات التي تعرفها الإنسانية في الطبقات الخارجية، وإلى ما هو أكبر- جزيئات من مختلف الأحجام تكوّن عوالم من مختلف الأحجام متناثرة في كل مكان في الأجرام السماوية في الكون. المخلوقات التي توجد في مختلف الطبقات ترى الجزيئات التي هي أكبر من جزيئات طبقتها كواكب في سمائها، وهذا الأمر ينطبق على كل طبقة. بالنسبة للمخلوقات في كل طبقة من طبقات الكون، يبدو وكأن هذا الأمر يتواصل إلى ما نهاية. إن الدافا هي من خلق الزمان والمكان، وذلك العدد الوافر من المخلوقات والأجناس، وكل الخليقة، كل ما يوجد إنما هو مدين لها بوجوده، ولا شيء خارج عنها. كل هذه إنما هي التجليات المحسوسة، في طبقات مختلفة لصفات الدافا : جان شان ران.

مهما كانت طرق البشرية في استكشاف الكون واستكناه الحياة متقدمة، فإن المعرفة التي تم تحصيلها هي بمثابة النظر إلى جزء محدود من الفضاء الذي تسكن فيه الكائنات البشرية، والموجود في طبقة دنيا من الكون. في بعض حضارات ما قبل التاريخ اكتشف البشر كواكب أخرى. ولكن مع كل الارتفاعات والمسافات التي قطعوها لم تصل البشرية أبدا إلى الخروج من البعد الذي توجد فيه.  لن يكون بإمكان البشرية أبدا معرفة الصورة الحقيقية للكون. إن أراد كائن بشري أن يفهم ألغاز الكون، الزمان والمكان، والجسم البشري، فعليه أن يسلك طريق التعهد في شريعة حقيقية، وأن يصل إلى اليقظة الحقيقية، رافعا بذلك مستوى وجوده. من خلال التعهد سترتفع أيضا  طبيعته الأخلاقية، وبعد أن يصبح قادرا على التمييز بين ما هو حقا جيد وبين السيء، وبين الفضيلة والرذيلة، ويرتفع فوق طبقة البشر، فسوف يرى ويدخل في اتصال مع الكون الحقيقي، ومع  مخلوقات الأبعاد الأخرى والطبقات الأخرى.

كثيرا ما يدّعي البشر أن اكتشافاتهم تهدف إلى تحسين نوعية العيش، في حين أن ما يحفزهم في الواقع هو المنافسة التكنولوجية. وفي معظم الأحيان هي لم تأت إلاّ بعد أن تخلى الناس عن كل ما هو إلهي وتخلوا عن القواعد الأخلاقية التي تهدف إلى ضبط النفس ؛ هذه الأسباب كانت وراء تعرّض حضارات من الزمن الماضي مرات عديدة للدمار. ولكن اكتشافات الناس تنحصر بالضرورة في هذا العالم المادي، والوسائل المتوخّاة تتمثل في كون أن ما وقع التعرف إليه هو فقط ما تتم دراسته. في حين أن الأشياء غير الملموسة وغير المرئية في البعد البشري، ولكنها مع ذلك موجودة بصفة موضوعية وتظهر للبشر بشكل حقيقي في هذا العالم الحالي- مثل الروحانية، الإيمان، الكلمات الإلهية والمعجزات – يُنظر إليها على أنها مواضيع محظورة، لأن الناس أقصوا من حياتهم الجانب الإلهي.

إن كان الجنس البشري قادرا على اتخاذ القيم الأخلاقية أساسا لتحسين طبعه، وسلوكه، ومفاهيمه، فسيكون من الممكن للحضارة أن تدوم وللمعجزات أن تظهر من جديد في العالم البشري. حدث مرّات عديدة في الماضي أن ظهرت ثقافات نصف- إلهية نصف- بشرية، ساعدت الناس على السموّ بفهمهم الحقيقي للحياة والكون. عندما يُبرهن الناس على الاحترام والتقدير اللازمين تجاه تجلّي دافا في هذا العالم، فإن جنس البشر، والأمم، والبلدان ستحظى جميعها بنعم وبشرف وبمجد. دافا الكون هي من خلق الجرم السماوي والكون والحياة وكل الخليقة. أي مخلوق يُعرض عن الدافا ويبتعد عنها هو فاسد حقا ؛ أي شخص في هذا العالم بمقدوره أن يضع نفسه على خطى دافا هو حقا شخص جيد، وفي نفس الوقت هذا يمكن أن يجلب له الجزاء الحسن وسينعم بالصحة والسعادة ؛ وكل ممارس بمقدوره أن يصير واحدًا مع الدافا فهو إنسان نال الطاوو، إله.                                                                                  

                                                                                     

لي هونق جي، 24 مايو 2015

 

 

 

 

 

      الفهرس

 

المحاضرة الأولى

هداية الناس حقــّا إلى المستوى الأعلى .........................................................12

توجد شرائع مختلفة في مستويات مختلفة .......................................................15

"الحقّ، الرّحمة ، الصّبر" هو المقياس الوحيد لتقيـيم ما إذا كان الإنسان جيدًا أم سيئـًا ........18

التشيكونق ينتمي لحضارة ما قبل التاريخ ................................................20

التشيكونق هو الشيولين ......................................................................23

لماذا لا ينمو القونق رغم الممارسة ؟......................................................25

الخصوصيّات المُميّزة للفالون دافـا.........................................................31

 

المحاضرة الثانية

موضوع العين الثالثة (العين السماوية)....................................................36

القدرة على الرّؤية عن بعد ..................................................................44

القدرة على رؤية الماضي والمستقبل ......................................................46

الخروج من العناصر الخمسة والعوالم الثلاثة ...........................................49

مسألة السّعي وراء الغايات .................................................................53

 

المحاضرة الثالثة

أعتبر كلّ التلاميذ مُريديّ ...................................................................60

طريقة مدرسة بوذا والبوذيّة ................................................................61

الشيولين يجب أن يكون صرفـًا ............................................................64

قدرة القونق وقوّة القونق ....................................................................66

التعهّد المعكوس واستعارة القونق ..........................................................67

تملـّـك الجسم البشريّ من طرف حيوانات وأرواح سفليّة ـ الجسم المسكون ........73

اللــغة الكونيّة .................................................................................77

ما يُعطيه المعلـم للتلاميذ ....................................................................79

حقل الطاقة ...................................................................................85

كيف ينشر تلاميذ الفالون دافا الطريقة ...................................................85

 

المحاضرة الرابعة

الربح والخسارة ..............................................................................89

تحويل الكارما ...............................................................................90

الرّفع من السّين سينغ. ......................................................................97 

سكب الطاقة عبر قمّة الرأس .............................................................102

تأسّس الممرّ الخفيّ .........................................................................105

 

المحاضرة الخامسة

الرسم البيانيّ للفالون........................................................................111

طريقة البوّابة الخاصّة .....................................................................113

ممارسة الطريق الشيطانيّة ................................................................114

التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة ......................................................117

التعهّد المزدوج للرّوح والجسد (الطبيعة الأخلاقيّة والحياة) .........................118

جسم الشرع ..................................................................................120

استدعاء روح بوذا في التمثال( مباركة التمثال) ......................................121

فرع " تسويو كو" ..........................................................................126

 

 

المحاضرة السادسة

انفلات النار الداخليّة والدخول في الحالة الشيطانيّة، الانحراف عن الطريق الصّحيـح ......128

الممارسة تجلبُ الشّياطين .................................................................135

الشّيطان المنبثق من نفس الممارس .....................................................140

الوعي الرئيسيّ يجبُ أن يكون قويّا .....................................................144

يجبُ الحفاظ على استقامة القلب .........................................................145

تشيكونق فنون القتال .......................................................................150

حبّ الظهور .................................................................................153

 

المحاضرة السابعة

مسألة قتل الكائنات الحيّة ..................................................................157

مسألة أكل اللحم ............................................................................160

عن الحسد ....................................................................................165

موضوع المداواة ...........................................................................169

المعالجة في المستشفى والمداواة بواسطة التشيكونق .................................173

 

المحاضرة الثامنة

الامتناع عن الطعام ........................................................................178

سرقة التشي .................................................................................180

قطف التشي .................................................................................182

من يُمارسْ يتحصّلْ على القونق .........................................................184

الدّورة السماويّة .............................................................................189

الإعجاب بالنفس ............................................................................197

الانقطاع عن الكلام، تحكـّم الفرد في أقواله- تعهّد الكلام ............................198

 

المحاضرة التاسعة

التشيكونق والرياضة .......................................................................200

الفكر، النشاط الفكريّ ......................................................................202

القلب النقيّ السّاكن .........................................................................207

الاستعداد .....................................................................................211

اليقظة .........................................................................................212

الإنسان ذو الاستعداد الروحيّ الكبير ....................................................217

 

خاتمة .........................................................................................222

 

 

 

 

 


المحاضرة الأولى

 

 

هداية النـاس حقــّا إلى المستوى الأعلى

 

أثناء فترة نشر الشّرع "فا،  "Faوالطريقة "قونق، Gong" أخذت على عاتقي مسؤوليّة المُجتمع والتلاميذ، فكانت هناك نتائج طيّبة جدّا، والأثرُ الذي أحدثه ذلك في كلّ المُجتمع كان فعلاً  حسنا وإيجابيّـا. منذ سنين، كثير من مُعلـّمي "التشيكونق" (Qigong) يُبلـّغون طرُقهم، كلّ ما يتحدّثون عنه ينتمي إلى مُستوى المُداواة والحفاظ على الصّحّة. طبعًا، أنا لا أدّعي أنّ طرُق الآخرين ليست جيّدة ً، أنا فقط أقولُ : أشياء المُستوى الأعلى لم يُبلـّغوها. بينما بالنـّسبة لوضعيّة التشيكونق في كامل البلاد، أنا أعرفها أيضًا. حاليّـا، في خارج البلاد كما في داخلها، أنا الوحيد الذي يقومُ بتبليـغ الطريقة حقـّا على المستوى الأعلى. تبليـغ الطريقة على المُستوى الأعلى، لماذا ليس هناك من يقدر على ذلك ؟ لأنّ هذا الأمر يمسّ  بمسائلَ هامّة، ويضرب فى جُـذور تاريخيّة عميقة، وميادين شتـّى، وأمور شائكة جدّا. بالإضافة إلى ذلك، ليس بمقدور أيّ شخص أن يُبلـّغهُ، لأنّ في ذلك طرحـًا لمسائل تتعلـّق بمُختلف الطـّرق والمدارس. خُصوصًا وأنـّه لدينا كثير من الممارسين يتعلـّمون اليوم هذه الطريقة، ثمّ في الغد ينتقلون إلى أخرى، يضعون أجسامهم في حالة فوضى، ممّا يؤدّي بهم إلى عدم القدرة على تعهّد أنفسهم نحو المستوى الأعلى. في الوقت الذي يلتزمُ فيه آخرون بممارسة طريق كـُبرى واحدة، هم يسلـُكون  طرُقــًا شتـّى، عندما يتعهّدون في طريقة، تـُشوّشهم أخرى، وعندما يتعهّدون في أخرى، فإنّ هذه الأخيرة  تـُشوّشهم، ثم كلّ شيءٍ يُشوّشهم، ويصيرون غير قادرين على تعهّد أنفسهم.

 

يجبُ أن نـُرتبَ كلّ هذه الأشياء، أن نـُبقي على الجيـّد و نـُزيلَ الرّديء، نحنُ نـُؤكّد لكم أنـّكم من الآن فصاعدًا ستكونون قادرين علىالتعهد والممارسة (شيولين،Xiulian ) شرْط َ أن تأتوا حقـّا بغاية تعلـّم الشّرع الأكبر (دافا،Dafa ). إن كـنتم تـُضمرون مُختلف أنواع التعلـّقات، إن كنتم تسعَوْن وراء قدرات وخوارق القونق (القونقننق،Gongneng )، إن جئتم لِكي تتداوَوْا، أو لتستمعوا إلى الجانب النظريّ، أو لأغراض مُبيّـتة أخرى فهذا لن يُجديكم  نفعـًا.  مثلما سَبَقَ وأن قلتُ، ما من أحدٍ يقوم بهذا العمل سواي. إنّ هذه الفرصة نادرة، ولا يُمكن أن أقومَ بالتبليـغ هكذا إلى الأبد. أنا أرى أنّ النـّاس الذين يستطيعون أن يستمعوا مُباشرة إلى تبليغي للطريقة والشّرع (فـا)، أقولُ أنّ ذلك حقـّا... ستفهمون ذلك في المُستقبل، سوف تكتشفون أنّ هذه اللـّحظة مُباركة جدّاً. طبعـًا، نحنُ نتحدّث عن العلاقة المصيريّة، أنتم كلـّـكم الجالسون هنا، ما يجمعكم بي هو العلاقة المصيريّة.            

                                                                                         

 تبليغ الطريقة نحو المستوى الأعلى، فلـْيُحاولْ الجميعُ أن يفهَمَ، ما هي المسألة ؟ أليس ذلك عبارة عن تخليص الإنسان ؟ خلاص الإنسان هو حقـّا أن يتعهّد نفسه ويُمارِسَ، لا أن يُشفى من أمراضه ويُقوّي صحّتهُ. عندما يتعلـّق الأمرُ بشيولين حقيقيّ (تعهّد الرّوح والجسد) فإنّ هذا يتطلـّبُ من التلاميذ طبيعة أخلاقيّة "سين سينغ، Xinxing" عالية، أنتم أتيتم إلى هنا لِتتعلـّموا الشّرع الأكبَرَ، يجبُ عليكم إذن أن تعتبروا أنفسكم ممارسين حقيقيّين، يجبُ أن تتخلـّصوا من تعلقاتكم. إن أتيْتـُم إلى هنا لتتعلـّموا الطـّريقة، لتتعلـّموا الشّرع الأكبرَ ولديكم غايات مبيّتة تسعوْن إلى تحقيقها، فلن تحصُلوا على شيءٍ بتاتـًا. سأقولُ لكم حقيقة : كلّ مسار شيولين الإنسان هو بالتـّحديد مسارُ نزع ٍ مُستمرّ لتعلـّقاته. في مجتمع النـّاس العاديّين، الكلّ في سباق ومنافسة نحو المصالح الشخصية دون اعتبار مصالح الآخرين. كلّ هذه التعلـّقات يجبُ  نزعُها ؛ خـُصوصًا أنتم الذين أتيتم اليومَ لتتعلـّموا الطريقة، ينبغي عليكم أكثر من الآخرين الـتخلـّي عنها ومُفارقتها.               

                                  

 أنا لا أتحدّث عن المُداواة، نحنُ أيضًا لا نـُداوي المرضى. ومع ذلك، بصفتكم ممارسين حقيقيّين، إن كنتم مرضى فلن تستطيعوا التعهّد والممارسة. يجبُ أن أطهّر أجسامكمَ. هذا التطهير الجسديّ لا يخصّ سوى الأشخاص الذين أتوْا فعلاً ليتعلـّموا الطريقة، ولِيدرُسوا الشّرع. نحنُ نـُشدّدُ على هذه النـّقطة: إن كنتم لا تستطيعون ترك روح التعلـّق هذه جانبًا، إن كنتم لا تستطيعون نزع الانشغال بمرضكم، لا يُمكننا أن نفعَـلَ شيئـًا، من المُستحيل القيام بأيّ شيءٍ من أجلكم. لماذا ؟ لأنـّه يُوجد في هذا الكون القانون التالي: في حياة الناس العاديّين، حسب مدرسة بوذا، كلّ شيءٍ ناتج عن الرّوابط السّببيّة، وهكذا تــُوجد عند الناس العاديّين الولادة، الشّيخوخة، المرض والموت. لأنّ الإنسان قد ارتكب في الماضي سيّئات أنتجت "كارما،Karma" (يي،Ye): دُيونـًا، والتي بدورها هي سببُ كلّ  الأمراض والصّعوبات. العذاب هو تسديد للديون  الكارميّة، لذلك لا يُمكن لأحدٍ أن يُغيّرَ شيئـًا كما يُريدُ، التغيير يعني  أنـّه من المسموح التـّـداين دون تسديد الدّيْن ؛ ولا يُمكننا أيضًا التصرّف كما يبدو لنا، وإلاّ فهذا يُساوي ارتكابَ عمل ٍ سيّءٍ.                                                                  

 

بعض الأشخاص يعتقدون أنّ مُداواة المرضى، القضاء على المرض وتقوية الصّحّة، هو عمل طيّب.  حسب رأيي، لا يستطيـعُ المرءُ حقـّا أن يشفي الأمراض، يمكنه تأجيلها فقط، أو تحويلها، فهو لا يُزيلـُها حقـّا . لكي يتسنـّى له إزالة  هذه المحنة، يجبُ عليه أن يُـزيلَ الكارما. إن كان أحد مّا قادرًا حقـّا على شفاء المرض، وإزالة هذه الكارما كُـلـّيًا، و يُفلحَ فى ذلك حقـّا، من المتأكـّد أن هذا الشخص  قد حقـّق درجة عالية ؛ وهو مدرك للتعاليم التي تنصّ على عدم إدخال الاضطراب كما نشاء على مبادئ النـّاس العاديّين. أثناء مسار الشّيولين، إن قام أحد الممارسين من باب الرّحمة بأفعال طيّبةٍ، وساعد النـّاس بمُداواتهم وتبديد أمراضهم وتقوية صحّتهم، فهذا مسموح، ورغم ذلك، لن يستطيـع أن يشفي الأمراض كـُلـّيًا. إن كان ممكنـًا إزالة المرض من جذوره لدى إنسان عاديّ، إنسان عاديّ لا يتعهّد ولا يُمارس، فعندما سيخرجُ من هنا بدون أمراض، سيظلّ دائمـًا إنسانـًا عاديّا، سيُصارعُ من أجل مصالحه الشّخصيّة مثل الناس العاديّين، إذن كيف يُمكن أن نـُزيلَ ديونه  بكلّ بساطة ٍ ؟ هذا يُمنعُ منعـًا باتـّا.       

                                                                                                                                  

لماذا يُمكن القيام بهذا من أجل ممارس ؟ لأنّ الممارس هو أغلى كائن ؛ٍ إنه يُريد أن يتعهّدَ ويُمارِسَ، هذه الفكرة هي أغلى فكرةٍ. في الدّيانة البوذيّة، يتحدّثون عن طبيعة بوذا (فو سينغ، Foxing)، لقد ظهرت طبيعة البوذا في هذا الشخص، لذلك يستطيـع المتيقظون إنقاذه. ماذا يعني هذا ؟ في الحقيقة، بما أنني أبلـّغ طريقة المستوى الأعلى، فإنّ هذا يتعلـّق بمبادئ المستوى الأعلى وأيضًا  بمسائل هامّة. في هذا الكون، نحنُ نرى أنّ الحياة البشريّة لم تـُولد في مُجتمع النـّاس العاديّين. إنّ ولادة الحياة البشريّة الحقيقيّة قد تمّت في فضاء الكون. لأنه في هذا الكون، توجد مُختلف أنواع الموادّ المُختلفة لتكوين الحياة، عبر حركاتٍ مُتبادلة فيما بينها، تستطيـعُ هذه الموادّ أن تخلـَقَ الحياة، بعبارةٍ أخرى، حياة الإنسان الأصليّة نابعة من الكون. فضاء الكون، في الأصل، يـتـّّصف بطبع الطـّيبة، إنـّه يتـّصف بالطبـع المُميّـز التالي :"جهان، Zhen" (الحقّ) ؛ "شان،Shan " (الرّحمة) ؛ "ران Ren" (الصّبر) ؛ عند ولادته، كان الإنسان له نفس طبـع الكون. ولكنّ الحياتات تكاثرت، وأنتجت أيضًا علاقات اجتماعيّة بين المجموعات. وتكـوّنت الأنانيّة عند بعضها، وبدأت تنحدر شيئا فشيئا، ومن ثـَـمّ صار من المُستحيل عليها أن تبقى في ذلك المستوى، فسقطت إلى مُستوىً أسفل. ولكن في ذلك المستوى التالي، ازدادت سوءًا، وواصلت سُقوطها، وفي النـّهاية سقطت إلى مُستوى الإنسانيّة.        

 

كلّ المجتمع البشريّ هو اليوم في نفس المستوى. عند سُقوطها إلى هذه الدّرجة، فمن زاوية نظرالقونقننق أو كبار المُـتيقظين، هذه الحياتات كان من المفروض إبادتها. إلاّ أنـّه رحمة بها قرّر كبار المُـتيقظين إعطائها فرصة، وهكذا تمّ خلق هذا المُحيط وهذا الفضاء الخـُصوصيّ. ولكنّ حياتات هذا الفضاء ليست مثل حياتات الفضاءات الأخرى في الكون. حياتات هذا الفضاء لا ترى حياتات الفضاءات الأخرى، ولا الوجه الحقيقيّ للكون، وهكذا بعبارةٍ أوضح، فقد سقط البشرُ في الضّلالة. لِكي يُشفى البشرُ من أمراضهم ويقضوا على الصّعوبات ويُزيلوا الكارما، يجبُ عليهم أن يتعهّدوا ويُمارسوا (الشيولين)، لكي يعودوا إلى الأصل ويسترجعوا الحقيقة الأولى، هكذا يكون الأمر في كلّ طرق الشّيولين. هذا هو الهدف الحقيقيّ من كون الإنسان إنسانـًا، إذن، إن أراد هذا الإنسان أن يتعهّدَ ويُمارِسَ، فنحنُ نعتبر أنّ طبيعة بوذا داخله قد ظهرت. هذه الفكرة هي أثمن فكرةٍ، لأنه يُريد أن يعودَ إلى الأصل ويسترجعَ الحقيقة الأولى ويرتفعَ فوق مستوى الناس العاديّين.

                                                                                                                       

الجميع قد سمع ربّما هذه الجملة في البوذيّة: "عندما تظهَرُ طبيعة بوذا، فإنها ترُجّ عالم الاتـّجاهات العشر." مَن يرى ذلك، فإنه يأتي لِيُساعد ذلك الشّخص، ويُساعده بدون مُقابل ٍ. مدرسة بوذا تمنحُ الخلاص للبشر دون شرطٍ ولامُقابل ٍ، لذلك يُمكنُ أن نفعَلَ الكثير من أجل التلاميذ. ولكن بالنـّسبة لإنسان عاديّ لا يتجاوز كونه إنسانـًا من جُملة النـّاس العاديّين، ويُريد أن يشفي أمراضهُ، فهذا لن يُجدي. البعض يُـفكّرون: "إن شُفيتُ، سأتعهّدُ وأمارسُ." إنّ الشّيولين لا تـُحدّدهُ أيّ شروطٍ، إن أردتَ أن تتعهّدَ وتـُمارسَ، إذن فتعهّدْ ومارسْ. ولكن بجسم مريض أو جسم مُحمّـل ببرامجَ مُختلطة، بعضهم لم يُمارس أبدًا من قبلُ، والبعضُ الآخر يُمارسون منذ عشرات السنين، وهُم لا يزالون مُتوقفين عند  مستوى "التشي، Qi" دون بُلوغ مستوىً أعلى.

     ما العملُ إذن ؟ علينا أن نـُطهّرَ أجسامهم، لكي نـُخوّلَ لهم أن يتعهّدوا ويُمارسوا نحو المستوى الأعلى. هناك مرحلة انتقاليّة في أدنى مستوى من الشّيولين، وهي تتمثـّـلُ في تطهير الجسد كُـلـّيًا، كلّ الأشياء الخبيثة التي تـُوجدُ في الأفكار، حقل الكارما الذي يلـُفّ الجسمَ والعوامل التي هي السّبب الأصليّ للمرض ؛ كلّ هذا يتحتـّم إزالته. بدون هذا التـنظيف، بجسم مُلوّثٍ، بجسم مُسودّ ٍ، ونفس خبيثة، كيف يُمكن للمرء أن يتعهّدَ ويُمارسَ نحو المستوى الأعلى ؟ نحنُ هنا لا نـُمارسُ التشي، أشياء المستويات الدنيا هذه، لستـُم في حاجةٍ إلى ممارستها، نحنُ ندفعُـكم إلى تجاوز هذه المرحلة، لِكيْ نـُمكّنَ جسدكم من بلوغ حالةٍ خاليةٍ من الأمراض. وفي نفس الوقت، نحنُ نضَعُ فيكم نظامًا جاهزًا بـأكمله مع عناصر تـُمكّن من وضع أسُس في المستوى الأدنى، وهكذا فنحنُ نـُمارسُ منذ البداية على مُستوى عال جدّا.

                                                                                                 

حسب ماهو معلوم في أوساط الشّيولين، باعتبار التشي، هناك ثلاثة مُستوياتٍ. ولكنّ  الشيولين الحقيقيّ (دون اعتبار ممارسة التشي) يضمّ مُستوَيَيْن كُبرَيَيْن: أحدهما هو الشّيولين في شرع العالم الـدنيوي )شي دجيان فا، shi jian Fa)، والآخر هو الشّيولين في شرع ما فوق العالم الدنيويّ (شو شي دجيان فا،chu shi jian Fa). هذا "الشّي دجيان فا" و"الشّو شي دجيان فا" هما شيئان مُختلفان تمام الاختلاف عن الخـُروج من العالم الدنيويّ والدّخول في العالم الدنيويّ اللـّذان يُمارَسَان في المعابد، هذان الأخيران ينتميان إلى الصنف النظريّ. نحنُ نـُمارسُ المُستوَيَيْن الكُبرَيَيْن للتـّحويل الحقيقيّ للجسم البشريّ. بما أنـّه، أثناء مسار الشّيولين داخل شرع العالم الدنيويّ، يتمّ تطهير جسم الإنسان باستمرار، فعندما يبلـُغ المرء أعلى حالةٍ في شرع العالم الدنيوي، يكون الجسم قد تمّ إبداله تمامـًا بمادّة طاقيّة عُـليا. بينما الشّيولين داخل شرع ما فوق العالم الدنيوي، هو تقريبًا شيولين جسم بوذا، جسم مُكوّن من مادّة طاقيّة عُـليا، أي أنّ كلّ قدرات وخوارق القونق ستتكوّن حينها من جديدٍ. نحنُ نهدِفُ إلى هَذيْن المُستوَيَيْن الكُبريَيْن.

 

نحنُ نهتمّ بالعلاقة المصيريّة، بما أنكم جالسون هنا، يُمكنني أن أقومَ بهذه العمليّة من أجلكم جميعًا. نحنُ حاليّـا نزيدُ على الألفيْ شخص، أستطيـعُ أن أفعل ذلك أيضـًا إن كنتم عديد الآلاف أو حتى عدداً أكبرَ، حتى أكثر من عشرة آلاف شخص. يعني أنكم لستم في حاجةٍ إلى ممارسة المستوى الأدنى. بعد تطهير جسدكم، ومع دفعِكُم إلى الأمام، سوف أعطيكم برنامجَ شيولين كاملاً، لكي أمكّـنكم من التعهّد والممارسة مُباشرة ًعلى مستوىً عال منذ البداية. ولكنّ هذا يقتصرُ على التلاميذ الذين أتوْا للتعهّد والممارسة حقـّا، جلوسكم هنا لا يعني بالضّرورة أنكم ممارسون. حالما تتغيّر أفكاركم كُـليّـا، سوف نقوم بذلك الشّيء، وليس فقط هذه الأشياء، ستفهمون لاحقـًا ماذا أعطيْتكم. نحنُ هنا لا نتحدّث عن المداواة، ولكن نتحدّث عن تطهير كامل لجسم الممارسين، لِجعْـلهم قادرين على الممارسة. بجسم مريض لا يُمكنكم أبدًا تنمية القونق، إذن، فلا يأتِ أحد ليطلـُبَ منـّي المُداواة، وفي كلّ الحالات، أنا لا أفعلُ هذا النـّوع من الأشياء. الهدف الرّئيسيّ من قيامي بـ"شو شان ، chu shan" (الخروج من الجبل،من الاعتكاف) هو هداية الناس إلى المستوى الأعلى، هدايتهم حقـّا إلى المستوى الأعلى.

 

  

توجد شرائع مُختلفة في مستويات مختلفة

 

في الماضي، كان العديد من مُعلـّمي التشيكونق يتحدّثون عن تشيكونق هذا المستوى أو ذاكَ، التشيكونق الأوّلي، الأوسط والعلويّ. كلّ هذا هو "تشي"، كلّ هذا ينتمي إلى مستوى ممارسة التشي، وينقسم بدوره إلى مرحلة أوّليّة، وُسطى وعُـليا. بالنسبة لأشياء المستوى الأعلى حقـّا، ما يُقابلها في أذهان عددٍ كبير من ممارسي التشيكونق عندنا هو مساحة بيضاء وفارغة، إنـّهم يجهلونها تمامـًا. من الآن فصاعدًا جميـع ما سنعرضُهُ ينتمي إلى شرع المستوى الأعلى. وبالإضافة إلى ذلك، أنا أريدُ أن أعيدَ للشّيولين اعتباره وسُمعته. أثناء مُحاضراتي، سأتحدّث عن الظواهرالسلبيّة في أوساط الشّيولين، كيفيّة اعتبار ومُعالجة مثل هذه الظواهر، سأتحدّث عن كلّ ذلك ؛ وبالإضافة إلى ذلك، تبليـغ الطريقة والدّعوة إلى الشّرع على المستوى الأعلى، هذا يمسّ ميادين ومسائل جمّة، بل وشائكة ومُعقـّدة جدّا، سأتحدّث عن هذا أيضًا ؛ الواردات الآتية من العوالم الأخرى، والتي تـُشوّش مُجتمع النـّاس العاديّين، وخاصّة أوساط الشّيولين، سأتحدّث أيضًا عن هذا، سأسوّي جذريّا هذه المسائل من أجل تلاميذنا. إذا لم تـُسوّ هذه المسائل، لن تستطيعوا الممارسة. لِتسوية هذه المسائل جذريّا، يجبُ أن نعتبركم ممارسين حقيقيّين، في هذه الحالة فقط يمكننا التصرّف. طبعـًا، لكي نـُغيّرَ افكاركم منذ البداية، هذا ليس سهلاً، طيلة استماعكم للمُحاضرات، ستـُغيّرون شيئًا فشيئًا أفكاركم، آمُــلُ أن يستمعَ الجميـعُ بانتباه. إنّ تبليغي للطريقة مُختلف عن تبليـغ الآخرين. البعض يُبلـّغون الطريقة، يقولون رؤوس أقلام عن النظريّة والطريقة، ثمّ يتلقـّى التـّلاميذ البرامج، يتعلـّمون مجموعة من الحركات والفنـيّات، وهذا كلّ ما في الأمر. إنّ الناس مُتعوّدون على هذه الكيفيّة في تبليـغ الطريقة.                   

                                                                                                    

 

التبليـغ الحقيقيّ للطريقة يتطلبُ الدّعوة إلى الشّرع وتعليم الطريق. طيلة مُحاضراتي العشر، سأتناول كلّ قوانين المستوى الأعلى، حينها تصبحون قادرين على التعهّد والممارسة ؛ بدون ذلك لن تقدروا أبدًا على التعهّد والممارسة. كلّ ما يبلـّغه الآخرون يتعلـّق بمعالجة الأمراض و الحفاظ على الصّحة، أنتم تـُريدون أن تتعهّدوا أنفسكم نحو المستوى الأعلى، وليس لكم شرع المستوى الأعلى لِيَقودَ خـُطاكم، فلا تستطيعون إذن أن تتعهّدوا أنفسكم. وكأنكم عند الانطلاق إلى المدرسة تأخذون كتب المدارس الإبتدائية لتدرسوا بها في الجامعة، ستظلـّون دائمًا تلاميذ مدرسة ابتدائيّة. البعض يظنـّون أنهم تعلـّموا كثيرًا من الطرق، هذه أو تلكَ، لديهم كُومٌ من شهادات ختم الدّروس التكوينيّة، ولكنّ القونق عندهم لم يتطوّر. هم يظنـّون أنّ تلك الطـّرق تـُمثـّـل كلّ التشيكونق والمعنى الحقيقيّ للتشيكونق، كلاّ، هذه ليست سوى أشياء سطحيّة، من أدنى مُستوى. إنّ التشيكونق لا يتوقّفُ عند ذلك الحدّ، بل هوالشّيولين (تعهّد الرّوح والجسد)، إنـّها أشياء غنيّة، عظيمة، دقيقة، وعميقة، ثمّ إنه في مُختلف المستويات تـُوجد مُختلف الشّرائع، فهو إذن ليس ما نعرفه حاليّا عن التشيكونق، حتـّى ولو تعلـّمتم كثيرًا من الطـّرق، فالأمرُ سواء. لِنضربْ مثلاً : أنت درستَ بكـُتب المدرسة الإبتدائيّة لانقلترا، للولايات المُتحدة، لليابان، للصّين، ولكنك تبقى دائمًا تلميذ مدرسة ابتدائيّة. بل على العكس، معارف المستوى المُتدنـّي، كلـّما تعلـّمتوها أكثر وتشبّعتم  بها، كلـّما كانت  خطرًا عليكم، جسمكم الآن يُوجدُ في حالة فوضى.                                            

 

أودّ أيضًا أن أؤكّدَ على مسألةٍ، نحنُ نتعهّد ونـُمارس، يجبُ أن نـُبلـّغ َ الطريقة وندعو إلى الشّرع. بعض رُهبان المعبد، خـُصوصا رهبان مدرسة "الدهايانا، dhyâna" (تشان زون) سيكون لديهم ربّما رأي مُختلف. حالما يسمعون حديثـًا عن تبليـغ الشّرع، فهم لا يحبـّذون هذا. لماذا ؟ مدرسة الدّهايانا تعتقدُ ما يلي :"لم يعُدْ ممكنـًا لهذا الشّرع أن يُبَـلـّغ، إن تمّ تبليغه، فهو لم يعُد شرعًا، ولم يبقَ هناك شرعٌ لكيْ يُبَـلـّغ َ، الشّرع يجبُ أن يُفهَمَ بالقلب." لذلك، في أيّامنا هذه، لا يُمكن أن يُبَـلـّغ َ أيّ شرع في هذه المدرسة. في مدرسة الدّهايانا، بلـّغ "بودهيدارما" أشياءًا اعتمادًا على جُملةٍ قالها "ساكياموني، sâkyamuni"، قال ساكياموني: "ليس هناك شرعٌ مُطلق." (فا وو دينق فا،Fa wu ding Fa). لقد أسّس بودهيدارما مدرسة الدّهايانا مُعتمدًا على هذه الجُملة لساكياموني. نحنُ نقول أنّ هذه التـّعاليم تـُساوي الوُلوج في قرن ثوْر. لماذا هذا التشبيه ؟ عندما بدأ بودهيدارما يدخلُ في القرن، وجدهُ مُتـّسعًا بما فيه الكفاية ؛ بالنسبة للمُعلـّم الثاني، لم يعُدْ القرنُ مُـتـّسعًا كثيرًا ؛ الثالث دخل فيه بشيءٍ من الجُهد ؛ أمّا مع المُعلـّم الرّابـع فقد كان القرنُ ضيّقـًا فعلاً ؛ الخامس لم يجدْ لهُ مكانـًا تقريبـًا ؛ أمّا المعلـّم السّادس "هوينانق، Huineng"، والذي كان قد بلغ حدّ القرن، فلم يستطعْ الولوج فيه. لو أردت اليومَ أن تتعلـّمَ شرع مدرسة الدّهايانا، فلا تطرَحْ أسئلة ً على المعلم، لو صادف وطرحتَ سؤالاً، سيستديرُ ويُعطيك ضربة ً بالعصا على رأسكَ، يُسمّون هذا: "اليقظة بواسطة العصا" هذا يعني أنـّه يجبُ عليك ألاّ تطرَحَ أسئلة ً، يجبُ أن تتيقظ َبنفسكَ. ستقولُ في داخلك: "إن أنا أتيْتُ، فلأنني لا أعرفُ شيئاً، أتيقظ وأبصرُ ماذا ؟ كيف تضربني بالعصا ؟" ذلك لأنهم قد بلغوا الحدّ الأقصى لقرن الثور ولم يبقَ لهم ما يضيفون. قد تنبّأ بودهيدارما رغم ذلك بأنّ تلقين المعرفة في مدرسته لن يستمرّ سوى إلى حدود المُعلـّم السّادس، وأنـّه فيما بعدُ، لن يستقيمَ الأمرُ. وها قد مرّت الآن مئات السّـنين، ولكن لا يزالُ هناك اليوم أناس يصرّون على الحفاظ على نظريّة مدرسة الدّهايانا. ماهو المعنى الحقيقيّ لهذه الجُملة التي قالها ساكياموني: "ليس هناك شرع مُطلق" ؟ لقد كان ساكياموني يُوجد في مستوى "تاتهاقاتا، Tathagata"(رولاي ،Rulai)، وعلى إثره لم يتوصّـل الرهبان إلى  فهم الدرجة التي بلغها، ولا أفكارهُ ولا حتى حالتهُ النفسية والذهنية، ولا المعنى الحقيقيّ لتبليغه للشّرع ومضمون رسالته. والذي حدث بعد ذلك أنّ الذين خـلفوا المعلـّم أوّلوا أقواله بشتى الطـّرق وكيفما اتـّفق، وظنـّوا أن "ليس هناك شرع مُطلق" تعني : لا تـُلقـّـنوا الشرع، إذا لـُقـّن الشّرع فهو لم يعد شرعًا. في الواقع، ليس ذلك هو المعنى الحقيقيّ. بعد يقظته وإطلاق القونق لديه (كاي قونق، kai gong) تحت شجرة "بودهي، Bodhi"، لم يكُن ساكياموني قد وصل بعدُ إلى درجة "تاتهاقاتا". طيلة الـ49 سنة ً التي قضّاها في تبليـغ الشّرع، تواصل ارتقاؤه في الدّرجات. كان عند كل درجة جديدة يحقـّقها يُدرك أن الشرع الذي كان بصدد تبليغه غير صحيح. ثم عندما يرقى إلى درجة أعلى يتأكـّد لديه مجدّدًا أن الشرع الذي  كان يدعو إليه هو أيضًا غير صحيـح. وهكذا كان الأمرلمُدّة 49 سنةٍ، لم ينقطع خلالها عن الارتفاع في المقامات، وفي كلّ مقام يتيقـّن أنّ الشّرعَ الذي دعا إليه في السّابق كان مُتدنـّيًا جدّا على المستوى المعرفيّ. وبالإضافة إلى ذلك، كان يكتشفُ أنّ شرع كلّ مستوىً هو تجلّ للـ"فـا" (الشّرع) في ذلك المستوى، وأنّ كلّ مستوىً لهُ شرعهُ الخاصّ، ولكنّ جملة هذه الشّرائع لا تمثـّـل الحقيقة المُطلقة للكون. وتشريـع مُستوىً أعلى هو أقرب للطبـع الخاصّ بالكون من تشريـع مُستوى أدنى. لذلك قال: "ليس هناك شرع مُطلق."               

                                                          

 في النـّهاية، قال ساكياموني أيضًا ما يلي: "لم أدعُ إلى أيّ  شرع في حياتي"، لذلك تظنّ مدرسة الدّهايانا أنه لا يُوجد شرع يُدعى إليه. أثناء سنواته الأخيرة، بلغ ساكياموني مستوى تاتهاقاتا، لماذا قال أنه لم يدعُ إلى أيّ شرع ؟ عن أيّ مسألة كان يتحدّث في الحقيقة ؟ كان يقصِدُ قول: "حتىّ وبعد أن بلغت درجة تاتهاقاتا، فإنني لم أرَ بعدُ الحقيقة النـّهائيّة والشّرع المُطلق للكون." لذلك كان يقول لأتباعه ألاّ يعتبروا أقواله حقيقة مُطلقة ثابتة، بغاية ألاّ يتحدّدَ الناس بحُدود مستوى تاتهاقاتا أو أدنى منه ؛ ممّا كان سيحول دون بلوغهم درجة أعلى. لم يفهم اللاّحقون المعنى الحقيقيّ لتلك الجُملة، فاعتقد الناس إذن أنّ الشّرع عندما يقعُ تنزيله منزل العبارات، يفقِدُ صفتهُ كشرع، لقد فهموا الأمرَ بهذه الطريقة. في الواقع، لقد كان ساكياموني يقول: "تـُوجد شرائع مُختلفة في مُستويات مُختلفة."، شرع كلّ مستوى ليس الحقيقة المُطلقة للكون، ولكنّ شرع مُستوىً مُعيّن يقومُ بدور المُرشد في ذلك المستوى." في الحقيقة، كان ذلك هو القانون الذي أفصح عنه.                                                                                

                                                                              

في الماضي، كان كثير من الناس، وخـُصوصًا من مدرسة الدّهايانا يُصرّون على هذا الموقف  وهذه الرّؤية المُوغليْن في الخطإ. إن لم نـُعلـّمكم، كيف يُمكن توجيه ممارستكم ؟ كيف ستقومون بممارستكم ؟ كيف ستتعهّدون وتـُمارسون ؟ في الدّيانة البوذيّة، تـُوجد كثير من الحكايات البوذيّة، ربّما قرأها البعضُ، وهي تروي أنّ أشخاصًا لمّا وصلوا إلى العوالم  السّماويّة، اكتشفـُوا أنّ "سوطرا، soutra" الألماس هناك  ليست لها نفس حُروف ولا نفس معاني تلك التي تـُوجد في الأرض. كيف لـ"سوطرا الألماس" هذه أن تكونَ مُختلفة عن تلك التي توجد في عالم الناس العاديّين ؟ هناك من يقول: السّوطرا (سُوَر النصّ المُقدّس) في عالم السّعادة التـامّة تـُصبـحُ لا تـُعرَفُ بالمرّة، إنها ليست نفس الشّيء، لا فقط الحروف ليست نفسها، ولكنّ المُحتوى أيضًا والمعنى،... ليس هناك أيّ شبهٍ، كلّ شيءٍ مُختلف." في الواقع، في مستويات مُختلفة، نفس الشّرع يشهدُ تغيّّرات وأشكالَ تجلّ مُختلفةٍ. بالنسبة للممارسين، يقوم الشّرع بدور المُرشد بصفةٍ مُختلفة حسب اختلاف المُستويات.

                                                                                                          

 يعلم الجميـعُ أنه في البوذيّة، يُوجد كتاب يُسمّى "السّـفر إلى عالم السّعادة التامّة في الغرب"، يُروى في هذا الكتاب أنه أثناء تأمّـل أحد الرّهبان، وصلت روحه الأصليّة "يوانشان ،yuanshen" إلى عالم السّعادة التامّة، ولمُدّة يوم، رأى هناك عدّة مشاهد، ثمّ عندما عاد إلى الأرض، وجد أنّ ستّ سنين كاملة قد انقضَتْ. هل رأى تلك الأشياء أم لا ؟ لقد رآها، ولكنّ ما رآهُ لم يكُنْ الشكل الحقيقيّ. لماذا ؟ لأنّ مستواهُ لم يكُنْ عاليًا بما فيه الكفاية، ما رآه هو تجلّ من تجلـّيات شرع بوذا الذي خوّله له مقامه. بما أنّ عالـَمًا من ذلك القبيل هو ببساطة تجلّ من تجلـّيات تكوّن الـ "فا،Fa"، فهو لم يكُنْ يستطيـعُ رُؤية الشّكل الحقيقيّ. أقولُ أنّ "ليس هناك شرع مُطلق" يجبُ فهمُها بتلك الطريقة.  

 

 

الحق، الرحمة، الصبر "جهان شان ران،zhen shan ren" هوالمقياس الوحيد لتقييم ما إذا كان الإنسان جيّدًا أم سيّئًا                 

   

في الدّيانة البوذيّة، يتحدّث الناس منذ القديم عن "فو فـا،Fo Fa " (شرع بوذا). يرى البعض أنّ الشّرع الذي دعت إليه الدّيانة البوذيّة يُمثـّـل كلّ شرع بوذا، في الواقع، الأمر غير ذلك. الشّرع الذي دعا إليه بوذا منذ 2500 سنة، لم يكـُنْ يتوجّه إلاّ لأناس عاديّين ذوُو مُستوى مُتدنّ جدّا، كانوا قد فارقوا لتوّهم حياة المُجتمع البدائيّ، عقليّاتهم بسيطة جدّا ؛ لقد تحدّث ساكياموني عن فترة نهاية الشّرع، إنه هذا الزمن بالذات، إنّ الإنسان الحاليّ لم يعُدْ بإمكانه أن يتعهّدَ ويُمارسَ مُعتمدًا على هذا الشّرع. في فترة نهاية الشّرع، من الصّعب كثيرا حتىّ على رُهبان المعبد أن يتوصّلوا إلى خلاص أنفسهم، فضلاً عن تحقيق خلاص الآخرين. لقد كان ساكياموني يُبلـّغ الشّرع مع مُراعاة وضعيّة عصره، لم يُبلـّغ ْ كلّ ما كان يعرفه عن شرع بوذا في المستوى الذي كان يُوجد فيه، لم يكـُن مُمكنـًا الإبقاء على ذلك الشّرع دون إدخال تغيير عليه.

 

 لقد تطوّر المُجتمع، وأصبح تفكير الإنسانيّة أيضًا مُعقـّدًا أكثر فأكثرَ، لذلك ليس من السّهل على الناس أن يُواصلوا التعهّد بتلك الطريقة. إنّ الشّرع في الدّيانة البوذيّة لا يُمكن أن يضُمّ كلّ شرع بوذا، إنه فقط جُزء صغير جدّا من شرع بوذا. هناك أيضًا شرائع كُبرى عديدة من مدرسة بوذا تـُـبَلـّغُ للناس،أو تـُلـَقـّنُ لتلميذ واحد عبر الأجيال. المُستويات والعوالم المُختلفة توافقها شرائع مُختلفة، هذه الشّرائع هي تجلـّيات مُختلفة لشرع بوذا في مُختلف العوالم ومُختلف المُستويات. لقد قال ساكياموني أيضًا أنه لكيْ يُصبحَ المرءُ بوذا (فو، Fo هناك أربعة وثمانون ألف "فامان،Famen " (باب شرع)، بينما في المدرسة البوذيّة لا يُوجد سوى مدرسة  الدهايانا، مدرسة الأرض النـقيّة، مدرسة "تيان تاي، Tian tai"، مدرسة "هوايان، Hua yan المدرسة الباطنيّة، الخ... قرابة عشرة فامان لا تـُحوْصلُ كامل شرع بوذا. ساكياموني نفسه لم يُبلـّغ ْ كاملَ شرعه، لم يُـبلـّغ ْ سوى جُزءٍ من شرعه لأبناء زمنه، حسب إمكانيّات فهمهم.              

 

إذن، ما هو "فو فـا" (شرع بوذا) ؟ في الكون، الطبـع الأساسيّ جهان شان ران: الحقّ، الرّحمة، الصّبر ؛ هو التجلـّي الأعلى لشرع بوذا، هو لـُبّ شرع بوذا. شرع بوذا في مُختلف المُستويات لهُ أشكال تجلّ مُختلفة، إنه يضطلعُ بدور الدليل وكلّ مرّة يختلف الدّور باختلاف المُستوى، كلما كان المُستوى مُتدنـّيًا، كلـّما كان تجلـّيه مُعقـّدًا. يُوجد هذا الطبـع: الحقّ، الرّحمة، الصّبر في ذرّات الهواء، في الحجر، في الخشب، في التراب، في المعدن، في الجسم البشريّ، في كلّ الموادّ. كان القدماء يقولون أنّ العناصر الخمسة (وو سينغ، wuxing): المعدن، الخشب، الماء، النار، التراب ؛ تـُكوّن كلّ العشرة آلاف شيء والعشرة آلاف كائن في الكون، وهي أيضًا تحملُ هذا الطبـع جهان شان ران. إنّ ممارسًا قد وصلَ إلى مستوىً مُعيّن، لا يُمكنه أن يعرفَ سوى التجلـّي المحسوس لشرع بوذا في ذلك المُستوى بالذات، وذلك يُمثـّـل مرتبة الكمال عندهُ (قوو واي، guo wei) ومستوى الشّيولين لديه. إذا أردنا أن نشرح شرحًا مُستفيضًا فإنّ الشّرع واسع جدّا. إذا أردنا الحديث عنه في أعلى نقطة فهو بسيط جدّا لأنه هرميّ الشكل. في أعلى درجة يُمكن أن يتلخـّصَ في ثلاث كلمات: جهان (الحقّ)، شان (الرّحمة)، ران (الصّبر) ؛ لكنه يُصبحُ مُعقـّدًا جدّا عند ظهوره في كل مستوىً من المستويات الأخرى. فلنأخذ الإنسان مثلاً، تعتبرُ المدرسة الطاويّة الجسم البشريّ كونـًا مُصغـّرًا (ميكروكوزم)، الإنسان له جسم مادّي ولكنّ هذا الجسمَ لا يُكوّن كائنـًا كاملاً، يجبُ أن يكونَ له أيضًا طبـع، مزاج، شخصيّة و"يوانشان"(روح أصليّة)، لكيْ يصيرَ بالإمكان أن يُكوّنَ إنساناً كاملاً، مُستقلاّ وفردًا. نفس الشّيء بالنسبة لكوننا، هناك درب اللـّبانة، ومجموعات شمسيّة أخرى، هناك أيضًا حياتات وماء، كلّ الاشياء وكلّ الكائنات في هذا الكون لها شكل مادّي، ولكن لها في نفس الوقت طبـع جهان شان ران ؛ الجُـزيئات الأكثر دقــّة لكلّ الموادّ تحتوي على هذا الطبـع.                                           

                                                                     

هذا الطبـع جهان شان ران هو المقياس للتمييز بين الخير والشر. ما هو الخير وما هو الشر؟ نحكمُ على ذلك باستعمال هذا الطبـع كمقياس. نفس الشّيء بالنـّسبة لـ"الدو، De" (الفضيلة) التي نتحدّث عنها. طبعًا، في يومنا هذا، حتى المقاييس الأخلاقيّة قد وقع تحريفها. حاليّا، لو يأخذ الناس "لاي فانق،Lei Feng " كمثل وقدوة، سينعتـُهم الآخرون بأنهم مرضى عقليّا. ومع ذلك، في الخمسينات والسّتينات، من كان يتجرّأ على القول بأنهم مرضى عقليّا ؟ مقياس أخلاق الإنسان يُوجد على مُـنحدر خطير، فساد الأخلاق نجده في التهالك على الرّبح، يطعنُ الناس بعضهم البعض من أجل مصالح شخصية، يخوضون صراعات ويكيلون الضربات دون تراجع.  فكّروا، هل يُسمَحُ باستمرار هذا الوضع ؟ لو يرتكبُ أحدهم عملاً سيّئًا وتقول له: "لقد أسأت التصرف !" فهو لن يُصدّقكَ، هو نفسه لا يعتقد حقـّا أنه قد ارتكب عملاً سيّـئًا ؛ بعض الأشخاص يُقيّمون أنفسهم حسب مقياس أخلاقيّ هابط جدّا، ويظنـّون أنفسهم أحسن من الآخرين، لأنّ مقياس التقييم قد تغيّرَ. ولكن مهما يكُنْ تغيّرالمقياس الاخلاقيّ للبشر، فإنّ طبع هذا الكون لا يتغيّرُ مُطلقـًا، إنه المقياس الوحيد للحُـكم على الإنسان ما إذا كان جيّدًا أم سيّـئًا. إذن بالنسبة للممارس، يجبُ عليه أن يمتثـلَ لطبع الكون هذا، ولا يتصرّفَ وفق مقاييس الناس العاديّين. أنتم تـُريدون العودة إلىالأصل واسترجاع الحقيقة الأولى، أنتم تتعهّدون لترتفعوا، إذن يجبُ أن تـُطبّقوا هذا المقياس على أنفسكم. إنّ إنسانـًا قادرًا على الامتثال لهذا الطبـع الخاصّ بالكون جهان شان ران هو إنسان طيـّب ؛ وإنسان يبتعدُ عن هذا الطـّبـع، هو إنسان سيّء. في مجال العمل أو في المُجتمع، ربّما يقول البعض عنك أنك سيّىء ولكنك لستَ بالضّرورة سيّـئًا  ويقول البعض أنكَ طيـّب، ولكنك لستَ بالضّرورة طيّبا. بصفتكَ ممارسًا، عندما تتصفُ بهذا الطبـع، فهذا يعني أنك إنسان وصلتَ إلى الطريق (داوُو،Dao)، إنّ القانون بهذه البساطة.                   

                               

يتم التعهّد في المدرسة الطاويّة باتباع جهان شان ران، وهي تـُركّز على جهان (الحقّ). وتـَبَعًا لذلك، فإنّ المدرسة الطاويّة، تدعو إلى تعهّد الأصل واسترجاع الطبيعة، قول الحقّ، التصرّف بحقّ، التصرّف كإنسان حقيقيّ، العودة إلى الأصل واسترجاع الحقيقة الأولى، وأخيرًا يُصبح المرء إنسانـًا حقيقيّا. هناك أيضًا ران وشان، ولكن يقعُ التركيز هنا على جهان للتعهّد. مدرسة بوذا تـُركّز في تعهّدها على شان (الرّحمة) من جهان شان ران. بما أنّ تعهّد شان يُمكن أن يُكوّنَ رحمة كبيرة، فعندما يبدأ القلبُ الرّحيم بالظهور، يرى الممارس كلّ الكائنات في العذاب، فيأخذ عهدًا على نفسه بمنح الخلاص لكلّ الكائنات. هناك ايضًا جهان وران، ولكنـّه يُركّز على شان للتعهّد. مدرستنا "الفالون دافا، Falun DaFa هذا الفامان، يمتثلُ للمقياس الأعلى للكون "جهان شان ران تونق شيو، zhen shan ren tong xiu" (تعهّد الحقّ والرّحمة والصّبرمعًا في الآن نفسه)، وهكذا فإنّ القونق الذي نـُمارسه عظيم جدّا.

 

  

التشيكونق ينتمي لحضارة ما قبل التاريـخ

 

ما هو التشيكونق ؟ كثير من مُعلـّمي التشيكونق يتحدّثون عنه، ولكن ما سأقوله لكم مُختلف جدّا. كثير من مُعلـّمي التشيكونق يتحدّثون عنه حسب مُستواهم، أنا أتحدّث عن معرفة التشيكونق في مُستويات عالية، وهذه المعرفة مُختلفة تمامـًا. بعض مُعلـّمي التشيكونق يقولون أنّ التشيكونق يُوجد منذ ألفي سنة  في بلدنا، البعض الآخرُ يقولُ  بأنّ تاريخهُ يعودُ إلى ثلاثة آلاف سنة، البعض الآخر يقول أنّ تاريخه يعودُ إلى خمسة آلاف سنة، تقريبًا نفس تاريـخ حضارتنا الصّينيّة،  وآخرون يقولون إنّ تاريخهُ يعودُ إلى سبعة آلاف سنة آخذين بعين الاعتبار الاكتشافات الجيولوجيّة، والتي هي ما وراء تاريـخ حضارتنا الصّينـيّة. ولكن مهما تكُن أقوالهم، فالتشيكونق لن يتجاوز كثيرًا تاريـخ الحضارة الإنسانيّة. حسب نظريّة التطوّر عند داروين، واعتمادًا على الطريقة الاستنباطيّة في التحليل، فقد بدأت الإنسانيّة مع النـّباتات البحريّة، التي أصبحت حيوانات بحريّة، ثمّ خرجت الحيوانات إلى اليابسة وتسلـّقت الأشجار، ثمّ أصبحت قردة، وهذه الأخيرة تطوّرت تدريجيّا وُصولاً إلى الإنسان الحاليّ الذي يتمتـّعُ بفكر وثقافة. إذن فتاريـخ الحضارة الإنسانيّة لا يتجاوزُ من هذا المُـنطلق عشرة آلاف سنة. المنطق الاستنتاجيّ يقول لو أنـّـنا توغـّـلنا إلى أبعد من ذلك في التاريـخ، فإنّ وسيلة التذكّر بواسطة عُقـَدٍ لم تكُنْ قد وُجدَتْ بعد. كان البشرُ حينها يتستـّرون بأوراق الشّجر ويأكلون اللـّحمَ النـّيئ ؛ ولو نرجعُ إلى الوراء أكثرَ، رُبّما لم يكونوا يعرفون استعمال النار، إنه الإنسان المُتوحّش البدائيّ  تمامًا.

 

إلاّ أنه قد اعترضنا مشكل، وهو أنّ في كثير من الأماكن في العالم لا تزالُ تـُوجدُ عديد المواقع لحضارات قديمةٍ، يعود تاريخها إلى أبعدَ بكثير من تاريـخ حضارتنا الإنسانيّة. هذه المواقع التاريخيّة، تكشف لنا مستوىً تقنـيّا عاليًا جدّا ؛ ومن النـّاحية الفنـّية، فيها كثير من الإبداع والجمال، الإنسان الحديث يسعى لتقليد هذه الفنون القديمة. ولكنّ هذه الأشياء يعودُ تاريخها إلى أكثر من مائة ألف سنةٍ، مئات آلاف السنين، بعض ملايين السنين وإلى أكثر من مائة مليون سنة. فلـيُحاولْ الجميـعُ فهمَ ذلك، ألا يُصبحُ تاريـخ اليوم مهزلة ً ؟ ورغم ذلك، هذه ليست مُزحة ً، إنّ الإنسانيّة لا تفتأ تشهدُ تحسّـنـًا وتطوّرًا معرفيـّا، المُجتمع يتطوّرُ بهذه الطريقة، في البداية لم تكُنْ المعارف صحيحة بالطبـع.            

                                                                                              

كثير من النـّاس، ربما قد سمعوا ما يُقالُ عن مسألة "حضارة ما قبل التاريـخ"، والتي تـُسمّى أيضًا "مدنيّة ما قبل التاريـخ"، سوف أتـحدّث عن حضارة ما قبل التاريـخ هذه. على الأرض، هناك آسيا وأوروبّا، أمريكا الجنوبيّة، أمريكا الشّماليّة، أوقيانوسيا، إفريقيا، والقارّة المُتجمّدة. عُـلماء الجيولوجيا يُسمّونها القارّات المُسطـّحة. منذ تكوّن هذه القارّات وإلى يومنا هذا، يمتدّ تاريخ الأرض إلى عدّة عشرات ملايين السّـنين. يعني أنّ كثيرًا من القارّات قد خرجت من أعماق المُحيط، وكثيرًا منها قد غاصت في الأعماق، ثمّ استقرّت إلى حدّ الوضع الحاليّ. ومع ذلك، تحت كثير من المُحيطات الكبيرة، وقع اكتشاف بعض المعالم القديمة الضّخمة، والأبنية المُزخرفة بالنـّحوت، إنـّها رائعة، لا يتعلـّق الأمرُ بميراث حضارتنا الحاليّة، إذن، فقد تمّ بناؤها بالتأكيد قبل أن تـَغرَقَ في أعماق البحر. قد كان ذلك قبل بضعة عشرات ملايين السّـنين، من ذا الذي أنشأ هذه الحضارات إذن ؟ في ذلك الزّمن، البشر لم يكونوا حتىّ قردة، كيف استطاعوا أن يخلقوا أشياء على ذلك القدر الكبير من الإبداع ؟ لقد اكتشف باحثو علم الحفريّات والآثار في العالم إحدى المخلوقات، تـُسمّى "تريلوبيت" (ثلاثيّة الفصوص)، يرجعُ تاريخها إلى ما بين ستّ مائة مليون ومائتين وستين مليون سنة، ولم تـُوجدْ بعد مائتين وستين مليون سنة. اكتشف باحث أمريكيّ هيكل "تريلوبيت"، عليه أثر قدم بشريّة واضح جدّا، ولكنّ هذه القدم تنتعِلُ حذاءًا. أليست هذه سُخريّة ً من المُؤرّخين ؟ حسب نظريّة التطوّر عند داروين، كيف كان يُوجد هناك بشر منذ مائتيْن وستين مليون سنة ً ؟

                                                                                                                                    

في متحف الجامعة الوطنيّة بالبيرو، هناك حجر قد حُفِرَتْ عليه صورة رجل، يعود تاريخها إلى ثلاثين ألف سنة حسب الأبحاث. ولكنّ هذا الرجل يرتدي لباسًا، يضَعُ على رأسه قبّعة ويلبسُ حذاءًا، وهو بصدد مُراقبة السّماء بواسطة منظار فلكيّ. كيف بإمكان إنسان ما قبل ثلاثين ألف سنة أن ينسجَ الملابسَ ويرتديها ؟ والأكثر من ذلك غرابة أنـّهُ يُراقب السّماءَ بمنظار فلكيّ وهو إذن على دراية بالعلوم الفلكيـّة. نحنُ نعتقدُ أنّ الأوروبّيّ " قاليلي" هو الذي اخترع المنظار الفلكيّ منذ 300 سنة فقط، إذن من الذي كان قد اخترعهُ ثلاثين ألف سنةٍ إلى الوراء ؟ يُوجد أيضًا عدد كبير من المسائل التي بقيتْ نقاط استفهام. مثلاً، في فرنسا، في الآلب، وفي إفريقيا الجنوبيّة، داخل كثير من المغارات هناك رُسوم جداريّة، واقعيّة جدّا، وتكادُ تنبِضُ بالحياة. والشّخصيّات المحفورة عليها جميلة جدّا وتحمل طابعًا حضاريّا، وهي مُـلوّنة بضربٍ من لون معدنيّ. ولكنّ ثيابها تـُشبه قليلاً التنـّّورات والسراويلَ الضيّقة. البعضُ يُمسكُ بشيءٍ يُشبه الغليون، البعضُ الآخر يُمسكُ بعُكّاز في يده ويرتدي قبّعة ً. كيف استطاع القِرَدَة منذ بضعة آلاف السنين أن يبلـُغوا ذلك المُستوى الفنيّ ؟

                                                                                                                                     

إضافة ًإلى ذلك سنعطيكم مثالا آخر، في إفريقيا، وفي جمهوريّة الغابون يُوجد منجم أورانيوم. هذا البلد المُتأخـّر نسبيّا لا يستطيـعُ تكريرَ أورانيومه الخاصّ، لذلك هو يُصدّره للبلدان المُتقدّمة. في سنة 1972، كانت هناك شركة فرنسيّة تستوردُ هذا الأورانيوم. ولكن إثر تحليله، اكتشفتْ أنّ خامّ الأورانيوم هذا قد استـُخرِجَ في السّابق واستـُعمِلَ. فاستغربت الأمر، وأرسلت هنالك عُـلماء ليقوموا بأبحاث، وذهب علماء من عديد البُـلدان الأخرى ليبحثوا هم أيضًا. وفي النـّهاية، أكّدَ العُلماء أنّ منجم الأورانيوم ذاكَ كان في الماضي مُفاعلاً نوويّا ضخما، تكوينه وتركيبته هُما على قدر كبير من التطوّر إلى درجة أنّ البشَرَ الحاليّين لا يستطيعون صنع نظيره. ومتى صُـنِـعَ هذا المُفاعل ؟ يعودُ تاريخه إلى مليارَيْ سنةٍ، وقد اشتغل لفترةٍ تمتدّ على خمسمائة ألف سنةٍ. إنـّه حقـّا رقم فلكيّ وهائل، حسب نظريّة التطوّر عند داروين، لا يُمكن تفسير هذا على الإطلاق، ولكنّ الأشياء من هذا النـّوع موجودة بكثرة. إنّ اكتشافات الأوساط العلميّة والتقنيّة المُعاصرة لَكافية ومُقنعة لكيْ يتمّ تغيير كُـتب التدريس الحاليّة. ولكن بعدما وقع تنظيم المفاهيم القديمة للإنسانيّة وصياغتها في شكل طرُق للعمل والتفكير، فالناس يقبلون بصعوبةٍ المعارف الجديدة. لا يجرُؤون على قَبول وُجود حقائق جديدة، يرفضونها غريزيّا. بسبب تأثير المفاهيم التقليديّة، لا أحد يجرُؤ على إدخال هذه الأشياء حيّز البرامج والآليّات، لذلك بقيتْ مفاهيم الإنسان مُتخلـّـفة، عندما نتحدّث عن هذه الأشياء، فبالرّغم من أنـّه قد تمّ اكتشافها فهي لم تـُعَمّمْ، وبعض الأشخاص يقولون عنها أنها خـُرافات ولا يقبلونها.    

                      

في البلدان الأجنبيّة، كثير من العُـلماء الجريئين اعترفوا علنـًا أنّ ذلك ينتمي إلى حضارة ما قبل التاريخ، حضارة سابقة لحضارة دَوْرتنا الزمنيّة، يعني أنه قد وُجـدتْ فترات مُتحضّرة قبل حضارتنا، وذلك أكثر من مرّة. حسب ما وقع العُـثور عليه من أدواتٍ فنية أثناء عمليّات الحفر، لا يتعلـّق الأمر بآثار حضارةٍ واحدةٍ. وتبَعًا لذلك، بعد أن تعرّضت الحضارة الإنسانيّة مرّاتٍ عديدة للدّمار، فقط، قليل من الأشخاص نـَجَوْا، وعاشوا منذ ذلك الحين حياة بدائيّة ثمّ تكاثروا شيئًا فشيئًا وخلقوا إنسانيّة جديدة، ودخلوا في حضارة جديدة. ثمّ تدهوروا، واتـّجهوا نحو الفناء، وولدوا إنسانيّة أخرى، تعرّضت لمُختلف التغييرات من هذا النـّوع ومرّت بها، دورة ً بعد أخرى. يقول الفيزيائيّون أنّ حركة المادّة تخضَعُ لقوانين، تغيّرات كلّ كوننا هي أيضـًا تخضَعُ لقوانين.

                                 

حركة أرضنا، في هذا الكون الشّاسع وفي دَوَران مجرّة درب اللبانة لا يُمكن أن تتمّ دون اصطدامات، من المُمكن أنـّه قد حدث اصطدام مع كوكب آخر، أو مشاكل أخرى سبّبت كوارث كونيّة كُبرى. لقد تأكّد لنا هذا الأمرُ اعتمادًا على قدرة القونق لدينا. في أحد الأيّام، وجدتُ بعد فحص دقيق أنّ الإنسانيّة قد وقع تدميرُها بالكامل إحدى وثمانين مرّة، لم يكُنْ يبقى سوى عددٍ قليل من النـّاجين وقليل من حضارة ما قبل التاريـخ للدّخول في الفترة المُوالية وعيْش حياةٍ بدائيّةٍ. وعندما يتكاثرُ الناس بأعداد كبيرة، كانت تظهرُ في النـّهاية حضارة جديدة. بعد واحد وثمانين تغيّر دوريّ، لم أكُن قد وصلتُ بعدُ إلى الأصل. يُؤكّد الصّينيّون على الزّمن المُـناسب، المكان المُـناسب والعلاقات الاجتماعيّة المُـنسجمة. تغيّرات مُختلفة للظواهر الفلكيّة في أوقاتٍ مُختلفةٍ يُمكن أن تقودَ مُجتمع الناس العاديّين إلى حالاتٍ مختلفةٍ. بعبارات علم الفيزياء، حركة المادّة خاضعة لقوانين، ونفس الشّيء بالنـّسبة لحركة الكون.                                                                                                                                    

 

ما كُنتُ أتحدّث عنه منذ قليل هو حضارة ما قبل التاريـخ، ما أردتُ بالأساس قَوله لكم هو أنّ التشيكونق هو أيضًا ليس وليد حضارتنا البشريّة هذه، إنـّّه إرث عُهودٍ بعيدةٍ جدّا وهو ينتمي أيضًا إلى حضارة ما قبل التاريـخ. بعض هذه الأمور معروضة في كُتب السّوطرا. لقد قال ساكياموني في عهده أنه كان قد تعهّدَ وتوصّـلَ إلى الطـّريق منذ أكثر من مائة مليون "كالبا Kalpa " (دجي، jie) خَـلـَتْ. كم من الأعوام تعُدّ كالبا واحدة ؟ الكالبا، هي أكثر من مائة مليون عام، أرقام هائلة كهذه، ببساطة إنّ هذا يفوق التصوّر. إن كانت تلك هي الحقيقة، إذن فهذا يُوافق تاريخ الإنسانيّة وكلّ تغيّرات الأرض، أليس كذلك ؟ ثمّ إنّ ساكياموني قال أيضًا أنه قد وُجدَ قبلهُ ستـّة بوذا بدائيّين (يوانشي تشي فو، yuanshi qi fo) بالإضافة إلى مُعلـّميه...الخ، وأنّ كلّ هؤلاء كانوا قد وصلوا إلى الطريق عبر الشّيولين قبل مائة مليون كالبا. إن كانت كلّ هذه الأشياء صحيحة، أفلا تـُوجد طريقة الشّيولين هذه ضمن الطـّرق الأورتودوكسيّة وطرق التبليـغ الحقيقيّ، التي تنتشرُ حاليّا في مُجتمعنا ؟ حسب رأيي، بلى طبعًا، ولكنـّها تبدو قليلة. حاليّا، عديد من طرق التشيكونق الكاذبة، طرق التشيكونق المُـزيّفة والأشخاص الذين تتملـّكهم أرواح سُفليّة يختلقون أشياء من شتى الأصناف ليخدعوا بها الناس، وأعدادها تتجاوزُ بكثير عدد طرُق التشيكونق الحقيقيّة، من الصّعب التمييز بين الحقيقيّ والمزيّف. ليس من السّهل تمييز التشيكونق الحقيقيّ والعُثور عليه.     

                                                                                              

 بالفعل، لا فقط التشيكونق هو إرث الأزمنة السّحيقة، ولكن "تاييشي،Taiji"، "هيتو،Hetu " (تخطيط النهر الأصفر)، "لوو شو، Luo she" (كتاب نهر لوو)، "جو يي ، Zhouyi " (كتاب التحوّلات)، "باقوا، Bagua" (المُثـلـثات الثمانية) ، الخ .هي أيضًا إرثُ ما قبل التاريـخ. لذلك اليوم، بالنـّسبة للناس العاديّين، رغم أنهم يعرفونها ويدرسونها، إلاّ أنهم لا يتوصّلون لفهمها. نظرًا للمستوى الذهنيّ والرؤية المحدودة عند الناس العاديـّين فهم لا يتوصّـلون إلىفهم الدلالات العميقة لهذه الأشياء.

 

 

 

التـشيكونق هو الشـيولين

 

إذا كان للتشيكونق تاريخ طويل إلى هذه  الدرجة، فلِمَ يصلـُحُ في آخر الأمر؟ يجبُ أن أقولَ لكم أن طريقتنا هي شريعة شيولين كـُبرى (شيولين دافا،xiulian dafa) في مدرسة بوذا، هذا يعني بالطبع تعهّدَ بوذا (شيو فو، xiu fo)، بينما في المدرسة الطاويّة هو تعهّد الطريق (شيو داوو ، xiu Dao). أقولُ لكم أنّ لفظ "فو" آتٍ من "السّانسكريت"، لغة هنديّة قديمة. عندما أدخِلَ للصّين، كان حرفيْن:"فو تيو،fo tuo " أو "فو تو، fu tu". ومع تواصُل تبليغه، نحنُ الصّينيّون حذفنا حرفـًا وسمّيْـناهُ "فو،fo "، عندما نـُـترجم هذا اللفظ إلى الصينيّة، ماذا يعني ؟ إنه المُتيقظ، الإنسان المتنـوّر بواسطة الشّيولين. أين الخـُرافة في هذا ؟

 

فكّروا، يستطيعُ الشّيولين أن يُـنمّي قدرات خاصّة (تايي قونقننق،teyi gongneng). حاليّـا، هناك ستـّة أنواع من قدرات القونق مُعترف بها في جميع العالم، ليس هناك سوى هذه الستـّة، حسب رأيي، قدرات القونق الحقيقيّة تتجاوزُ العشرة آلاف. شخص جالس هنا، دون أن يحرّك يديْه ورجليْه، يستطيع القيام بأعمال لا يستطيعُ الآخرون القيام بها حتـّى وإن استعملوا أيديهم وأرجلهم ؛ يستطيعُ أن يرى القوانين الحقيقيّة لكلّ عالم في الكون والشّكل الحقيقيّ للكون ؛ يستطيعُ أن يرى أشياءًا لا يستطيعُ الناس العاديّون رُؤيتها. أليس هذا شخصًا قد حظي بالطـّريقة عبر الشّيولين ؟ أليس هو بالمُتيقظ ؟ هل يجوز لنا القول بأنه مثل الناس العاديّين ؟ أليس هو بالأحرى شخصًا مُتيقـّـظـًا بواسطة الشّيولين ؟ ألا تصحّ تسميته "مُتيقـّـظـًا" ؟ عندما نـُـترجم ذلك إلى اللغة الهنديّة القديمة، هو "بوذا، Bouddha". في الواقع، التشيكونق يصلحُ لهذا.           

                                                                                                               

عندما نتحدّث عن التشيكونق، يقول البعض: "دون أمراض، ما الدّاعي لممارسة التشيكونق؟" إنهم يعنون أنّ التشيكونق يصلـُحُ لشفاء الأمراض، إنها معرفة سطحيّة جدّا جدّا. هذه ليست غلطتكم أنتم، كثير من مُعلـّمي التشيكونق يهتمّون بالمُداواة وتقوية الصّحّة، ولكن لا أحد يُبلـّغ تشيكونق المستوى العالي. هذا لا يعني أنّ طرُق الآخرين ليست جيّدة ً، ولكنّ مُهمّتهم تتمثــّلُ فقط في تبليـغ أشياء في مستوى الشّفاء والحفاظ على الصّحة، في إكساب التشيكونق شعبيّة والمساهمة في نشره. كثير من الناس يُريدون التعهّد والممارسة نحو المستوى العالي، لديهم هذه النـيّة وهذه الرّغبة، ولكنّ التعهّد والممارسة دون الحُصول على الشّرع، يُسبّبُ لهم في النـّهاية صعوباتٍ كُبرى، ويُولـّدُ مشاكلَ عديدة ً. طبعـًا، تبليـغ الطريقة حقـّا نحو المستوى العالي يجُرّ مشاكل جمـّة أيضا. لذلك نحنُ نأخذ مسؤولية المجتمع والأفراد في عـُهدتنا، وقعُ التبليـغ كان في مُجمله طيـّبًا. بعض الأشياء هي حقـّا عالية جدّا، بالنسبة للبعض، تبدو وكأنـّها خرافات، ولكن سنـُحاولُ شرحَهَا باستعمال العلم الحديث. 

                                                                                                                           

بالنـّسبة لبعض الأشياء، حالما نتحدّث عنها يقول الناس إنـّها خـُرافات. لماذا ؟ مقياسهم هو أنّ العلمَ لا يعترفُ بها أو أنهم لم يُجرّبوها بأنفسهم، هم يعتقدون أنّ هذا لا يُمكن أن يُوجَدَ، يعتقدون أنـّها من قبيل الخـُرافات والخيالات، هذا هو مفهومهم. هل هذا المفهوم صحيح ؟ ما لا يعرفه العلمُ وما لم يتوصّـل بعدُ إلى اكتشافه في هذه المرحلة، هل نستطيـع القول بأنـّه خـُرافيّ وخياليّ ؟ أليس هذا الشّخص نفسُهُ هو الذي وقع تحت سيطرة المثاليّات والخرافات ؟ استنادًا لهذا المفهوم، هل يُمكن للعلم أن يتطوّرَ ويتقدّمَ ؟ إذن المجتمع البشريّ لن يُمكنه أن يتقدّمَ. الأشياء التي تخترعُها الأوساط العلميّة والتقنيّة كانت كلـّها مجهولة من طرف السّابقين، إن كان هذا يُعتبَرُ خـيالاً، كـُـنـّا لن نحتاجَ أبدًا للتطوّر. التشيكونق ليس بالأمر الخياليّ، كثير من الناس لا يعرفون التشيكونق، وتبَعـًا لذلك، هم يظنـّون دائمـًا أنّ التشيكونق خياليّ. حاليّـا، تمّ بواسطة أجهزة التقاط ما ينبعثُ من أجسام مُعلـّمي التشيكونق، موجات تحت- صوتيّة، موجات فوق- صوتيّة، موجات كهرومغناطيسيّة، أشعّة تحت- الحمراء، أشعّة فوق- البنفسجيّة، أشعّة قامّا، نوترونات، ذرّات وعناصر ميكرو- معدنيّة...الخ. كلّ هذه الأشياء لها وجود مادّي فعلاً، أليس كذلك ؟ إنـّها أيضاً مادّة. كيف يُمكن أن نقولَ أنـّها خياليّة ؟ بما أنّ التشيكونق يصلحُ لتعهّد بوذا، فهو بالضّرورة مُرتبط بعديد المسائل العلويّة والعميقة، التي سنـُـفسّرها فيما بعدُ.             

                                                                                                                   

 بما أنّ التشيكونق يصلحُ للتعهّد والممارسة، لماذا نـُسمّيه تشيكونق ؟ في الواقع، تشيكونق ليس ذلك اسمَهُ. ما اسمُهُ ؟ إنه يُسمّى "شيولين"، إنه حقـّا الشّيولين. طبعًا، لديه أيضًا أسماء أخرى محسوسة، تــُسمّى إجمالاً شيولين (التعهّد والممارسة). لماذا إذن يُسمّونه تشيكونق ؟ الجميـعُ يعلمُ، لقد نال التشيكونق شعبيّة ً في المُجتمع، ولديه الآن تاريـخ يفوق العشرين سنة ، لقد بدأ في مُـنتصف الثـورة الثقافيّة، وقد بلغ أوجهُ في نهاية تلك الفترة. فـلـيُحاولْ الجميعُ أن يفهموا، في تلك الفترة، كان التـيّار الايديولوجي لليسار المُـتطرّف مُسيطرًا. نحنُ لا نقول ماذا كان يسمـّى التشيكونق في فترة حضارة ما قبل التاريـخ، أثناء تطوّر دورة حضارتنا الإنسانيّة، عَبَرَ التشيكونق مُجتمعًا إقطاعيّا، وبالتالي، كان في أغلب الأحيان يحملُ اسمًا ذا دلالة إقطاعيّة بارزة. الممارسات التي كانت لها صلة مع الدّين، كانت غالبًا ما تحملُ اسمًا ذا دلالةٍ دينيّة بارزة. مثلاً: "الشّرع الأكبر للدّخول في الطريق"، "الفاجرايانا، Vajrayâna"، "شرع أرهات"، "شرع مقام البوذيّة الأكبر"، "كيمياء الإكسير ذي الدّورات التسع" ؛ كلّ الأسماء كانت بهذاالشكل. لو ذكرتـُم هذه الأسماء في عهد الثورة الثقافيّة، ألم يكن هذا سيُعرّضكم للانتقاد والشـّبهات ؟ حتـّى وإن كانت رغبة معلمي التشيكونق في نشر التشيكونق وسط الشعب طيـّبة، شفاء الأمراض وتحسين المستوى الصحّي لعُموم الناس وتقوية أبدانهم، هذا حسن جدّا، ولكن لم يكُن ذلك ليمُرّ بسلام، من كان يجرؤ على استعمال  تلك الأسماء التي لها علاقة بالدين ؟ ولذلك، وحتـّى يتمّ نشرالتشيكونق، أخذ مُعلـّمو التشيكونق حرفيْن، وجرّدوهما من سياقهما في كـُـتب الكيمياء والقانون الطاويّ، "تشي قونق Qi Gong". بعضهم يُـنقـّبُ في اسم "تشيكونق" لِيدرُسَهُ، ولكن ليس في هذا الإسم شيء يستحقّ الدّرس، في الماضي، كان يُسمّى "شيولين". تشيكونق هو فقط  لفظ جديد يتلائم مع روح وتفكير أبناء هذا العصر.

 

 

 

لماذا لا ينمو القونق رغم الممارسة ؟

 

لماذا لا ينمو القونق رغم الممارسة ؟ كثير من الناس لديهم هذه الفكرة: "أنا أمارس القونق دون أن أكونَ قد تلقـّـيْتُ تبليغـًا حقيقيّـا، لو أنّ مُعلـّمًا يُـلقنني بعض الأساليب والفنـّيات العالية، سينمو القونق لديّ ؛ الآن، 95 % من الناس لديهم هذه الفكرة، إنّ هذا مُـثير للسخريّة. لماذا ؟ لأنّ التشيكونق لا ينتمي إلى مهارة فنـّية من مهارات الناس العاديّين، إنه شيء يخرُجُ عن المألوف تمامًا، يجبُ إذن أن نستعملَ قانونـًا من مستوىً عال لتقييمه. أنا أقولُ لكم أنّ السّبب الرئيسيّ الذي من أجله لا ينمو القونق هو "شيو" "لين"، الناس لا يُركّزون إلاّ على "لين ،lian" (الممارسة) لا على "شيو،xiu" (التعهّد). أنتم تبحثون خارج ذواتكم، لا تستطيعون أن تنالوا ما تبحثون عنه. أنتَ لديك جسم إنسان عاديّ، يدا إنسان عاديّ، عقل إنسان عاديّ، وتـُريد أن تـُحوّلَ مادّة ً طاقيّة ً عُـليا إلى قونق ؟ وهكذا سينمو القونق لديك سريعًا ؟ ما أسهل الكلام عن هذا ! بالنسبة لي، هذه مُـزحة. هذا يعني أنّ المرءَ يبحثُ خارج ذاته، عندما يبحثُ المرءُ خارج ذاته، لا يجدُ شيئاً أبدًا.                                                               

                                                                                                        إنّ الأمر يختلف عمّا يحدث لدى الناس العاديّين بخصوص المهارات الفنـّية، تدفعون بعض المال، تحصلون على بعض الفنـّيات، وهذا كلّ  ما في الأمر. الأمرُ هنا مُختلف تمامًا. إن التشيكونق شيء يتجاوزُ مُستوى الناس العاديّين، لذلك هو يتطلـّب تطبيق قانون غير عاديّ. ماذا نطلـُبُ منكم ؟ عليكم أن تتعهّدوا داخلَ ذواتكم، عوضًا عن البحث خارجًا. كثير من الناس يبحثون خارجَ ذواتهم، اليومَ يبحثون عن شيءٍ وغدًا عن شيءٍ آخرَ، وزيادة ً على ذلك، تدفعهم روح التعلـّق إلى السّعي وراء قدرات وخوارق القونق، كلّ النـّوايا ممكنة. البعضُ يُريد حتـّى أن يُصبح معلـّم تشيكونق، يُريدُ معالجة المرضى لِيُصبحَ ثريّا. الشّيولين الحقيقيّ هو أن تتعهّدَ قلبكَ، وهو ما نـُسمّيه تعهّدَ "السين سينغ، xinxing" (طبيعة القلب). مثلاً في الخلافات بين الناس، يجبُ ألاّ نـُوليَ أهمّية ً كبيرة ً للمشاعر السّبعة والرّغبات السّتّ والطموحات الشّخصيّة بشتـّى أصنافها. في الوقت الذي يُصارع فيه المرءُ ويُـنافسُ من أجل مصالحه الشّخصيّة، يطمعُ أيضًا في نموّ القونق ؟ تظنـّون الأمر بمثل هذه السهولة ! أليست هذه تصرّفات إنسان عاديّ ؟ كيف لكَ أن تـُـنمّيَ القونق ؟ عليكَ أن تـُركّزَ على تعهّد وممارسة السين سينغ، عند ذلك ينمو القونق لديك ويرتفع مستواك.

                        

 ما هو السين سينغ ؟ السين سينغ  يتضمّنُ الدّو ("دو،De" هي مادّة ؛ الفضيلة) ؛ "الرّان" (الصّبر، التحمّـل) ؛ درجة الوعي ؛ الزّهد، الزّهد في كل رغبات وتعلـّقات الناس العاديّين ؛ وهو يتضمّنُ أيضًا القدرة على معاناة العديد من الأشياء المُختلفة. سين سينغ الإنسان يجبُ أن يرتفِـعَ في كلّ هذه النـّواحي، وهكذا يُمكنكم حقـّا أن ترتفعوا، إنه من الأسباب الهامّة لازدياد قوّة  القونق عندكم (القونق لي ،gongli).  

                                                                  

البعضُ يقول: "أنت تتحدّث عن موضوع السين سينغ، هذا ينتمي إلى المسائل الإيديولوجية،  إنه حالة نفسيّة للإنسان، لا علاقة له بالقونق الذي نـُمارسُهُ." كيف ذلك ؟ في الأوساط الفكريّة، تـُوجد منذ القديم الإشكاليّة التـّالية: "ما الذي خُـلـِقَ أوّلا ً، المادّة أم الرّوح ؟" يتجادل الناسُ ويتناقشون حولها إلى اليوم. في الواقع، أقولُ لكم إنّ المادّة والرّوح لهُما نفس الطبيعة. عندما أجرى العُـلماء المُعاصرون بُحوثـًا علميّة ً على الجسم البشريّ، تبيّنَ لهم أنّ الفكرة المُـنبعثة من دماغ الإنسان هي مادّة. إن كان لها وُجود مادّي، أفلا تـُوجدُ أيضًا في ذهن الإنسان ؟ أليست المادّة والرّوح من نفس الطبيعة ؟ مثلما قلتُ بخـُصوص الكون، هُو يحتوي على المادّة، ولديه أيضًا طبعُه الخاصّ. الناس العاديّون لا يُحسّون بوُجود هذا الطبـع، لأنّ الناس العاديّين يُوجدون جميعًا في نفس المُستوى. عندما تتجاوزون مُستوى الناس العاديّين، ستشعرون بهذا الطبـع. كيف تشعرون به ؟ كلّ مادّة موجودة في الكون، بما في ذلك كلّ الموادّ المُـنتشرة في كلّ الكون، هي كائنات حيّة، ولها فكر، إنـّها أشكال وُجود لشرع الكون في مُختلف المُستويات. إنـّها تمنعكم من السموّ، أنتم تـُريدون الارتفاع، ولكن لا تقدرون، لأنها لا تترككم تصعدون. لماذا تقف حائلاً بينكم وبين السموّ ؟ لأنّ السين سينغ لديكم غير مُرتفع. كلّ مُستوىً يملكُ مقياسًا مُختلفـًا، إن أردتـُم رفع المُستوى، فعليكم أن تتخلـّوْا عن أفكاركم السيّئة وتـُـلقوا أشياءكم القذرة، يجبُ أن تمتثلوا للمقياس الذي يتطلـّبُهُ ذلك المُستوى، وهكذا يُمكنكم الارتفاع.          

 

عندما يرتفعُ السين سينغ يحصُـلُ تغيّر كبير في جسمكم، مع ارتفاع  السين سينغ، من المُؤكّد أنّ مادّة جسمكم سوف تتحوّلُ. ما هو هذا التحوّل ؟ الأشياء السيّئة التي ترغبون فيها والتي أنتم مُتعلـّقون بها، سوف ترمونها. ولـْـنأخذ مثالاً، قارورة ملآنة أوساخـًا، لو نـُحكمُ عليها الغطاء ونـُلقي بها في الماء، سوف تغوصُ إلى القاع. لو نـُـفرغها من هذه الأوساخ، بقدر ما نـُـفرغها، بقدر ما تصعَدُ إلى السّطح، وعندما تصيرُ فارغة ًتمامًا، سوف تطفو كُـلـّيا. في مسار الشّيولين، يجبُ أن تـُزيلوا مُختلف أنواع الأشياء السيّئة الموجودة فيكم، بذلك تتمكّنون من السموّ، تلك هي وظيفة الطبـع الخاصّ بهذا الكون. إن لم تتعهّدوا السين سينغ، مُستوى أخلاقيّاتكم لن يرتفعَ، أفكاركم السيّئة وموادّكم السيّئة لن يتمّ القضاء عليها، والطبع الخاصّ بالكون لا يسمحُ لكم بالارتفاع، كيف يُمكنكم القول أنّ المادّة والرّوح ليسا من نفس الطبيعة ؟ ولـنذكُر المثال التالي على سبيل المُـزاح، إن كان شخص مّا لا يزالُ يحتفظ ُ بمشاعره السّبعة ورغباته السّتّ وتركناهُ يرتفعُ إلى مكانة بوذا، هل تظنـّون أنّ ذلك مُمكن ؟ في هذه الحالة، عندما يرى"بودهيساتفا،Bodhisattva" (بوسا، pusa) جميلة، قد تراوده أفكار سيّئة. بما أنه لم يتخلـّص بعدُ من الحسد، فرُبّما سيدخل في نزاع مع بوذا، هل يُمكن أن نقبَـلَ مثل هذه الوضعيّة ؟ إذن ما العملُ ؟ وسط الناس العاديّين، يجبُ عليكم أن تتنـقـّوْا من كل خبيث وسيّء، وبهذه الصفة ستتمكّـنون من الترقــّي.

 

بعبارةٍ أخرى، يجبُ أن تـُولوا أهمّية لتعهّد وممارسة السّين سينغ، التعهّد وفق الطبـع الخاصّ بالكون جهان شان ران (الحقّ، الرّحمة، الصّبر)، إزالة رغبات الناس العاديّين، الأفكار السيّئة، ونيـّة القيام بأعمال سيّئة. عندما ترتفعُ حالتكم النـفسيّة قليلاً، تكونون قد تخلـّصتم جُزئيّا من كلّ أشياءكم السيّئة. وفي نفس الوقت، يجبُ أن تتحمّـلوا أيضًا قليلاً من الصّعوبات، أن تـتعذبوا قليلاً، أن تـُزيلوا قسطـًا من دُيونكم (كارما)، بهذه الكيفيّة، سوف ترتفعون قليلاً، بعبارةٍ أخرى، قوّة الطبـع الخاصّ بالكون ستخفّ وطأتها عليكم."الشّيو" (تعهّد النفس) يتوقف على الفرد، القونق  يتوقفُ على المُعلـّم. المُعلـّم يُعطيكم قونق يصلحُ لتنمية القونق، هذا القونق يشرَعُ في العمل، إنه يستطيـعُ أن يُحوّلَ مادّة الدّو إلى قونق. أنتم ترتفعون باستمرار نحو الأعلى، عمود القونق (قونق جهو،gong zhou) أيضًا لا يفتأ يصعدُ إلى فوق. بالنـّسبة للممارس، عليه أن يتعهّدَ نفسهُ ويُمارسَ في بيئة الناس العاديّين، أن يتحمّـلَ مِحَـنـًا، أن يتخلـّى شيئـًا فشيئـًا عن تعلقاته ورغباته مُتعدّدة الأصناف. الأشياء التي تعتبرها البشريّة عندنا جيّدة، عند النـّظر إليها من المُستوى العُلويّ، هي غالبًا ما تكون سيّئة. مثلاً يعتبرُ الناس أمرًا جيّدًا أن يحصل الشّخص على  أكثر قدر من المكاسب الذاتيّة وأن يُحقـّقَ حياة ً أفضل وسط الناس العاديّين، ولكن بقدر ما يكون الأمر هكذا، بقدر ما يكون هذا الشّخص سيّئـًا في نظر كبار المُتيقظين. أين السّوء ؟ كلـّما حصلَ على المزيد، كلـّما كان ذلك على حساب الآخرين، سيستحوذ على ما ليس ملكًا لهُ وسيتعلـّقُ بالوجاهة والكسب، وهكذا سيخسَرُ حسناته. أنتـُم ترغبون في نموّ القونق، ولكنكم لا تـُركـّزون على تعهّد السّين سينغ، إذن فالقونق عندكم  لا يُمكن أن ينمو مُطلقـًا.     

                                                                

في ميداننا، ميدان الشّيولين، يُقالُ أنّ الرّوح الأصليّة للإنسان لا تفنى. في الماضي، عندما كان أحدهم يتحدّث عن الروح الأصليّة، كان النـّاس يقولون أنّ ذلك خـُرافات. الجميـعُ يعلمُ الأمر التالي، الفيزيائيّون يقومون بأبحاثٍ على جسمنا، الذي يتكوّن من جُزيئات، من بروتونات وإلكترونات، وعندما نتعمّق أكثر، نكتشفُ أنّ هناك أيضًا كواركز، نوترونات، الخ. وُصولاً إلى هذه النقطة، يعجز المجهر عن مواصلة الرؤية. ولكنّ هذا لا يزالُ بعيدًا جدّا عن أصل الحياة والمادّة. الجميـعُ يعلمُ أنّ انفلاق نواة ذرّيّة يتطلبُ ضغطـًا طاقيّا قويّا جدّا ودرجة حرارة عالية جدّا لكي تنفلقَ النـّواة الذرّية. عند موت أحد الأشخاص، كيف يُمكن أن تموتَ النـّوى الذرّية للجسم البشريّ بسهولة ؟ لذلك لاحظنا أنّ موت شخص مّا يتمّ فقط في طبقة عالمنا، إنـّها هذه الطبقة، طبقة العناصر الجُزيئيّة الأكبر حجمًا هي التي انفصلت ؛ بينما هذا الجسم، في عالم آخر، لم يَفـْـنَ. فلـْـيُحاول الجميـع أن يفهم َ، كيف يتراءى الجسم البشريّ تحت المجهر ؟ كلّ جسم الإنسان يكونُ في حركة، أنت جالس هنا، دون حراكٍ، ولكنّ جسمكَ كلـّه يتحرّكُ، الخلايا الجُزيئيّة تتحرّكُ، جسمُكَ مُفكّك كما لو كان مُكـوّنـًا من حُبيبات رمل. هكذا يُرى الجسم البشريّ تحت المجهر، إنه مُختلف تمامًا عمّا نراهُ بأعيُـننا. ذلك لأنّ عينيْ الإنسان يُمكن أن تـُعطيا صورة مغلوطة وتمنعاننا من رُؤية هذه الأشياء. عندما تـُـفتـَحُ العين السّماوية (تيانمو،Tianmu)، يُمكن أن نرى مع تكبير الجسم الذي نراهُ، في الأصل، هذه قدرة طبيعيّة في الإنسان، اليوم نـُسمّيها "تايي قونقننق" (قدرات خاصّة). إن كُـنتم تـُريدون تطوير قدرات خاصّة، يجبُ أن تعودوا إلى الأصل وتسترجعوا الحقيقة الأولى، وذلك بتعهّد أنفسكم.     

        

فلـْـنتحدّثْ الآن عن الـ"دو"(مكاسب الفضيلة). ما العلاقة بينها جميعًا ؟ فلنـُحلـّـلها. نحنُ، الكائنات البشريّة، في كلّ من العوالم العديدة، نملكُ جسمًا. نحنُ الآن نـُشاهد مُكوّنات الجسم البشريّ، أكبر عُـنصُر هو الخليّة التي تـُكوّن جسمنا الحسّي. لو تلـِجُون داخل الفجوة بين الخلايا والجُـزيئات، وبين الجُـزيئات نفسها، سوف تخوضون تجربة الدّخول في عالم آخر. إذن كيف سيكون شكل وُجود هذا الجسم ؟ طبعـًا،لا تستطيعون إدراك هذا بواسطة المفاهيم الحاليّة لهذا العالم، جسمكم يجبُ أن يتناسَبَ مع أشكال وجود ذلك العالم الآخر. في الأصل، جسم العالم الآخر يُمكنه أن يكبُرَ أو يصغـُرَ، في تلك اللـّحظة، يُمكن أن تكتشفوا أنه هو أيضًا عالم كبير جدّا. إنه  شكل وجود بسيط للعوالم الأخرى، العوالم التي تـُوجد في نفس الزّمان ونفس المكان. الإنسان له جسم خـُصوصيّ في عوالم عديدة، وفي عالم خـُصوصيّ يُوجد حقل حول الجسم البشريّ. أيّ حقل ؟ هذا الحقل هو الدّو التي نتحدّث عنها. الدّو هي مادّة بيضاء، هي لا علاقة لها مثلما كـُنـّا نعتقدُ في السّابق، بالمسائل الرّوحانية أو الإيديولوجية، الدّو هي وُجود مادّي تمامًا. في الماضي، كان المُسنـّون يتحدّثون تحديدًا عن جمع الدّو أو فقدان الدّو. هذه الدّو تـُحيط بالجسم البشريّ مُكوّنة ً حولهُ حقلاً. في الماضي، كانت المدرسة الطاويّة تقولُ أنّ المُعلـّم هو الذي يبحثُ عن التلاميذ، لا التلاميذ هم الذين يبحثون عن المُعلـّم. ماذا يعني هذا ؟ على المُعلـّم أن يرى ما إذا كان جسم التلميذ يحتوي على كثير من عناصر الدّو أم لا، مع كثير من الدّو يكون بإمكان التلميذ أن يتعهّدَ نفسه بسهولة ؛ وإلاّ، فلن يتعهّدَ بسهولة، سوف يُـنمّي القونق لديه بصعوبة.     

                                                                                                                                                                                  

يُوجد في نفس الوقت مادّة سوداء، نحنُ نـُسمّيها هنا كارما (يي، (Ye، في الدّيانة البوذيّة يُسمّونها الكارما السيّئة. المادّة البيضاء والسّوداء، هاتان النـّوعان من الموادّ توجدان في نفس الوقت. ما هو الرّابط بين هاتيْن المادّتيْن المُختلفتيْن ؟ هذه المادّة المُسمّاة دو، يتحصّـلُ عليها المرءُ بعد تحمّـلَ الصُعوبات وتكبـّد الخسائر والقيام بأعمال طيّبة ؛ بينما المادّة السّوداء، يتحصّـلُ عليها المرءُ بعد ارتكاب سيّـئات، بعد القيام بأعمال سيّئة، بعد إلحاق الأضرار بالآخرين، عندها تحصل لديه هذه المادّة السّوداء. في أيّامنا هذه، لا فقط يسعى النـّاس وراء مصالحهم ولكنّ البعض اختصاصهم هو الأفعال السّيئة، من أجل المال يُعاقرون كلّ المعاصي: قتل، شراء حياتات بالمال، شذوذ جنسيّ، تعاطي المُخدّرات...الخ، وتصرّفات شيطانيّة أخرى من شتـّى الأصناف. عندما يرتكبُ أحدهم عملاً سيّئـًا، يخسرُ بعض الدّو. كيف يخسرُها ؟ عندما يُهينُ أحد الأشخاص شخصًا آخر، هو يظنّ أنـّه قد انتصر لنفسه، وتخلـّص من غضبه. في هذا الكون، يُوجد هناك قانون : ليس هناك ربح بدون خسارة (بو شي بو دو، Bu shi bu de)، الرّبح يستوجبُ الخسارة، أنتَ لا تخسرُ، إذن، سيتمَ إرغامك على الخسارة، من الذي يقوم بذلك ؟ إنـّه الطبـع  الخاصّ بالكون هو الذي يُمارسُ تأثيرهُ، لذلك، عندما تـُريد فقط نيْـل أيّ شيء، لن يتمّ لك ذلك. ما الأمر ؟ عندما يُهينُ الإنسان أخاه أو يعنـّـفه، فهو يُلقي إليه بحسناته (دو) ؛ والآخر، بما أنـّه هو المُعتدى عليه، هو الذي خسِرَ، هو الذي وقع عليه الظلم، سوف يتمّ تعويضهُ عن ذلك. في اللـّحظة التي يشتمُُهُ فيها، جُـزء من حسناته يطيرُ من عالمه الخاصّ ويسقط على جسم الآخر. كلـّما أهانهُ أكثر، كلـّما أعطاهُ المزيدَ من الدّو. نفس الشّيء عندما يضربُ شخص مّا شخصًا آخر أو يُعنـّـفه، يلكـُمُه، أو يركـُـله، سوف يخسرُ هذا الشّخص الدّو بحسب قوّة الضّربة التي وجّهها له. إنسان عاديّ لا يرى هذا القانون، ويظنّ أنـّه مُتضرّر، فلا يتحمّل ذلك: "أنت تضربني، يجبُ أن أضربَكَ." "باف" ! ويُرجعُ له لكمته، وهُـنا يُرجعُ له ذلك النـّصيب من الـدّو، لا أحد منهما قد خسر أو ربحَ شيئـًا. ورُبّما يُفكـّر الثاني: "أنت أعطيتني ضربة، سوف أعطيكَ اثنتيْن، وإلاّ فلن يهدأ خاطري". ويُعطيه ضربة إضافيّة ً، فتطيرُ قطعة من الدّو من جسمه الخاصّ وتهبط على الآخر.

                                                 

 لماذا تـُعتبـرُ الدّو ثمينة إلى تلك الدّرجة ؟ ما صلتها بعمليّة التحوّل ؟ تقول الأديان: "عند الحُصول على هذه الدّو، حتـّى وإن لم تحصُـلوا على شيء في هذه الحياة، ستحصُلون على ذلك في الحياة المُقبلة." على ماذا سيحصُـلُ المرءُ ؟ مع كمّية هامّة من الدّو، سيكونُ رُبّما ذا منصبٍ عال أو صاحب ثروةٍ، يملك كلّ ما يرغب فيه، كلّ هذا جزاءًا لـلدّو. تقولُ الأديان أيضًا: "إن كان هذا الشّخص لا يملكُ دو، سوف يَقعُ إفناء جسده وروحه." روحه الأصليّة (يوانشان) سوف تـُعدَمُ تمامًا، وفي نهاية حياته، سيموتُ الشّخصُ بكُـلـّيته، لا يبقى منه شيئ. وفي أوساطنا، أوساط الشّيولين، نقولُ أنّ الدّو يُمكن أن تتحوّلَ مُباشرة ً إلى قونق.

 

سوف نـُفسّرُ كيف تتحوّل الدّو مُباشرة إلى قونق. في أوساط الشّيولين، هناك الجُملة التالية: "تعهّد النفس يتوقف على الشّخص، القونق يتوقف على المُعلم." ولكنّ بعضهم يتحدّث عن "وضع الأثفية والقدر لإعداد الإكسير" والنشاط الذهنيّ، يعتقدون أنّ ذلك هامّ جدّا. أنا أقولُ لكم أنّ هذا ليس لهُ أيّ أهمّية، إن تـُفكّروا في ذلك كثيرًا، فذلك إذن تعلـّق. إن تولـُوا أهمّية بالغة لذلك، فلكم إذن غايات تسعون وراءها ؟ التعهّد يتوقّفُ على ذات الشّخص، القونق يتوقفُ على المُعلـّم، لديكم هذه الرّغبة، وذلك كاف. بينما التحقق الفعليّ لهذا الأمر، ذلك شأنُ المُعلم، أنتـُم غير قادرين على ذلك مُطلقـًا. أنتم، بهذا الجسم البشريّ العاديّ الذي لديكم، أنـّّى لكم أن تـُحوّلوا حياة الكائنات العُلويّة المخلوقة من هذه المادّة الطاقيّة العُـليا ؟ هذا مُستحيل على الإطلاق، هذا مُضحك. مسارُ تحويل جسم الإنسان في العالم الآخر غامض ومُعقـّد، أنتم عاجزون تمامًا عن تحقيقه.                      

 

ماذا يُعطيكم المُعلـّم ؟ إنه يُعطيكم قونق يصلـُحُ لتنمية القونق الخاصّ بكم. بما أنّ الدّو توجدُ خارج الجسم البشريّ، فإنّ القونق الحقيقي للإنسان تولـّده الدّو. المُستوى العالي أو المُتدنـّي للشّخص، وقوّة القونق لديه، تولـّدهما الدّو أيضا. يُحوّل المُعلـّم مادّتكم البيضاء دو إلى قونق، وهذا الأخير ينمو في شكل لولبيّ. القونق الذي يُحدّد حقـّا مُستوى الإنسان ينمو خارج الجسم البشريّ، وأخيرًا ينمو في شكل لولبيّ إلى ما فوق الرّأس ويُكوّن عمودًا من القونق. هذا الشّخص لديه مُستوى مُعيّن للقونق، نظرة إلى ارتفاع عمود القونق لديه تكفي لمعرفة ذلك، ذلك هو مُستواهُ، في الدّيانة البوذيّة يُسمّى ذلك "مرتبة الثمرة" (قوو واي). بالنسبة لبعض الأشخاص، أثناء التأمّـل في وضعيّة الجُـلوس، روحهم الأصليّة تستطيـعُ مفارقة الجسد، والارتفاع مُباشرة ًإلى عُلوّ مُعيّن، ولكن إن هي أرادت مُواصلة الارتفاع، فهي لا تقدرُ، ولا تجرُؤ على ذلك. لأنها عندما ارتفعت، فعلت ذلك وهي جالسة على عمود القونق لديها، فهي لا تستطيـعُ تجاوز درجة علوّ عمود القونق هذا، يتعذرعليها الصّعود أعلى من ذلك، إنها مسألة درجة الكمال المذكورة في الدّيانة البوذيّة.                                  

 

لقيْـس ارتفاع السّين سينغ، هناك أيضًا عمود مُرقــّم. هذا العمود المُرقــّم وعمود القونق لا يُوجدان في نفس العالم، ولكنهما يُوجدان في نفس الزّمان. إن تمكّن السين سينغ لديك من الارتفاع، مثلا يـُهينك أحدهم في وسط الناس العاديّين، فلا تعبأ به وتبقى هادئـًا مطمئنـّا ؛ الآخر يُعطيكَ لكمة، تظلّ صامتا وتكتفي بابتسامة، وانتهى الأمرُ، هذا يعني أنّ السين سينغ عندك قد بلغ مُستوى عال جدّا. إذن كمُمارس، على ماذا ستحصُـلُ ؟ ستحصُـلُ على القونق، أليس كذلك ؟ لقد ارتفع السين سينغ، القونق نما أيضًا في خط مُواز لهُ. قدر ارتفاع السّين سينغ هو نفسه قدر ارتفاع القونق، إنها حقيقة مُطلقة. في الماضي، بعض الناس كانوا يُمارسون في الحدائق أو في المنزل، بجدّ وحزم، كانوا يُمارسون جيّدًا إلى حدّ مّا. ومع ذلك، بعد التمارين تراهم يتخاصمون ويتنافسون جريًا وراء الشهرة والأغراض الشخصيـّة ويتصرّفون على هواهم، فهل يُمكن أن ينمو القونق عندهم ؟ كلاّ أبدًا، أمراضهم لم تشفى لنفس السّبب أيضًا. لماذا لم يُشفى البعضُ من مرضهم رغم ممارسة طويلة ؟ إنّ التشيكونق هو التعهّد والممارسة، إنـّه ليس أمرًا عاديّا، ليس تمارينـًا رياضيّة للنـّاس العاديّين، يجبُ على المرء أن يضع الثقل على السّين سينغ لكيْ يتسنـّى له أن يُشفى من أمراضه أو أن يُنمّي القونق.

 

يعتقدُ البعضُ أنـّه عندما "نضعُ الأثفية والقدر ونجمع العقاقير" لإعداد الدّان (الإكسير)، هذا "الدّان، Dan" هو القونق، كلاّ مُطلقـًا. هذا الدّان يحتوي فقط على جُزءٍ من الطاقة، إنـّه لا يُمثـّل كلّ الطاقة المُكتسَبة. هذا الدّان، ماهو ؟ الجميـعُ يعلمُ، نحنُ لدينا جزء من الأشياء لتعهّد الجسد، يجبُ أن يُكوّنَ الجسمُ قدرات القونق وكثيرًا من الأشياء الخارقة. مُعظم هذه الأشياء مُـغلقة، لا يُسمَحُ لكم باستعمالها. هناك قدرات قونق كثيرة، أكثر من عشرة آلاف، حالما يتمّ تكوين قدرة من قدرات القونق، يتمّ إغلاقها. لماذا لا نترُكها تظهَرُ ؟ لمنعكم من إساءة التصرّف فيها في مجتمع الناس العاديين، يُمنـَـعُ علينا إثارة البلبلة في المجتمع. كذلك لا يُمكن للمرء أن يستعرضَ بحرّيّة قدراته في مُجتمع النـّاس العاديّين، سيُقوّضُ نظام هذا المجتمع. كثير من النـّاس يتعهّدون حسب درجة وعيهم، لو تـُظهرون تلك القدرات، كلّ الناس سَيَرَوْنَ أنّ ذلك حقّ، وكلـّهم سيتعهّدون، حتى الناسُ الذين لا يتورّعون عن أيّ جُرم والذين هم غير جديرين بالمغفرة، سيأتون أيضًا للتعهّد، إذن فلن يستقيمَ الأمرُ. لا يُمكن أن نسمَحَ لكم بإظهارها بهذه الكيفيّة، وبالإضافة إلى ذلك، سوف يجـرّكم ذلك إلى ما لا تـُحمد عقباه من أعمال سيـّئةٍ، لأنكم لا تستطيعون رُؤية الرّوابط السببيّة، لا تـَرَوْنَ أعماق الأشياء، أنتم تظنـّون أنكم تحسنون التصرف، بينما أنتم قد تكونون بصدد ارتكاب سيّئاتٍ، لذلك لا ندعُها في حوزتكم. لأنه عندما يتمّ ارتكاب سيّئة، تسقطون في الدّرجة، ويذهب تعهّدكم سُدىً، لذلك كثير من قدرات القونق تكونُ مُغلقة. ما العملُ ؟ عندما يحلّ يوم إطلاق القونق واليَقظة (كاي قونق كاي وو)، يُصبح هذا الدّان بمثابة القنبلة، ويُفجّرُ كلّ قدرات القونق، المغاليق ومخارج الجسم كلها تنفجرُ، "بان"! كلّ شيء يتزعزعُ في هذا الإنفجار، هذه وظيفة الدّان. بعد إحراق جسم راهب ميّت، يبقى هناك بعد الإحراق "شيليزي ،shelizi" (حبّات بلـّوريّة)، البعضُ يعتبرونها بقايا عظام أو أسنانـًا. ولكن لماذا لا يخلـّف الناس العاديّون مثلها ؟ ذاك هو الدّان قد انفجرَ، طاقته قد تحرّرت، هو يحتوي على كمّية هامّة من موادّ العالم الآخر. رغم ذلك هي أشياء لها وجود مادّي، ولكنـّها لا تصلـُح لشيءٍ. النـّاس الحاليّون يعتبرونها أشياء ثمينة جدّا، إنـّها مشحونة بالطاقة، برّاقة وصلبة، ذاك ما في الأمر.

                                        

سبب آخر يُعرقل نمـوّ القونق، وهو أنّ المرءَ لا يعرفُ شرع المستوى الأعلى، إذن من المُستحيل أن يتعهّدَ ويُمارسَ نحو الأعلى. ماذا يعني هذا ؟ مثلما قلتُ ذلك منذ قليل، بعضهم يُمارسون طرقـًا عديدة ً، أقولُ لكم، أنـّه، مهما تكُنْ عدد الطرق التي تـُمارسُها، فهذا غير مُجدٍ، لستَ سوى تلميذ مدرسة ابتدائيّة، تلميذ مدرسة ابتدائيّة في الشّيولين، كلها تنتمي لقانون المستوى المُتدنـّي. أنت تأخذ قانون المستوى المُتدنـّي لتتعهّدَ وتـُمارسَ نحو المُستوى الأعلى، هذا لا يُمكن أن يُرشدكَ. أنتَ تستعملُ كتب تدريس ابتدائيّ في الجامعة، ولكنـّك تبقى دائمًا تلميذ مدرسة ابتدائية، بل حتـّى إنّ تعلـّمَ أشياء كثيرة لا يفيد شيئـًا، على العكس هذا أسوء. تـُوجد شرائع مُختلفة في مُستويات مُختلفة. يقومُ الشّرع بدور الدّليل بصفة مُختلفة حسب اختلاف المُستويات، لذلك قانون المستوى المُـتدنـّي الذي تستعملونه لا يُمكن أن يهديكُم في تعهّدكم وممارستكم نحو المُستوى الأعلى. سنستعرضُ لاحقـًا كلّ قوانين الشّيولين باتـّجاه المُستوى الأعلى، أنا أتحدّثُ جامعـًا أشياء من مُستويات مُختلفة، وتبَعـًا لذلك، ستهديكُم هذه الأشياء باستمرار في تعهّدكم وممارستكم في المُستقبل. لديّ بعض الكتب، وأشرطة سمعيّة وأخرى بصريّة، ستكتشفون أنكم عندما تقرؤونها وتسمعونها مرّة ً، بعد مرور بعض الوقت، عندما تقرؤونها وتسمعونها من جديدٍ، ستهديكـُم من جديدٍ. ستترقــّـوْن باستمرار، وهي أيضًا ستهديكم باستمرار، إنه الشّرع. ما كـُـنتُ بصدد الحديث عنه هو : السّببان اللـّذان من أجلهما لا ينمو القونق رغم الممارسة : دون معرفة شرع المُستوى الأعلى لا يُمكنكم التعهّد ؛ بدون تعهّد الذات، بدون شيولين السّين سينغ، لا ينمو القونق. ليس هناك سوى هذيْن السّببين.

 

 

 

الخصوصيّـات المميـّزة للفالون دافـا

 

طريقتنا الفالون دافا هي واحدة من أربعة وثمانين ألف فامان (باب شرع) في مدرسة بوذا، لم يتمّ أبدًا تبليغها لعامّة الناس في حضارتنا، ولكن، في فترةٍ من فترات ما قبل التاريـخ منحت الخلاص لعدد كبير من البشر. ها أنا أبلـّغها من جديد للعموم في آخر الأزمان من آخر كالبا، لذلك فهي ثمينة إلى أقصى حدّ. لقد سَبَقَ وأن تحدّثتُ عن شكل التـّحوّل المُباشر للـدّو (الفضيلة) إلى قونق (طاقة). القونق في الواقع لا يُكتسَبُ عبر الممارسة (ليان) بل عبر التعهّد (شيو). كثير من الناس الذين يبتغون نموّ القونق، يُركّزون فقط على الممارسة، لا على التعهّد. في واقع الأمر، القونق يُكتـَسَبُ بأكمله عبر تعهّد السين سينغ. إذن لماذا نـُعلـّّمكم أيضًا ممارسة القونق ؟ في البدء، يجبُ أن نـُفسّرَ لماذا لا يقومُ الرّهبان بممارسة القونق. إنـّهم يُمارسون بالأساس التأمّـل في وضعيّة الجلوس، إنشاد السّوطرا وتعهّد السين سينغ، وهكذا يُـنمّون القونق، يُـنمّون القونق الذي يُحدّد درجتهم. بما أنّ ساكياموني قال أنه يجبُ التخلـّي عن كلّ أشياء العالم الأرضيّ، بما فيها "البنتي، Benti" (الجسد في مُختلف العوالم)، فليست هناك حاجة إلى الحركات الجسديّة. المدرسة الطاويّة لا تتحدّث عن خلاص كلّ الكائنات، الناس الذين يتوجّه إليهم المُعلـّمون، ليسوا الصنف العاديّ من الناس بشتى العقليات والحالات النفسية، البعض أنانيّ والآخر أقلّ أنانية... بل إنهم يختارون المُريدين. من بين ثلاثة مريدين يقع اختيارهم على واحد يُؤَهّــل للتلقين الحقيقيّ، يجبُ التأكـّد من أنّ هذا التلميذ يتمتعُ بـ"دو" كبيرة، وأنه هو المُناسب، وأنه لن يُسبّبّ مشاكلَ. لذلك يُلقـّـنه المُعلـّم خـُصوصًا طـُرقــًا لتعهّد الجسد لأنّ ممارسة "الشّانتونغ،shentong " (القدرات الإلهيّة) والعناصرالخارقة تتطلـّبُ بعض الحركات.

                                                                                                                                  

فالون دافـا هي أيضًا طريقة تعهّد مُزدوجة للرّوح والجسد، ممّا يدعو إلى استعمال الحركات. من جهة، تصلـُحُ الحركات لتقوية قدرات القونق، ماذا يعني "تقوية"؟ أي استعمال قوّة القونق العظيمة لديكم (قونق لي) لتقوية قدرات القونق فيكم (قونقننق) بحيثُ تصبح هذه الأخيرة قويّة أكثر فأكثر ؛ من جهة أخرى، في جسمكم، من المفروض أن تـُخلـَقَ كثير من الكائنات نتيجة التحوّل. عندما يصلُ المرءُ إلى المستوى العلويّ في الشّيولين، تتحدّث المدرسة الطاويّة عن ولادة المولود الأصليّ (يوان يينق، yuan ying)، مدرسة بوذا تتحدّث عن الجسم الخالد، من المفروض أن تتكوّنَ أيضًا كثير من العناصر الخارقة عبر التحوّل. كلّ هذا يستدعي طرُقــًا للممارسة والتـّحويل. وظيفة الحركات هي تحويل هذه الأشياء. طريقة كاملة لتعهّد النفس والجسد تتطلـّب في الآن نفسه التعهّد والممارسة. أعتقدُ أنّ الجميـعَ فهموا كيف يُكتسَبُ القونق، القونق الذي يُحدّد حقـّا مُستواكم لا يُكتسَبُ بالممارسة بل بالتعهّد ؛ أنتم تـُوجدون في مسار التعهّد، رفعتـُم السين سينغ من خلال تعايشكم مع النـّاس العاديّين، اتـّصفتم بالخصائص المُميّزة للكون، التي لم تعُدْ تحدّكم، إذن تستطيعون الإرتفاع. إذن، هذه الدّو تبدأ في التحوّل إلى قونق، وتبَعًا لارتفاع مقياس السين سينغ لديكم، ينمو القونق، هذه إذن هي الرّوابط بين القونق والسين سينغ .                                    

                                                                                                                           

طريقتنا هذه تنتمي حقـّا إلى طرق التعهّد المُزدوج للروح والجسد، القونق الذي نـُمارسه يُخَزّنُ في كلّ خليّة من جسمنا، وُصولاً إلى الجُزيئات من أصل المادّة، والموجودة في حالة مجهريّة قصوى. وفي نفس الوقت الذي ترتفعُ فيه قوّة القونق  لديكم أكثر فأكثر، تزدادُ كثافتها أكثر وأكثر كما تزدادُ قوّتها. هذه المادّة الطاقيّة العُليا هي عاقلة، بما أنـّها مُخزّنة في كلّ خليّة في الجسم البشريّ وُصولاً إلى أصل الحياة، فهي تأخذ تدريجيّا شكلاً مُطابقـًا لشكل خليّة جسمكم، مع نفس نظام ترتيب الجُزيئات وتتـّخذ ُ نفس أشكال كلّ النـّوى الذريّة. ولكنّ تغيّرًا جذريّا قد حصل في جسمكم، لم يعُدْ مُكوّنـًا من الخلايا الأصليّة، أنتم لم تعودوا تـنـتـمُون لعالم العناصر الخمسة (وو سينغ)، أليس كذلك ؟ طبعًا، تعهّدكم وممارستكم لم ينتهيا بعدُ، يجبُ أن تتعهّدوا وتـُمارسوا المزيد وسط الناس العاديّين، لذلك تبدُون كما لو كـُـنتم أناسًا عاديّين، الفرق الوحيد هو أنّ لكم طلعة ً شابّة ً بالمُقارنة مع الناس الذين لهم نفس سنـّكم. طبعًا، يجبُ قبلا ً إزالة كلّ الأشياء السيّئة من جسمكم، بما فيها الأمراض. ولكن نحنُ هنا لا نقوم بالمُداواة، ما نفعلهُ هو تطهير الجسم، نحنُ لا نستعملُ لفظ "مُداواة"، نحنُ نـُسمّي هذا "التـنقية الجسديّة"، نحنُ نـُطهّر جسم الممارسين الحقيقيّين. البعضُ أتوْا إلى هنا فقط من أجل التـّداوي. نحنُ لا نترُكُ المرضى الذين هم في حالة خطرة جدّا يدخلون إلى دورتنا التـكوينيّة، لأنهم لا يستطيعون التخلـّص من فكرة الشّفاء ولا فكرة المرض. إنّ لديهم أمراضًا خطيرة ًويتعذبون منها كثيرًا، كيف يُمكنهم أن يتجاهلوها ؟ إنهم لا يستطيعون التعهّد والممارسة. نحنُ نـُؤكّد دائمًا أنـنا لا نقبلُ أصحاب الأمراض الخطيرة، ما لدينا هنا هو الشّيولين، إنه بعيد جدّا عمّا يتصوّرون، بإمكانهم أن يذهبوا إلى مُعلـّمي تشيكونق آخرين ليفعلوا هذه الأشياء. طبعًا، كثير من التلاميذ لديهم أمراض، بما أنكم ممارسون حقيقيّون، يجبُ أن نقومَ  بهذا من أجلكم.

                                                                                                                    

تلاميذنا، تلاميذ الفالون دافا، بعد مُضيّ فترة من الشّيولين، يبدون مُـتغيّرين كثيرًا، البشرة تـُصبحُ ناعمة، اللون مُشرق ومُتورّد، والأشخاص المُسنـّون تـُصبح لديهم تجاعيد أقلّ، تكادُ تكونُ مُنعدمة، هذه حقيقة عامّة. أنا لا أقول شيئاً عَجَبًا، العديد من تلاميذنا القدماء الحاضرين هنا يعرفون ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، النـّساء المُسنـّات ستشهدْنَ ظهور الحيْض من جديدٍ، لأنّ طريقة ً لتعهّد الروح والجسد في الآن نفسه تستوجبُ التشي الحيويّ الذي يضمَنُ الحيْض لتعهّد جسدكم. سيعودُ إليهنّ الحيْض، ولكن بكمّية قليلة، فقط بالقدر اللاّزم، وهذه أيضًا ظاهرة عامّة. وإلاّ كيف سيتمّ تعهّد جسدكم ؟ الرّجال أيضًا، المُسنـّون والشّباب، سيُحسّون بخفـّة كبيرة. ممارس حقيقيّ سيُحسّ بهذا التغيّر.                                       

                                                                                                                                              

طريقتنا هذه تتضمّن ممارسة عظيمة، هي غير الممارسات التي تقلـّد الحيوانات. ممارسة هذه الطريقة هي حقـّا كبيرة جدّا. القوانين التي كان ساكياموني و"لاوو تسي،Lao Zi " يُبلـّغانها في عهدهما هي قوانين تصلحُ داخل حُدود مجرّتنا. ما الذي تـُمارسه طريقتنا الفالون دافا ؟ نحنُ نتعهّدُ ونـُمارسُ وفق قوانين تطوّر الكون، حسب مقاييس الطبـع الأعلى الخاصّ بالكون "جهان شان ران". نحنُ نـُمارسُ شيئًَا عظيمًا إلى حدّ بعيدٍ، شيئًا يُعادل ممارسة الكون كلـّه.              

                                                                                                               

طريقتنا الفالون دافا لها أيضًا ميزة خُصوصيّة ومُـتفرّدة جدّا، وهي تختلفُ عن كلّ الطرق الأخرى. حاليّا، كلّ طرق التشيكونق الأخرى التي يتمّ تبليغها في المجتمع تنتمي إلى مجال الدّان، إنها تـُمارس الدّان. التشيكونق الذي يُمارس الدّان يُريدُ أن يصلَ إلى حالة إطلاق القونق واليقظة وسط النـّاس العاديّين، هذا صعب جدّا. طريقتنا الفالون دافا لا تنتمي إلى مجال الدّان، طريقتنا تتمثل في تعهّد وممارسة عجلة شرع (فالون ،Falun) في مستوى أسفل البطن، أثناء الدّورة التكوينيّة، أضعُهُ بنفسي لتلاميذنا. عندما أتحدّث عن فالون دافا، أضعُ في نفس الوقت عجلة الشرع لكلّ منهم، بعضُهم يشعر بوجودها وآخرون لا يُحسّون بها. مُعظم الناس يُحسّون بها، ذلك أنّ الحالة البدنيّة للناس تختلفُ كثيرًا من شخص لآخر. نحنُ نـُمارس الفالون وليس الدّان. الفالون هو صورة مُصغـّرة للكون، مُزوّد بكلّ قدرات القونق  الموجودة في الكون، إنه يستطيـعُ أن يشتغلَ ويدورَ بصفة آليّة. سيدورُ الفالون إلى الأبد في أسفل بطنكم، عندما يُوضَعُ عندكم، لن يتوقّفَ، سيدورُ هكذا إلى الأبد. أثناء دورانه في اتجاه عقارب السّاعة، يلتقط ُ بصفة آليّة طاقة الكون، وهو أيضًا يُحوّل بنفسه هذه الطاقة ويبثّ في كلّ جزء من جسمكم الطاقة اللاّزمة للتحوّل. وفي نفس الوقت، أثناء دَورانه في الاتـّجاه المُعاكس، يستطيـعُ أن يُرسلَ الطاقة ويلفظ الفضلات، وهذه الأخيرة تتبدّد حول الجسم. عندما يبعثُ الطاقة، يُرسلـُها بعيدًا جدّا ويجلبُ طاقة ًجديدة ً. الطاقة التي يبعثها لها تأثير طيّب على كلّ الأشخاص المحيطين بكم. مدرسة بوذا تتحدّث عن خلاص الذات وخلاص الآخرين، عن خلاص كلّ الكائنات، يجبُ على المرء، زيادة على تعهّده لنفسه، أن يسعى أيضًا لخلاص كلّ الكائنات، الآخرون يستفيدون من ذلك في نفس الوقت، تستطيعون، دون أن تشعروا بشيء، أن تـُعدّلوا أجسامهم وتخفـّفوا أمراضهم، طبعًا، الطاقة لا تتلاشى ولا تضيـعُ، الفالون يستطيـعُ أن يسترجعها أثناء دَورانه في اتجاه عقارب السّاعة، لأنه يدور بدون توقف.       

                                                                                                           

يتساءلُ البعضُ :"لماذا يدور الفالون دون توقف ؟" البعضُ الآخر يسألونني: "لماذا هو قادر على الدّوران ؟ طبقـًا لأيّ قانون ؟" الطاقة المُجمّعة بكمّية مُعيّـنة يُمكن أن تـُكوّنَ الدّان، هذا سهلٌ فهمُهُ، بينما دَوران الفالون هو حقـّا صعب التصوّر. سأذكـُر لكم مثالاً، الكون في حركة، كلّ الأنظمة الشمسيّة في درب اللـّبانة وكلّ المجموعات الشّمسيـّة في الكون هي في حَرَكة، الكواكب التسعة تدورُ حول الشّمس، الأرضُ تدورُ أيضًا حول نفسها. فكّروا، من الذي يدفعُها ؟ من الذي يمُدّها بالقوّة ؟ لا تحاولوا الفهم حسب مفاهيم النـّاس العاديّين، إنه ببساطة نظام دَوَران. والأمرُ نفسه بالنـّسبة لهذا الفالون، إنه يعمَلُ حسب نفس هذا النظام. إنّ الفالون يحُـلّ مُشكلة ممارسة الناس العاديّين في الوضعيّة العاديّة للحياة اليوميّة. إنه يُمدّد وقت الممارسة. كيف يُمدّدُهُ ؟ بما أنـّه يدورُ دون توقّف ٍ، فهو لا يني يمتصّ طاقة الكون ويُحوّلها. أثناء وقت العمل، هُو يُحوّلكم. طبعًا، بالإضافة إلى الفالون، يجبُ أن نـَضَعَ لكم كثيرًا من المُعدّات والأنظمة في جسدكم، وكلـّها مُـتـّصلة بالفالون، تشتغلُ وتتحوّلُ بصفة آليّة. لذلك فإنّ هذه الطريقة تـُحوّل الإنسان كلـّيًا وبصفة آليّة، ممّا يـُولـّد نظامًا تكُونُ فيه "الطريقة تـُمارس تأثيرها على الإنسان" (قونق ليان ران، gong lian ren) أو"الشّرع يُمارس تأثيره على الإنسان" (فا ليان ران ،Fa lian ren). عندما تكونون بصدد الممارسة، فإنّ الطريقة تـُمارس تأثيرها عليكم، عندما لا تكونون بصدد الممارسة، فإنّ الطريقة تـُمارس تأثيرها عليكم أيضًا. أثناء تناول الطـّعام، وقت النـّوم،أو في العمل تكونون دائمًا في مسار تحوّل القونق. لماذا إذن تـُمارسون ؟ إنّ ممارستكم تـُقوّي الفالون، كما تـُقوّي كلّ المُعدّات و"التشي دجي ،Qiji" (آليّات التشي) التي وضعتـُها فيكم. عندما تصلون إلى مُستوًى عال في الشّيولين، كلّ شيء يكمُنُ في اللاّ- فعل، الحركات تتبـعُ المُعدّات والأنظمة، دون أيّ تسيير من الحركة الفكريّة، كما لا نتحدّث أيضًا عن   طرق التـّـنفس، الخ... .                                    

                                                                

 نحنُ لا نتحدّث عن الممارسة ولا عن مكان الممارسة. بعض الأشخاص يسألون: "ما هو الوقت الأنسب للممارسة ؟ :"جيشي، zhishi" (من س 23 إلى س 1 – الفترة الأولى من اليوم) ؛ أو "شانشي، chenshi" (الفترة المُمتدّة من ساعة 7 إلى س9) ؛ أو"ووشي، wushi" (الفترة المُمتدّة من س11 إلى س13) ؟ نحنُ لا نتحدّث عن التوقيت، عندما لا تـُمارسون أثناء فترة "جي" فإنّ القونق يطوّركم ؛ عندما لا تـُمارسون أثناء فترة "شان"، فإنّ القونق يُطوّركم ؛ عندما تنامون، القونق يُطوّركم ؛ عندما تمشون، القونق يُطوّركم ؛ عندما تكونون في العمل، القونق يطوّركم. ألا يختصرُ هذا كثيرًا وقت ممارستكم ؟ هناك عدد كبير من النـّاس رغبتهم هي الوصول حقـّا إلى الطريق (داوُو)، وهو هدف الشّيولين بطبيعة الحال. الهدف النـّهائيّ للشّيولين، هو نيْلُ الطـّريق والكمال. ولكن بالنـّسبة للبعض، عـُمرهم في هذه الحياة قد شارَفَ على الإنتهاء، ما تبقـّى غيرُ كافٍ على أرجح تقدير، يُمكن  لطريقتنا الفالون دافا أن تجد حلاّ لهؤلاء، وتختصرَ مسار الممارسة. وفي نفس الوقت، هي أيضًا طريقة تعهّد مُزدوج للروح والجسد، عندما تـُمارس دون انقطاع، تـُمدّدُ حياتكَ دون انقطاع، أنت تـُمارس باستمرار، حياتـُكَ تمتدّ باستمرار، وهكذا النـّاس المُسنـّون الذين لهم استعداد طيّب (قان دجي، Genji) سيكون لهم ما يكفي من الوقت للممارسة. ولكن تـُوجدُ قاعدة، لو تتجاوزون العُمر الذي قدّرته السّماء، الفترة المُضافة يجبُ أن تـُخَصّصَ فقط للممارسة، أيّ انحراف في تفكيركم سيَضَعُ حياتكم في خطر، لأنّ أجَـلَ حياتكم قد انقضى. إلاّ إذا بلغتم مُستوى شو شي دجيان فا (شرع العالم العلويّ)، حينها لا مجال لوجود هذه القيود، ويتغيّـر الوضع.       

                                                              

نحنُ لا نتحدّث عن الاتـّّجاه ولا عن إيقاف الممارسة، لأنّ الفالون يدور باستمرار، دون توقّف، لا يُمكن إيقافهُ. عندما يرنّ الهاتف أو جرس المنزل، يُمكنكم أن ترُدّوا دون إيقاف الممارسة. عندما تهتمّون بشيء آخر، يدورُ الفالون في الحال في اتـّجاه عقارب السّاعة، ويسترجعُ في الحال الطاقة المُـنتشرة حول الجسم. عندما تقومون بحركةٍ قصدَ أخذ التشي في أيديكم وسكبه عبر قمّة الرّأس، مهما تفعلون، ستـُضيّعون الطاقة. إنّ الفالون، بصفته عاقلا وحيـّا، يعرفُ كيف يقومُ بكلّ هذا. نحنُ لا نتحدّث كذلك عن الاتـّجاه، لأنّ كلّ الكون في حركة، مجرّة درب اللـّبانة في حركة، الكواكب التسعة تدورُ حول الشّمس، الأرض تدور حول نفسها. نحنُ نـُمارس وفق قانون الكون، أين هو الشّرق والجنوب، والغرب والشّمال ؟ إنها لا تـُوجد. الممارسة باتـّّجاه أيّ ناحية تعني الممارسة باتـّجاه الشّرق والجنوب والغرب والشّمال جميعًا في الآن نفسه . طريقتنا الفالون دافا تستطيـعُ أن تحمي التلاميذ و تـُجنـّبهم الانحراف. كيف تقومُ بالحماية ؟ إن كُنتَ ممارسًا حقيقيّا، ستحميك عجلتنا للشّرع هذه. أنا مُتجذر في الكون، ما يمسّكم يمسّـني أيضًا، في الحقيقة هو يمسّ هذا الكون. كلامي هذا قد يبدو لكم غامضًا، ستفهمونه أثناء دراستكم. هناك أيضًا أشياء أخرى، علويّة جدّا، لا أستطيـعُ أن أكشفها لكم. نحنُ نعرضُ شرع المستوى الأعلى، من السطحيّ إلى العميق. إن كان السين سينغ غير مستقيم، لن تسير الأمور كما يجب، إن كـُـنتم تـُضمرون إحدى الغايات، من المُحتمل أن تتعرّضوا لبعض المشاكل. لاحظت أنّ فالون عددٍ من تلاميذنا القدماء قد أصبح معوجّ الشكل. لماذا ؟ لأنكم مزجتم ممارستكم بأشياء أخرى، ولأنكم قبلتم أشياء من آخرين. إذن لماذا لم يحْمِكـُم الفالون ؟ ما أعطيه لكم هو ملك لكم ويخضعُ لإشراف وعيكم. لا أحد يتدخّـل فيما تـُريدونه،  إنـّه  قانون هذا الكون. إن لم تعودوا ترغبون في التعهّد، لا أحد بإمكانه أن يُرغمكم على التعهّد، سيكون هذا بمثابة ارتكاب عمل سيّء. من الذي بإمكانه أن يُجبركم على تغيير نفوسكم ؟ أنتم الذين يجبُ عليكم أن تقوموا بذلك. عندما تأخذون نقاط القوّة من كلّ مدرسة، وتأخذون أشياء من أيّ كانَ، وعندما تـُمارسون اليوم في مدرسة وغدًا في مدرسة أخرى، بنيّة مُداواة الأمراض، هل توصّـلتم إلى إزالة الأمراض ؟ كلاّ، لقد تمّ تأجيلها لكم فحسبُ. في المستوى العالي للشّيولين، مسألة اتـّباع مدرسة واحدة هي مسألة هامّة، يجبُ الاقتصار على طريقة واحدة للتعهّد، الطريقة التي تتعهّدون وتـُمارسون فيها، يجبُ أن تـَهَبوا أنفسكم لها بإخلاص، إلى حدّ بلوغ إطلاق القونق واليقظة في تلك الطريقة، إثر ذلك، يُمكنكم المُرور إلى طريقة أخرى لتواصلوا التعهّد، وسيكون ذلك نظامًا آخر. ذلك لأنّ كلّ نظام من أنظمة التبليـغ الحقيقيّ تمّ الحفاظ عليه منذ أزمنة سحيقة، وهو يُمثـّـل مسار تحوّل مُعقـّدًا جدّا. بعضهم يُمارس بالاعتماد على أحاسيسه، ولكن ما قيمة أحاسيسكم ؟ إنها لا تـُساوي شيئًا. مسار التحوّل الحقيقيّ يتمّ في عالم آخر، إنه مُعقـّد جدّا وغامض جدّا، ولا يتحمّل أيّ خطإ. إنه مثل آلة دقيقة، لو نـُضيفُ إليها قطعة غيار من نوع آخر، تتعطـّـل في الحال. جسمكم في كلّ عالم يمُرّ بتغيّرات، ذلك الأمر دقيق وخفيّ جدّا، لا يسمح بأدنى هفوة. كما سَبَقَ وأن قلتُ لكم، التعهّد يتوقف على الفرد والقونق يتوقف على المعلـّم. لو تأخذون كما تشاؤون أشياء من الآخرين، وتـُضيفون برامج الآخرين إلى الطريقة، فإنّ ذلك سوف يُدخلُ الاضطراب على أشياء باب الشّرع هذا، وستحيدون عن الطريق المُستقيم ؛ وزيادة على ذلك سينعكسُ الأمر على مُجتمع الناس العاديّين ويُسبّب لكم مشاكل ناس ٍعاديّين، ولكن بما أنكم أنتم أنفسكم تـُريدون هذه الأشياء، فلا يُمكن للآخرين أن يتدخّـلوا في ذلك، إنها مسألة درجة وعي الممارس. وفي نفس الوقت، الأشياء التي تـُضيفونها تضَعُ القونق لديكم في حالة فوضى، وتصيرون غير قادرين على مواصلة التعهّد، هذا النـّوع من المشاكل يُمكن أن يطرأ. أنا لا أجبرُكم على تعلـّم الفالون دافا حتمًا. إن لم تتعلـّموا الفالون دافا، وكُنتم تتلقـّوْنَ تبليغـًا حقيقيّا من طرق أخرى، أنا أوافق على ذلك أيضًا. إلاّ أنني أقول لكم إنّ الشّيولين نحو المستوى الأعلى، يجبُ أن يُمارَسَ وحدهُ بصفة كلـّية ومُطلقة. أودّ أن أوضّح لكم نقطة ً أخرى: حاليّا، لا يُوجد هناك شخص آخر يقومُ، مثلي، حقـّا، بتبليـغ الطريقة نحو المستوى الأعلى. ستفهمون لاحقـًا ما فعلتـُهُ من أجلكم، آمُـلُ ألاّ تكونَ درجة وعيكم ضعيفة جدّا. هناك الكثير ممّن يريدون التعهّد والممارسة نحو المستوى الأعلى، واليوم عندما يُعرَضُ عليكم، ربّما لا تـُـقدّرون الأمر حقّ تقديره ؛ لقد بحثتم في كلّ مكان عن مُعلـّمين وأنفقتم مالاً كثيرًا، ولكن لم تعثروا على شيء. اليومَ، أنا أقدّمه لكم عند بابكم، وأنتم ربّما لا تـُدركون ذلك بعدُ ! هذه هي مسألة اليقظة أو عدمها، بعبارة أخرى، إنها مسألة القدرة أو عدم القدرة على تلقيّ الخلاص.

 


المحاضرة الثانية

 

 

موضوع العين الثالثة (العين السماويّة) "تيانمو، Tianmu"

 

هناك كثير من مُعلـّمي التشيكونق الذين تحدّثوا أيضًا عن بعض الأشياء ضمن موضوع "التيانمو" (العين الثالثة)، ولكن الشرع في مُختلف المستويات يتجلـّى في أشكال مختلفة. عندما يكون شخص مّا قد وصل إلى درجة مُعيّـنة عبر الشيولين، فهو لا يستطيـع أن يرى سوى مشاهد تلك الدرجة، لا يستطيـع أن يرى الحقائق التي تتجاوز تلك الدرجة، وتبَعـًا لذلك فهو لا يُصدّقها، لذلك فإنـّه يعتبر أنّ ما رآه في مُستوى درجته هو الحقيقيّ لا غيره. طالما أنـّه لم يصِل إلى درجة أرفع عبر الشّيولين، فهو يظنّ أنّ تلك الأشياء ليس لها وجود، وأنـّها غير معقولة، هذا يتوقّف على المستوى، تفكيره أيضًا لا يُمكن أن يسمُوَ. بعبارة أخرى، في موضوع تيانمو الإنسان، بعضهم يقول شيئًا والآخرون يقولون شيئًا آخر، وفي نهاية الأمر هناك فوضى كبيرة تعُمّ أقاويلهم، لا أحد يُوضّح الموضوع، في الحقيقة، التيانمو هو موضوع لا يُمكن الحديث عنه في مُستوًى مُتدنّ. في الماضي، بما أنّ تركيبة التيانمو كانت تنتمي إلى سرّ الأسرار، كان لا يُسمَح للنـّاس العاديّين معرفتـُها، لذلك منذ القديم، لا أحد يتحدّث عنها. ولكننا هُنا لن نـُـناقشَ النـّظريّات القديمة، سنستعمل العلم الحديث واللـّغة العصريّة الأكثر بساطة ًوالأكثر وضوحًا لكي نشرح الأمر، ثمّ إننا سنستعرضُ جوهر المسألة.

 

التيانمو التي نتحدّث عنها، في الحقيقة، تقعُ بين الحاجبيِْن، إلى الفوق قليلا، مُرتبطة بالغدّة الصّـنوبريّة، تلك هي القـناة الرّئيسيّة. يملك الجسم عيونـًا كثيرة، تقول المدرسة الطاويّة أنّ كلّ "تسياو، Qiao" (فتحة) هي عين. تـُسمّي المدرسة الطاويّة قنوات الجسم "تسياو"، الطبّ الصّيني يُسمّيها "ميريديانات". مدرسة بوذا تقول أنّ كلاّ من مسامّ الجسم هي عين، لذلك كان هناك أناس يستعملون آذانهم للقراءة، وآخرون يستعملون الأيدي أو مُؤخّرة الرّأس، وآخرون ايضًا يقرؤون بواسطة القدميْن أو البطن، كلّ هذا ممكن.

 

في حديثنا عن التيانمو، أوّلاً سنقول بعض الكلمات حول هاتين العينين الحسّيتيْن للإنسان. حاليّا، يظنّ البعض أنّ هاتين العينين قادرتان على رُؤية أيّ مادّةٍ وأيّ شيءٍ من أشياء عالمنا مهما يكـُنْ. لذلك هناك أناس يتعنـّتون في الموقف التالي: هم يعتقدون أنّ ما تراه العينان هو فقط الواقعيّ، ما لا يرَونهُ لا يُصدّقونه. منذ القديم، جرى الاعتقاد أنّ هؤلاء النـّاس ليست لديهم درجة وعي جيّدةٍ، البعض لا يتوصّـل إلى أن يُفسّر بوضوح لِمَ درجة وعيهم غير جيّدة. لا يُصدّق المرء إذا لمْ يَرَ، هذا يبدو معقولاً عند سماعه. مهما يكُن المكان-الزمانيّ، فإنه يتكوّن من مادّةٍ، طبعًا كلّ مكان–زمانيّ مُختلف له تركيبة فيزيائيّة مُختلفة، والحياة تتجلـّى فيه  بأشكال مُتنوّعة.

 

أذكر لكم مثالاً : في البوذيّة يُقال أنّ كلّ ظواهر المُجتمع البشريّ هي وهم وغير حقيقيّة. كيف يُمكن أن تكونَ وهمًا ؟ إنـّها أشياء تـُوجد هنا فعلاً، من يستطيـع أن يدّعي أنـّها مُزيّفة ؟ إنّ شكل وجود شيءٍ مّا هُو هُو، ولكنّ شكل تجلـّيه ليس كذلك. ولكنّ أعيننا تملك نوعًا من قدرات القونق من شأنه أن يُثبّتَ أشياء عالمنا الماديّ على الحالة التي نراها فيها الآن. في الحقيقة، هي لا تـُوجد على تلك الحالة، حتى في العالم الذي نوجدُ فيه، هي لا تـُوجد على تلك الحالة. مثلاً ماهو شكل الكائن البشريّ تحت المجهر ؟ كلّ الجسم مُكوّن من جُزيئاتٍ ضئيلة، مُفكّكة مثل حبّات الرّمل، وجميعها في حركيّة، الالكترونات تتحرّك، دائرة ًحول النـّوى الذريّة، كلّ الجسم يُوجد في حركة تقلـّص دائريّة. سطح الجسم ليس أملسًا ولا مُستويًا. كلّ شيءٍ في الكون، الفولاذ، الحديد، الحجر، وعناصر جُـزيئاتها في الدّاخل كلـّها في حركةٍ. أنتم لا تروْن الشّكل تامّا، في الواقع هذه الأشياء ليست ثابتة ً. هذه الطاولة هي أيضًا في حركة دائريّة، ولكنّ أعيننا لا ترى صورتها الحقيقيّة، هاتان العينان يُمكن أن تخلقا عند الإنسان انطباعًا مغلوطـًا.

 

ليس هذا معناه أنـنا غير قادرين على رُؤية أشياء في حالة مجهريّة، ولا أنّ الإنسان لا يملكُ هذه القدرة، بل بالعكس، لقد خـُـلِـقَ بهذه القدرة، هو قادر على رُؤية أشياء مجهريّة إلى حدّ مّا. بالنسبة لنا، الكائنات البشريّة، امتلاك عَيْـنيْ هذا العالم المادّي يُمكن أن يخلق هذا النـّوع من الصّور المُزيّفة، ويحجُبَ الإنسان عن الرّؤية. كان يُقال في الماضي عن هؤلاء النـّاس الذين لا يعترفون بما لا يَرَونه، كان يُقال دائمًا في ميدان الشّيولين، أنهم لا يملكون درجة وعي ٍ جيّدةٍ، أنهم مُشوّشون بالصّور المُزيّفة للنـّاس العاديّين، أنهم ضالـّون وسط النـّاس العاديّين، إنها جملة تـُقال منذ القديم في الدّين، في الحقيقة، نحنُ أيضًا نجدُها صائبة ً.

 

هاتان العينان تستطيعان أن تـُـثبّتا أشياء عالمنا المادّيّ على هذه الحالة، ما عدا ذلك، ليست لديهما مقدُرة كبيرة. عندما يرى الإنسان شيئًا، لا تتكوّن الصّورة مُباشرة ً في العين، العينان هما مثل عدسة آلة تصوير، ليس لهما سوى دور أداةٍ. لكي يرى المرءُ بعيدًا، يجب أن تتمدّدَ العدسة، عينانا لهما أيضًا نفس الوظيفة، عندما نـُشاهد مكانـًا قاتمًا، يتـّسع البؤبؤان، لكي نأخذ صورة في مكان مُظلم، يجبُ أن يتمّ إرسال أشعّة الضّوء كثيرًا، وإلاّ تعرّضُ الصّورة للضّوء لن يكون كافيًا، سيكون كلّ شيء أسودًا ؛ وعندما يذهبُ المرء إلى الخارج في مكان مُضيءٍ جدّا، يضيقُ البؤبؤان، وإلاّ فسيُجهَرُ المرءُ ولن يرى بوضوح، نظام آلة التصوير هو نفسه، حاجب النـّور في آلة التصوير يجبُ أن يضيقَ. العينان لا تستطيعان سوى التقاط الأشياء، ليسا سوى ضربًا من أداةٍ. عندما نـُشاهد حقـّا شيئـًا، شخصًا أو شكل وجود شيءٍ مّا، تكوّنُ الصّورة يتمّ في دماغنا. بعبارةٍ أخرى، يرى المرء من خلال عينيه، ثمّ تـُـنقـَلُ الإشارات البصريّة عبر أعصاب بصرية إلى الغدّة الصّـنوبريّة الواقعة في مُؤخـّرة الرّأس، لكي ترتسِمَ في تلك المنطقة. يعني أنّ من يقوم حقـّا بوظيفة عكس الصّور ورُِؤية الأشياء هي هذا الجُـزء من الدّماغ، الغدّة الصّـنوبريّة، الطبّ الحديث يُقرّ أيضًا هذا الأمر.

 

فتح التيانمو الذي نتحدّث عنه يتمثل في فتح قناةٍ بين الحاجبين، مع تجنـّب الأعصاب البصريّة للإنسان، حتـّى نجعل الغدّة الصّـنوبريّة ترى مباشرة نحو الخارج. هذا ما نـُسمّيه فتح التيانمو. البعض يُفكـّر حينئذٍ أنّ ذلك غير واقعيّ، هاتان العينان تستطيعان أن تلعبا دور أداةٍ، هما تستطيعان أن تـُصوّرا الأشياء، بدونهما يستحيل الأمر. لقد اكتشف الطبّ الحديث بواسطة التشريـح أنّ الجزء الأماميّ للغدّة الصّـنوبريّة مُزوّد بكلّ تركيبات الأنسجة الموجودة في العين البشريّة. وبما أنها تـُوجد داخل الجُمجمة، فقد قيلَ أنـّها عين سَلـَفيّة. هل هي عين سَلـَفيّة أم لا، في أوساط الشّيولين، نحنُ نتـّخذ إزاء ذلك موقفـًا مُتحفـّـظـًا. ومع ذلك، لقد أقرّ الطبّ الحديث أنه توجد عين في ذلك المكان الواقع وسط رأس الإنسان. القناة التي نفتحُها تستهدفُ مُباشرة ً ذلك المكان، الأمر الذي يتـّفق بالضّبط مع معارف الطبّ الحديث. هذه العين لا تـُحدث، مثل أعيننا الحسّيّة، صُورًا مغلوطة لدى الإنسان، إنـّها تستطيـع أن ترى عُمق الأشياء وأن تـُبصرَ لـُبّ المادّة. لذلك فإنّ الإنسان الذي تكون عينه الثالثة مفتوحة على مستوى عال جدّا يستطيـع أن يرى من خلال عالمنا أمكنة-زمانيّة أخرى، يستطيـع أن يرى صورًا غير مرئيّة بالنـّسبة للنـّاس العاديّين ؛ تلك التي يكون مُستواها غير عال جدّا، يُمكن أن تكونَ لها رُؤية نفـّاذة، ترى الأشياء عبر الجدار كما ترى داخل الجسم البشريّ، هذه العين مُزوّدة بهذا النـّوع من قدرات القونق.

 

تتحدّث مدرسة بوذا عن خمس قدراتٍ في الرّؤية: رؤية العين الحسّيّة "رويان تونق، rou yan tong"، رؤية عين السّماء "تيان يان تونق،tian yan tong"، رؤية عين الحكمة "هوي يان تونق، hui yan tong"، رؤية عين الشّرع "فا يان تونق، Fa yan tong"، ورؤية عين بوذا "فو يان تونق، fo yan tong". هذه هي المستويات الخمسة الهامّة للـتيانمو، وكلّ مستوىً ينقسم أيضًا إلى أعلى، أوسط وأدنى. تقول المدرسة الطاويّة أنّ عين الشّرع تنقسم إلى تسعة ضارب تسعة، إحدى وثمانين مستوىً. نحن هنا نقوم بفتح التيانمو لكم جميعًا، ولكنـنا لا نقوم بفتح ٍتحت مستوى عين السّماء. لماذا ؟ أنتم هنا لكي تبدؤوا الشيولين، في الواقع أنتم تبدؤون وأنتم بعدُ تعيشون حياة اجتماعيّة عاديّة مع بقية الناس، لديكم عديد التعلـّقات الخاصّة بالناس العاديّين التي لم يتمّ  نزعُها بعدُ. لوأعطيناكم الفتح في مستوى أدنى من عين السّماء، فستحصلون على قدرة قونق يعتبرها النـّاس خارقة، قدرة غيرعاديّة، سترون الأشياء عبر الجدار وداخل الجسم البشريّ. لو مرّرنا هذا القونقننق إلى عددٍ كبير من الناس وأعطينا لكُلّ  فتحًا في ذلك المستوى، فإنّ ذلك سيُدخلُ الاضطراب بشكل خطير على مجتمع الناس العاديّين، ويُشوّش ذلك حالة المجتمع، أسرار الدّولة ستصيرُ غير محفوظةٍ ؛ إنْ يكُن الشّخص مُرتديًا ثيابه أم لا سيكون سواء ؛ شخص في حجرته يُمكن أن ترَوْه من الخارج، ستربحون ربّما الجائزة الأولى في اليانصيب ؛ هذا لا يـُعقل. فليـُفكّر الجميـع، لو أنّ كلّ شخص يملك تيانمو مفتوحة على مستوى عين السّماء، فهل سيبقى هذا مُجتمعًا بشريّا ؟ الظواهر التي تـُدخل اضطرابًا خطيرًا على مجتمع الناس العاديّين لا يُسْمَحُ بوجودها مُطلَقـًا. لو منحتكم حقـّا الفتحَ على ذلك المستوى، ربّما ستصيرون في الحين معلـّمي تشيكونق. البعض كانوا يحلـُمون في الماضي بأن يُصبحوا معلـّمي تشيكونق، وفي الحال، مع التيانمو المفتوحة منذ البداية، سيكونون قادرين على مُداواة المرضى. ألن أكون بهذا قد استدرجتكم إلى طريق باطلة ؟

 

إذن على أيّ مستوىً سأفتح عينكم الثالثة ؟ سأفتحها لكم مُباشرة على مستوى عين الحكمة. بالنسبة لِفتح على المستوى الأعلى، طبيعتكم الأخلاقيّة غير كافية ؛ وفتح على المستوى المُتدنـّي يُمكن أن يُلحِقَ الضّرر بصفةٍ خطيرةٍ بمجتمع النـّاس العاديّين. مع الفتح على مستوى عين الحكمة، لن تكونوا قادرين على رؤية أشياء عبر الجدار ولا رؤية الجسم البشريّ من الدّاخل، ولكنكم ستستطيعون رؤية المشاهد الموجودة في عوالم أخرى. ما الفائدة من ذلك ؟ ذلك يُمكن أن يُرسّخ ثقتكم في الممارسة، سترون جيّدًا ما لا يراه الناس العاديّون، وتتأكدون من وجود ذلك فعلاً. الآن إن كنتم ترون بوضوح أم لا، أنا أمنحكم الفتحَ على ذلك المستوى، وهو أمر طيّب بالنـّسبة لممارستكم. بالنـّسبة للناس الذين يتعهّدون حقـّا الدّافـا (الشّرع الأكبر)، الذين يُـلزمون أنفسهم بشدّةٍ برفع السين سينغ، قراءة هذا الكتاب ستعطيهم  نفس المفعول.

                             

ما هي المقوّمات المعتمدة لتحديد مستوى تيانمو الإنسان ؟ أنتم لن تتمكّـنوا من رؤية كلّ شيءٍ بمُجرّد أن نفتح لكم التيانمو، ليس الأمر كذلك، بل إنّ التيانمو مُقسّمة أيضًا إلى مُستويات. إذن، ما الذي يُحدّد هذه المستويات ؟ هناك ثلاثة عوامل : الأوّل، يجب أن تكون التيانمو مُحاطة بحقل من الدّاخل إلى الخارج، نـُسمّيه "تشي الخـُلاصة" (دجينغ هوا جي تشي، jing hua zhi qi). ما هي وظيفته ؟ مثل شاشة التلفاز، لو لم يكُنْ هناك غـُبار فسفوريّ، فبعد فتحه، لا يعدو هذا الأخير أن يكون مصباحًا يبعثُ الضّوءَ دون إعطاء صُور، بوجود الفوسفور يُمكنه إرسال الصّورَ. هذا المثال غير مناسب تماما ؛ لأننا نرى بطريقة مُباشرة، بينما التلفاز يعرضُها من خلال شاشة فسفورية، هذا يُوضّح تقريبًا ما أعني. هذا القليل من تشي الخـُلاصة ثمين جدّا، إنـّه مُكوّن من مادّة مُستخلصة من الدّو المُصفـّاة. في أغلب الأحيان يختلف تشي الخـُلاصة من شخص لآخر، من بين عشرة آلاف شخص، يُحتـَمَل وجود شخصين فقط لهما نفس المستوى.

 

مستوى التيانمو هو تجلّ مُباشر للـ"فـا"(الشّرع) في كوننا. إنـّه شيء خارق للعادة، مُرتبط ارتباطـًا وثيقـًا بسين سينغ الإنسان، إذا كان سين سينغ الإنسان مُتدنـّيًا، فإنّ مستواه إذن مُتدنّ. بما أنّ السين سينغ عنده متدنّ،  فإنّ تشي الخـُلاصة لديه يتبدّد كثيرًا ؛ خلافـًا لذلك، شخص آخر يكون السين سينغ عنده مرتفعًا، منذ طفولته إلى سنّ نـُضجه في مُجتمع النـّاس العاديّين، لم يُول أهمّية كبيرة للشهرة والكسب، للخلافات بين النـّاس، للمصالح الشّخصيّة، للمشاعر السّبعة والرّغبات الستّ، رُبّما يبقى تشي الخلاصة لديه محفوظـًا جيّدًا، لذلك عندما تـُفتـَحُ عينه الثالثة، سيُمكنه أن يرى بوضوح. الأطفال دون سن السّادسة يُمكن أن يَرَوْا بوضوح بعد الفتح، والتيانمو عندهم سهلة الفتح، جُملة واحدة تكفي لفتحها.

 

إذا أخِذ المرء في التيار الجارف ووعاء الأصباغ هذا الذي هو مُجتمع النـّاس العاديّين، فما يعتبرُه الناس العاديّون صوابًا هو في الحقيقة باطل في مُعظمه. يطمح الإنسان دائما للعيش بطريقة أفضل، أليس كذلك ؟ السّعي وراء حياة أفضل قد يمسّ بمصالح الآخرين دون ريب، أن يُنمّي روح الأنانيّة، أن يجعلنا نستحوذ على ملك الآخرين، أن يجعلنا نـُسيء معاملة الآخرين ونـُـلحقُ بهم الأذى. من أجل المصلحة الشّخصيّة، نخوضُ خلافاتٍ وصراعاتٍ مع النـّاس العاديّين، أليس هذا على طرف النـّقيض من الطبيعة الخاصّة بالكون ؟ إذن ما يعتقده الإنسان  صوابًا هو ليس بالضّرورة صوابًا. بالنـّسبة لتربية الأطفال، غالبًا ما يتمنـّى الأبوان أن يكون  لأبنائهم مركز مرموق في مجتمع الناس العاديّين، منذ نعومة أظفارهم يطرّقون أسماعهم بالنصائح التالية: "يجب أن تتعلـّم كيف تكون حاذقــًا !"، ولكنّ "الحذق" هو في حدّ ذاته خطأ من منظور كوننا، لأننا نوصي باتباع النـّسق الطبيعي للأشياء وعدم إعارة أهمّية كبيرة للمصالح الشّخصيّة. إن كان حاذقــًا فما من غاية وراء ذلك سوى تدبّر مصالحه الشّخصيّة، "إن أهانك أحدهم، اشتكِهِ إلى مدرّسه أو أبويه."، "عندما ترى نقودًا مُلقاة على الأرض، التقطها.".. يُربّونه بهذه الطريقة. عندما يتشبّـع الطفل بمثل هذه الأشياء منذ طفولته إلى سنّ نـُضجه، شيئًا فشيئًا، يُصبح أنانيّا أكثر فأكثر في مجتمع الناس العاديّين، ويصيرُ يعرفُ كيف يستغلّ الآخرين، وبالتالي يخسرُ الدّو التي بحوزته.

 

هذه الدّو التي وقع التفريط فيها لا تضمحلّ، إنها تتحوّل للآخرين، بينما تشي الخـُلاصة يُمكن أن يضمحلّ ؛ إن كان هذ الشّخص مُحتالاً جدّا منذ طفولته إلى كهولته، وكانت مصالحه الشّخصيّة تستأثر بكلّ اهتمامه، جشعًا للكسب، بالنـّسبة لهذا النوع من الناس، لا تشتغل التيانمو بعد فتحها، ولا يرَوْن بوضوح، ولكنّ هذا لا يعني أنهم لن يَرَوْا أبدًا. لماذا ؟ لأنه في مسار الشّيولين، نـُريد أن نعود إلى الأصل ونسترجع الحقيقة الأولى، عبر الممارسة باستمرار، عبر استرداد الأشياء الضّائعة باستمرار، وعبر البناء من جديد. لذلك يجبُ على المرء أن يكونَ صارمًا بخصوص السين سينغ، نحن نتحدّث عن سموّ كامل وعلوّ شامل. عندما يرتفع السين سينغ، يرتفع معه كلّ شيءٍ ؛ إذا لم يرتفع السين سينغ، القليل من تشي الخـُلاصة حول التيانمو لا يُمكن استرجاعه هو الآخر، ذاك هو القانون.

 

العامل الثـاني هو أنه عندما تـُمارسون بأنفسكم، إن كان الاستعداد جيّدًا، تستطيعون فتح  التيانمو بواسطة الممارسة. في كثير من الأحيان، بعض الأشخاص يقفزون مذعورين عندما تنفتحُ التيانمو عندهم. لماذا الذعر ؟ لأنه عادة ما يختار المرء السّاعة بين مُنتصف الليل والواحدة صباحًا للممارسة، حين يكون الليل عميقـًا والسّكون مُخيّمًا تمامًا: مع مواصلة الممارسة بصفة دائمة، بغتة يرى المرء عينـًا كبيرة أمام عينيْه، فيفزَعُ في الحين. انتفاضة الفزع هذه ليست بالأمر الهيـّن، إذ لا يجرُؤ المرء على الممارسة بعدها. كم هو مُرعب ذلك ! عين بذلك الحجم، وتنظر مُحرّكة رُموشها، إنها واضحة وجليّة. لذلك يُسمّيها البعض عين الشّيطان، ويُسمّيها البعض الآخر عين بوذا، في الحقيقة هي عينكم أنتم. طبعًا التعهّد يتوقف على المرء والقونق يتوقّف على المعلـّم. بالنسبة للممارس، كلّ مسار تطوّر القونق عنده هو مسار مُعقـّد غاية التعقيد في عوالم أخرى، لا فقط في عالم آخر، ولكن أيضًا في كلّ العوالم، في كلّ عالم يكون الجسم في طور التحوّل. هل أنتم قادرون على القيام بذلك بأنفسكم ؟ أبدًا. كلّ هذه الأعمال مُنظـّمة من طرف المعلـّم، المعلـّم هو الذي يتصرّف، لذلك يُقال أنّ التعهّد يتوقّف على المرء والقونق يتوقف على المعلـّم. أنتم عليكم بالإرادة فقط، أمّا الفعل الحقيقيّ، المعلـّم هو الذي يُحقـّقه لكم.

 

البعض يتوصّـل إلى فتح التيانمو بواسطة الممارسة، نحن نقول أنـّها عينكم، ولكنكم لا تستطيعون تهيئتها بأنفسكم. البعض لديهم معلـّم، عندما يرى المُعلـّم أنّ التيانمو عندكم مفتوحة، يُصيّرُ لكم عينـًا تسمّى "العين الحقيقيّة" (جهان يان، zhen yan). طبعًا بعض الأشخاص ليس لديهم معلـّم، ولكن قد يكون هناك معلـّم عابر. في مدرسة بوذا، يُقال: "البوذا موجودون في كلّ مكان."، إنهم في كلّ مكان، نعم إنّ أعدادهم كثيرة إلى تلك الدّرجة. البعض الآخر يقولون: "ثلاثة اقدام فوق الرّأس، توجد الأرواح السماويّة." وهذا يعني أنّ عددها كبير جدّا. المعلـّم العابر يرى أنّ ممارستكم ليست سيّئة، وأنّ التيانمو لديكم مفتوحة، ولكن تنقصُكم عين، فيُصيّر لكم عينـًا، يُمكن القول أيضًا أنكم تحصّـلتم عليها بفضل ممارستكم. لأنه عندما يتعلـّق الأمر بخلاص الإنسان، لا يتحدّثون عن شروط أو مُقابل، أو مُكافأةٍ أو مجدٍ، هذه الأرواح العلوية أسمى بكثير وأنبل من النـّماذج والشخصيّات المثاليّة عند الناس العاديّين، إنّ ما تفعله ينبـعُ مُباشرة من الرّحمة.

 

بعد فتح التيانمو تظهر الحالة التالية، وهو أن النـّور يسـطعـكُم بقوّة ولديكم إحساس أنّ عيـنـيـكـم بهرها النـّور. في الحقيقة، النـّور لا يسطعُ عينيكم بل غـُدّتكم الصّـنوبريّة، فتـُحسّون إذن إحساسًا شبيهًا بالانبهار. ذلك لأنكم لم تحصلوا بعدُ على هذه العين الحقيقيّة، عندما يتمّ إعطاؤكم هذه العين، لن تـُحسّوا مُجدّدًا بالانبهار. قسمٌ من بيننا سيتسنـّى لهم أن يَرَوْا ويُحسّوا بهذه العين الحقيقيّة. بما أنـّها مُماثلة لطبع الكون، فإنـّها بريئة وفضوليّة، إنـّها تنظرُ إلى الدّاخل لترى ما إذا كانت التيانمو عندكم مفتوحة وما إذا كانت هذه الأخيرة قادرة على الرّؤية، إنـّها تنظر إليكم من الدّاخل. في تلك اللحظة، بما أنّ عينكم الثالثة تكون قد فـُتِحتْ، وبما أنّ الأخرى بصدد النـّظر إليكم، فأنتم ترونها وهي تنظر، ممّا يجعلكم تنتفضون فزَعًا. في الحقيقة، هي عينكم الخاصّة، ومنذ ذلك الحين ستكون هي العين التي ترَوْن بها الأشياء ؛ بدون تلك العين، لن ترَوْا شيئًا بالمرّة، حتى وإن كانت عينكم الثالثة مفتوحة.

 

العامل الثالث يتعلـّق بالاختلافات التي تتجلـّى في كلّ عالم عندما يقعُ تخطـّي مُستوى مُعيّن، إنّ هذاالعامل يُحدّد فعلاً المستوى. لرُؤية الأشياء، بالإضافة إلى القناة الرئيسيّة، يملكُ الإنسان أيضًا كثيرًا من القنوات الثانويّة. مدرسة بوذا تقول أنّ كلّ واحدة من مسامّ الجسم هي عين ؛ المدرسة الطاويّة تقول أنّ كلّ فـَـتـَحات الجسم هي أعيُن، يعني أنّ كلّ النقاط الميريديانيّة (القنوات) هي أعيُن. طبعًا ما نتحدّث عنه هو شكل من أشكال التحوّل في الجسم حاصل عن الشّرع، وهو القدرة  على الرّؤية من كلّ مكان ٍ.

 

المستوى الذي نتحدّث عنه هو أيضًا مُختلف. بخلاف القناة الرئيسيّة، هناك أيضًا قنوات ثانويّة هامّة بين الحاجبين، فوق وتحت الجفون، وفي أصل الأنف. وهي تـُحدّد مسألة تجاوز المستوى. طبعًا، عُمومًا بالنـّسبة للممارس، إن كان قادرًا على الرّؤية من كلّ هذه الأمكنة، فإنّ هذا الشّخص قد تجاوز مستويات عالية جدّا. البعض يستطيعون أيضًا ان يَرَوْا بواسطة العينيْن الفيزيائيّتيْن، لقد توصّـلوا إلى تنمية رؤية هاتين العينين بواسطة الشّيولين، هاتان العينان هما أيضًا مُزوّدتان بمُختلف أشكال قدرات القونق. ولكن إن لم يتوصّـل المرءُ إلى استعمال هذه العين جيّدًا، فسيرى الأشياء في هذه النـّاحية ولن يرى الأشياء في النـّاحية الأخرى، إذن فلا يستقيمُ الأمر، لذلك، غالبًا مّا ينظر بعضهم إلى هذه النـّاحية بعين والنـّاحية الأخرى بالعين الأخرى. ولكن تحت هذه العين (العين اليُمنى) لا تـُوجد قنوات ثانويّة، لأنّ الأمر له اتـّصال مُباشر بالشّرع، النـّاس لديهم نزعة إلى استعمال العين اليُمنى عندما يرتكبون أعمالاً سيّئة، لذلك ليس هناك ممرّات ثانويّة تحت العين اليُمنى. هذه إذن بعض القنوات الثانويّة الهامّة التي تظهرُ أثناء شيولين شي دجيان فا (شرع العالم الدنيويّ). 

 

عند الوصول إلى مستوى مُرتفع للغاية، وبعد الخروج من شيولين شي دجيان فا، يتحصّـل المرءُ أيضًا على عين أخرى مثل العيون المُـتعدّدة الأوجه، تحديدًا تتكوّن على النصف الأعلى من الوجه عين كبيرة يتجمّع فيها عدد لا يُحصى من العيون الصّغيرة. بعض المُـتيقظين الكِبار، الذين حققوا ذلك عبر الشّيولين، لديهم كمّية هامّة من العيون على كامل الوجه. كلّ العيون تنظر من خلال هذه العين الكبيرة، يُمكن للمرء أن يرى كلّ ما يُريد رُؤيته، وبنظرة واحدةٍ يرى كلّ العوالم. حاليّا، عُـلماء الحيوان وعُـلماء الحشرات يقومون بأبحاث على الذبابة. عينا الذبابة كبيرتان جدّا، عندما نفحصهما بالمجهر، نرى أنـّهما تحتويان على عيون صغيرة لا تـُحصى، إنـّهما تـُسمّيَان بـ"العيون ذات الأوجه". عند الوصول إلى مُستوى مُرتفع للغاية، يُمكن للمرء أن يشهَدَ هذه الحالة، إنها تظهرُ فقط في مستوى أعلى بكثير، بكثير من مستوى تاتهاقاتا، ولكنّ الناس العاديّين لا يَرونها، في المستوى العاديّ يكون المرء غير قادر على إدراك وجودها، ويراها فقط كعين إنسان عادي، لأنها تـُوجد في بُعدٍ آخر. لقد شرحتُ هنا تجاوز المستويات، أي مسألة إمكانيّة تجاوز مُختلف العوالم.

                                                                                                                        

لقد وصفتُ لكم بالأساس بُــنية التيانمو. نحنُ نفتحُ لكم التيانمو باستعمال القوّة الخارجيّة، لذلك يتحقـّـق بأكثر سرعة وأكثر سهولة نسبيّا. في الوقت الذي أتحدّث فيه عن التيانمو، كلّ واحدٍ فيكم يُحسّ بأنّ جبينه مشدود، وأنّ اللحم يتقلـّصُ ويغوصُ. هل الأمرُ كذلك ؟ إنـّه كذلك. أيّ شخص حاضر هنا باستطاعته حقـّا مُفارقة كلّ روح تعلـّق لتعلـّم الفالون دافا، لديه هذا الإحساس، قوّة كبيرة جدّا تضغط إلى الدّاخل. نحنُ نـُرسل القونق المُخصّص لفتح التيانمو، لكي نفتحها لكم، وفي نفس الوقت، نـُرسل لكم أيضًا الفالون لكي يجعلها في حالة جيّدةٍ. بينما نحن نتحدّث عن التيانمو، نحن نفتحها لكلّ أولئك الذين يتعهّدون ويُمارسون الفالون دافا، ولكننا لا نضمن أن الجميـع سيتمكّـنون من الرّؤية بوضوح أو حتـّى سيتمكّـنون من الرّؤية، لأن هذا يرتبط مُباشرة  بالحالة الخصوصيّة لكلّ واحد منكم. لا يهمّ إن لم تتمكـّـنوا من الرّؤية. إن كنتم لا تستطيعون الرّؤية، تعهّدوا أنفسكم ومارسوا شيئًا فشيئًا. كلـّما زاد تقدّمكم في المستوى كلـّما اتـّضحت الرؤية لديكم تدريجيّا، من رُؤية ضبابيّة إلى رُؤية جليّة. يكفي أن تتعهّدوا وتـُمارسوا، وأن يكونَ لديكم عزم راسخ للتعهّد، ستحصُـلون مُجدّدًا على ما فقدتموهُ.                          

 

فتح المرءُ للتيانمو بنفسه هو أمر صعب نسبيّا. سأشرح بعض أشكال فتح المرء للـتيانمو بنفسه. مثلاً البعض منـّا ممّن يتأمّـلون جبينهم وموضع التيانمو أثناء التـّأمّـل في وضعيّة اللـّوتس، لا يُحسّون سوى بالظلام، ليس هناك شيء. مع طول المدّة، يرون جبينهم آخذاً في الانبلاج تدريجيّا. بعد التعهّد والممارسة لفترة مُعيّـنة، يَرَوْن أنّ  جبينهم أصبح مُضيئًا شيئًا فشيئًا، ثمّ هناك حُمرة تنتشرُ. في ذلك الحين، يُمكن أن يحدُث مثل تفتـّح زهرة، مثلما نرى في فلم أو على التلفزيون، تنفتح الزّهرة دُفعة واحدة، يُمكن أن يظهَرَ هذا المشهد، المساحة الحمراء التي كانت مُسطـّحة تنتفخ منذ البداية في الوسط، وهي لا تفتأ تنفتحُ وتنفتحُ. إن كُنتم تـُريدون التوصّـل بأنفسكم إلى فتح كامل، ثمانية سنين، بل عشرة سنين غير كافية، لأنّ التيانمو بأكملها في حالة انسداد.                        

 

لدى بعض الأشخاص تكون التيانمو غير مسدودة، بل هي مُزوّدة بقناة، ولكنّ نظرًا لأنّ هؤلاء الأشخاص لا يُمارسون، فليست لديهم طاقة، لذلك عندما يُمارسون، يَرَون فجأة قرصًا أسودًا يظهرُ أمام أعينهم. مع الممارسة لفترة طويلة، هذا القرص الأسود ينبلجُ تدريجيّا، فيبدأ  باللـّون الأبيض ثم يـُصبح مُضيئًا، وفي الأخير يزداد نوره شيئًا فشيئًا ويُصبح مبهرًا نوعًا مّا. فيقول البعض حينئذ: "لقد رأيتُ الشّمس، لقد رأيتُ القمرَ." في الحقيقة أنتم لم تـَروا الشّمس ولا القمرَ. ماذا رأيتم ؟ لم تكـُن تلك سوى قناتكم. هناك أناس يتوصّـلون لتجاوز المستويات بسُرعة بعدما يتمّ تزويدهم بالعين، ويستطيعون الرّؤية مُباشرة. بعض الأشخاص لديهم صعوبات كثيرة، هم يتبعون هذه القناة الشّبيهة بنفق أو ببئر، عندما يُمارسون، يركضون نحو الخارج، حتى أثناء النـّوم، يُحسّون وكأنـّهم يركضون نحو الخارج. البعض لديهم إحساس بأنهم يمتطون حصانـًا، آخرون يطيرون، البعض الآخريجرون، البعض الآخر وكأنهم داخل سيّارة وهُم ينطلقون بسُرعة فائقة نحو الخارج، ولكن لديهم الإحساس دائمًا بأنهم لا يصلون إلى النـّهاية، لأنّ فتح المرء للـتيانمو بنفسه هو حقـّا صعب جدّا. المدرسة الطاويّة تعتبر الجسم البشريّ كونـًا مُصغـّرًا (ميكروكوزم)، إن كان كونـًا مُصغـّرًا، إذن فكّروا، المسافة من الجبين إلى الغـُدّة الصّـنوبريّة تفوق مائة وثمانية آلاف "لي، li"*، لذلك يُحسّ المرءُ نفسه يعدو إلـى الأمام دون بلوغ النـّهاية أبــدًا.

                                                                                                                                 

 تعتبر المدرسة الطاويّة الجسم البشريّ كونـًا مُصغـّرًا، وهي مُحقـّة تمامًا. هذا لا يعني أنّ  تركيبة أنسجته تـُشبه تلك التي يقوم عليها الكون، نحن لا نتحدّث هنا عن شكل وجود الجسم في عالمنا الماديّ. لِنـَرَ، ما هي حالة الجسم الماديّ ما تحت الخليّة حسب العلم الحديث ؟ إنـّها مُكوّنات جُزيئيّة من كلّ نوع، تحت الجُزيء هناك ذرّات، بروتونات، نوى، الكترونات، كواركز، والأبحاث الحديثة اكتشفت النـّوترينو كأصغر جُزيئات موجودة. إذن، ما هو أصغرُ جُزيءٍ ؟ إنـّه حقـّا من الصّعب جدّا إجراء أبحاث على هذه المسألة. لقد نطق ساكياموني في أعوامه الأخيرة بهذه الجملة، قال: "كبير إلى حدّ أنه ليس هناك ظاهر، صغير إلى حدّ أنه ليس هناك باطن." ماذا يعني هذا ؟ في ذلك المستوى، مستوى تاتهاقاتا، يرى المتحقـّق الكون عظيمًا إلى درجة أنه لا حدود له ؛ ويراه صغيرًا إلى درجة أنه لا يستطيـع رؤية الجُزيء الأكثرَ ضآلة ً من المادّة، لذلك قال ساكياموني: "كبير إلى حدّ أنه ليس هناك ظاهر، صغير إلى حدّ أنه ليس هناك باطن."                                                                                     

 

 لقد تحدّث ساكياموني كذلك عن نظريّة الثلاثة آلاف عالم العملاقة "سانتشيان داتشيان شي دجي،sanqian daqian shijie". لقد قال أنه في كوننا، داخل مجرّتنا، هناك ثلاثة آلاف كوكب تعيش فيها كائنات تملك جسمًا ماديّا مثل الإنسانيّة. وقال أيضًا أنّ هناك ثلاثة آلاف عالم عملاقة من هذا النـّوع في حبّة رمل. حبّة رمل هي مثل كون، داخلها، هناك أيضًا كائنات بشريّة ذكيّة مثلنا، كواكب، وأيضًا جبال ووديان. هذا غير معقول عند سماعه ! إن كان كذلك، فكّروا، هناك أيضاً حبّات رمل تـُوجد فيها، أليس كذلك ؟ في حبّات الرّمل هذه، ألا تـُوجد أيضًا ثلاثة آلاف عالم عملاقة ؟ وفي هذه الثلاثة آلاف عالم العملاقة، ألا تـُوجد أيضًا حبّات رمل ؟ وفي حبّات الرّمل هذه، ألا تـُوجد أيضًا ثلاثة آلاف عالم عملاقة ؟ لذلك من يكون في درجة تاتهاقاتا، لا يسبُرُ غورَها إلى النـّهاية.

                                                          

 

بالنـّسبة لخلايا الإنسان الجُزيئيّة، نفس الشّيء. يتساءل النـّاس ما هو حجم الكون، أنا أقول لكم أنّ هذا الكون لهُ حُدودهُ، ولكن في درجة تاتهاقاتا تلك، يُرَى لا محدودًا ومُـتناهي الكبَر. ولكن، داخل الجسم البشريّ، من الجُزيئات إلى الجُزيئات الأكثر صِغرًا في المستوى المجهريّ، هي تـُضاهي هذا الكون في الكبَر، هذا يبدو مُـلغِـزًا ولا يُصَدّقُ عند سماعه. لكي يتمّ خلـقُ إنسان أو أيّ حياة، تكون كلّ المُركّبات الخصوصيّة لحياته وطبيعته مُكوَّنة ً في مستوى مجهريّ للغاية. لذلك، فإنّ أبحاث عُـلومنا الحديثة في هذا المجال لا تزالُ بعيدة جدّا عن الحقيقة، والمستوى العلميّ والتكنولوجي الذي بلغته الإنسانية مُتخلـّف بالنسبة للمستوى الذي بلغته الكائنات الحيّة الأخرى الأكثر ذكاءًا في الكواكب الموجودة في كامل الكون. نحن لا نتوصّل حتى إلى عُبور عوالم أخرى تـُوجد في نفس الزّمان والمكان معنا، بينما الأطباق الطائرة الآتية من أبعاد أخرى تستطيـع أن تشُقّ طريقها مُباشرة إلى عوالم أخرى، مفهوم المكان-الزمانيّ يتغيّرُ، لذلك هي تستطيـعُ أن تذهبَ وتجيءَ بسُرعة هائلة لا يتصوّرها الكائن البشريّ.           

                                                                             

                                                            

عندما نتحدّث عن التيانمو، نـُـثير المسألة التالية : عندما تركضون إلى الخارج في القناة، يُمكن أن تجدوا أنـّها دون نهاية. البعض يُمكن أن يَرَوْا ظاهرة أخرى، لا يُحسّون أنـّهم يركضون على امتداد نفق، ولكنـّهم يتبعون طريقـًا واسعة على مدّ البصر، محفوفة بالجبال والمياه والمُدن، هم يركضون فيها دون توقّف، هذا يبدو غريبًا أكثر من الأوّل. أتذكّر أنّ أحد مُعلمي التشيكونق قال هذه الجملة: "واحدة من مسامّ الإنسان تحتوي على مدينة تمرّ فيها القطارات والسّيّارات"، عندما سمعه الناس، وجدوا أنّ ذلك غريب جدّا وغامض. الكلّ يعلمُ أنه في المادّة التي في شكل جُزيئات، هناك جُزيئات، ذرّات، بروتونات، ولو تـُواصلون التأمّـل، في كلّ مستوى، سترون سطحًا ولكن ليس نـُقطة، يرى المرءُ سطح طبقة الجُزيء، سطح طبقة الذرّات، سطح طبقة البروتونات وسطح طبقة النـّوى، فهو حينئذٍ يرى شكل وجود مُختلف العوالم. كلّ شيء، بما في ذلك الجسم البشريّ، يُوجد في نفس الزّمن الذي تـُوجد فيه مُستويات فضاء الكون، وهو يتواصلُ معها. علم الفيزياء الحديث  يبحثُ عن جُزيئات المادّة، إنـّه لا يبحث سوى عن جُزيءٍ فقط، يُحلـّـله ويـشطرُهُ، عندما تنشطرُ النـّواة، يبحثُ من جديد عن المُكوّن الذي يأتي إثر هذا الانشطار. لو كان يُوجد جهاز يستطيـعُ أن يُكبّر ويُمكّنَ من النـّظر داخل تلك الطبقة، التجلـّي الكامل لجميـع العناصر الذرّيّة أو الجُزيئيّة في تلك الطبقة، لو كان باستطاعتكم رُؤية هذا المشهد، لكـُـنتم قد اخترقتم هذا العالم، وسوف ترون صورة الوجود الحقيقيّة للعوالم الأخرى. الجسم البشريّ يُناظر العوالم الخارجيّة، يُوجد في كلّ من هذه العوالم مثل أشكال الوجود تلك.

 

 فتح المرء للـتيانمو بنفسه يُمثـل أيضًا حالات مُختلفة، لقد تحدّثنا بالأساس عن ظواهر عامّة نسبيّا. هناك أيضًا أناس يرون عينهم الثالثة تدورُ، غالبًا، أولئك الذين يُمارسون طريقة المدرسة الطاويّة يرون داخل التيانمو يدورُ، ثمّ تنشقّ اسطوانة "التاييشي، Taiji" ثمّ يروْن المشهدَ. ولكنّ التاييشي لا يُوجد في دماغكم، إنّ المعلـّم هو الذي أعطاكـُم جُملة من الأشياء منذ البداية، من بينها التاييشي، لقد خـتمَ عينكم الثالثة، ولحظة فتح عينكم الثالثة، ينشقّ التاييشي. لقد برمجه المعلـّم خصّيصًا من أجلكم، لا أنّ دماغكم يحتوي عليه في الأصل.                

                                          

هناك أيضًا أناس يسعون إلى فتح التيانمو، ولكن كلـّما مارسوا التمارين، كلـّما تقلـّصت إمكانيّة الفتح، لماذا ؟ هم أنفسهم لا يدرُون. السّبب الرّئيسيّ هو أنّ التيانمو لا يجبُ أن يُسعى في طلبها، كلـّما أمعن المرءُ في طلبها، كلـّما بعـُدت إمكانيـّة الحصول عليها. عندما يطلبها المرءُ برغبة مـُلحّة، لا فقط لا تنفتحُ، وإنما، من داخل التيانمو يسيلُ نوع من مادّة مُعيّـنة، لا بيضاء ولا سوداء، تـُغطـّي عينكم الثالثة. مع طول المدّة، تـُكوّن هذه المادّة حقلاً كبيرًا جدّا يفيضُ أكثر وأكثر. كلـّما أبطأ انفتاح التيانمو، كلـّما سعى المرءُ وراءها بلهفة، كلـّما فاضت هذه المادّة أكثر، ممّا يجعلها تـُغطي كامل الجسم، وتبدو كثافتها هامّة إلى درجة أنها تكون حقلاً شاسعًا. حتـّى وإن كانت العين الثالثة لهذا الشّخص مفتوحة حقـّا، فإنه لن يرى أيضًا، لأنه مسجون بالذات داخل تعلـّقه. هذه المادّة يُمكن أن تتبدّدَ شيئًا فشيئًا، ولكن شريطة ألاّ يُفكّرَ الشخص في ذلك مُستقبلاً وأن ينزَعَ كلـّيا هذا التعلـّق، ولكن عليه المرور بفترة صعبة وطويلة من الشيولين لكي يتخلـّص من ذلك، لا داعي لهذا حقـّا. البعض لا يعلمون ذلك، المعلـّم يقول لهم لا تطلبوا هذه الأشياء، لا تطلبوا هذه الأشياء، ولكنهم لا يُصدّقونه ويُمعنون في سعيهم، والنـّتيجة  أنهم يحصلون على العكس.

 

  

القدرة على الرؤية عن بعد "ياوو شي قونقننق، Yao shi gongneng"                                  

 

هناك قدرة قونق على صلة مُباشرة مع التيانمو تـُسمّى الرّؤية عن بُعد. البعض يقولون: "أنا   أجلسُ هنا، وأستطيـعُ أن أرى صورة بيكين، أو الولايات المُتحدة أو أرى الطرف الآخر من الكـُرة الأرضيّة." آخرون لا يفهمون ذلك، ومن الزاوية العلميّة لا نفهمُ ذلك أيضًا، كيف يُمكنُ هذا ؟ البعضُ يُفسّرهُ بهذه الطريقة، أو بتلك، دون التوصّـل لإيضاحه، يتساءلُ الناس كيف يُمكن أن يمتلكَ الإنسان قدُرات كبيرة إلى ذلك الحدّ. إنّ الأمر غير ما يبدو لكم، لأنّ مُمارسًا في مستوى شي دجيان فا لا يملك هذه القدرة. ما يراهُ، بما في ذلك قونقننق الرّؤية عن بُعد، وعدد كبير من القدرات الخارقة، لا يلعبُ دورهُ سوى في عالم مُحدّد، وأقصى حُدوده لا يتجاوز العالم الحسّي الذي تعيش فيه الإنسانيّة. عُمومًا، هو لا يتجاوزُ حقل عالمه الخاصّ.    

                                                                   

جسمنا يملكُ حقلا يُوجد في عالم مُعيّن، هذا الحقل هو ليس نفس حقل الدّو، الحقلان لا يُوجدان في نفس العالم ولكن لهما نفس الحجم. هذا الحقـلُ مـُتـّصل بالكون، كلّ ما يُوجد في الكون ينعكسُ ويجد نظيره في هذا الحقل. إنـّها نوع من الصّور الإفتراضية وليست حقيقيّة. مثلاً، تـُوجد على الكُرة الأرضيّة الولايات المُتحدة وواشنطن، في هذا الحقل تنعكسُ أيضًا الولايات المُتحدة وواشنطن، ولكنـّها ظلال، الظلّ هو نوع من الموادّ الموجودة له علاقة تواصُل مع الجهة الأخرى، ويتبعُ تغيّر الجهة الأخرى. لذلك يتحدّث البعض عن قدرة الرّؤية عن بُعد، المقصود هنا  أنّ الشّخص يرى أشياء في عالمه الذاتيّ، في حُدود ذلك الحقل. عندما يخرُج الممارس من شيولين شي دجيان فا، فإنه لا يرى مُجدّدًا بهذه الطـّريقة، إنه يرى مُباشرة ً، ويُدعى هذا "فوفا شانتونق" (القدرة الإلهيّة لشرع بوذا)، إنه شيء ذو قوّة ليس لها نظير.                                          

                                        

 ماهي قدرة الرّؤية عن بُعد في شي دجيان فا ؟ سأحلـّلها لكم : في فضاء هذا الحقل، أمام جبهة الإنسان، هناك مرآة مُغلقة (صفحتها مُتـّجهة نحو الشخص) بالنـّسبة للإنسان الذي لا يُمارسُ، ومفتوحة (صفحتها مُتـّجهة نحو الخارج) بالنـّسبة لمُمارس. عندما تكون قدرة الرّؤية عن بُعد على وشك الظـّهور عند الإنسان، هذه المرآة يُمكن أن تدور في حركة متعاقبة. الكلّ يعلمُ أنّ الفلم يعرضُ 24 صورة في الثانية، ممّا يُعطي الانطباع أنّ الحركة مُـتـّصلة، عندما تكون أقلّ من 24 صورة، تبدو الحركات مُـتقطعة. هذه المرآة تدورُ بنسق يفوق 24 صورة في الثانية، إنـّها تعكسُ الأشياء المُتلقـّاة، وتدورُ إلى الواجهة لكي تـُريكَ إيّاها، ثمّ تدورُ إلى الخلف لتمحوها. ثمّ تتلقىّ الصّورَ من جديد، تدور وتمحو من جديد، إنـّها تدورُ باستمرار. لذلك ماترَونهُ يكون مُتحرّكـًا ؛ بعبارةٍ أخرى هي تلتقط الأشياء الموجودة داخل حقل عالمكم وتـُريكُم إيّاها، وهذه الأخيرة مُوازية لماهو موجود في الكون.                                                                                                                                 

 

إذن كيف يرى المرءُ ما وراءه ؟ كيف لمرآة بذلك الحجم الصّغير أن تعكسَ كلّ ما يُحيط بالجسم ؟ الجميعُ يعلمُ أن التيانمو عندما تكون مفتوحة  في مستوى يفوق مُستوى عين السّماء، وتكادُ تدخلُ في مستوى عين الحكمة، فإنّ الرّؤية سوف تتجاوزُ عالمنا. عند هذه الحُدود، وعندما لا يكون المرءُ قد تجاوزها كُلـّيا، تشهدُ التيانمو تغيّرًا مُعيّـنـًا: لا يرى المرءُ مُجدّدًا الأشياء ولا الأشخاص، ولا الجدار، لا يعودُ يرى شيئًا، المادّة لم يعُد لها وُجود. هذا يعني، أنـّه في هذا العالم بالتحديد، عندما يُرسلُ المرء النـّظر إلى العُمق، يجد أنّ الإنسان لم يعُد له وجود، هناك فقط مرآة موضوعة عند حُدود حقل عالمكم. وهذه المرآة في حقل عالمكم تبلـُغ حجمًا هائلاً إلى درجة أنـّها عندما تدورُ دون توقــّف في الدّاخل، ليس هناك موضع في حقل عالمكم بأكمله لا تعكِسُه هذه المرآة. داخل حقل عالمكم، كلّ ما يوازي ما هو موجود في الكون يُمكن أن ينعكس بدون استثناءٍ في هذه المرآة ؛ هذا ما ندعوه "قدرة الرّؤية عن بُعد". 

                                                                                    

أولئك الذين يقومون بأبحاثٍ في علوم الجسم البشريّ، عندما يُجرون اختباراتٍ على هذا القونقننق، غالبًا ما ينفونه بسهولة. وإليكم سبب هذا الرّفض : مثلاً، يُريد المُختبرون معرفة ماذا يفعلُ أحد أقارب شخص مُعيّن الآن في منزله ببيكين، عندما يتمّ إعطاء اسم هذا القريب ومعلومات عنه، فإنّ مالك القونقننق يراهُ. ويقومُ بالوصف : ماهو شكل البناية، كيف يتمّ عُبور الباب، كيفيّة الدّخول إلى الحُجرة وكيف هي الحُجرة مُؤثثة. كلّ ما يقولـُه صحيح تمامًا. والقريب، ما الذي هو بصدد فعله ؟ يُجيبُ أنه بصدد الكتابة. ولكي يتمّ التأكـّد من كلامه، يرفعُ الشّخص السّماعة ويسأل قريبهُ: "ماذا تفعلُ الآن ؟" فيُجيبُ: "أنا أتناول طعامي." هذا لا يتـّفق مع ما رآه الآخر، أليس كذلك ؟ هذا هو السّبب الذي من أجله تمّ تفنيد هذا القونقننق في الماضي، ولكن مع ذلك، الإطارُ الذي وصفهُ مُطابق تمامًا للحقيقة. ذلك لأنه يُوجد بين مكاننا وزماننا، ما نـُسمّيه بالمكان-الزّماني، فارق زمنيّ مع المكان-الزّماني في العالم الذي يُوجد فيه القونقننق، مفهوم الزّمن في كـُلّ من العالمين مُختلف. ذلك الشّخص كان يكتـُبُ منذ وقت قليل، وهو يأكل الآن، هناك هذا الفارق الزّمنيّ، لذلك، إن كان أولئك الذين يقومون بأبحاثٍ على الجسم البشريّ يستندون دائمًا إلى النـّظريّة التقليديّة، ويُفكّرون اعتمادًا على العلوم الحديثة، لن يصلوا إلى شيء، حتى بعد عشرة آلاف سنةٍ. بما أنّ هذه الأشياء تتجاوز في الأصل مُستوى النـّاس العاديّين، يجبُ أن يشهد الفكر البشريّ تحوّلاً، لا يُمكن أن يستمرّ الإنسان في مُعالجتها بهذه الطريقة.

 

  

القدرة على رؤية الماضي والمستقبل "سو مينق تونق قونقننق،Su ming tong gongneng"

 

هناك أيضًا قدرة قونق أخرى مُـتـّصلة مُباشرة بالـتيانمو، نسمّيها القدرة على رُؤية الماضي والمُستقبل. حاليّا هناك في العالم ستّ قدرات قونق يعترفُ بها الجميـع، من بينها التيانمو، الرّؤية عن بُعد ورؤية الماضي والمستقبل. ما هي القدرة على رُؤية الماضي والمُستقبل ؟ إنـّها القدرة على معرفة ماضي شخص ومُستقبله، إن كان هذا القونقننق كبيرًا، يُمكنه أن يعرفَ نشوء مُجتمع واندثاره ؛ وإن كان أكبر يُمكن أن يرى قانون تغيّر كلّ الجُرم السّماويّ، تلك هي القدرة على رُؤية الماضي والمُستقبل. لأنّ المادّة تخضعُ للحركة وفق قوانين مُحدّدة، في رحاب عالم خاصّ، كلّ شيء له أشكال وُجود في عدّة عوالم أخرى. لنذكـُر مثالاً: عندما يتحرّك جسم الإنسان، كلّ خلايا هذا الجسم تتحرّك أيضًا، على المستوى المجهريّ، كلّ الجُزيئات، كلّ البروتونات، كلّ الالكترونات، تمامًا مثل الجُـزيئات الدّقيقة، كلّ العناصر تتبـعُ هذه الحركة. مع ذلك، هو لديه شكل وجود خاصّ ومُستقلّ، شكل الجسم الموجود في عوالم أخرى يُمكن أيضًا أن يشهدَ تغيّرًا .           

                                                                                                                       

نحن نقولُ أنّ المادّة لا تفنى، أليس كذلك ؟ في عالم مُعيّن، عندما يقوم المرءُ بفعل مّا، حتـّى تحريك اليد لِفعل شيء من الأشياء، كلّ هذا له وجود مادّي، أيّ فعل تمّ القيام به يترُك دائمًا صورة ومعلومة. في العالم الآخر، هي لا تموتُ، بل تبقى على الدّوام، الشّخص الذي يملكُ قدرات قونق، يرى الصّور الموجودة في الماضي، فتحصل له المعرفة. في المُستقبل، سوف تـَرَوْن الصّورة التي نحنُ عليها اليوم في هذه المُحاضرة، سوف تكون موجودة، إنـّها تـُوجد في نفس الوقت هناك. عند ولادة شخص، وفي عالم مُعيّن لا يُوجد فيه مفهوم الزّمن، كلّ حياة الشّخص هي موجودة بعدُ في نفس الوقت، وحتـّى أكثر من حياة بالنـّسبة للبعض.            

                                                                               

قد يتبادر لأذهان البعض: "إذن لا داعي مُجدّدًا للجهود التي نبذلها ومحاولتنا لتغيير أنفسنا ؟"ولا يقبلون الأمر. بالفعل، المجهود الشّخصيّ يستطيـعُ أن يُبدّل أشياء صغيرة في الحياة، بعض الأشياء الصّغيرة يُمكن أن تشهَدَ تغييرًا بواسطة المجهود الشّخصيّ. ولكن مع ذلك، مجهوداتكم من أجل التغيير هي التي تـُسبّب إمكانيّة تسجيلكم لكارما، وإلاّ فلن يكونَ هناك مجال لإحداث كارما، ولن يكون هناك مجال للحديث عن القيام بفعل طيّب أو سيّء. في الإصرار على إرادة التغيير، هنا تكمن إمكانيّة الإضرار بالغير وسوء التصرّف. لذا نحن نؤكد في الشّيولين على وُجوب اتباع السّير الطبيعيّ للأشياء، ذلك هو السّبب، لأنّ مجهودكُم قد يضرّ بالآخرين. في الأصل، هذا الشّيء أو ذاكَ غير مُقدّر لكم الحصول عليه، ولكن بالرغم من ذلك، أنتم تحصلون عليه في حياتكم الإجتماعيّة ، بينما هو في الحقيقة ملك لغيركم، ها أنكم قد  تداينتـُم من الآخرين إذن.                                           

 

 الرّغبة في تغيير شيء هامّ بالنـّسبة لإنسان عاديّ، هو أمر يستحيلُ على الإطلاق. ولكن تبقى هناك وسيلة للتغيير، وهو أن يرتكبَ هذا الشّخص كلّ الأفعال السيّئة، أن يُمارسَ كلّ المعاصي، عندها يُمكنه تغيير حياته، ولكن ما ينتظرُه هو الإفناء الكلـّي. من منظور عُـلويّ، عندما يموت الإنسان، نرى أنّ روحه الأصليّّة لا تموتُ. أنـّى للروح الأصليّة أن تموتَ ؟ في الواقع ما نراهُ بعد موت شخص مّا، ذلك الشّخص الموضوع في غـُرفة الأموات ليس سوى خلايا الجسم البشريّ التي تـنتمي إلى عالمنا. كلّ الأنسجة الخـلويّة لأحشاءه وداخل جسمه، كامل خلايا الجسم في عالمنا قد انهارت، ولكن في عالم آخر، الجسم المُكوّن من جُزيئات مادّيّة أكثر دقّة من الجُزيئات، الذرّات، البروتونات، الخ. كلّ هذا لم يمُتْ بالمرّة، إنه يوجدُ في عالم آخر، إنه لا يزالُ باق في عالم المُتـناهي في الصّغر. إنّ الإنسان الذي يقترفُ كلّ الآثام يُواجه التـّبديد الكلـّي لكلّ خلاياهُ، في البوذيّة، يُسمّى هذا الإعدام الكلـّي للجسم والروح.                                         

                                                                                                                                    

هناك أيضًا وسيلة يُمكن أن تـُغيّرَ مجرى حياة الإنسان، إنـّها الوسيلة الوحيدة، وهي أن يسلك المرء طريق شيولين. لماذا الدّخول في طريق الشّيولين يستطيـعُ تغيير الحياة ؟ من يستطيـعُ أن يُغيّرَ بسهولة هذا الأمرَ ؟ عندما يُفكّرُ هذا الشّخصُ في الالتزام بطريق الشّيولين، هذه الفكرة التي تنبثق تشعّ مثل الذهب وتهزّ عالم الاتـّجاهات العشر. مفهوم الكون حسب مدرسة بوذا يتمثـل في نظريّة العالم ذي الاتـّجاهات العشر (شي فانق شي دجي، shi fang shi jie). لأنه من وجهة نظر الحياتات العُـلويّة، وجود الإنسان في الحياة ليست الغاية منه أن يعيش كإنسان. إنـّها تعتبرُ أنّ الحياة الإنسانيّة، المولودة في فضاء الكون، لها نفس طبيعة الكون، هي إذن طيّبة، مُكوّنة من مادّة "الحقّ، الرّحمة، الصّبر". ولكنّ الحياتات البشريّة لها أيضًا علاقات اجتماعيّة، وأثناء علاقاتها الاجتماعيّة في إطار المجموعة، يحصُـل أن تـُُصبح بعضها أقلّ طيبة من بعض، فتبدأ إذن في السّقوط والانحدار ؛ عندما تصيرُ غير قادرة على البقاء في ذلك المُستوى، يسوء أمرها أكثر فأكثرَ، وتسقط ُ مرّة ً أخرى إلى مُستوىً أدنى ؛ وتسقط ُ، وتسقط ُ، وتسقط ُ، وفي النـّهاية تسقط ُ إلى مُستوى البشر العاديّين.      

 

وصولاً إلى هذا المُستوى، من المفروض أن يتمّ  إعدام هذا الإنسان وإفناؤه. ولكنّ المُتحققين الكِبار، رحمة من لـّدنهم، خلقوا خِصّيصًا هذا العالم، عالم مُجتمعنا البشريّ. في هذا العالم، يتمّ إعطاء الإنسان جسمًا مادّيًا، يُعطى له زوج من العيون التي لا تـُبصرُ سوى أشياء عالمنا المادّي، بعبارة أوضح، يسقط ُ في الضّلالة، لا يُسمَحُ لهُ مُجدّدًا بأن يرى الصّورة الحقيقيّة للكون، بينما في العوالم الأخرى، يُمكنُ رُؤيتها. وفي هذه الضّلالة، في هذه الوضعيّة بالذات تـُعطى له فرصة أخرى. وبما أنـّه في الضّلالة، إذن، وبمعيـّة هذا الجسد، يتمّ إذاقته العذاب حقـّا في أكثر الظـّروف قسوة ً. على الإنسان في هذا العالم أن يكدح للعودة إلى فوق، ممارسة المدرسة الطاويّة تتحدّث عن العودة إلى الأصل واسترجاع الحقيقة الأولى، إن كانت لديه روح الشّيولين، فإنها طبيعة بوذا قد ظهرتْ، تـُعتبَرُ هذه الرّوح أثمن ما يُوجدُ، وهناك أشخاص سيُساعدونه. حتـّى في هذه الوضعيّة المُؤلمة للغاية، لا يضلّ الإنسان، وهو لا يزالُ يُريد العودة، من أجل ذلك يُبادرون إلى مُساعدته، مُساعدته دون شرطٍ، وفي كلّ ما يحتاجُ إليه. لماذا يُمكنُ أن نتولـّى هذه المسألة من أجل ممارس، وليس من أجل إنسان عاديّ ؟ ذاك هو السّبب. 

                                    

                   

إنسان عاديّ، يسعى وراء المُداواة، لا نقوم بشيء من أجله، إنسان عاديّ ليس سوى إنسان عاديّ، الإنسان العاديّ يجبُ أن يعيشَ حالة مُجتمع النـّاس العاديّين. كثير من النـّاس يقولون :"بوذا يجلبُ معه الخلاص لكلّ الكائنات، مدرسة بوذا تدعو إلى خلاص الجميـع، أليس كذلك ؟" أنا أقول لكُم أنـّه بإمكانكم أن تتصفـّحوا كلّ سوطرا البوذيّة، ولن تجدوا في أيّ منها أنّ إزالة أمراض النـّاس العاديّين يعني خلاص الكائنات. في هذه السّـنين الأخيرة، مُعلـّمو التشيكونق المُزيّفون هم بالتـّحديد الذين أدخلوا الفوضى على هذه الأمور. مُعلـّمو التشيكونق الحقيقيّون، أولئك الذين رسموا الطـّريق، لم يطلبوا منكُـم مُطلقـًا مداواة المرضى، لم يُعلـّموكُم سوى أن تتمرّنوا بأنفسكم، لكي تتداوَوْا بأنفسكم وتـُحافظوا على صحّتكم. أنت إنسان عاديّ، لم تتعلـّم سوى لمُدّة يوميْن، كيف يُمكنكَ أن تكونَ قادرًا على مُداواة المرضى ؟ أليس هذا غشـّا ؟ يسعى الفردُ وراء الشّهرة، والكسب، والخوارق لِيبرُزَ وسط الناس العاديّين، هذا ممنوع على الإطلاق. لذلك، فإنّ بعض الأشخاص، كلـّما سَعَوْا وراءها، كـلـّما فشلوا في الحُصول عليها، لا يُسمَحُ لكم أن تتصرّفوا هكذا، لا يُسمَحُ لكُم أيضًا أن تـُدخِلوا الاضطراب بهذا الشكل، حسب هواكُم، على مُجتمع الناس العاديّين.                     

 

في هذا الكون، يُوجد القانون التالي، عندما تـُريدون العودة إلى الأصل واسترجاع حقيقتكم، يُمكن  مُساعدتكم، لأنه يُعتبَرُ أنّ حياة الإنسان عليها أن تعود إلى أصلها، ولا يجبُ أن تبقى بين النـّاس العاديّين. لو وفـّرنا للكائنات البشريّة عيشًا مُريحًا وخال من الأمراض، فحتـّى لو عُرضَ عليكم أن تـُصبحوا خالدين، لن ترغبوا في ذلك. بدون أمراض ولا عذاب، وأن يكونَ للمرء كلّ ما يشتهيه، ذلك رائع جدّا ! إنه حقـّا عالم الخالدين. ولكنكم سقطتـُم إلى هذه الدّرجة لأنكم صرتـُم غير صالحين، لذلك لا يُمكنكم أن تكونوا سُعداء. وسط الضّلالة، من السّهل على الإنسان أن يرتكِبَ أفعالاً سيّئة، في الدّيانة البوذيّة، يُسمّى هذا دورة تسديد الكارما. وتبَعًا لذلك، غالبًا، عندما يمُرّ البعض بمِحَن وابتلاءاتٍ، عندما يمرّون بمصائب، فلأنه يجبُ أن يُسدّدوا ما عليهم من دُيون ضمن دورة تسديد الكارما. تقول البوذيّة أيضًا أنّ البوذا موجودون في كـُـلّ مكان. إنّ بوذا، بحركةٍ واحدةٍ من يدهِ، يستطيـعُ إزالة كلّ أمراض الإنسانيّة جمعاء، هذا أكيد. لماذا ذلك العدد الكبير من البوذا لا يفعلون ذلك ؟ لأنّ ذلك الشّخصَ قد ارتكب في السّابق أعمالاً سيّئة أحدثت له هذه الدّيون، لذلك هو الآن يتجرّع الآلام. إن داوَيْتـُموهُ، فكما لو كُنتم تـُقوّضون قانون الكون، سيكون كما لو أنّ هذا الشّخص يستطيـعُ أن يرتكبَ سيّئات وأن يكون مـدينـًا، وألاّ يُسدّد ما عليه من ديـْن ٍتـُجاه الآخرين، هذا غير مسموح. لذا يُحافظون كلـّهم على حالة المُجتمع البشريّ العاديّ، لا أحد يُدخـِلُ عليه الفوضى. الطـّريقة الوحيدة والحقيقيّة التي يُمكن من خلالها الحصول على حالة جيّدة، دون أمراض، وبلوغ هدف تحرير الذات حقـّا، هي الشّيولين ! دعوة الناس إلى تعهّد أنفسهم في الشّرع الحقّ، ذاك هو حقـّا تخليص كلّ الكائنات.

 

كيف يستطيـعُ كثير من مُعلـّمي التشيكونق مُداواة المرضى ؟ ولماذا يتحدّثون عن المُداواة ؟ ربّما هناك من تساءل عن هذا الموضوع، مُعظم المعلـّمين من هذا الصـّـنف ليسوا على الطـّريق المُستقيم. مُعلـّمو التشيكونق الحقيقيّون، أثناء مسار الشيولين، تأخذهم الرّحمة والشّـفقة عندما يروْن أنّ كلّ الكائنات تتعذب، فيُساعدون الآخرين، وهذا مسموح. ولكنـّهم لا يُداوُونكم، لا يستطيعون سوى إيقاف مرضكم مُؤقــّـتا أو تأجيله، لا تشكون منه الآن، ولكنـّه سيظهر في المُستقبل، هُم يُؤجّلون المرض إلى زمن آخر، أو يُحوّلونه لكُم، فينقلون هذا المرض إلى أقاربكم. ولكن، إزالة دُيونكم  حقـّا وبصفة جذريّة، هذا لا يقدرون عليه. تـُحَجّر مثل هذه التصرفات غير المسؤولة  من أجل الناس العاديّين، لا يُمكن فعلُ ذلك إلاّ للمُمارسين، هذا هو السّبب.                        

                         

 المعنى الحقيقيّ والعميق لجُملة المدرسة البوذيّة "تخليص جميع الكائنات" هو : أخذ النـّاس من حالة العذاب التي هي حالة الإنسان العاديّ، إيصالهم إلى مُستوى علويّ، تخليصهم بصفة أبديّة من العذاب، تحريرهم، هذا هو المعنى الحقيقيّ لتلك الجُملة. ألم يدْعُ ساكياموني إلى  بلوغ الضّـفة الأخرى للنـّيرفانا ؟  ذلك ما كان يعني به خلاص كلّ الكائنات. لو تركناكُم سُعداء وسط النـّاس العاديّين، مع كثير من المال،  كثير إلى درجة أن تجعلوا منه حشيّة ً لفراشكم، ودون عذاب مُطلقـًا، فستزهدون حتـّى في الخلود. بصفتكم ممارسين، نستطيـع تغيير مجرى حياتكم، ليس هناك سوى الشّيولين من شأنه أن يُغيّرَ حياتكُم.                               

 

ظهور القدرة على رُؤية الماضي والمُستقبل يكون على شكل شاشة صغيرة شبيهة بشاشة تلفزيون، أمام جبهة الإنسان. البعض تكون أمام جبهتهم، البعضُ الآخر قريبة من جبهتهم، وآخرون داخل جبهتهم. البعض يُمكنهم الرؤية وأعينهم مُغمضة، إن كانت القدرة قويّة جدّا، يُمكن للبعض أن يرَوْا بأعين مفتوحة. ولكنّ الآخرين لا يَرَوْن ذلك، إنـّها صُوَر في حدود حقل عالم ذلك الشخص. بعبارة أخرى، بعد ظهور هذا القونقننق، هناك أيضًا قونقننق آخر، قونقننق حامل، يعكِسُ ما نراهُ من العالم الآخر، وما ينتجُ عن ذلك أنـنا نستطيـعُ الرؤية عبر التيانمو. يُمكن أن نرى مُستقبل إنسان كما يُمكن أن نرى ماضيه، بدقّة كاملة. إنّ التنجيم بواسطة المُثلـّثات الثمانية، مهما تكُن دقّتهُ، يظلّ غير قادر على التكهّن بالأشياء الصّغيرة ولا بالتـفاصيل، ولكنّ هذه الشّاشة تـُمكّنُ من الرّؤية بدقــّة قصوى، يُمكنُ حتى رُؤية السّـنوات. يُمْكِنُ حتى رُؤية تغيّرات صغيرة، لأنّ الشّخص يرى الانعكاس الحقيقيّ للأشياء أو للأشخاص الذين هُم ليسوا في نفس البُعد.

                                                                                                                                                                                                     شريطة أن تتعهّدوا وتـُمارسوا الفالون دافا، فإنّ تيانمو كلّ شخص يُمكن أن تـُفتـَحَ. ولكنّ قدرات القونق التي سنتحدّثُ عنها لاحقـًا لن تـُفتـَحَ لكُم. حسب الرّفع المُستمرّ للمستوى، القدرة على رُؤية الماضي والمُستقبل سوف تظهرُ بصفة طبيعيّة، في المُستقبل، أثناء تعهّدكم وممارستكم، ستـُلاقون هذه الظاهرة. عندما سيظهَرُ هذا القونقننق، ستفهمون كيف يحدُث هذا، لذلك نـُحدّثكم بالتـّفصيل عن هذه القوانين وهذه المبادئ.

 

                                                                                            

الخروج من العناصر الخمسة والعوالم الثلاثة

 

ماذا يعني "الخـُروج من العناصر الخمسة والعوالم الثلاثة" ؟ إنه موضوعٌ حسّاس للغاية. في الماضي، كثير من مُعلـّمي التشيكونق قد تطرّقوا إلى هذه المسألة، وكانوا غير قادرين على الردّ على الناس المُنكرين. "من منكم أنتم الممارسين  قد خرج من العناصر الخمسة (وو سينغ) ؟ من الذي لم يعُدْ موجودًا في العوالم الثلاثة (سان دجي، San jie) ؟" بعض الأشخاص ممّن هم ليسوا مُعلـّمي تشيكونق يُسندون لأنفسهم هذا اللقب. من الأفضل للمرء أن يسكُتَ عندما يكون غير قادر على شرح الأمور، عندما كان هؤلاء يجرؤون على الكلام، كان الآخرون يُـلجمون أفواههُم. لقد ألحق هذا أضرارًا جسيمة بأوساط الشّيولين وسبّب فيها فوضى كبيرة، واغتنم الآخرون هذا الظرفَ لِيطعنوا في التشيكونق. "الخـُروج من العناصر الخمسة والعوالم الثلاثة" هي جُملة تنتمي إلى ميدان الشّيولين، وهي آتية من الدّين، مصدرها هو الدّين. وتـَبعًا لذلك، لا يُمكن أن نتكلـّمَ عن هذه المسألة دون أن نأخـُذ بعين الاعتبار إطارها التاريخي وحيثيـّات ذلك العصر.

                          

ما معنى الخـُروج من العناصر الخمسة ؟ علم الفيزياء في الصّين القديمة وعلم الفيزياء الحديثة، كلاهُما يعتبران أنّ النظريّة الصّينيّة عن العناصر الخمسة صحيحة. المعدن، الخشب، الماء، النار والتراب، هذه العناصر الخمسة تـُكوّن كلّ الأشياء وكلّ الكائنات في كوننا، هذا صحيـح، لذلك نتحدّث عن هذه العناصر الخمسة. عندما نقولُ أنّ أحدًا قد خرج من العناصر الخمسة، بعبارة حديثة، هذا يعني الخـُروج من عالمنا الحسّي، وهو أمر غريب عند سماعه. ولكن فكّروا في المسألة التالية، مسألة امتلاك مُعلـّمي التشيكونق للقونق. لقد خضعتُ لاختبار، كثير من مُعلـّمي التشيكونق خضعوا أيضًا لمثل هذا الاختبار لِـقيْس طاقتهم. بالفعل عديد الأجهزة العصريّة التي نمتلكها اليوم بمقدورها أن تلتقط العناصر المادّية الموجودة في القونق ؛ بعبارةٍ أخرى، شرط توفــّر الجهاز المُـناسب، يُمكن أن نـُـثبتَ وجود القونق ضمن العناصر التي يُرسلها مُعلـّمو التشيكونق. الأجهزة الحديثة تستطيعُ التقاط أشعّة ما تحت الحمراء، ما فوق البنفسجيّة، الموجات فوق الصوتيّة، الموجات تحت الصوتيّة، الكهرباء، القوّة المغناطيسيّة، أشعّة "قامّا"، الذرّات والنوترون. مُعلمو التشيكونق يملكون كلّ هذه الموادّ، هناك أيضًا موادّ أخرى مُنبعثة من مُعلـّمي التشيكونق، لا يُمكن التقاطها لعدم توفـّر الأجهزة اللاّزمة. عندما تتوفـّر هذه الأخيرة، يُمكن التقاط كلّ هذا، وسيتـّضحُ لدينا أنّ الموادّ التي يُرسلها مُعلمو التشيكونق غنيّة جدّا.  

 

تحت تأثير حقل كهرومغناطيسيّ مُعيّن، تصدر من معلـّم التشيكونق هالة قويّة وجميلة جدّا. كلـّما كانت قوّة القونق عظيمة، كلـّما كان حقل الطاقة المُنبعث شاسعًا. من ناحية أخرى، يملكُ الإنسان العاديّ أيضًا هالة، ولكنـّها ضعيفة جدّا. في ميدان أبحاث فيزياء الطاقات العُليا، يُعتبَرُ أنّ الطاقة مُكوّنة من أشياء مثل النـّوترون والذرّة. الكثير من مُعلـّمي التشيكونق قد تمّ اختبارُهم، بما فيهم المُعلـّمين المشهورين. أنا أيضًا تمّ اختباري، وقد سجّـل المُختبرون أنّ أشعّة "قامّـا" والنـّوترونات الحراريّة التي أملِكُها تتجاوزُ 80 إلى 170 مرّة ً الموادّ العاديّة. في ذلك الحين، بلغ مُؤشّر عدّاد الجهاز حدّه الأقصى، وبما أنّ الإبرة كانت تـُوجد في طرف الجهاز، ففي النـّهاية لم يتمكّـنوا من معرفة قوّة الأشعّة. نوترونات بتلك القوّة، إنـّه شيء لا يُصدَّقُ ! كيف يُمكن للإنسان أن يبعَثَ نوترونات بتلك القوّة ؟ هذا يُثبتُ أيضًا أنـنا نحنُ، مُعلـّمو التشيكونق، لدينا قونق، لدينا طاقة ؛ لقد تمّ إثبات هذه النقطة والاعتراف بها في الأوساط العلميّة والتقنيّة.                         

 

للخروج من العناصر الخمسة، يجبُ اللـّجوء إلى طريقة "سينغ مينغ تشوانق شيو" (تعهّد الروح والجسد معًا)، عندما يُمارس المرءُ طريقة لا تتعهّد الرّوح والجسد معًا، فهو لا يُنمّي سوى  مُستوى القونق لديه. في طريقة لا تتعهـّد الجسد، لا مجال لطرح هذه المسألة، لأنها لا تدعو للخروج من العناصر الخمسة. طاقة طريقة التعهّد المُـزدوج للروح والجسد هي مخزونة في كلّ خلايا الجسم. بالنـّسبة لِمُمارس عاديّ قريب العهد باكتساب القونق، تكونُ جُزيئات الطاقة المُنبعثة منه مُتكوّنة من حُبيبات كبيرة نسبيّا بينها فراغات وذات كثافة ضعيفة، وهي إذن غير قويّة. عندما يصلُ المرءُ إلى مُستوىً أعلى، من المُمكن أن تتجاوز كثافة الطاقة كثافة الماء بمائة مرّة، ألف مرّة، أو مائة مليون مرّة. لأنه، كلما كان مستوى المرء عاليًا، كلما كانت الطـّاقة كثيفة، ناعمة وقويّة. في هذه الحالة، تكونُ الطـّاقة مُخزّنة في كلّ خليّة من خلايا الجسم، لا فقط في كلّ خليّة من خلايا جسم عالمنا المادّي، ولكن أيضًا في كلّ الأجسام الموجودة في العوالم الأخرى، الجُزيئات، الذرّات، البروتونات، الإلكترونات، وُصولاً إلى الخلايا الميكروسكوبيّة إلى أقصى درجة، كُـلها مُعبّأة بهذه الطاقة. وشيئًا فشيئًا يمتلئ الجسم البشريّ بهذه المادّة الطــاقيّة العُـليا.                                       

                                                                                                        

هذه المادّة الطاقيّة العُليا عاقلة (تملكُ الذكاء)، ولديها قدرات. عندما تتراكمُ، فإنّ كثافتها تـُصبحُ كبيرة، وبعد أن تملأ كلّ خلايا الجسم البشريّ، يُمكن أن تـُسيطر على خلايا الجسم الحسّي للإنسان، الخلايا الأكثرَ ضُعفـًا. وبعد السيطرة عليها، تكفّ هذه الخلايا عن التجدّد عن طريق  الأيض (التحوّل الخلويّ). في النـّهاية يتمّ إبدال كلّ الخلايا الجسدية للإنسان بهذه الطـّاقة.  طبعًا، الكلام عن هذا سهل، ولكن يلزمُ مسار شيولين طويل للوصول إلى هذه المرحلة. إذا تعهّدتـُم إلى حدّ بلوغ هذه المرحلة وتكونُ كلّ خلايا جسدكم قد أبدِلتْ بهذه المادّة ذات الطاقة العُـليا، فكّروا، هل يظلّ جسمكم مُكوّنـًا من العناصر الخمسة ؟ هل يظلّ ينتمي إلى مادّة عالمنا ؟ إنـّه الآن جسم مُكوّن من مادّة طاقيّة عُـليا جُمّعَتْ من عوالم أخرى. عناصر الدّو هي أيضًا موادّ موجودة في عوالم أخرى، وهي غير خاضعة لحُدود الحقل الزمنيّ لعالمنا.

                                                              

يعتبرُ العلم الحديث أنّ الزّمن يملكُ أيضًا حقلاً، ما يكونُ خارج حدود الحقل الزمنيّ فهو غير خاضع لِحُدود الزّمن. مفهوم المكان-الزمانيّ في العوالم الأخرى مُختلف جدّا عن الذي لدينا،  فكيف لهُ أن يُؤثـّر على مادّة عالم آخر ؟ في الواقع ليس هناك أيّ تأثير.  فكّروا، في ذلك الحين، لم تعودوا داخل العناصر الخمسة، أليس كذلك ؟ هل يزالُ جسدكم جسد إنسان عاديّ ؟ لا بالمرّة. ولكن هناك نـُقطة نذكُرُها، وهو أنّ إنسانـًا عاديّا لا يستطيـعُ رؤية ذلك. رغم أنّ جسده قد بلغ تلك المرحلة، فإنّ ذلك لا يعني نهاية الشّيولين،  يجبُ أن يستمرّ في تجاوز الدّرجات أثناء ممارسته نحو الأعلى، لذلك يبقى عليه أن يتعهّدَ ويُمارسَ وسط النـّاس العاديّين، إن صار غير مرئيّ بالنـّسبة للآخرين، لن يستقيم  الأمر.                                              

 

وإثر ذلك ، ما العمل ؟ أثناء الشّيولين، رغم أنّ كُلّ خلاياهُ قد أبدلتْ بمادّة طاقيّة عُـليا، فإنّ الذرّات تـُحافظ ُ على نظام ترتيبها، نظام ترتيب الجُزيئات والذرّات لا يتغيّرُ. نظام الجُزيئات الخلويّة يظلّ كما هُو، اللـّحمُ طريّ عندما نجسّهُ ؛ نظام جُزيئات العظام له كثافة قويّة بحيثُ نـُحسّها صلبة عند جسّها ؛ جُزيئات الدّم لها كثافة ضعيفة جدّا، لذلك هو سائل. الناس العاديّون لا يَرَوْن تغيّرًا في مظهركُم، خلاياكُم الجُزيئيّة لا تزالُ تـُحافظ على تركيبتها ونظامها الأصليّ، تركيبتـُها لم تتغيّرْ، ولكنّ الطاقة الموجودة داخل الخلايا قد شهدتْ تغييرًا. وتبَعًا لذلك، منذ ذلك الحين، هذا الشّخصُ لن يكونَ عُرضة للشّيخوخة، خلاياهُ لن تهرَمَ، وسيُحافظ إذن على شبابٍ دائم. أثناء الشّيولين، يبدو المرءُ شابّا، وفي النـّهاية سيثبُتُ على تلك الحالة.

طبعًا، إن تعرّض هذا الجسمُ لصدمة سيّارة، فإنّ كُسورًا يُمكن أن تحدُثَ في عظامه،  كذلك إن طـُعِنَ فهو ينزِفُ، ذلك لأنّ نظام الجُزيئات لم يتمّ إبدالـُهُ، ما في الأمر أنـّها لا تسيرُ مُجدّدًا في الخط الطـّبيعيّ نحو الموت ونحو الشّيخوخة الطبيعيّة، إنّ الجسم لم يعُدْ لهُ تحوّل خلويّ، هذا ما نـُسمّيه بالخروج من العناصر الخمسة. أين الخيال في كلّ هذا ؟ يُمكن للمرء أن يُفسّرَ هذا حتـّى اعتمادًا على النـظريّات العلميّة. البعض لا يستطيعون توضيـح الأمر، فيتفوّهون بما يعنّ لهم، فيعتبرُ الآخرون أنـّهم يقولون خُرافاتٍ. هذه العبارة مأتاها هو الدّين، ليست عبارة ً أتى بها التشيكونق المُعاصر.

                                   

ما هو الخُروج من العوالم الثلاثة ؟ لقد قلتُ في اليوم الفارط أنّ مفتاح إنماء القونق هو التالي: تعهّد وممارسة السين سينغ، نحن نتطبـّع بطبيعة الكون، وبما أنّ طبيعة الكون هذه لم تعُد تحدّكم وطبيعتكم الأخلاقيّة في ارتفاع، فإنّ عناصر الدّو تتحوّل مُباشرة إلى قونق. وهذا الأخير ينمو باستمرار نحو الأعلى، فإذا ارتفع عاليًا جدّا كوّنَ عمودًا من القونق. قدر الارتفاع الذي يبلـُغه عمود القونق ذاكَ، ذلك هو ارتفاع القونق لديكم. تـُوجد الجُملة التالية: الشّرعُ الأكبر ليس لهُ حُدود (دافا وو بيان، Da Fa wu bian)، كلّ شيءٍ يتوقّفُ على صبركم، على تحمّـلكم، وعلى قدرتكم على تحمّـل العذاب. عندما تكونون قد استعملتـُم كلّ مادّتكم البيضاء،  فإنّ مادّتكم السّوداء يُمكن أن تتحوّلَ إلى بيضاء إثر المُعاناة، إن بقيتْ هذه المادّة البيضاء غير كافية، فسوف تأخذون المادّة السّوداء لأصدقاءكم وأقاربكم الذين لا يقومون بالشّيولين، سوف تتحمّـلون المِحَنَ والمشاقّ عوضًا عنهم، وهكذا، تتمكـّـنون من تنمية القونق لديكم، هذا لا يخُصّ سوى الناس الذين وصلوا إلى درجةٍ قصوى في العلوّ عبر الشّيولين. بصفتكَ إنسانـًا عاديّا تقومُ بالشّيولين، لا يجبُ أن تـُخامِرَ ذهنكَ فكرة تحمّـل مِحَن أقاربك ومصائبهم، أمام كارما بتلك الضّخامة، ممارس عاديّ لن ينجح في ممارسته، ما أتحدّث عنه هنا هو قوانين مُختلف الدّرجات.

                                                             

العوالم الثلاثة التي يذكُرُها الدّين، هي تسع طبقات من السّماوات أو ثلاثة وثلاثين طبقة من السّماوات، إنه العالم السماويّ، العالم الأرضيّ، والعالم تحت- الأرضيّ، التي تـُكوّن معًا الكائنات الحيّة في العوالم الثلاثة. يقول الدّين أنّ كلّ الكائنات الحيّة في حدود السّماوات الثلاث والثلاثين عليها أن تدخُـلَ في "سامسارا" الدّروب السّتة (سفر التجسّد في الدّروب السّتة) "ليو داوُو لون هوي، Liudao lun hui"). معنى سامسارا الدّروب السّتة هو أنـّه إن كان المرءُ كائنـًا بشريّا في هذه الحياة، فإنه رُبّما يكونُ حيوانـًا في الحياة المُوالية. يُقالُ في البوذيّة: "يجبُ التـشبّث بما بقي في الحياة، إن لم يتعهّد المرء الآن فمتى سيفعلُ ذلك ؟" لأنه لا يُسمَحُ للحيوانات بالدّخول في الشّيولين، ولا الاستماع إلى الشّرع، هُم لن يحصُلوا على ثمرة الكمال ولو مارسوا، إن صار لديهم قونق مُرتفع، ستقـتـلـُهم السّماء. أنتم لا تستطيعون الحُصول على جسمٍ بشريّ ٍ طيلة مئات السّـنين، أنتم لا تحصُلون عليه إلاّ في ظرف قرابة ألف عام، ولكنكم لا تعرفون ولا تـُقدّرون قيمة هذا الجسم البشريّ بعد الحُصول عليه. في حالة  التجسّد في حَجَر مثلا، أنتم لن تخرجوا منه لمدّة عشرة آلاف سنة، وإن لم يتفتـّـتْ الحجرُ ويتحوّلْ إلى غبار ٍ، فلن تخرجوا منه أبدًا. آه، كم هو عسيرٌ الحصولُ على جسم بشريّ ! عندما يحصلُ شخص فعلاً على الشّرع الأكبر، فإنّ هذا الشّخص لهُ حظ عظيم حقـّا.  من الصّعب الحُصول على جسم بشريّ. هذا هو القانون الذي أريدُ أن أكشفهُ.

 

القونق الذي نـُمارسُهُ يطرحُ مسألة الدّرجة، هذه الدّرجة تتعلـّقُ كُليّا بذات الشّخص في الشّيولين، إن كُنتم تـُريدون الخُروجَ من العوالم الثلاثة، وعندما يكونُ عمود القونق لديكُم مُرتفِعـًا جدّا، جدّا، حينئذٍ ستخرُجون من العوالم الثلاثة، أليس كذلك ؟ أثناء التأمّـل في وضعيّة الجُلوس "اللـّوتس"، يُفارق يوانشان البعض جَسَدَهُ ويصعَدُ مُباشرة ًإلى نـُقطةٍ مُرتفعةٍ جدّا. هناك تلميذ كتب إليّ في تقرير تجاربه: "مُعلـّمي، لقد صعدتُ إلى تلك الطـّبقة أو الأخرى من السّماء، ورأيتُ هذا المشهد أوذاكَ"، فطلبتُ منه أن يصعَدَ إلى ارتفاع أكثرَ، فأجابَ: "لا أتمكّنُ من الصّعود أكثرَ، لا أجرُؤُ، لا أستطيـعُ الصّعودَ." لماذا ؟ لأنّ عمود القونق لديه يبلـُغُ ذلك الإرتفاع، لقد جلس على عمود القونق الذي يملِكُهُ لكيْ يصعَدَ. ذاكَ ما تـُسمّيه البوذيّة بـ"مرتبة الكمال"، لقد تعهّدَ إلى حدّ مرتبة الكمال تلكَ. ولكن، كمُمارس، هُو لم يبلـُغ ْ بعدُ قمّة مرتبة الكمال. سيُواصِلُ ترقيّه صعودًا. عندما يتجاوزُ عمود القونق لديكُم حُدود العوالم الثلاثة، ألن تكونوا حينئذٍ قد خرجتـُم من العوالم الثلاثة ؟ لقد بحثنا ووجدنا أنّ العوالم الثلاثة التي يتحدّثُ عنها الدّين تبقى لا تتجاوزُ حُدود كواكبنا التـّسعة. البعضُ يتحدّثُ عن عشرة كواكب، أنا أقولُ أنّ هذا لا يُوجدُ مُطلقـًا. في الماضي، بالنـّسبة لبعض مُعلـّمي التشيكونق، لقد رأيتُ أنّ عمود القونق لديهم يتجاوزُ درب اللـّبانة، إنـّه ارتفاع كبير جدّا، لقد تجاوزوا بكثير ٍ العوالم الثلاثة، في الحقيقة، تلك مسألة درجاتٍ.

 

 

 

مسألة السـعي وراء الغايات

 

عديد الأشخاص المُتعلـّقين بغاياتٍ مُعيـّـنةٍ يدخلون في حقل تعهّدنا وممارستنا. البعضُ يُريدُ الحصول على قدرات القونق، البعضُ الآخر يُريدُ معرفة الجانب النـظريّ، وآخرون يريدون شفاء  أمراضهم، وآخرون يأتون أيضًا للحصول على عجلة الشّرع (الفالون). هناك شتـّى أصناف العقليّات. هناك من يبادرني: "أحد أفراد عائلتي لم يأتِ للمُشاركة في الدّورة التكوينيّة، سأدفعُ ثمن الدّورة التكوينيّة، أعطِهِ فالونـًا من فضلك." لقد استغرقنا أجيالاً لا تـُعَدّ ولا تـُحصى، وفترة ً زمنيّة ً تمتدّ إلى ماض سحيق جدّا، الأرقام سوف تهولكم  إن ذكرتـُها لكُم، أفشيء مُكوّن منذ زمن بعيدٍ إلى ذلك الحدّ، تدفعون بعض العشرات من اليوان لِتشترُوهُ ؟ لماذا نعطيك إيـّاه دون شروطٍ ؟ لأنك تـُريدُ أن تـُصبِحَ ممارسًا، هذا القلبُ لا يُشترى حتـّى بأضخم مبلغ من المال، إنـّها طبيعة بوذا قد ظهرتْ، هذا السّبب الذي من أجله نحن نقوم بذلك.                                      

                                     

 يُوجد في داخلكم غاية تسعَوْن وراءها، أفلأجل ذلك فقط تأتون إلى هنا ؟ إنّ جسم الشّرع لديّ (الفاشن، Fashen) في العوالم الأخرى، يعلـَمُ كلّ ما يخامركم من أفكار. لأنّ مفهوم كلّ من المكان-الزمانيّ هنا وهناك ليس نفسُهُ، من منظور العوالم الأخرى، تـَكوّنُ فكرتكم هو مسار بطيء للغاية. هو يستطيـع أن يعرف فكرتكم حتى قبل أن تـُخامركم، لذلك يجبُ أن تنزعوا كلّ أفكاركم الخاطئة. مدرسة بوذا تتحدّثُ عن "العلاقة المصيريّة"، أنتم جميعًا علاقتكم المصيريّة هي التي تقودُكم إلى هنا، ما تحصُـلون عليه هو بدون شكّ ما يجبُ أن تحصُلوا عليه، يجبُ إذن أن تـُحبّوه وأن تـُحافظوا عليه، وألاّ تترُكوا في قلوبكم أدنى تعلـّق ٍ بغايةٍ مّا.

                                                                                                     

في الشّيولين الدّيني في الماضي، كانت البوذيّة تدعو إلى الفراغ، عدم التفكير في شيءٍ، عُبور باب الفراغ ؛ الدّيانة الطاويّة كانت تتحدّثُ عن العَدَم، عدم امتلاك شيءٍ ولا الرّغبة في شيءٍ. يقول الممارسون: "حُبّ ممارسة القونق دون الرّغبة في الحُصول على القونق." عند القيام بالشّيولين في حالة اللاّ-فعل، وعندما لا تكونون مُهتمّين سوى بشيولين طبيعتكم الأخلاقيّة، عندها مُستواكُم سيتحسّنُ، وستحصُلون بطريقةٍ طبيعيّةٍ على كلّ ما يجبُ أن تحصُلوا عليه. إن كُنتم غير قادرين على ترْك هذا جانبًا، أليس هذا تعلـّقـًا ؟ نحنُ نـُبلـّغ ُ مُباشرة شرعًا عاليًا جدّا، وهذا يتطلـّب منكم أيضًا سين سينغ عاليًا، لهذا السّبب، لا تأتوا لتعلـّم الشّرع ساعين وراء غايةٍ مّا.

                             

 لكي نتحمّلَ مسؤوليّـتنا  إزاءكم جميعًا، فإنـنا نسيرُ بكم في الطريق المُستقيم، هذا الشّرع يجبُ أن يُفسَّـرَ لكُم بوُضوح وبعُمق. عندما يسعى شخص مّا وراء التيانمو، هذه التيانمو يُمكن أن تنسدّ، وهكذا سيحُجُب نفسه بنفسه. إضافة ً إلى ذلك، أقول لكُم أنـّه، أثناء شيولين شي دجيان فا (شرع العالم الدنيويّ)، كلّ قدرات القونق التي تظهرُ لدى الإنسان هي نوعٌ من الغرائز الفطريّة التابعة لجسمه الحسيّ، في أيّامنا هذه، نحنُ ندعوها تايي قونقننق. فاعليتها لا تتجاوز العالم الحاليّ، عالمنا هذا، وبإمكانها السيطرة على البشر العاديّين. ما الدّاعي إذن للسّعي وراء هذه القدرات الصّغيرة التافهة ؟ أنتم تـَسعَوْنَ وراءها بما أوتيتـُم من جُهدٍ، عند بلوغ مرحلة شو شي دجيان فا (شرع العالم العلويّ)، فإنها تفقد صلوحيـّتها، هناك في العوالم الأخرى. عند الخُروج من شيولين شي دجيان فـا، كلّ قدرات القونق تلك يجبُ أن تـُطرَحَ جانبـًا وتـُخبّأ في عالم عميق جدّا، ستـُوضَعُ هناك في مكان احتياطيّ، ستكونُ في المُستـقبل بمثابـة شاهدٍ على مسار تعهّدكم وممارستكم، هذا هو الدّور الصّغير الذي تـلعبُـهُ.      

                                                                                        

 إن خرج الفردُ من شي دجيان فا، عليه أن يقومَ بالشّيولين من جديدٍ، الجسم الذي يملكُهُ الآن هو جسمٌ قد خرج من العناصر الخمسة التي كُنتُ بصدد شرْحها، إنه جسم بوذا. جسمٌ كهذا ألا يُمكنُ أن يُسمّى جسم بوذا ؟ جسم بوذا هذا عليه أن يُعيدَ الشّيولين وظهور قدرات القونق مُجدّدًا، وحينها لن تـُسمّى قونقننق بل فوفا شانتونق، وهذه تتمتـّعُ بقوّةٍ لا تـُحَدّ ويُمكنها أن تتحكّمَ في كلّ العوالم، إنـّها أشياء ذات تأثير ٍ عظيم ٍ حقـّا. أخبروني لِمَ سيصلـُحُ بعدُ سعيكُم وراءقدرات القونق ؟ كلّ أولئك الذين يبحثون عن قدرات القونق، أليست لديكُم النـّية في استعمالها وسط الناس العاديّين، في إظهارها بين النـّاس العاديّين ؟ وإلاّ، فلـِمَ تـُريدونها ؟ إنـّها غير مرئيّة وغير ملموسة، إن كُنتم تبحثون عن شيءٍ للزّينة، فمن الأفضل البحثُ عن شيءٍ جميل ٍ. استظهار هذه القدرات ينبـعُ من روح تعلـّق قويّةٍ، إنـّها روح سيّئة جدّا، يجبُ على الممارس أن يُفارقها. إن كُنتم تـُريدون استعمالها لِكسْب المال، تكوين ثروةٍ، وفي صراعكم من أجل تحقيق أهدافكم الشّخصيّة وسط النـّاس العاديّين، فذلك أسوأ. سيكونُ ذلك تشويشـًا لِمُجتمع الناس العاديّين باستعمال أشياء المُستويات العُـليا، هذه النـّية هي أسوء وأسوء، إذن لا يُسمح للمرء باستعمال قدرات القونق كما يُريدُ.      

                                               

إنّ قدرات القونق تظهَرُ في غالب الأحيان عند أشخاص تكونُ أعمارُهم في الطـّرفيْن، الأطفال والأشخاص المُسنـّون، وخُصوصًا النـّساء المُسنـّات، بصفةٍ عامّةٍ، يستطيعون التحكـّم جيّدًا في السين سينغ، لديهم قليل جدّا من التعلـّقات وسط النـّاس العاديّين. إثر تنمية القونق، هم يتحكّمون في أنفسهم جيّدًا، ليست لديهم روح المُباهاة هذه. لماذا لا تظهَرُ قدرات القونق بسهولةٍ لدى الأشخاص الشّبّان ؟ خُصوصًا لدى الرّجال الشّبّان، إنـّهم لا يزالون يُريدون بذل الجُهود في الخوض في مُجتمع النـّاس العاديّين، وبلوغ هذا الهدف أو ذاكَ ! عندما تظهَرُ قدرات القونق لديهم ، فإنـّهم يرغبون في استعمالها لِتحقيق أهدافهم، هُم يعتبرونها نوعًا من المهارة لِيُحققوا أهدافهم، لا يجوز هذا مُطلقـًا، لذلك لا يُمكن لقدرات القونق أن تنمو.                 

                                                                                 

فيما يخُصّ الشّيولين، هو ليس لـُعبة من ألعاب الأطفال، أو مهارة ً فنـّية من مهارات النـّاس العاديّين، إنـّه شيء على قدر ٍ عظيم ٍ من الجدّيّة. الرّغبة في التعهّد أو لا، القدرة على التعهّد أو لا، كلـّه يتعلـّق بالمجهود الّذي تبذلـونهُ في الرّفع من طبيعتكم الأخلاقيّة. لو كان هذا الشّخصُ حقـّا قادرًا على الحُصول على قدرات قونق عبر السّعي وراءها، فستكون تلك كارثة ً. إنـّهُ لا يهتمّ بالشّيولين، إنـّهُ لا يُفكّرُ فيه بالمرّة. بما أنّ ارتفاع طبيعته الأخلاقيّة قد بقي في مُستوى إنسان عاديّ، وأنّ قدراته قد نـِـيلتْ نتيجة السّعي، فمن الوارد أن يرتكب بواسطتها إثمًا. في البنك، هناك الكثير من المال، سيأخذ منه قليلاً، في الشّارع، هناك أوراق يانصيبٍ تـُباعُ في كلّ مكان، سيسْحبُ الرّقم الرّابحَ. لماذا لا يحدُثُ هذا النـّوع من الأشياء ؟ بعض مُعلـّمي التشيكونق يقولون: "من لا يُعيرُ أهمّية ً للفضيلة، يكونُ بسُهولة عُرضة لسوء التصرّف عندما تظهر لديه  قـدُرات القونق." أنا أقولُ أنّ هذا خطأ، ليس الأمر هكذا البتـّة. إن كُنتم لا تـُعيرُون أهمّية ً للفضيلة ولا تتعهّدون السين سينغ، فلن تتمكّـنوا أبدًا من الحُصول على قدرات قونق. البعضُ يتمتـّعون بسين سينغ جيّد، عندما تظهرُ قدرات القونق في مٌستواهُم، فإنـّهم لا يستطيعون التحكّم في أنفسهم، إنـّهم يرتكبون أفعالاً لا يجبُ عليهم ارتكابُها، يُوجد هذا النـّوع من الحالات أيضًا. ولكنـّهم حالما يرتكبون أفعالاً سيّئة ً، قدرات القونق لديهم تضعُفُ أو تختفي. إنّ هذه الخسارة هي خسارة إلى الأبد، والأمر الأخطر هو أنّ ذلك يُمكن أن يُولـّد روح التعلـّق عند الإنسان.        

 

بعضُ مُعلـّمي التشيكونق يدّعون أنـّه لو يتعلـّمُ المرءُ طريقتهم، سيكونُ بإمكانه مُداواة المرضى في ظرف ثلاثة أو خمسة أيّام، و كأنـّها نوع من الدّعاية، هؤلاء أسمّيهم تـُجّار تشيكونق. فكّر، أنت إنسان عاديّ، أفتستطيـعُ أن تشفيَ أمراض الآخرين فقط بإرسال بعض التشي ؟ إنسان عاديّ لديه تشي داخله، وأنت لديك منه أيضًا، أنت مازلتَ في طور البداية من ممارسة التشي، فقط قناة "لاوُو قونق، Laogong" لديك قد فــُتِحَتْ، وصارت تمتصّ وتبعثُ التشي. عندما ستـُداوي المرضى، فهُم لديهم أيضًا تشي على أجسامهم، وهذا الأخيرُ يُمكن أن يُؤثـّرَ عليكَ. كيف لـِتشي أن يحُدّ من تشي آخر ؟ إنّ التشي لا يُمكنه على الإطلاق أن يشفي المرَضَ. وزيادة ًعلى ذلك، عندما تـُداوي مريضًا، تـُكوّنُ حقلاً مُشتركـًا معهُ، والتشي السّقيم القادم من جسم المريض ينتقلُ بأكمله إلى جسمكَ، وسوف يكونُ لديك الآنَ نفس الكمّية التي لديْه، رغم أنّ أصل المرض موجود في جسمه هُو، إلاّ أنّ كثيرًا من التشي السّقيم يُمكنُ أيضًا أن يجعَلَكَ مريضًا. عندما تظنّ أنـّكَ قادر على شفاء المرضى، سوف تتنصّبُ لِمُداواة النـّاس، لن ترفـُضَ أحدًا ممّن يأتونَ، يُمكن أن تــُنمّي روح التعلـّق. مُداواة المرضى، كم هذا مُمتع ! ولكن لِمَ أنت قادر على الشّفاء ؟ أنت لم تـُفكّرْ، مُعلـّمو التشيكونق المُزيّفون كلـّهم لديهم"فوتي"، ولكي يجعلونكَ تـُصدّقهم، فإنـّهُم يُعطونكَ بعض طاقتهم. وسوف تفقدُها بعد شفاء ثلاثة، خمسة، ثمانية، عشرة مرضى. إنه نوعٌ من استهلاك للطـّاقة، وبعد ذلك، هذا القليل من الطّاقة سيختفي. أنت ليس لديكَ قونق فوقكَ، من أين يأتي القونق ؟ نحنُ، مُعلـّمو التشيكونق، لقد قمنا بالشّيولين طيلة عشرات السّنين، في الماضي كان تعهّد الطـّريق عسيرًا جدّا. إن لم يحصُلْ المرءُ على باب الشرع الصّحيـح للشّيولين، وقامَ بالشّيولين من بابٍ جانبيّ، فإنـّه يدخُل في طريق صُغرى، هذا صعب جدّا.

 

أنتم ترَوْنَ أنّ بعض مُعلـّمي التشيكونق الكِبار مشهورون جدّا، ولكنهم لم يتحصّلوا على نبذةٍ من القونق إلاّ بعد ممارسةٍ استغرقت عشرات السّـنين. دون القيام بالشّيولين، وبعد مُشاركتكم في دورةٍ تكوينيّةٍ، سيكونُ لديكُم قونق ؟ أين حصَلَ مثل هذا ؟ سوف تتكـّونُ لديكم منذ ذلك الحين روح تعلـّق ٍ. وإثر ذلك، عندما تظهر هذه الأخيرة، سوف تنزعجون إذا لم تتوصّلوا إلى مُداواة المريض. بعضُهم، حفاظـًا على سمعتهم، وأثناء مُعالجتهم للمرض، بماذا يُفكّرون ؟ "فلـْيتحوّل المرض إلى جسمي ولـْيُشْفى المريض !" ولكن هذا ليس بدافع الرّحمة، إنهم لم يتخلـّصوا بالمرّة من تعلـّقهم بالشهرة والكسب، إنهم عاجزون كلّ العجز عن الإحساس بأدنى رحمة. إنهم يخشوْن فقدان سُمعتهم، ويُفضـّلون أن يُصابوا بهذا المرض على أن يفقدوا سمعتهم ؛ كم هُو قويّ هذا التعلـّق بالسّمعة ! حالما تتولـّدُ لديهم هذه الرّغبة، ينتقِـلُ المرض مُباشرة ً إليهم، سيحدث هذا فعلاً ؛ سيعودون إلى بيوتهم مرضى، وأمـّا المريضُ فقد شُفِيَ. بعد شفاء الآخرين، هم يتعذبون في بُيوتهم. أنتم تظنـّون أنكم قد شَفـَيْتـُم الأمراض، الآخرون يدعُونكُم "مُعلـّم تشيكونق"، أنتم مسرورون ويملأكم الفخرُ، تكادون تـُجنـّون فرَحًا. أليست هذه روح تعلـّق ؟ عندما لا تشفـُونَ المريضَ، تكونون مُنهارينَ تمامًا، أليست هذه روح التعلـّق بالشّهرة والكسب هي التي تتحكّمُ فيكُم ؟ وزيادة ًعلى ذلك، كلّ التشي السّقيم عند المرضى الذين تـُداوُونهُم سينتقِلُ إلى أجسامكم. مُعلـّمو التشيكونق الدجّالون يُلقـّـنونكم كيف تطرُدون هذا التشي بهذه الطـّريقة أو تلكَ، وأنا أقولُ لكُم أنـكم عاجزون تمامًا عن طرده، ولاحتـّى جُزءٍ ضئيل ٍ منه، لأنـكم أنتم أنفسكم لا تملكون القدرة على التـّمييز بين التشي الجيّد والتشي السّيء. وبطول المُدّة، جسمكم سيُصبـحُ كلـّه أسود من الدّاخل، إنـّها الكارما.

                                                                          

عندما تتعهّدون وتـُمارسون بحقّ ٍ، سوف تـُلاقونَ حقـّا الكثير من الصّعوبات، كيف ستتصرّفونَ ؟ كم من المِحَن سيكونُ عليكُم مُقاساتـُها لِتـُحوّلوها إلى مادّة بيضاء ؟ إنّ هذا صعبٌ جدّاً، وخُصوصًا الناس الذين لديهم استعداد جيّد هُم الأكثر عُرضة ً لهذا المُشكل. البعضُ يُصرّ على السّعي وراء المُعالجة. عندما يكون لديكُم السّعي وراء غايةٍ مّا، فإنّ أحد الحيوانات يلمَحُ ذلك، ويأتي لِـيتـلبّسكم ، هذا هو الجسم المملوك "فوتي، Fu ti". أنتم تـُريدون مُداواة المرضى، أليس كذلك ؟ حسنـًا، هُو يُمكّـنكم من مُداواة المرضى، ولكنهُ لا يفعلُ ذلك بدون هدفٍ، من لا يخسرْ لا يكْسبْ، إنّ ذلك حقـّا خطير جدّا، في نهاية الأمر لقد جلبتـُموه لأنفسكم، كيف ستستطيعون التعهّد والممارسة بعد ذلك ؟ سينتهي أمركم  تمامًا.        

                                   

بعض الأشخاص الذين لديهم استعداد جيّد قد استبدلوا استعدادهم الجيّد بكارما الآخرين. هذا الشّخصُ مريض، حقل ديونه ضخمٌ، عندما تكونون قد شَفيْـتـُم مريضًا ذا علـّةٍ خطيرةٍ، وعندما تعودون إلى بُيوتكم، لا تستطيعون أن تصِفوا قدر العذاب الّذي تتعذبونهُ ! الكثيرُ منـّا ممّن داوَوْا في الماضي مرْضى،  يعرفون هذا الإحساس، المريضُ قد تعافى ولكنـّكم ترجعون إلى بيوتكم في حالة مرضيّة خطيرة. وبطول المُدّة، كمّ هائل من الكارما قد تحوّلَ إليكم، أنتم تـُعطون حسناتكم (الدّو) مُقابل كارما الآخرين، لأنه ليس هناك ربحٌ دون خسارةٍ. حتـّى وإن كان المرضُ هو الذي تـُريدونهُ، فإنّ الكارما يجبُ أيضًا أن تقعَ مُبادلتها مع الدّو. هناك القانون التالي في الكون، لا أحد يتدخـّل في ما تريدونه. ولا يُمكن أيضًا اعتباركم طيّبين. هناك شيء خُصوصيّ في الكون، وهو أنَ الذي يحملُ قدرًا أكبَرَ من الكارما، هو سيّء. أنتم تـَهَـبون استعدادكم الخاصّ لتحويل كارما إنسان آخر، مع كثير جدّا من الكارما، كيف سيُمكنكم التعهّد والممارسة ؟ إنّ استعدادكم قد دُمّرَ تمامًا من طرفه. أليس هذا مُريعًا ؟ المريضُ قد تعافى، وهو مُرتاح الآن، وأنت ستنتابك الآلام حالما تعودُ إلى منزلك. لو تشفي مريضيْن اثنيْن بالسّرطان، يجبُ أن ترحلَ عوضًا عنهما، أليس هذا خطيرًا ؟ إنّ الأمربهذه الصـّفة. الكثيرُ من الناس لا يعرفون هذا القانون.

 

أمّا بالنـّسبة لبعض مُعلـّمي التشيكونق الحاليّين، لا يجبُ أن تنظروا لِشُهرتهم الفائقة، من يكونُ مشهورًا ليس بالضّرورة عالمًا. ماذا يعلم الإنسان العاديّ ؟ عندما يُحدثُ الناس ضجّة ً حول أمر مّا، يُصدّق المرء بهذا الأمر. لا يغرّكم ما هُم بصدد فعله حاليّا، إنـّهم لا فقط يُؤذون الآخرين ولكن أيضًا يُؤذون أنفسهم، وسوف ترَوْنَ كيف سيكونون بعد مُضيّ عام ٍ أو عامَيْن، إنّ الشّيولين لا يسمحُ بمثل تلك الفوضى. إنّ الشّيولين يُمكن أن يكونَ له فاعليّة في المُداواة، ولكنـّه ليس مجعولاً للمُعالجة. إنـّه شيء خارق وليس مهارة ً تقنيّة ً من مهارات الناس العاديّين، يُمنـَعُ عليكُم منعًا باتـّا أن تـُدخِلوا عليه الاضطراب كما تشاؤون. حاليّا، بعض مُعلـّمي التشيكونق المُزيّفين قد نجحوا فعلاً في تلويث الأجواء، إنهم يستعملون التشيكونق كوسيلةٍ للإثراء وطلب الشّهرة، إنهم مجموعات فاسدة تـُريدُ أن تـُوسّعَ نِطاق تأثيرها، وهُم يُوجدون بأعدادٍ تفوقُ كثيرًا أعداد مُعلـّمي التشيكونق الحقيقيّين. عندما يتحدّث كلّ الناس العاديّين عن هذا، ويتصرّفون بهذه الكيفيّة، هل تـُصدّقونهم ؟ ويذهبُ في ظنّ البعض أنّ ذاكَ هو التشيكونق، لا أبدًا. ما قلته لكُم هو القانون الحقيقيّ.

                                           

إنّ إنسانـًا عاديّا، عندما يتواصَلُ مع الآخرين في مُختلف أنواع العلاقات الإجتماعيّة، من أجل مصلحته المادّيّة، يرتكبُ سيّئاتٍ ويُسجّـلُ دُيونـًا، فيجبُ عليه إذن تحمّل عناء تسديدها. لو تـُعالجونه كيفما تشاءون، حتـّى ولو كُنتم قادرين حقـّا على شفاءه، فهل هذا مسموحٌ فعلـُهُ ؟ إنّ البوذا موجودون في كلّ مكان ٍ، لماذا لا يفعلُ البوذا العديدون هذا النـّوع من الأشياء ؟ كم سيكونُ هذا رائعاً لو يترُكون كلّ الكائنات البشريّة تعيشُ في راحةٍ ! لماذا لا يفعلون ذلك ؟ ينبغي على كلّ إنسان أن يدفعَ بنفسه دُيونه الذاتيّة، لا أحد يجرُؤ على الإخلال بهذا القانون. أثناء شيولين الفرد، يُمكن أن يحدُثَ صُدْفة ً أن يُقدّمَ بعض المُساعدة للآخرين من باب الرّحمة، ولكنّ هذا ليس من شأنه سوى أن يُؤجّلَ المرضَ إلى ما بعد. أنتم معفيّون من العذاب الآن ولكن ستتحمّلونهُ لاحقـًا، وإلا فهو يُحوّل لكم المرض إلى شيءٍ آخر: ستخسَرون مالاً أو تـُلاقون مصائبًا إن لم تمرضوا، ربّما سيكون الأمر كذلك. القيام فعلاً بهذا الأمر وإزالة تلك الكارما من أجلكم دُفعة ً واحدة ً وكُلـّيا، هذا لا يُمنـَحُ سوى للممارسين، ولكن أبدًا للناس العاديّين. أنا لا أتحدّث فقط عن نظريّة مدرستي، أنا أتحدّث عن حقيقة كلّ كوننا، أتحدّث عن الوضعيّة الحقيقيّة لعالم الشّيولين.

                                                                                                                                         

نحنُ هنا لا نعلـّمكم وسائلَ علاجيّة، ولكن نحنُ نهديكُم إلى طريق كُبرى، طريق حقـّةٍ، ونقودكم نحو الأعلى. لذلك أقول في كلّ مُحاضرةٍ أنـّه  يُمنـَعُ على كلّ تلاميذ الفالون دافا أن يقوموا بالمُعالجة، وأنّ كائنـًا من كانَ يقومُ بالمُعالجة لم يعُدْ ممارسًا في مدرستي فالون دافا. بما أنـّنا نسيرُ بكم نحو الطـّريق الحقـّة، فأثناء شيولين شي دجيان فا، نـُطهّرُ باستمرار جسدكم، نحنُ نـُطهّرُ جسدكم ونـُطهّرُهُ أكثر وأكثر إلى أن يُبْدَلَ الجسد كلـّه بمادّة طاقيّة عليا. ولكنكم لا تزالون تجلبون التشي الأسود على جسدكم، كيف سيُمكنكم التعهّد والممارسة ؟ تلك هي الكارما ! لن يكونَ بإمكانكم التعهّد والممارسة. مع كمّيةٍ ضخمةٍ من الكارما، لن تقوَوْا على التعهّد والممارسة، مُقاساة كثير من المِحَن سيجعلكم عاجزين عن مُواصلة التعهّد، ذلك هو القانون. رغم أنـّـني أبلـّغ هذا الشّرع الأكبر للعموم، إلاّ أنـّكم لا تـُدركون إلى حدّ الآن ما أنا بصدد تبليغه. إن كان بالإمكان أن يُبلـّغ َ هذا الشّرع الأكبر للعُموم، فإنـّه لدينا الوسائل لحفظه. لو تـُعالجون المرضى، كلّ ما زوّدناكُم به من أجل تعهّدكم وممارستكم سيتمّ استرجاعُهُ بصفةٍ كُـلـّيةٍ من قِبَـل جسم الشّرع الذي يتبعُـني. لا يُمكن أن نترُككم تهتـِكون هذه الأشياء الثــّمينة جدّا، كما يبدو لكم ومن أجل سُمعتكم ومصلحتكم الشّخصيّة. إن لم تتصرّفوا طِبقـًا لِمُـتطلـّبات الشّرع، فأنتم لم تعودوا مُمارسين لمذهبنا الفالون دافـا، سنتصرّفُ بحيثُ نجعلُ جسمكم يرجـِعُ إلى حالة شخص عاديّ، وسُنعيدُ إليكم أشياءكم السّيئة، بما أنـّكم تـُريدون أن تكونوا أناسًا عاديّين.     

                                                                                                           

منذ الأمس، بعد مُتابعة الدّرس، الكثيرُ منـّا يُحسّون بخفةٍ في أبدانهم. ومع ذلك، هناك جُزء صغير من النـّاس المرضى مرضًا خطيرًا سبقوا الآخرين وبدؤوا يشكُونَ من أوجاع منذ الأمس. بعد أن أزلـْتُ أشياء سيّئة من جسدكم بالأمس، الأغلبيّة من بيننا يُحسّون أنفسهم خفيفين ومُرتاحين جدّا، ولكنّ هناك قانونـًا في كوننا: ما من ربح ٍ دون خسارةٍ، لا يُمكن أن ننزَعَ عنكم كلّ شيءٍ، إنـّه من غير المقبول على الإطلاق ألاّ تتحمّلوا شيئًا. هذا يعني أنـنا قد استأصلـْنا لكُم السّبب الأصليّ لِمرضكم والسّبب الأصليّ لِحالتكم الصحّية السّيئة، ولكن بقي هناك لديكُم حقل سقيم. مع التيانمو المفتوحة على مُستوىً مُتدنّ ٍ للغاية، يرى المرءُ أنـّه يُوجد في الجسم قطعٌ من التشي الأسود، من التشي السّقيم والعكِر، وأيضًا على شكل قِطع ٍ من تشي أسود مُركّز، كثيف جدّا، وقادر على مَلْءِ كلّ جسدكم عند انتشاره.      

                                                 

منذ اليوم، البعض يُمكن أن يُحسّوا ببردٍ على كلّ الجسم، كما لوكانوا يُعانون من زُكام شديدٍ، ورُبّما يشكُونَ من آلام في العظام. مُعظم النـّاس سيُحسّون بآلام في موضع مّا من جسمهم، آلام في السّاقيْن أو دُوار في الرّأس. في الموضع الذي كُنتم تـُعانون فيه من مرض في الماضي، والذي ظننتـُم أنهُ رُبّما قد شُفِيَ بواسطة تمرين التشيكونق أو تمرين مُعلـّم التشيكونق هذا أو ذاكَ، فإنّ الأعراض ستظهَرُ من جديدٍ. ذلك لأنهم لم يشفوكم منه تمامًا، وإنـّما دفعوه إلى وقتٍ لاحق ٍ. لقد بقي هناك في نفس الموضع، لا تمرضون الآن، ولكن ستمرضون في المُستقبل. يجبُ أن نعيدَ ظهورَ كلّ هذه الأمراض ونطرُدَها عنكُم، نستأصلها كلـّها من جُذورها. بهذه الطـّريقة، سيبدو لكُم هذا كما لو كان نكسة ً للمرض، إنـّها الإزالة الجذريّة للكارما. لذلك يُمكن أن تـُحسّوا بردّات فعل ٍ، البعضُ يُمكن أن تكونَ لهم ردّة فعل ٍ موضعيّةٍ، سيقعون فريسة ً لهذا الألم أوذاكَ، كلّ مُختلف أشكال الانزعاج يُمكن أن تظهَرَ عندهم، كلّ ذلك طبيعيّ. يجبُ أن نـُحذركم أنـّه، مهما يكُنْ مقدار انزعاجكم، يجبُ أن تـُثابروا على المجيء هنا لِتـُتابعوا الدّروسَ، كلّ أعراضكم ستختفي حالما تدخلون قاعة الدّرس، ولن تكونوا مُعرّضين لأيّ خطر. هناك نقطة نـُشيرُ إليها، رغم أنـكم تـُحسّون بمُعاناةٍ شديدةٍ كما لو كُنتم مرضى، أرجو أن تـُواصلوا المجيء إلى هنا، إنّ الشّرع صعب المنال. اللـّحظة التي تتعذبون فيها أكثر هي بالتـّحديد النـّقطة التي يتحوّلُ فيها الشّيء إلى نقيضه، كلّ جسمكم سيُطهّرُ ويجبُ أن يُطهّرَ تمامًا. جذور المرض قد تمّ استـئصالها، لم يعُدْ لكم سوى قليل من التشي الأسود يجبُ أن نترُكَهُ يتلاشى، ذلك لِنـُحمّـلكم بعض الصّعوبات ونجعلكم تمرّون ببعض العذاب، من المُستحيل ألاّ تتحمّـلوا شيئًا.      

 

في مُجتمع الناس العاديّين، ومن أجل الشّهرة والكسب، من أجل صراعاتٍ وخلافاتٍ مع الآخرين، أنتم لا تستطيعون الأكلَ جيّدًا ولا النـّومَ جيّدًا، كلّ جسمكم قد أهلِكَ من جرّاء هذا إلى حدّ ٍ لا يُعقلُ، عندما تتمّ مُعاينة جسمكم من عالم ٍ آخرَ، فإنّ عظامكم كلـّها سوداء. تطهير جسم كهذا دُفعة واحدة ، دون أيّ ردّة فعل ٍ، هذا ليس مُمكنـًا، لذلك ستحدُثُ عندكم ردّات فعل ٍ. البعضُ يُمكن أن يكونَ لديهم إسهال وتقيّؤ في الآن نفسه. في الماضي، الكثيرُ من المُتعلـّمين من أمكنةٍ مُختلفةٍ كانوا يقولون لي في تقارير تجاربهم وتأمّلاتهم: "أيّها المعلـّم، في طريق العودة إلى منزلي عند نهاية الدّرس، بحثتُ باستمرار وطوال الطـّريق، عن دَورات المياه، إلى حدّ وُصولي إلى البيت." لأنّ الأحشاءَ هي أيضًا يجبُ أن تـُطهّرَ. يحدُثُ أنّ أناسًا يغفـُونَ ويستيقظون حالما أنهي مُحاضرتي. لِمَ هذا ؟ لأنّ لديهم أمراضًا في الدّماغ، ويجبُ أن تـُعَدّلَ من أجلهم. وهُم لن يستطيعوا تحمّـل هذا التـّعديل وهُم في حالة وعي ٍ، لذلك يجبُ إدخالهم في حالة تخدير ٍ، هم لا يعرفون ذلك. ولكنّ بعضهم لديهم حاسّة سمع سليمةٍ، هُم ينامون نومًا عميقـًا، ولكنـّهم قد سمعوا كلّ شيءٍ، دون إفلات كلمةٍ. ومنذ ذلك الحين، يعودُ ذلك الشّخصُ مُمتلئـًا بالحيويّة، ولن يشعُرَ بالنـّعاس وإن لم ينم  لِمُدّة يوْميْن. كلـّها حالات مُختلفة، كلّ شيءٍ يجبُ أن يُسَوّى، كلّ جسمكُم يجبُ أن يُطهّرَ بصفةٍ كُلـّيةٍ.         

 

بالنـّسبة للناس الذين يدخُلون حقـّا في ممارسة الفالون دافا، إن كُنتم تستطيعون مُفارقة روح تعلـّقكم، سوف تكونُ لكم ردّات فعل ٍ منذ الآن. بينما أولئك الذين لا يستطيعون أن يترُكوا جانبًا روح تعلـّقهم، رغم ادّعاءاتهم بأنهم قد انفصلوا عنها، في الحقيقة هم لا يستطيعون ذلك، إذن فسيكونُ من الصّعب عليهم النجاح. هناك أيضًا قسم سيفهمون لاحقـًا ما أعلـّمه في الدّرس، فيما بعدُ، سيُفارقون روح تعلـّقهم، وتـُطـَهـّرُ أجسامهمُ، آخرون سيكونون مُرتاحين جدّا وخفيفي الجسم، أمّا هم سيكونون قد بدؤوا فقط في مرحلة إزالة الأمراض والإحساس بالعذاب. في كلّ دورةٍ تكوينيّةٍ، هناك دائمـًا أشخاص مُتأخّرون من هذا النـّوع بسبب قدرتهم الضّعيفة على الاستيعاب، وتبَعـًا لذلك، مهما تكُنْ الحالة التي ستمرّون بها، هي طبيعيّة جدا. أثناء دوراتي التكوينيّة المنظمة في مكان آخر، حدث أن شعُرَ البعضُ بحالةٍ سيّئةٍ جدّا، وتهالكوا علىالكراسي وأبوْا مغادرة المكان، كانوا ينتظرون أن أنزلَ من المنصّة لأعالجهم، إن كُنتم لا تستطيعونَ اجتيازَ امتحان كهذا، فلا تزالُ هناك امتحانات كُبرى تنتظركم في تعهّدكم وممارستكم المُقبـِليْن، إن كان هذا يبدو لكُم مُستحيل الاجتياز، فكيف ستتعهّدون وتـُمارسون ؟ ألا تستطيعون اجتياز أمر بسيط كهذا ؟ كلـّكم تستطيعون اجتيازَهُ. إذن، لا تبحثوا عنـّي مرّة ثانية ً لأعالجكم، وبقطع النـّظر عن كلّ شيءٍ، أنا لا أداوي، كلّ مرّة تذكُرون فيها كلمة "مرض" أحسّ بالنـّفور.               

                                     

إنه من الصّعب حقـّا تخليص الإنسان، في كلّ دورةٍ تكوينيّةٍ، هناك دائمًا 5 % أو 10 % من الناس لا يتوصّـلون إلى المُتابعة. إنه من المُستحيل أن يحصُـلَ كلّ الناس على الطريق، حتـّى بالنـّسبة لأولئك الذين يُثابرون على ممارسة التـّمارين، يجبُ أن نرى أيضًا ما إذا كُـنتم أم لا قادرين على اتـّخاذ قرار التعهّد، من المُستحيل أن ينجَحَ كلّ الناس في أن يكونوا بوذا. بالنـّسبة لأولئك الذين يتعهّدون حقـّا الدّافـا، قراءة هذا الكتاب ستـُـظهرُ لديهم نفس الحالات وستجعلهم يحصُـلون على كلّ ما يجبُ أن يحصُـلوا عليه.   


                                                                                                   

                                                                                                                                                                                                        

المحاضرة الثالثة

 

 

أعتبرُ كل التلاميذ مُريديّ

 

هل تدرون ما الذي أفعله ؟ أنا أعتبرُ كلّ التلاميذ مُريديّ، بما فيهم أولئك الذين يدرسون بمُـفردهم ويستطيعون التعهّد والممارسة حقـّا. أنا أبلـّغكم طريقة الممارسة نحو المستويات العالية، وإن أنا لم أتولّ أمركم بهذا الشكل، فلن يستقيمَ الأمرُُ. وإلاّ فهذا يعني أنني لا أتحمّـل المسؤوليّة وأنـني أفعل أيّ شيءٍ. نحن نـُعطيكم أشياء جمّة ً ونكشفُ لكم قوانين جمّة ً لا يجبُ أن يعرفها الناس العاديّون، أنا أدعوكم إلى هذا الشّرع الأكبر، وأعطيكم زيادة ًعلى ذلك عددًا كبيرًا من الأشياء. لقد تمّ تطهير جسدكم، وفي كلّ الحالات ما أفعله مُرتبط بمسائل أخرى، لذلك من المُستحيل على الإطلاق ألاّ أعتبرَكُم مُريديّ.  ليس من المسموح أن يتمّ كشف ذلك الكمّ من أسرار السّماء بكلّ بساطةٍ لإنسان عاديّ. ولكنّ هناك نقطة تستحقّ التوضيـح: إنّ العصر قد تغيّر، نحنُ لم نعُدْ نتـّبـعُ الطـّقوس التي تتمثـّـل في السّجود والانحناء، الطـّقوس من هذا النـّوع، مثل تلك التي تـُمارَسُ في الأديان، لا جدوى منها، لذلك نحنُ لا نـُمارسها. ما الفائدة في أن تسجُدَ للمُعلـّم وتنحني أمامه، إن كُنتَ، عندما تخرجُ، تتصرّف من جديدٍ كالسّابق، وكما يعنّ لك، بين الناس العاديّين، تفعلُ ما تـُريدُ أن تفعلهُ، وتـُخاصمُ وتـُصارعُ لكي تدافعَ عن سُمعتكَ ومصلحتكَ. ما النـّفعُ من ذلك ؟ ربّما حتـّى أنـك سترفعُ رايتي مُفسدًا سُمعة الشّرع الأكبر.

 

فيما يخصّ الشّيولين الحقيقيّ، ما يهمّ هو تعهّد قلبكم، وليس سواهُ. طالما أنـكم تستطيعون أن تتعهّدوا انفسكم وتـُـتابعوا التعهّد بجدّيةٍ وثباتٍ، فسنعتبركم مُريدين وسنقود خـُطاكم، إن لم نـُعاملكم بهذه الطريقة، فلن يستقيمَ الأمر. ولكن بالنـّسبة لبعض الأشخاص، من الممكن أنـّهم لا يستطيعون اعتبار أنفسهم ممارسين حقيقيّين ؛ إنّ هذا مُستحيل بالنـّسبة لبعض الأشخاص. ومع ذلك، كثير من الناس يستطيعون حقـّا مواصلة تعهّد أنفسهم والممارسة. يكفي أن تـُواصلوا تعهّد أنفسكم، لكي يتسنـّى لنا اعتبارُكم مُريدين.

 

هل سيتمّ اعتباركم مُريدين للفالون دافا فقط عبر ممارسةٍ يوميّةٍ لمجموعةٍ من التـّمارين ؟ هذا ليس أكيدًا. لأنّ الشّيولين الحقيقيّ يجبُ أن يخضعَ لمقياس السين سينغ المطلوب، ويجبُ أن ترفعوا السين سينغ. هذا هو حقـّا الشّيولين. إن تـُمارسوا التـّمارين فقط دون رفع السين سينغ، وإن لم تكُنْ لديكم الطاقة القويّة التي تـَدْعَمُ كلّ شيءٍ، فلا يُمكن حتـّى أن نتحدّثَ عن "شيولين"، ولا يُمكن أيضًا أن نعتبركم مُريدي الفالون دافا. إن استمررتم في البقاء هكذا، وكنتم لا تستجيبون لِشروط مدرستنا الفالون دافا، ولا ترفعون السين سينغ، وتتصرّفون وسط الناس العاديّين كما يبدو لكم، فحتـّى وإن كنتم تـُمارسون التـّمارين، فرُبّما ستعترضكم مشاكل أخرى، ربّما حتـّى أنكم ستتـّهمون ممارسة الفالون دافا بِجرّكم إلى الانحراف، كلّ هذا ممكن جدّا حُدوثه. لذلك يجبُ عليكم أن تتصرّفوا حقـّا وفق مقياس السين سينغ الذي نـُطالِبُ به، هكذا تكونون ممارسين حقيقيّين. لقد تحدّثتُ إليكم بوضوح ٍ، إذن لا تأتوا في طلبي لِتقوموا بمراسم التـّـقديس للمعلـّم، يكفي أن تتعهّدوا أنفسكم بحقّ، وسوف أعاملكم كمُريديّ. أجسام الشّرع "فاشن" التي تتبعُـني هي كثيرة إلى درجة أنـّها لا تـُعَدّ ولا تـُحصى، فما بالك بهؤلاء التلاميذ، حتـّى ولو كانوا بأعداد أكبرَ، أنا قادر على الاعتناء بهم.

                                                                                                       

طريقة مدرسة بوذا والبوذيّة

 

إنّ طريقة مدرسة بوذا ليست الدّيانة البوذيّة، في هذا الصّدد، أنا أجزم بوضوح ؛ في الواقع، طريقة مدرسة "داوُو، Dao" هي أيضًا ليست الدّيانة الطاويّة. البعض منـّا يخلطون دائمًا بين هذه المفاهيم. هناك أشخاص هم رُهبان في المعبد، وهناك آخرون هم بوذيّون لاييكيّون ؛ هم يظنون أنهم يعرفون الدّيانة البوذيّة أحسنَ من غيرهم، لذلك هم لا يتورّعون عن نشر أشياء من هذه الدّيانة بين تلاميذنا. يجبُ أن أقولَ لكم ألاّ تتصرّفوا هكذا، لأنّ هذه أشياء تنتمي إلى مُختلف أبواب الشّرع. الدّيانة لها شكلها الدينيّ، بينما نحنُ، نحنُ نـُبلـّغ جُزءًا من شيولين مدرستنا دون شكل دينيّ، إلاّ للتلاميذ الذين يُمارسون الفالون دافا في المعبد، وتبعًا لذلك، نحن لا ننتمي إلى الدّيانة البوذيّة في فترة نهاية الشّرع.

                                                                                                                                      

إنّ شرع الدّيانة البوذيّة لا يُمثـّـل سوى جُزء صغير من شرع بوذا، هناك أيضًا كثير من الشّرائع الكُبرى، العالية والعميقة، هناك بالإضافة إلى ذلك شرائع مُختلفة في كلّ مستوى. لقد قال ساكياموني أنّ الشّيولين له 84.000 فامان (مدرسة، باب شرع). الدّيانة البوذيّة لا تضمّ سوى قليل منها، مدرسة تيان تاي، مدرسة هوايان، مدرسة الدهايانا (مدرسة "تشان، Zen")، الأرض النـقيّة، المدرسة الباطنيّة (التانتريزم)... إنّ هذا بعيد كلّ البُعد عن أن يُمثــّلَ حتـّى عددًا ضئيلاً منها ! لذلك لا تستطيـعُ الدّيانة البوذيّة أن تحتوي كلّ شرع بوذا، إنـّها ليست سوى جُزء صغير من شرع بوذا . مدرستنا الفالون دافا هي أيضًا واحدة من الـ 84.000 فامان، ولا علاقة لها مع الدّيانة البوذيّة الأولى ولا حتـّى مع الدّيانة البوذيّة في فترة نهاية الشّرع، ولا مع الدّيانات الحاليّة.                                             

 

لقد أنشأ ساكياموني الدّيانة البوذيّة منذ ألفين وخمسمائة سنةٍ في الهند القديمة. في ذلك العصر، بعد يقظته وإطلاق القونق لديه، تذكّر ما تعهّده ومارسه من قبلُ، وبلـّغه بغاية منح الخلاص للإنسان. رغم آلاف وآلاف كُتب التـّعاليم المُنبثقة من هذا الفامان، ففي الحقيقة ليس هناك سوى ثلاث كلماتٍ، إنّ خاصّية مدرسته هي: "دجي، دينق، هوي ؛ Jie, ding, hui". "دجي" (الزّهد، التجرّد) هي أن يتجرّد الإنسان من جميـع رغبات النـّاس العاديّين ؛ يعني أن  تـُفارقوا السّعي وراء مصالحكم، وأن تقطعوا الوشائج مع كلّ ماهو دُنيويّ، الخ. وبهذه الطريقة يُصبح قلب المرء فارغـًا، ويُصبح لا يُفكّر بشيءٍ، وهكذا يصلُ إلى حالة "دينق" (حالة التـأمّل العميق والسّكينة)، إنّ الأمران يتكاملان. وبعد بلوغ حالة "دينق"، يجبُ على المرء أن يتـّخذ وضعيّة الجلوس لِيتعهّد بحقّ وبفضل قوّة حالة  "دينق" يتعهّد نحو الأعلى، إنـّه جزء الشّيولين الحقيقيّ في هذا الفامان. لا يتحدّثون عن حركاتٍ، ولا يتمّ تحويل "البنتي" (الجسد في مُختلف العوالم). هنا لا يتمّ سوى تعهّد القونق، وهذا الأخير هو الذي يُحدّد الدّرجة، وهذا يعني أنّ المرء يكتفي بتعهّد وممارسة طبيعته الأخلاقيّة والنـّفسيّة، ولا يتعهّد الجسد ولا مجال أيضًا للحديث عن تحويل القونق. وفي نفس الوقت، يُقوّي المرءُ حالة "دينق"، يتعذب أثناء التـأمّـل، يمحو ديونه (الكارما) في وضعيّة الجلوس. "هوي" (الحكمة) تعني أنّ الإنسان يصلُ إلى اليقظة، هو الآن يتمتـّع بذكاء كبير وحكمة كبيرة. لقد رأى حقيقة الكون، لقد رأى الشّـكل الحقيقيّ لكلّ عالم من عوالم الكون، قدراته الإلهيّة تتجلـّى كاملة ً. "فتح" الحكمة و"فتح" اليقظة يُسمّى أيضًَا "فتح" القونق.        

                                                                                             

في الفترة التي أسّس فيها ساكياموني هذا الفامان، كانت هناك في الهند ثمانية أديان تـُبَلـّغ ُ في نفس الوقت. كان هناك دين مُترسّخ بعُمق يُسمّى "البراهمانيّة". وقد عرف ساكياموني في حياته صراعات ايديولوجيّة مع الأديان الأخرى. وبما أنّ ما بلـّغه ساكياموني كان الشّريعة الحقـّة، فإنّ شريعة بوذا التي كان يُبلـّغها أخذت تكتسبُ المزيد من القوّة والازدهار. وفي المُقابل، أخذت الأديان الأخرى تذوي شيئـًا فشيئـًا، وحتـّى البراهمانيّة المُـترسّخة بعُمق أصبحت آخذة ً في الاندثار. ولكن بعد نيرفانا ساكياموني، أخذت الأديان الأخرى تزدهرُ من جديدٍ، وخاصّة  البراهمانيّة، أخذت تزدهرُ من جديدٍ. والدّيانة البوذيّة، ماذا حصل لها ؟ كان هناك رُهبان تمّ إطلاق القونق لديهم ووصلوا إلى اليقظة في مُختلف المُستويات، ولكنّ مُستوياتهم كانت مُتدنـّية نسبيّا. لقد وصل ساكياموني إلى درجة تاتهاقاتا، عدد كبير من الرّهبان لم يصلوا إلى تلك الدّرجة.          

 

إنّ شريعة بوذا تتجلـّى بطرق مُختلفة في مُختلف الدّرجات، ولكن كلـّما كان المستوى عاليًا كلـّما كان أقربَ إلى الحقيقة، وكلـّما كان المستوى مُتدنـّيـًا كلـّما ابتعدَ عن الحقيقة. إذن فالرّهبان الذين أطلقوا طاقتهم (القونق) ووصلوا إلى اليقظة في مُستوىً مُتدنّ ٍ، فسّروا ما قاله ساكياموني مُستعملين صُور الكون التي شاهدوها والوضعيّة التي عاشوها والقانون الذي رأوْهُ في مُستوياتهم. هذا يعني أنّ بعض الرّهبان فسّروا الشّرع الذي تحدّث عنه ساكياموني بهذه الطريقة أو تلك. رهبان آخرون نشروا ما فهموه هُم على أنـّه كلمات بوذا عوض أن يقولوا للنـّاس كلمات بوذا الأصليّة ؛ بحيثُ أنّ شرع بوذا أصبح لا يُعرَفُ، لم يعُد بالمرّة ذاك نفسُهُ الذي بلـّغه ساكياموني، وفي نهاية الأمر اختفى شرع بوذا الذي ينتمي للدّيانة البوذيّة من الهند. إنّ هذه لعِبرة بالغة في التـّاريـخ، لذلك لم توجد فيما بعدُ ديانة بوذيّة في الهند. قبل اختفاءها، كانت الديانة البوذيّة، والتي تمّ تنقيحُها عدّة مرّاتٍ، قد امتصّت أشياء من البراهمانيّة، وأصبحت الدّيانة الموجودة حاليّا التي تـُسمّى الدّيانة الهندوسيّة. عوض تقديس بوذا، تقدّس هذه الدّيانة أشياء أخرى، وهي أيضـًا لا تعتقدُ في ساكياموني، نعم، تلك هي الوضعيّة.

                                                                                                   

 أثناء تطوّر الدّيانة البوذيّة، وقعت هناك إصلاحات كُبرى عديدة. بعد مُضيّ فترةٍ قصيرةٍ من رحيل ساكياموني عن هذا العالم، أنشأ بعض الناس "الدّيانة البوذيّة ذات العربة الكبيرة" (الماهايانا، Mahayâna) طِبقـًا لتعاليم المستوى العُلويّ التي قالها ساكياموني. كانوا يعتبرون أنّ الشّرع الذي دعا إليه ساكياموني عامّة النـّاس كان مُوجّهًا إلى النـّاس العاديّين، لِكي يُخلـّصَ الإنسان نفسَهُ ويبلـُغ َ مرتبة ثمرة "أرهات، Arhat" (لووهان، Luohan) وأنـّه لا يتضمّن خلاص جميـع الكائنات، لذلك سَمّوْها "الدّيانة البوذيّة ذات العربة الصّغيرة" (الهينايانا، Hinayâna). رهبان بلدان جنوب شرق آسيا احتفظوا بالطـّريقة الأولى لشيولين زمن ساكياموني، في رُبوع الـ"هان"، كانت تـُسمّى الدّيانة البوذيّة ذات العربة الصّغيرة. طبعًا هم أنفسهم لا يَرَوْن الأمورَ بهذه الطريقة، هم يعتبرون أنـّهم ورِثوا تقاليد ساكياموني الأصليّة. في الحقيقة الأمرُ هكذا، لقد ورثوا بالأساس طريقة شيولين عصر بوذا.                 

                                                                         

 بعد إدخالها إلى الصّين، استقرّت هذه الماهايانا المُنقـّحة لدينا، إنـّها الدّيانة البوذيّة المُنتشرة في الصّين اليوم. إنـّها بالفعل لا تـُعرَفُ بالمقارنة مع الدّيانة البوذيّة لِزمن ساكياموني. كلّ شيءٍ تغيّرَ فيها، من نوعيّة اللـّباس وُصولاً إلى حالة اليَـقظة برُمّـتها وإلى مسار الشّيولين. إنّ الدّيانة البوذيّة الأولى لم تكُن تـُعطي شعائر الولاء والتـّـقديس سوى لساكياموني بصفته شيخها المُؤسّس، ولكنّ عددًا كبيرًا من البوذا والبودهيساتفا الكبار قد ظهر في الدّيانة البوذية الحاليّة، هذه الأخيرة تـُؤمن بـ"بوذا تاتهاقاتا" عديدين. لقد أصبحت ديانة ً بوذيّة ً مُتعدّدة البوذا. ولـْنذكُر مثالاً: بوذا"أميتابها،Amitabha" ؛ بوذا"بهايشاياقورو، Bhaishayaguru" ؛ " تاتهاقاتا الشّمس الكُبرى" ؛ الخ. هناك أيضًا كثير من البودهيساتفا الكِبار. وهكذا فإنّ الدّيانة البوذيّة مُختلفة تمامًا عن تلك التي أنشأها ساكياموني في عهده.

                                   

 أثناء هذه الفترة، وقعت مجموعة من الإصلاحات، قامت الـ"بودهيساتفا لونقشو" (بوسا ناقارجونا، Nâgârjuna) بتبليـغ طريقة شيولين باطنيّةٍ، وتنقـلت هذه الأخيرة من الهند، مُرورًا بأفغانستان، ودخلت في إقليمنا "سيندجيانغ، xinjiang" لِتصِلَ في النـّهاية إلى رُبوع الهان. كان ذلك بالتـّحديد في زمن "تانق، Tang"، لذلك سُمّيَتْ "باطنيّة تانق" (تانق تانتريزم). ونظرًا لأنّ الصّين مُتأثرة بالكونفوشيوسيّة، فإنّ مفهومها للأخلاق يختلفُ عن البلدان الأخرى. بما أنّ طريقة الشّيولين هذه في المدرسة الباطنيّة تحتوي على التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة، فإنـّه لم يكُن مُمكنـًا أن يقبلها مُجتمع ذلك العصر، لذلك أثناء فترة حُكم "هويشانق، Huichang" عند التانق، وقع إلغاؤها بالتزامُن مع القضاء على البوذيّة، وهكذا اختفت باطنيّة تانق من رُبوع الهان عندنا. يُوجد حاليّا في اليابان طريقة تـُدعى "الباطنيّة الشّرقيّة"، لقد تعلـّموها من الصّين في تلك الحقبة، ولكنها لم تمُرّ بـ"قواندينق" (سكب الطاقة عبر قمّة الرّأس). حسب المدرسة الباطنيّة، اكتساب طريقةٍ من طرق المدرسة الباطنيّة دون قواندينق هو عبارة عن سرقةٍ للشّرع، ولايُعتبَرُ ذلك نقلاً مُباشرًا وحقيقيّا. هناك فرع آخر من هذه الممارسة عَبَرَ طريقهُ من الهند والنـّيبال وُصولاً إلى  التيبت، يُسمّى "الباطنيّة التـّـيبتـيّة"، وهو يُبَلـّـغُ إلى يومنا هذا. كانت هذه إذن لمحة ً عامّة ًعن الدّيانة البوذيّة، قد لخّصتُ مراحل تطوّرها ونـُموّها. أثناء تكوّن الدّيانة البوذيّة ككُلّ ٍ، ظهرت أيضًا مدرسة الدّهايانا التي أسّسها بودّهيدارما، مدرسة الأرض النـقيّة، مدرسة هوايان، الخ. وكُـلـّها تأسّست بالاعتماد على الفهم لتعاليم ساكياموني حسب درجة الوعي، وهي أيضـًا تنتمي إلى الدّيانة البوذيّة المُنقـّحة. هناك قرابة عشرة فامان في الدّيانة البوذيّة، وقد أخذت شكل الدّين، إذن فهي كلـّها تنتمي إلى الدّيانة البوذيّة.

             

 قرننا هذا شهدَ ظهور أديان، لا فقط في قرننا، بل أيضًا في القرون التي سَبَقتْ، في كلّ أنحاء العالم، شهـِدَ النـّاس ظهور عديد الأديان الجديدة، وأغلبُها مُزيّفة. المُـتيقظون الكبار الذين يجلبون الخلاص للنـّاس يملكون كلّ منهم مملكته السّماويّة الخاصّة (جنـّته): ساكياموني، أميتابها، تاتهاقاتا الشّمس الكُبرى،الخ. هؤلاء البوذا التاتهاقاتا يحملون معهم الخلاص للإنسان، وكلّ منهم يترأس عالمـًا مُعيّنـًا. في مجرّتنا، هناك أكثر من مائة عالم مثلها، مدرستنا الفالون دافا لها أيضًا عالم (جنـّة) الفالون.   

                                                                                                            

أمّا بالنـّسبة للـفامان المُزيّفة، فأين تحملُ الإنسانَ الذي تـُريد تخليصهُ ؟ إنـّها لا تستطيـعُ تخليص الإنسان، إنّ ما تدعو إليه ليس الشّرع . طبعـًا بالنـّسبة للـّذين أسّسوا دياناتٍ، في البداية، هم لم يكونوا يُريدون أن يُصبحوا شياطين يُعرقلون الدّين الحقّ. وعندما تمّت يقظتهم، وتمّ إطلاق القونق لديهم في مُستويات مُُختلفة، رأوْا عددًا قليلاً من القوانين، ولكنـّهم كانوا بعيدين كلّ البُعد عن المُتيقظ الذي بمقدوره أن يمنحَ الخلاص للنـّاس، لقد كانوا في مستوى أدنى بكثير. لقد اطـّلعوا على بعض الحقائق وأدركوا أنّ بعض أمور الناس العاديّين هي باطلة، وقد علـّموا أيضًا الناس القيام بالخير ؛ هم كذلك لم يكونوا مُعارضين للأديان في البداية. وفي نهاية الأمر، آمن النـّاس بهم واعتقدوا أنّ ما يقولونه صحيـح، ثمّ زاد اعتقادهم فيهم شيئًا فشيئًا، حتـّى صاروا في النـّهاية يُقدّسونهم ولم يعودوا يعتقدون في الدّين. فظهرت روح تعلـّقهم بالشّهرة والكسب، فأطلقوا على أنفسهم ألقابًا كما يشاؤون، ثمّ منذ ذلك الحين، نصّبوا ديانة ً جديدة ً. أنا أقول لكم جميعًا أنّ هذا ينتمي إلى الدّيانة الشّيطانيّة، حتـّى وإن لم يكُنْ هذا يُلحقُ ضررًا بالإنسان، فهي تبقى على كلّ حال  ديانة ً شيطانيّة ً، هذا يُزعزعُ الإيمان بالدّين الحقّ الذي يستطيـعُ أن يُخلـّص النـّاس، أمّا هُم فلا يستطيعون ذلك مُطلقـًا. طيلة مسار تطوّرها، سبّبت هذه الأديان الأذى خفية ً. في هذه الفترة الأخيرة، كثير من الأشياء المُماثلة قد انتشرت في بلدنا الصّين، مثلاً المدرسة المدعوّة بـ"قوانيين، Guanyin" هي واحدة منها. الجميـع يجبُ أن ينتبهوا جيّدًا، يُقال أنـّه يُوجد أكثر من 2000 في أحد بلدان آسيا الشرقيّة، في بُلدان جنوب شرق آسيا وفي بلدان أخرى غربيّة، يُصدّق النـّاس أيّ شيءٍ، بل هناك بلد تـُمارَسُ فيه عبادة الشّيطان جهرًا. كلّ هذه الأشياء هي شياطين ظهرت في فترة نهاية الشّرع . فترة نهاية الشّرع لا تخـُصّ الدّيانة البوذيّة فحسبُ، بل أيضًا فساد كثير من العوالم العلويّة الرّفيعة جدّا وسُقوطها إلى أسفل. نهاية الشّرع لا تعني نهاية شرع الدّيانة البوذيّة فحسبُ، بل أيضًا غياب الشّرع عن قلب الإنسان، القلب الذي يُحافظ على الأخلاق في المُجتمع الإنسانيّ.

 

 

 

الشيولين يجبُ أن يكون صِرفــًا

 

 نحنُ نقول أنّ الشّيولين يجبُ أن يكونَ صِرْفـًا، لا يهمّ كيف تتعهّدون، ولكن يُمنـَعُ أن تتعهّدوا كما شئتم مازجين أشياء أخرى. هناك بوذيّون لاييكيّون، يتعهّدون عناصر الدّيانة البوذيّة، ويتعهّدون أيضًا أشياء مدرستنا الفالون دافا. ها أنذا أقول لكم، لن تحصلوا على شيءٍ في النـّهاية، لا أحد سيُعطيكم شيئًا. رغم أنـنا ننتمي كلـّـنا إلى مدرسة بوذا، فالأمر يتعلـّق هنا بمُشكل سين سينغ وأيضًا بمسألة اتـّباع مدرسةٍ واحدةٍ. أنتم ليس لديكم سوى جسم واحدٍ، إذن فجسمكم سيتعهّد طاقة أيّة مدرسة ؟ كيف سيتمّ تحويلها من أجلكم ؟ سوف تذهبون حيثُ تـُوصِلـُكم المدرسة التي تتعهّدونها. لو تتعهّدون وفق طريقة الأرض النـقيّة فسوف تذهبون إلى عالم البوذا أميتابها: السّعادة الكاملة ؛ لو تتعهّدون وفق طريقة البوذا بايشهاياقورو، فسوف تذهبون إلى عالم اللاّزورد (المايوليكا). هذا على الأقلّ ما يُقال في الدّيانة، يُقال "بو آر فامان، Bu er famen" (ما من بابيْن للشّرع).   

                                          

 نحن هنا نتحدّث عن ممارسة القونق، في الواقع، إنّ المسألة هي المسار الكامل لتحوّل القونق وفق الفامان الذي تمّت مُمارسته. أين تـُريدون الذهاب ؟ لو تضعون كلّ قدم على مركبٍمُختلفٍ فلن تصلوا إلى أيّ شيءٍ. لا يجب خلط ممارسة القونق مع شيولين بوذا في المعبد، وليس ذلك فحسبُ، بل أيضًا لا يجبُ الخلط بين مُختلف طرُق الشّيولين أو مُختلف مدارس التشيكونق أو مُختلف الأديان. حتـّى داخل نفس الدّين، لا يجبُ الخلط بين مُختلف الفامان، يجبُ أن تختاروا منها واحدة ً فقط لتتعهّدوا أنفسكم. أنتم تتعهّدون داخل الأرض النـقيّة، إذن فهي الأرض النـقيّة ؛ أنتم تتعهّدون داخل المدرسة الباطنيّة، إذن فهي المدرسة الباطنيّة ؛ أنتم تتعهّدون داخل مدرسة دهايانا إذن فهي مدرسة دهايانا. لو تضعون كلّ قدم على مركبٍ مُختلفٍ، وتتعهّدون في الآن نفسه هذه وتلكَ، لن تحصُلوا على شيءٍ. يعني أنه حتـّى في الدّيانة البوذيّة، يدعُون إلى "بو آر فامان" ؛ وليس مسموحًا الخلط بينهما أثناء التعهّد. الدّيانة البوذيّة هي أيضًا ممارسة قونق، هي أيضًا شيولين، نـُشوء طاقتها ونموّها يسيران في خطـّ ٍمُواز ٍلمسار تعهّدها وممارستها والتحوّل المُبرمج من قِـبَـل مدرستها الخاصّة. في عوالم أخرى، هناك أيضًا مسار تحوّل للقونق، إنـّه أيضًا مسار مُعقـّد إلى أقصى درجةٍ، غامض ودقيق، ويُمنـَعُ على الشّخص إضافة أشياء أخرى إليه كما يُريد للتعهّد.                                    

                                                                      

 بعض البوذيّين اللاّييـكيّيـن، عندما يسمعون أنـنا نـُمارس طريقة ً تنتمي إلى مدرسة بوذا، يدفعون في الحال تلاميذنا للذهاب إلى المعبد لاعتناق الدّيانة البوذيّة. ها أنذا أقول لكم، لا أحد من تلاميذنا الحاضرين ههُـنا، لا أحد يجبُ أن يفعلَ ذلك. أنتم تـُعرقلون شرعنا الأكبر "الدافـا"، وأيضاً قواعد الدّيانة البوذيّة، وفي نفس الوقت الذي تـُدخلون فيه الاضطراب على التـّلاميذ، تقودونهم إلى حيث لا ينالون شيئـًا، إنّ الأمر لا يستقيمُ هكذا. إنّ الشّيولين مسألة جدّية، وينبغي قطعـًا أن يكونَ صِرفـًا. هذا الجُزء الذي نـُبلـّغه بين الناس العاديّين، رغم كونه ليس دينـًا، إلاّ أنّ له غاية شيولين مُماثلة، نـُريد كلـّـنا الوصول إلى إطلاق القونق واليَقظة، نـُريد الوصول إلى تحقـّق القونق والسّعادة التامّة.               

                                                       

 لقد قال ساكياموني أنـّه في فترة نهاية الشّرع، سيكونُ من الصّعب كثيرًا حتـّى بالنـّسبة لِرُهبان المعبد أن يُنقذوا أنفسهم، فضلاً عن البوذيّين اللاييـكيّيـن الذين لا يتكلـّف أحد عناء الاهتمام بهم. أنتم اعترفتم بهذا الشّخص أو ذاك كمُعلـّم، ولكنّ هذا المدعوّ "المعلـّم" هو أيضًا ممارس، إن كان لا يتعهّد حقـّا، فهذا ليس لديه أيّ قيمةٍ. لا أحد يُمكنه أن يذهبَ إلى فوق دون أن يتعهّد هذا القلبَ. إنّ الاعتناق هو عادة في مُحيط النـّاس العاديّين، بعد هذا الاعتناق، هل ستكون فردًا من أفراد مدرسة بوذا ؟ هل سيعتني بك بوذا ؟ كلاّ ولو تضربُ الأرض بجبهتك كلّ يوم إلى أن ينزِف الدّم، وتحرقُ البخورَ قبضة ً بعد قبضة ٍ، هذا لن يصلـُحَ لشيء ٍ، الشّيء الوحيد المُجدي هو أن تتعهّدَ قلبك بحقّ. في فترة نهاية الشّرع، قد حصلت تغيّرات كُبرى في الكون، حتـّى أماكن العبادة أصبحت سيّئة ولم تعُد كالسّابق، النـّاس المُزوّدون بقدرات وخوارق القونق (بما فيهم الرّهبان) يعرفون أيضًا هذه الوضعيّة. حاليّا في العالم، أنا هو الوحيد الذي يُبلـّغ الشّرع الحقّ للعموم، لقد فعلتُ شيئـًا لم يسبِقْ له مثيل، وزيادة ًعلى ذلك، أشرعتُ بابـًا واسعًا في فترة نهاية الشّرع هذه. في الواقع، لا يحصل مثل هذا الأمر حتـّى كلّ ألف سنةٍ، بل حتـّى كلّ عشرة آلاف سنةٍ، ولكنّ القدرة على بلوغ الخلاص أم لا، أي القدرة على التعهّد أم لا، هذا يتوقف عليكم أنتم، ما أقوله هو حقيقة كون ٍ شاسع ٍ.

 

أنا ليست لديّ النـيّة أن أجبركم على تعلـّم الفالون دافا، ما أقوله هو حقيقة. إن أردتم التعهّد والممارسة، يجبُ أن تقوموا بهما بطريقةٍ صِرفةٍ، وإلاّ فلن تستطيعو علىالإطلاق التعهّد والممارسة. طبعًا، إن كنتم لا تـُريدون التعهّد والممارسة، لن نهتمّ بكم من جديدٍ، الشّرع المدعوّ إليه هو للممارسين الحقيقيّين، لذلك ينبغي على المرء حتمًا أن يتـّبعه اتـّباعًـا صِرْفــًا، وأن لا يضُمّ إليه حتـّى مُجرّد أفكار ممارساتٍ أخرى. أنا هنا لا أتحدّث عن النـّشاط الفكريّ، ليس هناك أيّ نشاطٍ فكريّ في مدرستنا الفالون دافا، لا تـُضيفوا إذن أشياء تنتمي إلى النـّشاط الفكريّ. يجبُ وُجوبًا مطلقـًا الانتباه إلى هذه النـّقطة. في الصّميم، ليس هناك نشاط فكريّ، المدرسة البوذيّة تتحدّث عن الفراغ والمدرسة الطاويّة عن اللاّ-شيء.              

                                                                                                                             

في إحدى المرّات، وصَلـْـتُ تفكيري بأربعة، خمسة مُتيقظين كبار و"داوُو" كِبار ذوُو مستوىً عال إلى أقصى درجةٍ. عندما أقول "عال" فأنا أقصد عُلوّاً لا يستطيـع النـّاس العاديّون تصوّرهُ. لقد كانوا يُريدون معرفة ما أفكّر به في قلبي. أنا أتعهّد وأمارسُ منذ سنين كثيرة، النـّاس يُريدون الاطـّلاع على تفكيري، هذا يستحيل على الإطلاق، وقونقننق الآخرين لا يُمكن أبدًا أن تـنـْفذ َ إليه. لا أحد يستطيـع أن يعرفني، ولا أن يعلمَ ماذا أفكّر، المُتيقظون الكبار كانوا يُريدون أن يعرفوا نشاط أفكاري، لذلك، وبمُوافقـتي، أقاموا جسرًا واصلاً مع أفكاري لِمُدّةٍ مُعيّنةٍ. هذا الرّابط، تحمّلته بشيءٍ من العناء، لا يهمّ أين يقعُ علوّ درجتي، إن يكُن أعلى منهم أو أدنى، فنظرًا لأنني بين النـّاس العاديّين، فإنّ تفكيري يعملُ بنيّةٍ وبقصدٍ، وهو منحُ الخلاص للنـّاس، قلبي يعملُ من أجل خلاص الإنسانيّة. ولكن أيّ سكينةٍ في قلوبهم ! إنها سكينة رهيبة. فرد واحد بمثل تلك السّـكينة، كان من السّهل تحمّـله، ولكن أربعة أو خمسة أفراد جالسين هناك، كلـّهم ساكنون إلى ذلك الحدّ، مثل بحر ميّتٍ لم يعُد يُوجد فيه شيء أبدًا... لقد كُنتُ أريد أن أشعُرَ بهم، ولكن لم أستطعْ. وقد أحسستُ فيما بعدُ بقلق ٍفي قلبي لمدّة أيّام وعشتُ بذلك الإحساس. النـّاس العاديّون لا يستطيعون تخيّـل هذا الإحساس ولا الشعور به، لقد كان ذلك اللاّ- فعل والفراغ التـّامّـيْن.                               

                                                                                                               

 في المستوى العالي جدّا للشّيولين، ليس هناك أيّ حركيّة فكريّة، لأنكم قد اكتسبتـُم القاعدة عندما كُنتم في مستوى النـّاس العاديّين، مجموعة الأسُس قد وُضِعتْ كلـّها. الشّيولين في المستوى العالي، وبصفةٍ خاصّةٍ في طريقتـنا، هو آليّ، إنـّه شيولين آليّ تمامًا. ليس عليكم سوى رفع طبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة، وسوف ينمو القونق لديكم، لستم في حاجةٍ حتـّى إلى القيام بأيّ حركةٍ. حركاتنا تصلح لِتقوية هذه الأنظمة الآليّة، لماذا لا نتحرّك بالمرّة أثناء ممارسة التأمّل العميق ؟ إنه حقـّا اللاّ- فعل. لقد رأيتم أنّ المدرسة الطاويّة تتحدّث عن هذه التــّقـنية أو تلك، عن تدخّـل التـّفكير الذي يُوجّه الممارسة. أنا أقول لكم أنّ المدرسة الطاويّة عندما تخرجُ من مستوى التشي، كلّ ذلك لا يعود له وُجود، ولا يعود هناك حديث عن العمل الفكريّ. لذلك أولئك الذين مارسوا طرق تشيكونق أخرى لا يستطيعون التخلـّي عن التـنـفس والعمل الفكريّ، الخ. أنا أعلـّمهم أشياء في مستوى الجامعة بينما هم لا يزالون يسألونني عن أمور في مستوى المدرسة الابتدائيّة، كيف يتمّ نقل التشي، كيف يعملُ النـّشاط الفكريّ،.. لقد تعوّدوا فيما قبلُ على هذه الطريقة، إنـّهم يظنـّون أنّ التشيكونق هو هكذا، في الواقع، هو ليس كذلك.

 

 

 

قدرة القونق وقوّة القونق "قونق لي يو قونقننق،Gongneng yu gongli"                           

 

لدينا الكثير من الممارسين الذين لا يعرفون جيّدًا ألفاظ التشيكونق، البعض باقون إلى الآن في حيرةٍ من أمرهم. إنهم يأخذون "القونقننق،Gongneng " (قدرة القونق) على أنـّه "قونق لي، Gongli" (قوّة القونق) والعكس بالعكس. القونق الذي نكتسبه عبر تعهّد طبيعتـنا الأخلاقيّة والنفسيّة  يتطابق مع الطـّبـع الخاصّ بالكون ويُـنالُ عبر تحوّل مادّتنا البيضاء - دو. إنـّه يُحدّد ارتفاع درجة الشخص، وقوّة القونق لديه، وكذلك مرتبة الثمرة لديه ؛ إنـّه أهمّ قونق. أثناء الشّيولين، ماهي الظواهر التي يُمكن أن تتجلـّى ؟ يُمكن للمرء ان يكتسبَ تايي قونقننق (قدرات خاصّة)، نحن نـُسمّيها ببساطة قونقننق (قدرات القونق). القونق الذي يهدفُ إلى رفع المستوى والذي ذكرته منذ قليل يُسمّى قونق لي (قوّة القونق). كلـّما كان المستوى عاليـًا، كلـّما كان القونق لي قويّا، وكلـّما كانت قدرات القونق عظيمة ً.                                                      

                                            

 قدرات القونق ليست سوى نِتاجـًا تكميليّا أثناء الشّيولين، هي لا تـُمثل ارتفاع المستوى ولا قوّة القونق لي عند الشّخص، البعض يُمكن أن يكون لديه الكثير منها، البعض الآخر بصفةٍ أقلّ. ثمّ إنّ قدرات القونق لا يُمكن أن تـُكتسَبَ عبر السّعي وراءها وبصفتها الهدف الرّئيسيّ للشّيولين. فقط عندما يُقرّر الإنسان حقـّا القيام بالشّيولين، تنمو قدرات القونق، ولايُمكن أن نعتبرَها الهدف الرّئيسيّ للشّيولين. لماذا تسعَوْن وراءها ؟ أنتم تـُريدون استعمالها بين النـّاس العاديّين، أليس كذلك ؟ لا يُسمَحُ مُطلقـًا أن تستعملوها هكذا وسط النـّاس العاديّين، لذلك، بقدر ما تسعَوْن وراءها، بقدر ما تـُصبـحُ صعبة المنال. نظرًا لأنـّكم تبحثون عن اكتسابها فإنّ هذا البحث نفسه هو روح تعلـّق ٍ، وما يجبُ نزعه أثناء الشّيولين هو بالتـّحديد روح التعلـّق.                                                                                                       

                                                                                                                                       

 الكثير من النـّاس الذين وصلوا إلى حالةٍ مُرتفعةٍ وعميقةٍ من الشّيولين ليس لديهم قدرات قونق. لقد أغلقها المعلـّم عندهم، خشية ألاّ يستطيعوا التحكّم في أنفسهم وأن يرتكبوا سيّئاتٍ، لذلك هم لا يستطيعون استعمال قدراتهم الإلهيّة. هذا النـّوع من الأشخاص ليس نادرًا. إنّ قدرات القونق تخضعُ لإشراف وعي الإنسان. عندما ينام الإنسان، ربّما يفقد السّيطرة على نفسه، وبعد أن يحلـُمَ حُلمًا، ربّما في الغد صباحًا، نجدُ السّماء والأرض قد انقلبتا، هذا غير مسموح ٍ به. بما أنّ المرء يتعهّد ويُمارس وسط النـّاس العاديّين، فعُمومًا، لا يُسمَحُ لشخص يملك قدرات قونق كبيرة باستعمالها، أغلبُها تكون مُغلقة، ولكنّ هذا ليس مُطلقـًا. هناك كثير من النـّاس يتعهّدون ويُمارسون جيّداً فعلاً، هم يستطيعون التحكّم في أنفسهم، فنسمحُ لهؤلاء أن ينالوا جزءًا من قدرات القونق. هؤلاء النـّاس، حتـّى ولو نطلـُب منهم أن يستعرضوا قدراتهم وخوارقهم، فهُم لن يفعلوا على الإطلاق، إنـّهم يستطيعون التحكّم في أنفسهم.

 

 

 

 التعهّد المعكوس واستعارة القونق "فان شيو يو دجي قونق، Fan xiu yu jie gong"

 

 بعض النـّاس لا يُمارسون التشيكونق أو تعلـّموا فقط بعض الحركات في دورةٍ تكوينيّةٍ للتشيكونق، ولكنّ ما تعلـّموه يقتصرُ على المُداواة والحفاظ على الصّحّة، إنه ليس الشّيولين. يعني أنّ هؤلاء النـّاس لم يتـلقـّوْا أبدًا تلقينـًا حقيقيّا، ولكن بغتة ً، في ليلةٍ واحدةٍ، يأتيهم القونق. سوف نشرح من يأتي هذا النـّوع من القونق، إنـّه يأتي في أشكال عديدة.        

                                                                   

إحدى هذه الأشكال تـنتمي إلى التعهّد المعكوس "فان شيو". ما هو التعهّد المعكوس ؟ بعض   الأشخاص المُتقدّمين نسبيّا في السّن يُريدون التعهّد والممارسة، ولكنّ الوقت صار مُـتأخـّرًا كثيرًا ولم يعُد يُخوّل لهم أن يبدؤوا الشّيولين منذ البداية. في فترة أوج انتشار التشيكونق، أرادوا هم أيضًا التعهّد والممارسة، لقد كانوا يعلمون أنهم بواسطة التشيكونق يستطيعون أن ينفعوا الناس، وأنه يُمكنهم أيضًا أن يترقــّوْا في نفس الوقت، لقد كانت لديهم تلك الرّغبة: التـّرقــّي، التعهّد والممارسة. ولكن، في هذه السّـنين الأخيرة من بروز التشيكونق، عمِلَ مُعلـّمو التشيكونق كلـّهم من أجل نشر التشيكونق وإكسابه شعبيّة ً بين الناس، لا أحد بلـّغ أشياء المستويات العلويّة حقـّا. حتـّى اليوم، أنا الوحيد الذي أقوم بتبليـغ حقيقيّ للعامّة على مستوىً عال، ولا أحد غيري. كلّ أولئك الذين يُمارسون التعهّد المعكوس يبلغون سنـّا تفوق الخمسين سنة ً، إنـّهم أشخاص مُـتقدّمون في السّن، مع استعدادٍ حسن جدّا وعناصر طيّبة في أجسامهم، كلـّهم تقريبـًا تلاميذ يُرادُ تعليمهم واختيارهم للتـّـلقين. ولكن بالنـّسبة لهؤلاء النـّاس المُسنـّين، الأمر ليس سهلاً ! أين سيجدون مُعلـّمًا ؟ ورغم ذلك، حالما يُريدون التعهّد والممارسة، فإنّ هذه الفكرة التي تأتيهم تشعّ مثل الذهب وترجّ عالم الاتـّجاهات العشر. كثيرًا ما يتحدّث الناس عن طبيعة بوذا، وهذه هي طبيعة بوذا قد ظهرت.

           

من وجهة نظر المستوى العلويّ، ليس الهدف من حياة الإنسان أن يظلّ في وضعيّته تلك. لأنّ حياة الإنسان قد وُلِدت في فضاء الكون وهي تتماثل مع الطـّبع الخاصّ بالكون "الحقّ، الرّحمة، الصّبر"، إنّ طبيعتها الذاتيّة هي الطيبة والإحسان. ولكنّ تكاثر الحياتات قد خلق نوعًا من العلاقة الاجتماعية ؛ وتبَعًا لذلك، فإنّ بعض البشر أصبحوا أنانيّين فيما بينهم وسيّـئين، فلم يعودوا يستطيعون البقاء في درجة عليّةٍ جدّا، فسقطوا إلى درجة أخرى، وفي هذه الدّرجة أصبحوا أسوء من جديدٍ واستمرّوا يسقطون ويسقطون، وفي نهاية الأمر سقطوا إلى درجة النـّاس العاديّين ؛ وُصولاً إلى هذه الدّرجة، كان من المفروض أن تتمّ إبادتهم إبادة ً كلـيّة ً، ولكنّ المُتيقـظين الكبار، من رحمتهم، قرّروا أن يُعطوا فرصة أخرى للبشر في أكثرالظروف إيلامًا، وهكذا تمّ خلق هذا العالم.

                                                                                    

النـّاس الموجودون في عوالم أخرى ليس لديهم جسد حسّي. إنهم يستطيعون أن يُحلـّقوا في الفضاء، وحتـّى أن يكبروا أو يصغروا. إنّ عالمنا هذا يُجهّـز الإنسان بجسدٍ، الجسد الحسّي. مع هذا الجسد، لا يُطيقُ المرءَ البرد ولا الحرارة ولا التـّعب ولا الجوعَ، إنّ وضعه غير مُريـح دائمًا. أنتم تتعذبون عندما تمرضون، وعند الولادة، وعند الشّيخوخة، وعند الموت، نجعلكم تـُسدّدون ديونكم الكارميّة في هذه الآلام لِنرى إن كنتم قادرين على الرّجوع، إنّ فرصة ً أخرى قد أعطيت لكم، لقد سقط الإنسان إذن في الضّلالة. وبعد سقوطه ههُـنا، أعطيت له هاتان العينان لمنعه من رُؤية عوالم أخرى والشّكل الحقيقيّ للمادّة. إن كنتم قادرين على الرّجوع، فإنّ العذاب الأكثر مرارة ً هو الأكثر قيمة ً. بما أنـّه تـُوجد كثير من الصّعوبات وسط الضّلالة، فعندما تتعهّدون أنفسكم وتـُمارسون من أجل الرّجوع بفضل درجة الوعي، يكون الرّجوع سريعًا جدّا. لو تـُواصلون البقاء سيّـئين، فإنّ حياتكم سيقعُ إفناؤها ؛ لذلك، يرى المُتيقظون أنّ حياة الإنسان ليس الهدف منها أن يكونَ إنسانـًا، ولكن لِجعلكم تعودون إلى الأصل وتسترجعون الحقيقة الأولى. النـّاس العاديّون لا يستطيعون أن ينتبهوا لهذه النـّقطة، النـّاس العاديّون وسط المجتمع الإنسانيّ العاديّ يبقوْن ناسًا عاديّين، هم يُفكّرون في كيفيّة تحسين مستواهم المادّيّ وكيفيّة العيش أفضل. كلـّما عاشوا أفضل، كلـّما أصبحوا أنانيّين أكثر، وكلـّما كان لديهم حبّ المِلكيّة، وكلـّما ساروا في الاتـّجاه المُعاكس للطبـع الخاصّ بالكون، وهُم إذن يسيرون نحو الفناء.

 

إنّ العلويّين ينظرون إلى الأمر بهذه الكيفيّة، أنتم لديكم الإحساس أنـّكم تتقدّمون، ولكنـكم في الواقع تتراجعون إلى الخلف. البشريّون يظنـّون أنـّهم يُطوّرون العلم ويُحقـّقون تقدّمًا، في الحقيقة، هم لا يتقدّمون إلاّ تبَعًا لقانون الكون. ضمن السّرمديّين الثمانية، "جانق قولاوو، Zhang Guolao" يركبُ حماره مُـتـّجهًا للخلف، قليل من النـّاس يعلمون لماذا. أمّا هو فقد تبيّن له أنّ السّير إلى الأمام هو السّير إلى الوراء، لذلك هو يركبُ حماره في الاتـّجاه المُعاكس. لهذا السّبب، عندما تجيء فكرة التعهّد والممارسة لبعض النـّاس، يعتبر المُـتيقظون أنّ قلبهم ثمين إلى أقصى درجةٍ ويُقدّمون مُساعدتهم بدون شروطٍ. تلك هي وضعيّة تلاميذنا الحاضرين هنا، لو تـُريدون التعهّد والممارسة، يُمكن أن أساعدكم دون شروطٍ. ولكن إن كنتم تـُريدون، شأن الناس العاديّين، أن تـُداووا أمراضكم، إن كُـنتم ترغبون في هذا الشّيء أوذاك، فإنّ الأمر لن يستقيمَ هكذا، لن يُمكنني أن أساعدكم. لماذا ؟ لأنكم تـُريدون أن تكونوا أناسًا عاديّين، والإنسان العاديّ يجبُ أن يمُرّ بالولادة والشّيخوخة والمرض والموت، هذا ما يجبُ أن يكونَ، كلّ شيءٍ تحكمُه القوانين السّببيّة، لا يُمكن لأحدٍ أن يُدخل الاضطراب على شيءٍ. في الأصل، حياتكم لم تكُن تتضمّن الشّيولين، والآن أنتم تريدون أن تتعهّدوا وتمارسوا، إذن، فيجبُ أن نبرمجَ من جديدٍ حياتكم، ويُمكن إذن أن نـُعدّلَ أجسامكم.                                         

 

عندما يُريد إنسان أن يتعهّد ويمارسَ، عندما تظهر هذه الرّغبة، فإن المُتيقظين يَرَوْن ذلك، إنها حقـّا ثمينة جدّا، ولكن كيف مُساعدته ؟ أين يُوجد معلـّم في هذا العالم لتعليمه ؟ ثمّ إنـّه يزيد على الخمسين من عمره ؛ لا يُمكن للمُتيقظين أن يُعلـّموه، لأنهم لو أظهروا أنفسهم أمامهم ليُعلـّموه، ليدعوهُ للشّرع ويُـلقــّـنوه الطريقة، فسيكون ذلك هتكـًا لأسرار السّماء، هم أنفسهم سيسقطون من درجتهم. لقد وقع الإنسان في الضّلالة بسبب السّيـئات التي ارتكبها، هو مُضطرّ إلى التعهّد وسط الضّلالة مُعتمدًا على درجة وعيه في الفهم، لذلك لا يُمكن للمُتيقظين أن يُعلـّموه. لو أنّ البوذا الأحياء يدعونكم إلى الشّرع ويُعلـّمونكم الطريقة، فحتـّى الذين اقترفوا آثامًا لا تـُغتـَـفرُ سيأتون للتعلـّم، كلّ النـّاس سيُصدّقون بهذا، ما الذي سيبقى على النـّاس فهمه بواسطة درجة الوعي ؟ إنّ مسألة التـّيقظ لن يعود لها وجود. بما أنّ الإنسان قد سقط بنفسه في التـّـيْه، فإنـّه كان من المفروض أن يُعدَمَ، إنـّه في هذا التـّـيْه حيثُ يتمّ منحكم فرصة ً لتمكينكم من الرّجوع. إن كنتم قادرين على الرّجوع، سترجعون ؛ إن لم تكونوا قادرين على ذلك، ستـُواصلون سفر تجسّدكم "السّامسارا،samsâra" إلى حدّ الفناء.     

                                                                                                                               

يجب على المرء أن يسلكَ طريقه بنفسه، أنتم تريدون أن تتعهّدوا وتمارسوا، ما هو المسلك الذي يجب اتـّخاذه ؟ لقد التجأ المتيقظون إلى الوسيلة التالية: كان التشيكونق في تلك الفترة في أوج ازدهاره، وهذا أيضًا انعكاس للتـّـغيرات الحاصلة في الظواهر السّماويّة. لذلك، بهدف التـصرّف بشكل يتـّـفق وهذه التـّـغيرات السّماويّة، كانوا يُعطون الشّخص قونق حسب درجة السين سينغ عنده، مُزوّدين جسمه بأنبوبٍ مطـّاطٍ مثل حنفيّة المياه. عندما يُفتـَحُ، يصِلُ القونق. عندما يُريد الشّخص إرسال القونق، فإنّ هذا الأخير يأتي، عندما لا يكون بصدد إرساله، فذلك أنـّه ليس لديه قونق. هكذا تكون هذه الحالة، ونـُسمّيها التعهّد المعكوس، يتعهّد الشّخص من أعلى إلى أسفل، إلى حدّ بلوغ الكمال في الشّيولين. 

                                                                                           

إنّ تعهّدنا وممارستنا، عمومًا، يتمثلان في التعهّد من الأسفل إلى الأعلى، إلى حدّ بلوغ إطلاق القونق والكمال في الشّيولين. التعهّد المعكوس كان من أجل الأشخاص المُسنـّين الذين لم يعُد لديهم الوقت الكافي لكي يبدؤوا التعهّد انطلاقـًا من أسفل مستوى إلى أعلى مستوى، الأسرعُ بالنـّسبة لهم هو التعهّد من الأعلى إلى الأسفل. لقد كان ذاك أيضًا ظاهرة ًمن ظواهر تلك الفترة الزّمنيّة. إنّ شخصًا من هذا النـّوع كان يجبُ أن يمتلك سين سينغ عاليًا جدّا وكان يتمّ إعطاؤه قدرًا من الطاقة قويّا جدّا حسب السين سينغ. بأيّ غايةٍ ؟ إحدى الغايات كانت التـصرّف بشكل يتـّـفقُ والظاهرة السّماويّة لتلك الفترة. هناك احتمال قويّ أنّ ذلك الشّخص أثناء قيامه بأفعال طيّبة، سيتعرّض في نفس الوقت إلى عدّة مِحن ٍ. لأنه عندما يتعامل المرء مع النـّاس العاديّين، فإنّ شتـّى تعلـّقات النـّاس العاديّين يُمكن أن تـُزعجَهُ. من الناس من لا يفهمكم حتـّى ولو تشفون مرضه ؛ لقد طردتم عنه ذلك الكمّ الكبير من الأشياء السيّئة عندما عالجتموه، لقد داويتموه بشكل جيّدٍ، ومع ذلك يُمكن أنّ تلك التـّغيرات لم تـُصبح مرئيّة ً بعدُ. فيُصبح المريض مُستاءًا ولا يعترف بالجميل نحوكم. وربّما حتـّى يشتمكم وينعتكم بالمحتال ! إنـّه بالتـّحديد إزاء هذا النـّوع من المشاكل حيث يتمّ وضعكم في الاختبار لِسبك قلوبكم وإرادتكم. الغاية من منح القونق هي التعهّد والممارسة للارتقاء نحو الأعلى. عند قيامه بالخير، كان هذا الشّخص بصدد تنمية قدراته وخوارقه الخاصّة (قونقننق) وتنمية طاقته الخاصّة (قونق). ولكنّ بعض الأشخاص لا يعرفون هذا القانون. ألم أقل ذلك ؟ لم يكُن ممكنـًا أن يدعوه المتيقظون إلى الشّرع، لقد كان يفهمُ ما يقوَى على فهمه، لقد كانت تلك مسألة درجة وعي ٍ، إن لم يكُن قادرًا على الفهم بواسطة درجة الوعي، لم يكونوا يستطيعون له شيئًا.                

 

عندما كان القونق يأتي، كان البعض يُحسّون بغتة ً بحرارةٍ شديدةٍ وسط اللـّيل، لم يكونوا يُطيقون حتـّى الغطاء، وفي الغد صباحًا، عندما ينهضون من النـّوم، كان لديهم الإحساس بوجود الكهرباء في أيّ مكان يضعون عليه أصابعهم. كانوا يعلمون عندها أنّ القونق قد جاءهم، عندما يكون أحد الناس يُعاني من وجع ٍ في أيّ مكان من جسمه، فإنهم يضعون عليه أيديهم والنـّتيجة تكونُ غير سيّئة، بل ناجعة فعلاً. ويُدركون منذ ذلك الحين أنهم يمتلكون القونق، فيُصبحون إذن معلـّمي تشيكونق، ويُسندون إلى أنفسهم لقب مُعلـّمي تشيكونق ويكتبونه على لافتة كبيرة. في البداية، بما أنّ هذا الشّخص لم يكُن سيّئـًا، فقد كان يُرجعُ النـّقود أو الهدايا التي كان الناس يُعطونه إيّاها مٌقابل مُداواته لهم، ربّما كان لا يقبلـُها ويرفضها. ولكنه لم يكُن لِيُـقاوم تلوّث وعاء الأصباغ هذا الذي هو مجتمع الناس العاديّين، لأنّ هذا النـّوع من ذوي التعهّد المعكوس لم يكُن قد مرّ بالتعهّد والممارسة الحقيقيّـيـْن، لذلك كان من الصّعب عليه جدّا التحكّم في طبيعته الأخلاقيّة والنفسيّة. وشيئًا فشيئًا يصيرُ يقبَـل هدايا تذكار صغيرة، ثمّ أشياء ذات قيمة، وأخيرًا لا يقبلُ أن يُعطونه القليل منها. وفي نهاية الأمر يقول: "لماذا كلّ هذه الأشياء على سبيل المُقايضة ؟ أعطوني بدلاً منها نقودًا !" ولا يستقيم الأمر أيضًا إن أعطوْه القليل. يصيرُ لايحترم حتـّى معلـّمي التشيكونق الأورتودوكسيّين ؛ ها أنّ الجميـع يُشنـّـف أسماعه بالثناء والمدح. أصبح يستاء أيضًا عندما يُقالُ أنه ليس جيّدًا، تعلـّقه بالشّهرة وكسب المال بدأ يظهرُ، أصبح يظنّ نفسه رائعًا وأقوى من الآخرين. لقد ظنّ أنّ القونق الذي تمّ إعطاؤه إيّاه كان من أجل أن يُصبح معلـّم تشيكونق ويُصبحَ ثريّا، بينما الغاية منه كانت تمكينه من التعهّد والممارسة. وحالما يتعلـّق بروح الشّهرة والكسب، تسقط طبيعته الأخلاقيّة حقـّا.               

                                                                                              

لقد سَبَق وأن قلتُ: قدرُ ارتفاع السين سينغ هو نفسه قدرُ ارتفاع القونق "سين سينغ دوو قاوو قونق دوو قاوو، xinxing duo gao gong duo gao". عندما تسقط طبيعته الأخلاقيّة، فإنّ القونق الذي كان يُعطى إليه يتقلـّصُ، ذلك لأنّ القونق يـُعطى على حسب السين سينغ، ارتفاع مستوى الطبيعة الأخلاقيّة يُحدّد ارتفاع مستوى القونق. وكلـّما أصبح التـعلـّق بالشّهرة والمال قويّا، كلـّما هبط مستواه أكثر وبسُرعةٍ وسط النـّاس العاديّين، ممّا ينتج عنه أنّ القونق لديه يكون في هبوطٍ أيضًا. وفي النـّهاية، عندما يسقط إلى القاع تمامًا، لا يتمّ إعطاؤه قونق من جديدٍ، يصير لا يملك شيئًا البتـّة. في هذه السّـنين الأخيرة، ظهر العديد من الأشخاص من هذا الصّـنف، أغلبهم من النـّساء اللاّئي يزدن على الـ50 سنة. كنـّا نرى امرأة ً مُسنـّة ً تمارس دون أن تكونَ تلقـّت تلقينـًا حقيقيّا، ربّما تكون قد تعلـّمت في هذه الدّورة التكوينيّة للتشيكونق أو تلك بعض الحركات للمداواة والحفاظ على الصّحّة، ثمّ في يوم مّا، فجأة ً يأتيها القونق. عندما يصير السين سينغ رديئًا، يظهر تعلـّقها بالشّهرة والمال، فتسقط في الحال. وفي نهاية الأمر تعود لا تملك شيئًا، والقونق لديها يختفي ايضًا. حاليّا، عديد الأشخاص ذوي التعهّد المعكوس قد سقطوا، قد بقي منهم عدد ضئيل جدّا. لماذا ؟ لأنـّهم لم يكونوا يُدركون أنّ ذلك كان مُخصّصًا لتعهّدهم وممارستهم، كانوا يظنـّون أنّ الهدف منه هو الإثراء واكتساب الشّهرة، وأن يُصبحوا معلـّمي تشيكونق وسط النـّاس العاديّين، في الحقيقة، كان ذلك لوضع خـُطاهم على التعهّد والممارسة.

                                    

ما هي استعارة القونق (دجي قونق)؟ ليس هناك حيّـز عُمريّ مُعيّن لهذا، ولكنّ هناك شرطـًا: وهو أنّ هذا الشّخص ينبغي أن يكون وُجوبًا مُزوّدًا بسين سينغ ممتاز جدّا. إنـّه يعلم أنّ التشيكونق يُمكن أن يصلـُحَ للتعهّد وهو يرغبُ أيضًا في التعهّد والممارسة. فكرة الشّيولين تأتيه من أعماق القلب، ولكن أين العثور على معلـّم ؟ في هذه السّـنين الأخيرة، وُجـِدَ هناك أيضًا مُعلـّمو تشيكونق حقيقيّـون بلـّغوا الطريقة، ولكنّ ما بلـّغوه كان فقط أشياء لِمداواة الأمراض ولِتقوية الجسم، لاأحد بلـّغ على مستوىً عال، لم يفعلوا ذلك.                

                                                                                         

بخصوص استعارة القونق، سوف أتحدّث عن مسألة أخرى، بالإضافة إلى روحه الفاعلة (تسو يوانشان، Zhu yuanshen: الوعي الرّئيسيّ "تسو ييشي،Zhuyishi ")، يملك الإنسان أيضًا أرواحه الثانويّة (فو يوانشان، Fu yuanshen: الوعي الثانويّ "فو ييشي، Fuyishi"). هناك أناس لديهم روح ثانويّة واحدة، اثنتان، ثلاثة، أربعة وحتـّى خمسة. هذه الرّوح الثانويّة ليس لها بالضّرورة نفس جنس الشّخص، بعضها مُذكّر وبعضها الآخر مؤنـّث، إنـّها ليست مُماثلة لبعضها البعض. في الواقع، جنس الرّوح الفاعلة ليس بالضّرورة نفس جنس الجسد الحسّي، لقد عاينـّا بالفعل أنـّه حاليّا كثير من الرّجال لديهم روح فاعلة مؤنـّثة وكثير من النـّساء لديهنّ روح فاعلة مُذكّرة، هذا يتـّـفق بالضّبط مع ظاهرة سماويّة حاليّة تكلـّمت عنها المدرسة الطاويّة: "اليين" و"اليانق" معكوسان، اليين أصبح قويّا واليانق أصبح ضعيفـًا.                               

                                  

إنّ الرّوح الثانويّة للشّخص تأتي عادة ًمن مستوى أعلى من الرّوح الفاعلة، خصوصًا بالنـّسبة لبعض الأشخاص، أرواحهم الثانويّة قادمة من مستوىً عال جدّا. ولكنّ الرّوح الثانويّة ليست بِـ(فوتي)، لقد وُلِدت معكَ في نفس الوقت من بطن أمّـك، إنـّها تحملُ نفس اسمكَ وهي جُزء من جسمكَ. عادة ًالرّوح الفاعلة هي التي تـُـقرّر أفعالنا وأفكارنا. الرّوح الثانويّة تلعبُ أساسًا دور المراقبة لكي ترتكبَ الرّوح الفاعلة أدنى قدر ممكن من السيّئات، ولكن عندما تكون الرّوح الفاعلة عنيدة ً جدّا، فإنّ الرّوح الثانويّة لا تقدرُ على فعل شيءٍ. الرّوح الثانويّة لا يُزعزعها مجتمع النـّاس العاديّين، بينما الرّوح الفاعلة تضِلّ بسهولةٍ في مجتمع النـّاس العاديّين.                                                                                

                                                                                                                                            

 بعض الأرواح الثانويّة قادمة من مستوىً عال إلى درجة أنها تكاد تبلغ ثمرة الكمال. تـُظهرُ الرّوح الثانويّة رغبتها في التعهّد والممارسة ولكنها لا تستطيـع فعل شيءٍ إن كانت الرّوح الفاعلة لا تـُريد ذلك. وفي يوم مّا في ملء فترة انتشار التشيكونق، تـُريد الرّوح الفاعلة أن تتعلـّم التشيكونق، تـُريد التعهّد والممارسة نحو المستوى العلويّ، طبعًا هذه الفكرة بسيطة جدّا، لا تـُخالطها رغبة في الشّهرة والمال ؛ فتفرحُ بها الرّوح الثانويّة كثيرًا:"أنا أريد التعهّد والممارسة، ولكن لستُ أنا التي تـُقرّر؛ أنت تـُريدين التعهّد والممارسة وهذا يُـناسبُـني تمامًا." ولكن أين العثور على معلـّم ؟ إنّ الرّوح الثانويّة مُـقـتدرة جدّا، إنـّها تـُفارق الجسم وتذهبُ باحثة ًعن المُتيقظ الكبير الّذي عرفته قبل هذه الحياة. بعض الأرواح الثانويّة قادمة من مستويات عالية جدّا، لذلك هي تستطيـع أن تـُفارق الجسم ؛ وعندما تصِلُ إلى وجهتها، تقول أنـّها تـُريد التعهّد والممارسة وأنـّها تـُريد استعارة بعض القونق. وهنالك يَرَون أنّ ذلك الإنسان ليس سيّئـًا، أنـّه يُريد التعهّد والممارسة، طبعًا يجبُ مُساعدته، وهكذا تحصلُ الرّوح الثانويّة على إعارة القونق. عادة ًيكونُ هذا القونق مُكوّنـًا من طاقةٍ مُـنتـثرةٍ ومحمولاً عبر أنبوبٍ ؛ هناك أيضًا أشياء مُستعارة جاهزة تكون غالبًا مصحوبة ً بقدرات وخوارق القونق.

                                                                                                                          

وهكذا يُمكنها أن تحصلَ في نفس الوقت على قدرات قونق، هذا الشّخص، مثل الحالة التي تحدّثت عنها منذ قليل، يشعُر فجأة في اللـّيل، بحرارةٍ لا تـُطاقُ أثناء نومه، وفي صباح الغد، عندما يستفيقُ، يكون القونق قد جاءهُ. من أين جاء ؟ إنـّه لا يعلم. يعلمُ تقريبـًا أنـّه جاء من فضاء الكون، ولكنـّه لا يعرف كيف جاء بالضّبط، الرّوح الثانويّة لا تـُخبره بذلك، لأنّ الرّوح الثانويّة هي التي تتعهّد وتمارس، إنـّه يعلم فقط أنّ القونق قد جاءهُ.                                                       

                                                                                                               

عمومًا، ليس هناك حيّـز عُمريّ بالنـّسبة لاستعارة القونق، عدد الشّباب كبير نسبيّا، لذلك، في هذه السّـنين الأخيرة، ظهر أشخاص في سنّ الـ20، الـ30، والـ40 سنة ً، وقد ظهر أيضًا أشخاص أكبر سنـّا. إنّ التحكّم في النـّفس أصعب بالنـّسبة للشّباب. يُمكن أن ترَوْهم يتصرّفون عادة ًجيّدًا، طالما أنه ليس لديهم مواهب يُمكنهم استعراضها في مجتمع النـّاس العاديّين، يكونون زاهدين كثيرًا  في الشّهرة والمصالح. وحالما يتميّـزون عن الآخرين، يُصبحون بسهولةٍ عُرضة لإغراء الشّهرة والمصالح، يتبيّن لهم أنّ مشوارهم ما زال طويلاً في الحياة، وهم يُريدون المُضيّ فيه والاجتهاد في تحقيق هذه الغاية أو تلك من غايات النـّاس العاديّين. لذلك، حالما تظهرُ عندهم بعض قدرات القونق أو بعض القدرات، فهُم يعتبرونها في غالب الأحيان وسيلة ً لتحقيق هدفٍ شخصيّ ٍ في مجتمع النـّاس العاديّين. إذن فالأمر لا يستقيمُ هكذا، هذا الاستعمال غير مسموح به، كلـّما استعملوها أكثر، كلـّما تقلـّص القونق لديهم، وفي النـّهاية يعودون لا يملكون شيئًا بتاتـًا. الأشخاص من هذا النـّوع والذين سقطوا عددهم كبير، لقد لاحظتُ أنـّه لم يَبْقَ منهم أحد.

 

 الحالتان اللـّـتان ذكرتـُهُما ينتميان إلى الحالات التي يكون فيها من يتحصّلُ على القونق لديه سين سينغ جيّد فعلاً. هذا القونق لا يتأتـّى من ممارسته الشّخصيّة بل من مُتيقظٍ، لذلك فإنّ هذا القونق هو نفسُهُ جيّد.

 

  

تملـّـك الجسم البشريّ من طرف حيوانات وأرواح سفليّة ـ الجسم المسكون "الفوتي،Fu ti "

 

 في أوساط الشّيولين، الكثير منـّا قد سمعوا ربّما ما يُقال عن الجسم البشريّ الذي تتملـّك به حيوانات: ثعالب، أبناء عرس، ثعابين وأشباح. ماذا يعني هذا ؟ البعض يقولون أنّ الممارسة تـُنمّي قدرات خاصّة، في الحقيقة، ليس في الأمر تنمية قدرات خاصّة، هذه الأخيرة هي غريزة في الإنسان. إلاّ أنـّه مع تطوّر المُجتمع البشريّ، وجّه الإنسان اهتمامه شيئًا فشيئًا إلى الأشياء الحسيّة في عالمنا المادّي هذا، والتجأ بصفةٍ مُـتزايدةٍ إلى الأدوات العصريّة، وهكذا تدهورت غريزة البشر شيئًا فشيئًا إلى أن اختفت.               

                                                                         

إن ابتغى المرء قدرات القونق، يجبُ أن يتعهّدَ ويُمارسَ، أن يعود إلى الأصل وأن يسترجعَ الحقيقة الأولى، ويستخرجَ هذه القدرات من جديدٍ عبر الممارسة. أمّا الحيوانات، فليست لها أفكار مُعقـّـدة إلى تلك الدّرجة، إنها مُـتـّصلة بالطبـع الخاصّ للكون، ولديها قدرات فطريّة. البعض يقول أنّ الحيوانات تستطيـعُ أن تتعهّد وتـُمارسَ، أنّ الثعلب يعرف كيفيّة إعداد الإكسير، أنّ الثعبان والحيوانات الأخرى بإمكانها أن تتعهّّد وتـُمارسَ. ليس ما في الأمر هو أنـّها تستطيـعُ، قبل كلّ شيءٍ، هي لا تفهمُ ما هي الممارسة، ما في الأمر هو أنّ لديها قــُدراتٍ فطريّة ً. إذن في أوضاع مُعيّـنة وفي ظروفٍ خاصّة، يُمكن أن تحصُلَ على بعض النـّتائج بعد مُرور وقتٍ طويل جدّا، تستطيـع أن تحصُلَ على القونق و يُمكن حتـّى لقدرات القونق أن تظهَرَ.      

                                                                                                            

وهكذا تـُصبحُ لديها قدرات خاصّة، في الماضي كان يُقالُ أنـّها تلقـّـت الفيض التـّجاوزيّ "لينق تشي، Ling qi" وحصلت على قدراتٍ خاصّة. في نظر النـّاس العاديّين، هذه الحيوانات قويّة جدّا، وهي قادرة على التحكّم بسهولةٍ في البشر. في الواقع، أقول لكم أنـّها ليست قويّة ً، إنها لا شيء بالنـّسبة للمُمارسين الحقيقـيّين، رغم أنـّها قد قامت بثمانمائة سنةٍ أو ألف سنةٍ من الشّيولين، فإنّ مُجرّد إصبـع صغير يكفي لِمحقها. نحنُ نقول أنّ الحيوانات لديها هذه الغرائز الفطريّة وأنـّها قادرة على اكتساب قدراتٍ. ولكن هناك أيضًا قانون في كوننا، وهو أنـّه لا يُسمَحُ للحيوانات بالنـّجاح في الشّيولين. لذلك قد لاحظتم ما هو مكتوب في الكُـتب القديمة من أنّ الحيواناتِ تـُقـتـَـلُ مرّة ً كلّ مائة سنةٍ، تبَعـًا لكارثة كبيرةٍ أو صغيرةٍ. لو تـُنمّي الحيوانات طاقتها (قونق) إلى حدّ مُعيّن، ينبغي إذن إبادتها، إصابتها بصاعقةٍ..الخ، يُمنعُ على الحيوانات أن تتعهّد وتـُمارسَ. لأنـّها ليست مُزوّدة ً بالطـّبيعة البشريّة، هي لا تستطيـع أن تتعهّد وتمارسَ مثل الإنسان، وبما أنـّها لا تملك طبيعة الإنسان، فهي ستـُصبح بدون شكّ شياطين لو نجحت في تعهّدها وممارستها، لا يُسمحُ لها إذن بالنـّجاح في التعهّد، لذلك هي تـُـقـتــَلُ من طرف السّماء، وهي أيضًا تعلمُ هذا. ولكن، سَبَقَ وأن قلتُ أنّ المجتمع البشريّ قد انحدر بصفةٍ مُريعةٍ اليوم، بعض الأشخاص قادرون على اقتراف كلّ الآثام، عندما يبلـُغ المجتمع البشريّ حالة ً كهذه، أفلا يكون في خطر ؟

                  

إنّ الشّيء إذا جاوز حدّهُ انقلب إلى ضدّه ؛  لقد لاحظنا أنـّه في كلّ دورةٍ تمّ فيها تدمير المجتمع البشريّ في عُصور ما قبل التـّاريـخ، كانت أخلاق الإنسانيّة تـُوجدُ في حالة انحطاطٍ قصوى. حاليّا، العالم الذي تـُوجد فيه الكائنات البشريّة وكثير من العوالم الأخرى تـُوجد في وضعيّةٍ خطِرة إلى أقصى درجةٍ. العوالم أخرى في هذا المستوى تـُوجد هي أيضًا في هذه الوضعيّة، الحيوانات هي أيضًا على عجلةٍ من أمرها تـُريد النـّجاة والصّعود إلى مستوىً أعلى، هي تظنّ أنـّها تستطيـعُ أن تنجُو بواسطة الرّفع من مُستواها. ولكن، هل هذا سهلٌ ؟ بالنـّسبة للشّيولين،  يجبُ الحصول على جسم بشريّ ٍ، هذا هو السّبب الذي من أجله يُمكن أن يتمّ الاستحواذ على جسم ممارس والتـّملـّـك به.                    

                                                                     

بعضهم يُفكّر: "كثيرون هم المُتيقظون الكبار والمُعلـّمون ذوي المقدُرة الفائقة، لماذا لا يهتمّون بهذا الأمر؟" هناك أيضًا قانون في كوننا: ما تطلـُبه أنت بنفسك وما تـُريد أنت الحُصولَ عليه، لا يُمكن للآخرين التـدخّـل فيه. نحنُ هنا نعلـّمكم كلـّكم اتـّباع الطـّريق الحقّ، ونـُعلـّمكم الشّرع بعُمق، لكي نجعلكم قادرين على الفهم بأنفسكم، إن تتعلـّموا أم لا، تلك مشكلتكم. يقودكم المعلـّم إلى المدخل، والشّيولين يتوقّف على الشّخص، لا أحد يُرغمكم على ذلك ولايفرضه عليكم بالقوّة ؛ التعهّد أو عدم التعهّد، ذلك شأنكم الخاصّ، يعني أنه مهما يكُن الطريق الذي ستـتـّخذونه، أيّ شيءٍ تريدونه وأيّ شيءٍ ترغبون في الحصول عليه، لا أحد سيتدخّـلُ، لا يُمكن إلاّ أن ننصحكم بما يحسُـنُ فـعلـُهُ.                                                       

                                                         

هناك أناس ترَوْنهم يُمارسون، ولكن في الحقيقة هم يُمارسون من أجل "فوتي". لماذا هم يستجلبون فوتي على أجسامهم ؟ ضمن الممارسين في مُختلف أنحاء البلاد، كم من بينهم لديه فوتي على جسمه ؟ لو نـُفصِحُ عن ذلك ، كثير من النـّاس لن يجرُؤوا على الممارسة بعدها، إنّ الأرقام مُخيفة جدّا ! إذن لماذا ظهرت هذه الحالة ؟ هذه الأشياء تـُدمّر مُجتمع النـّاس العاديّين وتـُدخل عليه الاضطراب، كيف لِظاهرةٍ مُرعبةٍ كهذه أن تحدُثَ ؟ إنّ الإنسانيّة هي نفسها التي تستجلبُها لأنّ الإنسان أصبح فاسدًا، هناك أبالسة في كلّ مكان. معلـّمو التشيكونق المُزيّفون خـُصوصًا كلـّهم مسكونون، وعندما يُلقـّـنون طرقَ ممارستهم، يُمرّرون هذه الأشياء معها. في تاريخ الإنسانيّة، كان دائمًا محظورًا على الحيوانات امتلاك الجسم البشريّ، لو تفعلُ ذلك، كانت تـُقـتــَلُ، من يرى أمرًا كهذا كان لا يسمحُ بحُدوثه. ولكن في مجتمعنا الحاليّ، هناك أناس يطلبون معونتها، إنـّهم يسعَوْن في طلبها ويُـقدّسونها. هناك أناس يُفكّرون حينئذٍ: "أنا لم أقصد أن أسعى وراءها !" أنتم لم تسعَوْا وراءها، ولكنـكم سعيتم وراء قدرات القونق، هل أنّ المُتيقظ في الشّرع الحقّ يُمكن أن يُعطيها لكم ؟ إنّ السّعي وراء الشّيء هو تعلـّق من تعلـّقات النـّاس العاديّين، هذا التـّعلـّق يجبُ أن يتمّ التـّخلـّص منه. إذن، من يُمكن أن يُعطيها لكم ؟ ليس هناك سوى شياطين العوالم الأخرى وشتـّى أصناف الحيوانات الأخرى يُمكن أن تـُعطيها لكم، ألا يعني هذا بعبارةٍ أخرى أنـكم تطلبونها ؟ إذن ها هي قد حَضَرَتْ.                                                                                  

                                                                                                                                           

كم من الأشخاص يُمارسون بتفكير مُستقيم ؟ في الممارسة، يجب وضع الثـّـقل على الدّو (الفضيلة)، القيام بأفعال طيّبةٍ والتـّصرّف برحمةٍ ، يجبُ إلزام النـّفس بهذا في أيّ مكان وفي كلّ الظروف. إن يكُنْ في الحديقة أو في المنزل أثناء الممارسة، كم من الأشخاص لديهم هذا التـّفكير ؟ لا أحد يعرف أيّ نوع من التشيكونق يُمارسه بعض النـّاس، أثناء التـّمارين، هم يُثرثرون مع الآخرين وهم يتأرجحون:"آه! إنّ زوجة ابني لا تـُـظهرُ لي أبدًا البرّ والاحترام"،"كم هي سيّئة حماتي !"هناك أيضًا أناس يُعلـّقون على شتـّى المسائل انطلاقــًا من أمور المكتب ووُصولاً إلى الأحداث الدوليّة الكُبرى، إنهم يُـثرثرون حول كلّ شيءٍ، وعندما لا يتـّفق أمر مّا مع مفاهيمهم يستشيطون غضبًا. هل يُمكن أن نقولَ أنّ تلك هي الممارسة؟ هناك أيضًا أناس يتمرّنون في وضعيّة الوقوف،أرجلهم ترتعش من فرط التـّعب ولكنّ دماغهم لا يأخذ راحة ً، يُفكّرون: "مستوى المعيشة الآن باهض جدّا، والأسعار قد ارتفعت، مُؤسّسة عملنا لا يُمكن أن تـُوزّع مُرتـّباتنا، كيف الحصول على قدرات قونق بواسطة الممارسة ؟ لو أتمكّن من الحصول عليها، سوف أكون معلـّم تشيكونق، سوف أكوّن أيضًا ثروة وسأربَحُ المال بواسطة مُداواة المرضى." عندما يَرَوْن أنّ قدرات وخوارق القونق قد ظهرت لدى الآخرين، فهُم يستعجلون أكثر أمر الحصول على قدرات القونق والتيانمو والمقدُرات العلاجيّة. فكّروا، كم يبعُدُ هذا عن الطبـع الخاصّ بكوننا جهان شان ران! إنـّه على العكس تمامًا. وللحديث بجدّيّةٍ، هم يُمارسون طريقـًا شيطانيّة ! ولكنـّهم غير واعين بذلك. كلـّما فكّروا بهذه الطريقة، كلـّما ازدادت نفوسهم سوءًا. هذا الشّخص لم ينلْ الشّرع، إنـّه لا يعرف كيف يُركّز على الدّو،هو يظنّ أنـّه سينال القونق بواسطة تطبيق الحركات وأنـّه يستطيعُ الحُصول على كلّ شيءٍ يُريده،يظنّ أنّ الأمور تسيرُ هكذا.                        

                                                                                                                           

 إنّ الشخص يجلبُ لنفسه أشياء سيّئة تحديدًا بسبب أفكاره الخاطئة. الحيوان يُمكن أن يلمَحَ ذلك ويُفكّرَ: "هذا الإنسان يُريد أن يُـكوّن ثروة ًعن طريق الممارسة، وهذا الآخر يُريد الحصول على الشّهرة والحصول على قدرات قونق ؛ يا إلهي، إنّ جسمه ليس سيّئـًا، وما يحمله في داخله طيّب أيضًا، ولكنّ أفكاره سيّئة حقـّا، إنـّه يسعى وراء قدرات القونق ! ربّما يكون لديه مُعلـّم، ولكن حتـّى وإن كان لديه مُعلـّم، فأنا لا أخشاه." هذا الحيوان يعلم جيّدًا أنّ معلـّم شيولين الشّرع الحقّ لا يُعطي لهذا الإنسان أيّ قدرات قونق عندما يرى أنـّه يسعى وراءها، كلـّما ألحّ في السّعي وراءها، كلـّما تقلـّصت إمكانيّة الحصول عليها، لأنّ ما يجبُ التـّخلـّص منه هو بالتـّحديد روح التعلـّق. كلـّما فكّر هكذا، كلـّما ضعُفت إمكانيّة حصوله على قدرات القونق، وكلـّما ضعُفت إمكانيّة فهمه عن طريق درجة الوعي ؛ كلـّما سعى وراءها أكثر، كلـّما أصبحت نفسه سيّـئة ً أكثر. وأخيرًا، يرى المعلـّم أنّ هذا الرّجل قد انتهى أمرُه، فيُرسلُ تنهّدًا عميقـًا، ولا يعتني به مُجدّدًا. هناك أيضًا ناس لديهم مُعلـّم، ربّما هنالك مُعلـّمون عابرون يعتنون بهم قليلاً. نظرًا لأنّ هناك كثيرًا من المُتيقظين في كلّ العوالم، فإنّ مُتيقظـًا يرى ذلك الشّخص ويُراقبه، ويتبعُه لِـمُدّة يوم، وعندما يرى أنـّه غير قابل للإصلاح، ينصرفُ ؛ وفي الغد يأتي آخرُ، ويذهبُ أيضًا لمّا يرى أنّ ذلك الرّجُل لا يصلح لشيءٍ.

                   

الحيوانات تعلمُ أنّ لديه مُعلـّمًا أو مُعلـّمًا عابرًا وأن مُعلـّمه لا يُمكن أن يُعطيه ما يسعى وراءهُ.  بما أنّ الحيوانات لا ترى العالم الذي يُوجد فيه المُـتحققون الكِبار، فإنـّها لا تخافهم، وتستغلّ هذه الثغرة. هناك قانون في كوننا، عندما يُريد شخص شيئًا مّا ويسعى وراءهُ، فإنّ الآخرين لا يُمكنهم أن يتدخّلوا، إذن تستغلّ الحيوانات هذه الثغرة: "هو يُريد شيئًا، إذن سأعطيه إيّاه، عندما أساعده، لا يُمثـّـل هذا خطأ ً، أليس كذلك ؟" وتـُعطيه إيّاه. في البداية، هي لا تجرؤ على تملـّك جسمه، هي تـُعطيه أوّلاً قليلاً من القونق على سبيل التـّجربة. ويومًا مّا، يأتي حقـّا القونق الذي طالما سعى وراءهُ، وزيادة ًعلى ذلك، يستطيـعُ أن يُعالج المرضى. فيجدُ الحيوان أنّ ذلك جيّد جدّا، مثل مُقدّمة  قطعةٍ موسيقيّةٍ: "هو يُريده، إذن، سأتملـّـكهُ، وبهذه الكيفيّة، سيُمكنني إعطاؤه المزيد. تـُريد التيانمو ؟ سأعطيك كلّ شيءٍ هذه المرّة." ويتملـّـكُ حينئذٍ جسمَ الإنسان.

                              

روح تعلـّق هذا الأخير هي تحديدًا مُتلهّفة على هذا النـّوع من الأشياء، التيانمو تـُفتـَـحُ، ويسـتطيـعُ حتـّى أن يُرسل القونق، وتأتيه  بعض قدرات القونق الصّغيرة أيضًا. إنّ فرحته عارمة إذ يظنّ أنـّه قد نجحَ أخيرًا في الحصول على هذا الشّيء نتيجة السّعي وراءهُ ونتيجة ممارسة التـّمارين، في الواقع، هو لم يحصُل على شيءٍ نتيجة ممارسته للتـّمارين. هو يظنّ أنـّه يستطيـع أن يرى في خلال الجسم البشريّ، ويرى المواضع المريضة. في الحقيقة، عينه الثالثة ليست مفتوحة ً بالمرّة، إنـّه الحيوان هو الذي يُسيّر دماغه ويرى بعينيْه هُوَ، مُرسلاً ما يراهُ في دماغ الإنسان، ولكن، هو، يظنّ أنّ عينه الثالثة مفتوحة. "هيّا، أرسل القونق !"، عندما يمُدّ يدهُ مُرسلاً القونق، يمُدّ الحيوان مخالبه من وراءه، عندما يُرسل القونق ؛ يَمُدّ الثعبان الصّغير لسانه ويلـْحسُ الموضع الذي فيه آلام وانتفاخ. مثل هذه الحالات هي كثيرة بالفعل، فوتي أولئك الناس لم يكُنْ سوى نتيجة مساعيهم. 

                                                                                                                                       

 هذا الإنسان كان يُضمرُ غاية مّا ويسعى لتحقيقها، كان يُريد أن يحصُل على الثروة ويُريد أن يُصبح ذائع الصّيت. إذن هاهو الآن يملك قدرات قونق، هو يستطيـعُ أن يُعالج المرضَ، عينه الثالثة تستطيـعُ أن ترى، وهو إذن في قمّة الفرحة. ويرى الحيوان ذلك: "ألا تـُريد أن تـُصبح ثريّا ؟ حسنـًا، سأجعلك ثريّا." التحكّم في دماغ إنسان عاديّ أمر سهل جدّا. يستطيـعُ الحيوان أن يُسيّرَ كثيرًا من الناس لكي يأتوا في طلب العلاج، ولكي يأتوا بأعدادٍ وافرة أكثر وأكثر. يا إلهي، من جهةٍ، يُعالج الحيوان المرضى عوضًا عنه، ومن جهةٍ أخرى، يدفع الصّحفيّين إلى نشر إعلاناتٍ عنه في الصّحف. إنه يتحكّم في الناس العاديّين لكي يتصرّفوا هكذا ؛ وعندما لا يدفع مريض مّا مبلغـًا كافيًا، يُسبّب له الحيوان ألمًا في الرّأس. في كلّ الحالات يجبُ دفع مبلغ كبير. إذن، يحصل الرّجل على الشّهرة والمال في الآن نفسه، يُكوّن ثروة ً ويذيعُ صيته، ويُصبح أيضًا معلـّم تشيكونق. عمومًا، هذا الصّـنف من الناس لا يُولي أهمّية للسين سينغ ويجرؤ على قول أيّ شيءٍ "السّماء كبيرة وأنا آتي بعدها." هو يجرُؤ حتـّى على قول أنه أحد الآلهة المعروفين، مثل الملكة الأمّ "وانقمو نيانقنيانق، Wangmu Niangniang" أو الامبراطور السّماوي "يو هوانق دا دي، Yu Huang Da Di" نفسُهُ قد نزل على الأرض، هو يجرؤ حتـّى على قول أنه بوذا. نظرًا لأنه لم يتعهّد ويُمارس حقـّا السين سينغ، وأنه في ممارسته قد سعى بحثـًا عن قدرات القونق، فقد جلب لنفسه في الأخير تملـّـك الحيوانات.                                   

                                      

 ربّما يُفكّر بعض الناس: "هذا ليس سيّئًا، في كلّ الحالات ربح المال والإثراء هو أمر حسن، ثمّ إنّ ذلك يجعلُ المرء شهيرًا." كثير من الناس يُفكّرون هكذا. أنا أقول لكم أنه في الحقيقة، ذلك الحيوان لديه هدفٌ، إنه لا يُعطيكم شيئًا بدون دافع. هناك قانون في هذا الكون، وهو: لا يُوجد ربح بدون خسارةٍ "بو شي بو دو". على ماذا يحصل الحيوان ؟ ألم أتحدّث عن هذه المسألة منذ قليل ؟ إنه يُريد الحصول على خُلاصة جسمكم لكي يتعهّدَ ويأخذ َ هيئة ً بشريّة، إنه يجمعُ خُلاصة الجسم البشريّ. ولكنّ جسمًا بشريّا يملكُ خُلاصة ً واحدة ً، بالنسبة لمن يُريد أن يتعهّد ويُمارسَ، لا توجد هناك سوى خُلاصة واحدة لا غير. إن تتركوه يستحوذ ْعليها، عليكم أن تنسَوْا الشّيولين بعد ذلك، بماذا ستتعهّدون وتـُمارسون بعد ذلك ؟ لن يعودَ لكم شيء، ولن تستطيعوا التعهّد والممارسة بالمرّة. ربّما سيقول بعض الأشخاص: "أنا ليست لديّ النيّة في أن أتعهّد وأمارسَ، أنا أريد فقط أن أصبحَ ثريّا، كلّ شيءٍ يكون على ما يُرامُ إذا توفرّ المالُ، الباقي لا يهُمّـني !" أنا أقول للجميـع: تـُريدون أن تـُصبحوا أثرياء ؟ ولكن سوف أشرح لكم الحقيقة، وإثر ذلك، لن تـُـفكّروا بهذه الطريقة ثانية ً. لماذا ؟ لو يُفارق الحيوان جسمكم في وقتٍ مُبكّر، لن تكونَ لكم قوّة في أطرافكم الأربعة ؛ سيتواصلُ هذا طيلة حياتكم، لأنه سيكون قد أخذ قسطـًا كبيرًا جدّا من الخُلاصة البشريّة ؛ لو يُفارق جسمكم في وقتٍ مُتأخّـر، ستكونُ إنسانـًا يعيش على الرّمق، نصف حياتكم الباقية ستقضونه في الفراش، ولن يبقى لديكم سوى حُشاشة من حياةٍ. حتـّى وإن كان لديكم المال، هل ستستطيعون إنفاقه ؟ حتـّى وإن كانت لديكم الشّهرة، هل ستتمتـّعون بها ؟ أليس هذا مُريعًا ؟

                                      

                                                                                                                                    

 الأشياء من هذا القبيل مُـنتشرة بصفةٍ خاصّة بين ممارسي التشيكونق اليوم وعديدة جدّا. لا فقط يتملـّـك الحيوان الجسمَ، ولكنه يقـتـُـلُ أيضًا يوانشان الإنسان (روحه الأصليّة)، ويتسلـّـل إلى موضع الغدّة الصّنوبريّة (نيوان قونق، Niwan gong)، ويمكُثُ هنالك. تكون لدى الإنسان هيئة إنسان، ولكنه لم يعُد كذلكَ، حاليّا يُوجد هذا النوع من الظواهر. لأنّ المستوى الأخلاقيّ للإنسانيّة قد تغيّر، البعض يرتكبون أعمالاً سيّئة ً؛ عندما تقول لهم أنهم يرتكبون سيّئاتٍ، لا يُصدّقون. حسب رأيهم، كسبُ المال، الجري وراء المال وتكوين ثروة، هو مبدأ ثابت وصائب ؛ من أجل ذلك يتعدّوْن على الآخرين ويُسيئون إليهم، إنهم مُستعدّون لكلّ الأعمال لربح المال، إنهم يجرؤون على فعل كلّ شيءٍ. بدون خسارةٍ، لن يحصُلَ الحيوان على الرّبح ؛ هل يُمكن أن يُعطيكم مجّانـًا وبدون مُقابل ؟ إنه يُريد الحصول على شيءٍ من جسمكم. طبعًا، لقد سبقَ وأن قلنا ذلك، إن كان الإنسان يجلبُ لنفسه المتاعب، فبسبب تفكيره الخاطئ ونواياهُ المُـنحرفة.

                                                                      

سنتحدّث عن الفالون دافا. عندما تـُمارسون في مدرستنا، يكفي أن تتحكّموا في طبيعتكم الأخلاقيّة، ولن تحدُث لكم مشاكل، استقامة واحدة تغلِبُ مائة ً من الشّرور. إن كنتم لا تستطيعون التحكّم في طبيعتكم الأخلاقيّة، وكُنتم تسعَوْن خلف هذا الشّيء أو ذاكَ، سوف تستجلبون المتاعبَ بدون شكّ. بعض الأشخاص لا يتوصّلون إلى مفارقة ما مارسوه في الماضي، نحنُ نقول أنّ الممارسة يجبُ أن تكونَ صِرفة ًوأنّ الشّيولين الحقيقيّ يجبُ أن يكونَ صِرفـًا. رغم أنّ بعض مُعلـّمي التشيكونق قد ألـّفوا كتبًا، أقول لكم أنّ كـُتبهم تحتوي على كلّ شيءٍ، إنها مماثلة لما مارسوهُ، ثعابين، ثعالب، أبناء عرس..لو تقرؤون هذه الكُـتب، فإنّ هذه الأشياء تقفزُ خارج الحُروف. لقد سَبقَ وأن قلتُ أنّ مُعلـّمي التشيكونق المُزيّفين هؤلاء يفوق عددهم بكثير مُعلـّمي التشيكونق الحقيقـيّيـن، وأنكم غير قادرين على التـّمييز بينهم، إذن على الجميـع أن يتحكّموا في أنفسهم. أنا لا أرغمكم هنا على ممارسة الفالون دافا، يُمكنكم أن تـُمارسوا أيّ طريقةٍ. ولكنّ هناك جملة ً قديمة تقول: "من الأفضل عدم الحصول على الشّرع الحقّ لمدّة ألف سنةٍ، ولا القيام بممارسة الثعلب البرّيّ وإن كان لِمُدّة يوم واحدٍ." لذلك، يجبُ وُجوبًا مُطلقـًا التحكّم في النفس، تعهّد وممارسة الشّرع الحقّ بصدق ٍ، وعدم إضافة أيّ شيءٍ إليه، ولا حتـّى أفكارًا. نجد أنّ الفالون الذي لدى بعضهم قد أصبح مُشوّهًا. لماذا ؟ إنهم يقولون: "ولكن أنا لم أمارسْ طريقة ً أخرى." ومع ذلك، عندما يُمارسون، هُم يُفكّرون دائمًا فيما مارسوهُ من قبلُ، وهكذا اختلطت الأشياء، أليس كذلك ؟ فلـْنتوقّــّف هنا عند مسألة الفوتي.

 

 

                                                                                                               

اللـغـة الكونيـة

 

ما هي اللـّغة الكونيّـة ؟ إنها تعني أنّ شخصًا مّا، يُصبح قادرًا بصفةٍ مُفاجئةٍ، أن يتكلـّمَ لغة ً مجهولة الإيقاع والمعنى، مُتمتمًا، بدون حتـّى أن يعلم ما يقوله. الناس المُزوّدون بقدرات تناقل الأفكار يستطيعون أن يعرفوا تقريبًا ما هو المعنى العامّ لها، ولكنهم لا يعرفون ما يقوله بالتـّحديد. ثمّ إنّ البعض يستطيعون أن يتكلـّموا عديد اللغات المختلفة. يظنّ الناس أنّ لديهم قدرات خاصّة وأنّ ذلك رائع وأنه من قدرات القونق. في الحقيقة هذا لا ينتمي لقدرات القونق ولا لقدرات الممارس، هذا لا يُمثل مستواه أيضًا. إذن، ما ذلك ؟ إنها أفكاركم قد وقعت السّيطرة عليها من طرف روح خارجيّةٍ ذكيّة، وأنتم تجدون ذلك مُمتازًا، حصولكم على هذه اللـّغة يجعلكم تـُحسّون بالمُـتعة ومسرورين ؛ بقدر ما تكونون مسرورين، بقدر ما تـُسيطرُ عليكم تلك الرّوح الخارجيّة بإحكام. كممارس حقيقيّ، هل يُمكن أن تترُكها تـُسيطرُ عليك ؟ وبصرْف النظر عن كلّ شيءٍ، هي آتية من مستوى سُفليّ جدّا، لذلك، بصفتك ممارسًا حقيقيّا، لا يجبُ أن تجلِبَ لنفسك هذه المشاكل.            

                                                                                                              

 إنّ الإنسان هو الكائن الأكثر قيمة ً، إنه روح العشرة آلاف شيءٍ، كيف يُمكن أن تترُكَ نفسكَ تحت سيطرة هذه الأشياء ؟ أنت لا تـُريد حتـّى أن تكون سيّد جسمكَ، إنّ هذا مُؤسف فعلا ً ! بعض هذه الأشياء تتملـّـك الجسم البشريّ، بعضها الآخر التي لا تتملـّـك الجسم البشريّ تمكُث على بُعد مسافةٍ مُعيّنةٍ من البشر، ولكنها تتحكّم فيهم وتسيّرهم. عندما ترغبُ في نـُطق هذه اللـّغة، فهي تجعلـُكَ تـلـْكِنُ بها. هذه اللـّغة يُمكن أن يتعلـّمها شخص آخر أيضًا، إذا تجرّأ على فتح فمه وأراد أن يتكلـّمها، ففي الحين هي تجعله يتكلـّمها. إنّ هذه الكائنات تعيش أيضًا في مجموعات ؛ عندما تـُريدُ تكلـّم تلك اللـّغة، تـُسرعُ  إحداها إليك وتجعلك تتكلـّمها.

 

 لماذا تحدث هذه الوضعيّة ؟ مثلما قلتُ ذلك منذ قليل، هذه الأرواح تـُريد أن ترفع مستواها، ولكن في العالم الآخر، ليس هناك عذاب، هي لا تستطيـعُ أن تتعهّدَ وتـُمارسَ، إذن فهي لا تستطيـعُ أن ترفعَ مستواها. فتجدُ وسيلة ً: مساعدة الإنسان على فعل الخير. ولكنها لا تعرف كيف العمل، إنها تعلمُ أنّ الطاقة التي تبعثها يُمكن أن تـُخفـّفَ الأمراض وأن تـُـلطـّفَ من حدّة آلام المرضى، ولكنها لا تتوصّل إلى شفاء المرضى ؛ وفي نفس الوقت هي تعلم أنها يُمكن أن تصلَ إلى تلك النتيجة عندما تــُرسل الطاقة من خلال فم الإنسان. هذا ما في الأمر. البعض يقولون أنها لغة سماويّة، آخرون يقولون أنها كلمات بوذا، إنّ هذا حط ّ من قيمة بوذا، أنا أقول أنّ هذا هُراء !            

                                                                                              

 الجميع يعلمون أنّ البوذا نادرًا ما يفتحُ فمهُ. لو يفتحُ فمهُ ويتكلـّمُ في عالمنا، يُمكن أن يُسبّبَ وقوع زلزال في المجتمع البشريّ، ستكون تلك كارثة ً، حاولوا أن تتخيّـلوا ذلك الدويّ الهائل ! البعض يقولُ: "عيني الثالثة قد رأته، لقد كلـّمني." إنه لم يُكلـّمْـكَ. نفس الشّيء بالنسبة للـّذين يقولون أنهم رأوْا جسم الشّرع الذي يتبعني يتحدّث معهم، ليس هو الذي تحدّث معكم ؛ إنّ الفكرة التي يُرسلها هي التي لديها صوتٌ، لذلك عندما سمعتهُ، بدا لك كما لو أنه كان يتكلـّم. إنه يتكلـّم عادة ً في عالمه، ولكن عندما تمرّ كلماته في عالمنا، لا تسمعون بوضوح ما الذي يقوله. لأنّ مفهوم المكان-الزمانيّ بين العالمين ليس نفسه ؛ "شيشان، shichen" واحد يُمثـّل ساعتين في بُعدنا، بينما في العالم الكبير الآخر، "شيشان" من عالمنا يُمثل سنة، زمنـُنا أبطأ من الزّمن هنالك.          

                                                                                   

 هناك جُملة قديمة تقولُ: "يوم واحد في السّماء كألف سنةٍ مرّت على الأرض." هذا يُـشيرُ إلى عالمٍ وحدويّ ليس فيه مفهوم الزّمان والمكان، إنه العالم الذي يسكُـنهُ المُتيقظون الكبار، مثلاً: عالم "سوكهاواتي، Sukhavati"(عالم السّعادة الكاملة)، عالم اللاّزورد، عالم الفالون، عالم اللـّوتس، الخ. أمكنة كهذه. ولكن، على خلاف توقعاتكم، في تلك العوالم الواسعة يسيرُ الوقت أسرع من وقتنا. لو تستطيعون أن تلتقطوا وتسمعوا كلماتهم – البعض لهم مقدرة الكشف السّمعيّ، وآذانهم السّماويّة مفتوحة – تستطيعون أن تسمعوا هذه الكلمات، ولكن ليس بوضوح. كلّ ما تسمعونه هو أشبه ما يكون بزقزقة عُصفور أو صوت اسطوانةٍ موسيقيّة تدور بسُرعةٍ فائقةٍ، ولن تستطيعوا أن تـُميّـزوا الكلمات. بطبيعة الحال، البعض يستطيعون أن يسمعوا موسيقى، أو أيضًا كلامًا. شريطة أن يكون الشّخص مالكاً لأداةٍ، وهي نوع من قدرة قونق تـُـزيل الفارق الزمنيّ، فبالإمكان حينئذٍ أن يبلـُغ الصّوتُ آذانكم، ويُمكنكم أن تسمعوه بوضوح. هذه هي حقيقة الأمر. البعض يقولون أنه كلام بوذا، كلاّ، على الإطلاق.         

                                                                         

عندما يلتقي المُـتيقظون، تكفي ابتسامة بين شخصيْن، وكلّ شيءٍ يكونُ قد قيلَ. لأنهم يستعملون تناقل الأفكار بدون صوتٍ، والتي يتمّ تـلقـّـيها بطريقةٍ سمعيّةٍ (ستيريو). عندما يبتسمون فيما بينهم، يكونون حينها قد تبادلوا أفكارهم. علمًا وأنّ هذه ليست طريقتهم الوحيدة للتـّواصل، أحيانـًا يتمّ استعمال طريقة أخرى. الجميـع يعلمون أنّ "لاما، lama" التيبت في المدرسة الباطنيّة بارعون في استعمال "المودرا، mûdra" (حركات اليد)، ولكن لو تسألون أحد اللاّما ماهي المودرا، فهو يُجيبكم: "إنها اليوقا العُـليا (ووشانق يودجيا، wushang yujia)"، ماذا يعني هذا بالضبط ؟ في الواقع، هو لا يعلم ذلك. إنها بالفعل لغة المُـتيقظين الكبار. عندما يكون هناك جمع كبير من الناس، يقومون بالـ"مودرا" الكبيرة، إنّ ذلك رائع، إنها حركات يد كبيرة ومُـتنوّعة ؛ عندما يكون هناك جمع أقـلّ من الناس، يقومون بالـ"مودرا" الصّغيرة، وهي أيضًا جميلة جدّا، ومُـتكوّنة من شتـّى الحركات، وهي مُعقـّدة جدّا وثريّة جدّا، إنها لغة. في الماضي، كلّ هذا كان من أسرار السّماء، وها نحنُ اليوم نكشِفهُ. ما يستعملونه في التيبت هو فقط بضع حركات مُستعملة خصّيصًا لممارسة تمارين القونق عندهم، وقد تمّ تقسيمها وتبويبُها. إنها لا تعدو أن تكونَ لغة ممارسةٍ ؛ ثمّ إنها فقط بضعة أشكال لممارسةالقونق. "المودرا" الحقيقيّة مُعقـّـدة جدّا.

 

 

ما يُعطيه المعلـّـم للتـلاميذ

 

 بعضهم حالما يروْنني يُبادرون بمُصافحتي، ويُمسكون بيدي ولا يُريدون تركها. عندما يراهم الآخرون، يُمسكون هم أيضًا بيدي. أنا أعلمُ ماذا يجول في دواخلهم. البعض يُريدون مُصافحة المعلـّم لأنهم يجدون مُـتعة  كبيرة في ذلك، والبعض الآخر يُريدون الحصول على بعض البركات، لذلك هم لا يتركون يدي. نحن نقول لكم جميعًا أنّ الشّيولين الحقيقيّ هو شأنكم الخاصّ. هنا لا يتعلـّق الأمر بشفاء الأمراض ولا تقوية الجسم، ولا أيضًا إعطاء بعض البركات لمُعالجة أمراضكم، نحنُ لانتحدّث عن هذا. أنا أزيلُ مباشرة ًأمراضكم ؛ على ميدان الممارسة، أجسام الشرع التي تتبعني هي التي تتولـّى ذلك ؛ إن كنتم تتعلـّمون وحدكم بواسطة قراءة الكتاب، أجسام الشّرع التي تتبعُـني هي التي تتولـّى ذلك أيضًا. أنتم تظنون أنكم بلمس يَديّ سوف تـُنمّون طاقتكم (القونق) ؟ أليست هذه مُزحة ً ؟           

                                                                  

القونق يتوقّف على تعهّد سين سينغ كلّ واحدٍ منكم. إن كنتم لا تتعهّدون أنفسكم بحقّ، هذا القونق لا ينمو، لأنهُ يُقاسُ بمقياس السين سينغ. عند نموّ القونق لديكم، أفراد المستوى العلويّ يستطيعون أن يَرَوْا أنّ تعلـّقكم، هذه المادّة، قد زالت وأنّ عمودًا مُرقــّـمًا قد ارتفع فوق رُؤوسكم. علمًا وأنّ هذا العمود المُرقــّـم مُطابق لشكل عمود قونق ؛ ارتفاع ذلك العمود المُرقــّم هو نفس ارتفاع عمود القونق، إنه يُمثل طاقتكم (قونق) التي تعهّدتموها بأنفسكم و كذلك  مستوى السين سينغ عندكم. لا أحد آخر يُمكنه أن يُضيفَ إليها ولو قدر إصبـع، ما سيُضافُ لن يبقى وسيسقط. أنا أستطيـعُ أن أجعلكم تبلغون في الحال مستوى "الزّهرات الثلاث المُجتمعة عند قمّة الرّأس"(سان هوا دجو دينق، san hua ju ding)، ولكن عندما ستخرجون من هنا، سيسقط القونق في الحال. بما أنّ هذا القونق ليس ملككم، لم تتعهّدوه بأنفسكم، فلن يبقى، لأنّ عمود السين سينغ لديكم لا يبلغ ذلك الارتفاع ؛ فلا أحد يُمكنُ أن يُضيفَ إليه شيئًا لأنّ هذا يتوقف كُـلـّيًا على ممارستكم الذاتيّة وعلى شيولين قلوبكم. نمّوا القونق لديكم على ركائز متينة، ارتقوا باستمرار، اتـّصفوا بطبيعة الكون، وفقط حينها تستطيعون الصّعود إلى الأعلى. هناك أناس يطلبون مني إمضائي، أنا لا أرغب في إعطاء إمضائي. البعض يقولون أنّ المُعلـّم أعطاهم إمضاءه، ويُريدون أن يُروهُ للآخرين، إنهم يُريدون أن تحفظهم بركة المعلـّم. أليست هذه أيضًا روح تعلـّق؟ إنّ الشّيولين يتوقّف على ذات الشخص، لماذا الاهتمام بالبركات ؟ أفلا زلتم تتحدّثون عن هذا وأنتم تقومون بشيولين المستوى العالي ؟ إنّ ذلك ليس شيئاً بالمرّة ! لا نتحدّث عن ذلك إلاّ في مرحلة الشّفاء وتقوية الصّحّة.    

                                                                                                                                  

لو نتأمّـل القونق، القونق الذي تحصُلون عليه بواسطة ممارستكم، في مستوى ميكروسكوبيّ للغاية، جُزيئاته هي على شكلكم وصورتكم تمامًا. عندما تخرجون من شي دجيان فا، تكونون قد دخلتم في شيولين جسم بوذا. هذا القونق يتجلـّى في صورة وشكل جسم بوذا، جميل جدّا وجالس على زهرة اللوتس، ونفس الشّيء بالنسبة لكلّ واحدة من الجُزيئات. بينما الحيوانات، في طاقتها، تظهرُ صور ثعالب صغيرة وثعابين صغيرة، هذه الصّور موجودة في كلّ الجُزيئات إن تأمّلناها في درجة ميكروسكوبيّة قصوى. هناك أيضًا أنواع من البركات، يُحرّك الشّخص الشّاي ثمّ يُعطيكم إيّاه لِتشربوه، في كلّ الحالات، هذا أيضًا يُسمّونهُ قونق. الناس العاديّون لا يُريدون سوى أن يرتاحوا في الحين من أوجاعهم، أن يُؤجّلوا أمراضهم أو يصرفوها قليلاً ؛ على كلّ حال الناس العاديّون هم ناس عاديّون، إلى أيّ حدّ يُخرّبون أجسامهم، هذا لا يهمّـنا. أنا أحدّثكم عن هذه الأشياء لأننا نحن ممارسون. من الآن وصاعدًا، عليكم ألاّ تتصرّفوا بهذه الطريقة، لا ترغبوا في هذه الأشياء المدعوّة "بركات" أو في هذا الشّيء أو ذاك. هناك معلـّمو تشيكونق يدّعون: "أنا أرسل إليكم بركاتٍ، يُمكنكم أن تـتـلقـّوْها عبر جميع أنحاء البلاد." ما الّذي تـتـلقـّوْنه ؟ أنا أقول لكم أنّ هذه الأشياء لا يُمكن أن يكون لها تأثير كبير، افرضوا أنها إيجابيّة، إنها فقط من أجل شفاء المرض وتقوية الصّحة. بصفتنا ممارسين، طاقتنا (قونق) آتية من تعهّدنا وممارستنا، ولا أيّ قونق آتٍ من بركات شخص آخر يُمكنه أن يرفع مستوى طاقتنا، إن ذلك يتمثل فقط في معالجة الناس العاديّين. ينبغي حتمًا أن تكون نفوسكم مُستقيمة، لا أحد يُمكن أن يُعوّضكم في تعهّدكم وممارستكم ؛ أنتم، ولا أحد سواكم، الذين عليكم أن تتعهّدوا وتـُمارسوا فعلاً، لِترفعوا مُستواكم.  

                                                                                                                                                        

إذن، ماذا أعطيكم ؟ أنتم تعلمون أنّ الكثير منـّا لم يُمارسوا أبدًا القونق من قبلُ ولديهم أمراض ؛ عديد الأشخاص، بالرّغم من كونهم يُمارسون التشيكونق منذ سنين، إلاّ أنهم لا يزالون يهيمون في مستوى التشي وليس لديهم قونق. طبعًا، هناك أناس يُعالجون  أمراض الآخرين، ولكن هل تعلمون ماذا يفعلون ؟ عندما طرقتُ مسألة الفوتي، طردتُ عن الممارسين الحقيقيّين للشّرع الأكبر، كلـّيًا ومن داخل الجسم كما من خارجه، الأرواح السّفلية التي كانت تسكُنُ أجسامهم وكلّ الأشياء السّيئة من هذا القبيل، مهما تكُنْ. بالنسبة للممارسين الحقيقيّـين الذين يُمارسون بمُفردهم، فإنّ جسمكم أيضًا سيتمّ تطهيره عندما تقرؤون هذا الشرع الأكبر ؛ وكذلك مُحيطكم العائليّ يجبُ أن يقعَ تطهيره. ألواح الثعلب وابن عرس التي كنتم تضعون أمامها القرابين، ارموها بسُرعةٍ. كلّ شيءٍ قد تمّ تنظيفه، ولم يبْـقَ شيء. بما أنكم تـُريدون أن تتعهّدوا وتـُمارسوا، يُمكن أن نفتحَ لكم هذا الباب الأنسَبَ، نحن نقوم بهذا من أجلكم، ولكن فقط من أجل الممارسين الحقيقيـّيـن. طبعًا، هناك أناس لا يُريدون الشّيولين، إنهم لم يفهموا إلى الآن فيمَ يتمثـّـل الشيولين، نحن لا نستطيـعُ لهم شيئًا ؛ نحن نهتمّ فقط بالناس الذين يقومون حقـّا بالشّيولين.

 

هناك أيضًا صنف من الأشخاص قيلَ لهم في الماضي أنّ لديهم الفوتي وأحسّوا به هم أيضًا. وبعدما طردنا عنهم الأرواح السّفلية، لا يستطيعون التـّخلص من قـلقهم، هم يشعرون أنّ الحالة بقيت كما هي، ويظنـّون أنهم لايزالون مسكونين ؛ هذا نوع من التعلـّق يُسمّى "الهاجس" أو"الشكّ". مع الزّمن، يُمكن أن يستجلبوا المتاعب من جديدٍ. يجبُ أن تتخلـّصوا من هذا الهاجس لأنّ ذلك الفوتي قد اختفى تمامًا. بالنسبة للبعض، قد سبقَ وأن قمتُ بهذه الأشياء في الدورات التكوينيّة السابقة، لقد تولـّيْتُ ذلك وطردت عنهم كلّ الفوتي التي كانت تتملـّـكهم.      

                                                                            

 إنّ ممارسة المدرسة الطاويّة في المستوى الأدنى تتطلـّب إرساء بعض القواعد، تكوين الدّورة السّماويّة، وحقل الإكسير، بالإضافة إلى أشياء أخرى تنتمي إلى مجالات أخرى. نحن هنا نـُزوّدكم بالفالون، بآليّـات التشي، وبكلّ الآليّات الضروريّة للشّيولين، الخ؛ أكثر من عشرة آلافٍ، يجب إعطاؤكم إيّاها مثل بذور نزرعها فيكم. بعد إزالة أمراضكم، نقوم بكلّ ما يجبُ أن نقوم به ونـُعطيكم كلّ ما يجبُ أن نـُعطيكم إيّاه، وعندها فقط يُمكن أن تتوصّـلوا حقـّا إلى التعهّد والممارسة بنجاح في مدرستنا. وإلاّ، إن لم نـُعطكم إيّاها، فلن يكونَ ذلك شيئًا سوى المُداواة وتقوية البدن. في الحقيقة، بالنسبة للناس الذين لا يُركّزون على السين سينغ، من الأحسن لهم أن يقوموا بتمارين رياضيّة.       

 

إن تتعهّدوا وتـُمارسوا فنحنُ مسؤولون عنكم. الناس الذين يتعلـّمون بمُـفردهم سيحصلون أيضًا على نفس الشّيء، ولكن  ينبغي عليهم أن يتعهّدوا ويُمارسوا حقـّا، نحن نـُعطي هذه الأشياء للممارسين الحقيقـيّيـن. لقد سبقَ وأن تحدّثت عن ذلك، يجبُ أن نقودَ خُطاكم حقـّا كممارسين. وزيادة على ذلك، يجب أن تدرسوا شرع المستوى العالي بعُمق وتعرفوا كيف تتعهّدون وتـُمارسون ؛ التـّمارين الخمسة سيتمّ تلقينكم إيّاها مرّة ًواحدة ًوسوف تكونون قد أخذتم كلّ شيءٍ. ستصلون في المستقبل إلى مستوىً عال، عال إلى درجةٍ تفوق خيالكم، ولن يكونَ لكم مُشكل في الحصول على ثمرة الكمال (جانق قوو). يكفي أن تقوموا بالشّيولين، هذا الشّرع الذي أدعوكم إليه يشملُ مستويات مُختلفة ؛ وستكتشفون لاحقـًا أنه سيكون دائمًا قادرًا على قيادتكم وتوجيهكم في مختلف مستويات تعهّدكم.

                                    

بصفتكم ممارسين، فإنّ مسار حياتكم سيتغيّر بعد اليوم. جسم الشّرع الذي يتبعُـني  سيُـبرمجه لكم من جديدٍ. كيف يُـبرمجهُ ؟ كم من العُمر بقي في حياة البعض ؟ هم أنفسهم لا يدرون ؛ بعضهم سيمرضون ربّما مرضًا خطيرًا بعد حوالي سنةٍ أو ستـّة أشهُر، وسيدومُ هذا ربّما سنواتٍ عديدة ً؛ البعض الآخر سيُصابُون بجلطة دماغيّةٍ أو أمراض أخرى، وسيكون من المستحيل عليهم الحراك. كيف إذن ستتـمكـّنون من القيام بالشّيولين بقيّة حياتكم ؟ يجبُ أن نـُـنـقـّيكم من كلّ هذا وأن نحول دون وقوع هذه الأحداث. ولكن نـُـنبّهكم إلى أننا نفعلُ ذلك فقط من أجل الممارسين الحقيقيّين، ليس مسموحًا فعلُ ذلك بصفةٍ اعتباطيّة للناس العاديّين، وإلاّ فهذا يعود بالقول إلى أننا نرتكبُ أعمالاً سيّئة ً. الولادة، الشّيخوخة، المرض، والموت عند الناس العاديّين هي أحداث نسَجتها روابط سببـيّة، ولايُسمحُ بإدخال التـّشويش عليها كما نشاءُ. 

                                                                                                 

 نحن نعتبرُ الممارسين الناسَ الأكثرَ قيمة ً، لذلك نحن لا يُمكن أن نفعلَ ذلك سوى للممارسين. كيف نفعلُ ؟ عندما تكون قوّة المعلـّم وفضيلته عاليتيْن جدّا، فهذا يعني أنّ "قونق لي" المعلـّم عال جدّا، لذلك يستطيـع أن يُزيلَ عنكم ديونكم (كارما). عندما يكون قونق المعلـّم عاليًا، يستطيـعُ أن يُزيلَ عنكم منها الكثير، عندما يكون قونق المعلـّم ضعيفـًا، لا يستطيـع أن يُزيلَ منها سوى جزءٍ صغير. ولـْـنذكُر مثالاً: نحن نجمعُ مُختلف أصناف الكارما في مستقبل حياتكم، ونـُزيل منها جُزءًا، نـُزيل منها النصف. النصف الباقي، لا يُمكنكم تجاوزه لأنه أعلى من جبل. ماالعملُ ؟ في المستقبل، عندما ستصِلـُون إلى الطريق، كثير من الناس سيستفيدون من ذلك بدون شكّ، وهكذا، كثير من الأشخاص سيتحمّـلون عنكم قسطـًا من الكارما. طبعًا، سيكون أمرًا هيـّـنـًا بالنسبة لهم. وأنتم أنفسكم تملكون أيضًا عددًا كبيرًا من الحياتات المُـكوّنة من تطوّر ممارستكم، وبالإضافة إلى ذلك، إلى جانب روحكم الفاعلة (تسو يوانشان)، وأرواحكم الثانويّة (فو يوانشان)، هناك أيضًا كثير من ذواتكم التي ستتكفـّـل بقسطٍ من الكارما من أجلكم. عندما تمرّون بمحنةٍ، يكون قد بقي لكم منها القليل. حتـّى وإن قلنا بقي منها القليل، فهي رغم ذلك كمّيّة ضخمة، هنا أيضًا لا تستطيعون أن تجتازوا هذه الكارما. ماالعملُ ؟ نـُقسّمها حينئذٍ إلى أجزاء عديدة نضعها في مختلف المستويات من تعهّدكم وممارستكم. سوف نعتمدُ كلّ هذا لكي نجعلكم ترفعون السين سينغ، تـُحوّلون ديونكم وتـُنمّون القونق لديكم.           

                                                                                                                         

وزيادة ً على ذلك، عندما يُريد شخص مّا القيام بالشّيولين، لن يكونَ ذلك أمرًا سهلاً. لقد قلتُ أنّ تلك مسألة جدّية جدّا وتتجاوز إلى حدّ بعيد الناس العاديّين، إنها أصعب من أيّ أمر من أمور الناس العاديّين. لذلك، بما أنّ هذا يتجاوز العاديّ، ما نطلبه منكم أعلى بكثير ممّا يتـطلـّبه منكم أيّ أمر من أمور الناس العاديّين. نحن، الكائنات البشريّة، لدينا أرواح أصليّة، هذه الأرواح الأصليّة لا تفنى. إن كانت الرّوح الأصليّة لا تفنى، إذن فكّروا: ألم ترتكب روحكم الأصليّة أعمالاً سيّئة ً في حياتاتها الاجتماعيّة السّابقة ؟ هذا ممكن جدّا. قتل الحياة، التـّداين من أحدهم، إصابة أو إهانة أحدهم، من الممكن جدّا أن تكونوا قد ارتكبتم مثل هذه الأشياء. إن كان الأمر كذلك، أنتم تتعهّدون وتـُمارسون في هذه الجهة، والطـّرف الآخر يرى ذلك بوضوح في الجهة الأخرى. أمر المداواة والحفاظ على الصحّة لا يهمّه، هو يعلمُ جيّدًا أنكم تـُؤجّلون التـّسديد، وأنكم إن لم تـُسدّدوا الدّيْن الآن فستـُسدّدونه لاحقـًا، وسيكون أثقل بكثير ٍ. لذلك، عندما لا تـُسدّدونه وقتيّـا، لا يهتمّ بكم.

                                                                                                               

عندما تقولون أنكم تـُريدون التعهّد والممارسة، هو لا يُوافقُ: "تـُريد التعهّد والممارسة، تـُريد الرّحيل، لو تـُـنمّي طاقتك (قونق)، فلن يُمكنني الوصول إليك ولا لمسكَ."، هو إذن لا يُريد ذلك. لذا هو يُعطـّـلكم بكلّ الطـّرق لِيمنعكم من التعهّد والممارسة، ويستعمل شتـّى الوسائل ليُـزعجكم ويصل به الأمر حتـّى إلى قتلكم. طبعًا، لن يطيرَ رأسكم بينما أنتم جالسون هنا في وضعيّة اللـّوتس، هذا غير مُمكن، لأنه يجبُ الامتثال للحالة الاجتماعيّة للناس العاديّين. ربّما، عند خـُروجكم، ستصدمكم سيّارة، أو تسقطون من سطح بنايةٍ شاهقةٍ، أو تلحقكم مخاطر أخرى، هذه الأحداث مُمكنة الوقوع جدّا، هذا خطير جدّا. الشّيولين الحقيقيّ ليس بالسّهولة التي تتصوّرونها، لديكم الرّغبة في التعهّد والممارسة، ولكن هل أنتم قادرون على النجاح ؟ إن تتعهّدوا وتـُمارسوا، سيُحدقُ بكم في الحال خطر الموت، سيجرّ ذلك في الحال هذا المُشكل. هناك كثير، كثير جدّا من معلـّمي التشيكونق لا يجرؤون على تبليـغ الطريقة التي تـُوصِل الناس إلى المستوى الأعلى. لماذا ؟ لأنهم ليسوا قادرين على فعل ذلك، ليسوا قادرين على حمايتكم.

                                                         

في الماضي، كثير من الأشخاص الذين كانوا يُبلـّغون الطريقة لم يكونوا يستطيعون سوى تلقين تلميذٍ واحدٍ، يكون الأمر ممكنـًا عندما يتعلـّق الأمر بحماية تلميذٍ واحدٍ. أمّا مع عددٍ بهذه الضّخامة، أغلب الناس لا يجرُؤون على فعل ذلك. ولكن نحن نقول لكم هنا أنني أستطيـعُ فعل ذلك، لأنّ لي أجسام شرع لا تـُحصى، وهي تملك قدرات إلهيّة جبّارة وتملك قوّة الشّرع (فا لي، Fa li)، إنها تستطيـعُ أن تـُظهرَ قدرات إلهيّة عظيمة جدّا وقوّة الشّرع العظيمة جدّا. وبالإضافة إلى ذلك، ما نتولـّى فعله اليوم ليس بسيطـًا كما يبدو، أنا لا أفعله عَرَضًا. أستطيـع أن أقول لكم أنّ الكثير من المُتيقظين الكبار يُـتابعون عن كَـثبٍ هذا الحَدَثَ، إنها آخر مرّةٍ نـُبلـّغ فيها الشّرع الحقّ في فترة نهاية الشّرع هذه (نهاية "دهارما")، إنّ العمل الذي نقومُ به لا يتحمّل أيّ زيْـغ أو حيادٍ عن الطريق المُستقيم. مادُمتم تتعهّدون وتمارسون حقـّا في الطريق الحقّ، لا أحد سيجرُؤ بسهولةٍ على إلحاق الضّرر بكم، وزيادة ًعلى ذلك ستكون معكُم حماية جسم الشّرع الذي يتبعُـني، ولن يكون هناك أيّ خطر يتهدّدكم.                       

                                                                                                                                       

عندما يُسجّـل المرء دينـًا، يجبُ أن يُوفيه ؛ إذن، هناك أحداث مُخطرة يُمكن أن تقع في طريق تعهّدكم وممارستكم. ولكن عندما ستقعُ هذه الأحداث، لن تشعروا بالخوف، ولن نجعلكم تكونون في حالة خطر حقـّا. يُمكن أن نذكُر لكم أمثلة. عندما نظــّمتُ الدّورة التكوينيّة في بيكين، كانت هناك تلميذة تعبُر الطريق على درّاجة، وفي اللـّحظة التي كانت فيها بصدد الاستدارة، صدمتها سيّارة فاخرة. هذه التلميذة هي سيّدة يفوق عُمرها الخمسين سنة ً. لقد صدمتها السّيارة بغتة ً وبقوّةٍ، سمع الناس "بانق"! وارتطم رأسها بسقف السّيّارة. في ذلك الحين، إحدى قدميها كانت لا تزال على دوّاسة الدّراجة، اصطدم رأسها، ولكنها لم تـُحسّ بألم ؛ لم تـُصَبْ بجروح ٍ ولا بنزيفٍ، ولا حتـّى بانتفاخ ٍ. شعُرَ السّائق بخوفٍ شديدٍ، وقفز من السّيّارة قائلاً بسرعةٍ: "هل أنت مُصابة ؟ هل نذهبُ إلى المستشفى ؟" فقالت له أنّ ذلك لم يكُن شيئًا. طبعًا، بما أنّ سين سينغ تلميذتنا كان عاليًا، فهي لم تكُـن تـُريد أن تسبّبَ الإزعاج للآخرين. وقد تصرّفـتْ كما لو أنّ شيئـًا لم يكُنْ، ولكن كان هناك تجويف كبير على السّيارة.

                                                                             

هذا النوع من الأشياء يُمكن أن يحدُث بغايةٍ واحدةٍ وهي أخذ حياتكم، ولكن ليس هناك خطر. عندما كنـّا نقوم بالدّورة التكوينيّة في جامعة "جيلين، Jilin" آخر مرّةٍ، كان هناك تلميذ بصدد الخروج من الباب الرئيسيّ للجامعة دافعـًا درّاجته أمامه، وحالما وصل إلى وسط الطريق، حاصرته سيّارتان، كان يُمكن أن يُصدَمَ ولكنـّه لم يشعُرْ بالخوف أبدًا. عندما يحدث هذا النوع من الأشياء، في معظم الأحيان، لا ينتابنا الخوف، وتوقّفت السّيارتان في طرفة عين ٍ، ولم يحدُث شيء.

 

وقد وقعت أيضًا حادثة أخرى في بيكين. في الشّـتاء تظلم السّماء في وقتٍ مُبكّر في المساء، والناس ينامون باكرًا نسبيّا. لم يكُن هناك أحد في الشّارع، وكان هدوء كبير يَرينُ على المكان. كان هناك تلميذ يُسارعُ بالعودة إلى المنزل على درّاجته، وأمامه لم يكُن هناك سوى سيّارة "جيب" تجري بسُرعةٍ، ولكنـّها كبحت سُرعتها فجأة ً. لم ينتبه هو لذلك، وواصل قيادة الدّرّاجة. ولكنّ هذه "الجيب" أخذت بغتة ً تسير إلى الوراء وبسُرعةٍ، كانت القوّتان ستصطدمان، كان ذلك أيضًا لأخذ حياته. كان من الممكن أن يقع حادث في طرفة عين ٍ، ولكن فجأة ًسحبت قوّة أخرى درّاجته إلى الوراء مسافة نصف متر، وفي نفس الوقت، توقــّفت "الجيب" تمامًا مُلامسة ً عجلة درّاجته، ربّما لاحظ السّائق أنّ هناك شخصًا وراءه. لم يشعُر التلميذ بالخوف في ذلك الحين، عُمومًا ليس هناك خوف لحظة وقوع هذا النوع من الأشياء، ربّما يأتـي الخوف فيما بعد. لقد كان أوّل ما فكّر فيه: "آه ! من الذي سحبني إلى الوراء ؟ يجبُ أن أشكُـرَهُ." وكان على وشك أن يقول شكرًا، ولكنه لمّا أدار رأسه وجد الطريق خاليًا، كلّ شيءٍ كان ساكنـًا. ففهم في الحال: "إنّ المعلـّم هو الذي حماني !".                                                                             

 

وهذه واقعة أخرى في "شانقشون، Changchun". قرب منزل أحد التلاميذ، كانت هناك أشغال بناءٍ، في أيّامنا هذه، البنايات عالية جدّا، والطوابق الموضوعة من أجل عمليّة البناء، كانت مُكوّنة من أنابييب حديديّة عرضها سنتيمتران وطولها أربعة أمتار. كان التلميذ خارجًا من منزله، وكان هناك أنبوب حديديّ بصدد السّقوط بطريقة عموديّة من أعلى البناية مُـتـّجهًا مُباشرة ً نحو رأس التلميذ، الناس في الشّارع كانوا مُرتاعين وهُم يُـتابعون ذلك، ولكنه قال:"من ربّت على رأسي ؟" كان يظنّ أنّ أحدهم ربّتَ على رأسه. وفي اللـّحظة التي استدار فيها، لمح فوق رأسه فالونـًا كبيرًا يدورُ، وسقط الأنبوب الحديديّ جانبًا، وانغرس في الأرض قائمًا. لو سقط حقـّا على الرّجل، فكّروا، مع مثل ذلك الوزن، كان سيخترق الرّجل ويشُـكّه مثل قشّة تخرق توتة. لقد كان ذلك خطيرًا حقـّا !

                                                        

هناك أحداث لا تـُحصى من هذا القبيل، ولكن ليس هناك أيّ خطر. ليس بالضرورة أنّ كلّ الناس ستـُلاقي هذا النوع من الأشياء، ولكنّ عددًا قليلاً من الأشخاص سيُلاقيها. إن لاقيْتموها أم لا، من الأكيد أنه لن يكونَ هناك أيّ خطر عليكم، أستطيـعُ أن أؤكّد لكم. هناك تلاميذ لا يتـّبعون مقاييـس السين سينغ، هم لا يقومون سوى بالحركات دون تعهّد السين سينغ، نحن لا نعتبرهم ممارسين.

                                                                                                       

 إن تسألوني ما يُعطيه المعلـّم، أنا أعطيكم كلّ هذا. سوف يحميكم جسم الشّرع الذي يتبعُـني إلى أن تتمكّـنوا من حماية أنفسكم بأنفسكم، في ذلك الحين، ستكونون قد خرجتم من شيولين شي دجيان فا، ستكونون قد بلغتم الطريق (داوُو). ولكن يجبُ أن تعتبروا أنفسكم ممارسين حقيقـيّين لتنجحوا في ذلك. أحدهم أمسكَ بكتابي بين يديه وأخذ يسيرُ في الشّارع صائحًا: "مع حماية المعلـّم "لي"، لا نخاف أن تصدمَـنا السيّارات." هذا يُسمّى دوسًا لقداسة الشّرع الأكبر، مثل هذا الشّخص لن يكونَ محميّا، في الحقيقة، الممارسون الحقيقيّون لا يتصرّفون هكذا.

                                                                               

حـقـل الطــاقة

 

عندما نـُمارس الطريقة، هناك حقل يتكوّن حوالينا. ماهو ؟ هناك ناس يقولون أنه حقل التشي، أو حقل مغناطيسيّ، أو حقل كهربائيّ.. في الواقع، أيّـا كان الإسم الّذي تـُسندونه لهذا الحقل، فهو ليس صحيحًا. لأنّ هذا الحقل يحتوي على موادّ غنيّة جدّا. طاقتنا (قونق) تحتوي تقريبًا على كلّ الموادّ التي تـُكوّن جميـع عوالم كوننا. هناك جانب كبير من الصحّة في تسميته حقل طاقة، لذلك غالبًا ما نـُسمّيه هكذا.  

                                                                                                                                                                          

إذن، ماهي وظيفة هذا الحقل ؟ مثلما تعلمون، ممارسونا في الشّرع الحقّ لديهم الشّعور التالي: بما أننا نتعهّد ونـُمارس الشّرع الحقّ، فإنّ هذا الحقل مليء بالرّحمة وهو يتوافق مع طبـع الكون جهان شان ران. لذلك تلاميذنا الجالسون في هذا الحقل لا تكون لديهم أفكار سيّئة، وحتـّى أنّ الكثير من تلاميذنا لا يُفكّرون مُجدّدًا في التدخين عندما يكونون جالسين هنا، هم يُحسّون براحةٍ كبيرةٍ، وفي جوّ ملـْؤه الانسجام ؛ كذلك هي الطاقة التي يحملها ممارسو الشّرع الحقّ والتي تـُمارس تأثيرها في حدود هذا الحقل. عندما ستنتهي هذه الدّورة التكوينيّة، مُعظمكم سيمتلكُ القونق، القونق الحقيقيّ ؛ لأنّ ما بلـّغتكم إيّاه هو شيولين الشّرع الحقّ، وأنتم أيضًا ستستجيبون لمقياس السين سينغ ذلك. وطالما ستقومون بالممارسة، وطالما بقيتم تقومون بالشّيولين وفق إلزامنا في السين سينغ، ستـُصبح طاقتكم قويّة ً أكثرَ فأكثرَ.              

 

نحن نتحدّث عن خلاص الفرد البشريّ وخلاص البشريّة، الخلاص لكلّ كائنات الكون، لذلك يستطيع الفالون أن يدورَ إلى الدّاخل من أجل خلاص الفرد، وإلى الخارج من أجل خلاص الآخرين. عندما يدور إلى الخارج، يبعث الطاقة ويفيدُ بها الآخرين، بهذه الطريقة، الناس الموجودون في المنطقة التي يُغطـّيها حقل طاقتكم يُمكن أن يستفيدوا منه، ربّما يُحسّون براحةٍ كبيرةٍ جدّا. ربّما تلعبون هذا الدّور في الشّارع، أو في مُؤسّسة عملكم، أو في بُيوتكم. الناس الذين هم في دائرة فضاء حقلكم، ربّما تعدّلون أجسامهم دون قصدٍ، لأنّ هذا الحقل يستطيع أن يُعدّلَ كلّ الحالات غير السويّة. من المفروض ألاّ يُصاب جسم المرء بعلـّةٍ أو جروح، هذه تـُمثل حالة غير سويّة واختلالاً، وهو يستطيـعُ أن يُسوّي هذا الاختلال. الناس الذين لديهم أفكار سيّئة ويُفكّرون بأشياء خبيثة، يُمكن أيضًا، تحت التأثير القويّ جدّا لحقلكم، أن يُغيّروا أفكارهم، وأن يتخلـّوْا عن نواياهم السّيئة. ربّما يكون هناك شخص يُريد شتم شخص آخر، فيُغيّر بغتة ً فكرته ويـعْــدِلُ عن ذلك. ليس هناك سوى حقل طاقة شيولين الشّرع الحقّ قادر على أن تكون لديه هذه الوظيفة، لذلك في الماضي، في الدّيانة البوذيّة، كانت هناك جملة تقول: "نور بوذا يُضيء كلّ شيءٍ، والإستقامة والإحسان يُعدّلان كلّ شيءٍ." (فو قوانق بو جاوو، لي يي يوان مينق، Fo guang pu zhao, li yi yuan ming).

 

 

 كيف ينـشُر تلاميذ الفالون دافا الطـريقة   

                               

الكثيرُ من تلاميذنا، عندما يعودون إلى بيوتهم، يعتقدون أنّ الطريقة ممتازة جدّا، ويُريدون أن يُمرّروها للأقارب والأصدقاء. هذا جيّد، كُـلـّـكم يُمكنكم أن تـُمرّروها، وأن تـُمرّروها لمن تـُريدون. ولكن هناك نقطة نريد توضيحها للجميـع: نحنُ نعطيكم الكثير من الأشياء، ما يُعطى لكُم، لا يستطيـعُ المرءُ أن يُـقدّر قيمتهُ. لماذا نمنحكُم إيّاهُ ؟ لِنـُمكّنكم من التعهّد والممارسة، نحنُ نعطيكم ذلك فقط من أجل الشّيولين. يعني أنه لمّا تنشُرون الطريقة في المُستقبل، لا يُمكنكم أن تسعَوْا وراء الشّهرة والمال مُستعملين هذه الأشياء، ونتيجة لذلك، لا يُمكنكم أن تـُـنظـّموا دَوَراتٍ تكوينيّة مثلي أنا، وتتقاضَوْا عليها أجرًا. لأننا نحنُ يجبُ أن نطبـعَ كُـتـُبًا ووثائق ونتـنـقـّـلَ لِننشُرَ الطريقة، علينا أن نـُواجه عدّة مصاريف. نحنُ نطلـُبُ أزهد ثمن في البلد، ولكن ما نعطيه هو الأثمن، نحنُ نقودُ الناس حقـّا إلى المستوى العلويّ ؛ كلّ منكم قد عاين هذا الأمر بنفسه. إذا نشرتم الطريقة في المُستقبل بصفتكم تلاميذاً للفالون دافا، نحنُ نـُطالبُكم بأمرَيْن:               

                                                                                                                                                               

الأمر الأوّل هو أن لا تتقاضَوْا مالاً. نحنُ نـُعطيكم أشياء كثيرة ً، لا لكي تـُكوّنوا ثروة ً وتسعَوْا وراء الشّهرة، ولكن لتخليصكم، ولكي نجعلكُم تتعهّدون وتـُمارسون. لو تتقاضوْن مالاً، فإنّ جسم الشّرع الذي يتبعُـني سيسترجـعُ كلّ تلـقـّيْـتموه، إذن لن تنتموا مُجدّدًا إلى الفالون دافا، وما ستنشُرونه لن يكونَ أيضًا الفالون دافا. عندما تنشُرون الطريقة، لا تسعَوْا وراء الشّهرة ولا وراء المال، أنتم تـُؤدّون واجبًا تـُجاه الجميـع. تلاميذنا في كلّ أنحاء البلاد يتصرّفون هكذا ومُدرّبو كلّ المناطق يُعطون أيضًا القدوة في الأمر. إن كُـنتم تـُريدون أن تتعلـّموا طريقتنا، بما أنكم تـُريدون أن تتعلـّموها، إذن تعالوْا وتعلـّموها، نستطيـعُ أن نتولـّى مسؤوليّتكم، دون أن نطلـُبَ منكما فلسًا واحدًا.           

 

الطلب الثاني هُو أن لا تمزجوا أشياءكُم الشّخصيّة مع الدّافـا. يعني أنه، أثناء نشر الطريقة، حتى ولو كانت عينـُكم الثالثة مفتوحة ً، مهما تكُنْ قدرات القونق التي ظهرت عندكُم، عليكُم ألاّ تـُفسّروا طريقتنا الفالون دافا على ضوء ما رأيتم. ما رأيتموهُ في مُستواكُم ضئيل ومحدود، إنه لا يزالُ بعيدًا جدّا عن المعنى الحقيقيّ للشّرع الذي نتكلـّمُ عنهُ. لذلك، عندما ستنشُرون الطريقة في المُستقبل، سيكونُ عليكُم أن تنتبهوا قطعًا لهذه النقطة، هذه الوسيلة الوحيدة لنضمن أن تظلّ الأشياء الأصليّة لطريقـتنا الفالون دافا كما هي.

                                                                                                                             

 ليس مسموحًا كذلك نشر الطريقة كما أفعلُ أنا، وتـُمنـَعُ الدّعوة إلى الشّرع مثلي أنا في محاضرة للعُموم، أنتم لستـُم قادرين على الدّعوة إلى الشّرع. لأنّ ما أتحدّث عنه لديه معنى عميق جدّا، أنا أتحدّث مُقرنـًا أشياء من مُستويات عُـليا. أنتم تتعهّدون وتـُمارسون في مُختلف المُستويات، عندما سترتقون في المُستقبل، وعندما تسمعون هذا التسجيل مرّة أخرى، سترتقون باستمرار. مع سماعه باستمرار، سيكونُ لكُم دائمًا فهمٌ جديد وستجنون أشياء جديدة ؛ الأمرُ نفسُه بالنسبة لقراءة الكتاب، بل أكثرَ. كلّ هذه العبارات التي أنطقها هنا مُرتبطة بأشياء عالية جدّاً وعميقة جدّاً ؛ لهذا السّبب أنتم لستـُم قادرين على تلقين هذا الشّرع. لا يُسمَحُ لكم بأن تنطقوا بعباراتي الأصليّة على أنها عباراتكُم، وإلاّ فإنّ هذا يُعتبَرُ سرقة ً للشّرع. لا يُمكنكم سوى أن تـُعيدوا جُمَـلي كما هي مُلاحظين أنّ هذا ما قالهُ المُعلـّم وأنّ هذا مكتوبٌ في كتابه، لا يُمكنكم إلاّ أن تتحدّثوا هكذا. لماذا ؟ لأنكُم عندما تتحدّثون بهذه الكيفيّة، يكونُ النشرُ حاملاً لقوّة الشّرع الأكبر. لا يُمكنكم بثّ معارِفكم على أنـّها الفالون دافا، وإلاّ ما تبثـّونه لا يكون الفالون دافا، وهذا يعود بالقول أنـّكُم تـُؤذون طريقتنا الفالون دافا. عندما تتحدّثون حسب وجهات نظركم وأفكاركم، فإنّ ما تقولونه ليس الشّرع، هذا لا يُمكن أن يجلِبَ الخلاص للبشر ولا أن يُحدِثَ أيّ أثر، لذلك لا أحد يستطيـعُ أن يدعُوَ لهذا الشّرع.

                                                                                                                                             

وسيلة نشرالطريقة بالنسبة لكُم هي أن تدَعُوا التلاميذ يستمعون إلى التسجيل، يُشاهدون شريط الفيديو في أماكن الممارسة أو في قاعات المُحاضرات، ثمّ يتولـّى المُدرّبون تعليمهم التمارين. يُمكن أن تستعملوا طريقة حلقات النقاش حيث يُمكن للجميـع أن يتحدّثوا ويتناقشوا ويتبادلوا الآراء، المطلـُوب منكم أن تتصرّفوا هكذا. في نفس الوقت،  التلاميذ (المُريدون) الذين يقومون بنشر الفالون دافا لا يجبُ أن نـُسمّيهم "معلـّم" أو"معلـّم أكبر"، الخ. هناك مُعلـّم وحيد للشّرع الأكبر. الناس الذين دخلوا في التـّعاليم، لايهمّ متى بدؤوا وإن كان دخولهم مُبكّرًا أو مُتأخّرًا، هم كلـّهم مُريدون.

                                                                                                                     

عندما تنشُرون الطريقة، رُبّما سيُـفكّر البعضُ كالتالي: "المُعلـّم يُمكنه أن يَضَعَ الفالون، ويُمكنه أن يُعدّلَ أجسام الناس، بينما نحنُ، لسنا قادرين على ذلك." هذا ليس مُشكلاً، لقد سَبَقَ وأن قلتُ لكُم أنه وراء كلّ تلميذٍ هناك جسم الشّرع الذي يتبعُـني، وليس واحدًا فقط ؛ إذن أجسام الشّرع التي تتبعُـني هي التي تتولـّى ذلك. عندما تـُعلـّمون الطريقة لأحدٍ مّا، إن كانت لديه العلاقة المصيريّة، سيكونُ بإمكانه أن يحصُـلَ على الفالون في الحين. إن كانت علاقته المصيريّة أضعفَ، فبعدَ تعديل الجسم ومع تواصل الممارسة، سيحصُـلُ عليه، سيُساعده جسم الشّرع الذي يتبعُني على تعديل جسمه. وأقول لكُم زيادة على ذلك: عندما تقرؤون كتابي، عندما تـُشاهدون أشرطتي أو تسمعون تسجيلاتي لكي تتعلـّموا الشّرع والطريقة، لو تعتبرون أنفـُسكم حقـّا ممارسين، ستحصُـلون أيضًا على الأشياء التي يجبُ أن تحصُـلوا عليها.       

 

نحنُ لا نسمحُ لتلاميذنا بمُعالجة أمراض الآخرين، يُمنـَعُ منعًا مُطلقـًا على تلاميذ الفالون دافا أن يُعالجوا المرضى. نحنُ نـُعلـّمكم أن تترقــّوْا بواسطة التعهّد، نحنُ لا نسمحُ لكُم بأن تكونَ لديكم أيّ روح تعلـّق ٍ، ولا بأن تـُهلِكوا أجسامكم. حقل أماكن ممارستنا هو الأفضلُ بالمقارنة مع حُقول ممارسة أيّ طريقة أخرى مهما تكُنْ، ما عليكُم فعلـُه هو أن تذهبوا لتقوموا بالتـّمارين في حقل ممارستنا، هذا أفضلُ من أن تذهبوا للتـّداوي. هناك، تجلسُ أجسام الشّرع التي تتبعُـني على شكل حلقةٍ ؛ فوق حقل الممارسة، يُوجد أيضًا جرس وفوقه فالون كبيرٌ، وفوق الجرس هناك فاشن (جسم شرع) كبير يحرُسُ حقل الممارسة. هذا الحقل ليس عاديّا، وليس حقل تمارين تشيكونق عاديّا، إنه حقـل شيولين. الكثيرُ منـّا ممّن لديهُم قدرات وخوارق قونق رأوْا هذا الحقل، حقل طريقـتنا الفالون دافا، مُحاطـًا بأشعّةٍ نورانيّةٍ حمراء، وأضواء حمراء في كلّ مكان.

                                                                                                        

أجسام الشّرع التي تتبعُـني تستطيـعُ أيضًا أن تضَعَ مُباشرة ًالفالون، ولكننا لا نـُـشجّعُ روح التعلـّق. عندما ستعلـّمون التـّمارين لأحد التلاميذ، فسيقول ربّما: "آه، لديّ الفالون !" ستظنـّون أنكم أنتم الذين وضعتـُموه لهُ، ولكن في الواقع الأمرُ ليس هكذا. أقول لكم هذا لِكيْ لا تـُـنمّوا هذا التعلـّق، إنّ أجسام الشّرع التي تـتبعُـني هي التي تـفعلُ كلّ شيءٍ. هكذا إذن كيف يتعيّن على تلاميذنا في الفالون دافا أن ينشروا الطريقة.

               

من يُـحرّف تمارين الفالون دافا يُعرقِلُ سيْرَ الشّرع الأكبر، ويُعرقلُ هذا الفامان. البعضُ صاغوا تعليمات التـّمارين في شكل أبياتٍ، هذا يُمنــَعُ منعًا مُطلقـًا. طرُق الشّيولين الحقيقيّة قادمة كلـّها من عصر ما قبل التاريـخ، إنـّها تعودُ إلى زمن سحيق، وقد تعهّدت وكوّنت الكثير من كِبار المُتيقظين. لا أحد تجرّأ على لمسها ولو قليلاً، إنـّه فقط في فترة نهاية الشّرع هذه حيثُ تتجلـّى مثل هذه الظاهرة. في التاريـخ، لم يسبِقْ لها مثيل أبدًا، يجبُ أن تنتبهوا انتباهًا شديدًا لهذه النقطة.

 

 

المحاضرة الرابعة

 

الربـح والخـسارة

 

في أوساط الشّيولين، نتحدّث أحيانـًا كثيرة ًعن العلاقة بين الرّبح والخسارة، النـّاس العاديّون يتحدّثون عن ذلك أيضًا. نحن الممارسون، كيف نتعامل مع مسألة الرّبح والخسارة ؟ تصرّفنا يتميّز عن تصرّف النـّاس العاديّين، هؤلاء لا يُفكّرون إلاّ في إرضاء مصالحهم الشّخصيّة، بحيث يعيشون حياة يُسر وراحةٍ. نحن الممارسون، نتصرّف تصرّفـًا مـُغايرًا، وعلى وجه التـّحديد، عكس ذلك، نحن لا نطلـُب ما يطلبه النـّاس العاديون ؛ لكن ما  نحصلُ عليه نحن، هو ما سيبحثُ عنه النـّاس العاديّون دون التمكّن من الحصول عليه، إلاّ إذا تعهّدوا ومارسوا.

 

الخسارة التي نتحدّث عنها عمومًا،  ليست الخسارة  بالمعنى الضيـّق للعبارة، عندما نتحدّث عن الخسارة، يظنّ البعض أنّ الأمر يتمثـّـل في إعطاء المال، أو إعطاء مساعدةٍ لمن هـُم في حاجةٍ إلى ذلك، أو إعطاء صدقاتٍ للمتسوّلين في الشّارع. هذا أيضًا يمثـّـل شكلا  من أشكال التجرّد، من أشكال الخسارة، ولكنّ هذا يوُضح فقط أّنـنا لا نعير أهمـّية لمسألة المال والمكاسب المادّيّة. أكيد، التجرّد من المال هو شكل من أشكال التجرّد بل وعلى قدر كبير من الأهمّية. إلاّ أن، الخسارة التي نتحدّث عنها لا تقف عند هذا الإطارالضيّق. أثناء مسار الشّيولين، نحن البشر لدينا حقـّا كثير من التعلـّقات التي يجب التـّخلـّي عنها بصفتنا ممارسين: روح العُجب، روح الحسد، روح المُنافسة، الفرحة، مُختلف أنواع التعلـّقات يجب استئصالها. الخسارة التي نتحدّث عنها هي بالمفهوم الواسع للمعنى، طوال الشّيولين، يجبُ الإقلاع عن كلّ روح تعلـّق وكلّ أنواع الرغبات التي لدىالناس العاديّين.

 

 ربّما يتساءل البعض: "نحنُ نتعهّد ونـُمارس بين الناس العاديّين، لو نخسرُ كلّ شيءٍ، ألن نصبح مثل الرّهبان والرّاهبات ؟ يبدو لنا من المستحيل أن نخسَرَ كلّ شيءٍ." في مذهبنا، جزء الشّيولين بين الناس العاديّين، يتطلـّب من المرء أن يتعهّد ويُمارسَ في مجتمع الناس العاديّين، وأن يبقى أكثر قدر مُمكن مثل الناس العاديّين ؛ نحنُ لا ندفعكم إلى فقدان  مصالحكم الماديّة. مهما كانت وضعيـّتكم، إن تكونوا موظفين ذوي مناصب سامية، أو تكونوا ذوي ثروة طائلة، المهمّ هو، ما إذا كنتم تستطيعون ترك روح التعلـّق هذه أم لا.

 

مذهبُـنا يستهدف مباشرة ً قلب الإنسان، المسألة الرئيسيّة هي أن تكونوا قادرين أم لا على أخذ هذه الأمور ببساطةٍ وعلى عدم الاهتمام بالمصالح الشّخصيّة وبالصّراعات بين النـّاس. إنّ الشّيولين في المعبد أو في الجبال النـّائية أو في الأدغال العميقة يعزلكم كلـّيًا عن مجتمع النـّاس العاديّين، وبالتـّالي تـُجبَرون على فقدان روح التعلـّق التي لدى إنسان عاديّ ؛ كما يمنعكم من امتلاك الامتيازات المادّية، وهكذا يدفعكم دفعًا إلى الخسارة. ولكنّ الممارسين وسط النـّاس العاديّين لايسلكون هذا المسلك، نحن نطلب منهم الأخذ بهذه االأسباب باعتدال داخل المحيط البشريّ العاديّ. طبعًا هذا صعبٌ جدّا، وهو أيضًا النقطة الرئيسيّة في مذهبنا. إنّ الخسارة التي نتحدّث عنها، هي إذن بالمفهوم الواسع للكلمة. ولنتحدّثْ عن القيام بفعل خيريّ أو التبرّع بالمال، انظروا للمُتسوّلين في الشّارع اليوم، بعضهم محترفون، بل إنّ لهم مالاً يفوق ما تكسبون.  يجب التركيز على الـنـّقاط الأساسيّة لا على الأشياء الجانبيـّة. بما أنّ الأمر يتعلـّق بالشّيولين، يجبُ أن نتعهّد و نـُمارسَ بنزاهة مُركّزين على المسائل الهامـّة. عندما نتكبـّد خسارة مّا، فما نخسره في الحقيقة هو تحديدًا كلّ ما هو سيّء.

 

غالبًا ما يعتقد الإنسان أنّ كلّ ما يسعى وراءهُ هو جيّد، في الواقع لمّا ننظر إلى ذلك من المستويات العلويّة، ما من هدفٍ لكلّ ذلك سوى إرضاء المصالح الخاصّة والتـّافهة لعامـّة النـّاس. يُقال في الدّيانة البوذيّة: "مهما يكُنْ حجم ثروتك ومهما يكُنْ علوّ مركزك الاجتماعيّ، كلّ هذا لن يدوم سوى بعض عشراتٍ من السّنين، أنت لم تجلبْ معك ذلك عند ولادتك ولن تحملهُ معك عند موتك." لماذا القونق ثمين إلى تلك الدّرجة ؟ لأنه ينغرس مباشرة على جسم روحك الأصليّة، أنت تستطيـع أن تجلبهُ معك عند ولادتك  ويصحبك عند الموت ؛ ثمّ إنـّه يُحدّدُ مباشرة ً مرتبة الثمرة عندك، لذلك فإن التعهّد ليس بالأمر الهيـّن. هذا يعني، أنّ ما تتخلـّون عنه هي الأشياء السيّئة، وفقط بهذه الطريقة نجعلكم تعودون إلى الأصل وترجعون إلى الحقيقة. إذن على ماذا ستحصلون ؟ إنّ هذا يتمثـّـل في الرّفع من المستوى، ثم أخيرًا في نيل "جانق قوو" (ثمرة الكمال)، التوفيق في الشيولين والسّعادة التامّة، إنّ ما نسعى إليه هو إزالة المشكل الأساسيّ. طبعًا، إن كنا نريدُ أن نفقد كلّ أنواع الرّغبات البشريّة العاديّة وبلوغ المقياس المطلوب من الممارس الحقيقيّ، فليس من السّهل بلوغ ذلك دُفعة واحدة، يجبُ التدرّج في ذلك  شيئًا فشيئًا. أقول، يمكن القيام بذلك شيئًا فشيئًا. بعد أن سمعتم  ربّما تـُفكّرون: "إنّ المعلـّم هو الذي قال أنه بإمكاننا القيام بذلك شيئًا فشيئًا، إذن سأسيرُ على مهل." هذا لا يجوز بتاتـًا !  يجب أن تكونوا صارمين  مع أنفسكم كلّ الصّرامة، ولكنـنا نسمحُ لكم بالارتفاع تدريجيّا. إن وصلتم إلى ذلك دفعة واحدة اليوم فستكونون بوذا اليوم، وهذا غير واقعيّ، تستطيعون التوصّـل إلى ذلك تدريجيّا.

 

ما نخسرهُ بالأساس هي أشياء سيّئة، ماهي ؟ إنـّها الكارما، إنـّها تسيرُ جنبًا إلى جنبٍ مع  مختلف أنواع التعلـّقات البشريّة. مثلاً، النـّاس العاديّون لديهم مُختلف أنواع الأفكار السّيئة. عندما يرتكبون مُختلف أنواع الأفعال السّيئة لإرضاء مصالحهم الشخصيّة، فهم يحصلون على هذه المادّة السّوداء، الكارما. إنها مُرتبطة مُباشرة بتعلـّقات الإنسان: لنزع الأشياء السيّئة، يجبُ أوّلاً  تغييرالقلب.

 

 

 

تحويل الكارما

 

 يوجد نوعٌ من عمليّة تـحوّل بين المادّة البيضاء والمادّة السّوداء. بعد نشوء نزاع بين الناس، يقع مسار تحـوّل. عندما يقوم المرء بفعل طيّب، يتحصّل على المادّة البيضاء-الدّو، ويتحصّلُ على المادّة السّوداء- الكارما "يي" عندما يقوم بفعل سيّء. هناك أيضًا المسار الوراثيّ، يتساءل البعض عمّا إذا كانت ناتجة ًعن سيّئات ارتكبها أثناء السّنوات الفارطة من حياته. ليس تمامًا، لأنّ كارما شخص مّا، لم تتراكم مدّة حياةٍ واحدةٍٍ. يُقال في أوساط الشّيولين أنّ اليوانشان لا يموت. إن كان لا يموت فمن الممكن أنـّه قد قام بأنشطة اجتماعيّةٍ في حياتاتٍ سابقةٍ، قد تداين من هذا، أو أهان ذاك أو اقترف غيرذلك من الأفعال السّيئة، ربما قتل كائناتٍ حيّة ً..الخ ؛ إذن فقد خلقَ هذه الكارما. هذه الأشياء يُمكن أن تتراكم في العوالم الأخرى وهُو يحملها معه دائمًا، نفس الشّيء بالنسبة للمادّة البيضاء، وليس ذلك فقط مصدرُها الوحيد. هناك أيضًا حالة أخرى، وهو أنّ هذه الموادّ يُمكن أن تكون قد جمّعتها العشيرة الأسَريّة والأجداد. في الماضي كان القدماء يقولون: "ينبغي جمْعُ الدّو وجمْعُها، اجمعوا الدّو، الدّو التي جمّعها الأجداد." "هذا الشّخص بصدد فقدان الدّو أو بالإنقاص من الدّو". هذه العبارات صحيحة فعلاً. في يومنا هذا، الناس العاديّون يتصامّون عنها، عندما تتحدّث إلى هؤلاء الشّباب عن الافتقار إلى الدّو والتـّقليص من الدّو، فإنهم لا يأخذون ذلك مأخذ الجدّ مُطلقـًا. في واقع الأمر، إنّ معناها عميق جدّا حقـّا ؛ إنها ليست فقط مفهومًا أو مقياسًا للحالة الفكريّة والرّوحيّة لأبناء هذا العصر الحديث، بل لها أيضًا وجود ماديّ حقيقيّ، جسمنا البشري يملك في نفس الوقت هاتين المادّتين المُختلفتين.

 

هناك أناس يتساءلون: "مع كثير من المادّة السّوداء، أصحيح أنـنا لا نستطيـع التعهّدَ والممارسَة نحو المستويات العالية ؟" تقريبًا هكذا ؛ يُمكن القول أنه إذا كان الإنسان يملك الكثير من المادّة السّوداء، فإنّ ذلك يُؤثر على درجة وعيه. ذلك لأنها تـُكوّن حقلاً حول جسدكم، وهذا الحقل تحديدًا، هو الذي يسجُـنكم عازلاً إيّاكم عن الطبـع الخاصّ بالكون جهان شان ران، وبالتـّالي ؛ هذا النوع من الناس ربّما تكون لديه درجة وعي ضعيفة. فعندما يتحدّث أحدهم عن الشّيولين أو عن التشيكونق، يعتقدُ أنّ كلّ ذلك خـُرافات بدون استثناءٍ، ولا يصدّقُ، ويرى أنّ الأمر مثير للسّخرية. هذه أكثر الحالات ورودًا، ولكنّ هذا ليس مُطلقـًا. فإذا أراد التعهّّد والممارسة، هل سيكون هذا صعبًا جدّا بالنسبة له ؟ هل سيكون عاجزًا عن أن يُنمّي طاقته (القونق) نحو مستوىً عال ؟ ليس بالضرورة، نحن نقول أنّ الشّرع الأكبر لا حُدودَ لهُ، أمر التعهّد لا يتوقّف سوى على عزيمتكم. إنّ المعلـّم يضعكم على عَـتبَة الباب، والشّيولين يتوقف على الفرد، كلّ الأمر يتوقف على تعهّدكم وممارستكم الخاصّيْن. القدرة على التعهّد أم لا، هذا يتوقّف كلـّيًا على مدى قدرتكم على التحمّـل، قدرتكم على التضحية وقدرتكم على اجتياز المِحن. إن كُـنتم قادرين على اتـّخاذ قرار راسخ ٍ، ولا تـُوقفكم أيّ صعوبةٍ، أقول بأنه  لن يكونَ هناك أيّ إشكال.

 

في أغلب الأحيان، على الإنسان الذي لديه كمّية كبيرة من المادّة السّوداء أن يدفعَ أكثر من ذلك الذي لديه كمّية كبيرة من المادّة البيضاء. بما أنّ المادّة البيضاء تتوافقُ مباشرة ًمع طبـع  الكون جهان شان ران، طالما أنّ السين سينغ في ارتفاع وأن ذلك الإنسان قادرٌ على شحذ نفسه وسط المصاعب، فإنّ القونق لديه يُمكن أن ينمُوَ، إنّ الأمر بهذه البساطة. إنسان لديه كثير من الدّو يتمتـّع بدرجة وعي ٍ عالية، يكون أيضًا قادرًا على تحمّل المِحَن، على إجهاد عظامه وعضلاته، وتحمّل العذاب النفسيّ ؛ حتـّى ولو كان عذابه الجسديّ يفوق عذابه المعنويّ، يظلّ بإمكانه أيضًا أن يُنمّي القونق. لايتمّ الأمر بهذه الصفة بالنسبة لإنسان لديه كثير من المادّة السّوداء، يجبُ عليه أوّلاً أن يمُرّ بالمرحلة التـّالية: يجبُ أوّلاً أن يُحوّل المادّة السّوداء إلى مادّة بيضاء، هذا المسار مُؤلم  للغاية.  إذن، من تكون درجة وعيه ضعيفة، عُمومًا يجبُ عليه أن يتحمّلَ قسطـًا أكثر من المِحَن، ولكن إن كانت لديه كارما ضخمة فستـُؤثـّر على درجة وعيه وسيكون أمر التعهّد والممارسة عليه صعبًا جدّا.

 

لِنذكُرْ مثالاً محسوسًا، لِنرى كيف يتعهّد البعض ويُمارسُون. التـأمّل في وضعيّة الجلوس  يتطلـّب الجلوس في وضعيّة اللـّوتس لمدّة طويلةٍ، ولكنّ وضعيّة اللـّوتس هذه تجعلُ السّاقيْن مُؤلمتين ومُتيـبّـستيْن، مع مرور الوقت تنتاب القلبَ آلام خطيرة، ويعقبُ ذلك خوف مُتصاعد. يُجهد المرءُ عظامه وعضلاته ويُعذ ّبُ قلبه وإرادته، يُحسّ المرء بعدم الارتياح بدنيّا ونفسيّا. البعض يخافُ من الألم الناتج عن الجلوس متربـّعا، فيَفـْصِلُ ساقيه ويرفض المزيد من التحمـّل. آخرون لا يستطيعون التحمّـل أكثر عندما تطول مدّة الجلوس في وضعيّة التربع. فعندما يفصلون ساقيْهم، يكون عناء ممارستهم قد ذهَبَ سُدىً. حالما يتملـّك الألمُ السّاقيْن، يُسارِع المرءُ بتحريكهما لِيُواصلَ فيما بعدُ، نحن نرى أنّ هذا ليس له جدوى، لأنـّه أثناء حالة العذاب تلك، نحن نرى المادّة السّوداء بِصدد مهاجمة ساقيْه. المادّة السّوداء هي الكارما، العذاب يُمكن أن يُزيلَ الكارما ويُحوّلها إلى دو. إنّ الكارما تبدأ في الزّوال منذ بداية الألم ؛ كلـّما رَزَحت الكارما عليه، كلـّما زادت أوجاع ساقيْه  حدّة، لذلك فإنّ الألم لا ينتابُ ساقيْه بدون سببٍ. غالبًا ما تكون آلام الممارس المُتأمّـل في وضعيّة الجلوس على شكل نوْباتٍ، إثر نوْبةٍ من الألم شديدة وقاسيةٍ، يشعر براحةٍ، ثمّ بعد قليل يُعاوده الألمُ ؛ غالبًا ما يكون الأمر بهذا الشّكل.

 

بما أنّ الكارما تزول الكتلة تلو الأخرى، فمع حذف كل كتلة، ترتاحُ السّاقان بعض الشّيء، ثمّ بعد قليل تـُطِبِقُ عليهما كتلة أخرى ويتجدّد الألمُ. بعد إزالة هذه المادّة السّوداء، والتي هي لا تتبدّدُ ولا تفنى، بعد إزالتها، مباشرة، تتحوّل إلى مادّة بيضاء، هذه المادّة البيضاء هي الدّو. لماذا هذا  التحوّل ؟ لأنّ الشّخص قد قاسى صعوباتٍ، لقد سدّد ومرّ بآلام ٍ. لقد قلنا أنّ الدّو يقع نيْـلها بتحمّل الآلام، بمُقاساة الصّعوبات وبالأفعال الطيّبة ؛ لذلك تحدُث هذه الظاهرة أثناء التأمّـل في وضعيّة الجلوس. هناك أشخاص، عندما يشعرون بقليل من الألم في السّاقيْن، يضعونهما على الأرض بغتة ً، ويُحرّكون أطرافهم، ثم يعيدون التربّع من جديد، هذا لا يُعطي أيّ مفعول ٍ. البعض يُحسّون بتعبٍ عندما تكون أذرعهم مرفوعة أثناء تمارين وضعيّة الوقوف، وعندما يصيرون غير قادرين على التحمّـل يُـنزلون أذرعهم، وهذا أيضًا لا يُعطي مفعولاً. وما قيمة هذا الألم الصّغير ؟ أنا أقول أنـّه إن كان بالإمكان بلوغ الكمال في الشّيولين برفع الذراعين فحسب، كم سيكون الأمر سهلاً.  هذا إذن ما يحدث في الشيولين في وضعيّة الجلوس.

 

مذهبُنا لايتـّبـعُ بالأساس هذا الطريق، ولكنّ قسمًا منه يتـّّخذ هذا الشّكل فعلا ً. في مُعظم الأحيان، نعتمد في تحويل الكارما على مُشاحنات السين سينغ  بين الناس ؛ في غالب الأحيان يتمّ التحوّل عندما تظهرُ هذه المشاحنات. إنّ الألم الذي يُحسّ به المرءُ في الخلافات والمُشاحنات بين الناس يتجاوزُ بكثير ألم الجسم. أنا أقول أنّ الألم الحسّي هو الأسهلُ، يشُدّ المرءُ على أسنانه، ويمرّ. ولكن الأصعب من ذلك هو ضبط النفس والقلب عند التعرّض للاحتيال والمخادعة.

 

 لِنذكُرْالمثال  التالي: أحدهم يذهبُ إلى العمل ويسمعُ شخصين يتحدّثان عنه بالسّوء مستعمليْن عباراتٍ جارحة، فيستشيط ُ غيظـًا. ولكن سبق أن قلنا أنـنا نحن الممارسين، علينا أن لا نردّ الفعل بمثله عند الاعتداء علينا أو عند إهانتنا، وعلى المرء أن يفرض الانضباط على نفسه حسب مقاييس عالية. فيتذكّر و يقول في نفسه: "لقد قال المعلـّم أنـنا نحن ممارسي القونق، يجب أن نتصرّفَ بطريقة مُغايرة للآخرين وأن يكونَ تصرّفنا أسمى." فلا يدخل في مشاحنة مع هذين الشّخصيْن. ولكن في أغلب الأحيان، عندما ينشب خلاف، إن لم يضرب في صميم الفؤاد عند المرء، فهو لا يُعتبر امتحانـًا ولن يفضي إلى شيء، ولا يُمكن الحصول من خلاله على الترقيّ. إذن في قرارة نفسه لايستطيـع أن يطرَحَ الأمر جانبـًا، قلبُه مُغتاظ وهو مُشوّش، هو يُريد رغم كلّ شيءٍ أن يلتفِتَ لِيَرى وجهَيْ هذين الشّخصيْن اللـّذان يغتابانه. وبنظرةٍ واحدةٍ يلمحهما وهما يتحدّثان عنه بانفعال وعلى وجهَيْهما سِحنة كريهة، وفجأة يعود غير قادر على تمالك نفسه، ويزدادُ غضبه وربما يشتبك معهما في الحين. عندما ينشبُ الصّراع بين الناس، يصعب على المرء  التحكّم  في قلبه. أنا أقول أنه لو كان بالإمكان أن يتم كلّ شيءٍ أثناء عمليـّة التأمّـل في وضعيّة الجلوس، فسيكون ذلك سهلاً ؛ ولكنّ الأمورلا تسير على ذلك النـّسق دائما.

 

وهكذا في المستقبل، ستـُُلاقون مُختلف أنواع الامتحانات في ممارستكم. بدون هذه الامتحانات، كيف ستتعهّدون ؟ لو كان كلّ الناس على علاقةٍ طيبة، دون مشاحنات أو خصومات، دون أيّ إزعاج مصدره النفس البشريّة، ستظلـّون جالسين هناك وتـرَوْنَ السين سينغ قد ارتفع ؟ هذا غير ممكن. لا يُمكن للإنسان أن يسمو، إلاّ بعد التعرّض للمحن في خضمّ الواقع. البعض يقولون: " لماذا نلاقي دائمًا مشاكلَ في الممارسة ؟ وهي مثل تلك التي لدى الناس العاديّين." أنتم تتعهّدون وتـُمارسون وسط الناس العاديّين، لا نستطيـعُ أن نرفعكم بغتة ً أرجلكم إلى فوق ورُؤوسكم إلى تحت ونجعلكم تطيرون في الهواء، ولا أن نرفعكم إلى السّماء لِتتعذبوا هناك، هذا لن يحدُثَ لكم. كلّ شيءٍ يقع في مُحيط الناس العاديّين، اليوم هذا يظلِمكم، والآخر يُغضبكم، وآخر يُعاملكم مُعاملة ًسيّئة ً أو يُوجّه إليكم بطريقةٍ غير مُتوَقــّعة كلامًا جارحًا ؛ هنا حيث نرى كيف ستردّون الفعل.

 

لماذا تـُلاقون هذه المتاعب ؟ كلّ هذا يعود للكارما التي سجّلتموها، لقد أزلنا عنكم منها قسطـًا ضخمًا. لم يبقَ منها سوى قليل فقط، مُوزّع على مُختلف المستويات، لتتمكّـنوا من رفع السين سينغ ؛ هذه الصّعوبات مُهيّـئة لشحذ عزمكم وجعلكم تـُفارقون التعلـّقات بمُختلف أشكالها. إنها كلـّها صعوباتكم أنتم، إلاّ أننا نستعملها لِرفعَ السين سينغ عندكم، كلّ هذه الأشياء قد بُرمِجت لتتمكّــنوا من تجاوزها. طالما سترفعون الـسين سينغ، ستستطيعون تجاوزوها، إلاّ إذا كُنتم ترفضون  تجاوُزها، ولكنكم تستطيعون تجاوُزَها إن كُنتم تـُريدون. وتبَعًا لذلك، من الآن فصاعدًا، عند الخلافات، لا تعتبروها أشياء من قبيل الصّدفة. بما أنه عندما يشـبّ خلاف، فهو يظهَرَ بغتة، ولكنّ وجوده ليس وليد الصّدفة، إنه مُهيّء لِرفع السين السينغ. طالما تعتبرون أنفسكم ممارسين، ستحسنون التصرف.

 

طبعًا، لن يتمّ إعلامكم مُسبقـًا بحدوث المشاكل والصّراعات، إذ لو أعلمناكم بذلك، فكيف ستتعهّدون وتـُمارسون ؟ لن تعطي مفعولها. إنّ ظهورها المُفاجئ هو الذي، في أغلب الأحيان، يمتحن سين سينغ الإنسان، وفي هذه الحالة فقط يتمكّن الإنسان من رفع السين سينغ لديه،وفي هذه الحالة فقط يُمكننا معاينة قدرة الممارس على الحفاظ على السين سينغ. لذلك عندما يقعُ خِلافٌ، فالأمر ليس صدفة ً. طيلة مسار الشّيولين، أثناء تحويل الكارما، سنـُلاقي هذا المشكل الذي هو أصعبُ بكثير من آلام العظام والعضلات، على عكس ما نظنّ. أفتستطيعون إنماء طاقتكم (القونق) فقط بممارستكم وقتـًا أطولَ للتـّمارين، في وضعيّة الذراعين مرفوعَيْن، أو تعب البقاء مُـتسمّرين على أقدامكم ؟ هل أنّ ساعاتٍ إضافيّة ً من الممارسة من شأنها أن تـُنمّي طاقتكم (القونق) ؟ هذا لا يلعبُ سوى دور تحويل للـ"بنتي" (الجسد)، والذي ما يزالُ يحتاجُ إلىالمزيد من الطـاقة لتدعيمه، وليس دورُه رفع المستوى. تعذيب النفس والإرادة، هذا هو حقيقة ً العامل الرّئيسي لِرفع المستوى. لو كان بإمكان المرءِ أن يرفعَ مُستواهُ فقط بواسطة تعب العظام والعضلات، أقول أنّ الفلاّحين الصّينيّين لهم القسط الأوفر من الجُهد والشّقاء، أليس من الأجدر أن يكونوا كبار مُعلـّمي تشيكونق إذن ؟ مهما يكُنْ عناء تعب عظامكم وعضلاتكم، فهو دائمًا أقلّ منهم، إنـّهم يعملون كلّ يوم في الحقول تحت شمس مُحرقة، عملهم مُضن وشاقّ، ليس الأمر سهلا ً. لذلك نقول، إن كنا نـُريدُ سُموّا  حقيقيّا، يجبُ أن نرقى  بهذا القلبِ، فقط بهذه الطريقة، يُمكن أن نرتفعَ حقـّا.

 

أثناء مسار تحوّل الكارما، بغاية التحكّم جيّدًا في الذات، ولكي لا نـُقدم على ما لا تـُحمد عقباه من أعمال سيّئة على غرار الناس العاديّين، يجبُ علينا التعوّد على كسب نفس هادئة مطمئنة وقلب رحيم. في صورة تعرّضكم لجملة من المشاكل بغتة، ستتمكّنون من تسويتها بالطريقة الصحيحة. عمومًا، إن كانت قلوبكم مُفعمة دائمًا بالطيبة والرّحمة، فحال الظهور المُفاجئ للمُشكل، سوف يكون هناك مجال كافٍ للتخفيف من حدّته والتروّي. أمـّا إن كانت نفوسكم مُتأهّبة ً دائمًا للخصام والصّراع مع الآخرين، فستدخلون معهم، بلا ريب، في شجار عند كلّ مشكل يعترضكم. إذن عندما تتعرّضون لخلافات، أقول إنّ ذلك من أجل تحويل مادّتكم السّوداء إلى مادّة بيضاء، تحويلها إلى دو.

 

لقد تطوّرت إنسانيّتنا اليوم إلى حدّ أنّ كلّ إنسان تقريبًا يأتي إلى هذا العالم حاملاً معه كارما قد تضخـّمت شيئًا فشيئًا مثل كُرة ثلج على امتداد حياتاته السّابقة، كلّ شخص لديه كمّية هائلة من الكارما على جسمه. لهذا السّبب، فيما يخصّ مسألة تحويل الكارما، غالبًا ما تظهرُ الحالة التالية: في نفس الوقت الذي ستشهدون فيه نـُموّ طاقتكم وارتفاع السين سينغ لديكم، سيَقعُ إزالة ديونكم (الكارما) أيضًا ويتم تحويلـُها. حينما ينشب خلاف، قد يظهر في صورة امتحانات سين سينغ بين الناس، فإن كنتم تستطيعون احتمالها، ديونكم سوف تزولُ، وطبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة سوف ترتفعُ وطاقتكم سوف تنمو، وسينصهرُ الكلّ معًا. الإنسان في الماضي كان يملك الكثير من الفضيلة، طبيعته الأخلاقيّة والنفسيّة كانت في الأصل مُرتفعة، كان يستطيـعُ أن يُنمّي طاقته فقط بتحمّل قليل من المِحَن. الأمر يختلف بالنـّسبة للناس الحاليّين، إنهم حالما يتعرّضون للعذاب، لايُريدون أن يُواصلوا التعهّد ؛ وعلى كلّ حال درجة وعيهم في ضُعفٍ مُتزايدٍ، لذلك فإنّ الشيولين عندهم يبدو أصعب.

 

أثناء الشّيولين، وفي خضمّ الخلافات التي تـُواجهونها أو عندما يُعاملكم الآخرون مُعاملة سيّئة،  يوجد نوعان من الحالات: الحالة الأولى هو أنكم، ربّما، قد أسأتم معاملة الآخرين في حياتاتكم السّابقة، أنتم الآن مُضطربون نفسيّا: "لماذا يُعاملني بهذا الشكل ؟" إذن، لماذا عاملته أنت بنفس الشكل في ما سبق ؟ ستقول  أنـّك في ذلك الحين لم تكن تدركُ وأنك لا تهتمّ في هذه الحياة بما حدثَ في الحياة السّابقة، ولكنّ هذا غير جائز. الحالة الأخرى هي أنه في صُـلب الخلافات تدخُل مسألة تحويل الكارما، لذلك يجبُ أن نسلك مسلكًا ساميًا في التـّدابير التي نتـّخذها، ولا نحذو حذو عامـّة الناس. في عملكم، وفي أيّ مُحيط مهنيّ، يجب الحفاظ على نفس السّلوك، ونفس الشّيء إن كنتم تقومون بعمل حرّ، من المفروض أنّ لكم مُبادلات مع النـّاس ؛ من المُحال أن تكون علاقتكم مُنقطعة بالمُجتمع، هناك على الأقلّ علاقات جوار.

 

في العلاقات الاجتماعيّة، نحن عرضة لشتـّى أنواع الصّراعات. بالنسبة لهِذا الجُزء من الشيولين وسط الناس العاديّين، لا يهمّ كمّية المال التي تملكونها أو عُلوّ مركزكم الاجتماعيّ، إن كُنتم تـُمارسون عملاً حُرّا، أو كُـنتم تـُديرون شركة ً، أيّاً كان العمل الذي تقومون به، كلّ هذا لا يهمّ: يجب على المرء أن يكون عادلاً في مُبادلاته، ويُحافظ على استقامة قلبه. كلّ مهنةٍ من مِهَن المجتمع البشريّ لها دواعي وُجودها، إنّ المشكل يكمُن في فقدان استقامة القلب، لا في الفرْق بين المِهَن. في الماضي، كانت هناك القولة التالية: "من بين عشرة تجّار، تسعة هم ماكرون"، هذا مثل شعبيّ يتداوله العامّة، أنا أقول المسألة هنا تتعلـّق بقلب الإنسان. لو نـُحافظ على استقامة القلب ونقوم بمُبادلة عادلة، فعندما تبذلون مجهودًا أكبر، تربحون مالاً أكثر ؛ لقد كسبتم ذلك بفضل العناء الذي تحمّـلتموه وسط الناس العاديّين، ما من رِبح ٍ دون خسارةٍ، إنّ ذلك هو جزاء العمل. في كلّ طبقةٍ اجتماعيّةٍ، يُمكن للمرء أن يكون إنساناً طيّبًا، في مُُُُُختلف الطبقات الإجتماعيّة، توجد مُختلف الصّراعات. الطبقات العُـليا لها صراعاتها الخاصّة بها، يُمكن في كلّ الحالات مُعالجتها مُعالجة قويمة ، مهما تكُن الطبقة، يستطيـعُ الإنسان أن يتنزّهَ عن شتـّى أنواع الرّغبات والتعلـّقات بغاية أن يكونَ إنسانـًا طيّبًا. من المُمكن تمامًا أن يتصرّف المرءُ كإنسان طيّبٍ في مُختلف الطبقات الإجتماعيّة، وأن يتعهّدَ ويُمارِسَ في  مُحيطه الخاصّ.

 

حاليّاً في بلدنا، في المؤسّسات الحكوميّة أو في الأنواع الأخرى من المؤسّسات، الصّراعات بين الناس أصبحت فريدة جدّا من نوعها. لم توجد هذه الظاهرة من قبلُ في بلدان أخرى ولا في التاريخ، لذلك فإن هذه الصّراعات حول المصالح حادّة جدّا، يستميتُ الناس في حبك المُؤامرات والحيل لبعضهم البعض، يتشاجرون ويتخاصمون من أجل أغراض تافهة، الأفكار التي تنبعثُ من الناس والوسائل التي يستعملونها شرّيرة جدّا، حتـّى أنه من الصّعب أن يكونَ الإنسان طيّبًا. مثلاً، فى أحد الأيام، يلاحظ أحد الأشخاص عند قدومه للعمل أن الجوّ غريب. ثم يُقال له فيما بعدُ: "إنّ فلاناً قد أثار حولك كثيرا من اللـّغط وقد اشتكاكَ إلى المُدير، ولوّثَ سُمعتكَ تمامًا." الآخرون يحدجونك  بنظرات غريبة. كيف لإنسان عاديّ أن يتحمّلَ ذلك ؟ كيف يستطيـع أن يبتلع تلك الإهانة ؟ ."هذا يؤذيني، سأعامله بالمثل، إن كان لديه سَـنـَد فأنا كذلك لديّ سند." ويشتبكُ الإثنان في خصومة. عندما تتصرّف هكذا في المجتمع، يقولون عنك أنك قويّ. ولكن كمُمارس، فإن حالتك مُزرية. إن صارعتَ وخاصمتَ مثل إنسان عاديّ، فأنت إذن إنسان عاديّ، أمـّا إذا جاوزت خصمك في الحماس والاندفاع، فأنت لا تساوي حتـّى إنسانـًا عاديّا.

 

كيف نعالجُ هذه المسألة ؟ عندما تواجهنا هذه النزاعات،  يتعيـّن علينا أوّلاً المحافظة على هدوءنا وألاّ نتوخـّى نفس سلوك الطرف المقابل. طبعًا يُمكنك َأن تشرَحَ الأمرَ بطيبةٍ وأن تحاولَ توضيح المسألة، لا ضرر في ذلك، ولكن لن يستقيم الأمر إذا ألححتَ كثيرًا. عندما تنشب هذه الخصومات علينا أن نتحاشى المجادلات والنزاعات التي يخوضها الآخرون. لو أبدى الآخر ضراوة وقابلته بالمثل، ألستَ إنسانـًا عاديّا ؟ لا فقط  ينبغي عليك عدم التخاصم والتصارع مثله، ولكن  ينبغي عليك أيضًا ألاّ تحملَ له كُرهًا في قلبكَِ، ولا تحقد عليه. عندما تكرهُهُ، ألست في حالة غضب ؟ لم تـُطبّق إذن مبدأ "ران". نحن نتحدّث عن جهان شان ران: إن رحمتـُكَ "شان" إذن مُنعدمة.  عليك ألاّ تغضب منه ولا تنسجَ على منواله في تصرّفاتك، بالرغم من أنه  لوّث سُمعتكَ إلى درجة أنـّـكَ لم تعُدْ تجرُؤ على رفع رأسك وسط الناس. لا فقط لا  تغضَب منهُ، ولكن عليك أن تشكُرَهُ من أعماق قلبكَ، تشكُرَهُ حقـّا. إنسان عاديّ يُمكن أن يُفكّر كالتـّالي: "ألسنا إذن  مثل "آه كو، Ah Q" ؟" يجبُ أن أقولَ لكم أنّ الأمرَ غير ذلك.

 

فكّرْ، أنت ممارس، ألا يجبُ أن نـُطالِبَكَ وفق مقياس مُرتفع ؟ لم يعُد ممكنـًا أن نـُطالِبَكَ وفق مقياس الناس العاديّين. أنت ممارس، ألن تنالَ أشياء المستويات العُلويّة ؟ إذن، يجبُ مُطالبتـُكَ وفق قانون المستوى العُلويّ. إن تصرّفتَ مثلهُ، ألستَ إذن مثلهُ ؟ إذن لماذا عليك أن تشكُرَهُ ؟ فكّرْ، على ماذا ستحصُلُ ؟ في هذا الكون، يُوجد القانون التـّالي: "من لا يخسرْ لا يكسبْ"، يجبُ أوّلاً أن تخسَرَ لكي تكسَبَ. لقد شوّه صورتك بين عامّة الناس، إنه الطرف الغالب، لقد انتصر لنفسه على حسابكَ. كلـّما نالَ من سُمعتك أكثرَ، كلـّما شاع الأمرُ أكثر وأصبح مُـثيرًا، وكلـّما زاد عذابك أنت، وكلـّما خسر هو المزيد من الدّو، وأصبحت هذه الدّو من نصيبك أنتَ. في نفس الوقت، عند تحمـّـل كل ذلك، قد تكونُ لا مُباليًا وخالي القلب منه.

 

هناك أيضًا قانون آخر في هذا الكون: أنتَ عانيْتَ قدرًا كبيرًا من العذاب، فإن الكارما لديك تشهدُ تحوّلاً هي أيضًا. بما أنك تحمّـلتَ الخسارة، بقدر ما تحمّـلتَ بقدر ما أحدثتَ تحوّلاً، كلـّه يتحوّل إلى دو. أليست هذه الدّو هي التي يسعى الممارس للحصول عليها ؟ هذان إذن مكسبان تحصّـلتَ عليهما، ودُيونـُكَ أيضًا قد أزيلتْ. إن لم نخلقْ من أجلك هذه الفرصة، فأين ستتمكّن من رفع السين سينغ لديك ؟ لو كان كلّ الناس يعيشون في تفاهُم وانسجام تامّيْن مع بعضهم البعض، لو كانت علاقاتهم طيّبة جميعًا، أفستنمو طاقتـُـكَ هكذا ببساطةٍ، أين يُوجد مثل هذا الأمر ؟ لقد تمكّـنتَ من ذلك لأنّ خصمك أحدث ذلك النـّزاع، لأنـّه خلق لك تلك الفرصة للرّفع من طبيعتك الأخلاقيّة، إذن فقد تمكّـنت من رفع طبيعتك الأخلاقيّة، أليس كذلك ؟ هذا إذن هو المكسب الثالث. أنت ممارس، عندما يعلو السين سينغ عندك، فإنّ طاقتك تصلُ إلى نفس العلوّ، أليس كذلك ؟ لقد ضربتَ أربعة أهدافٍ بحجر واحدٍ. فكيف لا يتعيّنُ عليك أن تشكُرَهُ ؟ حقـّا يجبُ أن تشكُرَهُ بصدق ومن أعماق قلبك، هذه هي الحالة الحقيقيّة.

 

طبعاً، الفكرة التي خطرت بباله هي سيّئة، وإلاّ لما أعطاك الدّو، ولكنـّه حقـّا قد خلقَ لك فرصة ً لِرفع السين سينغ عندك، هذا يعني أنه يجبُ علينا حتمًا التركيز على شيولين السين سينغ، وفي نفس الوقت الذي نتعهّد فيه السين سينغ، الكارما يُمكن أن تزولَ وتتحوّلَ إلى دو، وسيتسنـّى لكم هكذا الرّفع من درجتكم، كلّ هذا مُتكامل. من منظور المستويات العلويّة، يتغيّر  المبدأ. لا يمكن لعامّة الناس رؤية ذلك بوضوح، لو ترَون ذلك المبدأ من مستويات عالية، فستجدونه مُتغيّرًا رأسًا على عَـقِـبٍ، بصفتكم وسط الناس العاديّين، أنتم تعتقدون أنّ ذلك المبدأ صحيـح، هو غير ذلك في الحقيقة. فقط ما نراه في المستوى العلويّ هو الصّحيـح، غالبًا ما يكون الأمر كذلك.

 

لقد شرحتُ لكم المبدأ بعُمق، أرجو، خلال قيامكم بالشيولين لاحقـًا، أن تعتبروا أنفسكم ممارسين، وتتعهّدوا أنفسكم وتمارسوا بحقّ، لأنّ هذا المبدأ قد شُرحَ لكم هنا. ربّما بعض الأشخاص، نظرًا لتعايشهم مع بقيّة الناس، يرون أنّ المصالح المادّيّة لدىالناس العاديين هي أكثر واقعيّة ومحسوسة جدّا، لذلك، في خضمّ الناس العاديّين، لا يتوصّـلون إلى فرض مقاييس عالية على أنفسهم. في الواقع، لكي يكونَ المرءُ إنسانـًا جيّدًا بين الناس العاديّين، هناك سِـيَر الأبطال والشخصيّات النموذجيّة، هؤلاء هم الأمثلة التي يُحتذى بها عند العامّة. بينما أنتم إن أردتم أن تـُصبحوا ممارسين، يجبُ عليكم أن تتعهّدوا قلوبكم، يجبُ عليكم أن تستيقظوا أنتم بأنفسكم، ليس هناك مثَل يُحتذى به. من حسن الحظ أنّ الدّافـا يُبَـلـّغُ علنـًا اليوم ؛ في الماضي، لا أحد كان سيُحدّثكم عنه حتـّى ولو أردتم التعهّد. وهكذا، باتـّباع الـدّافـا، ستستطيعون ربّما التصرّف أفضل من ذي قبلُ ؛ القدرة على التعهّد أم لا، النجاح في تجاوز هذا المستوى أو ذاكَ، كلّ هذا، لا يتوقّفُ سوى عليكم.

 

طبعًا، تحويل الكارما لا يأخذ دائمًا الصّورة التي كنت أتحدّث عنها منذ قليل، بل يُمكن أن يظهرأيضًا في نواحي أخرى. يُمكن أن يظهَرَ في المجتمع كما يظهَرُ في الأسرة. يُمكن أيضًا أن تتعرّضوا لأمور مُزعجة في الشّارع أو في وضعيّات اجتماعيّةٍ أخرى. نحن ندفعكم إلى نزع  كلّ تعلـّق لم تستطيعوا التخلـّص منه وسط الناس العاديين. كلّ روح تعلـّق، ما دامت موجودة ً فيكم، يجبُ القضاء عليها في شتى الظروف والحالات. سنجعلكم تزلـّون ومن خلال ذلك تفهمون الطريق، وهكذا سوف تتقدّمون في تعهّدكم وممارستكم.

 

هناك أيضًا حالة أخرى نموذجيّة: الكثير من بيننا، أثناء تعهّدهم وممارستهم، سيُلاحظون في أغلب الأحيان أنـّهم عندما يُمارسون، يُصبحُ شريكُهم مُستاءًا جدّا ؛ حالما تبدأ الممارسة، يختلق لك شجارًا. لو تقوم بأيّ عمل آخر، فهو لا يتدخّـل. لو تـُضيـعُ كثيرًا من الوقت في لعب "الماه- جونق،Mah-Jong"، سيكون مُستاءًا أيضًا ولكن ليس مثل استياءه عندما تمارسُ. في الواقع، ممارستك لا تـُزعجه، أنت تـُقوّي جسمك، ماذا يُمكن أن يُـزعجه في ذلك ؟ إنّ ذلك جيّد جدّا. رغم ذلك، ما إن تبدأ ممارستك، إلاّ ويـدخل معك في شجار عنيف. بسبب الممارسة، يحدث أنّ الخلاف بين الزّوجيْن يكاد يُوصلهما إلى الطلاق. ألم يتساءل بعضكم لِمَ تحدث هذه الظاهرة ؟ لو تسأله بعد المُشاجرة: "لماذا انتابك مثل ذلك الغيظ الشّديد إزائي عندما كنت أقوم بالممارسة ؟" فهو لا يستطيـعُ الإجابة، فعلاً هو يعجز عن أن يجيبك: "صحيـح، لم يكُن هناك مُوجب لأن أكون مُغتاظـًا لتلك الدّرجة، ومع ذلك، في ذلك الحين، كان الغضبُ جامحًا لا يُمكن التحكّم فيه." ماهي حقيقة الأمر ؟ في نفس الوقت الذي تقومُ فيه بالممارسة، ديونك  يجبُ أن تتحوّلَ، بدون خسارة ليس هناك ربحٌ. ما تخسره هو شيء سيّء،  يجبُ إذن أن تـُعطي من نفسك.

 

ربّما حالما تدخل البيت، ينفجرُ زوجك (زوجتك) في وجهك بوابل من الشّتائم ؛ إن تحمّلت ذلك بطيب خاطر، فإنّ ممارستك اليوم لم تذهبْ سُدىً. بعض الأشخاص يعلمون أيضًا أنه، لكي يُمارسوا، يجبُ عليهم أن يعيروا أهمية للـدّو، وهم في العادة على علاقة طيّبة مع أزواجهم. فتراودهم حينئذ الأفكار: "في العادة، أنا المُسيْطرُ هنا، ولكن اليوم هو ينتصرُ عليّ." ولا يتمالكون أنفسهم فيتشاجرون معهم، وهكذا ممارسة ذلك اليوم قد ذهبت سُدىً. لأنّ هنالك كارما موجودة، وشريكك يُساعدكَ على إزالتها، ولكنكَ ترفضُ وتدخل معه في شجار، إذن فالكارما لم يتمّ إزالتها. عديدة هي الحالات من هذا النوع، الكثير منا تعرّضوا لهذه الحالة، وهم لا يتساءلون لماذا. عندما تفعل شيئًا آخرَ، هو لا يأبه بك، ولكن من أجل شيءٍ طيّبٍ مثل الممارسة، هاهو يختلق لك الخصومات دائمًا. في الواقع، يحدث ذلك بالتحديد من أجل إعانتك على إزالة الكارما، ولكن هو نفسه لا يعلمُ ذلك. ليس أنه يتصرّف هكذا في الظاهر بينما في الباطن قلبُهُ مُتعاطف معك، ليس الأمر هكذا، في الواقع، إنه غاضب عليكَ من أعماق قلبه. لأنّ ذلك الذي تسقط عليه الكارما يتعذبُ، الأمر هكذا بالتأكيد.

 

  

الرفع من السين سينغ

 

في السّابق، الكثير من الناس بدأت تظهَرُ لديهم عديد المشاكل بسبب عدم حفاظهم على السين سينغ، بعد بُـلوغهم مُستوىً مُعيّـنـًا في ممارستهم، لم يعودوا يستطيعون المُـتابعة نحو الأعلى. البعض لديهم سين سينغ مُرتفع منذ الولادة ؛ وعندما يُمارسون القونق، منذ البداية، تـُفتحُ عينهم الثالثة، ويبلـُغون حالة ً مُعيّـنة ً. بما أنّ هذا الشخص لديه استعداد أفضل من غيره ولديه طبيعة أخلاقيّة مُرتفعة جدّا، فإنّ طاقتهُ ستنمو بسُرعةٍ فائقةٍ. وعندما تصِلُ إلى نفس ارتفاع طبيعته الأخلاقيّة، إن أراد رفعَ طاقته أكثر، فإنّ الصّعوبات بالنسبة إليه ستـُصبحُ حادّة ، ويجبُ عليه أن يُواصِلَ رفع طبيعته الأخلاقيّة. وخُصوصًا ذلك الذي يتمتـّع باستعدادٍ جيّدٍ منذ الولادة، يكون راضيًا عن تقدّم طاقته وفاعليّة ممارسته، ولكن لِمَ تحدُث له فجأة ً كلّ تلك الأشياء المُزعجة ؟ لماذا انقلَبَ كلّ شيءٍ ؟ بدأ الآخرون يُعاملونه مُعاملة سيّئة، أصبح المُدير يُعامله بازدراءٍ، أصبح الجوّ مُتوتـّرًا داخل العائلة... لماذا ظهرت فجأة ً كلّ هذه الصّعوبات ؟ هو نفسُه لا يتوصّل إلى فهم ذلك بواسطة درجة وعيه. إنّ الحالة التي تحدُث لديه مردّها أنّ لديه استعدادًا جيّدًا وأنه قد بلغ مُستوىً مُعيّنـًا. ولكن هل يُمكن ذلك أن يكون المعيار النهائيّ لاكتمال ممارس ؟ إنه لا يزالُ بعيدًا في تعهّده وممارسته نحو الأعلى ! يجبُ أن تواصلوا رفع أنفسكم. إنّ ذلك القليل من الاستعداد الذي جلبتموه معكم هو الذي أنتج أثرًا وخوّل لكم بلوغ ذلك الحال، لو تـُريدون الصّعود أعلى، فالمعيار هو أيضًا يجبُ أن يكونَ أعلى.

 

البعض يقولون: "عندما أكون كسبتُ مزيدًا من المال واطمئننتُ على استقرار عائلتي، عندها لن أنشغِلَ ثانية ً بشيءٍ، سأتفرّغ للتعهّد والممارسة." أقولُ أنّ هذا كلـّه وهمٌ، أنتم لستم قادرين لا على التدخّل في حياة الآخرين، ولا على التحكّم في أقدار الآخرين، بما في ذلك قدر زوجاتكم وأبنائكم وأقاربكم وأشقائكم، هل أنتم الذين تقرّرون ذلك ؟ ومن جهةٍ أخرى، إن لم تكُن لديكم أيّة مشاغل وراءكم، إن لم يكُن لديكم أيّ إزعاج ٍ، كيف ستتعهّدون وتـُمارسون ؟ الممارسة في الهدوء وراحة البال ؟ أين يُمكن أن نجـِدَ مثل هذه الوضعيّة ؟ إنه تفكير نابـعٌ من وجهة نظر ناس عاديّين .

 

إنّ التعهّد والممارسة يتحققان تحديدًا في الصّعوبات، لِنرى ما إذا كُنتم قادرين على التخلـّي عن المشاعر السّبعة والمشاعر السّـتة وعدم إيلائها أهمّية ً. إن أصررتم على التعلـّق بها، لن تنجحوا في تعهّدكم وممارستكم. كلّ شيءٍ يندرج ضمن علاقة السّبب والنتيجة، لماذا يكون البشرُ بشرًا ؟ تحديدًا لأنه بين الكائنات البشريّة يُوجد الشّعور، الإنسان لا يحيا إلاّ من أجل هذا الشّعور: رابط القرابة، الحبّ بين الجنسيْن، عطف الأبويْن، المودّة، الصّداقة، مُراعاة مشاعر الآخرين، كلّ شيء نابع من المشاعر، الإنسان لا يستطيـعُ أن يتخلـّى عن مشاعره في أيّ ميدان مهما يكُنْ ؛ حبّ فعل شيءٍ مّا أو عدمه، السّرور أو عدمه، الحبّ، الكُره،  كلّ شيءٍ في المجتمع البشريّ آتٍ بدون استثناءٍ من الشّعور. إن لم تقطعوا الأواصر مع الشّعور، لن تستطيعوا التعهّد والممارسة. من يستطيـعُ عبور حاجز هذا الشّعور، لا أحد يُمكن أن يطولهُ، قلب الناس العاديّين لم يعُدْ يُؤثــّر فيه، إنّ الرّحمة هي التي تحُـلّ محلـّهُ، إنها شيئٌ أنبلُ. طبعًا، ليس من السّهل التخلـّي دُفعة واحدة عن كلّ هذه الأشياء. إنّ الشّيولين يُمثل مسارًا طويلاً، مسار نزع تدريجيّ  لتعلـّقاتكم، ومع ذلك، يجبُ أن تكونوا صارمين كثيرًا مع أنفسكم.

 

كممارسين، يُمكن أن تحدث لنا عراقيل بصفةٍ مُباغتةٍ. ماالعملُ ؟ لو كُنتم دائمًا طيّبي النـّية ورُحماء، ونفوسكم هادئة ومُسالمة، فعندما تتعرّضون لمشكل، ستتصرّفون جيّدًا لأنه سيكون لكم مجال للتخفيف من حدّته. إذا كانت لديكم دائمًا الرّحمة في قلوبكم وكُنتم تـُعاملون الآخرين بإحسان ؛ وكُنتم تـُراعون مصلحة الآخرين عند القيام بشيءٍ مّا، وكُنتم في أيّ مشكل يعْرضُ لكم، تتساءلون أوّلاً عمّا إذا كان الآخرون يستطيعون تحمّـله، وعمّا إذا ماكان ستفعلونه لا يُلحِقُ الضّرر بالآخرين ؛ في هذه الحالة، لن يحدُث أيّ مشكل. لهذا السّبب، بصفتكم ممارسين، يجبُ أن تكونوا في ممارستكم مُتشدّدين مع أنفسكم وفق مقاييس أعلى فأعلى.

 

يحدث في كثير من الأحيان أنّ الناس لا يستفيقون. البعض عُيونهم الثالثة مفتوحة ويَرَوْن البوذا ؛ وعندما يعودون إلى بيوتهم يقومون بطقوس العبادة أمام البوذا قائلين في سرّهم: "لماذا لاتلتفِتُ إليّ ؟ أرجوك ساعدني على حلّ هذا المُشكل !" إنّ البوذا لا يتدخّـل في ذلك بالتأكيد، لأنه هو الذي صاغ ذلك الامتحان بغاية رفع طبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة ورفع مستواكم عبر تجارب الخلافات والصّعوبات. كيف يُمكن أن يُساعدكم على تصفيته ؟ لن يُساعدكم مُطلقـًا، إن سُوّي المُشكل، كيف ستستطيعون إنماء طاقتكم والرّفع من طبيعتكم الأخلاقيّة ومن مُستواكم ؟ إنّ الأساسيّ هو جعْلكم تـُنمّون طاقتكم. من منظور المتحققين الكِبار، أن يكون المرءُ إنسانـًا ليس غاية ً، ليست الغاية من حياة الإنسان أن يكونَ إنسانـًا بل جعلـُـكم تعودون للأصل. إنّ الإنسان يتعذب كثيرًا، ولكن المُتيقظين الكبار يَرَوْنَ أنه كلـّما تعذب الإنسان أكثر، كلـّما كان أفضل، يجب الإسراع في تصفية الدّيون، تلك هي رُؤيتهم لللأشياء. البعض لا يُدركون، عندما لا تلقى صلواتهم للبوذا أيّ استجابةٍ، يبدؤون في التشكّي من البوذا: "لماذا لا تـُساعدني ؟ أنا أحرق البخور أمامك وأسجد لك كلّ يوم." لهذا السّبب، يذهب الأمر بالبعض حتـّى إلى كسر تمثال بوذا ويأخذون في شتمه منذ ذلك الحين. بسبب شتائمهم، تهوي طبيعتهم الأخلاقيّة والنفسيّة إلى أسفل، وطاقتهم تضيـعُ أيضًا. وبما أنهم يعلمون أنهم فقدوا كلّ شيءٍ، فإنهم يُضمرون كُرهًا أشدّ للبوذا، ويتصوّرون أنّ البوذا هو الذي يُسيءُ إليهم. إنهم يستعملون منطق الناس العاديّين لِيُـقيّموا سين سينغ البوذا، كيف يكون هذا التـّقـييم ممكنـًا ؟ إنهم يُسلـّطون مقياس الناس العاديّين على مسألة علويّة، كيف يكون هذا مُمكنـًا ؟ لذلك يَقعُ هذا النوع من المشاكل أحيانـًا كثيرة ً، هناك أناس كثيرون يأخذون المِحن التي تعترضهم على أنها ظلمٌ سُـلـّط َ عليهم، فيسقطون سريعًا.

 

في هذه السّـنين الأخيرة، كثير من معلـّمي التشيكونق، حتـّى بعض المشاهير منهم قد سقطوا. طبعًا كلّ معلـّمي التشيكونق الحقيقيّين قد رجعوا إلى أماكنهم بعد أن أدّوْا مهمّتهم التاريخيّة. ولا يبقى اليوم سوى أولئك الذين تاهوا وسط الناس العاديّين، والذين سقطت طبيعتهم الأخلاقيّة والنفسيّة ؛ ولم يعُدْ لديهم قونق. بعض مُعلـّمي التشيكونق الذين كانوا مشهورين كثيرًا في السّابق، يُواصلون اليوم نشاطهم في المجتمع، مُعلـّموهم رأوْا أنهم ضلـّوا الطريق وسط الناس العاديّين، ضلـّوا بسبب السّعي وراء الشّهرة والمكسب، وأنهم لم يعودوا يستطيعون الخلاص من كلّ ذلك والنـّجاة ؛ بما أنه لم يعُد هناك أمل، فقد حملوا أرواحهم الثانويّة (فو يوانشان)، القونق هنا يقع على جسم الفو يوانشان. إنّ الأمثلة من هذا النوع عديدة.

 

في مدرستنا، الأمثلة من هذا النوع تبدو نادرة ً نسبيّا، وعندما تحدث فهي ليست بارزة ً مثل الأخرى. بالنسبة للرّفع من السين سينغ، نجد عددًا كبيرًا من الأمثلة البارزة. أحد تلاميذنا يعملُ في مصنع للملابس القطنيّة في إحدى مُدُن إقليم "شاندونق، Shandong" ؛ بعد تعلـّمه الفالون دافا، علـّمها للعاملين الآخرين، ممّا نتج عنه أنّ تحسّنـًا أخلاقيّـا محسوسًا وقع في مُحيط العمل. في السّابق، كان الجميـع يحملون معهم إلى البيت قِطع نسيج ٍ من المصنع، كلّ العمّال كانوا يفعلون ذلك. وحالما تعلـّم هذا التلميذ طريقـتنا، كفّ عن فعل ذلك، وليس ذلك فحسبُ بل أيضًا أرجع إلى المصنع كلّ ما أخذهُ سابقـًا. وعندما رأى الآخرون هذا التصرّف، كفـّوا كلـّهم عن أخذ المنسوجات ثانية ً، وأرجع البعض منهم أيضًا إلى المصنع كلّ ما أخذهُ من قبلُ. حدثت هذه الوضعيّة في كلّ المصنع.

 

المسؤول عن فالون دافا في إحدى المُدن الأخرى ذهب في زيارةٍ إلى أحد المصانع لِيَرى كيف يعملُ تلاميذنا في الفالون دافا هناك ؛ وهنالك استقبلهُ مدير المصنع شخصيّا: "بعد تعلـّم طريقتكم الفالون دافا، هؤلاء العمّال أصبحوا أوّل من يأتي إلى العمل وآخر من يُغادرُ. إنهم يعملون بجدّ وحماس ويقبَـلون بطواعيّةٍ الأعمال التي يُكلـّـفهم بها رئيسهم في العمل، كما أنهم لم يعودوا يتخاصمون من أجل مصالحهم الشّخصيّة. لقد أحدث سلوكهم تغيّرًا في الواجهة الأخلاقيّة لكلّ المصنع، بل وتحسّـنت المردوديّة الاقتصاديّة لكلّ المصنع. إنّ طريقة ممارستكم  قويّة جدّا، عندما سيأتي معلـّمكم سأشاركُ أنا أيضًا." غاية شيولين مدرستنا الفالون دافا الأساسيّة هي إيصال الناس إلى المستوى العلويّ، وليس غايتنا ذلك النوع من الأشياء، ولكنه يُمكن أن يُحدِثَ تأثيرًا كبيرًا جدّا على تقدّم الحضارة الرّوحيّة للمُجتمع. لو كان كلّ شخص يبحث في داخله، ويجتهد دائمًا في كيفيّة التصرّف أفضل من السّابق، أقولُ أنّ المجتمع سيشْهَدُ استقرارًا وأنّ المستوى الأخلاقيّ للإنسانيّة سيرتفعُ من جديدٍ.

 

أثناء دعوتي وتبليغي للقونق في "تايوان"، كانت هناك سيّدة يفوق عُمرها الـ50 سنة ً قادمة مع زوجها للمحاضرة. وبينما كانا يعبُران الطريق، داهمتهُما سيّارة تجري بسُرعة كبيرة فعَلِقتْ المرآة الخارجيّة بتـنـّورة السّيدة المُسنـّة، وجرّتها السيّارة على بُعد أكثر من عشرة أمتار قبل أن ترميها بعُنفٍ على الأرض، وواصلت السيّارة اندفاعها الجُنونيّ لأكثر من عشرين مترًا قبل أن تتوقفَ. وسُرعان ما وثب السّائق من السيّارة يعلو وجههُ الغضب: "أنت لا تنتبهين للطريق عندما تمشين !" الناس الحاليّون هم هكذا، عندما يقعونَ في مأزق ٍ، أوّل ما يُفكّرون فيه هو التواري عن مسؤوليّتهم ورمي الخطأ على عاتق الآخرين بغضّ النـّظر إن كان فعلاً خطأهم أم لا. ولكنّ الركّاب في السّيارة قالوا للسّائق: "انظرْ ما هي إصابتـُها، واحملها إلى المستشفى." ففهم بسُرعةٍ وقال في الحين: "أنت بخير يا سيّدتي ؟ هل أنت مُصابة ؟ هيّا نقمْ بفحص في المستشفى." ولكنّ هذه التـّلميذة نهضت ببُطءٍ وقالت لهُ: "لا بأس، يُمكنك الذهاب." ونفضت عنها الغـُبارَ قليلاً وواصلت طريقها بِرفقة زوجها.

 

عندما وصلت إلى الدّرس التكوينيّ، رَوَتْ لي قصّتها، وقد سُررْتُ بسماعها أيضًا. لقد تقدّم تلاميذنا حقـّا في الرّفع من طبيعتهم الأخلاقيّة والنفسيّة. قالت لي تلك السّيّدة: "يا مُعلـّمي، لقد كان ذلك لأنني أتعلـّم اليوم الفالون دافا، وإلاّ لم أكُنْ لأعاملهُ بتلك الطريقة." فكّروا، بالنسبة لسيّدة مثلها مُحالة على التـّقاعد، مستوى المعيشة اليوم باهظ كثيرًا، وهي لا تملكُ سوى جراية التـّقاعد. سيّدة يفوق عُمرها الـ50 سنة ً، تسحبُها سيّارة كلّ تلك المسافة ثمّ تسقط ُ أرضًا. عندها في أيّ مكان يكون المرء مُصابًا ؟ يكون مُصابًا في كلّ مكان، إنه يبقى مُلقىً على الأرض ولا ينهضُ مُطلقـًا. نذهبُ إلى المستشفى ؟ نعم نذهبُ، ويرقدُ هناك في المستشفى ولا يخرج منه أبدًا. لو كان إنسانـًا عاديّا، ربّما كان سيتصرّف كذلك. ولكنها ممارسة، هي لم تتصرّف بتلك الطريقة. نحن نقول أنّ الخير والشّرّ لا يتقرّران سوى بفكرةٍ تخطرُ بذهن الإنسان، عندما تكون الفكرة مُختلفة فإنّ عاقبتها هي أيضًا مُختلفة. في مثل ذلك السنّ، لو كان الأمر يتعلـّق بإنسان عاديّ، هل كان من الممكن أن تسقط َ على الأرض دون أن تـُصابَ بجروح ٍ؟ ولكن هي لم تصَبْ بأدنى خدش. إنّ فكرة واحدة هي التي تـُـقرّر وقوع الخير أو الشّرّ ؛ لو أنها قالت حينما ألقِيتْ على الأرض:"آي ! انتهى أمري، أنا مُصابة الآن، هذا الموضع يُؤلمني والآخر أيضًا." إذن ربّما كان سيحدُث لها تمزّق عضليّ وكُسور في العظام، أوكانت ستـُشَـلّ حركتها. مهما يكُن المبلغ الماليّ الذي سيُعطونهُ لكم كتعويض، إن قضّيتم ما تبقـّى من حياتكم على سرير المُستشفى، هل ستعيشون سُعداء ؟ حتـّى شُهود العيان في الطريق وجدوا ذلك غريبًا، "لماذا لم تبتـزّ السيّدة المال من ذلك الرّجل ؟ يجبُ أن تطلـُبَ منه المال !" عند ناس هذا اليوم، مقياس الأخلاق تمّ تشويهُه. صحيـحٌ أنّ السّائق كان يقود السّيّارة بسُرعةٍ فائقةٍ، ولكن هل يُمكن أنه كان يُريد أن يصدِمَ المارّة عمدًا ؟ أليس صحيحًا أنه فعل ذلك بدون وعي منه ؟ ولكنّ ناس اليوم يتصرّفون هكذا، إن لم يتمّ ابتزاز المال منه، فحتـّى المُتفرّجون يتضايقون في داخلهم. أنا أقول أنّ الناس اليوم أصبحوا عاجزين حتـّى على التـّمييـز بين الخير والشرّ ؛ بالنسبة لبعضهم حتـّى ولو تقولون لهم أنّ ما يفعلونه باطلٌ، لا يُصدّقونكم. بسبب تغيّر المقياس الأخلاقيّ للإنسانيّة، هناك أناس، لإشباع لهفتهم على الرّبح، يستطيعون أن يفعلوا كلّ شيءٍ في سبيل المال. بل أصبحت الجُملة التالية شِعارًا: "إن لم يعِشْ المرءُ لِذاته، فستلعنـُهُ السّماء والأرض."

 

في بيكين، هناك تلميذ كان قد اصطحب معه ابنه ليلاً بعد العشاء للتجوّل في ساحة باب "تيانمن، Tianmen"، فرأى الطفل سيّارة ذات أبواق تدعو المارّة إلى اشتراء تذاكر"تومبولا" (لعبة يانصيب)، فأعجبَ الطفل بتلك الأجواء الصّاخبة وأراد أن يُجرّبَ حظهُ، حسنـًا، كان من الأفضل تركُهُ يفعلُ ذلك، فأعطاه يوان لِيلعبَ به، ومن الوهلة الأولى ربِحَ الولدُ الجائزة الثانية وهي عبارة عن درّاجة أطفال من النوع الرّفيـع، لقد كان الطفل في قمّة الفرحة. ولكن هُو، أُصيبَ في تلك اللـّحظة بالدّوار: "أنا ممارس، كيف يُمكن أن أقبَـلَ هذا المكسب الذي لا أستحقـّه ؟ كم من الدّو (الحسنات) عليّ أن أدفعَ مُقابل ذلك" ؟ فقال لابنه: "لن نأخُـذها، وسوف نشتري واحدة ً بأنفسنا إن أردنا ذلك." ولكنّ الطفل امتنع: "أنا أطلـُبُ منك أن تشتري لي واحدة ً فترفضُ، وأربَحُ واحدة  بنفسي، فتمنعُـني من أخذها." وملأ المكان بالصّياح والبُكاء، فلم يجد الأب من حلّ سوى أن يحملَ الدرّاجة إلى البيت. وهنالك، كلـّما فكّر في الأمر أكثر، كلـّما أحسّ بالاستياء في داخله، "الأمر بسيط، سوف أعطي مالاً لِجماعة التومبولا." ولكنّ فكرة أخرى جاءتهُ: "إنّ تذكرة التومبولا لم تعُدْ صالحة، لو أعطيتهُم مالاً الآن، ألن يقتسموه فيما بينهم ؟.. سوف أعطي هذا المبلغ الماليّ كهـِـبَةٍ لِمُؤسّسة عملي."

 

ومن حُسن الحظ ّ أنه يُوجد عدد لا بأس به من تلاميذ الفالون دافا في مُؤسّسة عمله، ومُدير المصنع فهمَ الأمرَ أيضًا. لو في ظرفٍ عاديّ، وفي مصنع مّا، تقولُ أنك ممارس، أنكَ ربحْتَ درّاجة في اليانصيب، ولكنك لا تـُريدُ قَبولها، وأنك تتبرّعُ بثمنها لِمُؤسّسة عملِكَ، فحتـّى المُدير سيظنّ أنّ بعقلكَ مسّا. الآخرون سيُشيعون أمرَكَ: "ألم يقعْ لهذا الشّخص انحراف في ممارسته ؟ لقد فقد صوابهُ، إنـّه الزّوهيو رومو". مثلما قلتُ ذلك، لقد تمّ تشويه المقياس الأخلاقيّ. في السّـنوات 50- 60، كان هذا سيبدو أمرًا بسيطـًا، عاديّا جدّا، لا أحد كان سيتعجّبُ منه.

 

نحن نقول أنه، مهما يكُنْ تغيّر المقياس الأخلاقيّ للإنسانيّة، فإنّ الطبـع الخاصّ بهذا الكون جهان شان ران يبقى ثابتـًا إلى الأبد. بعضهم يقول أنك جيّد، ولكنك لستَ بالضّرورة جيّدًا حقـّا ؛ وبعضهم يقول أنك سيّئ، ولكنك لستَ بالضّرورة سيّئًا حقـّا، لأنّ مقياس تقييم الخير والشّر أصبح مغلوطـًا. فقط ذلك الذي يتـّصِفُ بالطبـع الخاصّ بالكون هو إنسان جيّد، ذلك هو المقياس الوحيد للحُـكم على ما إذا كان الإنسان جيّدًا أم سيّئًا وهو مُعترف به من قـِبَل الكون. ألا ترَوْنَ أنهُ رغم ما شهد المجتمع من تحوّلاتٍ كُبرى، ورغم ما عرفه مستوى أخلاق الإنسانيّة من هُبوط كبير، وبالرّغم من أنّ سلوك الإنسان ينحدِرُ يومًا بعد الآخر وأنّ الإنسان أصبح لا يسعى إلاّ وراء الرّبح، إلاّ أنّ تحوّل الكون لا يتبـعُ تحوّل الإنسانيّة. إنّ مُمارسًا لا يُمكن أن يُعيّرَ ما هو مطلوب منه بمعيار الناس العاديّين. عندما يقول الناس العاديّون أنّ أمرًا مّا هو صوابٌ، تتصرّفون أنتم تبَعـًا لذلك، هذا لا يجوز بتاتـًا. ما يعتقد الناس العاديّون أنه جيّد ليس من المُؤكّد أنه جيّد ؛ وما يعتقدُ الناس العاديّون أنه سيّء ليس من المُؤكّد أنه سيّء كذلك. في هذا العصر الذي تشوّه فيه مقياس الأخلاق، عندما يرتكِبُ شخصٌ مّا فعلاً سيّئًا وتقولون له أنّ ذلك فعلٌ سيّء، فإنه لا يُصدّقكم حتـّى ! بصفتكم ممارسين، يجبُ عليكم تقييـم كلّ شيءٍ طِبقـًا للطبع الخاصّ بالكون، فقط هكذا يُمكنكم أن تـُميّزوا الخير الحقيقيّ من الشّر الحقيقيّ.

 

 

 

سكب الطاقة عبر قمّــة الرأس "قواندينق، Guanding"    

 

في أوساط الشّيولين تـُوجد حالة تـُسمّى "قواندينق". إنها من الطقوس الدّينيّة في طريقة شيولين المدرسة الباطنيّة في المدرسة البوذيّة. الهدف من هذه المراسم هو منع ذلك الإنسان من الدّخول في مدارس أخرى للممارسة، وأن يُعترَفَ به منذ ذلك الحين  بكونه تلميذاً حقيقيّا لتلك المدرسة التي أجرَتْ عليه قواندينق. الغريب في الأمر اليوم هو أنّ هذا الطـقس الدّينيّ ظهر أيضًا في إطار ممارسة التشيكونق ؛ لا فقط طرُق المدرسة الباطنيّة، ولكن أيضًا طرُق المدرسة الطاويّة تقومُ بالـقواندينق. لقد سَبَقَ وأن قلتُ ما يلي، كلّ الطرق الباطنيّة التي تنتشِرُ في المجتمع تحت اسم المدرسة الباطنيّة هي كلـّها وبدون استثناءٍ كاذبة. لِمَ ذلك ؟ لأنّ باطنيّة التانق قد اختفتْ من بلدنا منذ أكثر من ألف سنةٍ، ولم يعُدْ لها وجودٌ أبدًا ؛ بسبب عائق اللـّغة، لم تنتشر المدرسة الباطنيّة التـيبـتيّـة بأكملها أبدًا في رُبوعنا، رُبوع شعب الهان. وخاصّة ً بسبب كونها ديانة ً باطنيّة ً، فإنّ تعهّدها وممارستها لا يُمكن أن يتمّ إلاّ في كنف السرّية في المعبد، وبالإضافة إلى ذلك، يجبُ أن يقعَ تـلقين الأسرار للممارس من قِـبَل معلـّمه، المعلـّم هو الذي يقود خُطاهُ في هذا التعهّد السرّي. إن لم تتوفـّرْ هذه الشّروط، يستحيلُ على الإطلاق تلقـينها.

 

عدد كبير من الناس يذهبون إلى التـّيبت لِتعلـّم الطريقة، غايتهم التـّـتلمُذ على يد معلـّم هناك يُلقـّـنهم الباطنيّة التـّيبتـيّة لِيُصبحوا في يوم مّا مُعلـّمي تشيكونق، بهدف اكتساب الشّهرة والمال. فكّروا، إنّ البوذا الحقيقيّين الأحياء واللاّما الذين تلقـّوْا حقـّا المعرفة الحقيقيّة هم كلـّهم لديهم قدرات وخوارق قونق قويّة جدّا، إذن هم يستطيعون أن يلـْمَحوا أفكار الشّخص الذي يُريد تعلـّم الطريقة. بنظرةٍ واحدةٍ، يكونون على بيّـنةٍ من نواياهُ : "القدوم إلى هنا لِتعلـّم ذلك الشّيء من أجل أن يُصبح معلـّم تشيكونق في الخارج، للإثراء ونيْل الشّهرة، إنه سوف يُلحقُ الضّرر بطريقة شيولين بوذا لتلك المدرسة. هل يُمكن السّماح لكم هكذا وبكلّ بساطةٍ بإدخال الاضطراب على مدرسة شرع لتعهّد وممارسة البوذا، مدرسة جادّة وجليلةٍ، فقط لأنكم تـُريدون أن تـُصبحوا مُعلـّمي تشيكونق من أجل المال والشّهرة ؟ أهذا هو الدّافع الذي يُحرّككم ؟ إذن يستحيلُ على الإطلاق تلقينهُ المعرفة، شخص مثل هذا لن يتلقىّ المعرفة الحقيقيّة . طبعًا، هناك عدد كبير من المعابد، وربّما سيتمكّنُ من الحُصول على بعض الاشياء السطحيّة. عندما لا يُحافظ المرءُ على استقامة قلبهِ، وعندما يُريدُ أن يكونَ مُعلـّم تشيكونق لِيرتكِبَ أفعالاً سيّئة ً، يُمكن إذن أن يستجلِبَ الفوتي. هذا الحيوان الذي يسكُـنه هو أيضًا لديه قدرات قونق، ولكنها ليست الباطنيّة التـّيبتـيّة. بالنسبة لِشخص يذهب للـتـّيبت لِيتعلـّم الشّرع حقـّا، فهو عندما يصِلُ إلى هنالك، يستقرّ ويبقى في ذلك المكان بدون رجعة، هذا الشّخص هو ممارس حقيقيّ.

 

والأمر الغريب هو أنه تـُوجدُ اليوم الكثير من الطرق الطاويّة التي تتحدّث أيضًا عن قواندينق. تمارس المدرسة الطاويّة "الدّورة السّماويّة للطاقة" في القنوات، فـلِمَ القيام بـقواندينق؟ لقد بلـّغتُ الطريقة في الجنوب، حسب ما أعرفُ، يحدث هذا خاصّة في منطقة "قواندونق، Guangdong"، حيثُ يُوجد أكثر من عشرة طرُق من شتـّى الأصناف تتحدّث عن القواندينق. ما الذي تعنيه بهذا ؟ إنها تـُجري عليك قواندينق، وإثر ذلك، تصبحُ تلميذها ولا يُمكنك بعدها أن تتعلـّمَ طرقــًا أخرى، وإلاّ فهي تـُعاقِبُـكَ، هذا ما تفعلهُ. أليس هذا عِبارة عن طرُق شيطانيّةٍ ومسالك مُنحرفةٍ ؟ ما تـُبلـّغهُ هو طرُق مُداواة وحفاظٍ على الصّحة والناس يتعلـّمونها فقط بهدف اكتساب صحّةٍ جيّدةٍ. ما الدّاعي لِفعل هذا ؟ البعض يقول أنه لايجبُ على الفرد ممارسة طرُق أخرى بعد أن يتعلـّمَ طريقتهم. ولكن هل بإمكانهم أن يمنحوا الخلاص للناس وأن يُوصِلوهم إلى الكمال ؟ إنّ ما يفعلونه ليس سوى الإضرار بالممارسين ! هناك الكثير من الناس يتصرّفون هكذا.

 

هذا لا يُوجد في المدرسة الطاويّة، ومع ذلك فإنّ قواندينق تظهَرُ فيها أيضًا. معلـّم التشيكونق الأكثر قيامًا بـقواندينق، أيّ ارتفاع ٍ يبلغه عمود القونق لديه ؟ لقد عاينـْتُ أنه لا يبلـُغ سوى ارتفاع قدرُه طابقان أو ثلاثة من طوابق بنايةٍ، معلـّم تشيكونق معروف إلى حدّ كبير مثله، أنا أرى أنّ طاقتهُ قد هَوَتْ إلى درجةٍ مُـثيرةٍ للشّـفقة. عديد المئات بل آلاف الأشخاص يصطفـّون في طوابير، وهو يقومُ بـقواندينق من أجلهم. إنّ حجم طاقته محدود وليس له سوى ذلك الارتفاع، وفي وقتٍ قصير، ستتقـلـّصُ طاقتـُهُ ثمّ تنفدُ، هل سيظلّ بإمكانه القيام بـقواندينق للناس ؟  أليس هذا خِداعًا ؟ إنّ عمليّة قواندينق حقيقيّة تجعلُ كلّ عظام الإنسان من قمّة رأسه إلى أسفل قدميْه تبدو من عالم آخرَ بيضاء وكأنها حجرٌ كريم أبيض. في الحقيقة تتمثـّـل العمليّة في تطهير الجسم بواسطة القونق وموادّ طاقيّة عُـليا، وذلك بحقـنِها من الرّأس إلى القدميْن. هل يستطيـعُ معلـّم التشيكونق هذا أن يفعلهُ ؟ إنه لا يستطيـعُ. إذن لماذا يتصرّفُ هكذا ؟ طبعًا هو ليست لديه بالضّرورة نيّة تكوين طائفةٍ دينيّةٍ ؛ هدفه هو أنّ كلّ من يتعلـّم  طريقته، يُصبحُ مِلـْـكًا له، يجبُ عليكَ إذن أن تـُشاركَ في دورته التكوينيّة وأن تتعلـّمَ ما يُلقـّـنـُه إيّاكَ. هذا يهدِفُ إلى الاستحواذ على مالـِكَ ؛ إن لم يتعلـّم أحد طريقتهُ فلن يكسَبَ مالاً.

 

تلميذ الفالون دافا، مثله مثلَ تلاميذ الفامان الأخرى في مدرسة بوذا، يجبُ أن يتلقىّ قواندينق لعدّة مرّاتٍ من المُعلـّم السّماويّ، ولكن بدون علم ٍ منه. ربّما أولئك الذين لديهم قدرات قونق يعلمون ذلك أو أنّ الأشخاص المُرهفين يُحسّون به أيضًا ؛ إن يكُنْ أثناء النوم أو في فتراتٍ أخرى، يُمكن أن يُحسّ المرءُ بغتة ً بسيْـل ساخن ينزل من الرّأس ويعبُرُ كامل الجسم. إنّ الهدف من القواندينق ليس إنماء طاقتكم، إنّ القونق يتولـّد عن تعهّدكم وممارستكم الذاتـيّيْـن، قواندينق هو وسيلة تدعيم ٍ، تصلـُح لِـتنقية جسمكم وتطهيره أكثر فأكثر. هذا القواندينق يجبُ أن يتمّ مرّاتٍ عديدة ً، يجبُ أن نـُساعدكم على تـنقية الجسد في كلّ مستوىً.  بما أنّ التعهّد يتوقف على الفرد والقونق يتوقّف على المعلـّم، فنحنُ لا نقوم بمراسم القواندينق.

 

 هناك أيضًا ناس يقومون بمراسم لكي يدخلوا تحت إمرة معلـّم ٍ. هنا أريد ان أقولَ في هذه المُناسبة أنّ كثيرًا من الناس يُريدون أن يقوموا بمراسم ليـُصبحوا مُريديّ. هذه الفترة التاريخيّة التي نوجد فيها اليوم مُختلفة عن مُجتمع الصّين الإقطاعيّة، هل يكفي أن يركع الشّخص ويضرِبَ بجبهته الارض لكي يتمّ قبولـُهُ كمُريدٍ من طرف المعلـّم ؟ نحنُ لا نـُمارس هذه الشّكليّات. الكثير منا يُفكّرون: "أنا أسجد لبوذا، وأحرق البخور، وأقدّس بوذا بقلبٍ مليء بالتقوى، وهكذا فإنّ طاقتي ستنمو". أنا أقول أنّ هذا مُـثير للسّخرية، إنّ الممارسة الفعليّة يقوم بها الشّخص ذاتـُه بنفسِهِ، من غير المُجدي بالمرّة أن تطلـُبوها من أيّ ٍ كانَ. بدون عبادة بوذا وبدون إحراق البخور، إن تتعهّدوا أنفسكم وتـُمارسوا حقـّا وفق المقياس المطلوب من ممارس، فهو سيكون مسرورًا جدّا بمُجرّد رُؤيتكم. إن كُـنتم لا تفتأون تقترفون أفعالاً سيّئة ً في الخارج، حتـّى لو تحرِقون البخورَ وتسجُدون أمامهُ، فسيُؤلمه حتـّى مُجرّد النظر إليكم ؛ أليست هذه هي الحقيقة ؟ لا يُمكن للفرد سوى أن يُعوّلَ على ذاته من أجل الشّيولين الحقيقيّ. اليوم تقومون بالمراسم وتسجُدون للمعلـّم، وحالما تخرُجون، تتصرّفون حسب هواكُم، بِمَ سيُفيدكم ذلك ؟ نحنُ لا نهتمّ بهذه الأشكال مُطلَقـًا. بل من الممكن جدّا أن تـُـلحِقوا الضّرر بسُمعتي !

 

لقد أعطيناكم الكثير، لِكُلّ ٍمنكم، وشرط َ أن تتعهّدوا أنفسكم بحقّ ٍ وتكونوا صارمين مع أنفسكم وفق الشّرع الأكبر، سأعتبركم مُريديّ وأوجّهكم كمُريديّ. شرط َأن تتعهّدوا أنفسكم وتـُمارسوا الفالون دافا، سنقود خـُطاكم ونوجّهكم كمُريدين. لو أنكم لا تتعهّدون أنفسكم فلن نستطيـعَ لكم شيئًا. إن توقّفتم عن تعهّد أنفسكم، فلِمَ ستصلـُحُ تسمية "ممارس" ؟ لايهمّ إن كُنتم تلاميذ المرحلة الأولى أو المرحلة الثانية، هل يُمكن أن تصبحوا مُريدينا فقط عبر تمرين الحركات ؟ يجبُ أن تتعهّدوا أنفسكم وتمارسوا حقـّا طِبقـًا لمقياس السين سينغ الخاصّ بنا، بهذه الكيفيّة يتسنـّى لكم تحقيق صحّة جيّدة والتقـدّم حقـّا نحو المُستوى العُـلويّ. إذن فنحنُ لا نؤكّد على هذه الأشكال، وستكونون تلاميذ مدرستنا طالما تعهّدتم ومارستم. إنّ أجسام الشّرع التي تتبعُـني تعلمُ كلّ شيءٍ، إنها تعلمُ جيّدًا كلّ ما تـُفكّرون به، وهي قادرة على تحقيق كلّ شيءٍ. إن كنتم لا تتعهّدون ولا تـُمارسون، فلن تهتمّ بكم، وإن تعهّدتم أنفسكم ومارستم، فستـُساعدكم إلى النهاية.

 

في بعض الطرق، الممارسون لم يَرَوْا المُعلـّمَ أبدًا، لقد قالوا لهم أنـّهم عندما يسجُدُون في هذا الاتـّجاه أو ذاك، ويدفعُون بعض المئات من اليوان، فهذا يكفي. هذا خداعٌ للنفس وللآخرين، أليس كذلك ؟ ثمّ إنهم يفعلـُون ذلك طوْعًا، ومنذ ذلك الحين وصاعدًا، هم يُـنافحون عن تلك الطريقة وذلك المُعلـّم، وهم ينصحُون الآخرين أيضًا بعدم تعلـّم طرُق أخرى. أنا أجدُ هذا مُـثيرًا للسّخرية فعلاً. هناك أيضًا ناس يُمارسون "مُلامسة قمّة الرّأس"، لا ندري ماهو الأثرُ الذي يُمكن أن تـُحدِثهُ مُجرّد مُلامسة.

 

لا فقط الطرق التي تـنتشرُ تحت شعار الباطنيّة هي كاذبة، بل أيضًا كلّ تلك التي تـنتشِرُ تحت شعار الدّيانة البوذيّة. فكّروا، منذ آلاف السّـنين، حافظت طريقة شيولين الدّيانة البوذيّة دائمًا على نفس الشّكل ؛ لو يَقعُ تحريف شيءٍ منها، أفستظـلّ تلك هي الدّيانة البوذيّة ؟ إنّ طرُق الشّيولين تهدِفُ إلى ممارسةٍ جدّيةٍ لتحقيق بوذا، وزيادة ًعلى ذلك، هي دقيقة وخفيّة إلى أقصى درجةٍ ، وأدنى تحريفٍ يُمكن أن يُدخل عليها الفوضى. بما أنّ مسار تحوّل القونق هو على درجة قصوى من التعقيد، فإنّ إحساس الإنسان في هذا المجال لايعني شيئًا، لا يُمكن أن يتعهّدَ المرءُ نفسهُ ويُمارسَ بالاعتماد على أحاسيسه. إنّ الأشكال الدينيّة للرّهبان تـُمثل بالتـّحديد طرُقهم في الشّيولين، أدنى تحريفٍ يُمكن أن يحيدَ بهم عن مدرسة الشرع تلكَ. هناك مُتحقـق أكبر يرْأسُ كلّ فامان، ومن كلّ فامان، خرج عدد كبير من المُتحقـقين الكِبار بواسطة الشّيولين، لا أحد تجرّأ على إدخال تغيير كيفما يشاءُ على طرق الشيولين لهذه المدارس، أيّ سُلطةٍ مهيبةٍ يملكُها معلـّم تشيكونق بسيطٍ لِيسْمَحَ لِنفسه بالتـّطاول على المُعلـّم المُؤسّـس وعلى تغيير فامان خاصّ بتحقيق بوذا ؟ لِنفرِضْ أنّ هذا الشّخص يستطيـعُ حقـّا أن يُبـدِلَ شيئًا في هذا الفامان، هل سيبقى هذا الأخيرُ هو نفسُهُ ؟ من السّهل التعرّف على التشيكونق المُزيّـف.

 

  

تأسّـس الممر الخفي "شوانقوان شواي، Xuanguan she wei"                    

 

"شوانقوان شِواي" يُسمّى أيضًا "شوانقوان تسياو" (فتحة الممرّ الخفيّ). هذه الألفاظ يُمكن أن نجدها في كُتبٍ مثل " دانجينق، Danjing" (كتاب كيمياء الإكسير)، " داوو تسانق، Daozang" (القانون الطاوي)، و"سينغ مينغ قيشي، Xingming guizhi" (مبادئ وتعليمات حول ممارسة الروح والجسد). إذن فيمَ يتمثل  شوانقوان شِواي ؟ كثير من مُعلـّمي التشيكونق لا يستطيعون تفسير ذلك بوُضوح، لأنّ معلـّم تشيكونق عاديّ لا يُمكن أبدًا أن يراهُ من مستواه، وفي كلّ الحالات لا يُسمَحُ له برؤيته. إذا أراد ممارس مّا أن يراهُ، وجبَ أن يكونَ قد تجاوز المستوى الأعلى لعين الحكمة. نظرًا لأنّ مُعلـّمي التشيكونق العاديّين لا يستطيعون بُلوغ هذه الدّرجة، فهُم لايَرَوْنهُ. في أوساط الشيولين، يتساءل الجميـع منذ القديم: "فيمَ يتمثل شوانقوان (الممرّ الخفيّ) ؟ أين تقعُ هذه الفتحة "يي تسياو، "Yi qiao ؟  كيف يتأسّس المقام (شواي)؟" عبر قراءة "كتاب كيمياء الإكسير"، "القانون الطاوي"و"مبادئ وتعليمات حول ممارسة الروح والجسد"، يُمكن أن تلاحظوا أنهم يتحدّثون عنه في المستوى النظريّ ولكنهم لا يتحدّثون مُطلقـًا عن صميمه. إنهم يتحدّثون عنه ويتحدّثون، وتضيعون أنتم وسط شُروحهم، هُم لا يشرحون لكم ذلك بوُضوح ٍ، لأنه يُمنـَعُ على الناس العاديّين معرفة جوهر الأشياء.

 

زيادة على ذلك، أقول لكم كلـّكم، بما أنكم تلاميذ مدرستنا فالون دافا، يجبُ إذن أن أتوجّه إليكم بالعبارات التالية: لا تقرؤوا أبدًا كتب التشيكونق المكتوبة كيفما اتـّفـَقَ ؛ باستثناء هذه الكُتب القديمة القليلة المذكورة أعلاهُ، كُتب التشيكونق الكاذب التي كتبها المُعاصرون، لا تـُقبلوا حتـّى على تصفـّحها، بمُجرّد أن تخطرَ بذهنكم فكرة واحدة مثل "أها ! إنّ هذا القول صائبٌ فعلاً !".. عندما تـُومضُ هذه الفكرة بذهنكم مثل لائحة البرق، فإنّ الفوتي المُخبّأ داخلها يخرُجُ لِيتملـّـككم. كثير من الكُتب كُتِبت بدافع سعي الإنسان وراء الشّهرة والمال تحت سُـلطة ومُراقبة الفوتي. كُتب التشيكونق الكاذب هذه هي عديدة وبكمّيات وافرة، الكثير من الناس ليست لديهم روح المسؤوليّة، هم يُؤلـّفون حتـّى كـُـتبًا عن الفوتي وخُـزعبلات أخرى. وحتـّى الكُـتب القديمة المذكورة آنفـًا، أو كُـتب أخرى قديمة تندرج ضمن نفس هذا الميدان، من الأفضل ألاّ تقرؤوها ؛ لأنّ المسألة تتعلـّق باتـّباع مدرسةٍ واحدةٍ.

 

لقد رَوَى لي إحدى المسؤولين عن المعهد القوميّ للتشيكونق الحكاية التالية وقد أضحكتني كثيرًا. رَوَى أنه هناك ببيكين رجلٌ يحضُرُ دائمًا مُحاضراتٍ عن التشيكونق ؛ حضر فيها عديد المرّات، ثمّ بعد مُرور فترةٍ من الزّمن، بدا له أنّ التشيكونق ليس غير ذلك. بما أنّ أولئك الناس كانوا يُوجدون كلـّهم في نفس المستوى، فإنهم كانوا يتحدّثون كلـّهم عن نفس الأشياء. وهُو، مثلـُه مثل مُعلـّمي التشيكونق المُزيّفين، تصوّرَ أنّ مُحتوى التشيكونق يقفُ عند ذلك الحدّ ! وهاهُو الآن يُريد أيضًا أن يُؤلـّفَ كتابًا عن التشيكونق. تصوّروا، شخصٌ لا يُمارس التشيكونق يكتبُ كتابًا عن التشيكونق ؛ في هذه الأيّام تـُكتـَبُ كُـتـب التشيكونق بواسطة السّرقة والسّطو، يسطو هذا الكاتب على ما كتبَه الآخر وينسَخـُهُ ويفعلُ الآخر مثله وهكذا. وأثناء تأليف الكتاب، توقف عند مسألة وصف "الشّوانقوان" ولم يستطعْ أن يُواصلَ. من الذي فهم هذا الأمر حقـّا ؟ حتـّى ضمن مُعلـّمي التشيكونق الحقيقيّين، قلـّة قليلة هم الذين يفهمونه. فذهب لِيستفسِرَ الأمر لدى معلـّم تشيكونق مُزيّـف. لم يكُن يعلم أنّ هذا الأخير مُزيّـف لأنه لم يكُن يفهم التشيكونق. ولكن، إن لم يُجبْهُ هذا المعلـّم المُزيّـف عن سؤاله، ألم يكُنْ الناس سيكتشفون أنه مُزيّـف ؟ لذلك تجرّأ على قول حماقةٍ كبيرةٍ، قال له أنّ "الشّوانقوان يي تسياو" يُوجَدُ في طرف العضو الذكريّ. إنّ هذا الأمر مُثير للسّخرية إلى حدّ كبير، ولكن لا تضحكوا، هذا الكتاب يُباعُ حاليّا للعُموم. هذا يعني أنّ الكُتب الحاليّة للتشيكونق هي سخيفة إلى تلك الدّرجة، أخبروني ما الفائدة من قراءتها، إنّ هذا ليس له أيّ فائدة بل يعودُ بالأذى على الناس.

 

ماهو شوانقوان شِواي ؟ أثناء  شيولين شي دجيان فا، وعند الوُصول إلى درجة تفوق الدّرجة الوُسطى، أي المرحلة العُليا من شيولين شي دجيان فا، يبدأ الإنسان في خلقِ المولود الأصليّ (/المولود الإلهيّ) "يوان يينق، Yuan ying" في ذاته. هذا الأخير ليس الطفل الرّضيـع "يينق هاي،Ying hai". "اليينق هاي" صغير جدّا، نشيط ومرح جدّا. اليوان يينق لا يتحرّكُ، إن لم تأمُرْهُ الرّوح الأصليّة بذلك، فإنه يمكُثُ جالسًا هناك، بدون حراكٍ، ويداهُ في وضع  "مودرا" (دجيي يين، Jieyin)، والسّاقان جالسان في وضع  اللـّوتس على زهرة اللـّوتس. يُولد اليوان يينق في حقل الإكسير (الدانتيان)، في المستوى المجهريّ، يُمكن أن نراهُ حتـّى وهو أدقّ من حدّ الإبرة.

 

هناك نقطة أخرى تستحقّ التوضيـح، ليس هناك سوى حقل إكسير حقيقيّ واحد لا غير، يقعُ في مستوى أسفل البطن. في الموضع الأعلى قليلاً من البيريني (قناة "هوي يين، hui yin")، داخل جسم الإنسان، تحت أسفل البطن، هناك حيثُ يُوجد ذلك الحقل. في هذا الحقل يُولدُ كثير من قدرات القونق، كثير من العناصر الخارقة، جسم الشرع، المولود الأصليّ، الطفل الرّضيـع، وكثير من الكائنات الحيّة.

 

في الماضي، كان هناك أفراد يتعهّدون في طريق الدّاوو، يتحدّثون عن الدّانتيان الأعلى، الأوسط والأسفل، أنا أقول أنّ هذا خطأ. البعض يقولون أنّ معلـّمهم هو الذي لقـّـنهم ذلك عبر أجيال وأجيال، وأنّ كلّ ذلك موجود في الكُـتب. يجبُ أن أخبركم أنّ الرّداءات والفواضل كانت تـُوجد حتـّى في القديم، الأشياء التي تـُبـَـلـّغُ منذ سنواتٍ طويلةٍ ليست بالضّرورة صحيحة. هناك أيضًا طرق صُغرى من طرق هذا العالم الدنيويّ، يتمّ تبليغها منذ القِدم وسط الناس العاديّين، ولكنها لا تـُمكّن من التعهّد، إنها لا تصلـُح لِشيءٍ. إنهم يُسمّونه الدّانتيان الأعلى، الأوسط والأسفل ؛ هم يُريدون القول بهذا أنّ كلّ موضع قابل لإنتاج "الدّان" (الإكسير) هو دانتيان. أليست هذه مُزحة ً ؟ عندما يتركّزُ تفكير الإنسان على نقطةٍ ويدومُ ذلك طويلاً، فإنه تتولـّدُ ثـَمّ قِطعٌ من الطاقة ويتبلورُ الدّان هناك. إن لم تـُصدّقوا ذلك، جرّبوا أن تـُركّزوا تفكيركم على ذراعكم وأن تظلـّوا على هذه الحال، مع طول الوقت، سوف تـَرَوْن أنّ الدّان يتبلـْوَرُ في ذلك الموضع. وتـَبَعًا لذلك، عند استنتاج هذه الحالة، يدّعي البعض أنّ كلّ المواضع بدون استثناءٍ هي دانتيان. إنّ قولهم هذا سخيفٌ أكثر، إنهم يعتقدون أنّ الموضع الذي يتبلورُ فيه الدّان هو دانتيان. في الواقع هو ليس سوى"دان، Dan"، وليس حقلاً  "تيان، Tian" ؛ لو تقولون أنه ما من موضع ٍ إلاّ ويُنتجُ الدّان وأنه يُوجد دان أعلى وأوسط وأسفل، يُمكن أن نقبَلَ ذلك. ولكن لا يُوجد سوى حقل واحدٍ يُمكن أن يُولـّدَ شرائع عديدة لا تـُحصى، وهو ذاك الذي يقعُ في جُزء أسفل البطن. إذن الحديث عن الدانتيان الأعلى، الدانتيان الأوسط، والدانتيان الأسفل هو خاطئ. عندما يُركّز الإنسان تفكيره على مكان مّا، فمع طول الوقت، يتبلورُ الدّان في ذلك المكان. 

 

المولود الأصليّ يُولد إذن من حقل الإكسير هذا، الواقع في مستوى أسفل البطن، وينمو شيئًا فشيئًا. عندما يبلـُغ حجمهُ قدر كُرة تنس الطاولة، يُمكن أن نرى بوُضوح هيئة جسمه كاملاً، وأنفه وعيناه يكونان أيضًا قد تكوّنا. حالما يبلغ حجمه كرة تنس الطاولة، تنبثـقُ بجانبه فـُـقاعة صغيرة مُدوّرة. بعد تكوّنها تكبُرُ هذه الفـُـقاعة سويّا مع المولود الأصليّ. عندما يبلـُغ ارتفاع هذا الأخير أربعة أصابـع إبهام، تظهرُ بتلة لوتس. عندما يبلـُغ ارتفاعه 5 إلى 6 أصابـع، فإنّ البتلات تكون قد تكوّنت كلـّها تقريبًا، وتظهرُ طبقة من اللـّوتس ؛ ويكون المولود الأصليّ ذهبيّا ومُشعّا وجالسًا على طبق اللـّوتس الذهبيّ ذاك، إنه منظرٌ جميل جدّا. هذا هو الجسم الماسيّ الخالد (دجين قانق بو هواي جي تي، Jin gang bu huai zhi ti)، مدرسة بوذا تسمّيه جسم بوذا ؛ المدرسة الطاويّة تـُسمّيه يوان يينق.

 

في مدرستنا، نحن نتعهّد ونـُمارس كلا الجسميْن، نحن في حاجةٍ إلى الإثنيْن، "البنتي" (الجسد بكلّ مستوياته) يجبُ أيضًا أن يتمّ تحويلـُهُ. الجميـع يعلمُ أنّ جسم بوذا هذا لا يُمكن أن يتجلـّى لأنظار الناس العاديّين ؛ مع بذل مجهوداتٍ كبيرةٍ يُمكن أن يُظهـِرَ شكلاً، وعينا إنسان عاديّ يُمكن  أن تريا ظلـّه المُضيء. بينما هذا الجسم الفيزيائيّ، بعد تحوّله، يبدو مثل جسم إنسان عاديّ وسط الناس العاديّين، الناس العاديّون لا يستطيعون رُؤية الفرق ؛ ورغم ذلك هذا الجسم قادر على اختراق العوالم. عندما يبلـُغ اليوان يينق ارتفاع 5 إلى 6 أصابع، تنمو الفـُـقاعة أيضًا إلى نفس الارتفاع، إنها شفـّافة مثل بالون الهواء المُـنتفخ. يكون اليوان يينق جالسًا في وضع اللـّوتس، دون حراكٍ. عندما تبلـُغُ الفـُـقاعة ذلك الحجم، تـُفارق الدّانتيان، إنها الآن ناضجة ومُكتملة، ومثلما يُقالُ "عندما تنضُـج البطيخة، يسقط عنقودها من تلقاء نفسه" لذلك فإنّ الفـُقاعة تتحرّكُ صُعودًا. مسارُ صعودها بطيء جدّا، ولكن يُمكن أن نراها تتحرّك كلّ يوم. إنها تتحرّك تدريجيّا وتصعدُ نحو الأعلى. مع مُراقبتها بانتباهٍ، يُمكن أن نـُحسّ بوُجودها.

 

عندما ترتفع الفـُـقاعة إلى موضع قناة "تانجونق، Tanzhong" (وسط القفص الصّدري عند رأس المعدة)، يجبُ عليها أن تظلّ هناك بعض الوقت. لأنّ أشياء كثيرة تنتمي إلى خُلاصة جسم الإنسان، وأشياء أخرى (القلب يُوجد أيضًا في ذلك المكان)،  كلـّها في حاجةٍ إلى تكوين نظام في هذه الفـُـقاعة. يجبُ أن تدخُـلَ الخُلاصات في هذه الفـُـقاعة وتـُـثريها. وبعد مُرور بعض الوقت، تستأنف صُعودها. عندما تمرّ عبر العُـنق، يُحسّ الفرد باختناق قويّ كما لو كانت الأوعية الدّمويّة مسدودة ً، يكون لديه إحساس بالتورّم مُؤلم كثيرًا، ولكنّ هذا لا يدومُ سوى يوم أو يوميْن. ثمّ تصلُ إلى قمّة الرّأس، وهو ما نـُسمّيه بالصّعود إلى نيوان (موضع الغدّة الصّـنوبريّة). رغم كون ما يُقالُ أنها تصلُ إلى نيوان، فإنها في الواقع أكبرُ حجمًا من دماغك نفسه، يُمكن أن تـُحسّ بانتفاخ في رأسكَ. بما أنّ النيوان هو جزء محوريّ بالنسبة لحياة الإنسان، فإنّ خُلاصته يجبُ أيضًا أن تتكوّن داخل الفـُـقاعة. ثمّ تـُحاولُ هذه الأخيرة الخُروج عبر ممرّ التيانمو، إنه إحساس مُؤلم كذلك. تـنتابُ التيانمو آلام انتفاخ، ويتورّمُ الصّدغان، وتغورُ العينان، ويدومُ هذا إلى أن تخرُجَ تمامًا ؛ ومن حينها تـنتصبُ مُعلـّـقة ً في الهواء، على مُستوى الجبين، وهذا يُسمّى شوانقوان شِواي (تأسّس الممرّ الخفيّ) ويظلّ الشّوانقوان مُعلـّقـًا هناك.

 

في ذلك الحين، الشّخص الذي تكون عينه الثالثة مفتوحة ً، لايعودُ يرى شيئًا. لأنّ شيولين مدارس بوذا والدّاوُو يُطالبُ بتكوين الأشياء بأكثر سُرعةٍ ممكنةٍ داخل الشّوانقوان، ومن أجل تسهيل ذلك لا يُفتـَحُ هذا الباب (باب العين الثالثة). يُوجد مصراعان أماميّان ومصراعان خلفيّان وكلـّها تكون مُغلقة، تمامًا مثل فتحة باب "تيانمن" (ساحة السّلام السماويّة) ببيكين، والتي لديها على كلا الجانبين مصراعان كبيران. ولكي تتكوّنَ الشوانقوان وتزدهِـرَ في أسرع وقتٍ ممكن، فإنّ الأبواب لا تـُفتـَحُ إلاّ في حالاتٍ خُصوصيّةٍ قصوى ؛ الشّخص الذي يستطيـعُ الرّؤية بواسطة التيانمو في ذلك الحين لن يرى شيئًا ثانية ً، لم يعُد يُسمَحُ له بالرّؤية. بأيّ هدفٍ تظلّ مُعلـّقة ً هناك ؟ لأنّ قـنوات الجسم تصُبّ هنالك، إذن في ذلك الحين، كلّ القـنوات يجبُ أن تمُرّ بـالشّوانقوان وتعبُرَهُ بشكل دائريّ لِتخرُجَ منه إثر ذلك، والغاية من ذلك هي مُواصلة إرساء قواعد وتكوين هذه المجموعة من الأشياء داخل الشّوانقوان. بما أنّ الجسم البشريّ هو ميكروكوزم، فإنه سيُكوّن عالمًا صغيرًا فيه قد تكوّنت كلّ خُلاصات الجسم البشريّ. ومع ذلك فإنه لن يُكوّنَ سوى نظام مُعدّاتٍ ليس قابلاً بعدُ للاشتغال.

 

في شيولين طـُرُق"تشي مان قونق فا"(تعهّد وممارسة مدرسة البوّابة الجانبيّة)، يبقى الشّوانقوان مفتوحًا. عندما ينبثـقُ الشّوانقوان خارجًا، يتـّخذ ُ شكل أنبوبٍ مُستقيم، ولكنه يستديرُ شيئًا فشيئًا، لهذا السّبب، تظلّ الأبواب على كلتا الجهتين مفتوحة. بما أنّ طـُرُق "تشي مان قونق فا" لا تتعهّدُ لِيُصبح الشّخص بوذا ولا هي تتـّبِـعُ الطريـق (داوو)، فيجبُ على الشّخص أن يحرُسَ نفسهُ بنفسه. مدارس بوذا والدّاوُو تحتوي كلّ منهما على عددٍ كبير ٍ من المُعلـّمين، وكلـّهم يُمكن أن يحرُسوكَ، لذلك لستَ في حاجةٍ إلى الرّؤية، لن تحدُثَ لك مشاكل. بينما طـُرُق "تشي مان قونق فا" لا تستطيـعُ ذلك، على الممارس أن يحفـَظ نفسهُ بنفسهِ، لذلك يجبُ أن لا تغفـَـلَ أنظارُهُ. ورغم ذلك، في ذلك الحين، تكون التيانمو ترى أشبـهَ ما يكون بواسطة منظار  فلكيّ. بعد تكوّن هذه المجموعة من الأشياء، والتي تدومُ شهرًا تقريبًا، يبدأ في العودة. عندما يعود إلى داخل الرّأس، يُسمّى "شوانقوان هوان واي، xuanguan huan wei" (انتقال الممرّ الخفيّ).

 

يكون لدى الشّخص إحساس بانتفاخ مُؤلم أيضًا عندما يعود، ثمّ يخرُج ضاغطـًا على قناة "يوجان، Yuzhen" (في مُؤخـّرة الرّأس). الإحساس الذي يُولـّده عند خُروجه هو أيضـًا مُؤلم، كما لو كان الرّأس سينشقّ، وفجأة ً هاهو قد خرجَ، فيُحسّ الشّخص حالاً بالارتياح. إثر خُروجه يبقى مُعلـّقـًا في عالم عميق جدّا، إنه يُوجد على هيئة الجسم الموجود في ذلك العالم العميق جدّا، لذلك لا يُمكن أن ندُوسه عندما ننامُ. ولكنّ هناك مُلاحظة وهي أنه عند التـّأسّس الأوّل لشوانقوان، يُحسّ المرءُ بشيءٍ أمام عينيه ؛ رغم أنه يُوجد في العالم الآخر، يظلّ هناك الإحساس دائمًا بشيءٍ ضبابيّ أمام العينين، كما لو أنّ شيئًا مّا يحجُب النظر، يُحسّ المرءُ ببعض الضّيق وعدم الارتياح. بما أنّ قناة "يوجان" هي ممرّ رئيسيّ ومحوريّ، يجبُ أيضًا تكوين مجموعةٍ من الأشياء في مُؤخـّرة الرّأس، بعد ذلك، يبدأ الشوانقوان من جديدٍ في العودة. فتحة الممرّ الخفيّ هذه في الواقع لا تتمّ فقط في فتحةٍ واحدةٍ، يجبُ أن يُـغيّرَ مكانه عديد المرّات. عندما يعود إلى النيوان، يبدأ في النزول داخل الجسم، إلى أن يصِلَ إلى قناة "مينق مان، Mingmen "(بوّابة الحياة، في مستوى الفقرة الخامسة من الظهر) حيثُ ينبثـقُ من جديدٍ.

 

قناة "ميـنق مان" في الإنسان هي فتحة كبيرة ورئيسيّة وهامّة للغاية، وما تـُسمّيه المدرسة

 الطاويّة "تسياو" (فتحة)، نـُسمّيه نحنُ "قوان، Guan" (ممرّ). إنها ممرّ كبير ورئيسيّ، إنها حقـّا مثل بابٍ حديديّ، طبقات لا تـُحصى من الأبواب الحديديّة. الكلّ يعلمُ أنّ جسمنا ينقسِمُ إلى طبقاتٍ، خلايانا الحسيّة الحاليّة تـُمثل طبقة ً، الجُزيئات المُحتواة داخلها تـُمثل طبقة ً، ثمّ الذرّات، البروتونات، الالكترونات، مُـتناهية الصّغر، مُـتناهية الصّغر، مُـتناهية الصّغر وُصولاً إلى الجُزيئات الغاية في الدّقّة، في كلّ طبقةٍ، يُوجد هناك باب. لذلك السّبب، الكثير من قدرات القونق والكثير من العناصر الخارقة، تكون الأقفال مُغلقة ًعليها داخل مُختلف هذه الأبواب. في طـُرُق ٍ أخرى تقوم بتمارين كيمياء الإكسير، عند انفجار الإكسير، يجبُ أوّلاً تفجير قناة "ميـنق مان"، وإلاّ فإنّ قدرات القونق لا تستطيـعُ أن تتحرّرَ. عندما يُـتمّ الشّوانقوان تكوين هذه المجموعة من الأشياء في قناة "ميـنق مان"، يعودُ من جديدٍ إلى الدّاخـل. ثمّ يــبدأ في الرّجوع إلى منطقة أسفـل البطن، يُسمّى هذا بـ"شوانقوان قي واي، xuanguan gui wei" (رجوع الممرّ الخفيّ).                                       

 

رُجوعُه لا يعني أنه يعودُ إلى مكانه الأصليّ. في ذلك الحين، يكون اليوان يينق قد أصبح كبيرًا فعلاً، فتـُغطي الفـُـقاعة اليوان يينق وتضمّهُ. عندما يكبُر اليوان يينق، هي تكبُرُ أيضًا. في المدرسة الطاويّة، عندما يبلغُ الـيوان يينق هيئة طفل في حواليْ 6-7 سنواتٍ، يتركونه يُفارق الجسمَ، ويُسمّى هذا "ولادة اليوان يينق". يُمكنه إذن أن يخرُجَ ويقومَ بنشاطاتٍ تحت مُراقبة الرّوح الأصليّة للإنسان.  يظلّ الجسم البشريّ هنالك، دون حراكٍ، في وضعيّة التأمّـل، وتخرُج منه روحه الأصليّة. عُمومًا في مدرسة بوذا، عندما يبلـُغُ اليوان يينق بواسطة الشّيولين قامة الممارس نفسه، لا يعودُ يتهدّدهُ أيّ خطر. فيسمحون له آنذاك بُمفارقة الجسد ويُمكنه الانفصال عن الجسد والخُروج. في تلك المرحلة، يكون اليوان يينق له تقريبًا نفس كِبَر الممارس، وتكون قبّة الفقاعة (الغطاء) أيضًا كبيرة ً، بل أنها تنتشرُ خارج الجسم، وهذا هو الشّوانقوان. بما أنّ اليوان يينق قد أصبح الآن كبيرًا إلى ذلك الحدّ، فإنه يتمدّد طبيعيّا إلى خارج الجسم.

 

ربّما تكونون قد رأيتم تماثيل أو صور بوذا في المعبد، ترَوْنها دائمًا تقعُ وسط دائرةٍ، وخاصّة في الصّوَر التي تـُمثل بوذا، هناك دائمًا دائرة تـُحيط بالبوذا وهو جالسٌ. عديدة هي صُور بوذا من هذا النوع، وخُصوصًا تلك التي في المعابد القديمة. لماذا يجلس البوذا داخل دائرةٍ، لا يستطيـعُ أحد تفسير هذا. أنا أخبركم أنّ ذلك هو الممرّ الخفيّ "شوانقوان". ولكنه آنذاك لم يعُدْ يُدعى"شوانقوان"، بل يُسمّونهُ العالم، ولكن لا يُمكن بعدُ تمامًا أن يُسمّى العالم. هذا الأخير ليس لديه سوى تلك المجموعة من المُعدّات والتـّجهيزات، مثل مصنع مُزوّدٍ بالتـّجهيزات ولكنه غيرُ قادر بعدُ على الإنتاج، يلزمُهُ الطاقة والموادّ الأوليّة لكي يكونَ قادرًا على الإنتاج. منذ سنين قليلة، كان الكثير من المُمارسين يدّعون: "إنّ طاقتي أكثر ارتفاعـًا من طاقة البودهيساتفا، إنها أكثر ارتفاعًا من طاقة بوذا"، وكان الآخرون يجدون هذا مُستحيل التصديق. فعلاً، لم يكونوا يُبالغون بالمرّة، يجبُ حقـّا أن نجعل طاقته تصِلُ إلى مستوىً عال جدّا أثناء ممارسته في شي دجيان فا.

 

إذن، لماذا يظهرُ هذا النوع من الحالات، حيثُ يكون الشّخص أعلى من بوذا في ممارسته ؟ لا يجبُ فهم الأمر بطريقةٍ سطحيّةٍ، إنّ طاقته هي حقـّا عالية جدّا. لأنه عندما يكون قد بلغ عبر الشّيولين مُستوىً عال جدّا في ممارسته، يكون على وَشك إطلاق القونق واليَقظة، وتكون طاقته حقـّا عالية ًجدّا. في الثانية الأخيرة قـُـبَـيْل إطلاق القونق واليَقظة، ثمانية أعشار من طاقته يجبُ أن تـُفـْصَلَ ونفس الشّيء بالنسبة لمقياس السين سينغ (العمود المُرقــّم) الذي يتبعُه. يتمّ استعمال هذه الطاقة لإثراء عالمه الخاصّ. الكلّ يعلمُ أنّ قونق الممارس، ونفس الشّيء بالنسبة لمقياس السين سينغ لديه، هي أشياء مُكتسبة عبر عديد وعديد المِحن التي تحمّـلها الشّخص طيلة حياته، عبر الآلام، وعبر الشّيولين في ظروفٍ صعبةٍ، لذلك هي أشياء ثمينة إلى درجةٍ قصوى. تـُؤخـَذ ثمانية أعشار من هذه الأشياء الثمينة للغاية لإثراء عالمه، لذلك، عندما سينجحُ في الشّيولين، حالما يمُدّ يدهُ في الفضاء فهو ينالُ كلّ ما يُريده، يُمكن أن يحصُلَ على كلّ ما يرغبُ فيه، تحقيق كلّ ما يُريد فعلهُ، لن يفتقِرَ إلى شيءٍ في عالمه. تلك هي مكاسب الدّو الناتجة عن المِحن التي تحمّـلها في الشيولين.

 

هذه الطاقة التي بحوْزته يُمكن أن تستحيلَ إلى أيّ شيءٍ حسب إرادته. لذلك يستطيـعُ البوذا أن يحصُـلَ على أيّ شيءٍ يرغبُ فيه، أيّ شيءٍ يُريد أن يأكُـلهُ وأيّ شيءٍ يُريد أن يلهُوَ به، إنه يمتلكُ أيّ شيءٍ، كلّ هذا ناتج عن تعهّده وممارسته، وذلك هو مقامُ بوذيّـته، بدون ذلك، لن يُمكنه النجاح في الشّيولين. في ذلك الحين، يُمكن أن نـُسمّيه عالمه الخاصّ (أو جنته الخاصّة)، ولم يبقَ له الآن إلاّ عُـشُرَيْ القونق لكي يصل إلى الكمال وإلى الطريق. ورغم أنه لم يعُد لديه سوى عُشُرَيْ طاقته، فإنّ جسمه لم يعُد مُقفلاً. وإمّا أنه لا يحتفظ بجسمه (لا يأخذه معه)، أو أنه يأخذه معه ولكنه يكون قد تحوّل إلى مادّةٍ طاقيّة عُـليا ؛ في ذلك الحين، يُمكنه أن يُظهرَ قدراته الإلهيّة، وقوّته ستكون جبّارة وليس لها مثيل. بينما أثناء تعهّده وممارسته وسط الناس العاديّين، كان جسمه عمومًا مُـغلقـًا ولم تكُن لديه مثل تلك القدُرات الكبيرة، مهما يكُن عُلوّ طاقته فقد كان محدودًا ؛ ولكنّ كلّ شيءٍ سيكون مُختلفـًا الآن.


المحاضرة الخامسة

 

 

الرسم البياني للفالون

 

إنّ "الفالون" (عجلة الشّرع) هو رمز مدرستنا "الفالون دافا، Falun DaFa" (الشّرع الأكبر لعجلة الشّرع). الناس المُزوّدون بقدرات القونق، يستطيعون رؤية هذا الفالون وهو في حالة دوران. ونفس الشّيء بالنسبة لهذه الرّموز الصّغيرة للفالون، هي في حالة دوران. نحن نقوم بالممارسة وفقـًا لطبـع الكون: الحقّ، الرّحمة، الصّبر الذي يقود تعهّدنا وممارستنا، ووفقـًا لقوانين تطوّر الكون، ولهذا فإنّ القونق الذي نـُمارسه هو حقـّا عظيم. بمعنى آخر فإنّ هذا الرّسم البيانيّ للفالون هُو بمثابة صورةٍ مُصغـّرةٍ للكون. إنّ مدرسة بوذا تدعو الكون "عالم الاتـّجاهات العشر": هناك الاتـّجاهات الرّئيسيّة الأربـع وأربـع اتـّجاهات مُجانبة لها، هذه إذن ثمانية، وهناك البعض يضعُ في الاعتبار وُجود عمود قونق من فوق وعمود قونق من أسفل، وباحتسابهما نصِلُ إلى نظريّة العالم ذي الاتـّجاهات العشر الذي يُمثـل الكون، إنه يُمثـل بالنسبة لمدرسة بوذا خـُلاصة الكون.   

                                                    

 بدون شكّ ، هناك مجرّات لا تـُحصى في هذا الكون بما فيها مجرّتنا نحنُ درب اللبانة. كلّ الكون في حركةٍ دائمةٍ، كلّ المجرّات التي تـُكوّنه هي أيضًا في حركة، لهذا السّبب فإنّ رموز"التاييشي، Taiji" والرّموز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  الصّغيرة في هذا الرّسم البيانيّ تدُورُ أيضًا، كلّ الفالون يدور والرّمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  الكبير الموجود في الوسط يدورُ هو أيضًا. بمعنى أو بآخر، هذا الأخير يرمُـزُ إلى مجرّتنا درب اللبانة ؛ وفي نفس الوقت طريقتنا تنتمي إلى مدرسة بوذا، لذلك فإنّ علامة مدرسة بوذا موضوعة في الوسط، هذا ما يتعلـّق بشكله الظاهريّ. كلّ الموادّ على اختلافها وتنوّعها لها أشكال وُجود في عوالم أخرى، وهناك تكون مسارات تطوّرها وأشكال وجودها متنوّعة جدّا وعلى غايةٍ من التعقيد. هذه الصورة التي تـُمثل الفالون هي الصّورة المُصغـّرة للكون، وفي كلّ العوالم الأخرى أيضًا لهُ أشكال وُجوده الخاصّة به ومسارات تطوّره وتحوّله، لهذا أقولُ أنهُ عالمٌ بأسرهِ.

                                                                                                                                                                      

يستطيـعُ الفالون أن يمتصّ آليّا الطاقة المُنبعثة من الكون أثناء دَوَرانه في اتـّجاه عقارب السّاعة، وأن يبعث الطاقة أثناء دَوَرانه في الاتـّجاه المُعاكس. إنّ دَوَرانه نحو الدّاخل (في اتـّجاه عقارب السّاعة) يحملُ معه خلاص الذات للمُمارس،ودَوَرانه نحو الخارج (في الاتـّجاه المُعاكس) يحملُ معه الخلاص للآخرين، وهذه هي الخاصّية المُميّزة لطريقتـنا. البعض يتساءلون:"نحن ننتمي إلى مدرسة بوذا، لماذا إذن يُوجدُ التاييشي ؟ ألا ينتمي هذا الأخير إلى المدرسة الطاويّة ؟"ذلك أنّ القونق الذي نـُمارسه عظيمٌ حقـّا، إنه بمثابة الممارسة على نطاق كلّ الكون. تأمّلوا إذن، في هذا الكون تـُوجدُ مدرستان كُبريان: مدرسة بوذا ومدرسة الدّاوُو. لا نستطيـعُ أن نـُؤلـّف كونـًا تامّا إذا أقصينا إحداهُما، في هذه الحالة لا يمكننا القول بوُجود كون كامل. لذلك تـُوجدُ عندنا عناصر من المدرسة الطاويّة. البعض الآخر يقولون:"في هذه الحالة، لا تـُوجدُ فقط المدرسة الطاويّة بل أيضًا المسيحيّة، الكونفوشيوسيّة والدّيانات الأخرى...الخ" في هذا الصّدد دعوني أقل  لكم أنّ الكونفوشيوسيّة في أعلى  درجات ممارستها تعودُ في الواقع إلى المدرسة الطاويّة، بينما الكثيرُ من الدّيانات الغربيّة في أعلى درجات ممارستها تعودُ في الواقع إلى مدرسة بوذا، أي أنـّها تنتمي إلى نظام مدرسة بوذا. في الحقيقة لا يُوجدُ سوى هذين النـّـظامين الكُبرَيَـيْن.                                                                                                          

                                                   

لماذا نجدُ في الرّسم البيانيّ للـتاييشي، رمزَيْ تاييشي اثنين أحمرين من فوق وأزرقين من أسفل وأخريَـيْن أحمرين من فوق وأسودين من أسفل ؟ حسب المعارف العامّة، يتكوّن الـتاييشي من مادّتين: واحدة بيضاء والأخرى سوداء وهما تشي اليين وتشي اليانق. هذا يُعتبرُ معرفة  سطحيّة  جدّا، لأنه في مُختلف العوالم لهما أشكال وجودهما الخاصّة بهذه العوالم. في أعلى مُستوى على الإطلاق، ألوانهما هي نفسُها المُـتمثـّـلة عندنا. ورمز الدّاوو الذي نتحدّث عنه في المُعتاد، يكون قسمُهُ العلويّ أحمر اللـّون وقسمه السفليّ أسودًا. فلنذكُرْ مثالاً لِنـُوضّح المسألة: البعض منـّا ممّن عينه الثالثة مفتوحة، يُلاحظ أنّ ما يراهُ بعينه أحمر اللـّون يُرى في عالم آخر بفارق مُستوى واحدٍ لا غير أخضـر اللـّون. أمّا اللـّّون الذهبي فـيُرى هناك بنفسجيّـا. يُوجدُ هذا التــّـقابل في الألوان، أي أنّ الألوان تتغيّـرُ بتغيّـر العوالم. إنّ التاييشي الحُمْر في الأعلى والزّرق في الأسفل تندرجُ ضمن مدرسة "الطريـق الطـاويّـة الأصـليّـة الكُـبرى" (سيـان تيـان دا داوُو،xian tian da dao) التي تضُمّ أيضًا طريقة "البوّابة الخاصّـة" فـي التعهّد والممارسة (تشـي مـان شيوليـن فامـان). إنّ الرّموز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  الأربعة الصّـغيرة المُوزّعة على الاتـّجاهات الأربـعة الرئيسـيّة مصدرُها المدرسة البوذيّة ونفس الشّـيء بالنسبة للـرّمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  الأوسط، كلـّها قادمـة من المدرسـة البوذيّـة. أمّـا ألوان هـذا الفالون فـهي مُشعّـة نسبيّـا لذلك نـتـّـخذه شـعـارًا لمدرستـنا الفالون دافـا.

                                                              

 إنّ الفالون الذي نراهُ عن طريق التيانمو ليس بالضّرورة بهذا اللـّون. إنّ لونهُ يُمكنُ أن يتغيّر ولكنّ شكلهُ لا يتغيّر. أثناء دوران الفالون الذي وضعتـُهُ في منطقة أسفل البطن في جسم كلّ واحد منكم، سوف ترَونهُ عبر التيانمو رُبّما أحمرًا أو بنفسجيّا أو أخضرًا أو بدون لون. بالفعل، سيتغيّرُ لونُ خلفيّته ويكونُ تارة ً أحمرًا وتارة ً برتقاليّا وتارة ً أخرى أصفرًا أو أخضرًا أو أزرقــًا أو نيليّا أو بنفسجيّا، لذلك يُمكن أن تـُشاهدوهُ بمُختلف الألوان، أمّا ألوان وأشكال الرّموز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  والتاييشي فإنها لن تتغيّر. لقد رأينا أنّ هذا اللون الخلفيّ جميل ومُشرق لذلك وقع اختيارنا عليه. أولئك المُـزوّدون بقدرات قونق يستطيعون أن يتجاوزُوا هذا العالم الأرضيّ ويَرَوْا أشياء أخرى كثيرة.    

                                                                                       

البعض لاحَظَ أنّ هذا الرّمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  يُذكّـرُنا بشعار"هتلر". وأنا أقولُ لكم أنّ هذه العلامة في ذاتها لا تحملُ أيّ دلالة طبقيّة. البعضُ يقولُ: "لو أنّ هذه الفروع كانت مُوجّهة إلى الناحية الأخرى لكان هُو شعار هتلر تمامًا". المسألة لا تكمُن هناك بما أنّ هذا الرّمز يدورُ في الاتـّجاهين. المسألة تكمُن في أنّ هذه العلامة معروفة في المُجتمع الإنسانيّ منذ ألفين وخمسمائة سنة، منذ عهد ساكياموني ؛ بينما هتلر والحرب العالميّة الثانية لا يرجعُ عهدُهما سوى إلى بعض العقود من  السّـنين، في الحقيقة إنّ هتلر هو الذي قام بسرقة الشّعار وتقليده، يبقى أنّ شعارنا وشعاره يختلفان فشعارُهُ أسود اللون ثمّ إنهُ يُمثلهُ مُـنتصبًا عموديّا على خطه القطريّ وحدّ أحد فرُوعِهِ مُسدّدٌ نحو الأعلى. فلنتوقف عند هذا الحدّ بخـُصوص الفالون عِلمًا وأننا لم نتطرّق في حديثنا سوى إلى شكله الظاهري.

                                                                                    

كيف ترى البوذيّة الرّمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif ؟ البعضُ يقولُ أنـّهُ علامة يُمن وبرَكَةٍ، ولكنّ هذا لا يعدُو أن يكون وجهة نظر أناس عاديّين. هاأنذا أقولُ لكُم، إنّ الرّمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  هُو دلالة على مرتبة بوذا. لا يملِكُ هذا الرّمز إلاّ من بَـلغ درجة بوذا. في العادة لا يملِكُهُ مثلاً البودهيساتفا والأرهات ولكن هذا لا يمنعُ أنّ بودهيساتفا عِظامًا مثل البودهيساتفا الأربعة الكِبار يملكونه. نحنُ نـُُلاحِظ أنّ هؤُلاء البودهيساتفا الكِبار يفوقون بدرجات كثيرة درجة البوذا العاديّين، بل إنـّهم يفوقون حتى درجة التاتهاقاتا. إنّ البوذا الذين تجاوزُوا مُستوى التاتهاقاتا لا حصْرَ لهُم. إنّ التاتهاقاتا لا يملكُ سوى رمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  واحِدًا، وعندما يتجاوَزُ مُستوى التاتهاقاتا، ذلك الرّمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  يتكاثرُ. عندما يتجاوُزُهُ بدرجةٍ يُصبِحُ هناك رمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  اثنان، وعندما يتجاوُزُهُ بدرجة أخرى يُصبِحُ هناك ثلاثة، أربعة، خمسة... وُصُولاً إلى عددٍ يُمكنُ أن يُغطي كامل الجسم. فهذه الرّموز يُمكن أن تظهر في الرّأس، في الكتفين والرّكبتين، وإن لم تتمكّن هذه الأمكنة من احتوائِها كُلـّها، فإنها تظهَرُ على راحتيْ اليديْن، تحت الأصابـع، على أكـُفّ القدمين وأسفل أصابـع القدمين. وتبَعًا للارتقاء المُـتواصل في المرتبة، لا يكُفّ رمز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  عن التزايُد. وهكذا تـُمثل رُموز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif  علامة مرتبة بوذا، كلـّما كانت هذه المرتبة مُرتفعة، كلـّما كان يملِكُ رُموز https://www.falundafa.org/book/ara/ZFL_in_Arabic_files/image011.gif .

 

 

 طريقة البوابة الخاصة "تشي مان قونق فا، Qi men gong Fa"                            

 

بالإضافة إلى طريقة مدرسة بوذا ومدرسة الداوُو، توجدُ أيضًا طريقة البوّابة الخاصّة (تشي مان قونق فا) والتي تـُسمّى أيضًا شيولين البوّابة الخاصّة (تشي مان شيولين،Qi men xiulian). بخُصوص طرق الشّيولين، هناك لدى الناس العاديّين رأي قائم الذات منذ العهد الصّينيّ القديم وإلى يومنا هذا: وهو أنّ طرق مدرستي بوذا والدّاوو هي طرق شيولين أورتودوكسيّة (مستقيمة وصارمة) وهي تـُدعى أيضًا شيولين الطرق القويمة. طريقة البوّابة الخاصّة هذه لم يتمّ أبدًا نشرُها وسط العامّة وقلة قليلة من الناس يعلمون بوُجودها، ولا نجدُ ذكرها سوى في الآثار الفنـّية والأدبيّة.

 

وهل توجد طريقة البوّابة الخاصّة في أيّامنا هذه ؟ بدون شكّ. أثناء تعهّدي وممارستي، وخاصّة ً في السّـنين الأخيرة، التقيتُ بثلاثة مُعلمين كبار من طريقة البوّابة الخاصّة، وقد بلـّغوني خـُلاصة طريقتهم، والتي هي مُتفرّدة فعلا وجيّدة جدّا. ولكن نظرًا إلى أنّ طريقة عملهم خاصّة جدّا، فإنّ نتيجة الممارسة تبدُو غريبة نوعًا مّا ولا تـُدركـُها أفهام أغلب الناس. ثمّ إنهم يُعلنون ما يلي: "لا بوذا ولا داوُو" (فاي فو فاي داوو، Fei Fo fei Dao)، ليس هدف العمل الرّوحيّ أن يُصبح المرءُ بوذا ولا أن يلتحق بطريق الدّاوو. عندما عرف الناس أنهم لا يتعهّدون بوذا ولا الدّاوو، نعتوا طريقتهم بـ:"البوّابة الجانبيّة" أو "طريق يساريّة" (بانقمان تسوو داوو، Pangmen zuodao). أمّا هم فـيُسمّون طريقتهم "الطريقة الخاصّة". في الحقيقة تسمية "بانقمان تسو داوو" تكتسي صبغة انتقاص ولكنـّها ليست سلبيّة، إذ لا نعني هـُـنا أنـّها طريق شيطانيّة، هذا أكيد. حتى بالمعنى الحرفيّ للكلمة لا شيء يدُلّ على كونها طريقـًا شيطانيّة ً. منذ القـِدَم، يُعتبرُ طريق بوذا والدّاوو تعهّدًا وممارسة ً في الطريق المُستقيم، بينما ذلك النوع من الطرق التي يجهلـُها الجميـع تـُدعى "بانقمان" (بوّابة جانبيّة) أي أنها تـُمثـّـل بابًا جانبيّا وليست مدرسة شرع أورتودوكسيّة. وما معنى "تسوو داوو" (طريق يساريّة) ؟ يساريّة هنا بمعنى مُـلتوية : طريق مُـلتوية. "يساريّ" في اللغة الصّينيّة القديمة تعني غالبًا : مُلتوي، مُتعثـّر. هذا هو تفسير"بوّابة جانبيّة" و"طريق يساريّة".

 

ولماذا ليست هي بالطريق الشّيطانيّة ؟ لأنّ لها أيضًا شروطها الصّارمة بخصوص السين سينغ ؛ والتعهّد والممارسة في رِحابها يتمّان هما أيضًا وِفق صفات الكون، إنـّها لا تخرقُ طبيعة هذا الكون ولا نامُوسَهُ، وهي لا تقودُ إلى ارتكاب أعمال سيّئة، لذلك لا يجبُ اعتبارُها طريقـًا شيطانيّة . بالفعل، ليست طبيعة كوننا هي التي تمتـثـِلُ لطرق شيولين بوذا والدّاوو بل طرق شيولين بوذا والدّاوو هي التي تمتـثـِلُ للطبيعة الخاصّة للكون وهكذا هي تـُجسّدُ الشّرع الحقّ. إن كان شيولين طريقة البوّابة الخاصّة يتـّـفق في طبعه مع طبـع الكون، لا ينبغي إلحاقهُ بالممارسة الشّيطانيّة. هو أيضًا شرعٌ حقّ. لأنّ الطبيعة الخاصّة بالكون هي المقياس والمرجع لتحديد ما هو الخير وما هو الشّر، ما هو الجيّد وماهو السّيّء. حينما تـُملي هذه الطريقة تعهّدها وممارستها حسب طبيعة الكون، فهي تسيرُ على المنهج الصّحيـح. يبقى أنّ شروطها وخاصّياتها تختلفُ عن شُروط وخاصّيات مدارس بوذا والدّاوو. إنها لا تتولـّى تلقين تعاليمها للمُريدين على نطاق واسع، بل فقط لعددٍ صغير من الناس. بينما مدرسة الدّاوو تتـّـخذ عددًا كبيرًا من المُريدين، ولكنها تـُلقـّنُ واحدًا فقط من بينهم المعرفة الحقيقيّة. أمّا مدرسة بوذا فتتكلمُ عن تخليص جميـع كائنات الكون، إذن من لهُ القدرة على التعهّد والممارسة فلْــيَفـْعلْ.

 

إنّ طريقة البوّابة الخاصّة لايتمّ تلقينـُها أبدًا لأكثر من فردٍ واحدٍ يكونُ مُختارًا عبر فترةٍ زمنيّةٍ طويلةٍ جدّا، لذلك، على مرّ العصور، لم يَـرَ الناس العاديّون ما يتعلـّقُ بهذه الطريقة. بالطبع  أثناء موجة التشيكونق الكُبرى، لاحظتُ أنّ عددًا قليلاً من أفراد هذه المدرسة غادروا خلواتِهم لينشُروا طرقهم. ولكن إثر مُضيّ بعض الوقت على هذا النـّشر بين العامّة، اصطدمُوا بوضعيّة مُستحيلة، لأنّ مُعلـّمهم لا يسمحُ لهم بتاتـًا بالكشف عن بعض الأشياء. إن كُنتم تـُريدون نشر طريقةٍ مّا بين العامّة، فإنكم لن تستطيعُوا التمييز بين التلاميذ ؛ إنّ الناس الذين يأتون للتـّعلـّم نجدُ طبيعة أخلاقهم ونفوسهم تقعُ على مُستويات مُختلفة كلّ الاختلاف. إنكم بإزاء ناس من أصنافٍ مُختلفةٍ، وبإزاء مفاهيم مُتنوّعة أشدّ التـّنوّع لذلك لا تستطيعون اختيار المُريدين. لذلك فإنّ نشر طريقة البوّابة الخاصّة مُستحيل، إنه يعني المُجازفة بعدّة أشياء، لأنّ ما تـُفضي إليه خاصّ جدّا.

 

البعض يتساءلُ: "إن كانت مدرسة بوذا تهدِفُ لبلوغ مرتبة بوذا، والمدرسة الطاويّة تهدِفُ لتكوين "الإنسان الحقّ"، إذن ماذا يُمكن لتلميذ طريقة البوّابة الخاصّة أن يبلـُغهُ عبر الشّيولين ؟" سيصيرُ "سماويّا خالدًا حُرّا" (سان سيان، San xian) لا يملِكُ عالمًا مُحدّدًا في الكون. الكُلّ يعلمُ أنّ البوذا تاتهاقاتا ساكياموني يملِكُ عالمهُ "السّووبو، Suopo" والبوذا أميتابها عالم السّعادة الكاملة، والبوذا بهايشاياقورو عالم اللاّزورد ؛ كلّ من التاتهاقاتا والبُوذا الكِبار له مملكته السّماويّة التي أشرف بنفسه على تنظيمها وحيثُ يعيشُ الكثير من مُريديه. ولكن من ينبثقُ من طريقة البوّابة الخاصّة لا يملِكُ عالمًا مُحدّدًا، هؤلاء سيعيشون كسماويّين خالدين أحرار ومُتحقـّـقين هائمين.

 

 

 ممارسة الطريق الشيطانية

 

ماهي ممارسة الطريق الشيطانيّة ؟ إنها تكتسي أشكالاً عديدة ً: هناك أناسٌ مُتخصّصون في ممارسة الطريق الشيطانيّة، لأنّ هذه الأخيرة هي أيضًا تمّ تلقينـُها وتناقلـُها عبر الزّمن. ولماذا تمّ تلقينها ؟ لأنّ البعض يسعوْن وراء الشّهرة، الرّبح والثروة وسط الناس العاديّين، وهذا ما يهدفون إليه. من المُؤكّد أنّ طبيعة نفوسهم وأخلاقهم غير عالية، وهم لا يستطيعون إذن تحصيل القونق. ماذا بإمكانهم أن يُحصّـلوا إذن ؟ الكارما. عندما تصبح كارما الإنسان ثقيلة جدّا، فهي تستطيـعُ أن تكوّن نوعًا من الطاقة أيضًا. رغم ذلك ليس لديهم أيّ مُستوىً ولا يُمكن مُقارنتهم بممارس القونق، ولكنهم يستطيعون اكتساب نفوذٍ على الناس العاديّين. لأن هذا الشيء يتمثل أيضًا في طاقة، عندما تكون كثافتها كبيرة، يُمكنها كذلك أن تقوّي قدرات وخوارق القونق في جسم الإنسان، نعم يُمكن أن يكون لها هذا المفعول ؛ لذلك يتناقـلُ البعض منذ القديم المقولة التالية: "عندما أقوم بأفعال الشرّ، عندما أتلفـّـظ بشتائم، أستطيـعُ أن أنمّي القونق". في الحقيقة ليس القونق هو الذي ينمو، وإنما كثافة المادّة السّوداء هي التي تنمو، لأنّ ارتكاب السّيئات ما يتولـّدُ عنه هو المادّة السّوداء – الكارما. وانطلاقــًا من ذلك، هذه الكارما يُمكن أن تـُدعّم قدراتهم الصّغرى التي يملكونها منذ الولادة ؛ وهكذا تنمو عندهم قدرات قونق صغيرة، وليس بإمكانهم استخدامُها للقيام بأشياء كبيرة. الأشخاص من هذا النوع يعتبرون أنّ ارتكاب الأفعال السّيئة من شأنه أن يُـنمّي القونق، هذا ما يظنـّونهُ.

 

بعضهم يقولُ: "عندما يرتفعُ الطريق قدمًا، يتجاوزه الشّيطان بقامةٍ". لا يعدو هذا أن يكون هرطقة ً مُشاعة ً بين الناس العاديّين، إنّ الشّيطان لا يستطيـع أبدًا أن يتجاوز الطريق. هذا لأنّ الكون الذي تعرفه الإنسانيّة ليس غير كون صغير ضمن أكوان لا حصرَ لها، ونحنُ ندعوه ببساطةٍ "الكون". أثناء العُصور الزمنيّة الكبيرة وبصفة دوريّةٍ تعصفُ كارثة كونيّة بكوننا هذا. هذه الكارثة يُمكن أن تـُدمّرَ كلّ ما في الكون، بما في ذلك الكواكب، كلّ أشكال الحياة في الكون يُمكن أن تـُدَمّرَ. إنّ حركة الكون تسيرُ أيضًا وفق قوانين. في الدّورة الزمنيّة الحاليّة وفي كوننا هذا، ليست الإنسانيّة وحدها هي التي شذت عن السّبيل السويّ وفسَدَت ؛ العديد من أشكال الحياة الأخرى شهدت هذه الظاهرة: حاليّا لقد وقع انفجار عظيم في فضاء هذا الكون. الفلكيّون لا يستطيعون أن يرَوْهُ بعدُ، لأنه حتـّى وبالاعتماد على أدقّ منظار فضائيّ، لا نستطيـعُ اليوم أن نرَى سوى ما حدثَ منذ مائة وخمسين ألف سنةٍ ضوئيّةٍ. فإن كنـّا نـُريدُ مشاهدة التغيّرات الحاليّة للجسم الكونيّ، علينا أن ننتظر مائة وخمسين ألف سنة ضوئيّة، وهو زمنٌ طويلٌ إلى أبعد حدّ.

 

حاليّا، كلّ الكون يشهدُ تغيّرًا عظيمًا ؛ في كلّ مرّة حدث فيها هذا التـغيّـر، كلّ أشكال الحياة في الكون بأسرهِ تتـمّ إبادتـُها وإفناؤها، إفناؤها تمامًا. في كلّ مرّة، ما كان يختصّ به الكون السّابق وكلّ ما كان يضمّه وَجَبَ أن يُفـَجّرَ ويُدَمّرَ، أغلبيّة الحياتات تـُـدَمّرُ بواسطة الانفجار. ورغم ذلك،  تبَيّنَ في الماضي أنّ هناك حياتات بقيت رغم كلّ شيءٍ. عندما يتِمّ تكوين كون جديدٍ من قِبل المُتحققين الكبار ذوي الدّرجات المُـتناهية في العُلوّ، يُوجد هناك رغم كلّ شيء ناجُون من الانفجار بقوا على قيد الحياة. المُتحققون الكبار يصُوغون الكون وفق خاصّياتهم ومقاييسهم الخاصّة، ممّا يجعلُ من طبيعة الكون الجديد مُختلفة عن سابقـتها.

 

 أولئك الذين لم يهلكوا في الانفجار، يتصرّفون في الكون حسب الخاصّيات التي كانت تـُوجد فيما قبلُ ومُـتـّبعين القوانين السّابقة. بينما الكون الذي أنشِأ حديثـًا يتصرّفُ حسب خاصّياته الجديدة ويستجيبُ للأنظمة الكونيّة الجديدة. وهذا ينتـُجُ عنه أنّ من لم يموتوا في الانفجار يُصبحون شياطين يُعطـّـلون نظام هذا الكون. ولكنهم ليسوا سيّئين بالأساس، هم فقط يتصرّفون حسب خاصّيات الكون في الدّورة الزمنيّة السّابقة، إنّ هؤلاء هم الذين نـُسمّيهم "شياطين السّماء". ولكنهم لا يُشكّـلون أيّ خطر على الناس العاديّين ولا يُـلحقون أبدًا الضّرر بالإنسان، هم فقط يسيرون وفق قواعدهم وقوانينهم الخاصّة. في السّابق، لم يكن مسموحًا للناس العاديّين أن يطـّـلِعوا على كلّ هذا، ها أنذا أقولُ لكم: هناك عدد كبيرٌ من البوذا الذين تجاوزوا مرتبة تاتهاقاتا،   وبالمُقارنة معهم فإنّ هؤلاء الشياطين السّماويّين ضئيلون ولا يُحتـَسَبُ عددهم. الشّيخوخة والمرض والموت هي أيضًا نوعٌ منالشياطين، ولكنها موجودة لتـُحافظ على طبيعة الكون.

 

تتحدّث البوذيّة عن سامسارا الدّروب الستـّـة، وتذكر مسألة درب "الآشورا،Asuras "، في الواقع هم كائنات تعيشُ في بُعدٍ مختلفٍ ولكنهم لا يملكون طبيعة ً إنسانيّة ً. في نظر المتحققين الكبار، هم في مستوى سفليّ جدّا ومُجرّدون من كلّ قوّة، أمّا في نظر الناس العاديّين يُمكن أن يبدوا مُرعبين، فهم مُزوّدون بكمّية من الطاقة، وهم يعتبرون الناس العاديّين حيواناتٍ لذلك يُحبّون أكلهم. في هذه السّـنوات الأخيرة، ظهروا هم أيضًا لتعليم طرقهم. ولكن أيّ مخلوقاتٍ هم ؟ انظروا إلى وجوههم، هل يُمكن أن يُشبهوا كائنات بشريّة ؟ إنّ ذلك مُريـعٌ حقـّا، كلّ من يتعلـّم طريقتهم يجب أن يذهب معهم إلى عالمهم ويصيرَ مثلهم.  بعضهم ليس لديه تفكير مستقيم أثناء ممارسته ؛ عندما تتـّـفق أفكاره مع أفكار هؤلاء الكائنات، فإنهم يأتون لتلقينه. فكرة مُستقيمة واحدة تغلِبُ مائة ً من الشّرور ؛ عندما لا تسعوْن وراء أيّ مأرب شخصيّ، لا أحد سيجرُؤُ على إزعاجكم. إن كانت الأفكار الشّيطانيّة هي التي تـُحرّككم، إن كنتم تسعوْن وراء أشياء سيّئة، سيأتون لمساعدتكم، وستتـّجهُ ممارستكم في المنحى الشّيطانيّ، هذا ما يمكن أن يحدُثَ.

 

يوجدُ أيضًا ما يمكن أن نسمّيه الممارسة اللاّواعية للطريق الشيطانيّة. ماهي الممارسة اللاّواعية للطريق الشيطانيّة ؟ إنها ممارسة الطريق الشيطانيّة بدون إدراك. وهذا واردٌ جدّا بل شائع ومنتشر حقـّا. مثلما قلتُ في اليوم الفارط، الكثير يقومون بالممارسة وفي أذهانهم أفكار سيّئة ؛ إننا نراهم يقومون بالتـّمارين وُقوفـًا، أيديهم ترتعش من أثر التعب وأرجلهم أيضًا. ولكنّ رؤوسهم تعُجّ بشتـّى المشاغل، هاهُم يُفكّرون: "الأسعار على وشك الارتفاع، يجب أن أذهب للقيام ببعض المُشتريات، سأذهب مباشرة إثر الممارسة وإلاّ سوف يشملـُـني ارتفاع الأسعار." البعض الآخر يُفكّر: "لقد بدؤوا في توزيـع مساكن في مُؤسّسة عملي، هل سيكون لي فيها نصيب ؟ إنّ علاقتي ليست طيّبة مع المُوظف المُكلـّف بهذه العمليّة." ومع مواصلة التفكير في ذلك، يتصاعدُ غضبه شيئـًا فشيئـًا، "لن يُعطيني شيئًا، هذا أكيد، كيف يمكنني أن أتصدّى له ؟" مُختلف الأفكار تجول بأذهانهم. ومثلما قلتُ، يجترّون من الدّاخل مواضيـع شتـّى انطلاقــًا من العائلة والحياة الزوجيّة وُصولاً إلى الأحداث الدّوليّة الكُبرى.

 

ممارسة القونق تستوجبُ إيلاء كلّ الاهتمام للفضيلة (دو) ؛ عند الممارسة، إن لم تكن لكم أفكار طيّبة، فعلى الأقلّ لا تـُفكّروا أفكارًا سيّئة، والأفضل هو عدم التفكير في أيّ شيء. لأنه يجبُ تأسيس قواعد أثناء مرحلة الممارسة في الدّرجة الدنيا، وهذه القواعد تضطلعُ بوظيفة محوريّة وأساسيّة، لأنّ النشاط الفكريّ للممارس يلعبُ دورًا هامّا. فكّروا، ماذا ستضيفون للقونق الذي بحوزتكم ؟ كيف سيكون ما ستـُحصّـلونه عبر الممارسة طيّبـًا ؟ كيف لا يكون أسودًا ؟ وكم هو عدد الذين يتوصّـلون للقيام بالممارسة بدون أن يترُكوا منفذاً لهذا النوع من الأفكار ؟ لماذا لم تتوصّل ممارستكم إلى تحسين حالتكم الصحيّة ؟ البعض لا يُفكّرون أفكارًا سيّئة أثناء الممارسة ولكنّ دماغهم لا يتوقّف عن النشاط، إنهم يتطلـّعون بحرص إلى تحصيل قدرات القونق، إلى تحصيل العديد من الأشياء، لديهم شتـّى التـعلـّقات وشتـّى الرغبات العارمة. في حقيقة الأمر هُم يتـّخذون بدون أن يشعُروا منهج ممارسة الطريق الشّيطانيّة ؛ لو تقولون لهم أنهم يُمارسون الطريق الشيطانيّة، سيستاءون: "لقد تتلمذتُ على يديْ معلـّم التشيكونق الكبير فلان أوفلان." ولكن هذا المعلـّم الكبير يُوصي بالاعتناء جيّدًا بالفضيلة، فهل طبّقتم ذلك أم لا ؟ أثناء الممارسة ها أنكم تجمعون معها الأفكار السيّئة دائمًا، كيف ستستخلصون منها شيئًا جيّدًا ؟ هنا يكمُن المشكل، هذا ينتمي إلى الممارسة اللاّواعية للطريق الشيطانيّة، وهي ظاهرة واردة جدّا.

 

 

 

التعهد المشترك بين الرجل والمرأة "نانــّو شوانق شيو،Nannü shuang xiu"

                            

 في أوساط الشيولين، توجد طريقة تـُدعى "نانـّو شوانق شيو" (التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة). ربّما لاحظتم في طريقة شيولين المدرسة الباطنيّة التـّيبتيّة على التماثيل وصُور بوذا رجلاً يقوم بالتعهّد والممارسة وهو يُعانق امرأة ً. يكون الرّجل مُمَـثـّلاً أحيانـًا في هيئة بوذا، وهو يُمسك بين أحضانه امرأة عارية ً تمامًا ؛ ونجدُ أحيانـًا بَـدَلاً من أبدال بوذا (أفاتارا، Avatar) وقد استحال إلى صورة "فاجرا، Vajra" ذي رأس الثور ومنخر الحصان وهو أيضًا يحمل بين ذراعيه امرأة عارية ً تمامًا. لِمَ هذا ؟ أوّلاً، إليكم بعض التـّوضيحات في هذا الشأن. ليست الصّين وحدها هي التي تحت تأثير الكونفوشيوسيّة، بل منذ عدّة قرون خـَـلـَت على الأرض، كلّ الإنسانيّة كانت لديها تقريبـًا نفس القواعد والحدود الأخلاقيّة. ولهذا، في الحقيقة هذا النوع من طرق الشّيولين موطنه الأصليّ ليس الأرض وإنـّما هو قادم من كوكب آخر، ولكن صحيـح أنّ هذه الطريقة تـُمكّن حقـّا من التعهّد والممارسة. وعندما أدخِلت طريقة الشيولين هذه إلى الصّين، رفضها الصينيّون بسبب تعارضها مع مبادئهم الأخلاقيّة وبسبب بعض الممارسات الباطنيّة ؛ وهكذا تمّ تحريمها في رُبوع الهان من قِبل الامبراطور وذلك في أعوام هويشانق وفي ظلّ الأسرة الحاكمة التانق وكانت تـُسمّى آنذاك "مدرسة التانق الباطنيّة". ولكن في التـّيبت، في تلك الأرض الخاصّة وفي ذلك المُحيط الخاصّ، انتشرت وإلى يومنا هذا. لماذا يقومون بالتعهّد والممارسة بتلك الطريقة ؟ إنّ التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة الهدفُ منه هو جمع "اليين، "Yin لإكمال "اليانق، Yang" وجمع اليانق لإكمال اليين، وهكذا يُكمّـل كلّ طرفٍ الطرف الآخر وتكونُ الممارسة مُتبادلة من أجل الحصول على التـّوازن بين اليين واليانق.

 

الكلّ يعلمُ أنّ المدرسة البوذيّة والمدرسة الطاويّة (وخُصوصًا المدرسة الطاويّة) تتحدّث كلاهما عن نظريّة اليين واليانق. اليين واليانق يتواجدان داخل الجسم البشريّ. وبفضل هذا التـّواجد يُصبحُ ممكنـًا بواسطة الشيولين الحصول على مُختلف أنواع قدرات القونق وخلق كائنات وأشكال حياة مثل المولودالأصليّ، والطفل الرّضيـع، وأجسام الشّرع وغيرها. بفضل اليين واليانق يُولـّد الشيولين الكثير من الكائنات الحيّة. إن يكن الجسد الفيزيائيّ مُذكّرا أم مُؤنـّثا، في كلتا الحالتين، يُمكن لتلك الموجودات أن تتكوّنَ في ذلك الحقل، حقل الإكسير، وهذا منطقيّ للغاية.  في المدرسة الطاويّة، عادة ً ما يُعتبَرُ النصف الأعلى من البدن يانق (مُذكّر) والنصف الأسفل يين (مُؤنـّث) ؛ البعض يعتبر أنّ الظهر يانق والجهة الأماميّة يين ؛ البعض الآخر يرى أنّ النصف الأيسر من البدن يانق والنصف الأيمن يين. في الصّين، يُقالُ أنّ الشّمال مُذكّر واليمين مُؤنـّث، وهذا ينبعُ أيضًا من نفس النظريّة، وهو منطقيّ جدّا. بما أنّ اليين واليانق يُوجدان في الأصل في كلّ جسم بشريّ، فيُمكن بتفاعُـلهما بلوغ توازن اليين واليانق الذاتيّ و تكوين العديد، العديد من الكائنات الحيّة.

 

هذا يـُبرهن على أنّ تعهّدنا وممارستنا يُمكن أن يبلغا مستوىً عال جدّا بدون أن يكون هناك داع للـّجوء إلى طريقةٍ تنـُصّ على التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة. لو نتـّخذ هذه الطريقة للتعهّد والممارسة ونـُمارسها ولا نتحكّم فيها جيّدًا، يتهدّدُنا خطر الانزلاق في المسلك الشيطانيّ، وستـُصبحُ حينئذٍ طريقة شيطانيّة. في مستوىً عال جدّا من الطريقة الباطنيّة، إذا أردنا استعمال التعهّد المشترك للرّجل والمرأة، يجبُ أن يكون الرّاهبُ أو اللاّما قد بلغ درجة عالية جدّا في الشّيولين. إذن فهو يقومُ بهذا النوع من التعهّد تحت إمرة مُعلـّمه. وبما أنّ درجة طبيعته النفسيّة والأخلاقيّة عالية جدّا، فهو قادرعلى التحكّم في نفسه، وعدم الانزلاق في ممارسة شيطانيّة. بالنسبة لإنسان تكون طبيعته النفسيّة والأخلاقيّة مُـتدنـّية جدّا، يتحتـّم عليه أن يبتعد عن هذه الطريقة، فإن هو توخّاها، من الأكيد أنه سيسيرُ في الطريق الشّيطانيّة. بما أنّ طبيعته الأخلاقيّة محدودة، فحالته النفسيّة والذهنيّة هي تلك التي لدى الناس العاديّين، وهو لا يزالُ في قبضة الرّغبات والشهوات الجنسيّة. مقياس طبيعته الأخلاقيّة يقـِفُ عند ذلك الحدّ، فلا مفرّ من أن يستعمل هذه الطريقة استعمالاً شاذا وشيطانيّا. إذن نـُكرّرُ ما قلناهُ، تلقين هذه الطريقة ببساطة وبدون تمعّن لأشخاص من مُستوًى مُتدنّ يُساوي تلقين طريقة شيطانيّة.

 

في هذه السّـنوات الأخيرة هناك أيضا العديدُ من مُعلـّمي التشيكونق الذين مرّرُوا طريقة التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة. ما الغريبُ في ذلك ؟ في إطار المدرسة الطاويّة، لاحظنا أيضًا انبثاق طرق ٍ في التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة، وهذا الأمرُ ليس حديث عهدٍ بل يعودُ لعصر التانق. كيف للطريقة الطاويّة أن تـُفسِـحَ المجال لممارسات مماثلة ؟ إنّ مبدأ التاييشي الطاويّ ينـُصّ على أنّ الجسم البشريّ كونٌ مُصغـّرٌ وهو بذاته يحتوي على اليين واليانق. كلّ الشّرائع الحقيقيّة الكُبرى المارّة عبر سلسلة تبليـغ حقيقيّة، عَبَرت فتراتٍ زمنيّة طويلة جدّا قبل أن تصِل إلينا اليوم ؛ تحريف مذهب وإعادة صياغته حسب الهوى الشّخصيّ أو إضافة أيّ شيء إليه كيفما اتـّـفق ينتـُجُ عنه إدخال اضطراب على هذا المذهب إلى درجةٍ تجعلـُه غير صالح لإكمال الشيولين بنجاح. لذا إن لم تكُن الطريقة تنـُصّ على التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة، فلا ينبغي إذن القيام بهذه الممارسة، وإلاّ سقطتم في الانحراف وتعرّضتم لمشاكل. في فامان الفالون دافا، نحن نـُقصي تمامًا هذه الممارسة ولا نتحدّث عنها. هذا رأيُنا في الموضوع.

 

 

 

التعهد المزدوج للروح والجسد (الطـبيعة الأخلاقية والحياة)"سينغ مينغ شوانق شيو، Xing ming shuang xiu"

                                      

 

لقد سبق وأن تحدّثتُ بالتفصيل عن مسألة التعهّد المُزدوج للطبيعة الأخلاقيّة والحياة (الرّوح والجسد)، "سينغ مينغ شوانق شيو" تتمثـّـلُ في أنّ الإنسان، علاوة على تعهّد طبيعته  الأخلاقيّة والنفسيّة (السين سينغ)، يتعهّد في نفس الوقت الحياة: أي تغيّر الجسد. عند التغيّر وعندما يقعُ الإبدال التدريجيّ لخلايا الإنسان بمادّة طاقيّة عُـليا، يُصبحُ تقدّم الشّيخوخة بطيئًا. يسترجعُ الجسمُ شبابهُ، يسترجعُهُ بصفةٍ تدريجيّةٍ وهو في الآن نفسه آخذ في التغيّر حتـّى تستحيل خلاياهُ كلـّها إلى مادّة طاقيّة عُلويّة. جسم شخصٌ كهذا يستحيلُ كلـّه إلى جسم مادّي من نوع آخر تمامًا. مثل هذا الجسم قد خرج، كما قــُلتُ من العناصر الخمسة، وبما أنهُ خرج منها فهو حينئذٍ جسمٌ غير قابل للتـّـلف.

 

إنّ الشّيولين في المعبد يتعهّد فقط الطبيعة الأخلاقيّة والنفسيّة، لذلك لا يـُعيرون أهمّية لـتقنية الحركات ولتعهّد الجسد، ما يهمّهم هو النيـرفانا. بالفعل، تـُؤكّدُ الطريقة التي أسّسها ساكياموني على النيـرفانا ؛ في الحقيقة لقد كان لساكياموني شريعـة عظيمة عالية وعميقة، وكان قادرًا تمامًا على أن يُحوّل جسدهُ إلى مادّة طاقيّة عُـليـا وأن يأخـذه معهُ عندما يرحلُ. ولكنه لكيْ يُورثَ هذا النوع من الشّيولين، اتـّخذ هو نفسه طريق النيـرفانا. لماذا علـّم ساكياموني ذلك ؟ بُغية أن يتخلـّص الناسُ أكثر قدر مُمكن من روح التعلـّق، أن يتجرّدوا من كلّ شيءٍ ،حتـّى من تعلـّقهم بالجسد، وفي النهاية لا يبقى أيّ تعلـّق على الإطلاق. لِجعل الناس يبلـُغون هذه الغاية على أتمّ وجهٍ، اختار طريق النيـرفانا. لذلك سلك الرّهبان في كلّ العُصور طريق النيـرفانا. النيـرفانا تعني أنهُ بعد موت الرّاهب ومُفارقته لجسده المادّي، تمضي الرّوح الأصليّة إلى الأعلى حاملة ًمعها القونق.

 

وفي المُقابل تـُؤكّد المدرسة الطاويّة على تعهّد الجسد، لأنها تختارُ تلاميذها ولا تذكُرُ مسألة الخلاص الشّامل لكلّ سكّان الكون، أولئك الذين تـتوجّهُ إليهم هم أناسٌ من نوع ممتاز حقـّا ؛ لذلك هي تـُـلقـّنُ تقنياتٍ، وتشرحُ كيفيّة تعهّد الجسد. ولكن، في الشيولين الخاصّ بمدرسة بوذا، وبالتـّحديد في الدّين البُوذيّ، لا يُمكن تلقين ذلك. يبقى أنّ هذا ليس مُطلقـًا بالنسبة للجميـع، عديد الشّرائع الكُبرى من مدرسة بوذا تـحتوي عليه، وهو الحالُ بالنسبة لمذهبنا نحنُ. في مدرستـنا الفالون دافا، ينبغـي العملُ في نفس الوقت على الجسد واليـوان يـينق وهُـما شيئان مُختـلفان. اليـوان يـينق هو أيضًا جسد مُـكوّن من مادّة طاقـيّة عليا، ولكنه لا يستطيـعُ أن يتجلـّى ببساطةٍ في عالمنا ؛ إن كنـّا نـُريد المُـكوث لمدّة طويلة في هذا العالم بمظهر الناس العاديّـين، علينا امتلاك الجسد. لذلك بعد تحوّل هذا الجسد، رغم أنه قد تـمّ تعويـض الخلايا بمادّة طاقـيّة عُـليا، إلاّ أنّ نظام ترتـيبـها لم يـتعرّض لتـغيّـر ؛ لذلك يبـقى مظهر الجسد مُـماثلاً تقريـبًا لجسد إنسان عاديّّ. ولكن تـُوجد فـوارق بين الاثـنيـْن، هذا الجسد الجديـدُ بإمـكانهالدخـول إلـى عـوالـم أخـــرى.

 

إنّ ممارسة التعهّد المُزدوج لكِلا الرّوح والجسد تستطيـعُ أن تـُضفي طلعة ًشابّة ً، يبدو الممارس أصغر من سنـّه بكثير. في اليوم الماضي سألتني إحدى الممارسات: "أيّها المُعلـّمُ، كم من العُمر تـُعطيني ؟"، في الحقيقة لقد كانت تـُقاربُ السّبعين ولكنها تبدو في الأربعين. ليس في وجهها تجاعيد، بشرتها ملساء ولون وجهها مُـشرق ومُـتورّد، كيف يُمكن أن نـُصدّق أنها على عتبة السّبعين ؟ نعم هذا الأمر ممكنٌ بالنسبة لممارسينا في الفالون دافا. وعلى سبيل الدّعابة أسوقُ هذه المُلاحظة، البنات الشابّات يعتـنين كثيرًا بمُستحضرات التـّجميل وهُنّ يُردْن جعلَ بشرتهنّ أكثر إشراقــًا وأجملَ. وها أنذا أقولُ لكُنّ: لو تـُمارسْن بحقّ طريقة التعهّد المُزدوج للرّوح والجسد، ستصِلْن إلى تلك النتيجة بطريقةٍ طبيعيّةٍ، أؤكّدُ لكُنّ أنكنّ لن تحتجنَ مُجدّدًا لمُستحضرات التـّجميل. سنكتفي بهذا المثال في هذا الصّدد. في الماضي، كان يُوجدُ في كلّ مجالات المِهن الكثيرُ من العمّال المُـتقدّمون في السنّ، كانوا يُنادونني: "أيّها الشّابّ"، الوضعُ الآن أفضل من السّابق، حيثُ نجدُ المزيد من الشبّان بالمُقارنة. في الحقيقة أنا لستُ شابّا، سأبلغ الخمسين بعد سنواتٍ قليلةٍ وقد جاوزتُ عتبة الثلاثة والأربعين.

 

 

 

جسم الشرع "الفاشن، Fashen"          

 

لماذا يوجد حقل من الطاقة حول تمثال بوذا ؟ الكثير من الناس لا يتوصّـلون لتفسير ذلك، البعض يقولون أنّ ذلك الحقل تكوّن من أثر ترتيل الرّهبان لـلسّوطرا أمامه، هذا يعني أنه مُحيط ناتج عن شيولين الرّهبان أمام هذا التمثال. ومهما يكُن إن كان الشيولين قد قام به رُهبان أو أشخاص آخرون، فإنّ الطاقة التي تنبعثُ من هؤلاء تنتشرُ في دائرة مُحيطهم ولا تذهبُ في اتـّجاهٍ مُعيّن، حقـلُ الطاقة يكون هو نفسُه على مُستوى أرض القاعة أو سقفها أو جُدرانها. إذن  لماذا لا يبدو هذا الحقل قويّا سوى حول تمثال بوذا ؟ يُوجدُ هناك دائمًا مثل هذا الحقل خاصّة ً حول تماثيل بوذا الموجودة في الجبال العميقة أو في الكُهوف أو المنحوتة في  الصّخور. من أين أتى هذا الحقل ؟ البعضُ يُفسّرُ وُجوده بطريقةٍ أو بأخرى ولكن لا يتوصّـلون إلى شيءٍ مُقنع. في الحقيقة وُجود هذا الحقل حول تمثال بوذا مَرَدّهُ أنّ جسمًا من أجسام الشرع التي تتبـعُ المُتحقق يُوجد فوقهُ. فاشن المُتحقق يُوجد هنالك، وحُضوره هو الذي يُضفي قدرًا من الطاقة.            

 

فيما يخُصّ ساكياموني وفيما يخُصّ البودهيساتفا أفالوكيتسفارا (قوانيين،Guanyin بوسا)، إن كانت هذه الشخصيّات قد وُجدت حقـّا في التاريـخ، ألم يكُونوا هم أيضًا ممارسين، عندما كانوا في مسار الشيولين ؟ عندما يبلغ المرءُ عبر الشّيولين مُستوًى مُرتفعًا جدّا في شو شي دجيان فـا فإنه تظهَرُ حينـئذٍ أجسام الشّرع. يتكوّنُ جسم الشّرع ويُولدُ في منطقة حقل الإكسير من الشّخص، وهو مُكوّن من "فــا" ومن "قونق"، وهو يتجلـّى في عوالم وسماوات أخرى غير عالمنا. يملِكُ الفاشن قوّة ً عظيمة ً يستمدّها من شخص المُتحقق، ولكنّ روح الفاشن وعقله هُما تحت مُراقبة الجسم الرّئيسيّ. هذا لا يمنعُ أنه يُمثـّـلُ حياة مُستقلـّة كاملة وفرديّة وذات وُجود حقيقيّ، لذا يستطيعُ أن يتصرّف بمـلء إرادتهِ. ما يقومُ به الفاشن يُوافق تمامًا ما يُريدُ الوعي الرئيسيّ (تسو ييشي) القيام به، تمامًا نفس الشّيء. عندما يقومُ إنسان بشيء مّا بطريقة مّا، فالفاشن يفعلهُ تمامًا بنفس الطريقة ؛ وهذا هو مفهوم الفاشن عندنا. عندما أنوي فعل هذا الشّيء أو ذاكَ، مثلاً تعديل جسم التلاميذ القائمين حقـّا بالشّيولين، فأنا أترُك التصرّف لأجسام الشّرع التي تتبعُـني.  وبمـا أنّ الفاشن لا يملـكُ جسـمًا بشريّـا عاديّـا، فهو يَـتجلـّى في عوالـم أخرى. هذا الكائـن ليس لديه حـجـمٌ ثابـتٌ، بل يستطيـعُ أن يصغـُرَ ويكبُـرَ كما يشاءُ. أحـيانـًا يُصبـحُ من الضّـخامـة بحيثُ لا نستطيـعُ رؤيـة رأس الفاشن كامـلاً ؛ وأحـيانـًا أخرى يُصبـحُ صغيـرًا جدّا، أصغـرَ من حجم الخليّة.

 

 

استدعاء روح بوذا في التـمثال (مباركة التـمثال) "كاي قوانق،Kai guang"

 

إنّ تمثال بوذا الذي صِيـغ َ في المصنع ليس إلاّ عملا فنيّا. الكاي قوانق يتمثل في استدعاء أحد أجسام الشرع لبوذا لتسكن في التمثال، وعندها يستطيـع الناس العاديّون أن يقوموا نحوه بشعائر التقديس والطاعة لأنه يُمثـّـل بوذا. عندما يكون قلب الممارس طافحًا حقـّا بالتقوى والعبادة فإنّ جسم الشرع في تمثال بوذا سيحميه ويرعاه ويكون له حافظـًا للشرع أثناء تعهّده وممارسته، هذا هو الهدف الحقيقيّ من الكاي قوانق. ولتتمّ هذه العملية بنجاح، يجب القيام بالشّعائر مع الحفاظ على استقامة التفكير، أو أن يقوم بهذه الشعائر متحقق ذو درجةٍ عاليةٍ جدّا، أو شخص يتعهّد ويمارسُ على مستوى عال جدّا ولديه القدرة والقوّة على ذلك.

 

في المعابد يقولون دائمًا أنه يجب القيام بـالكاي قوانق، وأنّ تماثيل بوذا التي لم تتلقّ عملية المباركة هذه هي عديمة القدرة. ولكن فيما يخصّ الرّهبان، لا نجد اليوم في المعابد شيوخـًا ومعلـّمين كبارًا وحقيقيّين، كلـّهم رحلوا عن هذا العالم. بعد "الثورة الثقافية الكبرى"، بعض الرّهبان العاديين الذين لم يتلقـّوْا تبليغـًا حقيقيّا أصبحوا رؤساء مسؤولين عن المعبد، وهكذا فـُـقـِدت عناصر هامة من السّـلسلة. لو نسأل هؤلاء عن الغرض من الكاي قوانق على التمثال سيُجيبون أنّ هذه العمليّة تـُكسبه قـُوىً وقدراتٍ. ولكن كيف يكتسب القدرات، هذا ما لا يستطيعون الإجابة عنه ؛ لذلك هم يكتفون بالقيام بالأمور الشكلية أي المراسم، فيضعون نصّا صغيرًا من السّوطرا داخل تمثال بوذا ويـُغلقون الفتحة بإلصاق بعض الورق، ثمّ يُغمغمون السوطرا أمامها وبعد ذلك يقولون أنهم قاموا بالكاي قوانق. ولكنّ مراسمهم هذه هل هي كافية لتحقيق الكاي قوانق ؟ هذا يتعلـّق بمدى وكيفية ترتيلهم للسّوطرا. ساكياموني كان يدعو إلى "التفكير المستقيم" أي أنّ القائم بالمراسم يجب أن يُـنشدَ النصّ المقدّس بتركيز ذهنيّ كامل لا يشوبه شيء، هكذا فقط يمكن أن يهُـزّ سماء المذهب الذي ينتمي إليه ويستجلب المتحقق. ولا يكون الكاي قوانق تمّ بنجاح إلاّ عندما يأتي فاشن المتحقق ويحُـلّ في التمثال.

 

بعض الرهبان يُرتـّل السّوطرا وفي قرارة نفسه يفكّر: "كم من المال سيُعطونني مقابل الكاي قوانق ؟"، البعض الآخر يستغرق في التفكير في نفسه وكيف أن حالته سيّئة وكيف أنّ الآخرين لا يُعاملونه كما ينبغي ؛ العديد منهم يمضون وقتهم في حبك الدسائس لبعضهم البعض ؛ نعم، وهذا لا مفرّ منه، نحن في فترة نهاية الشرع ، من المستحيل ألاّ نجد مثل هذه الظواهر، لا أقول هذا لأنتقد البوذية ولكنّ المعابد في فترة نهاية الشرع هذه فقدت حقـّا السّلام والطمأنينة. عندما تكون النفس مليئة بهذا النوع من الأشياء، وبأفكار سيّئة إلى ذلك الحدّ، كيف لمُـتحقق أن يأتي ؟ وهكذا لن يستطيعوا أبدًا تحقيق الهدف من الكاي قوانق. ولكنّ هذا ليس مُطلقــًا، لا تزال هناك بعض المعابد البوذية والطاوية الجيّدة.

 

رأيت في إحدى المدن أحد الرّهبان، كانت يداهُ سوداوان، وكانَ يدسّ نصّا من السّوطرا داخل تمثال بوذا ثم يُغلق المنفذ  بالغراء دون عناية، ويُغمغم بعض الكلمات، وهذا هو الكاي قوانق قد انتهى ؛ ثمّ يأخذ تمثالا آخر ويُعيد نفس الشيء، وكان ثمن العمليّة للتمثال الواحد 40 يوان. حاليّا، الرهبان يتاجرون بـالكاي قوانق، لقد أصبحت عمليّة مباركة تماثيل بوذا وسيلة للإثراء. لقد رأيت جيّدًا أن التماثيل لم تتـلقّ الكاي قوانق، من المستحيل تحقيقه بتلك الطريقة. نعم، الرهبان اليوم يذهبون إلى حد التجرّؤ وارتكاب هذا النوع من الأشياء. ماذا رأيت أيضًا ؟ كان هناك في معبد رجل يبدو أنه بوذي لاييكيّ وكان يدّعي أنه سيقوم بـالكاي قوانق على تمثال بوذا . كان يأخذ مرآة ً ويُوجّه صفحتها قبالة الشمس بطريقة تجعل الأشعّة تـنعكس على التمثال، ثم يُعلن أنّ الكاي قوانق قد تمّ. هذا يدعو للاستهزاء إلى حدّ كبير ! لقد وصلت البوذية اليوم إلى هذا الحدّ من التـّدهور، بل وإنّ الظاهرة شائعة جدّا.

 

لقد صنعت مدينة "نانجينغ، Nanjing" تمثالاً كبيرًا لبوذا من النحاس، ونصّبته فوق جبل "دايو، Dayu" في هونغ كونغ، إنه تمثال عملاق. الكثير من الرّهبان قدموا من كلّ أنحاء المعمورة ليشهدوا احتفالات ومراسم مباركة التمثال ؛ كان أحدهم يُمسك في يده مرآة و يُميلـُها ليعكس أشعّة الشمس على وجه التمثال، هذا هو الكاي قوانق ! في مُلتقىً بمثل تلك الأهمّية وفي مناسبة قدسيّة كتلك، تحدث مثل تلك الأفعال، أنا أجد هذا مُـؤسفـًـا حقـّا ! نفهم الآن مغزى كلام ساكياموني عندما قال أنه في فترة نهاية الشّرع سيكون من الصّعب على الرّهبان أن يحصلوا حتـّى على الخلاص لأنفسهم فضلاً عن تخليص الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الرهبان الذين يُأوّلون السّوطرا حسب وجهات نظرهم الخاصة ؛ نجد في المعبد حتى أسماء مثل ناموس الملكة "فانقمو، Wangmu"، نجد أيضًا العديد من العناصر الغريبة عن نواميس البوذية، كل شيء مُحرّف ومُشوّه، وفوضى كبيرة تعُمّ السّاحة حاليّا. طبعًا لا يزال هناك رهبان يتعهّدون ويمارسون بحقّ، وهم ممتازون. إنّ الكاي قوانق يتمثل في الواقع في استدعاء أحد أجسام الشرع لمُتحقق كبير ليسكن التمثال، هذا هو ما يُفضي إليه الكاي قوانق.

 

إن لم يُطـَبّـق الكاي قوانق على التمثال، لا يُمكن تقديسهُ، إن وقع تقديسهُ سينطوي ذلك على عواقب وخيمة جدّا. ما هي هذه العواقب الوخيمة ؟ لقد اكتشف الباحثون العلميّون اليوم في دراساتهم حول الجسم البشري أنّ أفكار الإنسان ونشاطه الدّماغي يمكن أن يُكوّنا مادّة ً. من مستوىً عال جدّا، نحن نرى فعلاً أنها نوع من المادّة، ولكن هذه المادّة ليست مُكوّنة من الموجات الكهرودماغيّة التي عاينها الباحثون، بل تأخُـذ شكل الدّماغ برُمّته. بصفة عامّة ما يُنتجه الناس العاديّون في حياتهم اليوميّة عندما يُفكّرون هوعلى شكل دماغ بشريّ، ويتلاشى بعد وقت قليل من تكوّنه لأنه تنقصُه الطاقة ؛ ولكنّ طاقة المُمارس يمكن أن تجعلهُ يدوم وقتــًا أطول. هذا لا يعني أن التمثال عند خروجه من المصنع كان مُزوّدًا بفكر، ليس كذلك. بالنسبة لبعض التماثيل، هي لا تتلقـّى أبدًا الكاي قوانق، حتـّى ولو يحملونها للمعابد، لا يقعُ الكاي قوانق. والأمر يُصبحُ أخطرَ لو نطلبُ من معلـّم تشيكونق مُزيّف أو خرّيـج مذهب شيطانيّ أن يقوم بـالكاي قوانق، ساعتها ربّما سيُحلّ الثعلب أو ابن عرس في التمثال.

 

إذن لو تـُقدّسون تمثال بوذا الذي لم يتـلقّ أبدًا الكاي قوانق، هذا خطير للغاية. إلى أيّ حدّ ؟ لقد سبق وأن قلتُ لكم أنه أثناء تطوّر الإنسانيّة وُصولاً إلى يومنا هذا، كلّ شيء آخذ في الفساد، كلّ المجتمع، كلّ ما يُعمّر الكون يفسُدُ تدريجيّا، كل ما يحدُث للناس العاديّين هو نتيجة أفعالهم. العثور على الشّرع الحقّ، اتـّخاذ الطريق الحقّ، كل هذا صعب جدّا لأن مُضايقاتٍ وتعطيلاتٍ تأتي من جميع الجهات. نـُريد أن ندعوَ بوذا ولكن من هو بوذا ؟ عبثـًا سندعوه، سيكون الأمر صعبًا جدّا. سأفسّر لكم الأمر إن لم تـُصدّقوا ذلك: تمثال بوذا الذي لم يتـلقّ الكاي قوانق يُمكن أن يُسبّبَ أكبر الضّرر لأوّل شخص سيسجُد أمامه. ضمن الناس الذين يعبدون بوذا حاليّا، كم عدد الذين يُـنادونه وفي قلوبهم توق حقيقيّ لتحصيل ثمرة الكمال ؟ مثلُ هؤلاء الأشخاص نادرُ جدّا. ما هي غاية أغلبيّة الذين يعبدون بوذا ؟ تلافي الأخطار، القضاء على الصعوبات والعراقيل، والإثراء ؛ هذا ما يصبُون إليه. هل يوجدُ هذا في النواميس البوذية ؟ إنها لا تحتوي شيئًا من هذا القبيل.

 

لو يُصلـّي رجل للبوذا من أجل الحصول على المال، سيتكوّن شكل فكرة كاملٌ لحظة سجوده أمام تمثال بوذا، أو أفالوكيتسفا أو أيّ تاتهاقاتا وهو يقول: "هل لك أن تـُساعدَني على أن أربح بعض المال ؟"؛ لقد تكوّنت فكرة كاملة في حينها، وبما أنها كانت مُوجّهة إلى تمثال بوذا، فإنها تـثِـبُ حالا إلى التمثال وتسكُـنه. هذا الكائن الذي يوجد في بُعدٍ آخر يستطيـعُ أن يكبُرَ ويصغـُرَ، إذن عندما يحطـّ شكل الفكرة هذا على تمثال بوذا، فمن هنا وصاعدًا، هذا التمثال يملك دماغـًا وأفكارًا ؛ ولكن ليس له جسم بعدُ. ثم يسجُد آخرون ويُصلـّون له، ومع تكرّر الصّلوات، هناك طاقة تزدادُ شيئًا فشيئًا. وهذا يُصبح أكثر خطورة لمّا تكون الصّلواتُ مصدرُها الممارسون، صلواتهم تـُعطيه الطاقة تدريجيّا، عندها سيُكوّن جسمه الخاصّ به. إذن يُكوّن التمثال جسمًا ظاهرًا، ولكنّ هذا الجسم الظـّاهر يتجلـّى في عالم آخر. وبمعيّة هذا الشكل يمكُث هناك في ذلك العالم، ويُمكن أن يطـّلعَ على بعض قوانين الكون، ويُصبح إذن قادرًا على تحقيق بعض الأشياء للإنسان، وهكذا يُمكن أن يُنمّي بعض القونق، ولكنّ المساعدة التي سيُقدّمها للإنسان هي مُساعدة مشروطة وتطلـُب المُقابل. في العالم الآخر هو يتنقـّـلُ بحُرّية ومن السّهل عليه فعلاً أن يُسيطر على الناس العاديّين. ذلك الجسم الظاهر هو نسخة وفيّة لصورة تمثال بوذا ؛ إذن فإنّ تلك الصّلوات خلقت أفالوكيتسفارا مزيّفـًا أو تاتهاقاتا مزيّفـًا، لقد خرجوا إلى الوجود نتيجة لتقديس الإنسان، إنّ لديهم نفس شكل تمثال بوذا وصورة بوذا. ولكن هذا البوذا المزيّف أو البودهيساتفا المزيّف لديه روحٌ شرّيرة، إنه يسعى وراء المال. لقد وُلدت حياته في العالم الآخر، كما أصبح يتمتـّعُ بعقل، إنه يعرفُ القوانين قليلاً، لذلك هو لا يُغامرُ بارتكاب سيّئات عظيمة ولكنه يجرُؤُ على ارتكاب الصّغيرة منها. في بعض الأحيان أيضًا يُسدي خدمة للإنسان، إن كان لا يُسدي أيّ خدمة للإنسان سيكون شيطانيّا تمامًا وسيُقـتلُ. كيف يُسدي خدماته ؟ هذا الشخص أو ذاك يقول: "أنا أتوسّل لبوذا أن يمُدّ لي يد المُساعدة، إنّ أحد أفراد أسرتي مريض". حسنـًا، يُساعدُه. ثمّ يُسوّل له أن يضع بعض النقود في صندوق العطيّات، لأنّ نفسَهُ لا تتوقُ سوى للمال. كُلـّما وُضِعت كمّية أكبر من النقود في الصّندوق، كُلـّما أسرع في مُداواة المريض. ولأنه مُزوّد ببعض الطاقة فيُمكنه في العالم الآخر أن يكون لديه نفوذ وسُلطة على إنسان عاديّ. والأسوأ من ذلك كلـّه لو قدِمَ ناسٌ مُزوّدون بالقونق ليُصلـّوا لهُ، سيكون ذلك خطيرًا فعلاً. ماذا يطلب منه المُمارسون ؟ المال. تأمّلوا، كيف لِمُمارس أن يسعى وراء المال ؟ بل إنّ مُجرّد الدّعاء من أجل إزالة  أمراض الأقارب وأحزانهم هو تعلـّق، تعلـّق بشعور القرابة العائليّة. تـُريدون أن تـُسيّروا أقدار الآخرين ! لكلّ قدرُهُ ! تـُريدون تقديسهُ والصّلاة له فقط بهذه العبارة: "ساعدني على الإثراء". حسنـًا، هو يُساعدُكَ، إنه لا يفرحُ مقدار فرحِهِ عندما تطلبُ منه كثيرًا من المال ؛ إن طلبتَ منه الكثير سيأخُذ منك الكثير، إنها مُقايضة عادلة. هناك الكثير من المال الموضوع من أجله في صندوق العطيّات، سيُربحُـكَ إيّاهُ. كيف كذلك ؟ يُمكن أن تجدَ في طريقك حافظة نقود، أو تحصُلَ على زيادة في المنحة في مُؤسّسة عملك، على كلّ حال سيفعلُ كلّ ما في وُسعِهِ ليجعلَكَ تغنـَمُ المال. ولكنه لن يُساعدك مجّانـًا، أليس كذلك ؟ ليس هناك رِبحٌ دون خسارة، إنّ القونق ينقصُهُ، لذلك هو يأخُذ شيئًا من الذي عندك، أو يستحوِذ على إكسيرِكَ (الدّان) أو أيّ إحدى ثمار ممارستِكَ، هذا هو ما يُريدُه.

 

هؤلاء البوذا المُزيّفون يُمثـّلون في بعض الحالات خطرًا حقيقيّا. الكثير منـّا ممّن عيونهم الثالثة  مفتوحة يستطيعون رُؤيتهم ويحسَبونَ أنهم رأوْا بوذا حقيقيّين. أحدُهم يروي أنّ جمعًا من البوذا أتى اليوم إلى المعبد، وكان يترأسهم البوذا المُسمّى بكذا أو كذا. وهو يصِفُ أيضًا كيف كان الجمع الذي أتى البارحة، وكيف هو الجمع الذي أتى اليوم. مجموعة تذهب وأخرى تعقِـبُـها. ما كان ذلك ؟ إنهم هذا الصّنف بالتـّحديد. إنهم ليسوا بوذا حقيقيّين، بل بوذا مُزيّفون، ويُوجدُ منهم عددٌ كبيرٌ جدّا.

 

إن حدثت هذه الظاهرة في معبدٍ، فالخطرُ يكون أكبر. عندما يُـقدّسُه الرّهبان، سيأخُـذهم في عُهدته: "ألستَ تسجُدُ لي لتدعوني ؟ إنك تعبُـدُني وأنت في تمام وعيك ! حسنـًا، أنت تـُريدُ التعهّد والممارسة، أليس كذلك ؟ سأعتني بك وأوجّهُك في ممارستك." ثمّ يقول له ما ينبغي فعلـُه، إذن، عندما تصِلون إلى نهاية ممارستكم ، أين ستذهبون ؟ بما أنه هو الذي يُسيّركم، لن يقبلكم أيّ فامان في العالم العُلويّ. بما أنه هو الذي يُسيّركم فقد وضعتـُم مُستقبلكم بين يديه، كلّ الشّيولين الذي قمتم به ذهب سُدًى. ها أنذا أقول لكم: في أيّامنا هذه، من الصّعب، بل من الصّعب جدّا على الكائنات البشريّة الوصول إلى ثمرة الكمال عبر الشّيولين. إنها ظاهرة شائعة جدّا ؛ داخل الجبال الشّهيرة أو على ضفاف الأنهار الكبيرة، الكثيرُ منا رأوْا بوذا تـُحيط بهم هالة، إنهم في أغلب الأحيان ينتمون لذلك الصّـنف، هذه المخلوقات تتمتـّعُ بقدر من الطاقة وتستطيـع أن تتجلـّى بطريقة محسوسة. المُتحققون الحقيقيّون الكبارُ لا يظهرون أبدًا ببساطة.

 

في الماضي كان الذين يُسمّوْن "البوذا الأرضيّون" أو"مُعلـّموا داوُو الأرضيّون" عددهم قليل، ولكن في أيّامنا هذه توجدُ منهم أعداد كبيرة. عندما يقترفون أمرًا سيّئًا، يُريد أهل السّماء قتلهم ؛ فيُهرولون نحو تمثال من تماثيل بوذا للـّجوء إليه. بصفةٍ عامّةٍ المُتحققون الكبار لا يتدخّـلون ببساطةٍ في نظام حياة الناس العاديّين، كلـّما كان مستوى المُتحقق عاليًا كلـّما نـدُرَ تدخّـله في شؤون الناس العاديّين، بل هو لا يتدخّـلُ أبدًا. لذلك هم لن يعمَدُوا أبدًا إلى تحطيم تمثال بوذا بغتة بصعقة بعض البروق، لا يتصرّفون بتلك الطريقة ؛ وهكذا هم يتركون المُطاردة عندما يختبِئ المُطاردون في تماثيل بوذا. إنهم يُحسّون بسرعة عندما يُرادُ القضاء عليهم، ويفرّون حالا. وهكذا هذه البودهيساتفا أفالوكيتسفارا التي ترونـَها هل هي حقـّا البودهيساتفا أفالوكيتسفارا ؟ والبوذا الذي ترونـَهُ هل هو حقـّا بوذا ؟ من الصّعب الجزم بذلك.

 

الكثير منا سيتساءلُ إذن عمّا يمكن أن يفعله بتمثال بوذا الذي يملِكُه في المنزل. الكثير يمكن أن تـُخامرهم فكرة الالتجاء إليّ. من أجل مساعدة تلاميذنا في تعهّدهم وممارستهم، ها أنا أرشِدُكم إلى طريقة يمكن اتـّباعُها: خُذوا كتابي (لأنه يحتوي على صورتي) أو صورة ً لي، ثمّ أمسكوا تمثال بوذا وشكّلوا بأيديكم وضعيّة اللـّوتس الكبرى، إثرها ادعوا المعلـّم، كما لو كنتم في حضوري، أن يقوم بـالكاي قوانق. في ظرف ثلاثين ثانية سيكون الأمر قد تمّ. ولكن أريدُ أن أنبّهكم: هذا الأمر مقصور على ممارسينا، لن يتمّ شيء بالمرّة عندما تطلبون هذا الكاي قوانق لأصدقائكم وأقاربكم، نحن لا نهتمّ سوى بالممارسين. البعض يقول أنه بالإمكان إيداع صورة المعلـّم لدى الأصدقاء والأقارب لطرد الشّياطين والأرواح الشّرّيرة عنهم، أنا لستُ هنا لأطرُدَ الشّياطين عن الناس العاديّين، إنّ في هذا سوء أدبٍ شديدًا وأكبر انتهاكٍ لحرمة المُعلـّم.

 

أتابـعُ حديثي في شأن البوذا الأرضيّين ومُعلـّمي داوُو الأرضيّين. هناك أمر آخر أيضًا، في الصّين القديمة، كان الكثيرُ من الناس يتعهّدون ويمارسُون في الجبال المُـنعزلة والغابات العميقة. لماذا لا نـُصادف مثلهم اليوم ؟ في الحقيقة هم لم ينقطِعوا، وإنما هم لا يُريدون أن يعلمَ الناس بوُجودهم، هم لا يزالون بنفس الأعداد التي كانوا بها في الماضي وهم يمتلكون جميعهم قدرات وخوارق القونق. إنهم لم يختفوا طوال هذه السّـنين الأخيرة بل جميعهم موجودون، وعددهم يبلـُغ بضعة آلاف منتشرين عبر العالم، وقسمٌ كبيرٌ منهم يُوجدُ في بلدنا. إنهم يعيشون خاصّة على قِمم الجبال الشّهيرة وعلى ضفاف الأنهار الكبيرة، وهناك منهم داخل بعض الجبال الشّاهقة. وقد ختموا على مغاراتِهم بواسطة قدرات القونق، لذلك لا يعلمُ أحدٌ بوجودهم. هم يتعهّدون ويُمارسون بدون تحقيق تقدّم سريـع، وسائلهم يغلِبُ عليها التعثــّر، لأنهم لا يتوصّـلون إلى فهم جوهر الشّيولين. بينما نحنُ، نحن نستهدفُ مباشرة قلب الإنسان، ونتعهّد ونمارسُ وفق الطبـع الأعلى للكون، ووفقـًا لشكل ومظهر الكون، لذلك من الطبيعيّ أنّ القونق الذي لدينا سينمو بسرعة. إنّ مذاهب الشّيولين تتجلـّى في شكل هرَم، وحدها الطريق الوُسطى هي الطريق الكُبرى ؛ بينما الطرق الصّغرى الفرعيّة تـُمارس طريقة لا تستدعي طبيعة أخلاقيّة ونفسيّة عالية وربّما يقعُ إطلاق القونق بدون ضرورة بلوغ درجة مرتفعة جدّا، ولكنّ هذه الطرق تبقى بعيدة جدّا عن الطريق الكُبرى للشّيولين الحقيقيّ.

 

مُعلـّمو هذه الطرق الصّغرى يتـّخذون هم أيضًا تلاميذ ويُلقـّـنونهم المعرفة. بما أنّ مذهبهم لا يُمكّنُ من الوصول سوى لدرجةٍ محدودةٍ من الشّيولين، وبما أنّ طبيعتهم النفسيّة والأخلاقيّة لا تستطيعُ أن تتجاوز تلك الدّرجة المحدودة فإنّ تلاميذهم يتعهّدون نحو تلك الدّرجة بذاتها. وكلـّما كانت تلك الطرق الصّغرى فرعيّة، كلـّما كانت تعُجّ بالنظريّات وكلـّما كانت الممارسات التي تنـُصّ عليها مُعقدة، وهي لا تستطيـع فهم الأساس من التعهّد والممارسة. إنّ أساس شيولين الإنسان يكمُنُ في تعهّد الطبيعة الأخلاقيّة والنفسيّة، في تلك الطرق، لم يُدركوا هذه النقطة، إنهم يظنـّون أنّ تحمّل الآلام والعذاب كفيلٌ وحدهُ بتحقيق الشّيولين. لهذا يستغرقون وقتاً طويلاً، مئات السّـنين، بل أكثر من ألف سنة لِيـُنمّوا قليلاً من القونق. في الحقيقة ليست المِحنُ التي يمُرّون بها هي التي ولـّدت القونق، إذن كيف يتعهّدون ؟ إنّ مَثلهُم مَثل رَجُل كان في شبابه يملكُ الكثير من الرّغبات والتعلـّقات، ولمّا دخل طور الشّيخوخة وبعد انقضاء كلّ تلك السّـنين من عمره، لم يعُد ينتظرُ شيئًا من المُستقبل، لذلك ينفصِلُ بطريقة طبيعيّة عن روح التعلـّق وهذه الأخيرة تتلاشى تدريجيّا. هذا هو المسار الذي تتوخـّاهُ تلك الطرق. لقد اكتشفوا أنه من الممكن تنمية القونق بواسطة تمرين الجلوس والتأمّـل، وبفضل قوّة التـّركيز وبتحمّل الآلام القاسية. ولكن مع ذلك لا يُدركون أنّ روح التعلـّق التي تـُميّزُ الإنسان العاديّ لم تمّح عندهم إلاّ تدريجيّا وعلى مدار السّـنين الطويلة المُضنية وأنّ القونق الذي بحوزتهم لم يكبُر إلاّ بعد تخلـّيهم عن روح التعلـّق.

 

نحنُ لدينا أهداف واضحة، إننا نرمي مباشرة إلى هذا القلب، ونستأصِلُ روح التعلـّق منه. بهذه الطريقة تتقدّمُ الممارسة بنسق سريـع جدّا. لقد زُرتُ بعض الجهات وقابلتُ مِرارًا ناسًا من ذلك الصّنف: ناسًا تعهّدوا على ذلك النـّحو لِمُدّة سنين طويلة. هم يقولون أيضًا: "لا أحَدَ يعلمُ بوجودنا، نحن لا نتدخـّلُ في شُؤونكم ولن نـُزعجكم". إنهم أناسٌ جيّدون عمومًا.

 

ولكن منهم أيضًا غير الجيّدين ونحنُ نتـّخِذ إجراءاتٍ لإقصائهم. ولْـنذكُرْ مثلاً: أثناء الفترة الأولى من قيامي بتبليـغ الطريقة بـ"قيشو"، وأثناء الدّروس التكوينيّة، أتى أحدُهم إليّ وقال لي أنّ شيخه الأكبر يرجو مُقابلتي، وأنه الشّيـخ المدعُوّ بكذا، وأنه تعهّد ومارس لسنين طويلة جدّا. كنتُ أرى هذا الشّخص يكسُوهُ تشي يين طيفيّ، سقيم ومُتردّي ووجهه شاحب ومُمتقِـع. فرفضتُ الدّعوة مُـتعلـّلا بضيق الوقت. فما كان من هذا "الشّيخ الأكبر" إلاّ أن استاء وشعُرَ بالإهانة. فجعل يُسبّبُ لي المتاعب، وصارَ يُزعجُني كلّ يوم. أنا من طبعي لا أحبّ المنافسة مع الآخرين، وعُمومًا هو لم يكُن يستحقّ أن أتجشّم عناء التـّصارُع معه. كنتُ عندما يُرسلُ نحوي أشياء خبيثة، أبدّدُها ثمّ أواصلُ دعوتي إلى الشّرع.

 

فيما مضى، وفي ظلّ الأسرة الحاكمة "مينغ، Ming" كان هناك ممارس طاويّ، قد تملـّـك به ثعبان أثناء تعهّده ؛ ثمّ مات هذا الشّخص دون أن يُكمـِل الشّيولين بنجاح ؛ فاستحوذ الثعبان حينئذٍ على جسد الممارس، وعند نهاية تعهّده وممارسته حصل على الهيئة البشريّة. الشّيخ الأكبر للشّخص المذكور في البداية لم يكُن سوى الهيئة البشريّة لذلك الثعبان والتي حصل عليها بواسطة الشّيولين. ونظرًا لكون طبيعته الحقيقيّة لم تـتغيّر قطـّ، فقد استحال من جديدٍ إلى ثعبان عملاق ليُسبّب لي العراقيل. ولمّا رأيتُ أنه قد ذهب بعيدًا في تطاوُله، أمسكتُ به في قبضتي واستعملتُ قونق قويّا جدّا يُسمّى بـ" قونق الإذابة" فأذبتُ النصف الأسفل من جسده مُحوّلاً إيّاه إلى ماءٍ، أمّا النصف الأعلى فقد لاذ بالفرار.

 

في أحد الأيّام، تلقـّت المسؤولة عن مركز الممارسة بـ"قيشو" خبرًا من أحد مُريديه الشّباب يُفيدُ أنّ شيخه الأكبر يُريدُ مقابلتها فلبّت المسؤولة هذه الدّعوة، ولكنها عندما ذهبت وحال دُخولها للمغارة، غرقت في ظلمة دامسة، لم تكُن تـُبصر شيئًا وترائت لها بالكاد هيئة شخص قابـع هناك وعيناه تـُرسلان ضوءًا أخضر، كانت المغارة تـُضيءُ عندما يفتحُ عينيه وتعودُ من جديدٍ حالكة ً عندما يُغمضهما. وقال لها بلهجة أهل المنطقة: "إنّ "لي هونق جي" سيعودُ، وهذه المرّة لا أحد سيجرُؤُ على التصرّف كما تصرّفتُ، لقد أخطأتُ، إنّ "لي هونق جي" قادم وهو يحمل معهُ الخلاص للإنسان". فخاطبه مُريده قائلاً: "أيّها الشّيخ الأكبر، انهض، ما لِساقيك ؟" فأجاب: "لا أستطيعُ النـّهوض، ساقاي مُصابتان". ولمّا سُئلَ كيف أصيبَتْ ساقاهُ، أخذ يروي كلّ الحكاية وأمْرَ إعاقته. أثناء معرض الصّحة الشرقيّ الذي انعقد ببيكين في 1993، عاد يتسبّب لي في  العراقيل من جديدٍ، لم يكُفّ إذن عن ارتكاب التجاوزات واستمرّ في تعطيل دعوتي لـدافـا، حينها اضطـُررتُ لتدميره تمامًا وإبادته. بعد هذه الإبادة أراد مُريدوه، كبارهم وصغارهم، ردّ الفعل. في ذلك الوقت توجّهتُ إليهم ببعض الكلمات ارتاعوا منها جميعًا وتوقّــّفوا إثرها عن التحرّك لا يجرُؤُ أحدٌ منهم على فعل أيّ شيءٍ فقد فهموا خطورة الموقف فعلاً. البعضُ منهم قد بقوا أناسًا عاديّين لا غير رغم تعهّدهم لفترة طويلة. كانت تلك أمثلة ذكرتـُها عن الكاي قوانق.

 

 

 

فرع "تسويو كو، Zhuyou ke"           

 

ما هو فرع "تسويو"(ممارسات السّحر والتـّمائم) ؟ في أوساط الشّيولين وأثناء تلقين طرق ممارستهم، الكثير من الناس يُلـقـّـنون معها الـتسويو كو كجزءٍ لا يتجزّءُ من الشّيولين. ولكن في الحقيقة لاينتمي الـتسويو كو إلى مجال الشّيولين. وسائل تلقينه تتمثل في وصفات سرّية وتعازيم وتقنيات. تتمثل أشكال ممارسته في رسم رموز طلسميّة، إشعال البخور، إحراق الأوراق، التـّلفـظ بتمائم، الخ. وهو بإمكانه معالجة الأمراض بطرق خاصّة به. مثلاً، إن كان أحدهم لديه دُمّـلٌ على وجهه، يرسمون دائرة على الأرض بريشةٍ مغموسةٍ في حبر الزّنجفر، ثمّ يرسمون داخلها علامة ويضعون الشّخص واقفـًا في وسط الدّائرة ويشرعون في ترديد تمائم ؛ ثمّ بواسطة الرّيشة، يرسمون دوائرعلى وجهه، بدون التـّوقف عن ترديد التـّمائم ؛ وفي النهاية، يرسمون نقطة على الدمّـل وفي نفس الوقت يكفـّون عن التـّمائم ويقولون لكَ أنك شُفيتَ. فتلمسُ الدمّـل وتجدُهُ فعلاً قد تضاءل حجمه ولا يُؤلمُ كالماضي، إذن فقد نجح العلاج. نعم، بإمكانهم مُداواة هذا النوع من الأمراض البسيطة، ولكنهم إزاء مرض خطير لا يستطيعون فعل شيءٍ. كيف يتصرّفون إن كنتَ تشكو من ألم في ذراعك ؟ يبدؤون في غمغمة تمائم وتعازيم، ويطلبون منك أن تمُـدّ ذراعك، ثمّ ينفثون الهواء على نقطة الميريديان "هيقو، hegu" في يدٍ ويُخرجونه من نقطة "هيقو" في اليد الأخرى. ستـُحسّ وكأنّ تيّارًا من الهواء قد اخترقَـكَ. عندما تلمسُ ذراعك، ستجدُ أنها لم تعُد تـُؤلم كالأوّل. هم يستعملون أيضًا طرُقـًا أخرى مثل إحراق الأوراق، كتابة رموز طلسميّة، إلصاق رموز طلسميّة مكتوبة على الورق...الخ. هذا ما يفعلونهُ.

 

 الطرق الدنيويّة الصّغرى في المدرسة الطاويّة لا تتحدّث عن تعهّد الجسد، بل تـُمارسُ بدل ذلك التـّـنجيم عن طريق السّداسي، ضرب الرّمل، طرد الأرواح الشّرّيرة والمُداواة. غالبًا ما تستعملُ الطرق الدنيويّة كلّ هذا. إنها تستطيـعُ في نهاية الأمر أن تشفي الأمراض ولكنّ الوسائل التي تستخدمُها ليست جيّدة. لن نكشِفَ هنا عمّا تستخدمه لتـُعالج الأمراض، ولكن مهما يكُنْ، على مُمارسينا في الدّافـا أن يتجنـّبوها لأنها تحمِلُ آثارًا سُفليّة وسيّئة جدّا. في الصّين القديمة، كانوا يُبـوّبون الوسائل العلاجيّة إلى أقسام مُختلفة، مثلاً: الجبْرُ، الوخزُ بالإبَر، العلاج بالكيّ، التـّدليك، العلاج عبر الضّغط بالأصابع على مواطن الألم، طرق علاج التشيكونق، العلاج بالنـّباتات الطبـيّة...الخ. وهكذا كانوا يعُدّون منها أنواعًا كثيرة ً. كلّ صنفٍ من طرق المُداواة كان يُسمّى فرعًا "كو، Ke" والتسويو كو كان في المرتبة الثالثة عشر. لذلك فإنّ تسميتهُ الكاملة هي "تسويو، الفرع الثّالث عشر". إذن فتسويو كو لا يدخُل في إطار الشّيولين، إنه ليس بقونق نتحصّـلُ عليه عبر الشّيولين، بل هو ينتمي إلى تقنيات السّحر.


 

المحاضرة السادسة

 

 

انفلات النار الداخلية والدخول في الحالة الشيطانية ؛ الانحراف عن الطريق المستقيم "الزوهيو رومو، Zouhuo rumo"

                              

  ضمن أوساط التعهد والممارسة هنالك ما يسمى بالـ"زوهيو رومو" (انفلات النار الداخلية والدّخول في الحالة الشيطانيّة، الانحراف عن الطريق المستقيم). وهذا الأمرله تأثير كبير على الناس، خاصة وأنّ العديد من الأشخاص يتكلـّمون عنه بطريقة مُخيفة إلى درجة أنّ هناك من لم يعد يجرؤ على الممارسة. حالما يسمعون أنه يمكن أن ينجرّ عنها الزوهيو رومو، ينتابهم الفزع ويعدلون عن فكرة الممارسة. ولكن ينبغي أن أؤكّد لكم أن هذا الزوهيو رومو لا يوجد إطلاقا.ً

 

ما في الأمر هو أنّ كثيرًا من الأشخاص تنقصهم الاستقامة استجلبوا فوتي. ما يحدث بعد ذلك هو أنّ الوعي الرئيسيّ (تسو ييشي) لأولئك الأشخاص لم يعد بإمكانه الأخذ بزمام أمورهم، وهم يأخذون ذلك على أنه قونق. وتصير السلطة بيد الفوتي، وهذه  الأخيرة تضع مملوكيها في حالات شاذة (يصيحون ويُصدرون عويلاً وأصواتـًا غريبة) ومن يشاهدهم لا يجرؤ على التفكير في الممارسة مُجدّدًا. والغريب أنّ الكثير منـّا يظنـّون أنّ ما يحدث لهم هو القونق، كيف لذلك أن يكون تشيكونق أو أيّ ضرب من الممارسة ؟ إنه لا يتجاوز المداواة والحفاظ على الصّحة في أدنى مستوياتها، ولكنه خطير للغاية. إن تعوّدتم على تلك الحالة وبقي وعيكم الرئيسيّ عاجزًا عن التـّحكّم فيكم، فإنّ جسدكم سيسيطر عليه باستمرار وعيكم الثانويّ (فو ييشي) أو مصادر خارجية أخرى أو أرواح سفلية أو أشياء من ذلك القبيل، في هذه الحالة يُمكن أن تقوموا بأفعال خطيرة للغاية، ومن جهة أخرى فإنّ هذا يُسبّب سمعة ً سيّئة وأضرارًا جسيمة ً لأوساط التعهد والممارسة. هذا ناتج عن عدم استقامة الفرد وتعلـّقه بحبّ الظهور وجلب الانتباه، ليس لهذا أيّ علاقة بالانحراف في مسلك شيطانيّ. بعضهم، ممـّن لا ندري كيف أصبحوا يُعرَفون بمعلـّمي تشيكونق، يتحدثون أيضا عن الزوهيو رومو. في الحقيقة، الممارسة لا ينجرّ عنها أبدًا الزوهيو رومو ؛ أغلب الناس التقطوا هذه العبارة من مؤلفات فنـّية وأدبيّة، من روايات الفروسيّة والمغامرة...ولِتتأكدوا من كلامي هذا، بامكانكم أن تتصفحوا المؤلفات القديمة والكتب الخاصّة بالتعهّد والممارسة، ولن تجدوا أيّ أثر لهذا الأمر. هذا الأمر لا يُوجد أبدًا.

 

الزوهيو رومو الذي يعتقدُ فيه الناس يتضمّنُ أشكالا عديدة ً. ما ذكرته هو شكل من بين تلك الأشكال. بسبب عدم الاستقامة، يسعى البعض جاهدًا للحصول على المُسمّاة بـ"حالة التشيكونق" بسبب رغبته في البروز وسط المجموعة وهكذا يستجلبُ الأرواح السفلية. هناك أيضًا من يبحث صراحة عن قدرات القونق أو يمارس تشيكونق مـُزيّفـًا ؛ وفي كلّ مرة يجلس فيها هؤلاء للممارسة، يُطلِقون وعيهم الرئيسيّ باقين في حالة لا وعي تامّ وتاركين أجسادهم تحت تصرّف آخرين، عقولهم في حالة فوضى وأجسادهم تعبث بها كما تشاء هواتف خارجية أو الرّوح الثانويّة وتدفعها للقيام بأشياء غريبة. تحدّثهم مثلا بأن يلقوا أنفسهم من سطح بناية شاهقة ويفعلون ذلك أو بأن يلقوا أنفسهم في الماء ويفعلون ذلك ؛ هم أنفسهم لم يعودوا يرغبون في العيش ويضعون أجسامهم بين يدي الآخرين.هذا ليس بالـزوهيو رومو وإنما هم اتـّبعوا طريقـًا باطلة في الممارسة، وهذا لأنّ نواياهم منذ البداية لم تـكُنْ مُستقيمة. هناك من يظنّ أنه يكفي القيام بحركات متأرجحة للقول بأنّ تلك ممارسة، وفي الواقع إن تمّت الممارسة على ذلك النـّحو، سينجرّ عن ذلك عواقب وخيمة. وهذا لا يُعَـدّ ممارسة ً بل من تعلـّقات الناس العاديّين النفسية وسعيهم لتحقيق رغباتهم.

 

 وهناك حالة أخرى وهي التشي الذي ينحبسُ في موضع مّا أثناء الـممارسة ويبقى على تلك الحال. مثلا يصعد التشي إلى قمـّة الرأس ولا ينزلُ مُجدّدا وهي حالة تـُولـّد الخوف لدى بعض الناس، لا ننسى أن هذا الجسد هو عبارة عن كون ٍ مصغـّر ؛ وخصوصًا بالنسبة لطرق المدارس الطاويّة، عندما يحينُ وقت اجتياز التشي، بالامكان التعرّض لبعض العراقيل ؛ لأنه عندما لا يتمّ الاجتياز يبقى التشي يدور في ذلك الموضع. وهذا لا يتمّ فقط في أعلى الرأس بل في مواضع أخرى من الجسد أيضًا ؛ ولكنّ الموضع الأكثر حساسية ً في جسم الانسان هو أعلى قمـّة الرأس. يصعد التشي إلى أعلى الرّأس ثمّ ينزلُ، فإن لم يتمكّن التشي من المرور، يحسّ الشخص بثقل في الرأس ويُحسّ أن رأسه منتفخة وأنها كما لو كانت ترتدي خوذة ً من التشي سميكة ً للغاية... ولكنّ التشي ليست له أيّ وظيفة حسّاسة أو مركزيّة، ولذا لا يمكنُ أن يسبّب أيّ مشكلة للإنسان، كما لا يمكن أن يُولـّدَ أيّ مرض. البعض لا يعلمون حقيقة التشيكونق ورغم ذلك هم يُصدرون أحكامًا اعتباطية ً وكيفما اتـّفق مسبّبين جوّا من الفوضى واختلاط المفاهيم. فيظنّ الناس أنّ التشي الذي ينحبسُ في أعلى الرّأس ولا يُمكنه النزول سيتسبّبُ في حالة الزوهيو رومو والانحراف، ونتيجة ذلك أنّ أكثرهم يُصابُ بالرّعب. 

 

بينما هذه الحالة هي في الواقع مرحليّة وتستغرق مدّة زمنيّة مُعيّـنة، صحيح أنها بالنسبة للبعض يمكن أن تطولَ حتى أكثر من ستة أشهر؛ في هذه الحالة لو يضعون الأمر بيد معلـّم تشيكونق حقيقيّ ليُمرّر ذلك التشي فإنّ هذا الأخير سينزل في النهاية. إذن كلّ مرّة يتعطـّـل فيها مرور التشي أثناء الممارسة، علينا أن نبحث عن الأسباب في السين سينغ ونرى ما إذا كنا مكثنا في درجة مُعيـّـنة ولم نتجاوزها ونتقدّمْ، يجب إذن أن نرفع السين سينغ ! إذا شهدت طبيعتكم الأخلاقيّة ارتفاعًا فإنّ ذلك التشي سينزلُ حتمًا. أنتم تـُركّزون اهتمامكم دائمًا على تحوّلات القونق دون أن تـُعيروا مسألة الطبيعة الأخلاقية ما تستحقه من اهتمام، ولكن ارتفاع درجة الطبيعة الاخلاقية هي الرّكيزة لحصول تلك التحوّلات، حينها فقط سيحصُل تحوّل شامل. انحباس التشي لا يُسبّب مشاكل للفرد، في أغلب الأحيان تأتي المشاكل من الحالة النفسية، بالإضافة إلى ما يتردّد على المسامع من أقاويل معلمي التشيكونق الدّجالين من أنّ ركود التشي في قمّة الرأس يُسبّب الانحراف، وهذا يولـّد الخوف. من الممكن جدّا أنّ هذا الخوف هو الذي يُولـّد المشاكل حقـّا، لأنكم حالما ترتاعون، يكون الخوف في نفوسكم، أليس هذا تعلـّقـًا ؟ أليس مهمّتنا هي نزع كلّ التعلـّقات منكم ؟ لذلك فإنه كلـّما زاد روعكم، كلـّما بدا وكأنّ مرضكم يشتدّ ؛ ينبغي حتمًا جعلكم تنزعون هذا التعلـّق ؛ سنجعلكم تفهمون العبرة من هذا الدرس جيّدًا لكي تتخلـّصوا من حالة خوفكم وترفعوا مستواكم.

 

في المُستقبل، سيشعر الممارس أيضا بنوع من التوعّك في أثناء التعهد والممارسة، لأنّ أنواعًا كثيرة من القونق ستظهرُ في جسدكم، وهذه الأخيرة هي أشياء قويّة جدّا، وهي تتحرّك بدون انقطاع داخل جسدكم وتـُسبّب لكم انزعاجًا بكيفيّة أو بأخرى. السّبب الرئيسيّ لتوعّككم هو خوفكم الدائم من حالة المرض ؛ في الواقع لقد تكوّنت في جسدكم أشياء قويّة للغاية، كلـّها قونق وقدرات قونق، بالإضافة إلى كثير من الكائنات الحيّة. من الطبيعيّ أنها عندما تتحرّك، ستحسّون بدغدغة، بآلام، بتوعّكات... النهايات العصبيّة هي أيضًا حسّاسة جدّا، لذلك فإنّ حالاتٍ كثيرة ومتنوّعة يُمكن أن تحدثَ. طالما أن جسدكم لم يتمّ تحويله إلى مادّة طاقيّة علويّة، ستحسّون دائما بأشياء من ذلك القبيل وهو في الواقع أمر جيّد. ولكنّ البعض، رغم كونه ممارسًا، يظنّ نفسه دائما شخصًا عاديّا ويظنّ نفسه مريضًا. كيف سيُمارسُ إذن ؟ عندما تردُ امتحانات أثناء الممارسة، إن بقيتم تعتبرون أنفسكم أشخاصًا عاديّين، أقول أنّ طبيعتكم النفسية قد سقطت في نفس الحين إلى مستوى الأشخاص العاديين فعلا ً. نعم، على الاقلّ في هذه الناحية تكونون قد تقهقرتم الى درجة الناس العاديين.

 

بما أننا ممارسون حقيقيّون، علينا دراسة هذه المسألة من مستوى عال جدّا، لا من وجهة نظر الناس العاديين. عندما تعتبرون أنفسكم مرضى ومُعتليّن، يمكن أن يُسبّـب ذلك لكم المرض فعلاً. لأنكم حالما تأخذون ذلك على أنه مرض، فإنّ طبيعتكم النفسية قد استقرّت على نفس درجة الناس العاديين. بينما بالنسبة لمن يقومون حقـّا بالتعهّد والممارسة، هذه الحالة لا يمكن أن تسبّبَ مرضًا. الكلّ يعلمُ أنه بالنسبة لمن يمرضُ حقـّا، فإنّ الحالة النفسية تـُمثل 70% من المرض والمرض نفسُه لا يُـمثل سوى 30% بالمائة الباقية. في أغلب الأحيان، تكون الوضعيّة النفسيّة للمرء في حالة بالغة من الانهيار واليأس، ويغمرُه الإحساس بعبءٍ ثقيل للغاية، لذلك يتغلغلُ المرضُ ويتمكّنُ منهُ بسرعة، هذا ما يحصل عادة ً. ولأذكرْ مثالاً على ذلك: كان هنالك رجل قد أحكموا وثاقه إلى سرير وأخذوا ذراعه وأخبروه أنهم سيُسيلون دمهُ إلى حدّ الموت، ثمّ جعلوا رباطـًا على عينيه وجرحُوه جُرحًا خفيفـًا في معصمه (لم يكن ينزفُ بتاتـًا)، ثمّ فتحوا الحنفية ليُسمِعوه صوت انسكاب قطرات الماء، ولكنه ظنّ أن دمه هو الذي ينسكبُ وما هو إلاّ زمن قصير حتىّ ماتَ. تأمّـلوا، في الواقع، لم يكن جُرحُه بالغاً بالمرّة ولم ينزفْ، لقد كانت قطرات ماء الحنفية هي التي تـُصدرُ صوتـًا، وهكذا فإنّ ذهنه وحالته النفسيّة هما اللـّذان قاداه إلى الهلاك. عندما تعتبرون أنفسكم مرضى باستمرار، يُمكن أحيانـًا أن تسبّبوا المرضَ لأنفسكم بأنفسكم ؛ لأنّ طبيعتكم النفسية تكونُ قد نزلت إلى مستوى الإنسان العاديّ، وهذا الأخير من الطبيعيّ أن يمرضَ.

 

 بصفتكم ممارسين،إن كنتم تأخذون ذلك دائمًا على أنه مرض، هذا يعني أنكم في الحقيقة تسعوْن وراء المرض، إن كنتم تسعوْن وراءه فإنه يتمكّن من الحلول فيكم .على الممارس أن يتحلىّ بطبيعة أخلاقيّة ونفسيّة عالية، لا يجب أن تكونوا دائمًا في حالة خوف من إمكانيّة أن تكون هذه الأشياء مرضًا، لأن هذه الخشية هي بدورها تعلـّق ويُمكن أن تعود عليكم بالعواقب السّيئة. أثناء الممارسة، ينبغي القضاء على الكارما، وهذه العملية صعبة ومُؤلمة، كيف لكم أن تـُنمّوا القونق إذا كنتم دائمًا في الرّاحة والنعيم ؟ كيف سيُمكنكم نزع تعلـّقاتكم ؟ إليكم هذه الطرفة البوذية: كان فيما مضى شخص تعب كثيرًا وجاهد  في ممارسته وتعهّده للحصول  على درجة "أرهات". كان هذا الرّجل على وشك الحصول على ثمرة الكمال، فكيف لا يكون في قمة السعادة والغبطة ؟ لقد انفصل عن العوالم الثلاثة ! ولكنّ هذه الفرحة تـُمثل للأسف تعلـّقـًا، إنه الاغتباط. في حين أنّ الأرهات يجب أن يكون في مقام السّكينة واللاّ- فعل. إذن فقد سقط وذهبت كل مُمارسته سُدىً. ومثلما قام بممارسته، وجب عليه إعادتها من جديدٍ، لذلك مارسَ مرّة ً ثانية، وبعناءٍ بالغ، ارتقى من جديدٍ الى تلك الدّرجة. لكن في هذه المرّة انتابه الخوف وحدّث نفسه قائلا: "هذه المرّة لا يجب أن أشعرَ بالفرح وإلاّ سقطتُ من جديدٍ". ولكنه حالما شعُرَ بالخوف، سقط ثانية ً لأنّ الخوف يمثلُ أيضًا تعلـّقـًا.

                           

وهذه الآن حالة أخرى، لمّا يصابُ البعض باختلال في العقل، يُقال أنهم أصيبوا بالـزوهيو رومو. هناك أيضًا منْ يتوقــّعُ أنني سأعالج أمراضه النفسيّة ! إنّ الاختلال أو المرض النفسيّ ليس "مرضًا" بما تعنيه الكلمة، ومهما كان الأمر، ليس لديّ الوقت لمثل هذه الأشياء. لماذا ؟ لأنّ المرضى نفسيّا لا يُعانون من فيروسات أو جراثيم، ولا يُعانون من التهابات أو قروح، في رأيي أنهم لا يُعانون من مرض. الاختلال العقليّ أو النفسيّ هو عبارة عن ضعف فادح في الوعي الرئيسيّ (تسو ييشي)، ما مدى هذا الضعف ؟ تمامًا مثل شخص عاجز عن السيطرة والتحكّم في ذاته، فإنّ الوعي الرئيسيّ للمختلّ يكون في حالة مماثلة: إنه لا يـُريد تحمّـل مسؤولية الجسد المُناط بعُهدته، وهو باق في حالة شبه غيبوبة ولا يـُريد الاستفاقة. في هذه الحالة يقومُ الوعي الثانويّ (فو ييشي) ومصادر خارجية أخرى بإزعاجه، وبما أنه توجد درجات كثيرة جدّا في مختلف العوالم، فيُمكن أن تردَ عليه شتىّ الهواتف والنداءات ومختلفها. بل أكثر من ذلك، روحه الفاعلة يُمكن أن تكونَ قد ارتكبت أفعالا سيّئة في حياتاتها السابقة، وها أنّ بعض دائنيها يُريدون إلحاق الضرر بها، وباختصار فإنها عُرضة لكلّ شيءٍ. هذه إذن حقيقة الاختلال العقليّ والأمراض النفسية قد بيّـنتهُا لكم، كيف تـُريدون لي أن أعالج هذا ؟ تلك هي إذن حقيقة مسألة الاختلال. ما العمل إذن ؟ يجب تربية الوعي وتنشئته وبعث القوّة والنشاط فيه، وهو أمر يعسرُ جدّا تحقيقه. في مستشفى الأمراض العقلية، عندما يُشهر الطبيب الدبّوس الكهربائي، يفزع المريض ويكفّ في الحال عن الهذيان. لماذا؟ لأنه آنذاك استجمعت روحه الفاعلة كلّ قواها وذلك خوفـًا من الصّعقة الكهربائيّة.

             

عندما يدخلُ الفرد ميدان التعهّد والممارسة، غالبًا ما يُثابر ولا يريد الانقطاع عن الممارسة، الكلّ يملكُ في داخله طبيعة بوذا، الكلّ يملك الإرادة لاتـّباع الطريق، لذلك فإنّ الكثيرين حالما يتعلـّمون الطريقة، يواصلونها بقية حياتهم. هل بلغ المبتغى أم لا في تعهّده، هل حصل على الشرع أم لا، على كلّ حال فإنّ قلبه يبحث عن الطريق، وها هو يُـثابر ويُواصل في ممارسته. كلّ الناس يعلمون أنه يقوم بالممارسة، الزّملاء في المكتب، الأجوار وسكّان الحيّ.. الكلّ يعلم أنه ممارس. ولكن فكّروا: من كان يقوم بالممارسة الفعليّة طوال هذه السّـنوات ؟ لا أحد. وحدهما التعهّد والممارسة الحقيقيّان بامكانهما تغيير مسار حياته. ولكن إذا كان إنسانـًا عاديّا لا يمارسُ إلاّ من أجل المداواة والحفاظ على الصّحة واللياقة البدنية، من سيُغيّر مسار حياته ؟ بالنسبة لإنسان عاديّ، من الطبيعيّ أن يمرضَ يومًا، وأن يُلاقي مشاكل وعراقيل يومًا آخرَ، وأن يُصابَ بمرض نفسيّ يومًا آخر أو أن يموتَ أخيرًا، هذه هي حياة الانسان العاديّ. أنتم ترونه يقوم بالتمارين في المنتزه، في الواقع إنه لا يتعهّد ولا يُمارس حقـّا ؛ إنه يتمنـّى فعلاً أن يرتقي إلى مستويات عليا عبر التعهّد والممارسة ولكنه لم يحصل بعدُ على الشرع الحقّ ودون الحصول على الشرع الحقّ، لا يُمكنه تحقيق مسعاه في الترقيّ. إنه لا يملكُ سوى الرّغبة في التعهّد والممارسة والترقيّ إلى الأعلى، ولكنه في الأثناء يظلّ ممارسًا لا يتجاوز درجة المداواة واللياقة البدنية أي الدّرجة الدنيا. لا أحد سيغيّر له وجهة حياته. إن لم يعتن بالدو، فلن يُشفى حتـّى من أمراضه ؛ لا شيء ينصّ على أنّ الفردَ ليس بمأمن  من الأمراض بمجرّد ممارسته للتشيكونق.

 

 يجبُ أن يتعهّد ويمارسَ حقـّا ويُولي السّين سينغ كلّ الاهتمام. وحدهما التعهّد والممارسة الحقيقيان يُمكّـنان من إزالة الأمراض. وبما أنّ الممارسة ليست رياضة بل شيئـًا يتجاوز مستوى الناس العاديين، فإننا نـُـلزمُ الممارسَ بأن يتصرّف وفق مبادئ ومقاييس عالية، ولن يتمكـّن من بلوغ هدفه إلاّ بعد أن يُوفي تلك الشروط. ورغم هذا، الكثير من الناس لا يتصرّفون كذلك بل يبقون دائمًا أناسًا عاديّين لا غير، إذن، من شأنهم أن يُصابوا بالمرض في هذا اليوم أو ذاك. ويحدثُ أن يُصابَ يومًا بسكتة دماغية فجأة، أو تداهمَهُ إحدى الأمراض أو يختلّ توازنه العقلي أو تستبدّ به إحدى الأمراض النفسية، ولكن بما أنّ الجميـع يعلمون أنه ممارس فإنّ أمر اختلاله سيُـنسَبُ حتمًا إلى الممارسة ويُقال أنهُ سقط في الزّوهيو رومو ؛ وهكذا يُنعَتُ ميدان التعهّد والممارسة بشتـّى النعوت باطلاً وتحاملاً. فكرّوا: هل من الإنصاف القول بمثل هذا ؟ إنّ غير الممارسين يجهلون هذه الأمور، وحتـّى العارفون والممارسون في ميداننا... يبدو أنهم أيضًا يجدُون صعوبة في التعرّف إلى الحقيقة.  كان الأمر يكونُ أفضل لو أنه أصيبَ بتلك المحنة في المنزل ومع ذلك لن يمتنعوا عن قذف الممارسة بالتهمة، أمّا إذا كان ما حدث قد حدث على أرضيّة الميدان، فتلك هي الكارثة حقـّا، لا مفرّ من إلصاق التهمة و بدون تردّدٍ: "الممارسة  تجلبُُ الزوهيو رومو"، حتى الصّحف تصدر مقالات عن الحادثة. هناك من الناس من يعترض بشدّة على التشيكونق مُشيحًا بوجهه عن الحقيقة: "انظروا، ألم يكن يمارس منذ دقائق وهو على أحسن ما يرام ؟ انظروا الآن في أيّة حال هو". بالنسبة لإنسان عاديّ، كلّ ما هو مُقدّر أن يحدثَ له سيحدثُ بالتأكيد، ربّما في قدَره أنه سيُصابُ بأمراض أخرى أويتعرّضُ لصعوباتٍ أخرى، هل من العدل نسبة هذا إلى الممارسة ؟ هذا شبيه بمَـثل الأطبّاء في المستشفى: بما أنهم أطبّاء عليهم ألاّ يمرضوا أبدًا. هل هذا منطقيّ ؟

                                                                                                                 

لذا نقول أنّ الكثير من الناس يجهلون حقيقة التشيكونق ويجهلون مبادئه، فيتحدّثون عنه كيفما اتـّفقَ وبطريقة اعتباطية. كلـّما حدث مشكل أمطروا التشيكونق بسيل من الاتهامات. وبما أنّ التشيكونق لم ينتشر في المجتمع سوى منذ أمدٍ قريبٍ، فإنّ عددًا كبيرًا من الناس ذوي الأفهام المُتصلـّبةيُصرّون على عدم الاعتراف به، على القدح فيه وتجنـّبه ؛ لا ندري ما يجول بأذهانهم حقـّا، إنهم يكرهون التشيكونق الى درجةٍ بالغةٍ وكأنهُ يعنيهم مباشرة، حالما يسمعون عبارة "تشيكونق" يطلقون نعوتا مثل "خياليّ"، "خُرافيّ"..إنّ التشيكونق علم ؛ بل أسمى العلوم. الناس من هذا النوع مفاهيمهم متحجّرة ومعرفتهم ضيّقة ومحدودة.

                                                                                                                                                

وهذه حالة أخرى، هناك في أوساط التعهّد والممارسة ما يُسمّى بـ"حالة التشيكونق"، الأشخاص الذين تظهر عندهم هذه الحالة يُعانون من نوع من الاضطراب العقليّ، ولكنه ليس الزوهيو رومو، لأنهم يبقون عاقلين ومنطقيّين. فلـْـنـَرَ أوّلاً ما هي "حالة التشيكونق" هذه. الكلّ يعلمُ أنّ ممارستنا تولي أهمّية لمسألة الاستعداد. في كلّ بلدان العالم، هناك ناس لهم اعتقاد دينيّ ؛ ومنذ آلاف السّـنين في الصّين، هناك ناس يؤمنـُون بالبوذيّة والطاويّة، وهُم يعتقدون جازمًا أنّ عمل الخير سيُـثابُ وعمل الشرّ سيُعاقــَبُ. ولكنّ بعض الناس لا يُصدّقون ؛ وهذا ما حدث خاصّة ً في الثورة الثقافية الكُبرى، وقع انتقاد كل المعتقدات بشدّة ووصْفـُها بأنها خرافات. البعض يأخذ كلّ ما لم يتوصّـلْ إلى فهمه، كلّ ما لم يصادفه في الكُـتب، كلّ ما لم يكتشفه العلم الحديث بعدُ على أنه خرافات. هذا الصّـنفُ من الأشخاص كانوا كثيرين الى حدّ سنواتٍ قليلةٍ مضَتْ، حاليّا تناقص عددهم. لأنه توجد ظواهر تجلـّتْ وحدثت في عالمنا اعترفتم بها أم لم تعترفوا. أنتم لا تجرؤون على الاعتراف بهذه الحقيقة، ولكن رغم ذلك، هناك اليوم من يفعلُ ذلك و يتحدّث عنها مُطوّلا، وعبر ما يتناهى إلى الأسماع والأبصار، يُمكن معرفة بعض الأشياء عن الممارسة.

                                                                                                                          

هناك أشخاص شديدوالعناد، حالما تتحدّثُ أمامهم عن التشيكونق يستهزؤون بك من أعماقهم ويعتقدون أنك بصدد ترويج الخرافات وأنك مثير للسخرية فعلاً،وحالما تتحدّث عن ظواهر التشيكونق يعتبرون أنك جاهل. رغم شدّة العناد هذه، فإنّ هؤلاء الأشخاص ليسوا بالضرورة ذوي استعداد سيّء. إن كان هذا الشخص يتمتـّع باستعدادٍ جيّدٍ ومارس التشيكونق، فربّما ستـُفتـَحُ عينه الثالثة مباشرة ًعلى درجةٍ عاليةٍ جدّا وقدرات القونق ستظهرُ عنده. قلنا إذن أنّ هذا الشخص لا يُؤمن بالتشيكونق، وهو في الآن نفسه لا يضمن عدم الإصابة بمرض ٍ أبدًا. إذن عندما يُصابُ بمرض يذهب لمقابلة الأطبّاء في المستشفى ؛ إن فشل الطبّ الغربيّ في مداواته، يذهب لمقابلة طبيبٍ في الطبّ التقليديّ الصينيّ ؛ ولمّا يعجز الطبّ الصينيّ القديم كما تعجز كلّ الوصفات الشعبية التي استعملها عن مداواته، يتذكر التشيكونق في ذلك الحين: "سأجرّب حظـّي لأرى لعلّ التشيكونق يقدرُ أن يشفيني." وهكذا يذهبُ رغمًا عنه. حالما يلتزم بالممارسة وهو على ما نعلم من استعدادٍ جيّدٍ، فانه يحصلُ منذ البداية على نتيجةٍ طيبةٍ. ولعلّ مُعلـّمًا يُعجَب به أو أنّ بعض الأرواح العلوية في عوالم أخرى تمدّ له يد المساعدة. وها أنّ عينه الثالثة تـُفتـَحَُ أو أنه يدخل في حالة "تحقق جزئي". ستفتحُ عينه الثالثة على مستوىً عال جدّا، وها أنه فجأة يُشاهد بعض حقائق الكون، وزيادة ً على ذلك، قدرات القونق تظهر عنده. فكّروا: ذلك النوع من الأشخاص تحصل له مثل هذه الأشياء، هل تتوقــّعون أن عقله سيتحمّـل ؟ فكّروا في الحالة النفسية والذهنية التي سيكونُ عليها. ما كان دائمًا يعتبرُه خرافة ومن أبعد المستحيلات، ما كان يسخرُ منه ويستهزءُ به، ها أنه يَمْـثــُلُ حقيقة ً أمام عينيه و يستطيـع أن يلمسه بيديه. إذن فإنّ عقله لن يتحمّـلَ وسيكونُ الأمر شديدًا على حالته النفسية إجمالاً، وبالتالي ستصير أقواله غير مفهومة للآخرين. صحيح أنّ تفكيره سيبقى سليمًا ومنطقيّا، ولكنه لا يستطيـع تحقيق التـّوازن بين الجهتين: هذه الجهة والجهة الأخرى، سيكتشفُ أن كلّ أفعال البشر على باطل، وأنّ أكثر أفعال الجهة الأخرى على حقّ. فإن هُو تصرّفَ وفق طبيعة الجهة الأخرى، سيجدُ الناس أنه مخطئ وأنه حَادَ عن الجادّة، لن يفهموا حالته وسيقولون ببساطة أنه وقع في الزوهيو رومو أثناء ممارسته.

                                                                            

في الواقع، حالته تلكَ ليست الزوهيو رومو ؛ أغلبنا لن يُصادف إطلاقــًا هذه الظاهرة في ممارسته، ولكن الأشخاص الذين هم على درجة شديدة من العناد سيعرفون حالة التشيكونق التي كنا نتحدّث عنها. من بين الأناس الحاضرين هنا معنا، هناك عدد لا بأس به ممّن عيونهم الثالثة مفتوحة. لقد شاهدوا حقـّا أشياء من السّماوات الأخرى ولكنهم لا يستغربونها بل يجدونها رائعة ً للغاية، وعقولهم لا تضطربُ عند حُدوثها، ولن يدخلوا في "حالة التشيكونق" هذه. نذكر أنه في "حالة التشيكونق"،  يبقى الشخص سليم التفكير، أقواله تكون فلسفيّة، بل منطقية وبليغة. ولكن ما في الأمر هو أنّ الآخرين لا يُصدّقونه. ستجدونه يقول من وقتٍ إلى آخر أنه رأى ذلك الميّت أو ذاك وأنه طلب منه أن يفعل كذا. هل يُصدّق شخص عاديّ بهذا ؟ مع مرور الوقت سيفهمُ أنّ هذه الأشياء يجب أن تبقى سرّا ويجب أن يتجنـّب البوحَ بها وعرضَها، ويومَ يتوصّـل إلى تحقيق التـّوازن والاعتدال بين الجهتين، كل شيئ سيعودُ طبيعيّا. وغالبًا ما يتمتـّع هؤلاء الأشخاص بقدرات القونق، وهذا أيضًا لا يُمثل الزوهيو رومو بأية حال.

 

هناك أخيرًا حالة تسمّى بـ"الجنون الحقيقي" وهي حالة نادرة جدّا. حالة الجنون الحقيقي هذه ليست جنونا حقيقيّا في الواقع، ليس هذا هو المعنى، إنها تمثل تعهّد الحقيقة. في أيّ شكل يتمثل هذا الجنون الحقيقيّ ؟ إنها حالة نادرة للغاية، ربما وجدنا هذه الحالة في شخص ٍ واحدٍ على مائة ألف شخص .إذن فهي ليست ظاهرة عامّة وليس لها تأثير على المُجتمع.

                                                                                             

الجنون الحقيقي لا يحدثُ إلاّ في حالة الاستجابة لهذين الشرطين: أن يكونَ الشخص المعنيّ ذا استعدادٍ رفيـع جدّا، وأن تكونَ سنـّهُ متقدّمة كثيرًا. مع هذه السنّ المتقدّمة، لم يعد هناك ما يكفي من الوقت للتعهّد والممارسة. الأشخاص الذين يتـّصفون باستعدادٍ مُمتاز جدّا هُم عادة أشخاص مُكلـّفون بمُهمّة وقد قدِموا من درجات سماوية عالية. ولكنّ المجتمع البشري العاديّ هو مصدر خوفٍ وقلق ٍ لهؤلاء، لأنّ من يُولـَدُ فيه يمكنُ أن ينسى أصوله، سيتكيّفُ ذهنه على شاكلة الناس العاديين، وما هو إلاّ زمن حتى تـُطمَسَ ذاكرة هؤلاء الأفراد العلويّين ؛ غالبًا ما يُولـّد لديهم اختلاطهم بالعاديّين حبّ الشهرة وحبّ المال، وينتهي بهم الأمر الى السّقوط والتخبّط في دائرة العذاب دون مخرج ٍ. وهو الأمر الذي يُسبّب الخوف من الولادة في المجتمع البشريّ، لا أحد يجرؤ على القدوم الى هذا العالم. إذن بالنسبة لهؤلاء، لا يمرّ وقت قصير على مجيئهم حتى تزلّ أقدامهم ويصيرون مهدّدين بالسقوط إذ يرتكبون الكثير من السّيئات: أثناء الحياة في المجتمع، يجد الانسان نفسه داخل حلبَة الصّراع عن مصالحه وشؤونه الخاصة، وهذا يجرّه إلى اقتراف كثير من الذنوب وتسجيل كثير من الدّيون. في الجهة الأخرى، يُعاين مُعلـّم هذا الشخص هذه الحالة ويرى أنه سيسقط، ولكنه ليس شخصا عاديّا، لقد امتلك سابقـًا مرتبة الثمرة (قوو واي)، لذلك لا يجب تركُهُ يسقط بتلك السهولة ! ما العمل ؟ إنهُ يخشى عليه ولكنه لا يجد طريقة يدفعُهُ بها نحو التعهّد والممارسة، وأين نجدُ المعلـّم الكُفءَ في ذلك الحين ؟ يجب أن يرجع هذا الشخص إلى موطنه الأصليّ ويجب أن يتعهّد من أجل الرّجوع. و لكن هذا ليس بالأمر الهيّن ! إنه مُسنّ، لم يعُدْ في العمر ما يكفي للتعهّد، من أين له بطريقةٍ تتعهّد في نفس الوقت الرّوح والجسد؟

                             

إذن في هذا الظرف الخاصّ والدقيق، وفقط بالنسبة لأولئك الذين يتميّـزون باستعدادٍ رفيـع للغاية، يستعملون معهم هذه الطريقة ويتصرّفون لجعلهم يـُصابون بالجنون. وهو إجراء يتخذونه في الحالة القصوى أي عندما يفقدون الرّجاء في كون ذلك الشخص قادرًا على أن يتعهّد نفسهُ بنفسهِ وأن يقطعَ الطريق وحدَه، إذن يتولـّوْن إصابته بالجنون عبر تعطيل بعض الأجزاء في دماغه. مثلا نحن البشريّون نخشى البرد ونخشى القذارة، إذن يتولـّوْن تعطيل الجزء الخاص بتجنـّب البرد وذلك الخاص بتجنـّب القذارة. إثر ذلك يختلّ توازن ذلك الشخص ويصيرُ مجنونـًا حقـّا. ولكن عادة، هذا النوع من الناس لا يُلحقُ الضّرر بالآخرين، أي أنه لا يشتمُ أحدًا ولا يضربُ أحدًا، بل يقوم عادة بأفعال طيّبة. ولكنه في المقابل يُعامل نفسه بقسوة ٍ؛ بما أنه لا يُحسّ بالبرد، فإنه لا يعبأ مثلاً أن يجري حافيًا في الثلج وفي عزّ الشتاء، مُرتديـًا أسمالا ًوغيرَ مُبال بأكفّ قدميه المتجمّدتين والدّمُ ينزفُ منهما. وبما أنه لا يُدرك القذارة، فيمكن أن نجده يأكل الفضلات وحتىّ الغائط... لقد عرفتُ في الماضي شخصًا من هذا النوع، كان يقضم ُبشراهةٍ روْثَ الحصان المتجمّد اليابس، وكان يتحمّل مشاقـــّا يستحيلُ أن يتحمّـلها شخص وهو في تمام وعيه. لكم أن تتخيّلوا إذن مقدار المعاناة التي يُكابدها هذا النوع من الأشخاص بسبب جنونه ؛ من المعروف أيضا أنه عادة ًما يكون مالكـًا لقدرات القونق في نفس الوقت، وهي حالة نجدها خاصّة عند النساء المُسنـّات. مثلاً كانت أقدام النساء المُسنـّات معصوبة ولكنّ إحداهنّ  كانت تستطيع أن تمرّ جريًا على حائط يزيد ارتفاعه على المترين ! وعندما يُعاين ذويها أمر جنونها، يمنعونها من الخروج ويسجنونها في حجرةٍ لوحدها، ولكن حالما ينصرفون تـُـشير بإصبعها إلى القفل فينفتح هذا الأخير بكل يسر ٍ، ثمّ يلجؤون إلى تقيـيدها فيُحكِمون وثاقها بسلسلة حديدية ولكن حالما يغادرونها، تـُـزيحُ عنها تلك السلسلة بهزةٍ بسيطةٍ. وهكذا لا يتمكّن أحد من إبقائها في مكان، فتهيمُ على وجهها وتـُـقاسي مِحنـًا ومشاقــّا جمّة وهذه المحنُ والمشاقّ تتوالى عليها بقسوةٍ وبدون هوادةٍ إلى درجة أنها تتمكّن من تسديد كلّ ديونها بسرعة فائقة، إنها مدّة لا تتجاوز ثلاث سنين على أكثر تقدير وهي في العادة تمتدّ بين السّـنة والسّـنتين، ولكنّ حجم المعاناة كبير حقـّا. إثر ذلك يعود هذا النوع من الأشخاص فجأة ً إلى رُشدهم، لأنهم بهذا يكونون قد أتمّوا تعهّدهم وممارستهم. فيتمّ إذن مُباشرة ً إطلاق القونق الذي بحوزتهم وتظهرُ عندهم مُختلف الشانتونق. لقد شهد التـّاريـخ عدّة حالات مماثلة، ولكن هذا لا ينفي أنه أمر نادر ولا يحدثُ مُطلقـًا عند أشخاص ذوي استعدادٍ عاديّ. نعلمُ أنه وُجـِدَ عبر التـّاريـخ رهبان مجانين وطاويّون مجانين، وتوجدُ إلى الآن قصص حياتهم وأخبارهم، مثل الرّاهب المجنون الذي طرد بمكنسته رئيس الوزراء "شين هوي، Qin Hui" من المعبد أو قصة الطاوي المجنون والأمثلة عديدة جدّا.

                       

نحنُ نـُؤكّد أنّ الزوهيو رومو لا يُوجد إطلاقــًا. إن كان هناك حقـّا شخص قادر فعلاً على أن يبعث النارَ، أنا أقول أنّ ذلك الشخص رائع. إن كان يستطيـع أن يُرسل شواظ النار عندما يفتحُ فمهُ، ويمُدّ يدَهُ في الفضاء فتنـبثقُ النار، ويُشعل سيجارته فقط بحركةٍ من أصابعه، فإنّ ذلك من قدرات وخوارق القونق !

 

 

الممارسة تجلب الشـياطين

 

ماذا نعني بقولنا "الممارسة تجلب الشّياطين" ؟ هذا يعني أنه أثناء الممارسة تـَردُ علينا أمور دخيلة تشوّشنا. كيف لممارسة القونق أن تجلـِبَ الشّياطين ؟ هذا مردّه أن أمر التعهّد والممارسة صعب حقـّا. إن كنتم تتعهّدون فعلاً دون حماية جسم الشرع الذي يتبعني، من المُحال أن تـُحققوا أيّ شيءٍ بل إنّ حياتكم ستكون في خطر حالما تغادرون المنزل. تذكّروا أن اليوانشان لا يفنى، من الأكيد إذن أنكم أثناء دوركم الإجتماعيّ في حياتاتكم السابقة تداينتم من البعض أو أسأتم معاملة البعض الآخر أو ارتكبتم نوعًا من الإثم، وها أن الدّائنين يأتون جادّين في طلبكم. هناك في البوذية المقالة التالية: "كلّ حياة الإنسان إنما هي عبارة عن سلسلة تسديد الكارما." إن كنت مدينـًا يأتي الدّائن يسترجعُ حقـّه، فإن زاد على حقـّه وتجاوزهُ، سيُوفيكَ إيّاه في المرّة القادمة. إن كان الولد غير مطيـع ٍ لوالديه ففي الحياة القادمة ستنقلبُ الأدوار. وهكذا نجد أنفسنا في حلقة دائمة الدّوران. ولكن إلى جانب ذلك، هناك فعلا شياطين يتدخـّلون لتعطيل سير ممارستكم، وهذا طبعًا لا يحصُلُ لكم مُصادفة ًومن غير المسموح لهؤلاء الشياطين أن يزعجوكم بصفة اعتباطية، بل وراء ذلك توجد علاقة سبب بنتيجة.

 

وإليكم الآن الصّـنف الأكثر تواترًا من أصناف جلب الشياطين عبر الممارسة: عندما لا تقومون بالممارسة، يكون كلّ ما حواليكم هادئًا. وبما أنكم تعلـّمتم الطريقة فإنكم تحبّون أن تـُمارسوا باستمرار، ولكن حالما تجلسون للممارسة، يكفّ ذلك الهدوء فجأة، منبّهات السيارات تملأ الفضاء، أصوات خطوات قادمة أو ذاهبة، أصوات حديثٍ، أصوات أبوابٍ تـُطبَقُ في البهو، جهاز الراديو يُفتحُ...لم يعد للهدوء مكان. عندما لا تكونون بصدد الممارسة، يكون الجوّ ساكنـًا وحالما تبدؤون فيها يتغيّر الأمر. الكثير منا لم يُفكرْ في هذا الأمر بجدّية ويُحاولْ أن يفهمه، ويكتفي بالقول أن ذلك"غريب"، وهذا الـ"غريب" يُولـّد لديه شعورًا بالإحباط يجعله يعدِلُ عن الممارسة في ذلك الحين. وها قد تمّ نيْل المقصود: منعكم من الممارسة، لم يكن ذلك سوى الشيطان، هو الذي دفع الآخرين لإقلاق راحتكم. هذا هو الصّـنف الأكثر بساطة من بين التعطيلات التي تهدفُ إلى صرفكم عن الممارسة. أنتم تمارسون إذن ؟ وستحصلون على الطريق ؟ وديونكم السّابقة نسيتموها ؟ هل ستمرّون دون سدادها ؟ هذا غير ممكن. وهكذا فهو يفعل كلّ ما في وُسعه لتعطيل ممارستكم. ولكنّ هذه الحالة تهمّ مرحلة ً مُعيّـنة ً لا غير، وفي المرحلة التي تليها يُمنـَعُ الشياطين من التدخـّل ثانية، أي بعد إيفاء ديونكم لا يعود لهم الحقّ في إزعاجكم. يمتاز الفالون دافا بنسق ٍسريـع ٍنسبيّا في الترقيّ عبر التعهّد والممارسة، وهكذا يتمّ عبور عدّة درجاتٍ بسرعةٍ كبيرةٍ.

 

وها هو صنف آخر من تمثـّـل الشياطين. الكلّ يعلم أن ممارستنا يمكن أن تفتح العين الثالثة، بعض الممارسين الذين فـُـتِحَت أعينهم الثالثة يروْن مشاهد مرعبة أو وُجوهًا مثيرة للفزع أثناء ممارستهم في بيوتهم. بعض هذه الخلائق ينتصبُ شعره قائمًا فوق رأسه، بعضها الآخر يُريد التشاجر معكم، والآخر يُشير إليكم بشتـّى الحركات، ما نستطيـع قوله هو أنّ ذلك مُريـع حقـّا. في بعض الأحيان، أثناء الممارسة، يرى المرء العديد من هذه الوجوه تلتصقُ بزجاج النافذة، وهو مشهد مخيف. لِمَ يحدثُ هذا ؟ إنه شكل من أشكال تدخّـل الشياطين. وهذه الحالة نادرة لا محالة في مدرسة الفالون دافا، إنها لا تعدو أن تكون واحدًا بالمائة وأغلب الممارسين لا يمرّون بها، لأنها لا تـُفيدُ ممارستنا في شيءٍ، لذلك في العادة لا نسمح للشياطين بإثارتها. بينما في ممارسة الطرق العادية، هذه الظاهرة واردة بكثرة، بل الأكثر وُرودًا وتدومُ زمنا طويلا أيضًا. لذلك يعدِلُ الكثير عن الممارسة بسبب الفزع. تخيّـلوا الأمر: غالبًا ما يختارُ المرءُ لممارسته في اللـّيل مكانـًا يُخيّم عليه السّكينة والهدوء، وبغتة ً يـُفاجَئُ بخيال شخص ينتصبُ أمامه، يجمع بين الهيئة الآدمية وهيئة الشّبح، من الطبيعيّ أنّ الرّعبَ سيتملكه ولا يجرؤ على مواصلة الممارسة. عُمومًا، هذه الظاهرة لا توجدُ في الفالون دافا، ولكن توجد دائمًا استثناءات لأنّ وضعيّة البعض خاصّة للغاية.

 

يوجد أيضا شكل آخر لتدخّـل الشّياطين، وهو يهمّ الذين يقومون بتعهّدٍ مُضاعفٍ باطنيّ وظاهريّ، أولئك الذين يقومون في نفس الوقت بتمارين فنون القتال والتعهّد الباطني. هذا النوع من الطرق موجود بكثرة في المدرسة الطاويّة. من يتعلـّمُ مثل هذه الطريقة ويتمكّنُ منها غالبًا ما يتعرّض لملاقاة نوع من الشّياطين. فالطرق ذات التعهّد المُضاعف (الباطنيّ والظاهريّ)، تلك التي تـُمارسُ فنون القتال، تستجلبُ حضور نوع من الشّياطين وذلك خلافـًا للطرق العادية. كيف ذلك ؟ هناك من يأتي ليتبارزَ مع الممارس. لأنّ عددًا كبيرًا من الناس في هذا العالم هم بصدد اتـّباع طريق مّا، وعدد كبير من بينهم يُمارسُ فنون القتال، ويقوم في نفس الوقت بالتعهّد الباطنيّ والظاهريّ. من يُمارس فنون القتال يستطيـعُ أيضًا أن ينمّي طاقتهُ (القونق). كيف ؟ عندما يتمكّن الممارس من ترك بعض التعلـّقات كحبّ الشهرة وحبّ المال، فهو يستطيـعُ أيضًا أن يُنمّي طاقته. ولكنّ هناك تعلـّقـًا لم يتخلـّص منه وهو ميله الطبيعيّ للصّراع، ولن يتمكّن من التخلص منه إلاّ بعد زمن ٍ، وإلى ذلك الحين يبقى هذا الميل هو نقطة ضعفه حتـّى بعد أن يُحقـّق مُستوىً مُعيّـنا. وهكذا، عند التـّأمل أو عند النوم، يرى أنّ شخصًا مّا بصدد القيام بالممارسة، فـتنطلقُ روحُه الفاعلة نحو هذا الشخص لترى أيّهما أفضل وأيّهما لديه أقوى "كونق فو، Kung-fu" مُـثيرة جوّ المنافسة والصّراع. ونفس الأمر يحدثُ في سماوات وعوالم أخرى، هناك أشخاص يأتون خصّيصا للتـّبارز والصّراع معه، إن رفض سيُحاولون قتله حقـّا، وهكذا تنشبُ معركة حامية وبلا نهاية.. حالما يُغمض عينيه، يهجمُ أحدهم للتـّبارز معه، إلى درجة أنّ نومه يبقى مضطربًا كلّ اللـّيل ولا يخلدُ إلى الرّاحة لحظة ً واحدة ً. في الحقيقة، هذا الاختبار هدفه هو دفعُهُ لنزع الميل إلى الصّراع، فإن لم ينزعْهُ يبقى على تلك الحال، وحتـّى بعد سنين طويلة، يبقى في تلك الدّرجة التي بلغها لا يتجاوزها أبدًا. ممّا ينتـُج عنه أنّ ذلك الشخص لم يعد بإمكانه الممارسة، جسمه المادّي لم يعد يتحمّـل، ويهدرُ الكثيرَ الكثيرَ من طاقته، ويمكنُ أن يصلَ به الأمر إلى الضّعف التامّ. إذن، يُمكن التعرّض لهذه الحالة في طرق التعهّد المضاعف الباطنيّ والظاهريّ، وهي حالة واردة بكثرة. وخلافـًا لذلك فإنّ في طريقتـنا، وهي طريقة تعهّد باطنيّ، لا توجد مثل هذه الحالة وحُدوثها غير مسموح به. لقد ذكرت الآن أشكالا ًعديدة للأمر وهي كلـّها تحدثُ بكثرة ٍ.

 

هناك أيضًا حالة أخرى من حالات تسرّب الشياطين، وكلّ الناس سيتعرّضون لها، والأمر سواء في مدرسة الشرع التي ننتمي إليها، كلّ شخص سيتعرّض لها، ألا وهي ملاقاة شيطان الجنس. هذا الأمر على غايةٍ من الجدّية والأهمّية. في مجتمع الناس العاديين، بفضل الحياة الزوجية يتمّ تواصل النسل وتتحقق استمراريّة النوع البشريّ. إنّ الإنسانيّة تنمو بتلك الطريقة، في المجتمع الإنسانيّ يوجدُ الشعور، لذلك فإنّ هذا الأمر من أكثر الأمور طبيعيّة ً في منظورالناس العاديين. يوجد الشعور لدى الإنسان ؛ الغضب شعور، الفرحة شعور، المحبة شعور، الكره شعور، الميل إلى الحركية والانشغال بشيءٍ مّا شعور، عدم الميل إلى ذلك شعور أيضا، اعتبار هذا الشخص أو ذاك جيّدًا أو سيّئًا شعور، حبّ القيام بهذا الشيء أو ذاك أو العُزوف عنه شعور، كلّ شيء ٍفي حياة الإنسان العاديّ هو شعور، والإنسان العاديّ لا يعيش إلاّ من أجل الشعور. بينما الممارس هو شخص غير عاديّ، لذلك لا يجب أن يتصرّف وفق ذلك، بل عليه أن يتجاوزه، لذلك علينا ألاّ نعبأ بكلّ الميولات والتعلـّقات التي تنشأعن الشعور، ثم نزعها كلـّيًا في النهاية. ومن الميولات والتعلـّقات الموجودة في الإنسان، نجد حبّ الجنس. يجبُ إذن التخلـّص منه.

 

مدرسة الشرع التي تتبعنا، بالنسبة لممارسينا الذين يتعهّدون ويُمارسون وسط الناس العاديّين، نحنُ لا نطلبُ منكم أن تترهّبوا، بل إنّ على ممارسينا الشّباب أن يتزوّجوا، إذن كيف تتمّ معالجة هذا المشكل ؟ لقد سبقَ وأن قلتُ أنّ مدرسة الشرع هذه تستهدف مباشرة ً قلب الإنسان ، بدون أن تعمَدَ بالضرورة إلى إلغاء المصالح المادّية . بل بالعكس إننا غالبًا ما نعمَدُ إلى امتحان طبيعة نفوسكم في غمرة الامتيازات المادّية لصقل هذه الطبيعة وسبكها وجعلها ترتقي فعلا. إن كانت قلوبكم زاهدة بطبعها عن الميولات والتعلـّقات، سيكون باستطاعتكم الانفصال عن كل شيء، أي أنه إذا طـُـلِبَ منكم وقتها الانفصال عن جميع مصالحكم المادّية، ستفعلون ذلك بسهولة. وإن كانت قلوبكم متعلـّقة بأيّ شيءٍ فلن تستطيعوا الانفصال عن شيءٍ. لذلك فإنّ الهدف الرئيسيّ من التعهّد هو تعهّد القلب. التعهّد والممارسة في المعابد يُجبركم على ترك تلك الأشياء، وذلك ليستأصلَ منكم تلك التعلـّقات، إنه يُرغمكم إرغامًا على قطع كلّ الوشائج والصّلات بهذه الأمور ؛ هذه طريقة المعبد. بينما نحن لا نطلبُ منكم نفس الشّيء، نحن نطلبُ منكم أن تزهدوا في هذه الأشياء وهي نـُصْبَ أعينكم ؛ لذلك نجد أنّ الذين أتمّوا تعهّدهم وممارستهم بنجاح في مدرسة الشرع الفالون دافا يمتازون على الآخرين بأنّ تكوينهم يعتمدُ على الرّكائز الأكثر صلابة ومتانة. نحن لا نطلب منكم أن تكونوا كلـّكم رهبانـًا أو راهباتٍ. نحنُ نتعهّد ونـُمارس بين الناس العاديّين، وطريقتنا ستنتشرُُ أكثر وأكثر في المستقبل، فلو أنّ كلّ شخص لا يمتّ إلى الرّهبنة بصلةٍ يُصبح راهبًا بين عشيّةٍ وضُحاها، ولو أنّ كلّ ممارسي الفالون دافا ينسجون على منواله، لا يستقيمُ الوضع. نحنُ نطلبُ منكم الأمر التالي، أنتم تمارسون، وربّما أزواجكم ليسوا بممارسين، فلا يجب أن تصِلـُوا للطلاق بسبب ذلك. الأحرى بكم أن تبقوْا مُحايدين ولا يجب أن تـُعيروا الأمر أهمّية كبرى مثل الناس العاديّين، خصوصًا وأنّ المجتمع اليوم يشهد تيّارًا كاملاً من الحرّية الجنسيّة وأنّ الإثارة الجنسيّة تستهوي الناس كثيرًا. بقدر ما ينساقُ الناس مع هذا التيّار، بقدر ما نحنُ الممارسون يجبُ علينا أن نتعاملَ معهُ بتجرّدٍ.

 

للناظر من الدّرجات العُـليا للمجتمع البشريّ العاديّ، يبدو لهُ وكأنّ أفراد هذا المجتمع يتمرّغون في الطين والوحل ويُعيدون التمرّغ فيه والعبث به غير منتبهين إلى حالتهم الرّثة. نؤكّد لكم أنه لا يجب أن تهدِموا أواصر أسرتكم من أجل هذه المسألة. الأفضل بالنسبة للمرحلة الحاليّة التي أنتم فيها أن تكتفوا باللاّمبالاة مُحاولين أن تعيشوا حياة زوجية طبيعيّة ومُـنسجمة. وعندما تبلغون مرحلة مُعيّـنة في المستقبل، سوف يكون لكم مستوى تلك المرحلة وسوف يخوّل لكم التصرّف الأنسب، أمّا الآن فنطلبُ منكم أن تتصرّفوا كما قلنا، ذلك كافٍ. وطبعًا في كلّ الحالات عليكم بعدم اتـّباع نسق المجتمع الحاليّ فهو يتجاوز الحدود كثيرًا ‍‍!

 

 هناك نقطة اخرى نشير إليها: الكلّ يعلم أنّ أجسامنا، نحنُ الممارسون، مُزوّدة بالطاقة. عند خروجهم من هذا التكوين، 80-90 % من الحاضرين هنا سيكونون لا فقط قد شُفوا من عللهم ولكن إضافة إلى ذلك سيكون بحوزتهم القونق ؛ لذلك فإنّ أجسامهم ستكونُ مزوّدة بطاقة جبّارة. إنّ القونق الذي تحملونه لا يتماشى مع طبيعة نفوسكم وأخلاقكم الرّاهنة، حاليّا، القونق الذي بحوزتكم هو بصفة وقتية مرتفع، لقد رفعناه فيكم مبدئيّا، والآن طبيعة أخلاقكم هي بصدد الارتفاع، وتدريجيّا سيُمكنكم التـّدارك، أؤكّد لكم أنه سيُمكنكم التـّدارك في الفترة الزمنية اللاّحقة، لذلك استبَقـْـنا الأمر وزوّدناكم بكمّية من الطاقة. وبما أنّ طبيعة الطاقة الناتجة عن التعهّد والممارسة في شرع حقّ هي طبيعة طاهرة ورحيمة، فإنّ كلّ الأفراد الحاضرين ههُـنا سيحسّون بجوّ من من السّـلم والطمأنينة والرّحمة. أنا شخصيّا قمتُ بتعهّدي وممارستي بهذه الطريقة، إذن فأنا أحملُ معي هذه الأشياء. أنتم جميعكم الجالسون هنا  تـُحسّون بالانسجام داخل نفوسكم، لا تمرّ بأذهانكم أفكار سيّئة، لا تـُفكرون حتـّى في تناول سيجارة. في المستقبل، إن تصرّفتم وفق أحكام الشرع الأكبر، سيكون القونق الذي ستحصُلون عليه من هذا النوع أيضًا. وكلـّما أخذت قوّة القونق لديكم تكبرُ، كلـّما أصبحت الطاقة المشعّة من القونق الذي تحملـُهُ أجسامكم قويّة جدّا. وحتىّ إن لم تكـُن حقـّا قويّة جدّا، فستؤثرون رغم ذلك على الآخرين عندما يكونون داخل مُحيط حقلكم، إن كان ذلك في البيت أو على أيّ جمع ٍمن الناس في المجتمع. ربّما أنّ أقاربكم وأفراد أسرتكم سيُصبحون تحت دائرة نفوذكم، لماذا ؟ لستم في حاجة حتـّى للتـّفكير في ذلك، لأنّ هذا الحقل نقيّ ومُستقيم ومُـنسجم ومُفعم بالرّحمة، إنه حقل أفكار مُستقيمة، لذلك ليس من السّهل أن يفكّرَ فيه شخص بأشياء سيّئة أو أن يقومَ بأفعال سيّئة، يُمكن إذن أن يكون لديه هذا التأثير.

 

في اليوم الفارط، قلتُ أنّ "نور بوذا يضيءُ كلّ شيءٍ حوله ويغمرُ كلّ شيءٍ وأنّ الإستقامة والإحسان يوجدان على أكمل وجهٍ"، وهذا يعني أن الطاقة التي تشعّ من أبداننا قادرة على تقويم أيّ خلل أو اعوجاج. إذن تحت تأثير هذا الحقل، عندما لا تفكرون بالعلاقة الجسديّة مع شريككم، فإنكم تمارسون على هذا الأخير نفوذاً بطريقة خفيّة. إن لم تـُفكّروا أنتم في ذلك، وعلى كلّ حال أنتم لا تـُفكّرون فيه، فشريككم لا يُـفكّر فيه هو أيضًا. ولكنّ الأمر ليس مُطلقـًا، ففي المجتمع الحاليّ، حالما تفتحون جهاز التـلفزيون، تـُطالعكم مختلف المشاهد والصّور التي من شأنها إثارة رغبات الإنسان. ولكن إجمالاً بإمكانكم ممارسة ذلك النوع من النفوذ. وعندما تبلغون درجاتٍ عالية في تعهّدكم وممارستكم المُقبليـْن، لن تكونوا في حاجة إلى أن أقول لكم ما ينبغي فعلهُ، ستعرفون بأنفسكم كيف عليكم أن تتصرّفوا، في ذلك الحين سوف يكون مُستواكم مُختلفـًا  وسوف يُخوّل لكم أن تعيشوا حياة منسجمة. إذن لا يجب أن تولوا هذا الأمر أهمّية بالغة لأنّ كثرة الانشغال به ستكون أيضًا تعلـّقـًا. على كلّ حال، بين الأزواج، ليس هناك مجال للحديث عن "الشبق"، بل هناك ببساطة الرّغبة، يكفيكم أن تكونوا غير مهتمّين بها وأن تحافظوا على توازنكم النفسي.

 

إذن أيّ شيطان جنس ٍ يمكنُ أن تلتقوهُ ؟ إن كانت تنقصكم قوّة التـّركيز (دينق)، يُمكنُ أن يظهرَ في الحلم أثناء نومكم، أوأثناء القيام بتمرين الجلوس، سيبرز فجأة ً: ستظهر لك امرأة جميلة إن كنتَ رجلاً، أو رجلاً من النوع الذي تـُفضّلينهُ إن كنتِ امرأة، ويكونُ كلاهما عاريًا. إن شعرتَ بالرّغبة الجنسيّة، فـيُمكن أن تكون ردّة الفعل الفيزيائيّة هي القذف وسيُصبحُ الأمرُ حقيقة ً. فكّروا قليلا، نحن ممارسون، إننا نـُوظفُ خلاصة تشي الدّم والنسل لتعهّد الجسد، لذلك لا يجب أن تفقدوهُ مرارًا بتلك الطريقة. من جهةٍ أخرى أنتم لم تنجحوا في هذا الاختبار، كيف يُمكن أن نقبَلَ هذا الأمر ؟ إذن فيما يخصّ هذا المشكل، ها أنذا أقول لكم أنه سيعترض كلاّ منكم، هذا أكيد. عندما أتحدّث عن الشّرع، أستعمل طاقة عظيمة لأجعله يستقرّ في أذهانكم. يُمكنُ أن لا تتذكّروا بالضّبط ما قلتهُ لكم عند خُروجكم من هُـنا، ولكن عندما تصادفون حقـّا هذه المواقف، ستتذكّرون أقوالي. شريطة أن تعتبروا أنفسكم ممارسين، ستتذكّرونها في ذلك الحين، وآنذاك ستتمكّنون من التحكّم في أنفسكم ومن اجتياز الاختبار بنجاح ٍ. إن لم تجتازوا الاختبار الأوّل ستجدون صعوبة ً في اجتياز الثاني. ولكن هناك أيضا الحالات التالية: عندما لا تجتازون الاختبار الأوّل، تستيقظون في حالة من القـلق والندم، فـمن الممكن أنّ هذه الحالة النفسيّة ستطبـعُ ذهنكم وذاكرتكم بعمق، وعندما يَعرضُ المشكل من جديدٍ تكونون قادرين على تمالك أنفسكم واجتياز الاختبار. إن كان البعض منكم لم ينجح بعدُ في الاختبار الأوّل ولكنه لا يُبالي بالأمر، سيكون أمر السّيطرة على نفسه أصعب عليه فيما بعدُ، وهذا مؤكّد.

 

 في هذا النوع من الحالات، يكون الأمر إمّا تدخّلاتٍ من الشّياطين أو أنّ المعلـّم هو الذي يُحوّل شيئًا إلى شيءٍ آخر ليمتحنكم، يوجدُ الوجهان معًا لأنّ هذا الاختبار مفروض على كلّ فرد اجتيازهُ. نحن نبدأ الشّيولين كبشريّين عاديّين، والخطوة الأولى تكمنُ في هذا الامتحان، الكلّ سيمرّ به. سأعطيكم مثالا: عندما كنتُ ألقي محاضراتي في "ووهان، Wuhan"، كان من بين الحاضرين شابّ في الثلاثين من عمره، وبما أنني كنتُ قد ألقيتُ يومها هذا الدرس، فحال عودته إلى البيت شرَع َ في ممارسة تمرين الجلوس ؛ وسرعان ما دخل في حالة التأمّل. وأثناء تأمّله لمح فجأة البوذا أميتابها في جانبٍ وفي الجانب الآخر لاوو تسي. هذا ما ذكره في تقرير تجاربه. بعد هذا الظهور رمقاه بنظرة ٍدون أن ينطقا بكلمة ثمّ اختفيا. إثر ذلك ظهرت البودهيساتفا أفالوكيتسفارا ماسكة ًبيديها إناءًا ينبعثُ منه عمود من الدّخان الأبيض، كل ّهذا والفتى باق ٍ يواصل تمرينه وينظر إلى المشهد بكلّ وضوح والفرحة تغمرُه ُ. ولكن ما راعه إلاّ والدّخان ينقلب إلى حوريّات "أبسارا، Apsara" باهرات الجمال. كنّ يرقصن حوله وكانت حركاتهنّ لطيفة للغاية ! فقال في نفسه: "بما أنني أقوم بالممارسة، فالبودهيساتفا أفالوكيتسفارا أرادت أن تكافئني وصيّرتْ لي حوريّات أبسارا يرقصنَ من أجلي." وفي اللحظة التي راودته فيها فكرة الاغتباط والسّرور بالمشهد، فجأة ًانقلبت تلك الحوريّات عاريات الأجسام وهنّ يُشرن بشتىّ الحركات، ثم ارتمين بين أحضانه، إحداهن تلفّ يديها حول عنقه والأخرى تـُعانق خِصْرَهُ. وبما أنّ تلاميذنا يتقدّمون بسرعةٍ في الرّفع من طبيعة أخلاقهم و نفوسهم فإنّ هذا الشابّ تدارك نفسه في الحال وكانت أوّل فكرة دارت بباله هي التالية: "أنا لست برجل عاديّ، أنا ممارس، لا ينبغي أن تـُعاملنني بهذه الطريقة، أنا تلميذ الفالون دافا." وحالما فكّرَ هكذا اختفى كل شيء ٍفي لمح البصر، بالفعل كان كلّ ذلك سرابًا. ثمّ ظهرالبوذا أميتابها ولاوو تسي من جديدٍ، وأشارَ لاوو تسي بيده إلى الشابّ وخاطب البوذا أميتابها وهو يبتسم قائلا: "هذا الفتى جدير بالتـّعاليم حقـّا." وهذا يعني أنه شخص ذو قدرات واعدة و يمكن تدريسُهُ.

 

من منظور تاريخيّ أو من منظور المُستويات العُليا، لمعرفة ما إذا كان الشخص قادرًا على التعهّد والممارسة، فإنّ عامل التعلـّق بالجنس والرّغبات الجنسيّة هو عامل على غايةٍ من الأهمّية ؛ لذلك فإنّ عليكم الإعراض عن هذه الأشياء فعلا ً. ولكن بما أنكم بصدد التعهّد و الممارسة وسط الناس العاديّين، فإنه ليس مطلوبًا منكم أن تنقطعوا عنها تمامًا، ولكن على الاقلّ في المرحلة الرّاهنة، نحنُ نطلبُ منكم أن تتعاملوا معها بتجرّدٍ ولا تتصرّفوا مثل السّابق. هذا هو التصرّف الجدير بالممارس. في كلّ مرّة تظهر لكم فيها أعراض هذا الأمر أثناء ممارستكم، عليكم أن تبحثوا عن الأسباب في أنفسكم، يعني أنه لا تزال هناك رغبات وتعلـّقات لم تتخلـّصوا منها بعدُ.

 

 

 الشيطان المنبثق من نفس الممارس

 

ماذا نعني بقولنا "الشيطان المُـنبثق من نفس الممارس"؟ إنّ جسم الإنسان يملك في كلّ مستويات السّماء حقلاً مادّيا ؛ وفي حقل مادّي من بينها تنعكس كل مظاهر الكون كما ينعكس الظلّ، ورغم أنها ظلال، فإنّ لها وجودًا مادّيًا أيضًا. كلّ ما يوجد في فضاء حقلك خاضع للقيادة الواعية لعقلك، هذا يعني أنك إذا كنت تنظرُ بواسطة العين الثالثة ، وكنتَ في حالة سكينة وبدون نوايا، كان ما رأيته حقيقيّا، أمّا إذا كانت لديك أدنى نيّة، فإن كلّ ما تراه سيكون كاذبًا ؛ هذا هو "الشيطان المنبثق من نفس الممارس" ونسمّيه أيضًا "التحوّل الحاصل عن العقل". هناك ممارسين يظلـّون غير قادرين على اعتبار أنفسهم ممارسين حقيقيّين، ولا قادرين على التحكّم في أنفسهم، ويسعوْن وراء قدرات القونق وامتلاك الخوارق وممارسات السّحر، ويتعلقون حتىّ بما يسمعونه في عوالم أخرى وأشياء من ذلك القبيل، ولذا فإنّ هؤلاء الأشخاص هم بسهولة عُرضة للشيطان المنبثق من نفس الممارس، وتبَعـًا لذلك هم عرضة للسقوط. مهما تكن الدّرجة التي تمّ الوصول إليها عبر التعهّد والممارسة، فإنه حالما تظهر هذه المسألة يهوي الممارس إلى القرار ويضيعُ تمامًا. إنها مسألة خطيرة للغاية، وليس الأمر كما في الحالات الأخرى، حيث يمكن التدارك إثر الفشل في امتحان  السين سينغ والنهوض ومواصلة الطريق. الأمر يختلفُ بالنسبة لحالة الشيطان المنبثق من نفس الممارس، إذا ظهرت فإنّ ذلك يعني دمار حياة الممارس الحاليّة. والأكثر عرضة لهذه الأمر هم الذين فتحوا عيونهم الثالثة إلى درجةٍ مّا عبر الممارسة. هناك أيضًا الذين يكونون دائما مشوّشين بوارداتٍ خارجية، وهم يصدّقون كلّ الأخبار التي تسوقها إليهم. هؤلاء أيضًا هم فريسة سائغة. وهكذا إذن، يمكن أن يكون البعض منـّا، بعد فتح عينه الثالثة عُرضة ً لتشويش مختلف الواردات.

            

 ولنذكرْ مثالا ً: أثناء الشّيولين في المستوى الأدنى، يكون من الصّعب جدّا على المرء أن يكون ثابتـًا وصلبًا. مثلاً أنتم لا تستطيعون رؤية شكل معلـّمكم. وفي أحد الأيّام وبصفةٍ مباغتةٍ، تبصرون سماويّا خالدًا عظيمًا قادمًا إليكم، هذا السّماويّ الخالد يُوجـّه لكم عبارات الإطراء ثمّ يُلقـّـنكم شيئا وأنتم تقبَلونهُ، وفي الحين تدخل الفوضى على القونق الذي بحوزتكم. بينما أنتم، بقلب منتش ٍ، تـُـنصّبونه معلـّمًا لكم وتتبعونه وتتعلـّمون منه، ولكن هو نفسه لم يتحصّل على ثمرة الكمال، وإنما في العوالم الأخرى بإمكانه أن يصغـُرَ أو يكبُرَ في الحجم كما يشاء، وهكذا عندما ينبري أمامكم هذا السّماويّ الخالد العظيم، تندهشون لعظمته تلك ! وعندما يأخذكم هذا الإعجاب، ألن تتـّبعوه وتتلقـّـنوا على يديه ؟ إن كان الممارس غير قادر على السّيطرة على نفسه، يكون من الصّعب جدّا إنقاذه وتخليصه، وهو يضيـعُ بسهولةٍ بالغةٍ. أهل السّماء كلـّهم آلهة، ولكن هم أيضًا لم يحصلوا بعدُ على ثمرة الكمال، وهم لا يزالون يتنقــّلون في سامسارا الدّروب السّتة. بدون تفكير، ها أنكم تتبعون شخصًا وتعتبرونهُ معلـّمكم، ولكن هل تعلمون إلى أين يقودكم ؟ هو نفسه لم يحصل حتـّى على ثمرة الكمال، ألن يذهبَ ممارستكم وتعهّدكم عبثــًا ؟ وفي النهاية يصيرُ القونق الذي بحوزتكم مُشوّشا عكِرًا. إنه من الصّعب جدّا على الإنسان أن يكون ثابتـًا وصلبًا. ها أنذا أقول لكم، هذه المسألة بالغة الجدّية وفي المستقبل، سيتعرّض لها الكثير من ممارسينا. أنا بلـّغتكم الشرع، ولكنّ أمر التحكّم في أنفسكم يتوقف عليكم كليّا، ما ذكرته هنا هو فقط حالة من بين الحالات. إذن مهما كان متحققوا المدارس والطرق الأخرى الذين ترونهم، حافظوا على رباطة جأشكم والتزموا باتـّباع طريقة واحدة، ولتكنْ هذه فكرتكم: "مهما يكن، إن يكُنْ بوذا، أو داوو، أوالربّ، أو الشيطان، لا أحد يُثيرُ قلبي." وسيُحالفكم النجاح.

                                

الشيطان المنبثق من ذات الممارس يتضمّن حالة ً أخرى أيضًا: مخاطبة أقربائكم الأموات لكم ؛ إنهم يُخاطبونكم وهم ينتحبون ويطلبون منكم القيام بهذا الشيء أو ذاك، العديد من الأشياء يُمكن أن تحدثَ لكم. هل تستطيعون أن تبقوْا هادئين دون أن تحرّكوا ساكنـًا ؟ لقد كنتم فيما مضى تسبغون المحبّة والدّلال على هذا الولد الصّغير، وكنتم فيما مضى تكنـّون كلّ الحبّ والودّ لهذا الأب، هذه الأمّ أو هذا القريب. ولكنهم قد ماتوا، وهاهم يطلبون منكم فعل شيءٍ أو آخر.. ولكن ليس مسموحًا لكم بفعله. ستكونُ كارثة لو فعلتم ذلك، إنه من الصّعب للغاية أن يكونَ المرء مُمارسًا. يقال أنّ البوذيّة يسودها الاضطراب من أثر تسرّب أشياء كونفوشيوسيّة إليها، حتـّى أشياء مثل البرّ بالوالدين والعطف على الأبناء صارت تظهرُ فيها بينما في الأصل لا يُوجد هذا الأمر في البوذيّة. ماذا يعني هذا ؟ بما أنّ ذات المرء الحقيقيّة تكمنُ في روحه الأصليّة (اليوانشان)، فإنه وحدها الأمّ التي أنجبت روحكم الأصليّة هي والدتكم الحقيقيّة. طوال حياتاتكم عبر سفر التجسّد في الدروب السّتة، أمّهاتكم الآدمية وغير الآدميّة لا تـُحصى ولا تـُعدّ. طوال كلّ حياتاتكم كم من الأبناء أنجبتـُم ؟ هم أيضًا لا حصْرَ لهم . من هي والدتك إذن ؟ ومن هو ابنك ؟ إذا أغمِضَت العينان إلى الأبد، فلا أحد يعرف الآخر مُجدّدًا ؛ طبعًا هذا لا يمنعُ أنكم ستسدّدون الدّيون التي على عاتقكم. ولكن بما أنّ الإنسان في الضّلال، فهو لا يستطيـع أن يُفارقَ هذه الأشياء. البعض لا يستطيـع ترك تعلـّقه بابنه ويتحدّث ويقول: "كم كان هذا الطفل لطيفا"، ولكنه قد مات. "كم كانت والدتي طيّبة"، ولكنها قد ماتت. إنهم يكادون يموتون حزنـًا عليهم، ويتمنـّوْن لو يفارقوا الحياة ويتبعوهم. ولكن عليكم أن تفكّروا: ألا يأتون عمْدًا ليحيّروكم ويـُقلقوا راحتكم؟ إنهم بهذا يحولون بينكم وبين العيش بصفة طبيعيّة.

                                                                                     

 ربّما لا يستوعب الناس العاديّون هذه النقطة: إن تعلـّقتم بهذا الأمر، سيكون من المستحيل على الإطلاق أن تتعهّدوا وتـُمارسوا، لذلك لا يوجد هذا الأمر بتاتـًا في البوذيّة. إن كنتم تريدون التعهّد والممارسة، عليكم أن تتركوا جانبًا المشاعر الإنسانيّة. طبعًا بما أننا نقوم بالتعهّد والممارسة بين الناس العاديّين، علينا احترام آبائنا وتربية أبنائنا، في كلّ الحالات علينا أن نكون طيّبين مع الآخرين ومعاملتهم بإحسان، بما فيهم أقربائنا بون شكّ. إننا نـُولي نفس العناية لأيّ ٍكانَ بما فيهم الآباء والأبناء ونفكّر في الآخرين في كلّ الظروف، هذا القلب لم يعُدْ أنانيّا، إنه قلب مُفعم بالطيبة والرّحمة الآن ؛ بينما الشّعور يخصّ الناس العاديّين، هؤلاء لا يعيشون إلاّ من أجل الشّعور.

 

الكثير من الناس لا يتوصّـلون إلى السّيطرة على أنفسهم، ممّا يُسبّب لهم صعوباتٍ في تعهّدهم وممارستهم. البعض يقول أنّ البوذا قال لهم كذا وكذا. يقول لكم مثلا ً أنه ستعترضكم اليوم محنة، أو هذا الأمر أو ذاك وكيف بإمكانكم أن تتجنبوه، أو أنّ شخصًا مّا يُطلعكم على الرّقم الرّابح في يانصيب اليوم ويدفعكم للـّعب وتجربة حظـكم. ولكن ما عدا الإشارات التي تـُعطى لكم لتلافي خطر قاتل، كلّ تلك التي تهدفُ إلى منحكم امتيازاتٍ في المجتمع البشري العاديّ مصدرها الشياطين بدون استثناءٍ. إن كان هدفكم هو الحصول على امتيازاتٍ وسط الناس العاديّين، ولم تتمكّـنوا من اجتياز هذا الامتحان، فلن تستطيعوا إذن الارتفاع. إن كنتم تعيشون حياة اليُسر والرّخاء بين الناس العاديّين، كيف ستقومون بالتعهّد ؟ كيف ستحوّلون ديونكم ؟ أين ستجدون مُحيطـًا مُلائمًا لرفع طبيعتكم الأخلاقيّة وإزالة الكارما ؟ الكلّ يجب أن يستوعبوا هذه النقطة. حتـّى الشيطان سيمدُحكم وسيقول لكم أنكم بلغتم درجة عالية جدّا، أنكم صرتم بوذا عظيمًا أو داوو عظيمًا ذا مرتبةٍ عاليةٍ، وأنكم رائعون، ولكنّ كلّ هذا باطل تمام البطلان. بالنسبة للإنسان الذي يمارسُ ويتعهّد حقـّا نحو مستوىً عال، يجب عليه أن ينزع جانبًا كلّ التعلـّقات، وعندما تلاقون هذه المشاكل، يجب عليكم الانتباه ولزُوم الحذر.

                                                                                                                 

يُمكن أن تـُفتـَحَ أعيننا الثالثة أثناء الممارسة. إن كانت العين الثالثة مفتوحة،ً ستحدث مشاكل بسبب هذا الفتح، وبدون هذا الفتح ستحدث مشاكل بسبب عدم الفتح، في كلتا الحالتيْن ليس التعهد والممارسة بسهل. بعد فتح العين الثالثة، وعندما تتهافتُ أنواعٌ شتـّى من الواردات، يكونُ من الصّعب حقـّا التـحكّم في النفس. كلّ ما يوجد في عوالم أخرى رائع، جميل جدّا ومدهش ؛ وكلّ هذا يُمكن أن يـُثير نفوسكم. وإثر فقدان السّيطرة على النفس، تكونون منزعجين، وتبَعًا لذلك يصبح القونق الذي بحوزتكم مُضطربًا، هذا ما يحدثُ في أغلب الأحيان. لهذا السّبب فالإنسان الذي يلاقي ظاهرة الشيطان المنبثق من النفس، لا يتحكّم في نفسه، وتتهدّده الحالة التالية. مثلاً، حالما تدور بذهن هذا الإنسان فكرة سيّئة فهو في خطر لا محالة. في أحد الأيّام، ترى عينه الثالثة بوضوح شديدٍ ؛ فيفكّر حينئذٍ: "على ميدان الممارسة هذا، أنا الذي أتمتـّع بالعين الثالثة الأكثر اتـّساعًا، ربّما لا أكون شخصا عاديّا ؟ لقد لـُقـّــنـْتُ الفالون دافا على يدي المعلـّم "لي" وقد تعلـّمتها جيّدا فعلاً، إنني أفضل من الآخرين، إذن ربّما لا أكون شخصا عاديّا." هذه الفكرة هي منذ البداية باطلة وخاطئة. ويفكّر أيضًا: "ربّما أكون أيضًا بوذا، إذن فـلأرَ بنفسي !" وعندما ينظرُ إلى نفسه، يرى أنه فعلاً بوذا. لـِمَ ذلك ؟ لأنّ كل مادّة موجودة في فضاء الحقل الذي يُحيط بجسده تستطيـعُ أن تستحيلَ وفقـًا لأفكاره، وهذا يُسمّى  أيضًا "التحوّل الحاصل عن العقل".

                                                                                                   

كلّ شيءٍ منعكس عن الكون يمكن أن يتحوّل حسب أفكاره ؛ لأنّ كلّ ما يوجدُ داخل دائرة حقل ذلك الشّخص يتبع إمكانيّاته وخصائصه، الظلّ له أيضًا وجود مادّي، هو أيضًا لا نستـثنيه. ها هو يفكّر: "ربّما أكون بوذا، وربّما أرتدي أيضًا لباس بوذا." فيرى فعلا ً أنّ ما يرتديه هو لباس بوذا. "آه، أنا بوذا حقـّا !" ويفرحُ أشدّ الفرح. "وربّما أيضًا لستُ بوذا صغيرًا !" وينظرُ إلى نفسه من جديد ويرى أنه بوذا عظيم. "ولعلـّـني أيضًا أعلى من لي هونق جهي ‍!". فيسمعُ وقر الشيطان في أذنه وهو يقول: "أنت أعلى من لي هونق جهي ! أنت تتجاوز لي هونق جي بعدّة درجات." ويُصدّقه أيضًا. ولكن ألم تفكّروا كيف ستـتعهّدون في المستقبل ؟ هل ستتعهّدون حقـّا ؟ من الذي علـّمكم الشّيولين؟ حتـّى البوذا الحقيقيّ عندما ينزل إلى الأرض ليقومَ بمهمّة عليه أن يُعيدَ الشّيولين من جديدٍ ، القونق الذي كان يملكهُ لا يُعطى له ؛ ما في الأمر هو أنه يتعهّد بسرعة أكثر هذه المرّة. إذن عندما يطرأ هذا المشكل، سيلقى هذا الشخص عناءًا في التخلـّص منه، سيتولـّد لديه في الحال تعلـّق. بناءًا على ذلك سيجرؤ على قول أيّ شيءٍ: "أنا بوذا، لستم في حاجة إلى اتـّباع الآخرين، أنا بوذا، سأقولُ لكم ما ينبغي فعلهُ." سيتصرّفُ هكذا.

                                                                            

أليس لدينا في "شانقشون" أشخاص من هذا النوع ؟ بلى، أحدهم كان في البداية شخصًا جيّدًا، ولكن شيئاً فشيئاً وقع في هذا الأمر. لقد أصبح بوذا، وفي نهاية الأمر كان أعلى الجميـع على الإطلاق ! كلّ هذا سببه عدم القدرة على السيطرة على النفس وتكوين روح التعلـّق. لماذا هذه الظاهرة ؟ يُقال في البوذيّة: "مهما ترَ، مُرّ وتجاوزْ، ليس ذلك سوى سرابٍ شيطانيّ، يجب أن تثبُت وتـُركّز وتتعهّد وتمارسَ نحو الأعلى." لماذا لا يُسمَحُ لكم بالمشاهدة والتعلـّق بما تشاهدونه ؟ إنه بالضّبط خوفـًا من ظهور هذا المشكل. الممارسة في البوذيّة لا تملك لمقاومة هذا طرق شيولين مُشدّدة ولا كتب السّوطرا تبيّن وسيلة ً للتخلـّص منه. وساكياموني في عهده لم يُعلـّم هذا القانون ؛ وليتجنـّب المشاكل النـّاتجة عن هذه الظـّاهرة، ظاهرة "الشيطان المنبثق من نفس الممارس" و"التحوّل الحاصل عن العقل"، وَصفَ كل الصّور والمشاهد التي تظهر أثناء الشيولين بالسّراب الشيطانيّ. لذلك عندما تكون لدينا روح التعلـّق، يظهرُ هذا السّراب الشيطانيّ ويكونُ من الصّعب جدّا التخلـّص منه. وربّما حتـّى أنّ هذا الشخص سيضيـع ويسلك الطريق الشيطانيّة. بل لقد سلك هذا الشخص الطريق الشيطانيّة حالما وصف نفسه بـ"بوذا"، وفي النهاية ربّما سيستجلبُ فوتي وأشياء أخرى، وحينها سيضيـعُ تمامًا. قلبهُ أيضًا سيتدهورُ، وسيهوي إلى الحضيض. الناس من هذا النوع عديدون. حتـّى الآن، في هذه الدّروس التكوينيّة، هناك من يُحسّ نفسه ممتازًا، ويظهر ذلك حتـّى من طريقة حديثه. حقيقة مرتبتنا هو موضوع محظور حتىّ في البوذيّة. كنتُ إذن بصدد تفسير هذه الحالة الأخرى التي تـُسمّى"الشيطان المنبثق من نفس الممارس" وتـُسمّى أيضًا "التحوّل الحاصل عن العقل". في بيكين، يوجد هذا النوع من التلاميذ، يوجدون أيضًا في مناطق أخرى، وبالإضافة إلى ذلك، هم يُدخلون تشويشًا خطيرًا على بقيّة التلاميذ.

 

أحدهم قال لي: "أيّها المعلـّم، لماذا لا تقضي على هذا المشكل "؟ فكّروا جميعًا، إن قضيْـنا على كلّ العراقيل في طريق الشيولين هذا، كيف سيُمكنكم التعهّد ؟ إنه بالتـّحديد في المواقف التي يوجد فيها تدخـّل شيطاني حيث نتبيّنُ إن كنتم حقـّا قادرين على إتمام الشيولين، على التوصّـل لفهم الطريق حقـّا اعتمادًا على درجة وعيكم، إن كانت التدخـّلات قادرة على تشويشكم وتعطيلكم، إن كنتم حقـّا قادرين على المواصلة بثباتٍ في مدرسة الشرع هذه. إنّ مَثـلَ الشّيولين كالأمواج العظيمة التي تجرِفُ معها الرّملَ، فقط ما يتبقىّ في الأخير هو الذهب الحقيقيّ. إن كنتم لا تلاقون أشكال التدخل والتشويش تلك، أقول لكم أنّ الشيولين سيكون سهلا ً للغاية. عندما سيرى ذلك كبار المُتحققين في الدّرجات العالية ستضطربُ أفئدتهم أكثر وأكثر: "ماذا أنتَ بصدد فعله ؟ أهذا هو إنقاذ البشر؟ لا توجد أيّة عراقيل في  الطريق، يُواصل المرءُ تعهّده وممارسته دُفعة ً واحدة ً إلى النهاية ، أهذا هو الشّيولين ؟ كلـّما تابـعَ المرء القيام بالممارسة، كلـّما أحسّ بالرّاحة، ليس هناك واردات أو تشويشات، أيستقيمُ الأمرُ هكذا ؟" هذا هو المُشكل بالتـّحديد، وقد فكّرتُ فيه مليّا. في الأوّل أبدْتُ شياطين كثيرة من هذا النوع. لو نـُواصل على هذا النـّحو، أرى أيضًا أنه ليس من العدل. الآخرون قالوا لي كذلك: "أنت تتركهم يتعهّدون بسهولةٍ بالغةٍ. ليس للبشر سوى امتحاناتهم الشّخصيّة، لا تـُوجد هناك سوى مشاكل قليلة بينهم، ولا تزالُ هناك تعلـّقات كثيرة يظلـّون عاجزين عن نزعها ! ولكن في الاختلاط المُحيّر والضلالة، يصير أمر التـّعرّف إلى شرعك الأكبر أو عدمه مُشكلا ً بذاته !" بما أنّ هذا المُشكل يطرحُ نفسهُ، يُمكن أن نتعرّضَ إلى تشويشات واختبارات. ما كُنتُ بصدد تفسيره هو ضرب من ضروب الشّيطان. إنه بالفعل من الصّعب جدّا إنقاذ إنسان ٍ، وفي المُقابل من السّهل جدّا ضَياع إنسان ٍ. حالما يحيدُ قلبُـكَ عن الطريق المُستقيم، تضيـعُ في الحال.

 

 

                                                                                                                 

الوعي الرئيسي "تسو ييشي، Zhu yishi" يجب أن يكون قويـّا

 

إنّ الآثام التي اقترفها البشرُ طوال حياتاتهم السابقة جرّت عليهم عواقب وخيمة وجرّت على الممارسين عراقيل الكارما، لذلك توجد هناك: الولادة،والشيخوخة، والمرض، والموت. هذه هي الكارما الجماعيّة. ولكن هناك أيضا شكل آخر من الكارما قويّ جدّا ويُدخل الاضطراب كثيرًا على الممارسين وُيدعى كارما الافكار "سيسيانق يي، SixiangYe". من الطبيعيّ أن نفكّر عندما نعيش. ولكنّ أفكار الإنسان، بسبب ضلالته، هي غالبًا أفكار نابعة من تعلـّقه بالوجاهة، بالكسب، بالرغبة الجنسيّة، بالغضب...وغيرها. وعلى امتداد الزّمن، يُكوّن ذلك نوعًا من "كارما الأفكار" لا يُستهان بها بل قويّة للغاية. بما أنه في سماوات وعوالم أخرى كلّ شيء ينبضُ بالحياة، فالكارما كذلك حيّة. وعندما يبدأ شخص في التعهّد والممارسة في شرع حقّ، يجب أن يُـزيلَ الكارما، وذلك يعني القضاء عليها تمامًا وتحويلها إلى طاقة أخرى. من الطبيعيّ هنا أن هذه الكارما ستمتنـعُ وتــُقاومُ، ممّا يكوّن صعوبات وعراقيل أمام الممارس. والمزعج أن كارما الأفكار هذه تـُؤثــّر مباشرة على عقل الإنسان، بحيث تمرّ برأسه شتائم وعبارات مُبتذلة نحو المعلـّم والشرع الأكبر، كما تمرّ برأسه أفكار نجسة ؛ ممّا يجعل بعض الممارسين في حيرةٍ من أمرهم، أي لا يفهمون ما يحدث ويظنـّون أنهم هُم أصحاب تلك الأفكار فعلا، هناك البعض الآخر يظنّ أنها الفوتي ؛ ولكن الأمر ليس كذلك، إنّ هذا ناتج عن انعكاس كارما الأفكار على العقل البشريّ. هناك من لا يملك وعيًا رئيسيّا (تسو ييشي) قويّا، وينساقُ مع كارما الأفكار هذه مُرتكبًا بذلك سيّئاتٍ عظيمة ً، في هذه الحالة يضلّ هذا الشخصُ ويهوي إلى الأسفل. ولكنّ أغلب الناس ينجحُون في توظيف تفكيرهم الذاتيّ القويّ (تسوييشي قويّ) لمغالبة هذه الكارما ومصارعتها. هذا يدلّ على أن هؤلاء بإمكانهم الوصول إلى الخلاص، لأنهم قبل كلّ شيء يستطيعون التـّمييز بين الحقّ والباطل، أي أنهم يملكون درجة وعي طيّبة، في هذه الحالة، يتولـّى جسم الشرع الذي يتبعني مُساعدتهم في القضاء على أكبر قدر ممكن من كارما الأفكار تلك. هذه الحالة واردة بكثرة ؛ حالما تظهرُ، الهامّ هو أن تكونوا قادرين بأنفسكم على التغلـّب على هذه الأفكار السّيّئة. من لديه عزم قويّ يمكنه القضاء على الكارما .

          

 

يجب الحفاظ على استقامة القـلب

 

ماذا يعني عدم استقامة القلب ؟ هذا يعني أنّ هذا الشخص يبقى غير قادر على اعتبار نفسه ممارسًا. إنّ الممارس للشّرع ستصادفــُه مِحَن عديدة أثناء تعهّده وممارسته، هذه المِحَن يُمكن أن تتمثل في المُشاحنات والخصومات بين الأفراد أو أشياء من هذا القبيل، ممّا يـُؤثـّر مباشرة على طبيعتكم الأخلاقية ؛ هذه هي أغلب الحالات الواردة. إلامَ يُمكن أن نتعرّض أيضًا ؟ هناك حالات توعّك مُفاجئة تمرّ بالجسم، وبما أننا بصدد إزالة الكارما التي لدينا، فإنّ ذلك يظهرُ في أشكال عديدةٍ. في مرحلة مّا سنحاول أن نـُزعزع َ ثقتكم في هذه الطريقة وهذا القونق، ثقتكم في وجودها أصلاً، في إمكانيّة الممارسة، في إمكانيّة ارتقاء الدّرجات العالية بفضل الشيولين، في وجود البوذا...في حقيقة كلّ هذا. نعم، في مرحلةٍ قادمةٍ، يُمكن أن تحدث مثل هذه الوضعيّة، وسوف يـُكوّن ذلك لديكم انطباعًا مغلوطـًا يجعلكم تشكّون في وجود كلّ هذا، يجعلكم تظنـّون أنـّه باطل كلـّه. والغاية هي مُعاينة مدى ثباتكم. إن تـُقرّروا أن تصمدوا وأن تبقـَوْا ثابتين ، فإنّ روح العزم هذه ستـُمكّـنكم من الثبات حقـّا، ستتصرّفون التصرّف الحقّ بطريقة طبيعيّة، لأنّ طبيعتكم الأخلاقيّة ستكون على درجة عالية. أمّا حاليّا فأنتم مُـتأرجحون كثيرًا، لو داهمتكم هذه المحنة الآن، فلن تستطيعوا فهمها اعتمادًا على درجة الوعي، ولن تستطيعوا مواصلة تعهّدكم وممارستكم ، إنّ المِحنَ يمكن أن تبرزَ في مختلف المجالات.

 

 إنه بهذه الطريقة تحديدًا يتمّ الارتقاء إلى الدّرجات العالية عبر الشيولين. هناك البعض منـّا، حالما يشعرون بتوعّكٍ مّا، يظنـّون أنهم مرضى، هذا يعني أنهم يبقوْن غير قادرين على اعتبار أنفسهم ممارسين. عندما تحدث لهم مثل تلك الأشياء، يعتبرونها مرضًا: "لماذا تحدثُ لي كلّ هذه الأمور المزعجة ؟" ها أنذا أقول لكم أننا أزلنا عنكم الكثير والكثير، وأنّ حجم مشاكلكم قد تضاءل كثيرًا في الحقيقة. لو لم نـُزلـْها عنكم، لداهمكم الموت أو للازمتكم علـّة خطيرة بقيـّة حياتكم. أفلا تتحمّلون إذن ولو القليل من الإزعاج ؟ ماذا من شأنه أن يُناسبكم ؟ سوف أذكر مثالاً على هذا، أثناء محاضراتي في شانقشون جلب انتباهي رجل ذو استعدادٍ جيّدٍ جدّا، لقد كان معدنه طيّبًا حقـّا، وسُرعان ما وجّهتُ نحوه اهتمامي، وأردتُ أن أحمّـلهُ قسطـًا أكبر من المِحَن ليتمكّن من تسديد ديونه في أقرب وقت ويصِلَ إلى إطلاق القونق، كان ذلك هدفي. وفي يوم مّا شعُرَ بعلامات الجلطة الدّماغية ووقع أرضًا وأحسّ بتعطـّـل الحركة لديه وبشبه شلل في جميع أطرافه، فـنقلوه إلى المستشفى بسرعةٍ. وسُرعان ما صار بإمكانه النهوض والحركة. فكّروا قليلاً : هل من المُمكن إثر جلطة دماغية أن ينهض ويُحرّكَ أطرافه خلال ذلك الوقت القصير ؟ وفيما بعد ادّعى أن ذلك وقع له بسبب ممارسة الفالون دافا، وأنّ هذه الأخيرة هي التي قادته إلى الانحراف. ولم يُفكّر لحظة ً واحدة ً كيف تعافى من جلطةٍ دماغيّةٍ بتلك السّرعة. إنه لو لم يكن ممارسا للـدّافا للـفظ أنفاسهُ الأخيرة عندما وقع على الأرض أو لبقي مشلولاً  مدى الحياة أو لصار مُصابًا حقـّا بانسدادٍ دماغيّ.

                                                                                                  

ذلك يُبيّن كم من الصّعب تخليص الإنسان. لقد فعلنا الكثير من أجله ولكنه لا يُدرك ويتفوّه بأقوال باطلة. بعض التلاميذ القدماء يسألونني: "أيها المعلـّم، لماذا نشعر باضطرابٍ صحّي في كامل أنحاء الجسم ؟ إننا نذهب إلى المستشفى لنأخذ حُـقنـًا أو أدوية ولكنها تبقى غير ناجعة". نعم، لديهم الجُرأة ليقولوا لي مثل هذا الكلام ! طبعًا ستكونُ غير ناجعة. لأنّ ما تشكون منه ليس مرضًا. كيف إذن ستكون ناجعة ؟ بإمكانكم أن تقوموا بكشف طبّي وستجدون أن كل شيء طبيعيّ في أجسامكم، ولكنّ الإحساس بالتوعّـك والاضطراب يبقى موجودًا. أحد تلاميذنا انكسرت على جسمه عديد الحُقن ولكن أيّـا منها لم يستطعْ أن يلجَ داخل الجسم وفي كلّ مرة ينكسرُ زجاج الحقنة وينفلتُ الدواء الذي بداخلها.. وما هي إلاّ أن أدركَ: "ماذا دهاني ؟ ألستُ ممارسًا ؟ لا مجال للحُقن." لقد تذكّر فقط في ذلك الحين أنه ممارس وأنه لا يجب عليه تعاطي الأدوية. إذن كلـّما لاقينا صعوباتٍ، علينا الانتباه جيّدًا لهذه النقطة. هناك البعض يظنـّون أن غايتي هي فقط منعهم من زيارة الطبيب أو المستشفى، فيُفكّرون بهذه الطريقة: "أنت لا تسمحُ لي بالذهاب إلى المستشفى، سأتداوى لدى معلـّم تشيكونق إذن." و هكذا فإنهم يعتبرون توعّكهم مرضًا ويذهبون للعلاج عند معلـّمي تشيكونق. ولكن أين سيجدُون معلـّم تشيكونق حقيقيّا ؟ لو يقع اختياركم على دجّال فإنه يُهلككم بسرعةٍ.

 

 من أين لكم القدرة على معرفة ما إذا كان المعلـّم حقيقيّا أم دجّالا ؟ الكثيرُ منهم نصّبوا أنفسهم بأنفسهم. بالنسبة لي، لقد وقع ختباري وبحوزتي وثائق مُمضاة من طرف معاهد بحث علميّ بخصوص هذا الاختبار. الكثير من معلـّمي التشيكونق هم دجّالون، يُطلقون على أنفسهم ما يشاؤون من الألقاب، كثيرون هم فعلاً الذين يقومون بدعايةٍ ضخمةٍ ويخدعون الناس. معلـّمو التشيكونق المُزيّفون هؤلاء بإمكانهم أيضًا معالجة المرضى، لماذا ؟ لأنّ أجسامهم مملوكة من طرف الفوتي. إن لم يكونوا مملوكين، فلن يتوصّـلوا إلى خداع الناس ! هذه الفوتي التي تملكهم قادرة على إرسال القونق ومُداواة المرضى، لأنها أيضًا نوع من الكائنات الطاقيّة، ولذلك فإنّ لديها نفوذاً على البشر. ولكن، ومثلما سبقَ أن قلتُ، إن كان أحد هذه الفوتي هو الذي يقوم بمداواتكم، فماذا سيُرسلُ على أجسامكم ؟ كلّ الأشياء التي سينفثها هي على صورته وتـُمثله في حالة ميكروسكوبيّة قصوى، إن كان هذا ما سيحصلُ، كيف ستتصرّفون بعد ذلك ؟ "إن كان من السّهل دعوة جنيّ فإنه من الصّعب صَرفهُ". أنا هنا لست بصدد الحديث عن الناس العاديّين لأنّ هؤلاء لا يُريدون أن يكونوا سوى أناس عاديّين وهُم يبحثون عن حلول آنيّةٍ لمشاكلهم. ولكن أنتم ممارسون، عليكم أن تـُطهّروا أجسامكم بدون انقطاع. فإن أرسل المُداوي على الجسم مثل هذه الكائنات، كم يلزمُكم من الوقت لكي تتطهّروا منها ؟ ولا تنسوْا أنها مُزوّدة بقدر من الطاقة. البعض سيتساءلون: "لماذا يسمح لها الفالون بالدخول ؟ ألا يتولـّى فاشن المعلـّم حمايتنا ؟" هنالك مبدأ كونيّ ينصّ ما يلي: لا أحد يتدخّـل في إرادتك، ما تريدهُ أنت لا يتدخّـل فيه أحد. جسم الشرع الذي يتبعني ربّما سيمنعكم في مرحلة أولى ويبعث لكم بإشارات خفيّة، ولكن عندما يرى أنكم تصرّون على هذا التصرّف، لا يهتمّ بكم مُجدّدًا...كيف لنا أن نـُجبرَ أحدًا على التعهّد والممارسة ؟ ليس بوسعنا لا أن ندفعكم للتـعهّد ولا أن نـُرغمكم عليه. مفتاح التقدّم الحقيقيّ بأيديكم، إن كنتم لا تريدون هذا التقدّم، لا أحد يستطيـعُ لكم شيئًا. مبادئ الكون شرحتها لكم، والشرع شرحته لكم ؛ أمّا إن كنتم لا تريدون أن تتقدّموا، فمن المُخطئ ؟ ما تسعوْن إليه بأنفسكم لا يتدخّـل فيه الفالون، وجسم الشرع الذي يتبعني لا يتدخّـل فيه أيضًا، هذا مؤكّد. هناك أيضًا من يذهبُ لسماع محاضرات معلـّمي تشيكونق آخرين، وعند العودة إلى بيوتهم يُحسّون بقلق واضطراب شديديْن، وهذا طبيعيّ. إذن لماذا لم تحمـِكُم أجسام الشرع التي تتبعُـني ؟ ولكن ما كانت غايتكم عندما ذهبتم هنالك ؟ ألم تذهبوا لسماع ذلك المعلـّم ؟ ألا يُمثل ذلك مطلبًا في حدّ ذاته ؟ إن لم تـُصغوا إليه أنتم بأنفسكم، كيف كان من الممكن له أن يدخُل في أجسامكم ؟ هناك البعض شوّهوا بمثل هذه التصرّفات الفالون الذي بحوزتهم. إنّ هذا الفالون أثمن من حياتكم نفسها، إنه شكل من أشكال الحياة العلويّة، كيف تـُتـلفونه بتلك السهولة ؟ حاليّا، معلـّمو التشيكونق المزيّفون يملأون السّاحة والبعض منهم يتمتـّع بشهرة فائقة. لقد قلتُ لمُسيّري معهد البحوث العلميّة حول التشيكونق في الصّين: "في العصر القديم، أحدثت "داجي،Daji" بلبلة ً شديدة ً في ساحة المملكة، ولكن رغم شراسة هذه الثعلب، فإن ما يفوقها بكثير هو الهيَجان الجنونيّ الذي تـُحدثه موجة التشيكونق-الكاذب الحاليّة في كامل أنحاء البلاد." كم من الناس وقعوا ضحيّة لها ؟! في الظاهر تبدو لكم الأمور طيّبة ً وتسيرُ بخير ولكن كم هو عددُ من يحملون أرواحًا سفليّة على أجسامهم ؟ إنها تتملـّـكهم حالما يُرسلها المُداوي باتـّجاههم كالكلاب المسعورة ! ولكن من الصّعب جدّا على الناس العاديّين أن يُلاحظوا ذلك وألاّ ينخدعوا بالمظاهر.

 

لربّما يفكّر البعض: "أنا اليوم أسمع "لي هونق جي" يُلقي محاضرة في التشيكونق، إثرها أدركُ أنّ التشيكونق هو حقـّا علم شاسع وعميق ! إن كانت هناك محاضرة تشيكونق أخرى في المرّة القادمة، سأحضُرها أيضًا." أنا أوصيكم بعدم الذهاب، لأنه إن استمعتم إلى أشياء ضارّة، فإنها ستمرّ عبر آذانكم. أُكرّر أنه من الصّعب حقـّا تخليص الإنسان.. من الصّعب جدّا تغيير أفكاركم، من الصّعب جدّا كذلك تعديل أجسامكم. إن الساحة تعُجّ بمعلـّمي التشيكونق المُزيّفين. وحتىّ مُعلـّمو التشيكونق الحقيقيّون الذين تلقـّوْا العلم بطريقة أورتودوكسيّة ؛ هل هم فعلا أنقياء ؟ هناك أرواح سفليّة شرسة ليس لها القدرة على أن تتملـّك بجسد هؤلاء المعلمين وهؤلاء ليس بإمكانهم أن يطردوها. وليس لديهم القدرة على مواجهة تلك الأشياء بأعداد كبيرة ؛ فعندما يُرسل هؤلاء المعلـّمون القونق، مُختلف أنواع الأشياء تأتي وتختلط بهذا القونق، وخصوصًا بين تلاميذهم. ربّما هؤلاء المعلـّمين مُستقيمون، ولكنّ تلاميذهم لا، وهؤلاء التلاميذ يحملون فوتي بأصناف وأنواع شتـّى.

 

إذن، إن كنتم تريدون حقـّا التعهّد والممارسة، لا تذهبوا لسماعهم، أمّا إذا كنتم لا تهتمّون بالفالون دافا وتريدون ممارسة أيّ شيء آخر، فافعلوا ما تريدون، لن أهتمّ بكم، لن تكونوا تلاميذ الفالون دافا، وفي حال حدوث مشاكل لا تتـّهموا الفالون دافا. لا يمكن أن تكونوا ممارسين حقيقيّين للفالون دافا إلاّ إذا تصرّفتم وفق مقياس السين سينغ ووفق الشّرع الأكبر. هناك من سألني: "وهل بوسعنا ربط علاقات مع ممارسي مذاهب أخرى في التشيكونق؟" ، أقول لكم أنّ هؤلاء هم ببساطة ناس يُمارسون التشيكونق، أمّا أنتم فمُمارسوالشرع الأكبر؛ إثر خروجكم من سلسلة المحاضرات والتكوين هذه، ستفوقونهم بعدّة درجاتٍ. لقد تمّ تكوين وبلورة هذا الفالون عبر أجيال وأجيال بفضل التعهّد والممارسة، لذا لديه طاقة جبّارة. طبعًا، هذا النوع من العلاقات لن تكون خطيرة إذا انتبهتم إلى هذه النقطة: لا تأخذوا منهم شيئًا ولا تقبلوا منهم شيئًا، وما سيربط بينكم لا يعدو أن يكون مجرّد صداقة عاديّة. هذا لا يمنعُ أنّ إمكانيّة الضرر تبقى قائمة إذا كان هذا الشخص مسكونـًا حقـّا بـفوتي، في هذه الحالة، من المُستحسن تجنـّب أيّ علاقة معه. بالنسبة للأزواج، أظنّ أنه ليس هناك إشكال إذا كان أحدهما يُمارس طريقة أخرى. ولكن هناك نقطة نـُبيّـنها: بفضل ممارستك للشرع الحقّ، سيكون قربُكَ من الآخرين مجلبة ً للخير لهم. إن كان يُمارس طريقة مُنحرفة أو شيطانيّة، فإنّ كائناتٍ مُنحرفة وشيطانيّة ستعلـَـقُ بجسمه، فمن أجل حمايتك، سنـُطهّرُ جسمه أيضًا. في عوالم أخرى، سنـُطهّر كلّ شيءٍ من أجلك، سنفعلُ ذلك في منزلك أيضًا. وإلاّ، إن لم يكُن ما يُحيط بك طاهرًا، وكانت كلّ تلك الأشياء تـُزعجك، فكيف ستكون ممارستك مُمكنة ؟

 

 ولكنّ هنالك حالة لا يمكن فيها للفاشن الذي يتبعُـني أن يقومَ بالتطهير: رأى أحد التلاميذ يومًا فاشن المعلـّم قادمًا نحوه ففرح فرحًا شديدًا وخاطبه: "مرحبًا بفاشن المعلـّم، تفضّل بالدخول إلى حجرتي يا معلـّمي." فأجابه: "في حجرتك فوضى كبيرة، توجدُ أشياء كثيرة هنا." وغادرَ. عادة، عندما تكون هناك أرواح عديدة في العوالم الأخرى، فجسم الشّرع الذي يتبعُـني بإمكانه إزاحتها، ولكن في حجرته كانت هناك كتب تشيكونق عديدة ومُبعثرة. وحسنٌ أنّ هذا التلميذ كان فطنـًا وفهم الأمر فجمعَ كلّ تلك الكتب وقام بحرق بعض منها وببيـع البعض الأخر للرّسكلة، ومباشرة ً بعد ذلك رجع إليه جسم الشرع. هذا ما رواه لي أحد التلاميذ.

 

هناك أيضًا أشخاص يذهبون لقراءة الطالع. يسألـُـني البعض: "أيّها المُعلـّم، أنا أمارسُ الفالون دافا، ولكني أهتمّ أيضًا بــكتاب التحوّلات(جويي،Zhouyi)، وبالتـنجيم وكشف المُستـقبل، هل بإمكاني أن أستعملها أيضًا ؟" أقول لكم أنكم تملكون قدرًا من الطاقة، وتبَعًا لذلك فإنّ الأقوال التي تتلفـّـظون بها يُمكنُ أن تــُحدث أثرًا فعليّا، وهكذا يُمكن أن تـتسبّبُوا في وقوع أحداثٍ لم تكُن لِتحدُثَ في الأصل، وبالتالي سترتكبون حينها إثمًا. الإنسان العاديّ ضعيفٌ جدّا، كلّ البرامج التي تـُوجدُ فيه غير ثابتة، ويُمكنُ أن تتغيّرَ بسُهولة. عندما تفتحون فمكم وتقولون لهُ أنه سيُلاقي محنة، فربّما يتحقـّقُ هذا الأمر؛ أو إن كانت لهُ كارما كبيرة جدّا، ويجبُ عليه سَدَادُها، وكُـنتم تقولون له أنّ أشياء طيّبة ستحدُثُ له دائمًا، هل من المسموح ألاّ يُوفي بدَيْـنِهِ ؟ ألا تـُسبّبون له الضّرر بهذه الطريقة ؟ البعضُ لا يزالـُون يجـدُون صُعوبة ً في ترْك هذه الأشياء، إنهم مُـتشبّـثون بها دائمًا كما لو كانوا يملكون الموهبة، أليس هذا تعلـّقــًا ؟ زيادة ً على ذلك، حتـّى وإن كُـنتم تـعرفون فعلاً ما سيحدث، فكمُمارسين، يجبُ أن تـُحافظوا على السين سينغ ولا ينبغي لكم أن تكشِفوا كما تـُريدون أسرار السّماء لإنسان عاديّ، هذا قانون. كيف يتمّ التـكهّن حسب كتاب التحوّلات ؟ في كلّ الحالات هناك أشياء لم تعُدْ صحيحة ً، والتـكهّـنات لا تـُسفِرُ سوى عن أمور لا ندري ما إذا كانت صحيحة ً أو خاطئة ً ؛ في مُجتمع الناس العاديّين، يـُسمحُ بوجود أشياء مثل التـنجيم. بما أنك شخص مُزوّد حقـّا بقونق، فأنا أقول لكم أنّ المُمارس الحقيقيّ يجبُ أن يُخضِـعَ نفسهُ لمقياس أرفعَ من ذلك. ومع ذلك، البعضُ يطلبُ من الآخرين أن يسحبُوا له "السّداسيّات"، ويقولُ: "هل تسحبُ لي السّداسيّات لأرى كيف هو حالي وماهي المرحلة التي بلغتـُها في ممارستي، أو أرى ما إذا كُـنتُ سألاقي هذه المِحنة أو تلك." إنّ هذا ما يطلبون من الآخرين التـنبّؤ به، لو يتنبّؤون لكم بهذه الامتحانات، كيف ستتمكّـنون من الترقيّ ؟ إنّ حياة المُمارس قد تمّ تحويرُها، خُطوط يده، شكلُ وجهه، العلامات الثمانية لساعة وتاريخ مولده بالتحديد وكذلك البرامج التي يحتوي عليها جسمُهُ لم تعُدْ كالسّابق وحُوِّرتْ كلـّها. عندما تطلبُ من المنجـّم قراءة المُستقبل، فهذا يعني أنك تـُصدّق ذلك الأمر، وإلاّ لماذا تقومُ به ؟ إنّ ما سيقولهُ سطحيّ، هذا لا يخُصّ سوى ماضيكَ، ولكن في الواقع هناك تغيّرات جذريّة قد حصُـلتْ. إذن فكّروا جميعًا: أنتم طلبتم منه قراءة المستقبل، وسمعتـُموهُ وصدّقـتـُموهُ، أليس كذلك ؟ ألا يُسبّبُ لكم هذا ضغطـًا نفسيّا ؟ إنّ الضّغط موجود ، وأنتم تـُحسّون به ، أليس ذلك تعلـّقـًا ؟ إذن كيف ستتخلـّصون من هذا التعلـّق ؟ أليس هذا امتحانـًا إضافيّا أضفتـُموهُ أنتم بأنفسكم ؟ ألن يكون عليكم تحمّل المزيد من العذاب لِتتخلـّصوا من هذا التعلـّق الذي تكوّنَ حديثـًا ؟ عند كلّ اجتياز وعند كلّ امتحان، تـُطـْرَحُ دائمًا مسألة الترقيّ أو السّقوط. إنّ الأمر صعبٌ جدّا بطبعهِ، ولكنكم تـُضيفون إليه قسْرًا امتحاناتٍ أخرى، كيف ستستطيعون اجتياز كلّ هذا ؟ هذا يُمكن أن يجرّ عليكم المزيد من المحن والمتاعب. لاينبغي أن يعرف الآخرون شيئًا عن مجرى حياتكم بعد أن تمّ تغييرُه. إن كان الآخرون يرَوْنهُ ويستطيعون أن يُخبِروكم عن المراحل التي ستلاقون فيها مِحَنـًا، كيف ستتمكّـنون من التعهّد ؟ من أجل هذا يُمنـَعُ منعًا باتـّا رُؤيتهُ. لا نسمح لأولئك القادمين من مدارس (فامان) أخرى برُؤيته، حتـّى تلاميذ نفس المدرسة لا يُمكنهم أيضًا رُؤيتهُ، لا أحد بإمكانه أن يتكهّنَ به تكهّـنـًا صحيحًا، لأنّ هذه الحياة هي حياة مُغيّـرة، إنها حياة مُهيّـئة للشّيولين.

 

 بعضُهم سألونني: "هل بإمكاننا أن نقرَأ كُـتبًا أخرى تهُمّ الأديان أوكُـتب تشيكونق ؟" نحنُ نجيبُ أنّ كُـتب الأديان خاصّة منها البوذيّة، كلـّها تـُعلـّمُ الناس أن يتعهّدوا ويُمارسوا السين سينغ. نحنُ أيضًا ننتمي إلى مدرسة بوذا، إذن من المفروض أنهُ لا يُوجدُ مانعٌ. ولكن هناك نقطة نشيرُ إليها، وهي أنّ في كثير من السّوطرا، هناك أشياء خاطئة من جرّاء التـّرجمة ؛ وزيادة ً على ذلك، كثير من السّوطرا تمّ تأويلها على مُستويات مُختلفة، وأفضى ذلك إلى تعريفاتٍ وأحكام اعتباطيّةٍ، ممّا سبّب عرقلة للشّرع. بعض الأشخاص الذين يُفسّرون السّوطرا كيفما اتـّفقَ هُم بعيدون كلّ البُعدِ عن مرتبة البُوذا، وهُم لا يعرفون مُطلقـًا المغزى الحقيقيّ لهذه السّوطرا، وهذا ينتـُجُ عنهُ أنّ فهمهُم لِمسألةٍ بعينها هُو أيضًا مُختلفٌ. إن كُـنتم تـُريدون فهمهم كُلـّهم، لن يكونَ ذلك يسيرًا، ولن تستطيعُوا فهمهم اعتمادًا على درجة وعيكُم. ولكنكم تقولون: "نحنُ نهتمّ بـالسّوطرا." عندما تدرُسون دائمًا بخُصوص السّوطرا، هذا يعني أنكُم تتعهّدون وتـُمارسون داخل تلك الطريقة، لأنه في خلال السّوطرا، يمزِجُ أصحاب المدارس طريقة وشرع مدرستهم ؛ فعندما تقرؤونها، تتلقوْنَ أشياء تلك المدرسة، هذا هو المُشكل. إذا كُنتم تغوصون فيها، وتتعهّدون حسب هذه السّوطرا، من المُمكن جدّا أن تكونوا قد انضممتـُم إلى ذلك الفامان ولم تعودوا في مدرستنا نحنُ. منذ القديم، نؤكّدُ دائمًا على وُجوب لـُزوم طريقةٍ واحدةٍ لاغير في الشيولين (بو آر فامان)، لا يجبُ أن تقرؤوا سوى كُتب المدرسة التي تـُريدون أن تتعهّدوا فيها بحقّ.

 

بينما بالنسبة لِكُـتب التشيكونق، لو تـُريدون التعهّد، لا تقرؤوها ؛ خاصّة تلك التي تـُنشَرُ حاليّا، لا تقرؤوها. بينما كُـتبٌ مثل كتاب الامبراطور هوانق عن الطبّ الباطنيّ (هوانق دي ناي دجينغ،Huangdi Neijing)، مبادئ وتعليمات حول ممارسة الرّوح والجسد، أو كُـتبٌ من نوع القانون الطاوي، نفس الشّيء. رغم أنها لا تحتوي على مثل ذلك الكمّ الكبير من الأشياء السّيئة، فإنها تحتوي هي أيضًا على آثار من مُختلف المُستويات. إنها تـُمثلُ في حدّ ذاتها طرُقَ شيولين، حالما تقرؤونها، تنضافُ إلى تعهّدكم ومُمارستكم وتزعجُكم. ترُوقُ لكم جُملة مّا وتجدون أنها صحيحة، حسنا، هي تأتي إليكم إذن. إنها تنغرس في القونق الذي بِحوزتِكُم، رغم أنها ليست شيئًا سيّئًا، ولكن ينضافُ فجأة إلى القونق الذي بِحوزتكُم شيءٌ غريبٌ عنهُ، كيف سيُمكنكم القيام بممارستكم ؟ ألن تحدُثَ لكم مشاكل بهذه الكيفيّة ؟ تمامًا مثل القِطع الالكترونيّة التي تـُكوّنُ آلة ً، لو تـُضيفون إليها قطعة أخرى، كيف ستشتغلُ الآلة حسب رأيكم ؟ ستتعطبُ في الحال، هذا هو القانون. من جهةٍ أخرى، ضمن كُـتب التشيكونق الحاليّة، الكثيرُ منها كاذب ويحملُ مُختلف الآثار. أحدُ تلاميذنا، لمّا فتح كتاب تشيكونق، رأى ثعبانـًا كبيرًا يثِبُ من الكتاب. بالطبـع أنا لا أريدُ أن أتحدّث بالتفصيل. ما كُـنتُ أقولهُ هو أنّ ممارسينا لايتصرّفون تصرّفـًا مُستقيمًا وهكذا يُسبّبون لأنفسهم المتاعب ؛ بعبارةٍ أخرى، هُم يجلِبون المتاعبَ لأنفسهم بسبب عدم استقامة قلوبهم. من المُفيد أن نكشِفَ لكُم كلّ هذا لكي تعرفوا كيف تتصرّفون وكيف تـُميّزون هذه الأشياء، لكي لا تقع مشاكل في المُستقبل. رغم أنـّي لم أستعمل عبارات صارمة جدّا بخصوص ماكنت بصدد قوله، إلاّ أنّ الجميـع يجبُ قطعًا أن ينتبهوا لهذه النقطة، كثيرًا ما تحدُث مشاكل في هذه النقطة، غالبًا ما تكمُنُ المشاكل هنا بالتحديد. إنّ الشّيولين صعبٌ للغاية وجدّي للغاية، يكفي قليلٌ من التهوّر وعدم الحذر لِجَعْـلِكُم تسقطون وتضيعون مرّة ًواحدة ً، لذلك ينبغي الحفاظ على استقامة القلب حفاظــًا مُطلـَقـًا.

 

 

 

تشيكونق فنون القتال "Wushu"

 

إلى جانب طرق التعهّد الباطنيّ، هناك أيضًا تشيكونق فنون القتال. في بداية الحديث عن هذا الموضوع، يجبُ أن أبيّن أمرًا مّا، وهو أنهُ حاليّا في أوساط التعهّد والممارسة، يتحدّث الناسُ عن أنواع كثيرةٍ من التشيكونق.

 

حاليّا، يظهرُ تشيكونق الفنون الجميلة، تشيكونق الموسيقى، تشيكونق فنّ الخط، تشيكونق الرّقص... هناك شتـّى الأصناف، أفكلّ هذا ينتمي إلى التشيكونق ؟ أنا أجدُ هذا غريبًا. أنا أقولُ أنه بهذه الطريقة يُشوّهون التشيكونق، لا فقط يُشوّهون التشيكونق بل يدُوسونه بأقدامهم. ما هو الأساس النظريّ لِما يدّعونهُ ؟ أثناء الرّسم أو الغناء، أو الرّقص، أو الكتابة، يدخل الشّخص في حالةٍ تـُشبه النعاس أو الغيبوبة، وهذه الحالة يدعونها "تشيكونق"، أفهذا هو التشيكونق ؟ لا يجبُ فهم الأمور بهذه الطريقة. أنا أسألكم: أليس هذا انتهاكًا للتشيكونق ؟ إنّ التشيكونق علمٌ شاسع وعميـقٌ في تعهّد وممارسة الجسم البشريّ. أيُمكن أن تكون حالة النعاس هي التشيكونق؟ إذن ما القول في شأن الذهاب إلى دورة المياه في حالة نعاس ؟ أليست هذه إهانة بالغة للتشيكونق ؟ أنا أقول لكم أنها حقـّا إهانة بالغة للتشيكونق. منذ سنتين، وأثناء معرض الصحّة بالشّرق، وجدنا هناك "تشيكونق فنّ الخط". ماذا يعني "تشيكونق فنّ الخط" ؟ لقد ذهبتُ إلى هنالك لمشاهدة تشيكونق فنّ الخط هذا. كان أحدهم يُمسك الرّيشة ويكتبُ بها حروفـًا، ثمّ بعد الكتابة كان يُرسلُ بِيَدِهِ التشي على الحروف واحدًا واحدًا، ولكنّ كلّ ما كان يُرسله كان تشي أسودًا. مع نفس مليئةٍ بحُبّ المال والشّهرة، كيف سيكون له قونق حسب رأيكم ؟ حتـّى التشي الذي بحوزته لا يُمكن أن يكون طيّبًا. وفي نهاية الأمر كانت كتابتهُ معروضة هناك وتـُباعُ بأثمان مُرتفعةٍ جدّا، ولم يكُن هناك من يشتريها بخلاف السّائحين. أنا أقول أنّ من يشتري هذه المخطوطات ويحملها إلى بيته، إنـّما يحملُ النـّحس والشّـقاء إلى بيته. كيف للـتشي الأسود أن يكون طيّبًا ؟ حتـّى وجهُ هذا الشّخص كان مـُظلمًا، لم يكُن في رأسه سوى المال، لم يكُن يُفكّر سوى بالمال، كيف لهُ أن يمتلك القونق ؟ بطاقة زيارته كان يعلوها العديد من الألقاب منها "معلـّم التشي العالميّ لفنّ الخط"، الخ ؛ كيف يُمكن أن نعتبر هذا النوع من الأشياء تشيكونق ؟

 

 تأمّلوا، ضمن الناس الذين تابعوا دروسي، 80%، 90% من هؤلاء الذين يحضُرون اليوم معنا سيكونون لا فقط قد خُـلـِّصوا من كلّ الأمراض، بل وأيضًا سيكون بحوزتهم القونق، القونق الحقيقيّ. إنّ الأشياء التي تحملونها على أجسامكم تفوق العاديّة بكثير. لو كان أمر الممارسة مقصورًا عليكم وحدكم، لن تستطيعوا الحصول على مثلها أبدًا ولو استغرق ذلك كامل حياتكم. حتـّى بالنسبة لشبابٍ يبدؤون الممارسة منذ اليوم ويقضُون كلّ حياتهم فيها لن يتمكّنوا قط من الحُصول على الأشياء التي منحتكم إيّاها، بل بالإضافة ينبغي أن يكون لهم معلـّم حقيقيّ وكُفؤ لكي يقود خـُطاهم. لقد صُـغـْـنا هذا الفالون وهذه الآليّات عبر أجيال وأجيال، ومنذ البداية أعطيناها لكم.  لذا أوصيكم ألاّ تـُضيّعوها بسهولةٍ لأنكم حصلتم عليها بسهولةٍ. إنها ثمينة جدّا، بل لا تـُقـَـدّرُ بثمن. في ختام هذه الدّورة التكوينيّة، ما ستحملونه معكم سيكونُ قونق حقيقيّا، إنها مادّة ذات طاقة عُليا. بإمكانكم أن تكتبوا بعض الحُروف عند وُصولكم إلى المنزل، لا يهمّ إن كان الخط جميلاً أم لا، ولكنّ ما كتبتموه مُزوّد بالقونق ! إذن، هل في ختام هذا التكوين، يُمكننا أن ندعُوَ كلّ تلاميذنا "مُعلـّمين"، وهل أصبحوا كلـّهم "مُعلـّمي تشيكونق لفنّ الخط" ؟ أقول أنه لا يجبُ فهم الأمور بهذه الطريقة. بالنسبة لمن يملكُ القونق حقـّا، لمن يملك الطاقة، فإنه، عن غير قصدٍ، كلّ ما سيلمسهُ سيكتسي طاقة ً وبريقـًا.

 

 لقد طالعني أيضًا هذا الخبرُ في إحدى المجلاّت، وهو إعلان لتنظيم دورةٍ تكوينيّةٍ في تشيكونق فنّ الخط، فتصفـّحته بسرعة لأرى كيف يُعلـّمون ذلك. كان مكتوبًا ما يلي: "أوّلاً نـُعدّل تنفسنا، الشّهيق والزّفير، ثمّ نجلسُ في وضع التأمّـل ونـُركّز على تشي حقل الإكسير، ويتواصلُ هذا التمرين من حوالي رُبع ساعةٍ إلى نصف ساعةٍ، ثمّ نتخيّـلُ أنّ تشي حقل الإكسير يرتفعُ ويدخُلُ في ساعدنا، عندها نـُمسكُ بالرّيشة ونغمسُها في الحبر ثمّ نقودُ التشي إلى طرف الرّيشة ؛ وعندما يصلُ التشي لرأس الرّيشة، نبدأ بالكتابة." أليس هذا خداعـًا ودَجَلاً ؟ إذن مُجرّد إيصال التشي إلى موضع مّا، يُمثـل نوعًا من التشيكونق ؟ إذن، بهذه الكيفيّة، سنقوم بتمرين الجلوس والتركيز لبعض الوقت قبل الغداء، ثمّ نـُمسك بالعصيّ ونقود التشي إلى طرف العصيّ لنأكلَ، ويكون ذلك هو تشيكونق الغداء، أليس كذلك ؟ إنّ ما نأكله سيكون إذن كلـّه طاقة - أنا أعطي هذا المثال فقط لأوضّح لكم المسألة. أقول لكم أنّ كلّ هذا هو ببساطةٍ إهانة للتشيكونق وحط من قيمته، وهو نظرة سطحيّة للغاية للتشيكونق ؛ لا أبدًا، لا يجبُ فهم الأمور بهذه الطريقة.

 

 أمّا بخلاف ذلك، فإنّ تشيكونق فنون القتال يُمكن تمامًا اعتبارُهُ مدرسة تشيكونق قائمة بذاتها. لماذا ؟ لأنه شهدَ عمليّة نقل وتوارُثٍ لمدّة آلاف السّنين، وهو يحتوي على نظريّةٍ كاملةٍ في التعهّد والممارسة، ومجموعة كاملة ً من طرق التعهّد والممارسة، لذلك يُمكن اعتبارُهُ نظامًا قائمًا بذاته. ورغم ذلك فإنّ تشيكونق فنون القتال يبقى في أدنى مستوى ضمن طرقنا في التعهّد الباطنيّ. بالفعل، إنّ التشيكونق الصّلب هو نوع من قِطع من مادّةٍ- طاقةٍ، مادّةٍ مُعَدّةٍ خصّيصًا للضّربات. أذكر لكم مثالاً: هناك تلميذ من بيكين، إثر خروجه من الدّورة التكوينيّة في الفالون دافا، لم يكُن يستطيعُ أن يضغط بيديه على الأشياء. عند ذهابه إلى المتجر ليشتري عربة أطفال، أراد أن يُجرّبَ العربة بيده ليرى ما إذا كانت متينة ً، ولكن بضغطةٍ واحدةٍ من يده "بان" ! تفكّكت العربة، وقد وجد هذا غريبًا جدّا. وفي منزله، عندما كان يجلسُ على مقعدٍ، لم يكُن يستطيعُ أن يتـّكئ بيديه عليه وإلاّ "بان" ! ينكسرُ المقعدُ. وقد سألني لِمَ يحدثُ له ذلك. فلم أفسّر له خشية إثارة روح التعلـّق فيه. قلتُ لهُ أنّ كلّ ذلك طبيعيّ، وأنه عليه أن يترُكَ الأشياء تسيرُ مسارها الطبيعيّ، وألاّ ينشغِلَ بها، وأنّ كلّ ذلك كان شيئـًا جيّدًا. عندما نكون ماهرين في استعمال هذا القونق، فإنّ الحَجَرَ يتفتـّتُ في يدِ من يضغط عليه. أليس هذا هو التشيكونق الصّلبُ ؟ ولكن هُو، لم يُمارس أبدًا التشيكونق الصّلب. في طرق التعهّد الباطنيّ، هذه القونقننق من المفروض أن تظهَرَ بصفةٍ عامّةٍ، ولكن بما أنه يصعُبُ على الإنسان الحفاظ على طبيعته الأخلاقيّة، ففي غالب الأحيان لا نترككم تستخدمون هذه  القونقننق حتـّى وإن ظهرت. وخُصوصًا في مرحلة الشّيولين في مُستواها الأدنى، سين سينغ الإنسان ليس مُرتفعًا بعدُ، والقونقننق التي تظهَرُ في المستوى الأدنى لا نجعلها تحت تصرّفه. وبطول المدّة، وفي نفس الوقت الذي سترفعون فيه مستواكم، هذه الأشياء لن تعود صالحة ً،  ولن يكون هنا داع ٍ لظهورها.

 

كيف تتمّ ممارسة تشيكونق فنون القتال بالضّبط ؟ ممارسة تشيكونق فنون القتال تـُركّز اهتمامها على نقل التشي. ومع ذلك، في الأوّل، هذا التشي ليس سهل النـقل، ولا بمُجرّد أنك تـُريد نقلهُ إلى موضع ٍ، ينتقلُ إليه في الحال، ليس كذلك. إذن ما العملُ ؟ يجبُ أن نـُمرّن الأيدي وجوانب الجسد، الأقدام، السّيقان، الأذرع والسّواعد، الرّأس، كلـّها يجبُ أن تخضعَ للتمرين. أيّ تمرين ؟ بعضهم يضربُ بيديه وأكُفـّـه جذع شجرةٍ، البعض الآخر يضربون البلاط بأيديهم بعُنفٍ. تخيّـلوا مقدار الألم في العظام، كما يُمكنُ أن تنزفَ اليدُ إن كان الضّربُ قويّا بعض الشّيء. ولكن لا نتوصّـلُ بعدُ إلى نقل التشي إلى هنالك. ما العملُ ؟ نبدأ في القيام بحركات دائريّة بالذراعين بطريقةٍ تجعلُ الدّمَ يتجمّعُ فيهما، وهكذا تصيرُ الذراعان واليدان مُنتفختين. بفضل هذا الانتفاخ، عندما نضربُ بعد ذلك الأيدي على الحجر، تكون العظام محميّة ولا ترتطمُ مباشرة بالحجر، لذلك تصيرُ العمليّة غير مُؤلمة كثيرًا. وطوال الممارسة، نتلقىّ دروس المعلـّم ومع الزّمن نعرفُ كيفيّة نقل التشي. ولكنّ معرفة نقل التشي لِوحدها لا تكفي أيضًا، لأنه ساعة المعارك الحقيقيّة، لا ينتظرونكَ. طبعًا، عندما نعرفُ نقل التشي، نكون قادرين بفضل ذلك على الصّمود تحت وقع الضّربات، ربّما لا نـُحسّ الألمَ حتـّى تحت ضربات هراوةٍ ضخمةٍ، لأننا نستطيـعُ أن ننتفخَ بنقل التشي. مع ذلك، التشي هو الشّيء الاكثر بساطة ً وبدائيّة ً في الفترة الأولى، ومع ممارسته باستمرار يُمكن أن يتحوّل هذا التشي إلى مادّة طاقيّة عُليا. وعندما يصيرُ مادّة طاقيّة عُليا، يُكوّنُ تدريجيّا قطعة ً من الطاقة كثيفة ً جدّا.  قطعة الطاقة هذه تتمتـّعُ بحياةٍ وبعقل، فهي إذن أيضًا قطعة قونقننق، إنه بالفعل نوعٌ من القونقننق. ولكنّ هذا القونقننق مُعدّ خصّيصًا للضّرب ولِمُواجهة الضّرب، وهو لا يُعطي فاعليّة ً إن استـُعمِلَ للمُداواة. وبما أنّ هذه المادّة الطاقيّة العُـليا توجد في عالم آخرَ ولا تمرّ عبر عالمنا هذا، فإنّ زمنها أسرع من زمننا. عندما تـُريدون الضّرب، لستم في حاجةٍ لنقل التشي ولا للتفكير في ذلك، بل يكونُ القونق قد سابق واستقرّ هناك. عندما يُوجّهون إليكم ضرباتٍ وتتصدّوْن لها، يكون القونق موجودًا أيضًا. مهما تكُنْ سُرعة الضّربات التي تـُوجّهونها، يسْبقكُم دائمًا، لأنّ مفهوم الزّمن ليس نفسه في العالمَيْن. بواسطة ممارسة تشيكونق فنون القتال، يُمكن أن نصِلَ إلى حِذق فنـّياتٍ مثل "الكفّ المُتصلـّبة الحديديّة"، "كفّ الزنجفر"، "سيقان فاجرا" و"أقدام الأرهات"، كلّ هذه مهارات ناس عاديّين، بإمكان إنسان عاديّ أن يصلَ إليها عبر التمارين.

 

 أبرزُ فارق بين تشيكونق فنون القتال وطرُق التعهّد الباطنيّ هو أنّ تشيكونق فنون القتال يتطلـّبُ ممارسة بالحركات، لذلك يتحرّكُ التشي تحت الجلد. بما أنّ الممارسة تـتمّ عبر حركات، لانستطيـعُ أن ندخُلَ في حالة تأمّل، إذن لا يدخلُ التشي منطقة حقل الإكسير، بل يتنقـّـلُ تحت الجلد ويدخُلُ في العضلات، إذن لا نستطيـع تعهّد الجسد ولا الحُصول عبر الشّيولين على قدُرات ذات مستوى عال. بينما طرقنا في التعهّد الباطنيّ تستوجبُ ممارسة ً في حالة التأمّـل. عمومًا، الطرق من هذا النوع تـُعلـّم كيفيّة إدخال التشي إلى الدّانتيان في أسفل البطن، وتـدعو إلى الممارسة في حالة التأمّـل وتحويل الجسد، بإمكانها أن تتعهّد الجسد وتـُمكّنَ من الارتقاء إلى مستويات أعلى عبر الشّيولين.

 

 ربّما سمعتم ما يُقالُ عن هذه المقدُرة أو تلكَ، هذا هو المذكور في روايات مثل "درع الجرس الذهبيّ"، "الدّرع الحديديّة"، "ثقبُ شجر الحوْرعلى بُعد مائة قدم". فيما يخصّ "مقدُرة الجسم الخفيف"، البعض يُمكن أن يذهب ويجيءَ طائرًا في الهواء، البعض الآخر يستطيـعُ حتـّى أن يتوارى في عوالم أخرى. هل يُوجَدُ هذا النوع من المقدُرة ؟ نعم، هذا أكيد، ولكنه لا يُوجد عند الناس العاديّين. أولئك الذين أصبحوا بفضل الممارسة يتمتـّعون حقـّا بهذا النوع من المقدُرة القويّة عليهم ألاّ يُظهروها. ونظرًا لأنها لا تأتي فقط من ممارسة فنون القتال وتتجاوزُ كلـّيًا مستوى الناس العاديّين، فهذا الشّخص يجبُ إذن أن يتعهّد وفق إلزامات طريقة تعهّدٍ باطنيّ ؛ يجبُ أن يُولي عناية ً لطبيعته الأخلاقيّة ويرفعَ من طبيعته الأخلاقيّة، يجبُ أن يزْهَدَ في كلّ مصلحةٍ مادّيّةٍ. حتـّى وإن تحصّـل على تلك المقدُرة بواسطة الشّيولين، لا يستطيـعُ أن يستعملها كما يشاءُ بين الناس العاديّين، هذا مسموحٌ له به فقط عندما يكون بمعزل عن كلّ الأنظار. لقد قرأتم في الرّوايات أنّ أشخاصًا ذوي قدُرات خارقةٍ وسحر عجيبٍ يقتـلون ويُصارعون من أجل "دجيان تو،Jian Tu " (رُسوم لتقـنيات السّيف)، من أجل الاستحواذ على كُـنوز أو من أجل امرأة. فكّروا، شخصٌ يتمتع حقـّا بهذا النوع من القدُرات، ألم يتحصّـل عليها عن طريق التعهّد الباطنيّ ؟ إنه بفضل السين سينغ قد تمكّن من الحصول على هذه المقدُرة بواسطة الشّيولين، فهو إذن بطبعه زاهدٌ في كلّ جاهٍ، وكسبٍ ورغبةٍ، فكيف سيقـتلُ الناس ؟ كيف يُمكن أن تكون لديه تلك الرّغبة المُلحّة في الثروة ؟هذا يستحيلُ على الإطلاق، ليس ذلك سوى مُغالاةٍ أدبيّةٍ فنـيّةٍ. يبحثُ الناس دائمًا عن الأشياء المُثيرة ويفعلون كلّ ما في وُسعهم لإشباع هذه الحاجة. وقد أدرك الكـُتـّابُ هذا الأمرَ، وهُم يبذلون جهودهم لإشباع حاجة الناس للإثارة ونيْـل إعجابهم. وكُلـّما تمادَوْا في كتابة أشياء جذابة، كلـّما أحببتم أن تقرؤوا لهم، ولكن ليس ذلك سوى مُبالغةٍ فنـيةٍٍ. أولئك الذين هم فعلاً مُزوّدون بهذه القدرة العُلويّة لا يتصرّفون هكذا، وعلى الأخصّ، لا يُمكنهم استعراضُها أمام العامّة.

 

 

 

حبّ الظهور

 

بما أنّ تلاميذنا يتعهّدون ويُمارسون وسط الناس العاديّين، فإنهم لا يتوصّـلون إلى مُفارقة الكثير من التعلـّقات، والكثير من هذه التعلـّقات أصبحت طبـيعيّة ً فيهم، ولم يعُودوا يستطيعون التـفطن إليها. الرّغبة في حُبّ الظهور يُمكن أن تتجلـّى في كلّ المواقف، تتجلـّى حتـّى في القيام بأفعال حسنةٍ. عندما يحصلُ المرء، في الحياة اليوميّة، على امتياز صغير يهمّ مركزه أو مصالحه، فهو يـُعلنُ ذلك ويملأ به أسماع الجميـع :"أنا بارع، أنا ممتاز." يحدُث الأمر أيضًا عندنا ؛ البعض يقومون بالممارسة أحسنَ قليلا ًمن الآخرين، أو يرَوْنَ بوُضوح أكثر عبرالتيانمو، أو أنّ حركاتـِهـِم أرشقُ،  لذا هُم يُريدون أن يلفِتوا الأنظار.

 

أحدهم يدّعي: "لقد سمعتُ المُعلـّم "لي" يقولُ كذا أو كذا." فيتحلـّقُ حوله الآخرون ليستمعوا، ويشرَعُ في الحديث، فيـُشيـعُ حكاياتٍ مُستعملاً فهمهُ الخاصّ ومُضيفـًا إليها بعض الجُزئيّات. ما هُو مقصدُهُ ؟ أيضًا حُبّ الظهور. هناك أيضًا ناسٌ يُروّجون إشاعاتٍ، ينقلونها من شخص لآخرَ ويتحدّثون بلذةٍ بالغةٍ، وكأنّ أخبارهم موثوقة. مهما يكُن عدد تلاميذنا كبيرًا، لا أحدَ يُضاهيهم في المعرفة ولا أحدَ يفهمُ أفضلَ منهم، هذه الرّوح أصبحت طبيعيّة ً فيهم، ورُبّما ليسوا واعين بها. في عقلهم الباطن توجدُ هذه الرّغبة في حُبّ الظهور، وإلاّ، لِمَ ترويـج هذه الشّائعات ؟ هناك أيضًا أشخاصٌ يُشيعون أقاويلَ بأنّ المُعلـّم سيعود إلى الجبل في هذه الفترة أوتلك. أنا لم آتِ من الجبل، فلماذا سأعودُ إليه ؟ هناك أيضًا أشخاصٌ يقولون أنّ المُعلـّم أسرّ لأحدهم بشيءٍ في اليوم الفارط، أو أعطى دُروسًا خُصوصيّة ً لآخـرَ. لماذا ترويـج هذه الأشياء ؟ ليس لها أيّ أثر طيّبٍ، ولكن ما نتبيّنـُه من خلالها هُو روح تعلـّقهم، حُبّ الظهور.

 

هناك أيضًا أناسٌ يطلبون منـّي توقيعي، ما هي دوافعهم ؟ هذه أيضًا عادة من عادات الناس العاديّين، يُريدون التوقيـع لِيحتفظوا به كتذكار. إن كُنتم لا تتعهّدون، حتـّى وإن أعطيتكم توقيعي، فهذا لا يُجدي شيئًا. في كتابي، كلّ حرفٍ هو على صُورتي وعلى صورة الفالون، كلّ جُملةٍ نطقتـها أنا، فلماذا تطلبون إذن توقيعي ؟ البعض يُفكّرون: "بواسطة التوقيـع، بركات المُعلـّم سوف تحميني." هم لا يزالون يتحدّثون عن البركات، ولكن نحنُ لا نولي أيّ أهمّية للبركات.  يكفي أنّ هذا الكتاب ذو قيمةٍ لا تـُقدّرُ. عمّ تبحثون بعد ذلك ؟ كلّ هذا يدُلّ على رُوح التعلـّق فيهم. هناك أيضًا أشخاصٌ يُلاحظون كيفيّة حديث التلاميذ المُحيطين بي وتصرّفهم، فيبدؤون في تقليدهم دون معرفة ما إذا كان ذلك حسنـًا أم سيّئـًا. في الحقيقة، لا يهمّ من يكُون الشّخصُ من بيننا وكيف يكون تصرّفه، ليس هناك سوى شرع أوحد، وليس هناك سوى التصرّف وفق هذا الشّرع الأكبر، هو وحدهُُ المقياس الحقيقيّ. الأشخاص الذين يُحيطون بي لم يتلقـّوْا أبدًا دُروسًا خُصوصيّة ً، إنهم مثلكم تمامًا، فقط هم ينتمُون لهيئة أعوان لجنة الأبحاث، لا يجب أن تترُكوا مجالاً لهذه التعلـّقات. كثيرًا، حالما يظهَرُ هذه التعلـّق، أنتم تـُلحقون الضّرر، وبدون أن تشعُروا، بدافا. تختلقون إشاعاتٍ مُثيرة، يُمكن حتـّى أن تـُولـّد خلافاتٍ وتـُثيرَ تعلـّقات التلاميذ، فيهرعون نحو المعلـّم لِيستوضحوا أكثرَ... الخ، ألا تنجرّ كلّ هذه التـّبِعات عن المُشكل ذاته ؟

 

إلامَ يُمكنُ أن يُفضي أيضًا حُبّ الظهور هذا ؟ لقد بدأتُ أنشُرُ الطريقة منذ سنتين، ربّما ضمن تلاميذ الفالون دافا القدماء، هناك البعض قد قارب بُلوغ مرحلة إطلاق القونق ؛ البعض الآخرُ يُوشكُ أن يدخُلَ مرحلة اليقظة التدريجيّة (دجيان وو، jianwu)، سيدخُل بصفة فجئيّة في اليقظة التدريجيّة. لماذا لم تظهر قدرات القونق هذه من قبلُ ؟ لو أنني دفعـتكم منذ البداية إلى مستوىً بذلك العلوّ بينما أنتم لم تنزعوا بعدُ تعلـّقات الناس العاديّين، فلن يستقيم الأمر. طبعًا، طبيعتكم الأخلاقيّة  قد بلغت علوّا شاهقـًا، ولكنكم لم تنزعوا بعدُ الكثير من التعلـّقات، لهذا السّبب لا نسمحُ لكم بامتلاك قدرات القونق هذه. عندما ستتجاوزون هذه المرحلة وتجدون أنفسكم في حالة استقرار، سنرسلكم في الحين إلى حالة اليقظة التدريجيّة. في حالة اليقظة التدريجيّة هذه، ستكون عينكم الثالثة مفتوحة على مُستوىً عال جدّا والكثيرُ من قدرات القونق ستظهَرُ. بالفعل، أقولُ لكم أنه، عندما يتعلـّقُ الأمرُ بشيولين حقيقيّ، الكثيرُ من قدرات القونق تظهَرُ منذ البداية ؛ ستكونون قد بلغتم مُستوىً عال كثيرًا إلى درجة أنّ قدرات القونق لديكم ستكونُ عديدة ً جدّا. في المُستقبل القريب، الكثيرُ من بيننا سيدخلون ربّما في هذه الحالة. هناك أيضًا أشخاصٌ لن يتوصّلوا إلى بُلوغ مُستوىً عال في تعهّدهم ومُمارستهم، ما يحملونه في ذواتهم وقدرتهم على التحمّل كُلـّها محدودة، لذلك سيتلقىّ البعضُ منهم إطلاق القونق واليقظة (كاي قونق كاي وو،kaigong kaiwu) على مُستوىً مُتدنـّي جدّا، وستكونُ يقظة ً  كاملة ً، هذا ما سيحدُث بالنسبة للبعض.

 

عندما أحدّثكم عن هذه المسألة، فِـلغاية تـنبيهكم أنه في حالة ظهور شخص من هذا النوع، لا يجبُ على الإطلاق اعتبارُهُ مُتيقظـًا عظيمًا. إنها مسألة على غايةٍ من الجدّية في الشّيولين، وحدهُ التصرّف وِفق هذا الشّرع الأكبر هو التصرّف الصّحيح. لا يجب أن تتـّبعوهم ولا تستمعوا إليهم لأنكم رأيتموهُم يتمتعون بقدرات القونق، بالقدرات الإلهيّة أو لأنهم رأوْا بعض الأشياء. إنكم بهذا تجرُون لحتفهم، سيُولدُ فيهم الفخر والعُجبُ، وفي النهاية يتهدّدُهم خطرُ فقدان كلّ شيءٍ، كلّ تلك الأشياء ستـُقفــَلُ، وأخيرًا سيسقطون. من تلقىّ إطلاق القونق يُمكنُ أيضًا أن يسقط، لو أن شخصًا تنقصه قوّة السّيطرة على النفس، فخطرُ السّقوط يترصّده أيضًا حتـّى وإن بلغ اليقظة. حتـّى بُوذا يُمكن أن يسقط َإن لم يُحسن التحكّم في نفسه، فضلاً عنكم أنتم: مُمارسون وسط الناس العاديّين ! تبَعاً لذلك، مهما تكُن قدرات القونق التي ظهرت كثيرة ً وجبّارة ً، ومهما تكُن قوّة الشّانتونق عندكم، يجبُ أن تلزموا سيطرة ً جيّدة ً على أنفسكم. في الفترة القريبة الماضية، هناك شخصٌ من بيننا اختفى تمامًا وهو في مكانه، ثمّ بعد قليل ظهر من جديدٍ ؛ نعم، وَسَترَوْنَ حتـّى شانتونق أكثر عَجَبًا. ماذا ستفعلون في المُستقبل ؟ بصفتكم تلاميذنا، مُريدينا، في المُستقبل، إن ظهرت هذه الحالة عندكم أو عند غيركم، لا يجبُ أن تـتعلـّقوا بها ولا أن تضعوا هذا الشخص موضع الإجلال. حالما تتغيّرُ قلوبكم، فأنتم تضِلـّون في الحال وتسقطون. ربّما تكونون في درجة أرفعَ من درجتهم، ولكن فقط قدراتكم الإلهيّة لم تظهَرْ ؛ ورغم ذلك، في هذه الناحية، ستسقطون ؛ لذلك الكُـلّ يجبُ أن يُوليَ اهتمامًا فائقـًا لهذه المسألة. لقد أعرْتُ هذه النقطة كلّ هذه الأهمّية لأنّ هذا النوع من الحالات سيظهَرُ في القريب العاجل، وعند ظهوره، إن لم تتمكّـنوا من التحكّم في أنفسكم لن تجدوا أبدًا مخرَجًا.

 

إنّ ممارسًا، حتـّى وإن ظهر القونق لديه، حتـّى وإن بلغ إطلاق القونق، أو صار فعلاً مُتيقظــًا، لا يجبُ أبدًا أن يعتبرَ نفسهُ رائعًا ؛ ما شاهدهُ ليس سوى مشهد الدّرجة التي بلغها. لأنهُ، إذا وصل إلى ذلك المستوى عبر الشّيولين، فهذا يعني أنّ درجة وعيه قد وصلت إلى ذلك المستوى، وأن مقياس السين سينغ لديه قد وصل إلى ذلك المستوى، وبالتالي فإنّ حكمته قد وصلت إلى ذلك المستوى أيضًا. لذلك ربّما لا يُصدّقُ بأشياء آتية من مستوى أرفع. وتحديدًا بسبب هذا التكذيب، سوف يعتبرُ أنّ ما رآهُ هو عين الحقيقة، وسوف يظنّ أنّ ذلك هو كلّ شيءٍ. رغم ذلك، هو لا يزالُ بعيدًا كثيرًا عن الحقيقة، لأنّ مُستواهُ لم يصلْ سوى إلى ذلك الحدّ.

 

البعض سيتمّ إطلاق القونق لديهم في ذلك المستوى ولن يتجاوزوهُ، لأنهم لن يستطيعوا الارتقاء أعلى في تعهّدهم وممارستهم، لذلك لا يُمكنهم سوى تلقيّ إطلاق القونق واليقظة في ذلك المُستوى. في المُستقبل، من بين تلاميذنا الذين سيُـتمّون تعهّدهم وممارستهم، البعض سيتلقىّ اليقظة في الطرق الدنيويّة الصّغرى، البعض سيتلقـّونها على مستويات مُختلفة، والبعض سيتلقـّونها بعد الحُصول على "جانق قوو" (ثمرة الكمال). فقط أولئك الذين يبلغون اليقظة بعد حُصولهم على ثمرة الكمال هم حقـّا ذوو المستوى الأرفع، إنهم يستطيعون أن يرَوْا ما يحدث في مختلف الدرجات وأن يتجلـّوْا فيها. حتـّى أولئك الذين يتلقـّوْن إطلاق القونق واليقظة في المستوى الأدنى، في مستوى الطرق الدنيويّة الصّغرى، يستطيعون أيضًا رُؤية بعض العوالم والمُـتحققين، ويستطيعون التواصُل معهم. ولكن لا تكونوا مُعجبين بأنفسكم في ذلك الحين، لأنّ إطلاق القونق في طريق دنيويّة صغرى أو في مُستوى مُتدنّ لا يـُخوّل  الحُصولَ على ثمرة الكمال، هذا أكيد. إذن ما العملُ ؟ لا يستطيعون سوى البقاء في ذلك المُستوى، بينما تعهّدهم وممارستهم القادميْن نحو المُستوى الأعلى ليسا إلاّ أمرًا حِكْرًا على المُستقبل. حيثُ أنكم لا تستطيعون بُلوغ سوى ذلك المُستوى، ماذا بوُسعنا أن نفعل لكم سوى تمكينكم من إطلاق القونق ؟ مهما تثابرون في تعهّدكم وممارستكم، لن تستطيعوا الارتقاء أكثر نحو الأعلى، إذن لم يبْـقَ لكم سوى الحصول على القونق لأنكم بلغتم نهاية المطاف في تعهّدكم وممارستكم ؛ سيكون هناك ناس كثيرون من هذا الصّـنف. ومهما يحدُثْ، يجبُ الحفاظ جيّدًا على السين سينغ، ولا يكون تصرّفكم صحيحًا حقـّا إلاّ إذا تصرّفتم وفق الشرع الأكبر. إن يكُن ما لديكم هو قدرات القونق أو إطلاق القونق، فقد حقـّقـتم كلّ هذا بواسطة الشّيولين في الدّافـا. لو تضعون الدّافـا في المرتبة الثانية وقدراتكم في المرتبة الأولى أوأنكم بعد بلوغ اليقظة تظنـّون أنّ فهمكم الخاصّ صحيـح حقـّا، أو أنكم تعتقدون أنفسكم رائعين وفوق دافـا، أقول لكم أنكم حينها قد بدأتم في السّقوط، ستكونون في خطر وستمضُون من سيّءٍ إلى أسوء. في ذلك الحين، ستكون حقـّا كارثة ًعليكم، ستكونون قد قمُتم بالشّيولين سُدىً ؛ إن لم تتصرّفوا جيّدًا، فإنّ خطر السّقوط يتهدّدكم وسيذهبُ كلّ الشّيولين الذي قمُتم به هباءًا.

 

دعوني أقلْ لكم هذا الأمر أيضًا: إنّ مُحتوى كتابي هذا  مُكوّن من مجموع دعواتي للشّرع أثناء عدّة مُحاضرات ودورات تكوينيّة. كلـّهُ قد قلته أنا، كلّ جُملةٍ نطقـتـُها أنا، كلـّه نـُقِـلَ حرفـًا حرفـًا عن التسجيلات، وتمّ نسْخُه حرفـًا حرفـًا، ومُريديّ وتلاميذي هم الذين ساعدوني على كتابته اعتمادًا على التسجيلات ؛ ثمّ صحّحتـُهُ مرّاتٍ عديدة ً. كلّ هذا شرعي ولم أدْعُ إلاّ لهذا الشّرع.


 

المحاضرة السابعة

 

  

مسألة قتـل الكائنات الحية                

 

قتـل الكائنات الحيّة مسألة حسّاسة جدّا. في هذا الصّدد نحن صارمون جدّا تـُجاه الممارسين: على هؤلاء ألاّ يقتـلوا الكائنات الحيّة. سواء في مدرسة بوذا أو المدرسة الطاويّة أومدرسة البوّابة الجانبيّة، مهما تكُن المدرسة أو المذهب، شرط أن يكون شيولين الشّرع الحقّ، تـُعتبرُ هذه المسألة على غاية من الجدّية والأهمّية ويكونُ التحريم مُطلقـًا، ينبغي على كلّ شخص ألاّ يقتـل الكائنات الحيّة، هذا أكيد. ونظرًا لأنّ العواقب التي تنجرّ عن هذا الأمر وخيمة للغاية فيجبُ أن نحدّثكم عنها بالتـفصيل. قتـل الكائنات الحيّة في البوذيّة الأولى يعني أساسًا قتـل كائن بشريّ، وهذه هي أخطر حالةٍ. فيما بعد توجّه الاهتمام نحو الكائنات الحيّة الكبيرة، الدّوابّ الكبيرة وكائنات أخرى كبيرة الحجم. لماذا نعتبرُ في أوساط الشّيولين مسألة قتـل الكائنات الحيّة على تلك الدّرجة من الخـطورة ؟ في الماضي كانت البوذيّة تقولُ أنه لمّا يُقـتـَلُ أناس لم يكونوا لِيموتوا في الأصل، يُصبحون أشباحًا مُغتربة ًوهائمة ً. طقوس "التـخليص" التي يتحدّثون عنها في الماضي تتعلـّقُ بهؤلاء الأشخاص، بدون هذا التـخليص تظلّ هذه الكائنات دون طعام ولا شراب وتبقى في وضعيّة بائسة. هذا ما كانت تجزم به البوذيّة قديمًا.

 

نحنُ نقول أنه عندما يُسبّبُ شخصٌ مّا ضررًا لآخر فيجبُ أن يُعطيه كمّية ً لا بأس بها من الحسنات "دو" كتعويض، وما نعنيه بالضّرر هنا هو عادة ً الاستحواذ على أملاك الآخرين، الخ. ولكن لو نضعُ حدّا بصفة مُباغتةٍ لحياة كائن، إن كان حيوانـًا أو كائنـًا آخر، فهذا سيترتـّبُ عنهُ مباشرة كارما هامّة وثقيلة. في الماضي كانت عبارة قتـل الكائنات الحيّة تعني أساسًا قتـل الإنسان، ويترتـّبُ عنه كارما ضخمة. ولكنّ قتـل الكائنات الحيّة الأخرى ليس هيّـنـًا أيضًا، إنه يُولـّدُ مباشرة كارما كبيرة جدّا. بالنسبة للممارسين خاصّة ً، أثناء الشيولين، نضعُ لكم بعض المحن مُوزّعة على مُختلف المستويات، وهذه المحنُ ليست سوى حصيلة ديونكم الشّخصيّة لا غير، إنها إذن مصاعبكم أنتم وعراقيلكم أنتم، وضعناها لكم في مُختلف المُستويات لتتمكّـنوا من الارتقاء. وطالما أنتم ترفعون من طبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة، طالما تستطيعون اجتيازها. أمّا إذا داهمكم فجأة ذلك الكمّ الهائل من الكارما، كيف ستتصرّفون وكيف سيُمكنكم اجتياز هذه الامتحانات ؟ في ذلك المُستوى من السين سينغ أنتم عاجزون عن النجاح، ويتهدّدكم خطر العجز تمامًا عن التعهّد والممارسة.

 

لقد تبيّنَ لنا أنه في اللحظة التي يُولـَدُ فيها الشّخص، في عوالم أخرى- في حيّز مُعيّن من فضاء هذا الكون، يُولـَدُ معه في نفس الوقت أمثالٌ لهُ(توائم)عديدون جدّا، لهم نفس الملامح، يحملون نفس الإسم، ويقومون تقريبًا بنفس الأشياء، لذلك يُمكن اعتبارهم ينتمون كلـّهم إلى نفس المجموعة. وهذا يترتـّبُ عنه المشكل التالي: لو أنّ كائنـًا حيّا (بما في ذلك الحيوانات  كبيرة الجسم) يموتُ فجأة ً، بينما أمثالـهُ المُوزّعون في العوالم الأخرى لم يُكملوا بعدُ مسار حياتهم المُبرمجة في الأصل ولا تزال لهم بعدُ سنين طويلة ليعيشوها، لو يحدُثُ هذا فإنّ ذلك الشّخص الذي مات سيؤولُ إلى وضعيّة بدون هدفٍ أو هُدًى، سيظلّ يهيمُ في الكون. في الماضي كان يُقالُ أنّ الأشباح الوحيدة الهائمة ليس لها طعامٌ أو شرابٌ وهي بائسة حقـّا، ربّما كان الحالُ كذلك، ولكن نحنُ عاينـّا فعلاً أنّ أؤلئك الأشخاص يُوجدون في وضعيّة مُروّعة للغاية، أنهم باقون دائمًا في حالة انتظار وعليهم أن ينتظروا انتهاء مشوار حياة أمثالهم المُنتشرين في مُختلف العوالم، وذلك ليَجدوا لِأنفسهم جميعًا وجهة مُحدّدة. وكلـّما طال الانتظار كُلـّما تحمّـلوا المزيد من العذاب، وكُلـّما كان العذابُ مُؤلمًا كُلـّما رزحت الكارما التي سبّبت هذا العذاب على كتفـيْ القاتل، فكّروا إذن، كم من الكارما الإضافيّة ستـُصبحُ لديكم ؟ هذا ما استطعنا رُؤيتهُ بواسطة قدرات القونق.

 

لقد رأينا أيضًا الحالة التالية: عندما يُولدُ شخصٌ مّا، في نفس الوقت وفي سماء مُعيّـنة، يُوجد تخطيط مُفصّلٌ لحياته، أي مثلاً في هذه المرحلة من حياته أو تلك، سيقومُ بهذا الشّيء أو ذاك، كلّ شيءٍ يُوجدُ مُسْبقـًا. من سطـّـرَ حياة هذا الشّخص ؟ طبعًا إنها الحياة العُلويّة التي تـُـشرفُ على هذا الأمر. مثلاً، في مجتمع الناس العاديّين، بعد ولادته سيُوجَدُ الشّخصُ في هذه الأسرة، في تلك المدرسة أو في مُؤسّسة العمل تلك عندما يُصبحُ شابّا،وبواسطة العمل يُقيمُ علاقاتٍ مع المُجتمع في مُختلف المجالات، هذا يعني أنّ كلّ المُجتمع مُسطــّرٌ ومُبرمجٌ بتلك الكيفيّة، إذن، لمّا يموتُ هذا الشّخص بغتة ً وخِلافـًا لما هو مُقـدّرٌ في الأصل، فإنّ تغييرًا قد وقع. والمُتسبّبُ في هذا الاضطراب لن تغفِرَ لهُ الحياة العُلويّة . فكّروا، باعتباركم مُمارسين، أنتم تريدُون أن تتعهّدوا وتمارسوا نحو الدّرجات العُليا، ولكن لو أبَتْ تلك الحياة العُلويّة أن تعفو وتصفحَ، هل تظنـّون بعدُ أنه بإمكانكم التعهّد والممارسة ؟ بعض الأشخاص لديهم مُعلـّم أقلّ مرتبة ً من الحياة العُلويّة التي سطـّـرت ذلك القدر، في هذه الحالة، حتـّى مُعلـّمهم سيتحمّلُ قسطـًا من النتائج وسيسقط في المرتبة . فكّروا إذن، هل هذه مسألة عاديّة ؟ و بالتالي فإنه في حالة ارتكاب هذا النوع من الأشياء، يُصبحُ من الصّعب جدّا التعهّد والممارسة.

 

من بين تلاميذ الفالون دافا، ربّما يكون هناك من قاتلَ في سنوات الحرب. هذه الحُروب كانت في الحقيقة وضعيّة ً ناتجة ً عن تغيـّر هامّ في الظاهرة السماويّة، وأنتم لم تكونوا سوى عنصر من عناصر الأحداث. إذا لم يكُن تغيّر المشهد العُلويّ مصحوبًا بتحرّك بشريّ، فهذا لن يُولـّدَ تغيّرًا في المجتمع البشريّ العاديّ، إذن لن يكون ذلك التغيّر في المشهد العُلويّ جديرًا بتسميتهِ. تلك الأحداث تتطوّر حسب التغيّرات الكُبرى، لذلك لا يتمّ احتسابُها كلـّيًا على عاتقكم. ما نعنيه هنا هو الكارما الناتجة عن أفعال ارتـُكِـبَتْ بسابقيّة الإضمار سعيًا وراء هدفٍ شخصيّ، تلبية لمآرب ذاتيّة أو تجنـّبًا لضرر مّا. أمّا كلّ ما يتعلـّقُ بالتغيّرات في العالم ككُـلّ وتغيّر الظروف العامّة للمُجتمع، فلا يُعتـَبَرُ قضيّتكم.

 

عمليّة قتـل الكائنات الحيّة من شأنها أن تـُخلـّفَ كارما ثقيلة ً. البعضُ يُفكّرُ كالتالي: "لا يُمكننا قتـل الكائنات الحيّة، ولكن أنا الذي أتولـّى الطبخ في المنزل، إذا لا أقتـلُ بعد اليوم، ماذا سيأكلُ أفراد أسرتي ؟" أنا لا أهتمّ بهذه الحيثـيّات الملموسة، أنا هنا لأدعُوَ الممارسين إلى الشّرع لا لأتناقش مع الناس العاديّين حول الحياة اليوميّة. كيفيّة مُواجهة المسائل العمليّة، يجبُ تقييم ذلك وفق الشّرع الأكبر. تبَعًا لذلك تصرّفوا حسب الطريقة التي ترونها المُـثلى، الناس العاديّون يتصرّفون مثلما يشاءون، إنها مسألة ناس عاديّين، من المُحال أن يعتنِـقَ كلّ الناس الشّيولين الحقيقيّ. ولكن، بما أننا ممارسون، يجبُ أن نكون مُتشدّدين مع أنفسنا حسب مقاييس عالية، هذه إذن إحدى الشّروط التي نـُـلزمُ بها الممارسين.

 

لا فقط البشرُ والحيوانات ينبضون بالحياة، بل أيضًا النباتات. كلّ مادّة نجدُ أنّ الحياة تتجلـّى فيها في عوالم أخرى. عندما تكون عينكم الثالثة مفتوحة على مستوى"عين الشّرع"، ستروْن أنّ الحجر، الجدران، كلّ شيءٍ يُمكن أن يُكلـّمكم ويُحيّـيكم. ربّما سيتخيّلُ البعض: "من هذا المُنطلق ، الحبوب والخُضر التي نأكُلها هي أيضًا تنبضُ بالحياة، ثمّ ماذا سنفعلُ مع الذباب والبعوض في المنزل ؟ في الصّيف تـُؤلمنا لسعات البعوض كثيرًا، وسيكون علينا أن نشاهدهُ وهو يلسعُـنا دون ردّ الفعل، وأن نرى الذباب يحُط على الطعام دون قتـله ؟" دعوني اُوضّح لكم، لا يجبُ أن نقتـُـل الكائنات الحيّة حسب هوانا ودون داع ٍ. ولكن لا يجبُ أيضًا أن نتصرّف مثل أشخاص مهووسين، مُنشغلي البال دومًا بهذه الأمور التافهة، يُحاذرون في خُطواتهم أن يدوسوا نملاتٍ أو يثبون من حين لآخر ليتجنـّبوها. ألاحظ لكم أنكم بهذه الطريقة ستعيشون حياة ً مُرهقة ً جدّا، ألن يكون ذلك تعلـّقـًا من جديدٍ ؟ إن كنتم تمشون وتثِبون من حين لآخر وثباتٍ خفيفة، ربّما لا تدوسون نملاتٍ ولكنكم ستدوسون جمهرة ًمن الجراثيم. من منظور ميكروسكوبيّ، هناك أيضًا كائنات حيّة دقيقة الحجم لا تـُحصى، وفطريّات وبكتيـريا، ربّما تكونون قتلتم منها أعدادًا كبيرة ً، وهكذا لن يتسنـّى لنا العيش. لا يجبُ أن نتصرّف بهذه الطريقة وإلاّ لم يعُدْ بإمكاننا التعهّد والممارسة. يجبُ أن نـُوليَ أهمّية للنقاط الأساسيّة ونتعهّد ونـُمارسَ بصدق وعفويّة.

 

عندما يعيشُ الإنسان، من حقـّه أن يُحافظ على حياته، من أجل ذلك يجبُ أن يتكيّـف المُحيط الذي يعيشُ فيه مع مُتطلـّبات الحياة البشريّة. لا يجبُ أن نتعمّدَ إيذاء الكائنات الحيّة، ولكن لا يُمكننا كذلك أن نتعلـّق كثيرًا بهذه الأشياء الصّغيرة. مثلاً الحبوب والخُضر المزروعة هي حيّة، ولكن لا يُمكننا من أجل ذلك أن نمتنع عن الأكل والشّرب، كيف يُمكن أن نـُمارسَ إذن ؟ يجبُ أن تكون نظرتـنا أوسع وأشمَلَ. مثلاً عندما تمشون تتسارعُ الحشراتُ بنفسها تحت أقدامكم فتمُوتُ. إذن من الممكن جدّا أنّ ساعة موتها قد حانت، في كلّ الحالات أنتم لم تـُصيبوها عمدًا. في عالم الكائنات الحيّة وفي عالم الجراثيم هناك أيضًا مسألة التـّوازن البيئيّ، بقاؤها بأعداد ضخمةٍ يُمثل مُشكلة ً. لذلك نحنُ نتكلـّمُ عن التعهّد والممارسة بصدق و عفويّة. عند تواجُد ذباب أو بعوض في المنزل، نطرُدُه ونحُول دون دُخولِه بوضع السّتائر على النـّوافذ. ولكن أحيانـًا لا نتوصّـلُ إلى إخراجه فلا يهُمّ إن قتلناهُ. إن كان يقتحمُ الفضاء الذي يعيشُ فيه البشرُ ويُريدُ أن يلسعهم ويُزعجهم، فمن الطبيعيّ للغاية أن نطرُدهُ، وإن لم ننجح في ذلك، فلا يُمكننا أن نكتفي بُشاهدته وهو يلسعُ الآخرين. أنتم ممارسون، لديكم مناعة ضدّهُ ولا تخشْونهُ، ولكنّ بقيّة أفراد أسرتكم لا يقومون بالممارسة، هم أناس عاديّون، وهم عُرضة للأمراض المُعدية، ولا يُمكننا أن نشاهد البعوض يلسعُ وجه طفل دون فعل شيءٍ.

 

لِنذْكرْ مثالاً، إنها طرفة لساكياموني في السّنوات الأولى من حياته. في أحد الأيّام أراد ساكياموني أن يستحمّ في الغابة، فطلب من مُريده أن يُنظـّـف حوض الاستحمام. ذهب المُريد ولكنه وجد الحوض مليئًا بالحشرات، إن هو نظـّـف الحوض، يجبُ أن يقتـل كلّ الحشرات. فعاد إلى ساكياموني وقال له: "إنّ الحوض مليءٌ بالحشرات." فلم يلتفتْ إليه ساكياموني ولم يزِدْ على أن قال: "اذهب ونظـّـف الحوض." فرجع المُريد إلى حيثُ كان وهو لا يعرِفُ من أين يبدأ، مع أوّل حركة سيقوم بها، تموتُ الحشرات، فرجع على أعقابه مرّة ً أخرى إلى حيثُ ساكياموني وخاطبهُ: "أيّها المُعلـّم الجليل، إنّ الحوض يزخـَرُ بالحشرات، لو أقوم بأقـلّ حركة سأقتـل الحشرات."، فرمقه ساكياموني بنظرةٍ وقال له: "ما طلبتـُه منك هو تنظيف حوض الاستحمام". فجأة ً اتـّضح كلّ شيءٍ للمُريد وذهب في الحال ونظـّـف الحوض. هذا يُعطي مثلاً في المسألة، لا يعني أنه إذا كانت هناك حشرات لا يجبُ أن نستحمّ ثانية ؛ وإذا كان هناك بعوض علينا أن نخرُج من المسكن ونبحث عن آخر ؛ وإذا كانت الحبوب والخُضر كائنات حيّة علينا أن نعْصِبَ على بُطوننا، ولا نأكلَ ونشربَ. لا ينبغي أن تسير الأمور بتلك الطريقة، يجبُ أن نحُلّ المشكل ونهتمّ بالشّيولين بصدق ونزاهة، يكفينا ألاّ نـُسيئ للكائنات الحيّة عن قصدٍ. في نفس الوقت، يحتاجُ الإنسان أيضًا إلى فضاء ملائم وإلى ظروف عيش مُعيّـنة يجبُ أن تـُراعى كذلك، على الإنسان أن يُحافظ على عيشه ويحيا حياة ً طبيعيّة ً.

 

في الماضي،  كان هناك مُعلـّمو تشيكونق مُزيّفون يقولون: "في اليوم الأوّل والخامس عشر من الشّهر القمريّ، لنا الحقّ في القتـل." وآخرون يقولون: "لنا الحقّ في قتـل الطيور." كما لو أنّ هذه الطيور ليست كائنات حيّة. في اليوم الأوّل والخامس عشر من الشّهر القمريّ، هل القتـلُ لا يعني القتـلَ ؟ هل هو يعني حفر الأرض ؟ البعضُ هم معلـّمو تشيكونق مزيّفون ومن السّهل تمييزهم من خلال كلامهم وأفعالهم، ليس لنا إلاّ أن نـُقيّمهم من خلال ما يقولونه وما يُريدونه، كلّ معلـّمي التشيكونق الذين ينشرون هذا النوع من الأقوال هم في أغلب الأحيان مسكونون بالـفوتي. انظروا إلى معلـّم التشيكونق الذي يسكنهُ الثعلب، إنه يلتهمُ الدّجاجة بكلّ شراهةٍ ولا يُريدُ حتـّى أن يلفظ العظام.

 

مسألة قتل الكائنات الحيّة لا فقط تـُولـّد كارما كبيرة ً ولكنها تتعلـّقُ أيضًا في نفس الوقت بمسألة الرّحمة. ألا ينبغي علينا نحن الممارسين أن نكون رُحماءَ ؟ عندما تـُولـَدُ الرّحمة فينا، ربّما سنرى أنّ كلّ الكائنات في وضع تعيس وأنّ كلّ الكائنات تتعذبُ، هذا ما سيحدث. 

 

 

 مسألة أكل اللـحم

 

أكل اللـّحم هي أيضًا مسألة حسّاسة، ولكنّ أكل اللـّحم لا يعني قتـل الكائنات الحيّة. ها أنكم تتعلـّمون الشرع منذ مدّة طويلة ولم نطلـُبْ منكم أن تمتـنعوا عن أكل اللـّحم. هناك الكثيرُ من معلـّمي التشيكونق الذين يقولون لك حال دخولك إلى قاعة درسهم: "من الآن وصاعدًا، لا يجبُ أن تأكلَ اللـّحم". قد تقول في نفسك: "هكذا فجأة ً لا يُمكنني أكل اللـّحم ثانية ً، أنا لستُ مُستعدّا لذلك نفسيّا." ربّما في منزلك اليوم، يكونون قد طهوْا دجاجًا أوأعدّوا سمكًا، إنّ رائحتهما طيّبة جدّا، ولكن لن تستطيـع أن تتناول منهما. نفس الشّيء بالنسبة للشّيولين الدّينيّ، يُمنـَعُ تمامًا أكل اللـّحم. الطرق المألوفة في مدرسة بوذا وبعض طرق المدرسة الطاويّة تدعو أيضًا إلى عدم أكل اللـّحم. نحنُ لا نطلـُبُ منكم هنا أن تفعلوا نفس الشّيء، ولكننا نتحدّث عن هذا الموضوع أيضًا. كيف نتحدّث عنه ؟ في طريقتنا نحنُ، الشّرع هو الذي يشحذ الإنسانَ. يعني أنّ الطريقة تجعلُ آثارها ونتائجها بيّـنة ًمن خلال القونق والشّرع. أثناء الممارسة وفي مختلف المستويات، يمكن أن تتجلـّى عدّة أحوال. مثلاً في يوم مّا، أو في هذا اليوم بالذات بعد انتهاء محاضرتي، البعض منكم سيجدون أنفسهم في الحالة التالية: لا يستطيعون أكل اللـّحم من جديدٍ. ستبدو لهم رائحة اللـّحم كريهة ً، وإن أكلوا منه سيشعرون بالرّغبة في التـّقيّـؤ. ليس الأمر أنّ أحدًا يُراقبكم ويمنعكم من أكله أو أنكم أنتم تمتـنعون عنه بأنفسكم، بل إنكم تمُجّونه وترفضونه بصفةٍ طبيعيّةٍ من أعماقكم. عندما تصلون إلى هذا المستوى لا تستطيعون أن تأكُـلوا منه مُجدّدًا لأنّ ذلك تجلّ ٍمن تجلـّيات آثار القونق، إذن في هذه الحالة إن أكلتم منه ستـتقيـّـئونه، هذا مُؤكّد. 

 

تلاميذنا القدماء يعلمون أنّ التعهّد والممارسة في الفالون دافا يُمكن أن يولـّد هذا الحال، وفي مختلف المستويات تتجلـّى مختلف الأحوال. هناك أيضًا تلاميذ لديهم رغبة عارمة، رغبة قويّة فعلاً في أكل اللـّحم، ويتناولون منه في العادة كمّيات كبيرة. في الوقت الذي يُحسّ فيه الآخرون أنه كريه، لا يُحسّون هم بهذا ويبقى باستطاعتهم أكلـهُ. إذن ما العملُ لجعلهم ينزعون هذا التعلـّق ؟ عندما يأكلون اللـّحم، سيشعرون بآلام في البطن وعندما يكُفـّـون عن أكله تكُفّ هذه الآلام، يُمكن أن تظهر هذه الحالة، وهذا يعني أنه يجب عليهم ألاّ يأكلوه ثانية ً. هل هذا يعني أنّ مدرستنا تقطعُ كلّ صـِلـَةٍبأكل اللـّحم ؟ ليس الأمر كذلك.  إذن كيف نـُعالجُ هذه المسألة ؟ عندما لا نستطيعُ أكل اللـّحم، هذا يعني أننا لا نـُريدُ ذلك من أعماقنا فعلاً. ما الهدف من ذلك ؟ الإقلاع عن اللـّحم المفروض في المعبد وعدم القدرة على أكله التي تظهرُ عندنا لهما نفس الهدف وهو جعْـلُ الإنسان يُفارقُ رغبتهُ في اللـّحم وروح التعلـّق به.

 

بعض الأشخاص عندما يأخذ وعاءهُ من الأرزّ خاليًا من اللـّحم، لا يستطيـع حتـّى ابتلاع الأرزّ، هذه رغبة من رغبات الناس العاديّين.  ذات صباح في شانقشون كنتُ مارّا بمُحاذاة الباب الخلفيّ لـ"حديقة النصر". ثلاثة أشخاص كانوا يتحدّثون بحماس وهم يعبُرون باب الخروج، أحدهم كان يقول: "لِمَ نـُمارسُ إن كنـّا لا نستطيـعُ أكل اللـّحم ؟ أنا سأظلّ آكُـلُ منه دائمًا ولو نقـُـصَ من عُمُري عشر سنواتٍ !" كم هي مُتأجّجة هذه الرّغبة ! فكّروا، أليس علينا مفارقة هذه الرّغبة ؟ من الأكيد أنه يجبُ مفارقتها. أثناء الشّيولين، على الإنسان أن يُطلـّق جميـع أنواع الرّغبات والتعلـّقات. بعبارةٍ أوضح، عندما لا نـُفارقُ حبّـنا لأكل اللـّحم، ألا يكون ذلك تعلـّقـًا لم يتمّ التخلـّص منه بعدُ ؟ هل نستطيـعُ إذن بلوغ الكمال في الشّيولين ؟  لذا، إن كان تعلـّقـًا يجبُ نزعه. ولكن هذا لا يعني أنه انطلاقــًا من اليوم لن نأكل منه أبدًا، إنّ منعكم من أكل اللـّحم ليس هدفـًا في حدّ ذاته، الهدف هو منعكم من امتلاك ذلك النوع من التعلـّق. إن توصّـلتم إلى انتزاع هذا التعلـّق أثـناء الفترة التي يتعذر عليكم فيها أكل اللـّحم، ربّما يُمكنكم أكله من جديدٍ: رائحة اللـّحم لن تـُشعِركم بالغثيان، ولن تجدوا طعم اللـّحم مُـقرفــًا عندما تذوقونه. إذن في تلك الحالة، كُـلوا منه، لا يُصبحُ للأمر أهمّية.     

 

عندما يُمكنكم أكله ثانية ً، ستكونون فارقتم روح تعلـّـقكم، فارقتم رغبتكم في اللـّحم. ولكن من المُمكن أنّ تغيّرًا كبيرًا قد حدث، لأنه منذ ذلك الحين وصاعدًا لن تشعُروا بنـُكهته عندما تأكلونه، عندما يطبخُ سكّان بيتكم اللـّحم، ستأكلون منه مع البقيّة وإلاّ فلن تشتاقوا إليه، وعندما تأكلون منه، لن يكون له مذاقٌ خاصّ في فمكم، يُمكن أن تظهر هذه الحالة. ولكنّ التعهّد والممارسة وسط الناس العاديّين عسيرٌ جدّا، إن كان اللـّحم يُطبـَخُ في بيتكم بصفةٍ دائمةٍ، فبطول المدّة سوف تجدونه لذيذاً مرّة ً أخرى. وهكذا ربّما تظلـّون بين مدّ وجزر ويحدُث لكم هذا مرّاتٍ عدّة ً طيلة تقدّمكم في الشّيولين، إلى أن يأتي يومٌ تجدون فيه أنفسكم بغتة ً غير قادرين على أكل اللـّحم، في تلك الحالة لا تأكلوا منه وإلاّ تقيـّأتموهُ، وعندما تستطيعون أكله من جديدٍ افعلوا، في النهاية اترُكوا الأمور تسيرُ بصفةٍ طبيعيّةٍ. أكل اللـّحم أو عَدمُهُ ليس مقصدًا في حدّ ذاته. الأساسيّ هو ترك روح التعلـّق.

      

 مدرستنا هذه، الفالون دافا، تـُخوّلُ للممارس تحقيق تقدّم سريـع جدّا، شريطة أن ترفعوا طبيعتكم الأخلاقيّة، كلّ مرحلةٍ سيتمّ عبورها بسرعة كبيرة. هناك أشخاص غير ميّالين كثيرًا بطبعهم إلى اللحم، وجود اللـّحم أو عدمه لا يُؤثر عليهم. حالة عدم القدرة على أكل اللـّحم لن تدوم عندهم سوى أسبوعًا أو أسبوعين، في ظرف هذه المُدّة سيكونون نزعوا عنهم هذا التعلـّق. بالنسبة لآخرين هذه الحالة يُمكن أن تدوم شهرًا، شهرين، ثلاثة أشهر، ربّما ستـّة أشهر، باستثناء بعض الحالات الخاصّة، عُمومًا في ظرف أقلّ من سنةٍ يُصبحُ ممكنـًا أكل اللـّحم من جديدٍ. لأنّ اللـّحم أصبح اليوم عنصرًا هامّا في غذاء الإنسان. يبقى أنه بالنسبة لأولئك الذين يحترفون التعهّد في المعبد،  ينبغي ألاّ يأكلوا اللـّحم.

 

 فـلْـنتحدّث قليلاً عن كيفيّة فهم الدّيانة البوذيّة لمسألة أكل اللـّحم. إنّ البوذيّة الأولى في بادئ الأمر لم تنـُصّ على منع اللـّحم. في تلك الفترة، عندما كان ساكياموني يصطحبُ تلامذته للتعهّد بحزم في الغابة، لم تكُن هناك أبدًا قاعدة منع اللـّحم هذه. لماذا ؟ لأنه قبل ألفين وخمسمائة سنة، في الفترة التي كان ساكياموني يُبلـّغ فيها الشّرع، كان المُجتمع البشريّ على درجةٍ ضئيلةٍ من التطوّر، كانت الزّراعة توجد في كثير من المناطق ولكنها أيضًا لا توجد في كثير من المناطق الأخرى، مساحة الأرض المزروعة كانت محدودة ً جدّا وفي كلّ مكان كانت تمتدّ الغابة. كانت الحبوب مطلوبة ً جدّا ونادرة ً جدّا. وأولئك الذين كانوا لا يزالون حديثي عهدٍ بالمجتمع البدائيّ كانوا يعيشون أساسًا على الصّيد، وفي عدّة مناطق كانوا يتغذوْن على اللـّحم بالأساس. وكان ساكياموني، من أجل جعل أتباعه يبتعدون إلى أقصى حدّ ممكن عن روح التعلـّق، لا يسمحُ لهم بامتلاك المال أو أيّ مصدر رزق، كان يحملهم ليتسوّلوا ويستجْدُوا الصّدقات. كانوا يأكلون كلّ ما يُقــَدّمُ لهم لأنهم بصفتهم ممارسين لا يجبُ أن يختاروا طعامهم، وفيما يُقــدَّمُ لهم ربّما يكون هناك لحم.

 

ولكن في البوذيّة الأولى، يُذكَرُ الامتناع عن "هون، Hun" (الطعام المُحرّم). نعم، إنّ منع الهون مصدره بالفعل هو البوذيّة الأولى، ولكن اليوم يُؤخـَذ اللـّحم على أنه هون. وأمّا في الحقيقة، في تلك الفترة لم تكن هون تعني اللـّحم بل أشياء مثل الثوم، الثوم القصبيّ، الزّنجبيل ...الخ. لماذا كانت تـُعتبَرُ هون ؟ الكثيرُ من الرّهبان اليوم لا يستطيعون تفسير الأمر لأنّ العديد منهم لا يتعهّد بحقّ، إلى جانب ذلك هناك أشياء لا يعرفونها أيضًا. الطريقة التي أورَثهَا ساكياموني تـُسمّى "دجي، دينق، هوي" ( تجرّد \أو\ زُهد، تأمّـل، حكمة). التجرّد هو التجرّد عن كلّ رغبات الناس العاديّين، التأمّـل يعني أنّ الممارسين يتعهّدون ويُمارسون في حالة تأمّـل تامّ وعميق وفي وضعيّة الجُلوس اللوتس، وأنهم يجب أن يدخلوا كلـّيًا في التركيز. كلّ ما يُمكن أن يُعطل التركيز والشّيولين يُعتبرُ بدون استثناءٍ عراقيل هامّة. لو أنّ شخصًا قد أكل ثومًا قصبيّا، ثومًا أو زنجبيلاً، فإنّ رائحة ً كريهة ًوقويّة ً ستنبعثُ منه. في ذلك الوقت في الغابات أو في المغارات، كان الرّهبان يُكوّنون حلقاتٍ ذات سبعة أو ثمانية أشخاص، وكانت كلّ حلقة تـُمارس التأمّل في وضعيّة الجلوس. ولو أنّ أحدهم يأكل شيئًا من ذلك النوع،  يُمكن أن تصدُرَ منه رائحة قويّة وكريهة جدّا، وهذه من شأنها أن تـُعطل تمرين الجلوس والتركيز كما تـُزعج راحة الممارسين الآخرين. لذلك يُوجد ذلك الإلزام، تـُعتبَرُ هذه الأشياء هون، ويُمنـَعُ أكلها. الكثيرُ من الكائنات الحيّة التي تـُولـَدُ من شيولين الجسم البشريّ تكرَهُ هذه الرّوائح المُـثيرة للغثيان. كذلك يتسبّبُ الثوم والثوم القصبيّ والزّنجبيل في إثارة غرائز الإنسان، وتناولها بكثرةٍ يُمكن أن يخلق تبعيّة ً، لهذا السّبب تـُسمّى هون.

 

في الماضي عندما كان العديد من الرّهبان يبلغون درجة ًعالية ً جدّا في الشّيولين ويدخلون حالة "إطلاق القونق" أو "الإطلاق الجُزئيّ للقونق"، كانوا يُدركون أنّ الإلزامات والشّروط في مرحلة الشّيولين ليست على قدر كبير من الأهمّية. عندما نكون قادرين على نزع الرّغبة، فإنّ المادّة في حدّ ذاتها لا يُصبح لها أيّ تأثير. ما يُزعج حقيقة ً هو روح التعلـّق. لهذا السّبب،  فإنّ رُهبانـًا كبارًا على امتداد مُختلف الأجيال لاحظوا أيضًا أنّ أكل اللـّحم ليس هو الأساس، بل المسألة الأساسيّة هي القدرة أو عدم القدرة على نزع التعلـّق به، بدون هذا التعلـّق لا يهُمّ ما نأكُـله، سيكون ذلك فقط لِمَلْء البطن. ولكن بما أنّ التعهّد والممارسة يتمّان بتلك الطريقة في المعبد، فإنّ كثيرًا من الناس تعوّدوا عليها. وفي النهاية لم يعُد الأمر مُجرّد تقيّد، لقد أصبح هذا قاعدة من قواعد المعبد، يُمنـَعُ منعًا باتـّا أكلهُ، وجرت العادة على التعهّد والممارسة بذلك الشّكل. فقط بعض الكلمات عن الرّاهب "دجيقونق، Jigong"، الأعمال الفنية تحدّثت كثيرًا عنه، يجبُ على الرّاهب أن يمتنع عن أكل اللـّحم ولكنه هو كان يأكـلـُه، لذلك اشتـُهرت قصّته. في الحقيقة بعد طردِهِ من معبد "لينجيين، Lingyin"، أصبح الغذاء بالنسبة له مُشكلاً على غايةٍ من الأهمّية، كان عليه أن يُجاهد للبقاء على قيد الحياة. ولكي يملأ معدته، كان يأكل كلّ ما يُمكن أكلهُ...فقط ليملأ َمعدته وبدون تعلـّق بأيّ نوع من الطعام، لم يكُن ذلك هامّا بالنسبة لهُ. وبوصوله إلى تلك الدّرجة عبر الشّيولين، كان يُدرك جيّدًا ذلك، في الواقع، "دجيقونق" لم يأكل اللـّحم سوى في مناسبةٍ أو مناسبتين. ولكن عندما يُذكَـرُ أنّ راهبًا أكل اللـّحم فإنّ الكُتـّاب يُحيطونه بكثير من الاهتمام، كلـّما كان الموضوع غريبًا كلـّما أثار أكثر رغبة القارئ، وبما أنّ العمل الفنيّ يستلهم جذوره من الحياة اليوميّة ثمّ يتجاوز الواقع ويجعله أسمى، فقد وُضِـعَ "دجيقونق" محط الأنظار. في الحقيقة عندما نكون فارقنا فعلاً روح الرّغبة والتعلـّق، لِنملأ معدتنا،  يُمكننا تناول أيّ طعام.

 

في جنوب شرق آسيا وفي المناطق الجنوبيّة من بلدنا مثل "قوانقدونق" و"قوانقسي، Guangxi"، نجد البوذيّين اللاّييكيّيـن لا يتحدّثون عن تعهّد بوذا كما لو أنّ هذه العبارة قد عفا عليها الزّمن، هم يقولون أنهم يُمارسون نظام تقشّـفٍ أو أنهم نباتيّون، وهم يقصدون هنا أنهم نباتيّون من أجل التعهّد وبلوغ التحقق. هم يعتبرون تعهّد بوذا أمرًا بهذه البساطة. هل يكفي أن نكون نباتيّـين من أجل الوصول إلى مرتبة بوذا ؟ الكلّ يعلمُ أنّ هذا يُمثل فقط نوعًا من التعلـّق ورغبة من رغبات الإنسان، ولكنّ رغبة ً واحدة ً تمّ التخلـّصُ منها تبقى رغبة ً واحدة ً. يجبُ أيضًا التخلـّص من الحسد، من روح المنافسة، من الإعجاب بالنفس، من حبّ الظهور، كلّ أنواع التعلـّقات والإنسان لديه منها الكثيرُ، يجبُ عليه أن ينزع كلّ تعلـّق وكلّ رغبة، ليصل إلى الاكتمال التامّ بواسطة الشّيولين. هل نتعهّد لبلوغ مرتبة بوذا بمُجرّد ترك رغبة أكل اللـّحم ؟ هذا غير صحيـح.

 

فيما يخُصّ الطعام، ليس هناك فقط التعلـّق باللـّحم، لا يجبُ أن نتعلـّقَ بأيّ طعام، والأمرُ سواءٌ بالنسبة لأشياء أخرى. البعضُ يقول أنه يُحبّ أكل هذا الصّـنف أو ذاك، تلك أيضًا رغبة، عند وُصول الممارس إلى درجةٍ مُعيّـنةٍ، لن يبقى عندهُ مثل هذا التعلـّق. طبعًا لقد بلـّغتـُكم شرعنا على مستوًى عال جدّا وضمّـنـّاهُ مختلف المُستويات، من المُحال أن تصلوا منذ البداية إلى تلك النقطة. تقولون أنكم تـُحبّون أكل هذا الصّـنف، ولكن عندما تحينُ لحظة استئصال هذا التعلـّق في الشّيولين، لن تستطيعوا أكله ثانية ً، ستجدون لهُ طعمًا رديئًا عندما تأكلون منه، طعمًا غير مألوفٍ لديكم بالمرّة. عندما كنتُ أشتغلُ بمؤسّسة عملي، كان مطعم المُؤسّسة يُعاني دائمًا من عجز في الميزانيّة، وفي النهاية أغلق أبوابهُ. فأصبح الكلّ يحملُ طعامه معه من المنزل. كلّ صباح، كان كلّ واحدٍ يُعدّ وجبة ً ثمّ يُسرع في الذهاب إلى العمل، كان ذلك أمرًا مُتعبًا. أحيانـًا كنتُ أشتري قطعتين من الخُبز وقطعة ًمن "التوفو، Tofu" مغموسة ً في صلصة السّوجا. من المفروض أنّ وجبة ًخفيفة ً كهذه لا تـُـثيرُ مشكلاً، ولكن مع أكلها بصفةٍ دائمةٍ لا يستقيمُ الأمرُ أيضًا، إنه تعلـّق ويجبُ نزعُه. ففي هذه الحالة مثلاً، بمُجرّد أن ترَوْا التوفو، يصعدُ سائلٌ حامضٌ إلى فمكم، ولا تستطيعون مواصلة الأكل، وذلك لكيْ لا تـُـنمّوا روح التعلـّق به. طبعًا، هذا لا يتجلـّى سوى في درجةٍ مُعيّـنةٍ من الشّيولين وليس في البداية.

 

في مدرسة بوذا، لا نتناولُ الكحول. هل رأيتم مرّة ً بوذا يحملُ في يده كوز خمر ؟ أبدًا. قلتُ أننا لا نستطيـعُ أكل اللـّحم ؛ وعندما نكون فارقنا هذا التعلـّق أثناء الشّيولين وسط الناس العاديّين،  يُمكن أن نأكل منه ثانية ً، ليس في ذلك مشكل. ولكن على عكس ذلك،  بعد الامتناع عن الكُحول، لا يُمكن أن نشربَ منه ثانية ً أبدًا. أليس جسدُ الممارس مُزوّدًا بالقونق ؟ مُختلف أشكال القونق وبعض قدرات القونق يُمكن أن تتجلـّى على مساحة جسدكم، وكلـّها نقيّة وطاهرة. عندما تشربون الكُحول، تـُغادرُ جميعًا جسدكم بسرعةٍ، في طرفة عين لا يعودُ عندكم شيءٌ على جسدكم، لأنها تخشى تلك الرّائحة. إنّ الكُحول عادة مكروهة، وهو يُسبّبُ اضطرابًا لطبيعة الإنسان. لماذا في بعض الطرق الكُبرى نجدُ شُرب الكحول ضروريّا للشيولين ؟ لأنّ هذه الطرق لا تـُمارس شيولين الرّوح الفاعلة، بل هي تهدفُ إلى تخدير الرّوح الفاعلة.

 

هناك أناس يتعاطوْن الكحول بكثرةٍ، وأناس مولعون بالخمر، البعض قد تسمّموا من الكحول، هم لا يستطيعون الأكل بشهيّة بدون الشرب أثناء وجبة الطعام، صاروا لا يستطيعون الاستغناء عن الشّرب. نحنُ الممارسون، لا يجوز لنا هذا التصرّف. بدون شكّ، شرب الخمر من شأنه أن يخلق إدمانا ً، بما أنه رغبة، فهو يُثيرُ عصب الإدمان عند الإنسان، كلـّما شربَ،  كلـّما أصبح في تبعيّةٍ أقوى للكحول. علينا أن نـُفكّر كممارسين:"ألا يتعيّنُ علينا أن ننزع هذا التعلـّق ؟" يجبُ أن ننزع هذا التعلـّق. بعضهم يُفكّرون:"لا أستطيـع، أنا رجل أعمال وعليّ أن ألتقي بالحرفاء." أو"عملي يتمثلُ تحديدًا في العلاقات الخارجيّة الدّوليّة، وأنا أسافر كثيرًا، ليس من السّهل مناقشة مسائل العمل دون شرب الخمر."وأنا أقول أنّ هذا ليس صحيحًا، عمومًا، أثناء النقاش والمُفاوضات مع الأجانب خاصّة، وبالنسبة للشّرب، ربّما تطلبُ أنت مشروبًا خاليًا من الكحول، ويطلبُ الآخر ماءً معدنيّا وآخر يطلبُنبيذاً..لا أحد سيسكبه في حلوقكم عنوة ً، تشربون ما تـُريدون وبالقدر الذي تستطيعون، وخُصوصًا بين المُـثقـفين، لا يُوجدُ هذا المشكل، هذا ما يكون في أغلب الأحيان.

 

التدخين هو أيضًا تعلـّق، البعض يقول أنّ التدخين يُمكن أن يكون له أثرٌ مُـنشّط ومُعيد للحيويّة، أقول أنّ ذلك خداع لأنفسنا وخداع للآخرين. عندما يُحسّ الناس بتعبٍ أثناء العمل أو أثناء كتابة مقال، وعندما يُريدون الاستراحة قليلاً، يتناولون سيجارة، إثرها يُحسّون برجوع النشاط. في الحقيقة ليست السّيجارة هي السّبب، وإنما ذلك لأنهم أخذوا استراحة ً. تفكير الإنسان يُمكن أن يخلقَ انطباعات مغلوطة، كما يخلقُ أحاسيسَ وهميّة ً. وفيما بعد تـُصبح حقـّا فكرة، وتجرّ انطباعًا مغلوطـًا، لديكم الانطباع أنّ السّيجارة تبعثُ فيكم الحيويّة ولكنّ ذلك يستحيلُ على الإطلاق، إنها لا تـُعطي أيّ إضافةٍ. إنّ التـّبـغ لا يُفيد الجسم البشريّ بحال، خذوا شخصًا دخّن لفترةٍ طويلةٍ، لو يقوم الطبيب بتشريـح جسده، سيرى أنّ قصبتيه سوداوان تمامًا وأنّ رئته كلـّها سوداء حتـّى من الدّاخل.

 

ألا نتحدّث نحن الممارسين عن تنقية الجسد ؟ يـُطـَهّرُ الجسد باستمرار، وترتقون بصفةٍ متواصلةٍ نحو المستويات العلويّة. ولكن إن كنتم تستمرّون دائمًا في تلويث جسدكم، ألا تسيرون بالضّبط في الاتـّجاه العكسيّ لما يجبُ أن نفعلهُ ؟ وزيادة ًعلى ذلك، هو أيضًا رغبة مُلحّة. البعض يعرفون أنه ليس جيّدًا ولكنهم لا يستطيعون الاستغناء عنه. في الحقيقة دعوني أقلْ لكم، ليس من السّهل عليهم الامتناع عنه من تلقاء أنفسهم لأنه ليس لديهم تفكيرٌ مستقيمٌ يقودُ خُطاهم ويُوجّههم. اليوم، بما أنكم ممارسون، اعتبروه تعلـّقـًا عليكم ترْكُهُ وستروْنَ إن كنتم قادرين على الإقلاع عنه. أعطيكم نصيحة ً، إن كنتم تريدون حقـّا التعهّد والممارسة، أقـلِعوا عن التدخين منذ اليوم، من الأكيد أنكم قادرون على ذلك. في جوّ دروسنا التكوينيّة لا أحد يُفكّرُ في التدخين، لوتـُريدون بحقّ الإقلاع عن التدخين، من الأكيد أنكم تستطيعون ذلك، وعندما تأخذون سيجارة ً مُجدّدًا ستجدونها مُثيرة للقرفِ. نفس الأمر يُمكن أن يحدُثَ عند قراءة هذا الدّرس من الكتاب.  طبعًا إن لم تكن لكم نيّة التعهّد والممارسة، سوف لن نهتمّ بكم، أمّا باعتباركم ممارسين، أرى أنه يجب عليكم الامتناع عنه. ولأدعّمْ بمثال، هل رأيتم مرّة بوذا أو داوو جالسًا والسّيجارة في فمه ؟ هل رأيتمــوهم هكذا في أيّ مكان ؟ باعتباركم ممارسين، ماهو هدفكم ؟ ألا يتعيّنُ عليكم الامتناع عن التدخين ؟ من أجل ذلك، أقولُ أنه إذا كنتم تـُريدون التعهّد والممارسة ينبغي الامتـناع عنه، هذا ضارّ بصحّتكـم ثمّ إنهُ رغـبة، هذا يسيرُ بالضّبط في الاتـّجاه العكسيّ لما هو مطلوب من ممارسينا.

 

 

 

عن الحسد

 

أثناء دعوتي للشّرع، أذكُرُ دائمًا مسألة الحسد. لماذا ؟ لأنّ الحسد يتجلـّى بحدّةٍ بالغةٍ في الصّين، إلى درجة أنّ الناس هناك قد تعوّدوا عليه وصاروا حتـّى لا ينتبهون لوجوده. لماذا يوجد الحسدُ عند الصّينيّين بتلك الحدّة ؟ إنّ لهذا أصلاً وسببًا تاريخيّا. في الماضي كان الصّينيّون مُتأثرين بالكونفوشيوسيّة بعُمق، كانوا يتميّـزون بطبـع كتوم يُبطِـنُ كلّ شيءٍ ولا يُظهرُهُ، مثلاً في لحظة الغضب، لا يُظهرون ذلك، في لحظة الفرح لا يُظهرون ذلك أيضًا، كانوا يتكلـّمون عن التحكّم في النفس والصّبر. ثمّ أصبح هذا عادة ً، وما نتجَ عنها هو أنّ كلّ شعبنا نمّى طبعًا انطوائيّا وكتومًا للغاية. بدون شكّ، هذا الطبـعُ لهُ مزاياهُ، إذ لا يتبجّحُ الشّخصُ بذكاءه وصفاته. ولكن له أيضًا نقائصُه والتي من شأنها أن تـُفضي إلى حالةٍ نفسيّةٍ وذهنيّةٍ سيّئةٍ. وخاصّة ً في فترة نهاية الشّرع هذه حيث أصبحت المظاهر السلبيّة أكثر بروزًا، وهكذا يُمكنها أن تـُدعّم الحسد عند الإنسان. لو أنّ شخصًا يتلقىّ أخبارًا سارّة ً وهو في جمْع من الناس، ففي الحين كلّ الآخرين سيأكُل الحسدُ قلوبَهم ؛ لذلك من الأفضل للشّخص أن يلزَمَ الكتمان عندما يحصُل على منحةٍ في مُؤسّسة عمله أو في أيّ مكان آخر، لأنّ الآخرين سيفقدون توازنهم النفسيّ لو علموا بذلك. الغربيّون يُسمّون هذا "الغيرة الشّرقيّة" أو "الغيرة الآسيويّة". كلّ المنطقة الآسيويّة مُتأثرة كثيرًا بالكونفوشيوسيّة الصّينيّة، وتصطبِـغُ نسبيّا بصبغة الغيرة هذه، ولكنها تتجلـّى بطريقةٍ بالغةٍ جدّا في الصّين بالذات.

 

يعود هذا أيضًا للمساواة المُطلقة التي كانت تـُمَارَسُ في الماضي، لو أنّ السّماء تـُطبـِـقُ على الأرض كلّ الناس ستموتُ ؛ إن كان هناك خيرٌ مّا، كلّ الناس تـتقاسمُهُ ؛ عند القيام بزيادةٍ في الأجور، لا داعي للنسبة المئويّة، الكلّ يجبُ أن يأخُذ قسطهُ. في الظاهر نظامٌ كهذا يبدو شاهدًا على العدالة، كلّ الناس موضوعة على قدم المُساواة. ولكن كيف للجميـع أن يكونوا سواءًا ؟ كلّ واحدٍ لديه عملٌ مختلفٌ، الجهود المبذولة في العمل هي أيضًا تختلِفُ. في كوننا، هناك أيضًا قانون: لا يُوجدُ ربحٌ بدون خسارةٍ، لكي يربح المرء يجبُ أن يخسرَ. وسط الناس العاديّين، يُقالُ أنّ من لا يعملُ لا يربحُ، من يعملُ أكثر يربحُ أكثر، ومن يعملُ أقلّ يربحُ أقلّ ؛ أيّ شخص يبذلُ المزيدَ يجبُ أن يربح المزيدَ. في الماضي كانت تـُمارَسُ المساواة المُطلقة، كان يُقالُ أنّ الجميـع يُولدون سواء وأنّ ما يكتسبونه بعد الولادة هو الذي يُغيّرهم. أنا أقولُ أنّ هذا القول مُطلقٌ جدّا، وكلّ شيءٍ مُبالغٌ فيه إلى درجةٍ قصوى يتـّجهُ نحو البُطلان. لماذا إذن يُولد الأشخاص مُختلفين في الجنس (ذكرٌ وأنثى) ؟ لماذا ليس لديهم نفس الملامح ؟ بعضهم يُولدُ مريضًا وبتشوّهٍ خلقيّ. إذن لسنا مُتطابقين بعضنا مع البعض الآخر. من منظور علويّ، نرى أنّ كلّ حياة الإنسان تـُوجد مُسبقـًا بأكملها في عوالم أخرى، كيف لنا أن نكون كلـّـنا مُتماثلين ؟ كلّ الناس يُريدون المساواة، ولكن إذا كان شيء مّا ليس مُقدّرًا في حياة شخص مّا، كيف إذن نـُمارس المُساواة ؟ إنّ الناس ليسوا مُتساوين.

 

 الغربيّون يتميّـزون بطبـع يميلُ إلى الظاهريّة، عندما يكونون مسرورين، يُمكن أن نرى ذلك، عندما يكونون غاضبين، يُمكن أن نرى ذلك أيضًا. هذا الطبـع لديه مزاياه، ولديه نقائصُه أيضًا، فهم يتـّصفون بقلـّة الصّبر. إذن، هذان الطبعان ناتجان عن مفاهيمَ مُختلفة، ويُفضيان أيضًا إلى نتائج مُختلفة على مستوى الفعل. بالنسبة للصينيّين، لويقومُ المديرُ بالثناء على أحدهم أو منحِه بعض الامتيازات، سيفقِدُ الآخرون توازُنهم النفسيّ. إن تحصّـلَ على زيادةٍ في المنحة، يجبُ أن يضعها في جيبه سرّا ودون أن يعلمَ الآخرون بذلك. حتـّى أنه في أيّامنا هذه، من الصّعب أن يكون المرْءُ مُوظفـًا مثاليّا: "بما أنك مُوظف مثاليّ وتعملُ جيّدًا، يجبُ أن تكون أوّل شخص يأتي وآخر شخص يُغادرُ ؛ قم بكلّ الشّغل بما أنك أكثر كفاءة ً، بينما نحنُ لا نقدِرُ على ذلك." وهكذا تـُصبحُ محلّ استهزاء الجميـع، إنه من الصّعب أن يكون المرْءُ إنسانـًا طيّبًا.

 

في البلدان الأجنبيّة، يختلف الأمرُ كثيرًا. رئيس العمل لاحظ أنّ أحدهم اشتغل اليوم جيّدًا فيزيدُهُ في المنحة. وهذا الأخيرُ يُمكن أن يعُدّ بفرح الأوراق الماليّة ورقة ً ورقة ً أمام الجميـع: "آه، إنّ الرّئيس منحني الكثير من المال اليوم." يُري أوراقه الماليّة على الملأ ورقة ً ورقة ً والغبطة تملؤهُ، يمُرّ الأمر دون أن تنجرّ عنه عواقب. في الصّين، لو أنّ أحدًا يحصُلُ على زيادةٍ نسبيّةٍ في المنحة، حتـّى المُدير بنفسه يطلبُ منه أن يُخفيها وأن لا يترُكَ مجالاً للآخرين ليروْها. في البلدان الغربيّة، لو أنّ تلميذاً ينجح في امتحان مّا بـ100نقطةٍ، سيركُضُ نحو منزله وهو يصيحُ بفرح: "اليوم حصلتُ على 100نقطة، حصلتُ على100نقطة." ويجري هكذا من المدرسة إلى البيت. ويفتحُ أحد الجيران النافذة: "توم، أحسنت يا ابني !" "هيه ! جاك، أحسنت، هذا رائع." لو يحدُثُ هذا الموقف في الصّين، ستأخذ الأمور منحًى سيّئـًا، يصيحُ الولدُ بفرح وهو يجري من المدرسة إلى البيت: "حصلتُ على 100نقطة، حصلتُ على 100نقطة." ولكن حالما يُفتــَحُ له الباب، يُبادرهُ من في البيت بالتوبيخ: "وما المُدهش في ذلك ؟ فقط من أجل 100نقطة ؟ يالك من مغرور ! من الذي لم يحصُـلْ على 100نقطة ؟" هذان النوعان المُختلفان من المفاهيم يُمكن أن يُولـّدا نتائج مُختلفة. هذا يُمكن أن يُثير الغيرة عند الإنسان، عندما يتصرّفُ أحدهم بشكل جيّد، يُحسّ الآخرون بالاستياء عوض أن يفرحوا  لأجله. هذا ما يُمكنُ أن يحدُث.

 

المُساواة المُطلقة التي كانت تـُمارَسُ منذ سنين قليلة سبّبت اضطرابًا لعقليّات الناس ومفاهيمهم. ولنذكُرْ مثلاً محسوسًا، يُمكن أن يكون لأحدهم الانطباع أنّ كلّ الآخرين يقِلـّون عنه كفاءة ً في العمل، وأنه قادرٌ على أن يقوم بأيّ مهمّةٍ تقريبًا، ويعتقدُ أنه ممتاز. في قرارة نفسه يُفكّرُ هكذا: "لو يُعطونني منصب مدير مصنع أو مدير أعمال مُؤسّسة، أنا قادر على أداء هذه الوظيفة ؛ وحتـّى وظيفة سامية رسميّة أنا قادر على تولـّيها ؛ حتـّى منصب وزير أوّل أنا قادر على ذلك." وربّما يمدحُه المدير ويُشيدُ بموهبته وكفاءته في كلّ المجالات. ربّما زُملاؤه أيضًا يقولون عنه أنه رجلٌ موهوبٌ، أنّ لديه الكثير من الكفاءات وأنه حقـّا مُقـتدرٌ. في نفس الوقت، أحد زملاءه في الفريق أو في المكتب، لا يُـتقِنُ فعل شيءٍ، وليس كفؤاً في أيّ مجال. وفي يوم مّا، هذا الأخير هو الذي يتولـّى منصب مُدير وليس هو، بل ويُصبحُ أيضًا رئيسه في العمل. ستضطربُ الحالة النفسيّة لذلك الشّخص، سيشتكي إلى الجميـع وإلى الرّئيس، ويمتلأ قلبُهُ مرارة ً وحَسَدًا.

 

سأعلـّمكم قانونـًا لا يستطيـعُ الناس العاديّون معرفته: أنت ترى أنك تمتـلكُ الموهبة في كلّ المجالات، ولكنّ هذا لا ينتمي إلى حياتك المُقدّرة ؛ والآخر غير صالح لشيء، ولكنّ هذا مُقدّر في حياته، فيُصبحُ مديرًا. كيفما يُفكّر الناس العاديّون بهذا الشّأن، فذلك يبقى وجهة نظر ناس عاديّين لا غير. من منظور الحياتات العلويّة، سيرورة المجتمع البشريّ لا تتمّ إلاّ وفق قوانين مُحدّدة، إذن ما سيفعلهُ الإنسان أثناء حياته لا يُبَرْمَجُ حسب كفاءته. تتحدّث البوذيّة عن دورة تسديد الكارما، ذلك يُقدّرُ حسب الكارما التي لديك، مهما تكُنْ موهبتك كبيرة ً، إن لم يكُنْ لديك في رصيدك حسنات (دو)، ربّما لن تحصُلَ على شيء طوال هذه الحياة. أنتم تروْن أنّ أحدهم لا يصلحُ لشيء ولكن لديه رصيد كبير من الدّو، لذلك يُمكن أن يكون مُوظفـًا ساميًا ويُكوّن ثروة ً. إنسان عاديّ لا يستطيـع أن يُدرك هذا الأمر، لذلك يعتقدُ دائمًا أنه يجبُ عليه أن يفعل ما يبدو له مناسبًا وجديرًا بموهبته. لذلك يُصارع ويُخاصمُ طيلة حياته، قلبُهُ مجروح دومًا ويُحسّ بمرارةٍ وتعبٍ بالغـيْن، ويعتقد أنّ ما يحدث له ظـُـلمٌ. لا يستطيـعُ أن يأكُلَ جيّدًا ولا ينامَ جيّدًا، ويغرَقُ شيئًا فشيئًا في أغوار يأسه، وعندما يتقدّم في السّنّ، يكون قد أهلك تمامًا صحّـته وعانى من جميـع أنواع الأمراض.

 

نحن الممارسين بصفةٍ خاصّةٍ، لا يجبُ أن نتصرّف هكذا. نحن نتحدّث عن ترْك الأمور تسيرُ بصفةٍ طبيعيّةٍ، ما هو لكم لن يضيـعَ منكم، وما ليس لكم لن تحصُلوا عليه وإن صارعتم من أجل ذلك. طبعًا هذا ليس مُطلقـًا. إن كان كلّ شيء بهذه الإطلاقيّة، فلن تكون هناك قضيّة ارتكاب السيّئات، بعبارةٍ أخرى، هناك أيضًا عوامل غير ثابتة. ولكن في كلّ الحالات، بصفتنا ممارسين، من المفروض أنّ فاشن المعلـّم يقوم بحمايتنا، إن أراد الآخرون الاستحواذ على مُمتلكاتك لن يتمكّـنوا من ذلك. لذلك نتكلـّم عن ترْك الأمور تسيرُ بصفةٍ طبيعيّةٍ، أحيانـًا أنت ترى أنّ هذا الشّيء أو ذاك هو لكَ، الآخرون أيضًا يُؤكّدون أنه لكَ، ولكن في الحقيقة هو ليس لك. ربّما يمضي في اعتبارك أنه لكَ ولكنه يبقى في النهاية ليس لكَ، وهكذا تحديدًا، نرى ما إذا كنت قادرًا على ترْكِهِ، إن كنت لا تستطيـعُ ترْكهُ فهو إذن تعلـّق ويجب أن نستعمل تلك الطريقة لجعْـلِكَ تـُفارق ذلك التعلـّق، تلك هي المسألة. وحيثُ أنّ الناس العاديّين لا يستطيعون فهم هذا القانون، فإنهم دائمًا في حالة صراع ومنافسة من أجل مصالحهم.

 

إنّ الحسد يتجلـّى بطريقةٍ بارزةٍ جدّا لدى الناس العاديّين، ويتجلـّى أيضًا منذ القديم بطريقةٍ واضحةٍ في أوساط الشّيولين. مُختلف المدارس لا تـُطيقُ بعضها البعض، مدرستك جيّدة، مدرسته أفضل... ويجد أفرادها متعة ً في انتقاد الآخرين، أنا أرى أنها كلـّها في مستوى المداواة والحفاظ على الصحّة. أغلبيّة المذاهب التي تتبادل الخصومات هي طرق باطلة وناتجة عن الفوتي، وحتـّى أنها لا تـُركّز على السين سينغ. أحدهم لم يتوصّـل إلى امتلاك قدرات وخوارق القونق رغم ممارسة دامت أكثر من عشرين سنة، والآخر حصل على القونق فقط إثر مدّة قصيرة من بداية ممارسته، إذن يُحسّ الأوّل بالانزعاج والاضطراب: "لقد مارستُ منذ أكثر من عشرين سنة ولا أتوصّـل بعدُ إلى امتلاك قدرات القونق، ولكن هو لديه قدرات قونق، كيف يُمكن أن يكون لديه قدرات قونق ؟" ويغتاظ كثيرًا في داخله: "ما لديه هو الفوتي، إنه الانحراف والدّخول في حالة شيطانيّة !". أثناء درس تكوينيّ عقدهُ معلـّم تشيكونق، بعض المُتعلـّمين كان يرسمُ على وجهه تعابير الازدراء: "يا لمعلـّم التشيكونق هذا ! أنا لا أريدُ حتـّى سماع ما يقول." ربّما كان هذا المعلـّم حقـّا لا يتكلـّم ببراعةٍ مثله، ولكن هذا المعلـّم يتكلـّم عمّا ينتمي لمدرسته الخاصّة. بينما ذلك الشّخص يتعلـّم أيّ شيء، لديه كوم من الشّهادات، ويُشارك في الدّروس التكوينيّة لكلّ معلـّمي التشيكونق، رصيده من المعلومات ضخمٌ حقـّا، ويفوق حتـّى رصيد معلـّم التشيكونق هذا. ولكن ما فائدة كلّ ذلك ؟ إنّ ذلك ينتمي إلى مستوى المداواة والحفاظ على الصحّة، كلـّما استوعب وتلقىّ منها، كلـّما اضطربت البرامج التي فيه وأصبحت مُشوّشة ومُعقدة، وكلـّما وجد صعوبة ً في التعهّد، لأنّ في داخله تعُمّ الفوضى. بالنسبة للشّيولين الحقيقيّ، يجبُ الالتزام بطريقة واحدة لا غير، لا يجب أن نحيدَ قيدَ أنملة. هذه الظاهرة تتجلـّى أيضًا عند ممارسي الطريق الحقيقيّين، إنهم لا يُطيقون بعضهم البعض، هم لم يتخلـّصوا بعدُ من روح المنافسة، وهذه يُمكن أن تـُولـّد بسهولةٍ الحسد.

 

ولْـنرْو هنا قصّة ً: في"قصّة تعيين الآلهة في مراتبها" (فانق شان يان يي،Feng shen yan yi)، يرى "شان قونقباوو، Shen Gongbao" أنّ "دجيانغ تسييا، Jiang Ziya" هرمٌ وغير كُفؤ، ولكنّ المولى السّماويّ الأعظم يُرسل دجيانغ تسييا لتعيين الآلهة، فيفقدُ شان قونقباوو توازُنه وهدوءهُ: "لماذا يتمّ إرسال دجيانغ تسييا لتسمية الآلهة ؟ انظروا إليّ أنا، شان قونقباوو، كم أنا قويّ، حتـّى عندما تـُقطـَـعُ رأسي فإنها تستطيـعُ أن تعود إلى مكانها، لماذا لستُ أنا الذي يتمّ إرساله لتعيين الآلهة ؟" ويدخل في حالةٍ من الغيرة الشّديدة، ويُسبّب المتاعب لـدجيانغ تسييا.

 

في عهد ساكياموني كانت البوذيّة الأولى تتحدّث عن قدرات القونق، ولكن في البوذيّة اليوم لم يعُد أحد يجرُؤ علىالحديث عنها. لو تتحدّث عن قدرات القونق، سيقولون أنك دخلت في حالة الزّوهيو رومو. أيّة قدرات قونق ؟! إنهم لا يعترفون بها أصلاً. لماذا ؟ الرّهبان الحاليّون يجهلون تمامًا حقيقة الأمر. لقد كان لساكياموني عشرة مُريدين مشهورين، من بينهم "مودجاليايانا، Maudgalyâyana" الذي أعلنه ساكياموني أقوى الجميـع في الشّانتونق. لقد كان أيضًا لساكياموني مُريدات ومن بينهنّ "أوبالافانـّا، Uppalavannâ" وهي أيضًا أقوى واحدة في الشّانتونق. نفس الشّيء لمّا أُدخِلت البوذيّة إلى الصّين، كان هناك العديد من الرّهبان المعروفين في كلّ العصور ؛ بودهيدارما عبرَ النهر بواسطة عودٍ من القصب عند قدومه إلى الصّين. رغم ذلك، وطيلة تقدّم مسار التاريـخ، أصبحت الشّانتونق تـُقصى أكثر فأكثر. والسّبب الرئيسيّ هو أنّ كبار الرّهبان المسؤولين ورؤساء المعابد الأجلاّء ليسوا بالضّرورة أشخاصًا ذوي استعداد جيّد، رغم أنهم يُصبحون رهبانـًا مسؤولين ورؤساء، فلا يعدو ذلك أن يكون وظيفة بين الناس العاديّين، هم أيضًا يسيرون في طريق التعهّد والممارسة ولكنهم محترفون. إن كنت تـُمارس في بيتك فأنت لست محترفـًا. ومهما يكُنْ، النجاح أو عدم النجاح في الشّيولين لا يتعلـّق سوى بالقلب، والمقياس نفسُهُ بالنسبة لكلّ الناس، لا يُسمَحُ بأقلّ نقصان. بينما الرّهبان الصّغار الذين يوُقدون النار ويشتغلون في المطبخ ليسوا بالضّرورة أشخاصًا ذوي استعداد مُتواضع. كلـّما عانى الرّهبان الصّغار قسطـًا أكبر من المِحن والصّعوبات، كلـّما صار من السّهل عليهم بلوغ إطلاق القونق، وكلـّما عاش الرّهبان الكبار برفاهيّة أكثر، كلـّما صار من الصّعب عليهم بلوغ إطلاق القونق، لأنّ تلك هي مسألة تحويل الكارما. الرّاهب الصّغير يعيش دائمًا في الجهود المُضنية والمتاعب، لذلك هو يستطيـع أن يُسرع في تسديد ديونه وبلوغ اليقظة بسرعة أكثر، وذات يوم، فجأة ً، يقع إطلاق القونق لديه. ومع إطلاق القونق ويقظته أو يقظته الجُزئيّة، تظهر القدرات الإلهيّة، كلّ الرّهبان الآخرين في المعبد يأتون بجانبه ليستفسروا عن الأمر، والكلّ يهتمّ به ويُجلـّهُ. ولكنّ الرّئيس المسؤول لا يُطيق ذلك: "كيف لي أن أكون الرّئيس بعد اليوم ؟ وهل هو تحققٌ فعلاً ؟ لقد وقع في الزّوهيو رومو، يجب أن يُغادر المعبد." ويُطرَدُ من المعبد. وشيئًا فشيئًا في البوذيّة المنتشرة في ربوع الهان، لا أحد صار يجرُؤ على الحديث عن قدرات القونق. لقد رأيتم كم كان دجيقونق قويّا، لقد كان يقوم بجلب جذوع الأشجار من جبل "إيماي، Emei"، ويُخرجها من البئر واحدة ً واحدة ً، ولكنه في النهاية طـُردَ من معبد لينجيين.

 

مشكل الحسد خطير جدّا، لأنه يتعلـّق مباشرة ًبنجاح الشّيولين وبلوغه درجة الكمال. دون التخلـّص من الحسد، كلّ الأرواح الأخرى التي نمّاها الإنسان في تعهّده تـُصبح هشّة للغاية. هناك القاعدة التالية: أثناء الشّيولين، إن لم يتمكّن الإنسان من التخلـّص من حسده، لن يحصُـل على ثمرة الكمال، لن يحصُـل عليها مُطلقـًا. ربّما سمعتم في الماضي عن البوذا أميتابها كيف تحدّث عن إمكانيّة ذهاب الشّخص إلى العالم العلويّ مصحوبًا بقسطٍ من الكارما، ولكنّ الأمر ليس ممكنـًا بدون ترك الحسد. قليل من الضّعف والنقص في نواحي أخرى، الذهاب مع قدر ضئيل من الكارما وإتمام الشّيولين هناك، كلّ هذا ممكن، ولكن لن يكون ذلكَ ممكنـًا على الإطلاق إن لم يقع التخلـّص من الحسد. اليوم أقولُ للممارسين: لا تتمسّـكوا بأوهامكم، الغاية التي تـُريدون بلوغها هي التعهّد والممارسة نحو مُستويات عليا، لذلك يجبُ حتمًا أن تتخلـّصوا من الحَسَد. لذلك أكّدتُ على هذا الموضوع.

 

 

 

موضوع المداواة

 

عند حديثي عن المداواة، ليست نيّتي أن أعلـّمكم إيّاها. يُمنـَعُ على كلّ تلاميذ الفالون دافا الحقيقيّين أن يُعالجوا أمراض الآخرين ؛ حالما تـُمارسون المداواة، يسترجعُ الفاشن الذي يتبعُني كلّ ما ينتمي للفالون دافا ممّا تحملونه على أجسامكم، يسترجع الفاشن كلّ شيءٍ. لماذا نعتبر هذا المُشكل على هذا القدر من الأهمّية ؟ لأنه ظاهرة تـُلحق الضّرر بالشّرع الأكبر. دون الحديث عن الأضرار التي تـُلحِقها بالصحّة، هناك من الناس من، إثر مُمارسة المُداواة، تظلّ أيديهم تـُدغدغ، سيَسْـتبْـقـُون أيّا كان ليُعالجوهُ، بغاية إظهار قدُراتهم، أليس هذا تعلـّقـًا ؟ هذا من شأنه أن يُؤثر بخطورةٍ على تعهّدهم وممارستهم.

 

عدد كبير من مُعلـّمي التشيكونق المُزيّفين استأثروا بعقليّة الناس العاديّين الذين يُريدون مُعالجة المرضى بعد تعلـّم التشيكونق، لذلك يُلقـّـنونكم هذه الأشياء. هم يقولون أنه بالإمكان  شفاء مرض مّا عبر إرسال التشي، أليست هذه مُزحة ً ؟ أنت تملِكُ تشي، وهُو أيضًا. كيف لك أن تشفي مرضهُ فقط عبر إرسال التشي نحوهُ ؟ من الممكن جدّا أنّ العكس يصيرُ، أي أنّ التشي الذي يملكُهُ هو الذي يُؤثر عليك. إنّ التشي لا يستطيـع أن يُمارس قوّة على تشي آخر. يُمكن أن نمتلك قدرات القونق في مرحلة الشّيولين في درجة عليا، حينئذٍ ما نـُرسله سيكون مادّة طاقيّة عُليا قادرة حقـّا على الشّفاء، على التأثير على المرض وجعْـلِهِ يتراجعُ، ولكنها لا تستأصلهُ. لذلك، من أجل مداواةٍ حقيقيّة، ينبغي وُجود قدرة قونق خاصّة تـُؤدّي إلى شفاء جذريّ. لكلّ مرض توجد قدرة قونق مُناسبة مُخصّصة لمُداواته. وقدرات القونق المجعولة للمداواة، أعُدّ منها أكثر من ألف: بقدر ما تـُوجد أمراض، بقدر ما تـُوجد قدرات قونق مُخصّصة لمُداواتها. بدون قدرات القونق، مُحاولتكم في العلاج ستظلّ دون جدوى مهما كانت مهارة أيديكم.

 

 في السّـنين الأخيرة، هناك أناس أثروا بشكل خطير على ميدان الشّيولين. مُعلـّمو التشيكونق الذين خرجوا ليتولـّوْا فعلاً إزالة الأمراض وتقوية الصّحّة، الأوّلون الذين مهّدوا لهذا الطريق، هل علـّموا الناس المُداواة ؟ لقد كانوا هم الذين يُعالجون مرضكم أو كانوا يُعلـّمونكم كيفيّة التعهّد والممارسة وكيف تقوّون جسدكم ؛ يُلقـّـنونكم مجموعة ً من طرق الممارسة، وفيما بعدُ، يبقى أن تـُداووا أنفسكم بأنفسكم عن طريق الممارسة. بعد ذلك، ظهر مُعلـّمو تشيكونق مُزيّفون وسمّموا الأجواء بحقّ. أيّ شخص يُريد معالجة المرضى يستجلبُ فوتي، هذا مُؤكّد. وفي تلك الفترة وذلك الظرف، كان هناك أيضًا مُعلـّمو تشيكونق يُعالجون المرضى، لأنّ ذلك كان يتـّفق مع الظاهرة السّماويّة في تلك الفترة. رغم ذلك، هي ليست مهارة ً تقنيّة ً من مهارات الناس العاديّين ولم يكُن بالإمكان إبقاؤها بصفةٍ دائمةٍ، ظهورها كان مردّهُ تغيّر في الظرف السّماويّ في ذلك الوقت ولم يكُن سوى نتاج تلك الفترة. إثر ذلك تمّ الشّروع  في تعليم المُداواة خصّيصًا، وبدأت الفوضى. هل باستطاعة شخص عاديّ أن يُداوي الأمراض في ظرف ثلاثة أو خمسة أيّام ؟ البعض يدّعي أنه قادر على معالجة هذا المرض أو ذاك. ينبغي أن أقول لكم أنّ هذا النوع من الناس مسكون، هل تدرون ماذا تحملون على ظهوركم ؟ لديكم الفوتي ولكنكم أنتم أنفسكم لا تـُحسّون به، لا تدرُون ذلك، تـُحسّون أنكم مُرتاحون وأنتم فخورون بقدراتكم.

 

إنّ معلـّم تشيكونق حقيقيّا لا يبلغ ُهذا الهدف سوى عبر سنين طويلة من الممارسة الشّاقّة. عندما تـُعالجون مريضًا، هل تساءلتم عمّا إذا كنتم تملكون قدرات قونق ذات قوّة كافية لمحو كارما الآخرين ؟ هل تلقـّـيتم تبليغـًا حقيقيّا ؟ كيف صرتم قادرين على شفاء المرضى في يومين أو ثلاثة أيّام ؟ كيف ستشفون الأمراضَ بيد الإنسان العاديّ الذي هو أنتم ؟ ولكنّ هؤلاء المُعلـّمين المُزيّفين للتشيكونق يستغلـّون جيّدًا ضُعفكم، لقد أدركوا روح التعلـّق في الإنسان، أنتم تصبُون إلى المقدُرة الشّفائيّة، أليس كذلك ؟ حسنـًا، إنه يُعطي دورة تكوينيّة ً في المعالجة، مُخصّصة لتلقينكم طرقـًا علاجيّة ًمثل الوخز بالإبَر بواسطة التشي، العلاج بواسطة الضّوء، الطرد (أو الإجلاء)، العلاج بالضّغط الإبَريّ، الاستخراج بحركةٍ من اليد، الطرق متنوّعة حقـّا، ولكنّ الغاية ليست سوى الاستحواذ على نقودكم.

 

فلْـنتوقــّفْ قليلاً عند هذا "الاستخراج بحركة من اليد". الحالة التي عاينـّاها هي التالية: لماذا يُعاني الإنسان من المرض ؟ الأصل الأساسيّ لأمراضه ولكلّ أحزانه هي الكارما، هذه المادّة السّوداء التي هي حقل الكارما ؛ إنها تـنتمي إلى شـيءٍ مّا ذو طبـع يين (سـلبيّ) وشـيءٍ مّا سيّء. الكائنات السيّئة غير المرئيّة هي أيضًا ذات طبـع  يين، كلـّها أشياء سوداء، لذلك يُمكنها أن تسكُـن هناك، ذلك المُحيط يُـلائـمُـها. هذا هو السّبب الأساسيّ الذي يُولـّد الأمراض البشريّة، إنه الأصـل الرّئيسيّ للمرض. طبعًا، المرض يُوجد على صورتين: على صورة كائنات صغيرة غير مرئيّة وكثيفة جدّا، في شكل قِطع من الكارما ؛ الصّورة الأخرى تبدو وكأنها محمولة عبر أنبوبٍ، وهي حالة نادرة نسبيّـا، حيثُ تكونُ نتاجَ الإرث العائليّ، يوجد هذا النوع من الحالات أيضًا.

 

نحن نتحدّث هنا عن الحالات الأكثرَ وُرودًا، يشكو شخص مّا في ناحيةٍ من نواحي جسده من ورم، أوالتهابٍ، أوتعظـّم مُفرطٍ... الخ، في أبعادٍ أخرى، ما يُوجد في حقيقة الأمر هو كائن خفيّ يربُض هناك في فضاءٍ عميق للغاية. معلـّم تشيكونق عاديّ لا يراهُ، وتايي قونقننق بسيطة لا تراهُ أيضًا. هما يرَيَان فقط أنّ هناك تشي أسود على الجسم. وحيث يُوجد  تشي أسود، هناك موضع الألم أو المرض. هذا القول ثابت. ولكنّ التشي الأسود ليس الأصل الأساسيّ للمرض، الأصـل هو أنّ في عالم أعمق وأبعد هناك كائن لا مرئيّ، وهو الذي يُرسل ذلك الحقل. من أجل ذلك يتحدّث البعض عن "إجلاء" ذلك الحقل أو "طرده". حسنـًا، اطرُدوه ! بعد وقتٍ قصير من الطرد، سيظهرُ من جديدٍ، بعض الكائنات قويّة جدّا، بعد وقتٍ قصير من طردها تعودُ إلى أماكنها، إنها تستطيـعُ أن تـُعوّض نفسها بنفسها ؛ لو نـُعالجُ المرض بهذه الطريقة، لن نقدِرَ على إزالته.

 

من منظورالتايي قونقننق، هناك حيث يُوجد تشي أسود، ذلك التشي سقيم ؛ حسب الطبّ الصّينيّ التـقليديّ، هناك انسداد في القنوات، ومُرور التشي والدّم مُتعطل بما أنّ هذه القنوات مُنسدّة ؛ حسب الطبّ الغربيّ، هناك قروح، أورام، التهابات...الخ، في هذا العالم، يتجلـّى الألم في هذه الأشكال. عندما تنزعون ذلك الشّيء عن المريض ستروْن أنّ المرض يختفي من جسمه. إن يكن نتوءًا في إحدى فقرات الظهر أو تعظـّمًا مفرطـًا، حالما تنزعون ذلك الشيء وتطردون ذلك الحقل، ستروْن المريض يُعافى في الحال: لو تـُعيدون الكشف بالأشعّة، لن يُرى أيّ أثر للتعظـّم المفرط...، لأنّ الدّور يلعبُهُ ذلك الكائن، ذاك هو السّبب الأصليّ.

 

البعض يدّعي أنه يُمكن تعلـّم المُداواة في ظرف ثلاثة إلى خمسة أيّام، هم يُعلـّمونكم "الاستخراج بحركة من اليد". ولكن أروني البُرهان ! الإنسان ضعيف جدّا، هذا الكائن اللاّ- مرئيّ مُرعب فعلاً، إنه يتحكّم في دماغكم ويُسيّركم كما يشاء، بل إنه يستطيـع وضع حدّ لحياتكم بسهولةٍ. أنتم تدّعون القدرة على إمساكه، ولكن كيف ؟ يد الإنسان العاديّ التي لديكم لا تستطيـعُ أن تلمسهُ، أنتم تـُحرّكون أيديكم هنا وهناك، وهو يترككم تفعلون، بل وحتـّى أنه يسخر منكم وراء ظهوركم، حركاتكم المُتكرّرة بدون بلوغ الهدف مُضحكة حقـّا، ولو تمكّـنتم من لمسه حقـّا، سيجرحُ يدكم في الحال، وسيكون جُرحًا حقيقيّا فعلاً ! لقد رأيتُ في السّابق أشخاصًا أيديهم تبدو في حالةٍ طبيعيّةٍ، حسب مُختلف الفحوصات الطـبّية، أجسامهم وأيديهم لا تـُمثل أيّ بوادر مرض، ولكنهم لا يستطيعون أن يرفعوا أيديهم ولا يسعُهم إلاّ أن يترُكوها تتدلـّى إلى جانبهم، لقد قابلتُ مرْضَى في هذه الحالة. كان جسمهم الموجود في عوالم أخرى مُصابًا...مُعاقـًا حقـّا. إن كان جسمكم في العوالم الأخرى مُصابًا، كيف لا تكونون مُعاقين ؟ هناك أناس يسألونني: "أيّها المُعلـّم، هل أستطيـعُ أنا أيضًا القيام بالممارسة ؟ لقد تعرّضتُ لعمليّة تعقيم أو قمتُ باستئصال هذا العُضو أو ذاك من جسدي."، أنا أقول أنّ هذا غير مُهمّ، لم تـُجرَ الجراحة على جسم العوالم الأخرى، إنّ ذاك الجسم هو الذي يعنينا في الممارسة. لذلك قلتُ منذ قليل أنه عندما تـُريدون إمساكهُ، إن لم تتوصّلوا إلى ملامسته، يترُككم تفعلون، وإن لمستموه، يجرحُ يدَكم.

 

لغاية مساندة ملتقيات التشيكونق الكُبرى القوميّة، اصطحبتُ معي تلاميذي للمُشاركة في المعرضيْن الآسيويّيْن للصحّة ببيكين. أثناء هذين المعرضيْن، كانت طريقـتنا دائمًا الطريقة الأكثر بُروزًا. أثناء المعرض الأوّل، ذاع خبر الفالون دافا بكونها مدرسة ًرائدة ً؛ وفي المعرض الثاني، كان هناك جمع غفير. أمام المِنصّات الأخرى، لم يكُن هناك كثير من الناس، بينما حول منصّتنا تحلـّقت أعداد كبيرة من الناس. كان الناس يقفون في ثلاثة صفوفٍ، في الصّفّ الأوّل كانوا جميعهم يحملون أرقام تسجيل لعيادة الصّباح، وفي الثاني كانوا ينتظرون التسجيل لعيادة بعد الظهر، وفي الثالث كانوا ينتظرون أن يحصُلوا على إمضائي. نحن لا نـُداوي المرض، ولكن لِمَ فعلنا ذلك ؟ لأجل مُساندة مُلتقيات التشيكونق الكُبرى التي تـُنظـّمها الدّولة ونـُسْهـِم في ازدهار هذا الميدان، لذلك شاركنا فيها.

 

لقد وزّعتُ طاقتي على تلاميذي، قسطـًا لكلّ فردٍ، في شكل قِِطع طاقةٍ مُكوّنة من أكثر من مائة قدرة قونق. وغـُـلـّفـَتْ أيديهم بهذه الطاقة، ورغم ذلك تعرّض بعضهم لعضّ في اليدين، بعضهم إلى حدّ تكوّن بثور، والبعض الآخر إلى حدّ النزيف، بل وحدثَ هذا بكثرة. هذا الكائنات اللاّ-مرئيّة ضارية حقـّا، فكّروا، كيف لكم أن تلمسوا أحدها بيد إنسان عاديّ ؟ قبل كلّ شيءٍ، أنتم غيرقادرين على إمساكه، لا تستطيعون فعل شيءٍ بدون قدرة قونق خاصّة. لأنه في عوالم أخرى يعرف جيّدًا ما تنوون فعلهُ، هو يعلمُ مُسْبَقـًا الفكرة التي جالت بذهنكم، عندما تـُريدون القبض عليه، يكون قد سابق بالفرار. حالما يخرُج المريض من عندكم، يتمكّن منه من جديدٍ، ويعود المرض. إن كنـّا نريد استعمال اليديْن للمداواة،، يجب اللـّجوء إلى قدرة قونق مُعيّنة، حالما نمُدّ أيدينا "باف !" يظلّ عالقـًا هناك. وبعد تثبيته على عين المكان، هناك أيضًا قدرة قونق أخرى تـُسمّى في القديم "القدرة الكُبرى على قبض النفس" وقدرة القونق هذه أقوى من الأولى، حيث يستطيـع أن يستخرج الرّوح الفاعلة "اليوانشان" بأكملها من الإنسان، وفي الحال يصيرُ الشّخص عاجزًا عن الحركة. هذا القونقننق يُستعملُ مع دقّة كبيرة في تحديد الهدف، نحن نهدفُ تحديدًا إلى ذلك الكائن. الجميع يعلم أنه لمّا وجّه البوذا تاتهاقاتا قدح الأرزّ في يده نحو "سون ووكونق،Sun Wukong"، هذا الأخير، بجسده العملاق، أصبح بغتة صغيرًا للغاية. هذا هو المفعول الذي تملكه هذه القدرة. مهما يكُن صِغر أو كِبَر الكائن اللاّ-مرئيّ، لمّا نـُمسكه في قبضة اليد، يصيرُ صغيرًا للغاية.

 

من جهة أخرى، لا يُمكنكم أن تـُدخلوا يدكم في الجسد المادّي للمريض لكي تستخرجوه من هناك. هذا يُمكن أن يُدخِل اضطرابًا على التفكير البشريّ في مجتمع الناس العاديّين، هذا التصرّف محظور حظرًا مُطلقـًا، لا نستطيعُ إتيانهُ حتـّى ولوْ كنـّا قادرين عليه. اليد التي نـُدخلها هي يد العالم الآخر. بالنسبة لشخص مريض بالقلب، عندما نمُدّ يدنا إلى موضع القلب لنستأصل ذلك الكائن الخفيّ، يد العالم الآخر هي التي تدخلُ. وفي طرفة عين ٍ، لمّا تـُمسكه هذه اليد بسُرعة، ضُمّوا يدكم الحسّيّة، فتـُصبح اليدان يدًا واحدة ً. وهاهو مسجون في قبضتكم. إنه شرسٌ فعلاً، أحيانـًا عندما تشُدّون عليه في يدكم، يُحاول أن يتملـّص، ويتلوّى ليجدَ منفذاً، ويعضّ، وحتـّى أنه يُصدرُ صراخـًا. رغم أنكم ترونهُ بذلك الحجم الصّغير في اليد، عندما تـُطلقون يدكم يُمكن أن يصيرَ ضخمًا. ليس بمقدور كلّ الناس أن يلمَسُوه، لا نستطيعُ أبدًا لمسَهُ بدون هذا القونقننق، ليس الأمر بالسّهولة التي نتصوّرُها.

 

طبعًا، في المُستقبل، ربّما يُسمـَحُ ببقاء هذا النوع من المداواة بواسطة التشيكونق، لقد وُجدَ دائمًا في الماضي. ولكنه لا يُمكن أن يتمّ إلاّ وفق شروطٍ، يجبُ أن يكون الشّخص ممارسًا، أثناء مساره في الشّيولين، ومن باب الرّأفة والرّحمة، يُمكن أن يفعل ذلك من أجل مجموعةٍ صغيرةٍٍ من الناس الطّيّبين، هذا مُمكن. ولكنه لا يستطيـع أن يُزيلَ تمامًا ،ومن الجُذور، كارما هؤلاء الناس، ليس لديه ما يكفي من قوّة الفضيلة لفعل ذلك، لذا فالامتحان يبقى موجودًا، ولكن فقط المرض الحسيّ هو الذي شُفِيَ. مُعلـّمو التشيكونق العاديّون ليسوا أناسًا حصلوا على الطريقة عبر الشّيولين، لا يستطيعون سوى تأجيل مرض الآخرين إلى وقتٍ لاحق، وربّما يستطيعون أيضًا تغييره أو تحويله إلى صعوباتٍ أخرى. ورغم ذلك، من الممكن أنهم  هم أنفسهم يجهلون سيرورة التأجيل هذه، إن كانت طريقتهم تـُمارس شيولين الوعي الثانويّ (الفو ييشي)، فالوعي الثانويّ هو الذي يقوم بذلك. منهم من ينتمي إلى بعض الطرق المعروفة ويبدون مشهورين جدّا، ومع ذلك الكثير من مُعلـّمي التشيكونق المعروفين هؤلاء وذوي الصّيت الواسع، يفتقرون إلى القونق، لأنّ القونق الذي بحوزتهم يتمركزُ كلـّه على أرواحهم الثانويّة (الفو يوانشان). هذا يعني أنه إنْ كان من المسموح التصرّف هكذا أثناء الشّيولين، فذلك لأنّ بعض الأشخاص يبقوْن في ذلك المُستوى ولا يستطيعون الخروج منه رغم عشرات وعشرات السّـنين من الممارسة، لذلك طيلة حياتهم يُعالجون المرضى و يُعالجونهم دائمًا. وبما أنهم يُوجَدون في ذلك المُستوى، فإنه يُسمَحُ لهم أن يتصرّفوا كذلك. تلاميذ شيولين الفالون دافا لا يُمكنهم إطلاقـًا معالجة المرْضَى. يُمكن أن يقرؤوا هذا الكتاب على المريض، إن قــَبـِلهُ، ربّما يُشفى مرضُهُ، ولكنّ النتيجة تختلف حسب حجم الكارما.

 

 

 

 المعالجة في المستشفى والمداواة بواسطة التـشيكونق

 

سوف نتحدّث الآن عن العلاقات القائمة بين المعالجة في المستشفى والمداواة بواسطة التشيكونق. بعض الأطبّاء الذين تعلـّموا الطبّ الغربيّ يُنكرون وجود التشيكونق وهم يُمثلون الأغلبيّة. هُم يقولون: "إن كان التشيكونق قادرًا على الشّفاء، فلِمَ يصلحُ المستشفى إذن ؟ أبدلوا إذن مستشفياتنا ! إنّ التشيكونق الذي لديكم يُمكنه أن يشفي فقط بلمسة يدٍ، لا حاجة للحُقن، للأدوية ولا للدّخول إلى المستشفى، أليس من الأفضل تعويض المستشفى ؟" هذا القول غير منطقيّ وليس له أيّ أساس. هناك أناس لا يعرفون التشيكونق، في الحقيقة، المداواة عبر التشيكونق لا يُمكن أن تكون مماثلة ً لطرُق الناس العاديّين في العلاج، إنها شيء خارق. لو أنّ شيئًا خارقـًا يُدخل اضطرابًا كبيرًا على المجتمع البشريّ العاديّ، فهل سيُسمَحُ بوجوده ؟ إنّ البوذا له قدرة خارقة تفوق التصوّر، تكفي حركة واحدة من يد بوذا لتختفي كلّ أمراض البشريّة من الوجود. فلماذا لا يفعل ذلك ؟ والبوذا كثيرون جدّا، فلماذا لا يُعبّرون عن رحمتهم ويشفونكم ؟ لأنّ مجتمع الناس العاديّين يجب أن يبقى كما هو، الشّيخوخة، المرض والموت هي حالاته الخُصوصيّة. كلّ شيء ينبـعُ من علاقة السّبب والنتيجة، كلّ شيء يدخُلُ ضمن سلسلة تسديد الكارما، إن سجّـلتَ دينـًا يجبُ أن تـُسدّده.

 

إن شفيْتَ مريضًا، فهذا يعني أنك تـُدخل الاضطراب على هذا القانون، كلّ الناس يستطيعون إذن أن يرتكبوا سيّئاتٍ دون أن يدفعوا ثمنها، كيف يُمكن أن يحصُل هذا ؟ إنّ ممارسًا، أثناء الشّيولين، من باب الشّفقة والرّحمة، وعندما لا تكون لديه القوّة بالقدر الذي يجعلهُ يُصفيّ جذريّا هذا المشكل، يُسمَحُ له أن يقوم بالمداواة، لأنّ الرّحمة بدأت تظهَرُ فيه، نسمحُ له بذلك. ولكن، إذا كنتم حقـّا قادرين على أن تحلـّوا هذا المشكل، وأن تحُلـّوه على نطاق واسع، فهذا غير مسموح ؛ فربّما بتلك الطريقة تـُدخلون الاضطراب بشكل خطير على مجتمع الناس العاديّين، لذا فهو ممنوع. لذلك تعويض مستشفيات الناس العاديّين بالتشيكونق أمر يستحيلُ على الإطلاق، لأنّ التشيكونق قانون يتجاوز المألوف.

 

لو نـُقيمُ في الصّين مستشفيات تشيكونق، ولْـنفترضْ أنّ ذلك جائز، ولو أنّ كلّ كبار مُعلـّمي التشيكونق يأتون للعمل فيها، فهل تـُقدّرون ماذا سيحدُثُ ؟ إنّ التصرّف بهذه الطريقة ممنوع، لأنّ الكُلّ يجب أن يُحافظ على صفة المجتمع البشريّ العاديّ. لو نـُقيمُ مستشفى تشيكونق، أو مستوصفـًا، أو مركز نقاهة، أو مصحّة تشيكونق، فحال تأسيسها، سيشهدُ معلـّم التشيكونق هبوطـًا سريعًا جدّا في فاعليّة مداواته، في الحال لن تـُعطي مُعالجته أيّ مفعول. لماذا ؟ لأنه سيتصرّف مثلما يتصرّف الناس العاديّون، يجب إذن أن يكون في مستوى القانون الذي يُسيّر الناس العاديّين، يكونَ في نفس مستوى حالة الناس العاديّين، فاعليّة مداواته يجب أن تكون نفس التي في المستشفى. وتبَعًا لذلك، مُعالجته ستـُصبح هزيلة ً، وسيبدأ هو أيضًا في الحديث عن العلاج الذي يستغرق حصصًا عديدة ً، هذا ما سيحدُث في الغالب.

 

ومهما يكن الأمر، إن أقيمَ مستشفى تشيكونق أم لا، لا أحد يستطيـع أن يُنكرَ أنّ التشيكونق قادر على شفاء الأمراض. لقد انتشر التشيكونق ونال شعبيّة ً في المجتمع منذ أمد طويل، العديد من الأشخاص حقـّقوا فعلاً عبر الممارسة غاية الشّفاء و تقوية البدن. إن يكُن المرض قد تمّ تأجيله إلى وقت لاحق من طرف معلـّم التشيكونق أو وضعيّات أخرى، في كلّ الحالات لم يعُد المرض موجودًا في الوقت الرّاهن، يعني أنه لا أحد يُمكنه أن ينفي قدرة التشيكونق على شفاء الأمراض. أغلبيّة المرضى الذين يهرعون إلى معلـّمي التشيكونق يُعانون من أمراض مُستعصية، لم يُفلح المستشفى في شفائها فيأتون ليُجرّبوا حظهم لدى مُعلـّمي التشيكونق، وفي النهاية يُشفوْن. كلّ أولئك الذين يستطيعون أن يتعافوْا في المستشفى لا يلجؤون لمعلـّمي التشيكونق، وخاصّة في الفترة الأولى، الكلّ يرى ذلك، لذا يستطيـع التشيكونق أن يشفي. ولكن هذا لا يجبُ أن يتمّ كما بقيّة الشّؤون في مجتمع الناس العاديّين. يُمنـَعُ منعًا مُطلقا تدخّله على نطاق واسع، يُسمَحُ بمداواةٍ على نطاق ضيّـق وليس لها تأثير ضخم وتتمّ دون ضجّة، ولكنها لا تستطيـعُ أن تشفي المرض جذريّا، هذا مُؤكّد. من الأفضل أن يُداوي المرءُ نفسه بنفسه عن طريق ممارسة التشيكونق.

 

هناك أيضًا معلـّمو تشيكونق يقولون أنّ المستشفى غير قادر على الشّفاء، وأنّ فاعليّة المداواة في المستشفى قد تراجعت في أيّامنا هذه إلى هذا الحدّ أو ذلك. ما رأينا في الأمر ؟ طبعًا، هذا يعود إلى عدّة أسباب. والسّبب الرّئيسيّ حسب رأيي هو أنّ هبوط مستوى المقياس الأخلاقيّ للإنسانيّة هو الذي سبّب كلّ هذه الأمراض الغريبة، المستشفى لا يستطيـعُ أن يُعالجها، الأدوية تبقى غير ناجعة، وهناك أيضًا الكثير من الأدوية الكاذبة، إنّ الأفعال البشريّة هي التي جعلت المجتمع يتدهورُ إلى هذا الحدّ. لا يُمكن لأحدٍ أن يتـّهم الآخرين، كلّ فردٍ لعب دورهُ في زيادة التدهور، لذلك سيُلاقي كلّ إنسان مِحنـًا في تعهّده وممارسته.

 

هناك أمراض لا يتوصّـل المُستشفى إلى تشخيصها، ولكنّ أصحابها يتعذبون حقيقة ً وليس وهمًا. هناك أيضًا أناس يُعانون من أمراض استطاع الطبّ تشخيصها ولكنه لا يعرفُ ماذا يُسمّيها، إنها أمراض لم يسبِقْ لأحدٍ معرفتها، في المستشفى يُطلقون عليها كلـّها اسمًا جماعيّا "أمراض عصريّة". هل المستشفى قادر على الشّفاء ؟ الإجابة هي نعم، بالطبـع ؛ لو لم يكُن المستشفى قادرًا على الشّفاء، لماذا إذن يثِـقُ به الناس ؟ لماذا يذهب الجميع إليه للتداوي ؟ إنّ المستشفى قادر مهما يكُنْ على الشّـفاء، ولكنّ وسائله في العلاج تنتمي لمستوى الناس العاديّين، رغم ذلك، هذه الأمراض تتجاوز العاديّ، بعضها خطير جدّا. لهذا السّبب، يُوصي المستشفى بالعلاج في أقرب وقتٍ ممكن ٍ، لأنه عندما يستفحلُ المرض، لن يستطيـع له شيئًا، ثمّ إنّ الزّيادة في مقادير تناول الدّواء يُمكن أيضًا أن تـُسمّم المريض. حاليّا، مستوى الطبّ هو تحديدًا نفس مستوى عُلومنا وتقـنياتنا، كلـّها في مستوى الناس العاديّين، لذلك فإنّ قدرتها العلاجيّة تقفُ عند ذلك الحدّ. علينا هنا أن نـُوضّح مسألة ً، العلاج بواسطة التشيكونق العاديّ، مثله مثل العلاج في المستشفى، لا يقومان سوى بتأجيل المحنة التي هي السّبب الأصليّ للمرض إلى وقت لاحق، دفعُها إلى النصف الثاني من الحياة أو بعد ذلك، و هكذا لم تـُلمسْ الكارما بتاتـًا.

 

لِنمُرّ إلى موضوع الطبّ الصينيّ التـقليديّ. إنّ مداواة هذا الأخير تـُشبه إلى حدّ كبير مداواة التشيكونق. في الصّين القديمة، كان الأطبّاء التـقليديّون يتمتـّعون عادة بالـتايي قونقننق، مثل "سون سيمياوو، Sun Simiao"، "هوا توو، "Hua Tuo، "بيان تشو، Bian Que"، "لي شيجان،Li Shizhen" الخ... كانوا كلـّهم مُزوّدين بالقدرات الخاصّة، وهذه حقائق مُدوّنة في وثائق طبّية. رغم ذلك، في أيّامنا هذه، هذه الأشياء الأصليّة هي في غالب الأحيان موضع انتقادات، ما ورثناه من الطبّ الصينيّ التـقليديّ ليس سوى بعض الوصفـات أو المعرفة التجريبيّة. الطبّ التـقليديّ في الصّين القديمة كان مُـتـقدّمًا جدّا، كان يفوق الطبّ المُعاصر بكثير. البعض يُمكن أن يعتقدوا أنّ الطبّ المُعاصر مُـتـقدّم جدّا، كشف مُعدّ بالدّماغ الالكترونيّ يُمكّن من الرّؤية داخل الجسم البشريّ، يُمكن أن يقوم الشّخص بكشفٍ بالصّدى، بالصّورة أو بالأشعّة. صحيـح أنّ التجهيزات العصريّة متقدّمة جدّا، ولكنها تبقى، حسب رأيي، دون طبّ الصّين القديمة.

 

لمّا رأى "هوا توو" ورمًا في دماغ "تساو تساو، Cao Cao"، أراد أن يستأصله له عبر فتح الجمجمة، ولكنّ تساو تساو ظنّ أنّ هوا توو يُريد قتـله وزجّ به في السّجن، وفي النهاية مات هذا الأخير وهو في السّجن. وعندما تجسّدت بوادر المرض عند تساو تساو، تذكّر هوا توو وأرسل في طلبه، ولكنّ هوا توو كان قد مات. وبعد مُضيّ وقت قصير، مات تساو تساو فعلاً مُتأثرًا بذلك المرض. كيف عرف هوا توو ؟ لقد رآه بكلّ بساطةٍ، إنها قدرة خارقة يمتلكها البشريّون، كلّ الأطبّاء الكبار في الماضي كانوا يمتلكون هذه الموهبة. بعد فتح التيانمو، وعند النظر إلى جانبٍ، يُمكن أن نرى في نفس الوقت الجوانب الأربعة للجسم البشريّ، عندما نفحصُه من أمام، يُمكن أن نرى الخلف، الشّمال واليمين ؛ نستطيـع أيضًا أن نـُعاينه طبقة ً طبقة ً وكأنـنا نـُجزّؤهُ إلى شرائح ؛ ويُمكن أيضًا أن ننفذ َ إلى ما وراء عالمنا لنرى السّبب الأصليّ للمرض. هل هذا ممكن بواسطة الطرق الطـبّية الحاليّة ؟ إنها بعيدة عن ذلك، علينا أن ننتظر ألف سنةٍ أخرى ! إن كان الكشف الإلكترونيّ، الكشف بالصّدى والكشف بالأشعّة تـُمكّن أيضًا من الرّؤية داخل الجسم البشريّ، فإنّ هذه الآلات تبقى ضخمة الحجم ويستحيلُ نقـلها، ولا تعمل بدون الكهرباء. ولكنّ هذه التيانمو يحملها الشّخص دائمًا معه، وهي لا تستهلك طاقة ً، إنّ الأمر غير قابل للمقارنة.

 

البعض يمدحون أدوية العصر الحاليّ، أنا أقول أنه لا يُوثــَـقُ بها تمامًا، في الصّين القديمة كانت الأعشاب الطـبّية تستطيـع أن تستأصل المرض في الحال. هناك عدّة أشياء فـُـقِدت إلى الأبد؛ وهناك العديد منها أيضًا تمّ الحفاظ عليها إلى يومنا هذا ويتناقـلها الشّعب. عندما كنتُ أقوم بدورتي التكوينيّة بـ"تشيتشيهاير، Qiqihaer"، رأيت في الشّارع شخصًا يقـلعُ أسنان المرضى. منذ الوهلة الأولى، كنتَ تستطيـعُ أن تـُميّزَ أنه شخص من أهالي الجنوب، لم يكُن يرتدي لباس سكّان الشّمال الشرقيّ. لم يكُن يرفض أحدًا، كان ينزعُ سنّ كلّ من يطلبُ منه ذلك، وكان كومٌ من الأسنان المقلوعة يتجمّعُ أمامهُ. غايتهُ لم تكن قلع الأسنان وإنـّما بيـع مُستحضرهِ. كان مُستحضرهُ يُـثير أبخرة صفراء ذات رائحة قويّة جدّا. قبل أن يقلعَ السنّ، كان يفتحُ الزّجاجة التي تحتوي على المُستحضر ويُوجّهها نحو خدّ المريض تحديدًا فوق موضع السنّ المريضة، ثمّ يجعلُ المريض يستنشقُ بعض الأنفاس من المُستحضر، وحالما يدخُـل هذا الأخير في جسم المريض، يُغلق زجاجته ويضعُها. ثمّ بعد ذلك يُخرج من جيبه عود ثـقابٍ، وفي نفس الوقت الذي يُواصل فيه الحديث عن مُستحضره، يلمسُ السنّ بعود الثـقاب فتسقط السنّ، بدون ألم، كنتَ ترى فقط بعض آثار الدّم على السنّ ولكن لم يكُن هناك نزيف. تأمّـلوا، إنّ عود الثـقاب ينكسرُ لو ضغطنا عليه قليلاً، ولكنّ ذلك الشّخص اقـتلع السنّ بعود ثـقابٍ.

 

أنا أقول أنه في الصّين هناك الكثير من الأشياء التي يتمّ تناقلها وتوارثها وسط الشّعب، و الأدوات الدّقيقة المُستعملة في الطبّ الغربيّ لا يُمكن أن تـُـقارَنَ بها، ها نحن نرى ما هو الأكثر نجاعة ً: إنه يستطيـعُ أن ينزع سنـّا بعود ثـقابٍ. لكي يقتلعَ الطبّ الغربيّ سنـّا ، يلجأ أوّلاً إلى تخدير المريض وإعطاءِهِ حُقـنـًا هنا وهناك، ولكنّ الحُـقنة هي أيضًا مُؤلمة كثيرًا، ثمّ عندما يُعطي المُخدّر مفعوله، يقلعُ السنّ بكلاّب، رغم جُهد طويل، ربّما يكسرُ جذر السنّ و يتركه في الدّاخل. فيأخذ إذن مطرقة ومقصّا لصقلها، ضربات المطرقة تبعث في جسدك القشعريرة من الفزع، ثمّ يأخذ أداة دقيقةوبواسطتها يشذبُ السنّ. البعض يصلُ به الأمر إلى الوثب من على كُرسيّه، يتألـّم الشّخص كثيرًا ويبصُـقُ الدّم لبعض الوقت. والآن لكم أن تـُقرّوا من هو الأفضل ومن هو الأكثر تقدّمًا، لا يجبُ أن نـُقيّم الأداة المُستعملة حسب شكلها الخارجيّ، يجب تقيـيم الفعاليّة. الطبّ الصينيّ التـقليديّ القديم كان مُتطوّرًا جدّا، والطبّ الغربيّ اليوم لا يستطيـع اللـّحاق به حتـّى بعد سنوات طويلةٍ.

 

إنّ علم الصّين القديمة كان مُختلفـًا عن علمنا المُعاصر المأخوذ عن الغرب، كان يتـّبـعُ منهجًا آخر، يُفضي إلى نوع آخر من الوضعيّات. نحنُ لا نستطيـعُ أن نفهم علوم وتقنيات الصّين القديمة اعتمادًا على معارفنا الحديثة، لأنّ علم الصّين القديمة كان يُوجّه أبحاثه مُباشرة نحو الجسم البشريّ، والحياة والكون، وهكذا كان يتـّبعُ سبيلاً مُغايرًا. في ذلك العصر، كان كلّ من يذهب إلى المدرسة يُركّز على ممارسة تمرين الجلوس ؛ كان عليهم أن يجلسوا جلسة ً صحيحة ً، عندما كانوا يُمسكون بالرّيشة كان عليهم أن يُعدّلوا التشي لديهم ويُعدّلوا تنفـّسهم، كلّ المِهَـن كانت تـُولي أهمّية لتنقية الرّوح، لتعديل التنفـّس، كلّ المجتمع كان يمتثـلُ لهذا.

 

البعض يقول: "لو اتـّبعنا منهج علم الصّين القديمة، هل كنـّا سنمتلك اليوم القطار والسيّارة ؟ هل كنـّا سنمتلك الأساليب العصريّة اليوم ؟" أقول أنه لا يجب أن تفهموا سياقاً مُغايرًا تمامًا انطلاقـًا من الوضعيّة الحاليّة، يجب أن تـُدخلوا ثورة على طريقة تفكيركم. لا تلفاز، كنـّا سنحمله كلّ أمام جبهته، يُمكن أن نرى كلّ ما نـُريدُ رؤيته وسنكون أيضًا مُزوّدين بقدرات القونق. لا قطار ولا سيّارة، كنـّا سنكون قادرين على الارتفاع في الفضاء ونحن جالسون، لن نحتاج حتـّى لمصعدٍ. كان ذلك سيجُرّ نسق تطوّر آخر للمجتمع، ليس بالضّرورة محصورًا داخل هذا الإطار. إنّ الطبق الطائر لسكّان الكواكب الأخرى يظهرُ ثمّ يختفي بسُرعةٍ مُدهشةٍ، يُمكنهم أن يكبُروا في الحجم ويصغروا كما يشاؤون. لقد سلكوا طريقـًا آخر في التطوّر مُختلفـًا أيضًا، إنه منهج علميّ آخر.


 

المحاضرة الثامنة

 

 

الامتناع عن الطعام "بيقو، Bigu"

 

لقد تطرّق أحدهم إلى ظاهرة الامتناع عن الطعام. إنّ ظاهرة الامتناع عن الطعام تـُوجد فعلاً، لا فقط في أوساط الشّيولين ولكن أيضًا عند عددٍ من الناس في مجتمعنا البشريّ. بعض الأشخاص لا يأكلون ولا يشربون لمدّة عدّة سنوات أو أكثر من عشر سنين، ولكنهم يعيشون جيّدًا. البعض يقولون أنّ الامتناع عن الطّعام هو الدليل على بلوغ درجةٍ مُعيّـنةٍ ؛ البعض الآخر يقولون أنه مظهر من مظاهرالتنقية الجسمية ؛ والبعض الآخر يعتبرونه مسارًا في الشّيولين على  مستوىً عال.

 

في الحقيقة، الأمر غير ذلك. ما هو الأمر ؟ في الواقع، الامتناع عن الطعام هو ليس سوى طريقةٍ خاصّةٍ في الشّيولين يستعملونها في ظروفٍ مُعيّـنةٍ. في أيّ ظروفٍ مُعيّـنةٍ يستعملونها ؟ في الصّين القديمة، وخاصّة قبل ظهور الأديان، الكثير من الممارسين كانوا يلجؤون لطريقةٍ في الشّيولين سرّيةٍ وتعتمد على النـّسك، لكي يتعهّدوا ويُمارسوا، كانوا يتوغـّـلون في جبال مُقفرة أو كهوفٍ، مُبتعدين عن العامّة. إثر قيامهم بهذا الاجراء تواجههم مشكلة الغذاء. دون استعمال طريقة "بيقو"، كان يكون من المُستحيل عليهم التعهّد والممارسة، كانوا سيموتون جوعًا وعطشًا. عندما ذهبتُ من"شونغ تشينغ، Chongqing"إلى ووهان لأنشُر الدّعوة، وعند نزولي على واد "يانقتسي، Yangzi" نحو الشّرق على متن سفينةٍ، رأيتُ على كلا ضفـّـتيْ المصبّات الثلاثة مغاراتٍ محفورة ً على سفح الجبل، نجد منها الكثير في الجبال الشّهيرة. في الماضي، كان الممارسون يدخلون إليها بواسطة حبل يقطعونه فيما بعدُ، فإن لم يفلحوا في الشّيولين، كانوا يهلكون في الدّاخل. بدون ماءٍ ولا طعام، كانت إذن تلك طريقة ً خاصّة ً في الشّيولين يستعملونها في هذا النوع من الظروف الخاصّة جدّا.

 

العديد من الطرق تمّ تناقلها وتبليغها بهذا الشكل، وهي تحتوي إذن على الامتناع عن الطعام ؛ طرق كثيرة أخرى لا تتضمـّن الامتناع عن الطعام، أغلبيّة الطرق التي يتمّ تناقلها اليوم في المجتمع لا تحتوي عليه. نحن نقول أنّ الممارسة يجب أن تكون صِرْفة ً، لا يجب أن تتصرّفوا على هواكم وكما تشاؤون. تجدون أنّ هذه الطريقة جيّدة وتـُريدون أيضًا أن تمتنعوا عن الطعام، ولكن ما هي دوافعكم للامتناع عنه ؟ البعض يظنـّون أنها طريقة جيّدة ويُجرّبونها على سبيل الفضول، أو يحسبون أنّ لديهم قدرة تحكّم (كونق فو) جيّدة وأنه بإمكانهم استعراض ذلك، يُوجد مُختلف أنواع العقليّات لدى الأشخاص. حتـّى وإن تبنـّيْـنا هذه الطريقة للتعهّد والممارسة، يجب أيضًا أن نستهلك طاقـتنا الشّخصيّة لكي نـُغذي جسدنا، ممّا ينتـُجُ عنه أنّ المكسب لا يُغطي الخسارة. كلّ الناس يعلمون، خاصّة ً بعد ظهور الدّين، أنه عندما تقومون بالتأمّل في وضعيّة الجلوس في المعبد أو بالممارسة في الخلوات، يُقـَدّمُ لكم دائمًا الطعام والشّراب، إذن فليس هناك مجال لهذه المسألة. خُصوصًا وأنـنا نتعهّد ونـُمارس في المجتمع البشريّ العاديّ، لستـُم في حاجة أبدًا للـّجوء إلى هذه الوسيلة، وفي كلّ الحالات، إن كان هذا لا ينتمي إلى مدرستكم للشّرع، لا يُمكنكم أن تستعملوه حسب رغبتكم. و لكن إن كنتم تـُريدون حقـّا ممارسة الامتناع عن الطعام، افعلوا كما يبدو لكم. على حسب علمي، عندما يُريد مُعلـّم تلقين طريقة ذات مستوى عال، وعنده حقـّا نيّة إرشاد العباد، وكان الشّيولين الخاصّ بمدرسته يقتضي الامتناع عن الطعام، يمكن ظهور هذه الظاهرة، ولكنه لا يستطيـع  أن يُعمّمها، في أغلب الأحيان، يصطحبُ التلميذ للتعهّد والممارسة في كنف السريّة والعُزلة.

 

حاليّا هناك أيضًا مُعلـّمو تشيكونق يُلقـّـنون الناس الامتناع عن الطعام. هل ينجحُ المرءُ حقـّا في الامتناع عن الطعام ؟ في النهاية لا، من سينجحُ في فعل ذلك ؟ لقد رأيتُ كثيرًا من الناس تمّ نقلهم إلى المُستشفى وكثيرًا من الناس تعرّضوا لخطر الموت. إذن كيف حصلت مثل هذه الحالات ؟ ظاهرة "بيقو" موجودة، أليس كذلك ؟ بلى. ولكن هناك نقطة تستحقّ التوضيح، وهي أنه لا يُسمَحُ لأحدٍ بإدخال الاضطراب هكذا وبكلّ بساطةٍ على حالة المجتمع البشريّ العاديّ، يُمنعُ إدخال الاضطراب عليه. دون الحديث عن عدد الممارسين الذين لن يأكلوا ولن يشربوا مُجدّدًا في كلّ البلد، فلْـنفترضْ أنه فقط في إقليم شانقشون لا أحد سيأكلُ أو سيشربُ مُجدّدًا، كم سيُسهّـل هذا علينا العيش ! لن نحتاج ثانية ً إلى إجهاد أنفسنا في الطبخ. إنّ خدمة الأرض شاقّــّة بالنسبة للفلاّحين، لا أحد سيأكل ثانية ً، هذا سيُسهّـل الأمور، سنكتفي بالعمل دون أن نأكُلَ. هل يُقبَلُ هذا ؟ هل سيبقى المجتمع البشريّ كما ألفناه ؟ لا بالتأكيد، من المحظور أن يُدخل هذا النوع من الأشياء الاضطراب على مجتمع الناس العاديّين على نطاق واسع.

 

عند قيام بعض معلمي التشيكونق بتلقين "بيقو"، أصبحت حياة العديد من الناس في خطر. بعض الناس يرغبون في ممارسة الامتناع عن الطعام، ولكن بما أنهم لم يتخلـّوا عن ذلك التعلـّق، ولم يتخلـّوا أيضًا عن الكثير الكثير من تعلـّقات الناس العاديّين، فعندما تـُعرَضُ أمامهم أطعمة شهيّة، إن لم يتناولوا منها يصعب عليهم السيطرة على نهمهم، وحالما تظهرُ هذه الرّغبة، تسُوء الأمور. ينفذ صبرهم ويُريدون الأكل ؛ عندما تتملـّكهم هذه الرّغبة، يجب أن يأكلوا، وإلاّ أحسّوا بالجوع. ولكنهم يتقيّؤون إن أكلوا، لا يقدرون على الابتلاع، ممـّا يجعلهم عصبيّين وينتابهم الخوف. الكثير من الناس نـُقـِلوا إلى المستشفى، والبعض الآخر عرّضوا حياتهم فعلاً  للخطر. هناك من طلب  منـّي أن أزيل كلّ هذه الفوضى، أنا أيضًا لا أريد أن أتدخّـل في ذلك. بعض معلـّمي التشيكونق يتصرّفون تصرّفـًا غير معقول، من سيهتمّ بترتيب الفوضى التي يتركونها وراءهم ؟

 

وفي كلّ الحالات، إن وقعت لديكم مشاكل من جرّاء الامتناع عن الطعام، ألم تستجلبوا ذلك بأنفسكم ؟ نحن نقول أنّ هذه الظاهرة توجد فعلاً، ولكنها ليست حالة ً تخُصّ درجة ً عالية ً ولا علامة ً ذات مدلول خاصّ ؛ ليست غير طريقة في الممارسة مُتـّخذة في ظروف مُعيّـنة، ولكنها لا يُمكن أن تـُعَمّمَ. يُوجد الكثير من الأشخاص يُريدون الامتناعَ عن الطعام، هم يتحدّثون عن وجود امتناع تامّ وامتناع جزئيّ، إنهم يُقسّمونه إلى أصنافٍ. البعض يقولون أنهم يشربون الماء، وآخرون يقولون أنهم يأكلون الغلال، إنها كلـّها امتناعات مُزيّفة عن الطعام، من المُؤكّد أنهم لا يستطيعون الصّمود لفترةٍ طويلةٍ . الممارسون الحقيقيّون يبقوْن في مغاراتٍ، دون أن يأكلوا ولا يشربوا، هذا هو الامتناع الحقيقيّ عن الطعام.

 

 

سرقة التـشي "تو تشي، Tou qi"         

 

عندما نتحدّث عن سرقة التشي، يمتقعُ وجه البعض بمُجرّد ذكر العبارة، ولا يجرؤون على الممارسة بسبب الخوف. عدد كبير من الناس لا يجرؤون على الممارسة ولا الاقتراب من التشيكونق فقط بسبب الأقاويل التي تتردّد في ميدان الشّيولين والتي تهمّ ظواهر مثل الزّوهيو رومو، سرقة التشي وغيرها. بدون هذه الأقاويل، ربّما كان سيُقدم المزيد من الناس على الممارسة. هناك أيضًا معلـّمو تشيكونق ذوي سين سينغ رديء يُبلـّغون خصّيصًا هذا النوع من الأشياء ويُسبّبون فوضى كبيرة في ميدان الشّيولين، في الحقيقة ليس الأمر مُرعبًا كما يقولون. نحن نقول أنّ التشي ليس غير التشي، مهما تـُطلقون عليه من نعوتٍ: "تشي أصليّ مختلط"، "تشي" هذا أو "تشي" ذاك. طالما أنّ المرء لديه تشي في جسمه، يظلّ في درجة المداواة والحفاظ على الصّحّة، عندئذٍ هو لا ينتمي إلى ممارسي القونق. طالما أنّ لديه تشي، هذا دليل على أنه لم يتوصّل بعد إلى تطهير كامل للجسم، وأنه لا زال يحمل في داخله تشي سقيمًا، هذا أكيد. الشّخص الذي يسرق التشي يُوجد هو أيضًا في درجة التشي، بالنسبة لنا نحن الممارسين، من سيرغبُ في هذا التشي القذر ؟ إنّ إنسانـًا لا يقوم بالممارسة لديه في جسمه تشي قذر جدّا، بعد الممارسة يُمكن أن يُصبح صافيًا وشفـّافـًا. فوق الموضع المُصاب بمرض، يُمكن أن تظهر قطعة من مادّة سوداء كثيفة جدّا. بواسطة ممارسة متواصلة، وعندما يصلُ حقـّا إلى مرحلة تبديد الأمراض وتقوية الصّحة، يميلُ التشي تدريجيّا إلى الاصفرار. إن تقدّم المرء أكثر في الممارسة، يجد نفسه مُعافىً حقـّا ولا يعود للـتشي وجود، فيدخل إذن في حالة الجسم اللـّبني  (ناي باي تي، Nai bai ti).

 

هذا يعودُ بنا إلى القول أنّ من لديه تشي لديه أمراض. نحن ممارسو قونق، بِمَ سيُفيدنا التشي في الممارسة ؟ إنّ تنقية جسمكم الخاصّ لم تنتهِ بعدُ، فكيف تطلبون المزيد من التشي القذر ؟  بالتأكيد، لا يجب أن تطلبوا ذلك. من يُريد التشي يُوجد أيضًا في مستوى التشي، وفي ذلك المستوى لا يستطيع المرء التمييز بين التشي الجيّد والتشي الرّديء، لا يملك تلك القدرة. بينما بالنسبة لـ"جان تشي، Zhen qi" (التشي الحقيقيّ) الذي لديكم في الدّانتيان، لا يستطيعون لمسَهُ، فقط الناس المُزوّدون بقونق قويّ يستطيعون أن يلمسوا هذا التشي الحقيقيّ. أمّا تشي الجسم القذر، بإمكانكم أن تدَعُوا الآخرين يسرقونه منكم، ليس لهذا أيّ أهمّية. لو أريد الامتلاء بالـتشي أثناء الممارسة، فبمُجرّد التفكير في ذلك، سيصيرُ بطني مُنتفخًا في الحال.

 

تـُوجد في المدرسة الطاويّة ممارسة في وضعيّة الوُقوف "تيان تسي جوهانق،Tian zi zhuang"، أمّا مدرسة بوذا فتتحدّث عن "بنق تشي قواندينق، Peng qi guanding" (سكب التشي عبر الرّأس بواسطة اليدين)، هناك في الكون تشي لا ينضَبُ، تستطيعون أن تمتلئوا منه في كلّ لحظةٍ. بفتح قناة لاوو قونق (في كفـّي اليدين) وقناة بايهوي (في قمّة الرّأس)، تستطيعون أن تمتلئوا من التشي، ركّزوا ذهنكم على الدّانتيان ، خُذوا بأيديكم  التشي، وستمتلئون منه في الحال. ولكن حتـّى وإن مُلءَ كلّ جسمكم بالـتشي، بمَ سيُفيد ذلك ؟ عندما يقوم بعض الأشخاص بتمارين التشي ويجمعون منه كمّية كبيرة، يشعرون أنّ أصابع أيديهم وأجسامهم مُنتفخة. عندما يقتربُ الآخرون منهم، يُمكن أن يُحسّوا بمثل وجود حقل حواليهم. "آه، إنكم تتقدّمون كثيرًا في ممارستكم !". أقول أنّ هذا ليس لديه أيّ قيمة، هل لديه أدنى قونق ؟ إنه لم يُمارسْ غير التشي، مهما تكُن كمّية التشي التي يملكها الفردُ هذا التشي لا يُمكنُ أبدًا أن يُعوّضَ القونق. تمارين التشي تهدفُ إلى تعويض تشي الجسم بـتشي جيّد آتٍ من الخارج، وبالتالي تنقية الجسم، ولكن لِمَ سيصلـُح جمعُ التشي ؟ عندما تكونون في ذلك المستوى، وطالما لم تشهدوا تغييرًا أساسيّا، ليس ذلك هو القونق بعدُ. مهما سرقتـم منه، لن تكونوا سوى حاويات تشي كبيرة، بِمَ يُفيد ذلك ؟ إنه لم يتحوّل بعدُ إلى مادّة طاقيّة عليا ؛ إذن ممّ أنتم خائفون ؟ لا يبقى لكم سوى أن تتركوا الناس الذين يُريدون حقـّا سرقة التشي منكم يفعلون ذلك.

 

فلْـيُفكّر الجميـع، طالما يُوجدُ تشي في جسمكم، يبقى المرض موجودًا. إذن من يسرقه منكم ألم يسْرِقْ أيضًا التشي السّقيم الذي لديكم ؟ إنه لا يملكُ القدرة مُطلقـًا على تمييز هذه الأشياء، لأنّ من يُريدُ التشي يُوجد أيضًا في مستوى التشي، ليست لديه أيّ مقدرة. الناس المُزوّدون بقونق لا يرغبون في التشي، هذا مُؤكّد. إن لم تـُصدّقوا ذلك، يُمكن أن نقومَ بتجربة، لو أنّ أحدًا يُريد حقـّا أن يسرق التشي الذي بحَوْزتكم، ابْقـوْا واقفين هناك واتركوه يفعلْ، من جهتكم، تخيّـلوا أنّ تشي الكون ينصبّ فيكم، والآخر يسرقه من الخلف. كم هذا مُربح، إنه يُساعدكم على الإسراع في تنقية جسمكم، ويُوفــّر عليكم عناء تكرار حركات اليدين صُعودًا ونـُزولاً. نظرًا لأنه أنتـج فكرة سيّئة ً، وسرق ممتلكات الآخرين، رغم أنه أخذ شيئًا رديئًا، فهو على كلّ حال تصرّف تصرّفـًا مُضادّا للفضيلة (دو)، لذلك يجب أن يُعطيكم دو. وتتكوّن دورة، من جهة يأخذ التشي الذي تملكونه، ومن جهةٍ أخرى يُعطيكم دو. من يسرق التشي لا يعلمُ ذلك، لو كان يعلمُ لما تجرّأ ثانية ً.

 

كلّ أولئك الذين يسرقون التشي لونُ وجوههم يميل إلى الزّرقة، كلـّهم هكذا. من بين أولئك الذين يُمارسون في الحديقة، عدد كبير لديهم فقط نيّة التـداوي وهم مُصابون بشتـّى أنواع الامراض. عندما يُعالجُ المرء نفسه، يجب أن يطرُدَ التشي السّقيم، ولكن ّ ذلك الذي يسرق التشي، لا يطرُده، بل بالعكس يجمعه في جسمه، إنّ لديه شتـّى أنواع التشي السّقيمة، كلّ جسمه من الدّاخل صار أسودًا. وهو يفقد باستمرار حسناته وجسمه من الخارج صار أسود أيضًا، حقل الكارما عنده اتـّسعَ، فقد حسناته بكمّيات كبيرة، جسمه أسود تمامًا سواء من الدّاخل أو الخارج. لو أنّ الشّخص الذي يسرق التشي كان يعلمُ أنّ تغيّرًا مثل ذلك حصُل لديه، وأنه أعطى حسناته للآخرين، أنه ارتكب مثل تلك الحماقة، كان لن يفعل ذلك أبدًا.

 

البعض وصفوا التشي بكونه أمرًا خارقـًا ومُعجزًا: "لو تكونُ في الولايات المتـّحدة، بإمكانك التقاط التشي الذي أرسلهُ نحوك" أو "انتظر من الجهة الأخرى خلف الجدار، وستستطيـع أن تلتقط التشي الذي سأرسلـُهُ". البعض مُرهفون جدّا، ويستطيعون حقـّا التقاط التشي الذي تمّ إرساله. ولكنّ هذا التشي لا يمرّ عبر هذا البُعد، إنه يمرّ عبر أبعادٍ أخرى، وليس هناك جدار في هذه الأبعاد الأخرى. إذن لماذا لا تـُحسّون شيئًا عندما يُرسل بعض معلـّمي التشيكونق التشي حتـّى في أرض مُنبسطة ؟ لأنّ في أبعادٍ أخرى، هناك حجابًا، إذن ليس للـتشي قوّة نفاذ كما يقول الآخرون .

 

الشّيء الذي له حقـّّا قيمة وتأثير يبقى دائمًا القونق. عندما يستطيـع ممارس أن يُرسلَ قونق، فهو لم يعُد لديه تشي، وما يُرسله هو مادّة ذات طاقة عالية، تراها التيانمو على شكل نور. عندما يتمّ إرسالها على جسد الآخرين، تـُولـّدَ إحساسًا بالحرارة المُحرقة ويُمكن أن تـُؤثـّر مباشرة ً على الناس العاديّين. ولكنها أيضًا ليست قادرة ً على شفاء المرض تمامًا، لا يُمكنها سوى أن تصُدّهُ. للوصول إلى شفاءٍ حقيقيّ، ينبغي امتلاك قدرات قونق، مُختلف الأمراض تـُوافقها مُختلف قدرات القونق. من رُؤية ميكروسكوبيّة، كلّ جُزيءٍ من القونق الذي تملكونه يحمل أيضًا صورتكم. إنه يستطيـع التعرّف على الناس، بما أنه يتمتـّع بذكاءٍ ومكوّن من مادّة طاقيّة عُـليا ؛ لو أنّ أحدًا يسرقه منك، هل سيبقى هناك ؟ لن يبقى هناك، ولا يُمكن له أيضًا أن يضعهُ هناك، لأنه لا ينتمي إلى ذلك الشّخص الذي سرقه. بالنسبة لكلّ الممارسين الحقيقيّين، عندما تظهر عندهم قدرات القونق، يهتمّ بهم معلـّمهم، إنّ المعلـّم باق ٍهناك ويرى كلّ ما تفعلون. عندما يأخذ شخص مّا مُمتلكات الآخرين ، فإنّ مُعلمهُ لا يُوافقُ أيضًا.

 

 

 

قطف التـشي "تساي تشي، Cai qi"               

 

نحنُ لا نتولـّى حلّ مشاكل مثل سرقة التشي وقطف التشي من أجلكم أثناء تبليغنا للشرع على مستوىً عال. أنا أتحدّث عنها لأنّ غايتي هي: إصلاح الشّيولين، والقيام بأعمال طيّبة، والكشف عن هذه الظواهر الفاسدة ؛ علمًا وأنه لم يتطرّق بعدُ أحد بتاتـًا إلى الحديث عنها. أريد منكم أن تعرفوها لأجنـّب بعض الأشخاص اقتراف سيّئاتٍ بصفة مستمرّة وأجنـّب أولئك الذين يجهلون حقيقة التشيكونق أن يمتقعوا خوفـًا حالما يدور الحديث عنها.

 

إنّ التشي الكونيّ معين لا ينضبُ، البعض يتحدّثون أيضًا عن تشي السّماء الإيجابيّ (تيان يانق جي تشي، tian yang zhi qi) وتشي الأرض السلبيّ (دي يين جي تشي،di yin zhi qi). أنتم أيضًا جزء من الكون، تستطيعون أن تقطفوا منه بقدر ما تـُريدون. ولكن، البعض لا يقطفون التشي الكونيّ، اختصاصهم كيفيّة قطف التشي النباتيّ، وحتـّى أنهم سجّلوا خُلاصة تجاربهم قائلين أنّ تشي الحوْر أبيض وتشي الصّـنوبر أصفر وأيضًا متى وكيف يُقطفُ. هناك أيضًا ناس يدّعون: "كانت هناك شجرة أمام منزلي، لقد سبّبتُ موتها من جرّاء قطفي المُـتكرّر للـتشي الذي عندها." يا لهذه المقدُرة ! أليس هذا اقتراف فعل سيّءٍ ؟ الكلّ يعلم أنّ تعهّدنا وممارستنا الحقيقيّيْن يُركّزان على الآثار الطيّبة، نحنُ نتحدّث عن الانتساب إلى الطبـع الخاصّ بالكون، ألا ينبغي عليكم التركيز على "شان" (الرّحمة) ؟ لكي ننتسب إلى طبـع الكون جهان شان ران، يجب أن نـُركّز على "شان". لو ترتكبون دائمًا سيّئاتٍ، هل يُمكن أن تـُـنمّوا القونق ؟ كيف ستـُشفى أمراضُكم ؟ أليس هذا بالتحديد عكس ما يجبُ على ممارسينا فعلهُ ؟ إنّ هذا يعني قـتل كائنات حيّة واقتراف فعل سيّءٍ ! ربّما سيقول البعض: "إنّ أقوالك مُحيّرة أكثر فأكثر، قـتل الحيوانات هو قـتل الكائنات الحيّة، وقـتل النباتات هو أيضًا قـتل الكائنات الحيّة !" بالفعل تلك هي الحقيقة، في الدّيانة البوذيّة نتحدّث عن سامسارا الدّروب السّتة ، يُمكن أن تـُصبحَ نبتة ً أثناء سفـَر تجسّدك، هذا ما هو مذكور في الدّيانة البوذيّة. نحن هنا لا نتحدّث عن ذلك بتلك الطريقة. ولكن نحن نقول لكم أنّ الشّجرة هي أيضًا تتمتـّعُ بحياةٍ، لا فقط تتمتـّعُ بالحياة ولكن بنشاطٍ فكريّ مُتقدّم جدّا.

 

ولْـنذكُرْ مثالاً: هناك في الولايات المُتـّحدة رجل مُتخصّص في الأبحاث الالكترونيّة، هو يُعلـّم الناس كيفيّة استعمال جهاز كشف الكذب. وفي يوم مّا، خطرت برأسه فكرة، فثبّت قطبَيْ الجهاز الاثنيْن على نبتة أغافٍ، وإثر ذلك سقى هذه الأخيرة إلى حدّ الجذور، فاكتشف أنّ مُؤشّر الجهاز قد رسم سريعًا خطـّا مُنحنيًا يُوافق ذلك الذي يُنتجه دماغ الإنسان أثناء لحظة خاطفة من الانتشاء والسّرور. فعجبَ أشدّ العَجَبِ، يُمكن أن يكون للنبتة مشاعر ! كان يَوَدّ لو يخرُجُ للشّارع صائحًا: "النبتة أيضًا لها مشاعر !"، وهذه الواقعة دفعته إلى مواصلة أبحاثه في ذلك الميدان، وقام بعدّة تجارب.

 

أخذ مرّة ً نبتتيْن معًا، وطلب من تلميذه أن يدوسَ إحداهما بقدميْه إلى أن يُميتها، بحضور الأخرى. ثمّ وضع هذه الأخيرة في قاعةٍ وربطها بجهاز الكشف، ثمّ دعى خمسة ً من تلاميذه لدخول هذه القاعة واحدًا بعد الآخر؛ لم تـُحرّك النبتة ساكنـًا عند دخول التلاميذ الأربعة الأوّلين، وعندما دخل الخامس، ذاك الذي داس النبتة، وقبل أن يقتربَ، كان المُؤشّر قد رسم وبسُرعة خطـّا مُنحنيًا مُماثلاً لذلك الذي نحصُل عليه عندما يكون شخص مّا في حالة فزع. فاندهش كثيرًا ! هذه التجربة تـُوضّح حقيقة ً كبيرة ً: يُعتـبَرُ الإنسان دائمًا منذ القديم كائنـًا ساميًا، يتمتـّع بقدُراتٍ حسّيّةٍ، قادرًا على التميـيز، مُزوّدًا بدماغ وبقدرةٍ على التحليل. كيف لِنباتٍ أن يقوم بالتميـيز ؟ أليس هذا يعني أنّ لديه حواسّا ؟ لو أنّ أحدًا في الماضي قال أنّ النبات مُزوّد بحواسّ، بفكر وبشعور، وقادر على التعرّف إلى الناس، لاعتبر الآخرون أنه يقول خُرافات. في الواقع، قدراته لا تقفُ عند ذلك الحدّ، في بعض النواحي، يبدو أنه قد تجاوزَ الكائنات البشريّة الحاليّة.

 

في أحد الأيّام، وَصَلَ جهاز الكشف بنبتة، ثمّ تساءل: "ما نوع التجربة التي يُمكن أن أقوم بها ؟ سأحرق أوراقها بالنار لأرى كيف ترُدّ الفعل." حالما جالت بذهنه هذه الفكرة كان المُؤشّر قد رسم بحدّة خطـّا مُنحنيًا مماثلاً لذلك الذي لدى إنسان يصيحُ طالبًا الغوث لإنقاذ حياته. هذا القونقننق الذي يتجاوز الحواسّ، والذي كانوا يدعونه في الماضي "لغة تناقل الأفكار"، هو قدرة داخليّة كامنة في الإنسان، ولكنّ البشر الحاليّين قد تقهقروا، يجب أن تتعهّدوا وتـُمارسوا من جديدٍ لتعودوا للأصل، ترجعوا إلى الحقيقة الأولى وتستردّوا طبيعتكم الفطريّة، قبل أن تتمتـّعوا بها ثانية. ولكنّ النبتة مُزوّدة به، تستطيع أن تعلمَ ماذا تـُفكّرون، إنه شيء لا يُصدّقُ عند سماعه، ولكنّ هذا هو خُلاصة تجارب علميّة. لقد أجرى شتـّى أنواع التجارب واكتشف أنّ النبتة مُزوّدة أيضًا بقونقننق التحكّم عن بُعدٍ. وقد أحدثت مقالاتـُهُ بعد نشْرِها ضجّة كبيرة في كلّ العالم.

 

دارسو علم النبات في كلّ البلدان ركّزوا أبحاثهم على هذا الميدان، بما فيهم بلدنا، ولم يعُد هذا يُعتـبَرُ أمرًا خياليّا. لقد قلتُ في اليوم الفارط أنّ كلّ ما يحدث اليوم، كلّ ما تمّ اكتشافه من قِبـَل الإنسانيّة، هو كافٍ لتغيـير المراجع الدراسيّة الحاليّة. ولكن تحت تأثير المفاهيم التـقليديّة، يرفض الناس دائمًا الاعتراف بهذه الاكتشافات ولا أحد يُعمّمُها ويُدخِلـُها حيّز التطبيق.

 

لقد رأيتُ في مُنتزهٍ بالشّمال الشّرقي للصّين غابة ًمن الصّـنوبر بأكملها ميّتة ً. كان هناك أناس يتمرّنون على ممارسة لا ندري ما هي، كانوا يتدحرجون أرضًا، ثمّ يشرعون في قطف التشي بحركات الأرجُل والأيدي، وبعد فترة قصيرة، ذبُلت هذه الغابة وماتت. هل ما فعلوه هو عمل جيّد أم سيّء ؟ من مُنطلق ممارسينا، هذا يعني قـتل كائنات حيّة. بصفتكَ ممارسًا، يجب أن تكون شخصًا طيّبًا وتنتسبَ تدريجيّا للطبـع الخاصّ بالكون، وتنزَعَ الأشياء الرّديئة فيكَ. حتـّى من وجهة نظر الناس العاديّين، ليس عملاً جيّدًا كذلك، إنه تخريب للممتلكات العامّة، للمساحات الخضراء وللتـّوازن البيئيّ ؛ مهما تكُنْ الزّاوية التي ننظرُ منها، هذا لا يُمكن أبدًا أن يكون عملاً جيّدًا. في الكون، التشي لا يَنفدُ، يُمكن أن تأخذوا منه بالقدر الذي تـُريدون. البعض يتمتـّعون بطاقة كبيرة، وبعد بلوغ مستوًى مُعيّن في ممارستهم، يُصبحون قادرين على قطف مساحةٍ شاسعةٍ من التشي النباتيّ بحركة يدٍ واحدةٍ لا غير. ولكن ليس ذلك سوى التشي، وما الذي يُمكن أن نفعلهُ به حتـّى ولو قطفنا منه كمّية ً كبيرة ً ؟ البعض يذهبون إلى المُنتزه ولا يفعلون سوى ذلك، إنهم يقولون: "لا داعي لأن أقوم بالممارسة، يكفي أن أحرّك هكذا ذراعيّ أثناء المشي، وتكونُ ممارستي قد تمّت." إنهم يكتفون بامتلاك التشي، إنهم يعتبرون التشي تمامًا مثل القونق. عندما نقترب منهم، نـُحسّ بهواءٍ باردٍ ينبعثُ من أجسامهم. أليس التشي النباتيّ ذا طبيعة يين (سالبة)؟ إنّ الممارس يجب أن يُوليَ أهمّية للتـّوازن بين اليين واليانق (الطبيعة السّالبة والطبيعة المُوجبة)، ولكن هُم، من كلّ أجسامهم تنبعث رائحة صمغ الصّـنوبر، وهُم مع ذلك يعتقدون أنهم مُـتقدّمون جدّا في ممارستهم.

 

 

 

من يُمارسْ يتحصّـلْ على القونق

 

من يُمارسْ يتحصّلْ عل القونق، هذه مسألة جذريّة. يسألني الآخرون ماهي امتيازات الفالون دافا، جوابي هو أنّ الفالون دافا يستطيـع أن يُمكّنَ من بلوغ الحالة التي يُمارس فيها القونق تأثيرًا على الإنسان وهكذا يتمّ اختصار الوقت المُخصّص للممارسة ؛ أنه يستطيـعُ أن يحُلّ مشكلة ضيق الوقت من أجل الممارسة ؛ بما أنّ القونق يجعلـُكم في حالة ممارسةٍ بصفةٍ دائمةٍ. في الآن نفسه، طريقتـنا هي حقـّا طريقة تعهّد مُزدوج للرّوح والجسد، إذن فجسمُنا الفيزيائيّ يُمكن أن يشهَدَ تغيّرًا هائلاً. للفالون دافا امتياز آخر هامّ، لم أتحدّث عنه أبدًا في السّابق، ها نحنُ اليوم نكشِفُ عنه. نظرًا لأنّ ذلك يتضمّنُ مُشكلة كُبرى تعود إلى ماض بعيد جدّا ويُؤثــّرُ على نطاق واسع جدّا في أوساط الشّيولين ؛ لم يجرُؤ أحدٌ عبر التاريـخ على الكشف عنه، وقد كان على أيّة حال ممنوعًا فعلُ ذلك، ولكن إن لم أتحدّثْ عنه، لن يستقيم الأمرُ أيضًا.

 

بعض التلاميذ يقولون: "كلّ كلمةٍ من كلمات المُعلـّم الأكبر"لي هونق جي" هي من أسرار السّماء، إنه بوْحٌ بأسرار السّماء." ومع ذلك، ما نقوم به هو حقـّا هداية الناس إلى المستويات العالية، أي إنقاذ الكائنات البشريّة. يجبُ أن نتحمّلَ مسؤوليّتكم جميعـًا، وبما أننا قادرون على الاضطلاع بهذه المسؤوليّة، فهي إذن لم تعُدْ إفشاءًا لأسرار السّماء. بينما كشفٌ اعتباطيّ دون تحمّل المسؤوليّة لا يُمكن إلاّ أن يكون إفشاءًا لأسرار السّماء. اليومَ، سنـُميط اللـّثامَ عن هذه المسألة: من يُمارسْ يتحصّلْ على القونق. في نظري، كلّ الطرق الحاليّة، بما فيها طرق مدرسة بوذا، مدرسة الدّاوو ومدارس البوّابة الخاصّة التي يتمّ تناقلـُها منذ القديم دائمًا، كلـّها تركت الرّوح الثانويّة (الوعي الثانويّ) تتحصّل على القونق. التسو يوانشان الذي نتحدّث عنه هنا، يعني الوعي الذاتيّ، الشّخصيّ، كلّ شخص يجبُ أن يعلمَ فيم يُفكّرُ وما الذي يفعلهُ، هذه هي الذات الحقيقيّة. ولكنكم تجهلون تمامًا ما يفعله الفو يوانشان. رغم أنه وُلِدَ في نفس الوقت الذي وُلِدتَ فيه أنتَ، يحملُ نفس اسمِكَ، يملِكُ نفس جسمِكَ ويُشبهُكَ تمامًا، ولكن للحديث بدقــّةٍ هو ليس أنتَ.

                                                                                                                                       

هنالك قانون في هذا الكون، من يخسرْ يَربحْ، من يتعهّدْ ويُمارسْ يتحصّـلْ على القونق. كلّ الطرق التي وُجدِت في التاريخ علـّمت الناس أن يدخلوا أثناء ممارستهم في حالةٍ تـُشبه النعاسَ، دون التفكير في شيءٍ، لكي يدخلوا فيما بعدُ في تركيز عميق، وفي الأخير يُصبحون لا يعلمون شيئًا. بالنسبة للبعض ثلاث ساعاتٍ من التأمّل في وضعيّة الجلوس تمرّ في طرْفة عين ٍ، ونجدُ الآخرين مُعجبين بقوّة تركيزهم. هل قاموا حقـّا بالممارسة ؟ هم أنفسُهم لا يدرون شيئًا عن ذلك. الطرق الطاويّة خُصوصًا تذكرُ أنّ بعد موت "الشّيشان، shishen" (روح الحواسّ)، يُولدُ  يوانشان (الرّوح الأصليّة). ما تـُسمّيه هي "شيشان" هو تسو يوانشان عندنا، وما تـُسمّيه هي يوانشان هو فو يوانشان عندنا. إن ماتت روح حواسّكَ (شيشان) فقد مُتّ فعلاً، روحك الأصليّة (تسو يوانشان) لم يعُدْ لها وجود في الواقع. مُمارسو طرق أخرى يقولون: "أيّها المعلـّم، عندما أمارسُ، لا أعود أعرفُ أحدًا من أفراد عائلتي." هناك أيضًا ناس يقولون لي: "أنا لا أفعل مثل الآخرين الذين يستيقظون في ساعةٍ مبكّرةٍ صباحًا وينامون في ساعةٍ متأخّرةٍ ليلاً ليقوموا بالممارسة، أنا لا أفعلُ شيئًا سوى أن أتمدّدَ على الأريكة حال عودتي إلى المنزل، وفي نفس الوقت الذي يخرج فيه منـّي "أنا" للقيام بالممارسة، أبقى مُمدّدًا وأنظر إلى نفسي وأنا أمارسُ." أنا أجد هذا مُؤسفـًا، رغم أنه ليس مُؤسفـًا في نهاية الأمر.   

                                                                                                                                                  

 لماذا منحُ الخلاص للـفو يوانشان ؟ "لو دونقبين،Lu Dongbin" ترَكَ هذه الجملة: "نودّ لو نمنحُ الخلاص للحيوانات أفضل من البشر." إنّ الإنسان حقـّا يستفيقُ بعناءٍ بالغ، لأنّ الناس العاديّين يُضلـّلهم مُجتمع الناس العاديّين، ولا يستطيعون نزع روح تعلـّقهم إزاء مصالحهم الفعليّة. سَترَوْنَ، البعض حالما سيخرجون من القاعة بعد الدّرس، سيعودون أناسًا عاديّين، ولن يغفِروا لأيّ أحدٍ يُلحق بهم الضّرر أو يمسّ منهم. بعد مُضيّ فترةٍ، لن يعتبروا أنفسهم ثانية ً ممارسين بتاتـًا. عبر التاريـخ، كثير من الأشخاص الذين يتعهّّدون ويُمارسون في الطريقة عاينوا فيما مضى هذه النقطة، أنّ الإنسان يصعُبُ جدّا تخليصُه، والسّبب هو أنّ روحه الفاعلة (تسو يوانشان) ضلـّت كثيرًا في الوهم والسّراب. البعض يتمتـّعون بدرجة وعي جيّدةٍ، ويستطيعون أن ينتبهوا عند أدنى إشارةٍ. البعض لا يُصدّقون حتـّى لو تتحدّثون عن ذلك بطريقةٍ ضافيةٍ، هم يعتبرون ماتقولونهُ ادّعاءاتٍ فارغة ً. رغم أننا أوصيناهم كثيرًا بتعهّد طبيعة أخلاقهم، فحالما يرجعون وسط الناس العاديّين، يتصرّفون مرّة أخرى كما يحلو لهم. هم يعتقدون أنّ المصالح الفعليّة، المحسوسة والملموسة للناس العاديّين هي جوهريّة أكثر، وأنها هي التي يجبُ أن يسعى المرءُ في طلبها. الشّرع الذي فسّره لهم المعلـّم يبدو لهم معقولاً أيضًا، ولكن صعبٌ جدّا تطبيقهُ. الأمر الأكثر صعوبة هوتخليص تسو يوانشان الإنسان، بينما الفو يوانشان يستطيـعُ أن يرى مشاهد العوالم والسّماوات الأخرى. لهذا السّبب يُفكّرون إذن: "لماذا أكلـّـفُ نفسي عناء تخليص روحك الفاعلة ؟ روحك الثانويّة تنتمي إليك أيضًا، أليس تخليصُها عبارة ً عن نفس الشّيء ؟ الإثنتان هُما أنتَ، لا يهمّ من منهما تظفـَـرُ بالخلاص، في كلتا الحالتين، ستكونُ أنت الذي تظفـَـرُ به."                                                  

 

فلْـنتحدّث عن وسيلتهم الفعليّة في الشّيولين. لو أنّ الإنسان مُزوّد بقدرة الرّؤية عن بُعدٍ، يُمكن أن يرَى هذا المشهد: عند ممارستكَ في وضعيّة الجلوس، في الثانية التي تدخلُ فيها في التركيز، ترى شخصًا مماثلاً لك تمامًا يُبادرُ بالخروج من جسمك. ولكن، كيف لك أن تـُميّزَ أين تـُوجدُ ذاتـُك الحقيقيّة ؟ إنها جالسة هنا. ترَوْن أنه بعد خروج الآخر، يحمله المعلـّم للتعهّد والممارسة في عالم صيّرَهُ لهُ، ربّما يتمثـّلُ في شكل مجتمع من الماضي، أو مجتمع حديثٍ، أو مجتمع في عالم آخر، يُلقــّنه المعلـّم الممارسة، يتحمّلُ كثيرًا من المشاقّ، ويدوم هذا ساعة ً أو ساعتين في اليوم. عندما يعودُ إثرَ الممارسة، أنت أيضًا تـُـفيقُ من التركيز، هذه هي الوضعيّة التي يُمكن رُؤيتـُها.

                                                                                               

 

ولكنّ الأمر مُثير أكثر للشّـفقة عندما لا يرى المرءُ ذلك. في صورة كونه لا يعلمُ، فهو يقضي، في حالة وعي ملتبس، ساعتين من التركيز ويخرج منها أخيرًا. هناك ناس ينامون، ينامون ساعتين أو ثلاث ساعاتٍ ويعُدّون ذلك ممارسة القونق في حين أنهم أسلموا أنفسهم كلـّيـًا للآخرين. يتمّ هذا مدّة فتراتٍ مُـنتظمة، كلّ يوم يُقضّي المرءُ فترة ً مُعيّـنة ً في الممارسة في وضعيّة الجلوس. هناك أيضًا الممارسة التي تتمّ دُفعة ًواحدة ً، ربّما سمعتم ما يُقالُ عن بودّهيدارما الذي مارس التأمّل قبالة جدار مدّة تسع سنين، في الماضي، كان هناك العديد من الرّهبان يجلسون دُفعة واحدة طيلة عدّة عشريّاتٍ من السّـنين، الممارسة الجالسة الأطول عبر التاريـخ دامت حسب الوثائق أكثر من تسعين (90) سنة ً، وقد وُجدَ أيضًا أطولَ منها. كان المرءُ يبقى جالسًا هناك، فوق أجفانه طبقة كثيفة جدّا من الغـُبار وقد نبَتَ العُشبُ على جسمه. بعض الطرق الطاويّة تتحدّث أيضا عن هذا، وخاصّة بعض طرق مدرسة البوّابة الخاصّة تتحدّث عن النـّوم، ينام المرء دفعة ً واحدة ً طيلة عدّة عشريّات من السّـنين دون أن يُفيق ودون أن يخرج من حالة التركيز. ولكن من الذي قام بالممارسة ؟ إنه الفو يوانشان الذي خرج لِيقومَ بالممارسة، لو كان بالإمكان، لرأينا المعلـّم يصطحبُ الفو يوانشان للممارسة. هذا الأخيرُ يُمكن أيضًا أن يكون قد سجّل كثيرًا من الكارما، والمعلـّم ليس قادرًا على إزالتها كلـّها. فيقول له إذن: "مارسْ هنا بجدّيةٍ، سأخرجُ قليلاً، وسأعودُ بعد وقتٍ قصير، انتظرني."  

                                                                                                                                               

 رغم أنّ المعلـّم يعلمُ ما سيحدثُ، إلاّ أنه لا يستطيـعُ التصرّف بخلاف ذلك. فيما بعدُ، يأتي الشّيطان لِـيُفزعَ المُريد، أو يستحيلُ إلى فتاةٍ جميلةٍ لِيُغريه، شتـّى أنواع الأشياء يُمكن أن تحدُثَ. وعندما يراه صامدًا حقـّا، إذ أنّ الفو يوانشان يستطيـعُ أن يتعهّد بسهولةٍ أكثرَ بما أنه يستطيـعُ أن يعلمَ حقيقة الأشياء، يتملـّـكُ الشّيطانَ الغيظ ويُريدُ أن يقتـُلـَه، ولكي ينتقمَ يقـتـُلـُه فعلاً، هذه المرّة تمّ سدادُ الدّين. بعد هذا المقتل، يبتعدُ الفو يوانشان عن جسمه طائرًا مثل سحابةٍ من الدّخان الخفيف. ويتجسّدُ من جديدٍ، فيُولدُ في أسرةٍ فقيرةٍ جدّا، ويُقاسي مِحَنـًا منذ طفولته، وحالما يبلغ سنّ الرّشد، يأتي معلـّمه باحثـًا عنه، وطبعًا لم يعُدْ يتعرّف إليه. فيستخدم المعلـّم إذن قدرة قونق لِيُطلقَ ذاكرته المُخزّنة، وسريعًا ما يتذكّرُ، أليس هذا هو المعلـّم ؟ ويقول له المعلـّم: "يكفي الآنَ، يُمكنك أن تـُمارسَ." وهكذا تمرّ أعوام كثيرة، يُلقـّـنه المعلـّم فيها كلّ المعرفة.

                                                                                                                                         

 بعد نهاية التلقين، يقول له المعلـّم: "لا تزالُ هناك كثير من التعلـّقات عليك مفارقتها، اخرج لتعيشَ حياة التشرّد." حياة التشرّد قاسية جدّا، يهيمُ في المجتمع، يتسوّلُ ويلتقي مُختلفَ أنواع الناس، يسخرون منهُ، يشتمونهُ ويُهينونهُ، يُمكن أن يُلاقي شتـّى أصناف الأشياء. هو يعتبرُ نفسه ممارسًا، يتدبّر جيّدًا علاقاته بالناس، يُحافظ على طبيعته الأخلاقيّة والنفسيّة ويرفعها باستمرار، ويبقى دون مبالاةٍ أمام إغراءات مصالح الناس العاديّين، وبعد مرور أعوام كثيرة يعود من هذا التشرّد. يقول له المعلـّم: "لقد وصلتَ إلى الطريق والسّّعادة الكاملة، لم يعُدْ لك شيءٌ تفعُلهُ، ارجعْ إلى منزلك وهيّءْ نفسك للرّحيل، ما عليك فعلهُ هو تصفية أمورك الخاصّة بحياة الناس العاديّين." إذن، بعد كلّ تلك السّـنين، يرجع الفو ييشي، ومع رُجوعه، يخرج التسو يوانشان من جهته من تركيزه، يُفيقُ التسو ييشي من رقادِهِ.

                                                                                                                                          

ولكنه مع ذلك، لم يتعهّد ويُمارس حقـّا، إنه الفو يوانشان الذي قام بذلك، إذن فالفو يوانشان هو الذي يتحصّـل على القونق، ولكنّ التسو يوانشان تعذب هو أيضًا، بعد كلّ شيءٍ، لقد قضّى كلّ شبابه في الممارسة في وضعيّة الجلوس، وعُمُره كإنسان عاديّ قد انقضى كلـّه. إذن ما العملُ ؟ إنه يُحسّ أنه مُزوّدٌ الآن بالقونق وأنه يمتلكُ قدرات وخوارق القونق بعد خُروجه من التركيز ؛ إن أراد أن يُمارس المُداواة أو يفعل شيئًا آخر، يستطيـع أن يفعلَ ما يُريدُه، والفو يوانشان يُلبّي له طلباته. لأنه مهما يكُنْ هو التسو يوانشان، إنه هو سيّد الجسم ولهُ تعودُ الكلمة الأخيرة. وعلى كلّ حال، لقد قضّى تلك السّنين الكثيرة جالسًا هناك، وكلّ حياته مرّت وانتهت. وعندما تنتهي هذه الحياة، يُفارقه الفو يوانشان وكلّ يُواصلُ طريقه. حسب البوذيّة، سيكونُ عليه أن يدخُلَ مرّة ً أخرى في دروب التجسّد السّـتة. وبما أنه من جسمهِ قد خرج مُتيقظ كبير بواسطة الشّيولين، فقد جمعَ هو أيضًا كمّية ًكبيرة ً من الدّو، كيف العملُ إذن ؟  سيشْغـَـلُ منصبًا مرموقـًا أو يكون صاحب ثروةٍ طائلةٍ في حياته المُقبلة. ليسَ غيرَ هذا، إذن ألم يتعهّدْ ويُمارسْ سُدىً ؟ 

                                                                                                                                         

 إن تمكّـنـّا من كشف حقيقة هذه المسألة، فليس ذلك إلاّ بعد مُلابساتٍ جمّةٍ إثرَها حصلنا في النهاية على الإذن بفعل ذلك. لقد كشفتُ النـّقاب عن لـُغز كان مصونـًا منذ الأزل، سرّ الأسرار الذي لا يُمكن لأحدٍ أن يتطرّقَ إليه على الإطلاق، لقد أبرزتُ أعماق أعماق حقيقة كلّ طرق الشّيولين التي وُجدتْ. ألم أقلْ أنّ ذلك يرتبط بجذور ضاربة في العُمق في التاريـخ ؟ هذه هي الأسباب. فكّروا، أيّ مذهبٍ وأيّ طريقةٍ لا يقومان بالشّيولين هكذا ؟ لقد تعهّدتم طويلاً، ومع ذلك، ليس لكم قونق في نهاية الشّيولين، أليست هذه مأساة ً بالنسبة لكم ؟ ولكن من ستلومون ؟ إنّ الإنسان يتيهُ في السّراب إلى حدّ عظيم، إنه لا يستطيـعُ أن يفهَمَ اعتمادًا على درجة وعيه، رغم كلّ الإشارات التي تـُعطى لهُ، يظلّ لا يتوصّلُ إلى الفهم. إن تحدّثنا على مستوىً عال، يبدو له الأمر مُستحيل التصديق ؛ إن تحدّثنا على مستوى مُتدنّ، لا يستطيـع أن يرفع درجة فهمه. رغم كلّ ما قلتـُهُ، لا يزالُ هناك ناس يطلبون منـّي المُداواة، لم أعُدْ أدري حقـّا ماذا أجيبهم. نحنُ نتحدّث عن الشّيولين، لا نستطيـعُ أن نأخُذ َعلى عاتقنا سوى الذين يتعهّدون ويُمارسون نحو المستوى العالي.

                                        

 في مذهبنا، التسو ييشي هو الذي يحصلُ على القونق، ولكن هل يكفي قولُ ذلك لكي يحصُلَ التسو ييشي حقـّا على القونق ؟ من يسمحُ بذلك ؟ ليس الأمر هكذا، بل إنّ هذا يتطلـّبُ بالضّرورة شروطـًا مُسْبَقة ً. مثلما تعلمون، يقوم مذهبنا بالشّيولين دون الانفصال عن مجتمع الناس العاديّين، إنه لا يتجنـّبُ المُضايقات ولا يستثـني نفسهُ منها ؛ في المُحيط المُعقـّد للناس العاديّين، تتحمّلون خسائرَ في مجال المصالح بذهن واع ؛ عندما يستأثر الآخرون بمصالحكم، لاتدخلون في صراعات وشجارات مثل الآخرين ؛ في كلّ الدّخائل التي تتحدّى السين سينغ تـكونون في وضع المُعتدى عليه ؛ إنه في ذلك الوضع القاسي حيثُ تسبكون عزيمتكم وترفعون طبيعة أخلاقكم ونفوسكم، وترتفعون فوق تأثير كلّ ضروب الأفكار الخبيثة للناس العاديّين.

 

 فكّروا، ألستم أنتم الذين تـُقاسون مِحَنـًا بذهن واع جليّ ؟ أليست روحكم الفاعلة هي التي تقوم بالتضحية ؟ ألا تفقدون مصالحكم وسط الناس العاديّين بذهن يقظٍ ووعي تامّ ؟ إذن، هذا القونق يجبُ أن يعودَ إليكم، من يخسرْ يكسبْ. هذا هو السّبب الذي من أجله يتعهّد مذهبنا ويُمارس دون الانفصال عن البيئة المُعقـّدة للناس العاديّين. لماذا علينا أن نتعهّد ونـُمارسَ وسط صراعات الناس العاديّين ؟ بالضّبط لأننا نـُريد الحصول نحنُ أنفسنا على القونق. في المستقبل، التلاميذ المُحترفون الذين يتعهّدون ويُمارسون في المعبد سيكون عليهم أن يخرجوا ويهيموا بين الناس العاديّين.                                                                                                                                                               

 

البعض يقولون: "حاليّا، هناك طرق تشيكونق أخرى تـُمارَسُ أيضًا وسط الناس العاديّين، أليس كذلك ؟" ولكنها كلـّها تهدفُ لشفاء الأمراض والحفاظ على الصّحة، بينما الشّيولين الحقيقيّ نحو المستوى العالي لا أحد يُبلـّغه للعامّة، الوحيدون الذين يـُبلـّغون ذلك الشيولين هم الذين يتـّخذون مُريدًا واحدًا. أولئك الذين لديهم حقـّا في عُهدتهم مُريدون، قد اصطحبوهم بعيدًا لتلقينهم الطريقة سرّاً. أثناء هذه السّـنين العديدة الماضية، من تكلـّم عنها على الملأ ؟ لا أحد. عندما يتحدّث عنها مذهبنا، فلأنّ تلك هي طريقتنا في الشّيولين، لا نحصُلُ على القونق سوى بتلك الكيفيّة. وفي الآن نفسه، آلاف وآلاف الأشياء التي علينا أن نـُزوّدكم بها في مذهبنا، ستـُعطى كاملة ً لروحكم الفاعلة، لكي تحصلوا أنتم أنفسكم حقـّا على القونق. لقد قلتُ أنني فعلتُ شيئًا لم يفعله السّابقون أبدًًا، لقد فتحتُ أكبر بابٍ. البعض قد فهموا هذا، أنا لا أقول شيئاً مُبالغـًا فيه. أنا لي عادة، لو مثلاً عندي ارتفاع بعشرة أقدام، لا أعلنُ سوى عن قدم واحدةٍ، ربّما تظنـّون أنني أتباهى. ولكن في الواقع، لم أبُحْ سوى بقـلـّةٍ قليلةٍ، بينما الشّرع الأكبر الذي هو أعلى وأعمق بكثير، فنظرًا للهوّة الشّاسعة التي تفصِلُ بين المُستوَيَيْن، لا أستطيـعُ أن أكشفهُ لكُم مُطلقـًا.

                                                                                                       

بهذه الكيفيّة، يتمّ التعهّد والممارسة في مذهبنا، نترككم حقـّا تحصُلون على القونق بأنفسكم، إنها أوّل مرّةٍ يحدث فيها هذا منذ خلق السّماء والأرض، ويُمكن أن تـُراجعوا التاريـخ. يكمن الامتياز في كونكم تحصلون على القونق بأنفسكم، وفي المُقابل، هذا صعبٌ أيضًا. في المحيط الشّائك للناس العاديّين، في صُـلب مشاحنات السين سينغ بين الناس، يجب أن تسمُوا ووتتجاوزوا كلّ ذلك، هذا الصّعب. الصّعوبة هي أنّ المرء يخسرُ، وهو في تمام علمه ووعيه، مصالحه في مجال شؤون الناس العاديّين ؛ إزاء المصلحة الشّخصيّة، تبقوْنَ دون اكتراثٍ أم لا، في الصّراعات والمُؤامرات بين الناس، تبقوْن دون اكتراث أم لا ؛ عندما يُصابُ أصدقاؤكم وأقرباؤكم بمصائب، تبقوْن دون اكتراث أم لا، النظرة التي تـُقيّمون بها ذلك، هذه هي الصّعوبة في أن يكون المرءُ ممارسًا ! أحدهم قال لي: "أيّها المعلـّم، يكفينا أن يكون الواحد منـّا شخصًا طيّبـًا وسط الناس العاديّين لِيُمكنه بلوغ الكمال في الشّيولين ؟" لقد أحزنني فعلاً سماعُ ذلك ! لم أقل له شيئًا. هناك أصناف شتـّى من الشّيولين، كلّ يفهمُ كما يقدرُ ، من يفهمْ يجْن ِ.

 

لقد قال لاوو تسي: "الطريـق الذي يُمكن الإفصاح عنه ليس الطريـق الخالد". لو كان بالإمكان النجاح في الشّيولين بسهولةٍ كما لو كان يتمّ التقاطه من الأرض، لن يبقى ثمينـًا كما هُوَ. مذهبنا يجعلُ من المُضايقات والصّعوبات هي الإطار الذي تحصلون فيه على القونق بأنفسكم، لهذا يجبُ أن ننضبط َإلى أكثر حدّ ممكن بضوابط حياة الناس العاديّين ؛ ولكن لن نجعلكم حقـّا تخسِرون شيئًا من الناحية الماديّة. ومع ذلك، يجبُ أن ترفعوا طبيعة أخلاقكم ونفوسكم في هذا المحيط الماديّ. هذا هو الامتياز، مذهبنا هو الأنسبُ لأنّ المرء يستطيـع أن يتعهّد ويُمارس بين الناس العاديّين وليس في حاجةٍ إلى أن يقطعَ الأواصرَ مع العالم. ولكن هنا أيضًا السرّ في أنه الأصعبُ، يجبُ على المرء أن يتعهّد ويُمارسَ في البيئة الأكثر تعقيدًا، التي هي بيئة الناس العاديّين. وامتيازه الأكبر يكمُن أيضًا هناك، لأنه يجعلكم تحصلون أنتم أنفسكم على القونق، هذا هو الأمر الجذريّ في مذهبنا، اليوم كشفتـُه لكم. طبعًا، عندما يحصل التسو يوانشان على القونق، يحصل عليه الفو يوانشان كذلك، لماذا ؟ مثله مثل كلّ البرامج، وكلّ الكائنات الروحيّة لجسمكم، وخلاياكم، كلـّها تنمّي طاقتها (القونق). ولكنه سيبقى دائمًا دونكَ، أنت السّيد، وهو حافظ الشّرع.                                   

 

أضيفُ بعض الكلمات إلى ما سَبَقَ. في أوساط الشيولين، هناك أشخاص عديدون أرادوا منذ القديم التعهّد والممارسة نحو مستوى علويّ. سافروا في كلّ مكان بحثـًا عن الشّرع وأنفقوا مالاً كثيرًا، ولكنهم لم ينجحُوا في العثور على معلـّم معروفٍ ونيْـل القبول منه رغم أنهم جابوا البلاد من شمالها إلى جنوبها. معلـّم معروف ليس بالضّرورة معلـّمًا عارفـًا. وهكذا أجهدوا أنفسهم بدون فائدة، أرهِقوا وأنفقوا الأموال، ولكنهم لم يحصلوا على شيءٍ. وها أنّ طريقة ممتازة ً جدّا تـُعرَضُ اليوم عليكم، ها أنا أقدّمها بين يديكم وأضعها على عتبة بابكم. يبقى أن نرى هل أنتم قادرون على التعهّد، هل أنتم قادرون على النجاح. إن كنتم قادرين، أتمّوا تعهّدكم وممارستكم ؛ إن كنتم غير قادرين ولا تستطيعون التعهّد، لا تعتقدوا أنكم ستتعهّدون وتـُمارسون في المستقبل. لن يبقى هناك أحد لتعليمكم، إلاّ الشيطان الذي يـُغرّرُ بكم، لن تتمكّـنوا بعدها من التعهّد. إن كنتُ غير قادر على تخليصكم، لا أحد سيقدِرُ على ذلك. في الحقيقة، إذا كنتم تـُريدون العثور الآن على معلـّم حقيقيّ في الشّرع الحقّ لِيُعلـّمكم، فهذا أصعبُ بكثير من الصّعود إلى السّماء، لم يعُدْ هناك أحد يعتني بهذا. في فترة نهاية الشّرع، حتـّى الدّرجات العالية جدّا مُعرّضة هي أيضًا لخطر الفساد في "الكالبا، kalpa" الأخير، لم يعُدْ أصحابها يستطيعون أن يُكلـّفوا أنفسهم عناء الاهتمام بالناس العاديّين. مذهبنا هو الأنسبُ، ثمّ إنّ الممارسة تنطبقُ مباشرة على الطبـع الخاصّ بالكون، مسار الشّيولين هو الأكثر سُرعة ً وقِصَرًا، تتمثـّـل الطريقة في استهداف قلب الإنسان مُباشرة.

 

                                                                                                                                                 

 

الدورة السماويـة "جو تيان، Zhoutian"

 

في المدرسة الطاويّة، يتحدّثون عن الدّورة السّماوية الكُبرى والدّورة السّماوية الصّغرى، إذن سنـُوضّح ماهي الدّورة السّماوية. تلك التي يتحدّثون عنها في العادة، هي وصْلُ القنوات (قنوات الطاقة، الميريديانات) "رنماي، Renmai" المُسيّرة والقنوات المُشرفة "دوماي، Dumai"، هذه الدّورة السّماوية هي دورة سماويّة سطحيّة وليست ذات أهمّية، إنها لا تصلحُ سوى للمُداواة والحفاظ على الصّحّة، وتـُسمّى الدّورة السّماوية الصّغرى. هناك أيضًا صنف آخر من الدّورات السّماوية، لا يُسمّى لا الدّورة السّماوية الصّغرى ولا الدّورة السّماوية الكُبرى، إنه نوع من الدّورات السّماوية ينتمي لشيولين التأمّل العميق. إنه يتحرّك داخل الجسم، يقوم بالدّوران عبر قناة موضع الغدّة الصّـنوبرية لِيَنزلَ فيما بعد، يخترقَ باطن الجسم إلى حدود الدّانتيان ويدورَ مرّة  أخرى لِيَصْعَدَ ؛ إنها دورة داخليّة، إنها دورة سماوية حقيقيّة يتمّ تعهّدها وممارستها أثناء التأمّل العميق. بعد تكوّنها، يُمكن أن تخلق هذه الدّورة السّماوية سيلاً من الطاقة قويّا وجارفـًا، من شأنه وحدَهُ أن يجُرّ معه كلّ القنوات الأخرى للجسم ويُطهّرها. تتحدّث المدرسة الطاويّة عن الدّورة السّماوية، والبوذيّة لا تتحدّث عنها. ماذا تقول الدّيانة البوذيّة بهذا الشّأن ؟ طيلة فترة تبليغه للشّرع، لم يتحدّث ساكياموني عن القونق، لم يذكر القونق، ومع ذلك طريقته لها أيضًا شكلها الخاصّ في التحوّل أثناء الشّيولين. كيف تتمّ دورة القنوات في البوذيّة ؟ عندنا أوّلاً قناة بايهوي يتمّ فتحُها كاملة ً، ثمّ تنزل الدّورة في شكل لولبيّ من قمّة الرّأس إلى أسفل الجسم، وبهذه الكيفيّة يتمّ في النهاية تطهير كامل القنوات.

 

القناة المحوريّة في المدرسة الباطنيّة لها أيضًا نفس الهدف. البعض يقول أنه لا تـُوجد قناة محوريّة "جونقماي، Zhongmai"، لماذا يقوم شيولين المدرسة الباطنيّة بتعهّد وممارسة قناة محوريّة ؟ في الحقيقة قنوات الجسم جميعها تعُدّ أكثر من عشرة آلافٍ، وهي تتشابكُ مثل الأوعية الدمويّة وعددها يفوق هذه الأخيرة. إن كان لا يُوجد أوعية دمويّة بين الأحشاء، فإنه تـُوجد قنوات بينها. إذن، الجسم البشريّ مليء بالقنوات المُتقاطعة من أعلى الرّأس إلى كلّ طرفٍ من الجسم، يتمّ وصْلها بعضها ببعض. ربّما لا تكون سويّة ً في البداية، فيتمّ تطهيرها، ثمّ يتمّ توسيعها شيئًا فشيئًا إلى أن تـُكوّن تدريجيّا قناة مُستقيمة  تمامًا. هذه القنوات تدورُ حول محورها جارّة ًمعها بعض العجلات الخياليّة التي تدورُ على مساحة مُسطـّحة، والغاية من هذا أيضًا هو تطهير كلّ قنوات الجسم.

 

شيولين مدرستنا الفالون دافا يتجنـّب هذه الطريقة في جرّ كلّ القنوات عن طريق إحداها، إنه يطلبُ منذ البداية تطهير كلّ القنوات في نفس الوقت، دورة ً لكلّ القنوات في نفس الوقت. ممارستنا تنطلق منذ البداية على مُستوًى عال جدّا، مُتجنـّبة ً أشياء المُستوى السفليّ. بالنسبة لجرّ كلّ القنوات من طرف واحدةٍ لتطهيرها تمامًا، البعض لا يبلغ هذا الهدف حتـّى عبر ممارسةٍ طيلة حياة كاملةٍ ؛ البعض يجبُ أن يتعهّدوا ويُمارسوا طيلة عشرات السّنين لِيُحققوا ذلك، إنه عسيرٌ جدّا. في كثير من الطرق، يُقالُ أنه من المستحيل النجاح في الشّيولين أثناء حياةٍ واحدةٍ، بينما في كثير من الشّرائع الكُبرى ذات المُستوى العالي جدّا والعميق، يستطيـع الممارسون أن يمُدّوا في أعمارهم، أليست تتحدّث أيضًا عن تعهّد الجسد (شيو مينغ) ؟ مع  ذلك الإمداد في العُمر  يستطيعون أن يُواصلوا الشّيولين، الذي يُمكن أن يدومَ طويلاً جدّا.

 

إن كانت الدّورة السّماوية الصّغرى مُوجّهة أساسًا لتبديد الأمراض والحفاظ على الصّحة، فإنّ الدّورة السّماوية الكُبرى تـُمثـّل في حدّ ذاتها الممارسة، إنها البداية الفعليّة للشّيولين. إنّ الدّورة السّماوية الكُبرى المذكورة في المدرسة الطاويّة ليست قويّة ً كدورتنا التي تهدفُ إلى تطهير كامل لكلّ القنوات. إنّ الأولى تكتفي ببعض القنوات، إنها تتبـعُ القنوات يين الثلاث والقنوات يانق الثلاث في اليدين، تمرّ عبر أسفل القدمين، السّاقين، إلى الشّعر، تسري في كلّ الجسم لتقوم بدورةٍ تامّةٍ، هذا هو مسار دورتهم السّماوية الكُبرى. إنّ الدّورة السّماوية الكُبرى هي دلالة منذ البداية على الممارسة الحقيقيّة، لهذا السّبب بعض مُعلـّمي التشيكونق لا يُلقـّـنون الدّورة السّماوية الكبرى، ما يُلقـّـنونه ليس سوى أشياء من أجل المُداواة والحفاظ على الصّحة. رغم أنّ بعضهم يتحدّثون أيضًا عن الدّورة السّماويّة الكُبرى، إلاّ أنهم لا يُزوّدونكم بشيءٍ، ولا تستطيعون تطهير القنوات بأنفسكم. دون أن تكونوا مُزوّدين بشيءٍ وفقط بالاعتماد على نشاطكم الفكريّ "يينيان"، تـُريدون أن تـُـطهّروها، الكلام سهل حقـّا !! إنكم كما لو كنتم تقومون بحركات رياضيّة، هل يُمكن تطهيرها هكذا ؟ إنّ التعهّد يتوقّفُ على الشّخص والقونق يتوقّف على المُعلـّم "شيو تساي تسي دجي، قونق تساي شي فو، xiu zai zi ji gong zai shifu"، هذا لن يبدأ في الاشتغال إلاّ عندما يتمّ تزويدكم بصفةٍ كاملةٍ بهذا "النظام الآليّ" الداخليّ.

 

ترى المدرسة الطاويّة منذ القديم أنّ الجسم البشريّ هو كون مُصغـّر، مُعتبرة ً أنه مهما كان الكون كبيرًا من الخارج، فلهُ نفس الكِبَر من الدّاخل، وأنه مثلما يتجلـّى الخارج في شكل، يتجلـّى الدّاخل في شكل نظيرَهُ. هذا التفسير يبدو غير قابل للتصديق وعسير الفهم. هذا الكون يبدو شاسعًا جدّا، كيف نـُقارنه بالجسم البشريّ ؟ سنـُفسّرُ لكم هذا القانون ؛ علوم الفيزياء الحديثة تشتغل على أبحاثٍ حول عناصر المادّة، انطلاقـًَا من الجُزيئات، الذرّات، الالكترونات، البروتونات، الكواركز، وُصولاً إلى النوترينو، ولكن ما سيكون حجم العناصر المُجزّأة أكثر ؟ وُصولاً إلى هذا الحدّ، لم يعُد من الممكن رؤية شيءٍ بالمجهر، لو نـُجزّء أكثر فأكثر، ماذا ستكونُ الجُزيئات المُـتناهية في الصّغر ؟ لا نعلمُ شيئًا. في الواقع، خُلاصة فيزياءنا الحديثة تبقى بعيدة جدّا عن معرفة الجُزيئات المُتناهية في الصّغر لهذا الكون. عندما يُفارق الإنسان جسدهُ، يُمكن أن تقومَ عيناهُ بدور مُكبّر وتـُبصِرا بصفةٍ مجهريّةٍ. كلـّما ارتقى المرءُ في الدّرجة كلـّما أبصَرَ بصفةٍ مجهريّةٍ أكثر.

 

 لقد تحدّث ساكياموني، من مُنطلق الدرجة التي حقـّقها، عن نظريّة الثلاثة آلاف عالم العملاقة ؛ هذا يعني أنه في مجرّتنا، هناك أيضًا ناس آخرون لهم أجساد مثل الكائنات البشريّة عندنا. وقد تحدّث كذلك عن نظريّة حبّة الرّمل التي تضُمّ ثلاثة آلاف عالم عملاقة، الأمر الذي يُوافق معارف فيزياءنا المُعاصرة. ما الفرق بين دَوَران الالكترون حول الذرّة ودَوَران الأرض حول الشّمس ؟ وهكذا، قال ساكياموني أنه، على مُستوى رُؤيةٍ مجهريّةٍ، تـُوجد ثلاثة آلاف عالم عملاقة في حبّة رمل، أي عالم يحتوي على حياةٍ وموادّ. إن كان هذا صحيحًا، فكّروا، أليس هناك أيضًا رمالٌ في العوالم التي تحتويها حبّة الرّمل هذه ؟ ثمّ أليس هناك ثلاثة آلاف عالم عملاقة في حبّةٍ من هذه الرّمال ؟ ثمّ أليس هناك أيضًا رمالٌ في الثلاثة آلاف عالم العملاقة التي تحتويها حبّة الرّمل هذه ؟ يُمكن أن نستمرّ هكذا إلى ما لا نهاية. من أجل ذلك قال ساكياموني، مع أنه كان قد بلغ درجة تاتهاقاتا، هذه العبارة: "كبير إلى حدّ أنه ليس هناك خارج، صغير إلى حدّ أنه ليس هناك داخل." الكون كبير إلى حدّ أننا لا نـُبصرُ حدوده، وصغيرٌ إلى حدّ أننا لا نـُبصرُ أصغر جُزَيْئ من مادّته الأصليّة.

 

بعضُ معلـّمي التشيكونق يقولون: "في واحدة من مسامّ الجسم، هناك مُدُن، تسيرُ فيها قطارات وسيّارات." يبدو هذا غير معقول، ولكن لو نحاولُ أن نفهمَ وندرُسَ حقـّا على المستوى العلميّ، لن نجد هذا القولَ غير معقول. عندما تحدّثتُ عن فتح التيانمو في اليوم الفارط، كثير من الناس رَأوْا الرّؤيا التالية عندما فـُتـِـحت عيونهم الثالثة: يرَوْن أنفسهم يركُضون نحو الخارج طيلة ممرّ داخل الجبهة، مع الإحساس بأنهم لا يبلغون النهاية أبدًا. كلّ يوم، أثناء الممارسة، يَرى المرءُ نفسهُ يعدو طيلة هذه الطريق الواسعة المحفوفة بالجبال والمياه، مُجتازًا مُدنـًا ومارّاً بناس كثيرين. يُراوده الإحساس أنّ ذلك وهمٌ. ما الذي يحدُثُ ؟ إنها رُؤية واضحة جدّا، ليست وهمًا. أنا أجزم أنه إن كان الجسم البشريّ في المستوى المجهريّ شاسعًا إلى الحدّ الذي ذكرناه، فليس إذن وهمًا. لأنّ المدرسة الطاويّة، تعتبرُ في ممارستها منذ القديم، الجسم البشريّ كونـًا. إذن، إن كان حقـّا كونـًا، فالمسافة من الجبهة إلى الغدّة الصّـنوبرية تفوق مائة وثمانية آلاف "لي"*، بإمكانكم أن تـمضوا قــُدُمًا، فالطريق طويل.

 

 إذا تمّ تطهير الدورة السماويّة الكبرى بصفة كاملة أثناء التعهّد والممارسة، هناك قونقننق يُمكن أن يظهَرَ عند الممارس، أيّ قونقننق ؟ الكلّ يعلمُ أنّ الدّورة السّماوية الكُبرى تـُسمّى أيضًا الدّورة السّماوية "تسي وو، zi wu"، أو دورة  "تشيان كون، Qian kun"، أو أيضًا دورة "هو شو،He Che". وحتـّى على مستوى سطحيّ جدّا، دوران الدّورة السّماوية الكبرى يُكوّن سائلاً طاقيّـا، تزدادُ كثافته تدريجيّا وأثناء تدرّجه نحو مُستويات أعلى، يتحوّل إلى شريط من الطاقة ذا كثافةٍ كبيرةٍ جدّا. شريط الطاقة هذا يتحرّك، وأثناء دَوَرانِهِ، لو ننظرُ إليه عبر التيانمو على مُستوىً سطحيّ، نكتشفُ أنه يستطيـعُ أن يُحرّك التشي داخل الجسم: تشي القلب ينزاحُ باتـّجاه الأمعاء، وتشي الكبد ينتصبُ فوق المعدة. لو نرى برُؤية مجهريّة يُمكن أن نـُعاين أنّ ما ينقلهُ هي أشياء كبيرة جدّا، لو نستطيـعُ أن نـُرسلَ هذا الشّريط الطاقيّ خارج الجسم، فذلك حينئذٍ هو قونقننق حمل الأجسام عن بُعدٍ (التيليكينيزي، Télékinésie). من يكون مُزوّدًا بقونق قويّ جدّا يُمكن أن يحمل أشياء ضخمة،  تلك هي "التيليكينيزي الكُبرى". ومن يكون ذا قونق ضعيفٍ يُمكن أن يحملَ أشياء صغيرة جدّا، تلك هي"التليكينيزي الصّغرى"، هذا هو تمثــّـل قونقننق التليكينيزي وكيفيّة تكوّنه.    

                                                        

الدّورة السّماوية الكُبرى تتمثل مباشرة ً في ممارسة القونق، إذن من شأنها أن تـُنتجَ حالاتٍ مُختلفة وأشكالاً مُختلفة من القونق، يُمكن أيضًا أن تقودَنا إلى حالةٍ خاصّةٍ جدّا. ماهي هذه الحالة ؟ قد قرأتم ربّما في كُتبٍ قديمةٍ مثل حياتات السرمديّين، أو كتاب كيمياء الإكسير، القانون الطاويّ أومبادئ وتعليمات حول ممارسة الرّوح والجسد جُملة ً مثل "باي ري فاي شانق، Bai ri fei sheng" (الارتفاع في وَضح النهار)، يعني أنّ الشّخص يرتفعُ في السّماء في وضح النهار. بالفعل، أخبركم بهذا، يُمكن أن يرتفع شخص في السّماء مُباشرة ً بعد تطهير دورته السّماوية الكبرى، إنّ الأمر بهذه البساطة. البعضُ يُفكّر رُبّما أنه بعد هذه السّـنين الكثيرة من الممارسة، من الأكيد أنّ أولئك الذين تمّ تطهير دورتهم السّماوية عددهم كبير. أجيبهم أنه بل ليس من المُستبعد أن يكون هناك عديد عشرات الآلاف من الناس قد بلغوا ذلك، لأنّ الدّورة السّماوية الكُبرى لا تـُمثل على كلّ حال سوى الخُطوة الأولى في ممارسة القونق.                                         

                                         

إذن، لماذا لا نرى هؤلاء الناس يرتفعون في الهواء ؟ لماذا لا نراهم يطيرون ؟ يُمنـَعُ إدخال الاضطراب على حالة المجتمع البشريّ العاديّ، لا يجبُ أن نـُزعجَ ولا نـُغيّرَ الصّورة الاجتماعيّة لمجتمع الناس العاديّين، ما الذي سيحدثُ لو أنّ كلّ الناس أخذوا يطيرون في السّماء ؟ هل سيبقى ذلك مُجتمعًا بشريّا عاديّا ؟ هذا هو السّبب الرئيسيّ ؛ هناك أيضًا سببٌ آخر، بما أنّ الهدف من العيش وسط الناس العاديّين هو ألاّ يظلّ الإنسان إنسانـًا بل أن يعودَ لأصله ويسترجعَ حقيقته الأولى، إذن هناك أيضًا مسألة درجة الوعي. عندما سيرى أحدهم كثيرًا من الناس قادرين فعلاً على الطيران، سيتـّجه هو أيضًا إلى الشّيولين ومسألة درجة الوعي لن يبقى لها وُجود. إذن، عندما تبلغون ذلك بفضل تعهّدكم وممارستكم، يجب ألاّ  تـُظهروا ذلك للآخرين ببساطة، يجب ألاّ تـُروا ذلك ؛ لأنه لا يزالُ على الآخرين أن يتعهّدوا. لهذا السّبب، بعد تطهير الدّورة السّماوية الكُبرى، يكفي أن نـُحكم إقفال طرف إصبـع اليد منكم أو القدم أو جُزءًا آخر من الجسم، ولن يعود باستطاعتكم الطيران.

                                                                                                                      

 عندما يُشارفُ تطهير الدّورة السّماويّة الكُبرى على الوقوع، هناك حالة تظهرُ أحيانـًا كثيرة، البعض يكون جسدهم دائمًا مُنحنيًا إلى الأمام أثناء الممارسة في وضعيّة الجلوس. ذلك يعني أنّ الشّخص لديه حالة تطهير جيّدة في الظهر، وهو يُحسّ بخفـّة كبيرة في الظهر ويُحسّ بالثقل في الأمام ؛ إن كان الشّخص يميلُ إلى الانحناء إلى الخلف، فذلك لأنه يُحسّ الثقلَ في الظهر والخفـّة في الأمام. إن كان كلّ جسدك مُطهّرًا تمامًا، سيُمكنك الارتفاع وثبًا وستشعر أنك تـُقتـَـلعُ من الأرض مع الإحساس بالارتفاع في الهواء في وضعيّة الجلوس (Lévitation). إن كان صحيحًا أنكم تستطيعون الارتفاع فوق الأرض، لن نترُككم تفعلون، ولكنّ هذا ليس مُطلقـًا. ظهور قدرات القونق يُحبّذ الناسَ الذين ينتمون إلى المرحلتين العُمريّتين الأولى والأخيرة، الأطفال ليس لهم روح تعلـّق، وكذلك الأشخاص المُسنـّون وخاصّة النساء المُسنـّات ؛ إذن فعند هؤلاء ظهور قدرات القونق والحفاظ عليها أسهل ممّا عند الآخرين. بينما الرّجال، وخاصّة ً الشّبّان، حالما تظهر لديهم قدرات القونق، فلا يملكون أن يكبحوا حبّ التباهي بها ؛ ومن جهةٍ أخرى، يُمكن أن يستعملوها كوسيلةٍ للمنافسة بين الناس العاديّين. في هذه الحالة، لن نسمحَ بظهورها عندهم ؛ وحتـّى في صورة ظهور قدرات قونق ناتجة عن الممارسة، سيتمّ الإغلاق عليها. عند وُجود موضع مُغلق، لا يعود بإمكان الشّخص أن يرتفع فوق الأرض. ولكنّ هذا لا يعني أنّ هذه الحالة ستـُمنعُ عنكم على الإطلاق، ربّما سنترُككم تعيشونها مرّة ً، سيكونُ هناك أيضًا بعض الأشخاص يستطيعون أن يحتفظوا بها.

                                                                                              

 لقد ظهرت هذه الحالة في كلّ أماكن الدّورات التكوينيّة. عندما كنت أعطي محاضراتي   بشاندونق ظهرت هذه الحالة بين تلاميذنا القادمين من "دجينان، Jinan" وكذلك أولئك القادمين من بيكين، أحدهم قال لي: "يا مُعلـّمي، ما الذي يحدُث لي ؟ لديّ الإحساس أنني أرتفع دائمًا فوق الأرض عندما أمشي ؛ وفي بيتي عندما أنامُ، أرتفع فوق السّرير ؛ وعندما أضع الغطاء، حتـّى الغطاء يطفو معي، كما لو كان بالونـًا يُريدُ أن يطيرَ." أثناء دورتي التكوينيّة المُقامة في "قوي يانق، Guiyang"، كانت هناك تلميذة قديمة من "قيشو، Guizhou" وهي امرأة مُتقدّمة في السنّ، قد وضعت في غرفتها سريران مُتقابلان، كلّ منهما إلى جدار. كانت تـُمارس التأمّل في وضعيّة الجلوس، وأحسّت بنفسها ترتفع في الهواء، عندما فتحت عينيها، وجدت أنها تجلسُ على السّرير الآخر ؛ وحالما خطرت على ذهنها فكرة الرّجوع، رجعت وهي جالسة في الهواء.

 

 كان هناك تلميذ من "تشينق داوو،Qingdao" يقومُ بتمرين التأمّـل في وضعيّة الجلوس في حُجرةٍ بمُفرده، وذلك أثناء فترة استراحة مُنتصف النهار ؛ وحالما اتـّخذ وضعيّة الجلوس، شرع يرتفع في الهواء وهو جالسٌ، كان يثِبُ بقوّةٍ إلى درجة أنه كان يرتفعُ عُلوّ متر أو يزيد فوق السّرير. كان يعلو ويهبط باستمرار، مُحدثـًا ضجّة ً بِوثباته، حتـّى أنّ غطاء السّرير وقعَ على الأرض. لقد كان ذلك مُثيرًا بالنسبة لهُ وفي نفس الوقت مُخيفـًا بعض الشيء، وواصل وثباتِهِ كامل السّاعة المُخصّصة لاستراحة مُنتصف النهار. وفي النهاية دقّ جرس استئناف العمل، فقال في نفسه: "لا يجبُ أن أدَعَ الآخرين يرونني هكذا، ماذا سأفعلُ ؟ يجبُ أن أتوقّف في الحال." فتوقّفت وَثباته. الناس المُسنـّون يستطيعون التحكّم في أنفسهم جيّدًا. لو كان شابّا، وحانت ساعة العمل لَفكّر في نفسه: "فلْـيأتِ الجميع لِيَرَوْني، إنني أرتفعُ في الهواء." هنا تكمُنُ صعوبة قمع حبّ الظهور. "تعالوْا وانظروا كم أمارس جيّدًا، إنني أطيرُ." كانت مقدُرته تلك ستتلاشى حالما يُريها، من الممنوع التصرّف هكذا. يُوجد كثير الأمثلة من هذا النوع ضمن التلاميذ من كلّ الجهات.                                                                                                                         

 

إننا نـُطالب منذ البداية أن يتمّ تطهير كلّ القنوات تمامًا. إلى حد ّيومنا هذا، هناك 80 % إلى 90 % من الأشخاص بيننا بلغوا مرحلة الخفـّة وزوال الأمراض. وفي الآن نفسه، ومثلما قلنا في موضع آخر، لا فقط ندفعُكم إلى بلوغ هذه الحالة ونـُطهّرُ جسدكم كاملاً، بل أيضًا يجبُ أن نـضع في أجسامكم أشياء كثيرة لكي يظهر عندكم القونق أثناء الدّورة التكوينيّة ؛ هذا يعني بعبارةٍ أخرى أنني أرفعكم إلى الأعلى وأدفعكم إلى الأمام. أنا أفسّر لكم الشّرع باستمرار أثناء الدّورة التكوينيّة، وطبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة أيضًا لا تفتأ تشهدُ تغيّرًا. الكثير من بيننا، بعد خُروجهم من هذه القاعة، سيُحسّون كما لو أنهم أصبحوا أشخاصًا آخرين، وحتـّى مفهومكم للعالم سيشهدُ حتمًا تحوّلاً. ستعرفون كيف تتصرّفون في المستقبل، ولن تعيشوا في الحيرة التي كُنتم تعيشون فيها سابقـًا، أؤكّد لكم هذا ؛ وبالتالي فإنّ طبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة تكون حتمًا قد ارتفعت.

                                     

 بالنسبة للدّورة السّماوية الكُبرى، رغم أنه من غير المسموح لكم الارتفاع فوق الأرض، فسوف يُمكنكم أن تـُحسّوا بخفـّة كبيرة، ستمشون وكأنّ هواءًا خفيفـًا يهُبّ تحت قدميكم. فيما قبلُ، كنتم تـُحسّون بالتعب إثر بعض الخُطوات فقط، والآن، مهما تكُنْ المسافة، ستبدون دائمًا مُرتاحين بعد المشي ؛ ستقودون الدّراجة كما لو أنّ أحدًا يدفعكم من الوراء ؛ لن يتملـّـككم الإرهاق مهما يكُن عدد الطوابق التي تصعدونها، سيكون الأمر هكذا بالتأكيد. من يتعلـّم التعهّد بمفرده بواسطة قراءة الكتاب يستطيـعُ أيضًا أن يكتسبَ الحالة المطلوبة. أنا يُمكنني السّكوت عن العبارات التي لا أريد قولها، ولكنّ ما أقوله هو بالتأكيد حقيقة. وخاصّة في هذا الصّدد، لو لم أكن أقول الحقيقة أثناء دعوتي للشّرع، وكانت عباراتي بدون معنىً، وكنتُ أتكلـّم عَرَضًا وكيفما اتـّـفق وبدون هدفٍ مُحدّدٍ، فما سأفعله كان يكون بدون شكّ تبليغـًا لطريقة باطلة. ما أفعلهُ ليس أيضًا شيئًا سهلاً، كلّ الكون يُصغي إليه، لا يُسمَحُ بأيّ زيْـغ.                                    

 

عُمومًا، يكتفي الناسُ بمعرفة الدّورة السّماوية الكُبرى، في الحقيقة، هذا لا يكفي. من أجل التوصّل في أسرع وقت ممكن إلى تعويض الجسد كلـّيًا بمادّةٍ من طاقةٍ عاليةٍ وتحويله، يجبُ أيضًا وجود شكل آخر من دورةٍ سماويّةٍ يدور في اتـّجاهٍ آخر ويجرّ معه كلّ قنوات جسمك، هذا ما يُسمّى بـ"الدّورة السّماويّة ماوو يو، Mao you"، ولا يعرفه ربّما سوى عدد قليل للغاية من الناس فقط. في بعض المؤلـّفات، تـُذكَرُ هذه العبارة من حين لآخر، ولكن لا أحد يُعطي تفسيرًا بهذا الصّدد، لا يقولون لكم شيئًا عنه. هم يكتفون بتناوله بطريقة ضبابيّةٍ وعلى المستوى النظريّ، لأنه من أسرار الأسرار. ها نحنُ نكشِفهُ لكم كاملاً هنا: يُمكن أن ينطلقَ من قناة بايهوي (ويُمكن أن ينطلقَ أيضًا من قناة "هوي يين، Huiyin") ثمّ يتمّ إخراجه ويتقدّم مُحاذيًا للخط الذي يفصِلُ بين جهة اليين وجهة اليانق من الجسم البشريّ، ينزل من على جانب أذن ثمّ من الكتف، يمرّ عبر أصابع اليد واحدًا واحدًا، ثمّ يسري طوال جانب الجسم ويمرّ تحت قدم ليصعد في داخل السّاق، ثمّ يُعاودُ النزول من جديدٍ عبر داخل السّاق الأخرى، يمرّ تحت القدم الأخرى، يلتحقُ بجانب الجسد، يمرّ عبر أصابع اليد واحدًا واحدًا وأخيرًا يرجعُ إلى أعلى الرّأس مُـتمّا الدّورة كاملة ً ؛ هذه هي "الدّورة السّماوية ماوو يو". آخرون يُمكن أن يُخصّصوا كتابًا لِتناولها، وقد وضّحتـُها في كلماتٍ قليلةٍ فقط . من رأيي أنّ هذا لا يستحقّ أن يُعتبَرَ سرّ السّماء، ومع ذلك يرى الآخرون أنه ثمين جدّا ولايكشِفونه أبدًا، لا يتحّدثون عن "الدّورة السّماوية ماوو يو" إلاّ في صورة تلقين حقيقيّ لمُريديهم. ورغم أنني ذكرتـُها، لا يجبُ أن تـُمارسوا تحت تسيير ومُراقبة التفكير، بهذا ما ستـُمارسونه لن يكونَ طريقة مدرستنا الفالون دافا. إنّ تعهّدًا وممارسة  حقيقـيّيْن نحو المستوى العالي يتمّ في اللاّ- فعل، دون أيّ نشاطٍ فكريّ ؛ كلّ شيءٍ قد وُضـِعَ فيكم وهو جاهز للاشتغال. هذه الأشياء تتكوّنُ آليّا، إنها أنظمة داخليّة تـُسيّرُكم، وتـُحوّلكم، وتشرَعُ بمُفردها في الاشتغال عندما يحينُ الوقتُ. في أحد الأيّام، أثناء ممارستكم، ستشعرون برأسكم يتحرّك. إن تحرّك الرّأس من هذا الجانب فإنها بصدد التحرّك في ذلك الاتـّجاه ؛ وإن تحرّك الرّأس من الجانب الآخر، فإنها بصدد التحرّك في ذلك الاتـّجاه الآخر. ستدور هذه الآليّات في الاتـّجاهين الإثنين.       

                                                                                                                                             

عندما تـُطـَهّرُ كلّ من الدّورة السّماوية الكبرى والدّورة السّماوية الصّغرى، يُمكن أن ينحنيَ الرّأس أثناء الممارسة في وضعيّة الجُلوس، تلك ظاهرة تدلّ على مُرور الطاقة عبرهُ. والأمرُ سواء بالنسبة لدورة الفالون السّماوية التي نـُمارسها، نحنُ نـُمارسُها بهذه الطريقة ؛ بالفعل،  في الأوقات التي لا تـُمارسون فيها تنطلق الدّورة من تلقاء نفسها. عادة هي تدورُ دوْمًا، ممارستكم تـُقوّي هذا النظام لا غير. نحنُ نقول أنّ الشّرع يشحذ الإنسان "فا ليان ران"، أليس كذلك ؟ في الوقت العاديّ، يُمكن أن تـُلاحظوا أنّ دورتكم السّماوية تتحرّكُ دائمًا حتـّى وإن لم تكونوا بصدد الممارسة ؛ تلك الطبقة من التشي دجي (آليّات التشي) الموضوعة خارج الجسد، هي طبقة من القنوات الكبيرة الخارجيّة التي تجعل جسدكم في حالة ممارسةٍ ؛ كلّ ذلك يتمّ بصفة آليّة. ويُمكن أيضًا أن تدورَ في الاتـّجاه المُعاكس، وفي كلا الاتـّجاهيْن، مُطهّرة ً قنواتِكَ في كلّ لحظةٍ.                                        

                                              

إذن، ما هي الغاية من تطهير الدّورات السّماويّة ؟ إنّ تطهير الدّورات السّماوية لا يُمثــّـلُ في حدّ ذاته هدف الممارسة. حتـّى وإن تمّ تطهير دورتكم السّماوية، أنا أقولُ أنّ ذلك ليس له أيّ قيمةٍ. يُواصلُ المرءُ الشّيولين، بغاية جرّ القنوات كلـّها انطلاقـًا من قناةٍ واحدةٍ بواسطة الدّورة السّماوية وذلك من أجل تطهير قنوات الجسد كلـّيًا. لقد بدأنا فعل ذلك. مع الممارسة المُتواصلة، سيكتشفُ البعضُ أثناء دوران الدّورة السّماوية الكبرى، أنّ القنوات قد اتـّسعت كثيرًا بفعل الممارسة، قدر سُمك إصبـع، وأنّ داخلها أصبح مُـتـّسعًا كثيرًا. وبما أنّ الطاقة قد أصبحت قويّة جدّا، فإنّ سيل الطاقة يُمكن أن يُصبح عريضًا جدّا ومُشعّا بعد تكوّنه. هذا أيضًا لا يكفي ؛ إذن إلى أيّ حدّ يجبُ أن نـُواصل الممارسة ؟ يجبُ أن نترُك كلّ قنوات الجسم تتـّسعُ باستمرار، ستـُصبـح الطاقة أقوى أكثر فأكثر ومُشعّة ً أكثر فأكثر. وفي النهاية سنتركُ هذه القنوات البالغ عددها فوق العشرة آلاف تتبلورُ في جلمودٍ واحدٍ، إلى حدّ بلوغ حالةٍ دون قنواتٍ ولا نقاط، وكلّ الجسم يُؤلـّفُ قالبًا واحدًا، هذه هي الغاية القصوى من تطهير القنوات. ذلك يهدفُ إلى تحويل كلّ الجسم البشريّ إلى مادّة طاقيّة عُليا.

 

عند بلوغ هذه المرحلة من الممارسة، يكون جسم الممارس قد أُبدِلَ بالأساس بمادّة طاقيّة عُليا ؛ بعبارةٍ أخرى، فقد وصل الممارس حينها إلى أعلى مستوى في شيولين شي دجيان فا، الجسم الحسّي للإنسان قد بلغ قمّة الشيولين. هذه المرحلة عندما يتمّ بلوغها، تكونُ مُصاحَبة ً بنوع من الحالات عند الممارس، ماهي هذه الحالة ؟ إنّ القونق الذي ظهر لديه غنيّ جدّا ووافر جدّا. عندما يتعهّد المرء ويُمارس بجسم إنسان عاديّ، أي أثناء مسار شيولين شي دجيان فا، كلّ التايي قونقننق التي لدى الإنسان تظهرُ بدون استثناءٍ، ولكنّ مُعظمها يظلّ مُقفلاً طيلة الشّيولين وسط الناس العاديّين. إضافة ً إلى ذلك، عمود القونق لديه قد بلغ ارتفاعًا لابأس به، وكلّ أشكال القونق تمّ تقويتها وتدعيمها بواسطة قونق جبّار. ومع ذلك ليس لها فاعليّة سوى في عالمنا هذا، وهي لا تستطيـعُ أن تـُمارس نفوذاً في العوالم الأخرى، لأنها ليست سوى قدرات قونق مُكتسبة من شيولين بمعيّة الجسد الحسّي لإنسان عاديّ. ولكنها الآن وافرة وغنيّة ؛ هي توجد في كلّ العوالم، ومُختلف الأشكال التي يتـّخذها الجسم في كلّ عالم تشهدُ تغيّراتٍ كبيرة ً. ما يحملهُ الجسم، وما تحملهُ الأجسام في كلّ عالم، هو الآن على درجة عظيمة من الثراء والتـنوّع بل مشهده مُروّع. البعض تكون أجسامهم مُغطـّاة ً بعيون، كلّ مسامّ الجسم عيونٌ، هناك عيونٌ حتـّى في دائرة حقل فضائهم. بما أنها طريقة من طرق مدرسة بوذا، البعض لديهم صور بوذا أو بودهيساتفا تـُغطـّي كامل الجسم. أشكال مُختلف أنواع القونق هي على درجة قصوى من الثراء والغزارة، وبالإضافة إلى ذلك، يظهرُ عدد كبير جدّا من الكائنات الحيّة.         

                                                                                                                                                 

 في هذه المرحلة، تظهر حالة أخرى تـُدعى "الزّهرات الثلاث المُجتمعة عند قمّة الرّأس". هي حالة مُلفتة للانتباه حقـّا، حالة بيّـنة جدّا، حتـّى أنها مرئيّة بالنسبة لـتيانمو مفتوحة على مستوىً متدنّ. هناك ثلاث زهرات على الرّأس، واحدة منها هي زهرة لوتس ولكنها ليست نفس التي في عالمنا المادّي، الاثنتان الأخريان هما أيضًا زهرتان من عوالم أخرى، وهنّ رائعات. الزّهرات الثلاث تدُرْن فوق الرأس في اتـّجاه عقارب السّاعة ثمّ في الاتـّجاه المُعاكس، وهنّ تدُرْن أيضًا على أنفسهنّ. كلّ زهرةٍ لها عمودٌ ضخمٌ بنفس قطر الزّهرة. هذه الأعمدة الثلاثة الكبيرة ترتفعُ إلى حدّ السّماء، ولكنها ليست أعمدة قونق، إنها لا تـُوجد سوى على تلك الصّورة، ذلك حقـّا بديـع ورائع، وأنتم أيضًا ستندهشون عندما ستروْن ذلك بأنفسكم. عند الوصول إلى هذه المرحلة من الشّيولين، يكون الجسم أبيض اللـّون ونقيّا والبشرة رقيقة ً ونضِرَة ً. هنا قد وصل الممارس إلى أعلى حالة في شيولين شي دجيان فا. ولكن أيضًا هذا لا يُمثل الوصول إلى القمّة، يظلّ على الشّخص أن يُتابـع الشّيولين، أن يتقدّمَ.

                                                                                                   

مع التـقدّم خُطوة أخرى، يدخل الممارس إلى الدرجة الانتقاليّة بين شي دجيان فا وتشو شي دجيان فا، وهي تـُدعى حالة "دجينق باي تي، jing bai ti" (جسم البياض الشفـّاف) ويُُدعى أيضًا جسم بياض الكريستال. عندما يصلُ الجسم عبر الشيولين إلى الحالة العُـليا من شي دجيان فا،  فإنّ ذلك يعني أنّ الجسم الحسّي للإنسان هو الذي تحوّل إلى أعلى شكل له لاغير. عندما يتمّ الدّخول حقـّا في هذه الحالة، يكون كلّ الجسم قد صار مُكوّنـًا بأكمله من مادّة  طاقيّة عاليةٍ. لماذا نـُسمّيه جسم البياض الشفـّاف ؟ لأنه قد بلغ النقاء المُطلق، أعلى درجةٍ من النقاء. بواسطة التيانمو، نرى أنّ كلّ الجسم شفـّاف، مثل البلـّور الصّافي، كما لوأنه لا يوجد شيءٌ ؛ يُمكن أن تتجلـّى حالة كهذه، ولْـنقلْ بصدق أنه قد صار الآن جسم بوذا. لأنّ الجسم المُكوّن من مادّة طاقيّة عالية مُختلف عن جسمنا الخاصّ. إذا تمّ الوصول إلى تلك المرحلة، كلّ قدرات القونق وكلّ الأشياء الخارقة التي ظهرت على الجسم، يجبُ تركُها كلـّيًا ويقعُ تغييبها في فضاءٍ عميق جدّا، لأنها الآن بلا فائدة. منذ ذلك الحين وصاعدًا لا يُمكن استعمالها في شيءٍ مُطلقـًا. فقط، في المستقبل، يوم تنجحون في تعهّدكم وممارستكم وتحصلون على الطريق، وعندما تنظرون وراءكم لِترَوْا مسار تعهّدكم وممارستكم، ستـُخرجونها لِتنظروا. في ذلك الحين، لا يبقى سوى شيئان اثنان: عمود القونق الذي لا يزالُ موجودًا، والمولود الأصليّ المُنبثق من الشّيولين والذي كبُرَ. ومع ذلك، هذان الإثنان يُوجدان في عالم عميق جدّا، الناس المتوسّطون الذين توجد عيونهم الثالثة على مستوى غير مُرتفع، لا يرونهما، لا يُمكن أن يَرَوْا سوى أنّ هذا الشّخص له جسم شفـّاف.        

                                                                                                                                                     

بما أنّ "دجينق باي تي" ليس سوى مستوى انتقاليّ، فمع مُتابعة الشّيولين، ندخلُ حقـّا في شيولين تشو شي دجيان فا، والذي يُدعى أيضًا "تعهّد وممارسة جسم بوذا". يكون الجسم مُكوّنـًا بأكمله من القونق، وحينها، سين سينغ الإنسان يكون قد استقرّ. يبدأ الشّخص ممارسته من جديدٍ، وقدرات القونق تظهر من جديدٍ ؛ ولكنها لم تعُدْ تـُدعى قدرات القونق بل القدرات الإلهيّة لشرع بوذا. إنّ لها نفوذاً على كلّ العوالم وتتمتـّعُ بقوّةٍ لا تـُحَدّ. في المستقبل، إن واصلتم بجدّ وثبات تعهّدكم وممارستكم، فعندما يتعلـّق الأمر بأشياء من مستويات أعلى، فستـُدركون بأنفسكم كيف وبأيّ صورة تتعهّدونها وتـُمارسونها.

 

  

الإعجاب بالنـفس

 

سنطرُق الآن موضوعًا يتعلـّق بحالة الإعجاب بالنفس. أشخاص عديدون يقومون بالممارسة منذ زمن طويل ؛ هناك أيضًا أناسٌ لم يقوموا أبدًا بالممارسة، ولكنهم بحثوا طول حياتهم عن الحقيقة وعن المعنى الحقيقيّ للحياة وفكّروا فيه. حالما يتعلـّمون طريقتنا الفالون دافا، تـُصبـحُ رؤيتهم فجأة أوضح بخصوص مسائل كثيرة ابتغوْا أن يفهموها أثناء حياتهم ولكن دون التوصّـل إلى ذلك. ربّما عندما تتسامى أفكارهم، يتملـّـكهم الإعجاب بأنفسهم. أنا أعلمُ أنّ ممارسًا حقيقيّا يعي هذا، وأنه يُقدّره حقّ قدره. ولكن، في أغلب الأحيان يُطرَحُ المشكل التالي، فرحتهُ يُمكن أن تـُولـّد إعجابًا بالنفس وهذا غيرُ مرغوبٍ فيه، ومن تبعاتِه أنه يُمكن أن يقودَهُ إلى أن يكون هجينـًا في علاقاته الاجتماعيّة مع الناس العاديّين، أو في إطار مجتمع الناس العاديّين ؛ في رأيي أنّ الأمر لا يستقيمُ هكذا.

                                      

أكبرُ قسطٍ من شيولين طريقتنا يتمّ في مُجتمع الناس العاديّين، لا تستطيعون الانفصال عن مُجتمع الناس العاديّين، يجبُ أن تتعهّدوا وتـُمارسوا بذهن واع ٍ. يجبُ أن تستمرّوا في الحفاظ على علاقةٍ عاديّةٍ مع الناس ؛ طبعًا، طبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة مُرتفعة جدّا، قلوبكم مُستقيمة، أنتم ترفعون طبيعتكم الأخلاقيّة ومُستواكم، وتقومون بأفعال حسنة ولا تقومون بأيّ أفعال سيّئة، هكذا، وليس غير هكذا يكون التصرّف. ولكنّ البعض يتصرّفون كما لو كانت أذهانهم مُشوّشة ً وكانوا سئمين من الحياة الأرضيّّة، يقولون كلامًا غير مفهوم بالنسبة للآخرين. فيتساءلُ الآخرون: "كيف يُمكن أن يكون هذا الشّخص هكذا بعد تعلـّمه الفالون دافا ؟ لكأنه مخبول." في الحقيقة ليس كذلك، مافي الأمر هو أنه مُتأثر تأثرًا بالغـًا، يبدو وكأنه  فقد صوابهُ بعض الشّيء ويتصرّفُ بطريقة غير مألوفة. فكّروا، التصرّف هكذا ليس صحيحًا أيضًا، أنتم تنزلقون في التطرّف، هذا أيضًا تعلـّق. يجبُ أن تتركوهُ وتعيشوا مثل الجميـع حياة عاديّة وسط الناس العاديّين، يجبُ أن تتعهّدوا وتـُمارسوا بطريقةٍ عاديّةٍ. وسط الناس العاديّين، الجميـع سيظنّ أنّ بعقلكم مسّا، لن يُعاملوكم على قدم المساواة مع الآخرين وسيبتعدون عنكم، لاأحد سوف يمنحكم فرصة الرّفع من طبيعتكم الأخلاقيّة، لا أحد يعتبركم عاديّين، أنا أقول ليس هذا ما يجبُ أن يكونَ. ولذا، الكلّ يجبُ أن ينتبهوا جيّدًا لهذا المشكل، من الواجب قطعًا حسن التحكّم في النفس.      

                             

 طريقتنا ليست مثل الطرق العاديّة التي تضمّ حركاتٍ مُتأرجحة مع ذهن شارد، أومُخدّر أو مُشوّش. طريقتنا تستدعي أن تتعهّدوا وتـُمارسوا بذهن جليّ. هناك ناس يقولون أحيانـًا كثيرة: "أيّها المعلـّم، حالما أغمضُ عينيّ، لا أستطيـعُ أن أمتنعَ عن التأرجح." لاشيء يُرغمكم على ذلك، لقد اتـّخذتم عادة إطلاق روحكم الفاعلة، أنتم تـُطلقون روحكم الفاعلة حالما تـُغمضون أعيُنكم، فتغيبُ تمامًا، لقد درجتـُم على هذه العادة. لماذا لا تتأرجحون عندما تكونون جالسين هنا ؟ ابقوْا مفتوحي العينين، ثمّ أغمضوهما برفق وتـُؤدة، هل تتأرجحون الآن ؟ هذا مستحيل على الإطلاق. لقد ظننتم أنّ ممارسة التشيكونق ينبغي أن تكون هكذا، تـُوجدُ لديكم فكرة مُسبَقة، تـُسلمون أنفسكم للذهاب حالما تـُغمضون أعيُنكم، لا تعلمون حتـّى أين تذهبون. نحنُ نقول أنّ روحكم الفاعلة يجبُ أن تبقى واعية وعياً كاملاً، لأنّ هذه الطريقة تهدِفُ إلى الشّيولين على ذواتكم، يجبُ أن تـُحقـّقوا رُقيّـكم بذهن جليّ. لدينا أيضًا تمرين التأمّـل، كيف نقوم به ؟ نحنُ نطلبُ منكم أن تكونوا دائمًا واعين بأنكم بصدد الممارسة هنا وذلك مهما يكُنْ غوْصُكم في التركيز عميقـًا، يُمْـنـَعُ منعًا مُطلقـًا الدّخول في حالة اللاّوعي. ماذا يعني هذا فعليّا ؟ لا تلبثون وقتـًا قصيرًا على جلوسكم في مكانكم حتـّى يتملـّـككم إحساس رائع وممتع للغاية، كما لو كـنتم تجلسون في قشر بيضةٍ، يعلم المرءُ أنه بصدد الممارسة، ولكنه يُحسّ أنّ كلّ جسمه غير قادر على التحرّك. هذا كلّ ما يجبُ أن يتجلـّى في طريقتنا بالضرورة. هناك أيضًا حالة أخرى، مع تمديد فترة الجلوس، يفقد المرءُ الإحساس بوجود ساقيْه، لايدري أين ذهبتا، ويُحسّ أيضًا بغياب جسده، ذراعيه، يديه، لايبقى سوى الرّأس. مع مُتابعة الممارسة أكثر، لا يعود يُحسّ بوجود رأسه أيضًا، لا تبقى سوى فكرة، بارقة ضعيفة واعية أنه هنا بصدد الممارسة. تكفينا هذه الحالة. لماذا ؟ عندما يقوم الإنسان بالممارسة في تلك الحالة، يكون جسده في أوج حالة التحوّل، تلك هي الحالة المُـثلى، لذلك نطلبُ منكم أن تدخلوا في تلك الحالة من التأمّـل. ولكن أيضًا، عليكم ألاّ تسقطوا في إغفاءةٍ أو في حالة لاوعي، رّبما في هذه الحالة، سيتحصّـل كائن آخر على أشياءكم الحسنة نتيجة الممارسة.

                                                                                                                               

يجبُ حتمًا على كلّ ممارسينا أن يحرصوا على عدم الظهور بصورةٍ غير عاديّةٍ وسط الناس العاديّين. إذا كنتم لا تلعبون دورًا جيّدًا وسط الناس العاديّين، سيتساءلُ الآخرون كيف يحدث أن يُصبح الناس هكذا بعد تعلـّم الفالون دافا ؟ هذا يجرّ إلحاق الضّرر بسُمعة الفالون دافا، يجبُ قطعًا الانتباه إلى هذا الأمر. في نواحي أخرى من الشّيولين كما في كلّ مساره، على الممارس أن يحرِصَ على عدم تكوين حالة الإعجاب بالنفس، هذه الحالة يستغلـّها الشّيطان بسهولةٍ شديدةٍ.

 

 

 

الانـقطاع عن الكلام، تحكّـم الفرد في أقواله  –تعهّد الكلام "شيو كو، Xiu kou"

 

كانت الدّيانات في الماضي تنصّ على الانقطاع عن الكلام. هذا "الشيو كو" (تعهّد الكلام) الذي كانت تدعو إليه الدّيانات يخصّ بالأساس الممارسين المُحترفين- الرّهبان والطاويّين، كان يجب لزوم الصّمت وعدم الكلام. بما أنهم كانوا ممارسين في المعبد، فإنّ هدفهم الرئيسيّ كان إلغاء روح التعلـّق إلى أقصى حدّ ممكن ؛ كان يُعتبَرُ أنه بمُجرّد الفكرة التي تمرّ بذهن الفرد، يُمكن أن يُسجّـلَ كارما. تـُقسّم الأديان الكارما إلى طيّبة وسيّئة، وإن تكُنْ طيّبة أم سيّئة، لا يجبُ تسجيل أيّ منها حسب فكرة الفراغ في مدرسة بوذا وفكرة العدم في مدرسة الدّاوو، لذلك تنحو الاثنتان نحو عدم القيام بأيّ شيءٍ ؛ لأننا لا نرى في عُمق الأشياء روابط السّبب والنتيجة التي بينها، بعبارةٍ أخرى هل هي أشياء طيّبة أم سيّئة وماهي الرّوابط السّببية بينها. الممارسون العاديّون لا يبلغون مستوىً مُرتفعًا كهذا، ولا يستطيعون رؤية هذه الأمور، ممّا ينتج عنه أننا نخشى ما يلي، وهو أنّ أمرًا يبدو طيّبًا في الظاهر، يُمكن أن يتبيّن أنه سيّء عند القيام به. لأجل ذلك، يتحدّثون عن اللاّ- فعل قدر الإمكان، لا نفعلُ شيئًا، وهكذا يُُمكن أن نتلافى تسجيل كارما جديدة. لأننا عندما نـُسجّل كارما، وَجَبَ أن نمحوها، ونـُقاسيَ مِحَنـًا. مثلاً بالنسبة لممارسينا، المرحلة التي سوف يتلقـّون فيها إطلاق القونق مُحدّدة مُسْبَقـًا ؛ فإن تـُدخِلوا شيئًا إضافيّا وسط الطريق، يُمكن أن يُسبّبَ هذا مصاعبَ لِجُملة الشّيولين، من أجل ذلك يتحدّثون عن اللاّ- فعل.                                                        

 

إنّ شيو كو من وجهة نظر مدرسة بوذا هو ما يلي، عندما يصوغ ُ الإنسان عباراتٍ تحت إمرة فكره ووعيه، إذن فإنّ فالفكر والوعي يقومان بفعل. عندما يُكوّنَ الإنسان فكرة ً، أو يقولُ شيئًا، أو يفعلُ شيئًا، أو يأمُرَ حواسّهُ وأعضاءهُ، فربّّما أنّ ذلك في حدّ ذاته نوعٌ من التعلـّق لدى الناس العاديّين. مثلاً، هناك خلافات بين الناس: "أنت دمث ُالأخلاق والآخر لا"، "أنت تـُمارس جيّدًا والآخر ممارسته سيّئة"، هذه الأشياء نفسها هي مصدر خلافات. ولْنذكُرْ أمثلة عاديّة مثل: "أنا أريد القيام بهذا الشّيء أو ذاك" أو "ذلك الأمر يجبُ أن يتمّ الآن بهذه الكيفيّة أو تلك" ؛ ربّما أنك بقيامك بهذا الشّيء قد تمَسّ من مصلحة أحدٍ دون أن تقصِدَ. بما أنّ الخلافات الموجودة بين الناس مُعقدة جدّا، ربّما نـُسجّـل كارما بدون وعي ٍٍمنـّا. من أجل ذلك، كان مطلوبًا لزوم الصّمت المُطلق. في الماضي، كانت الدّيانة دائمًا تـُولي اهتمامًا فائقـًا للـشيو كو، هذا ما كانت تـُعلـّمه الدّيانة.  

                                                                                                                                                

 مُعظم ممارسي مدرستنا الفالون دافا يتعهّدون ويُمارسون وسط الناس العاديّين (باستثناء التلاميذ الذين يتعهّدون ويُمارسون في معبدٍ)، إذن هم لا يستطيعون أن يتجنـّبوا حياة ً عاديّة ً لإنسان عاديّ في مجتمع الناس العاديّين، وأن تكونَ لهم علاقات اجتماعيّة. الكلّ لهُ عملهُ ويجبُ أن يقوم به جيّدًا ؛ البعض لا يعملُ سوى بالكلمات، إذن ألا يُوجد هناك تناقض ؟ ليس هناك تناقض. لماذا ليس هناك تناقض ؟ إنّ شيو كو الذي نـُطالِبُ به يختلفُ تمامًا عن الذي لديهم، بما أنّ المذاهبَ تختلِفُ، فإنّ إلزامات الشّيولين تختلفُ هي أيضًا. نحنُ عندما نتلفظ بأقوال، فإنّ أقوالنا تـُطابقُ سين سينغ ممارس ٍ، ليس هنالك ثرثرة ولا أقوال غير لائقة. بما أننا ممارسون، يجبُ أن نـُراقبَ أنفسنا وفق مقياس الشّرع، لِنـُقيّمَ ما إذا يُمكن أن نقولَ ذاك الكلام أم لا. إذا كان ما سنقوله مُطابقـًا لمقياس السين سينغ لدى الممارس على ضوء الشّرع، ليس هناك إذن مشكلٌ. ثمّ إننا يجب أن نتحدّث عن الشّرع وننشُرَ الشّرع َ، فلا يُمكن إذن أن نصمُتَ. إنّ شيو كو الذي نتحدّث عنه يهمّ ما يتعلـّق بالصّيت والمصالح اللـّذان تجدون صعوبة في التجرّد منهما، واللـّذان لا علاقة لهما بالعمل الاجتماعيّ في حدّ ذاته الذي يضطلعُ به الممارس ؛ ويهمّ أيضًا الثرثرة التافهة بين تلاميذ نفس الفامان ؛ أو التعلـّق بحبّ الظهور ؛ أو ترويـج أقاويل وأحاديث مصدرها غير موثوق به ؛ أو اللـّذة والحماس في الحديث عن الأخبار المُتفرّقة للمُجتمع. أنا أعتقدُ أنّ كلّ ما سَبَقَ  ليس مردّهُ سوى روح التعلـّق التي تـُميّز الناس العاديّّين. أنا أعتبرُ أنه علينا الامتناع عن الكلام في هذه المجالات، هذا ما نـُسمّيه شيو كو. في الماضي، كان الرّهبان يُولونهُ أهمّية كبيرة  جدّا، كانوا يعتقدون أنهم يُسجّـلون كارما بمُجرّد فكرةٍ تمرّ بأذهانهم. من أجل ذلك كانوا يدعون إلى "الجسم، الفم، العقل". تعهّد الجسم الذي كانوا يتحدّثون عنه يتمثل في عدم ارتكاب سيّئات. بينما شيو كو يتمثل في الامتناع عن الكلام. تعهّد العقل يعني أنه يجبُ علينا ألاّ نـُفكّرَ حتـّى. في الماضي، كان الشّيولين في المعبد صارمًا جدّا إزاء ذلك. إلزامُـنا نحنُ يتـّـفقُ مع مقياس سين سينغ ممارس ٍ، ليس علينا سوى أن نـُراقِبَ جيّدًا ما يجبُ أن يُقالَ وما لا يجبُ أن يُقالَ.

 

 

 

 

 

 

 

المحاضرة التاسعة

 

 

التـشيكونق والرياضة

 

بصفةٍ عامّةٍ، يغلِبُ على ظنّ الناس أنّ التشيكونق له علاقة مُباشرة مع التمارين الرياضيّة. طبعًا، في مستوًى مُتدنّ، لو ننظرُ إليه من منظار الحُصول على صحّة جيّدة، فإنّ التشيكونق والرّياضة مُتطابقان. ولكنّ الطرق الخاصّة بالتشيكونق والوسائل التي يستعملـُها تختلفُ كثيرًا عن تلك التي لدى التمارين الرياضيّة. عندما يُريد الناس الحصول على صحّة جيّدة بواسطة الرياضة، فإنهم يزيدون من التمارين البدنيّة ويُكثفونها، بينما شيولين التشيكونق، على العكس تمامًا لا يتطـلـّبُ تمارين، وإن وُجدت فهي تكون دائمًا بصفةٍ مُتأنـّية، بطيئة ومع حركاتٍ دائريّةٍ، يُمكن حتـّى أن نبقى دون حراكٍ وفي حالة جُمودٍ. إذن أشكال التشيكونق وأشكال التـمرين البدنيّ مُختلفة. في مُستوًى عال، لا يتوقّف التشيكونق عند حدّ شفاء الأمراض وتقوية الصحّة، إنه يتضمّنُ أشياء ذات مُستوى أرفع ودلالة أعمق. إنّ التشيكونق أعمق وأرحب من الأشياء البسيطة التي هي في مستوى الناس العاديّين، إنـّه أمر خارق، وبالإضافة إلى ذلك، هو يتجلـّّى بأشكال مُختلفةٍ في مُستوياتٍ مُختلفة، وهذا شيء يتجاوز مستوى الناس العاديّين إلى حدّ بعيدٍ.    

                                                 

فيما يخصّ طبيعة التمارين نفسها، يُوجد أيضًا بينهما اختلاف كبير.المطلوب عادة من الرّياضيّين زيادة التمارين البدنيّة والتـكثيف منها، وخاصّة بالنسبة للرّياضيّين في أيّامنا هذه، عليهم دائمًا أن يُحافظوا على لياقة بدنيّة عالية لأجسامهم ليستجيبوا لمستوى المنافسة الحديثة ومقاييسها. من أجل ذلك، عليهم أن يُكثـّّـفوا الحركات ويولـّدوا دورة دمويّة سريعة، لأجل تقوية مقدُرة الأيض الخلويّ وإبقاء الجسم بصفةٍ مُستمرّة في أكمل نشاطٍ. لماذا عليهم تقوية مقدرة الأيض الخلويّ ؟ لأنّ أجسام الرّياضيّين يجبُ أن تـُحافظ على لياقة بدنيّة مُـثلى للمُـنافسة. يتكوّن الجسم البشريّ من عددٍ لا يُحصى من الخلايا، وكلـّها تمرّ بالضّرورة بالمراحل التالية: الخلايا حديثة العهد، أي الخارجة لِتوّها من الانقسام، لديها حيويّة كبيرة وتـُـظهرُ نسَقـًا تصاعُديّا. عند وُصولها إلى الذروة، تكُفّ عن تصاعُدها ولا يبقى  لها سوى التراجع، وعندما تتقهقرُ إلى أقصى درجة تـُـبْدَلُ بخلايا جديدة. يُمكن أن نأخذ كمثال إثني عشر ساعة ً من اليوم، عند السّادسة صباحًا، يبدأ الانقسام الخلويّ، وذلك يتجلـّى دائمًا عبر تصاعُدٍ مُتـّسق، إلى حُدود الثامنة، التاسعة أو العاشرة تكون تلك دائمًا فترة التصاعد. مع ساعة مُـنتصف النهار، لم تعُد تستطيـعُ أن تستمرّ، لا يُمكنها الآن سوى الانحدار. في ذلك الحين لا تزالُ الخليّة تملكُ نصف نشاطها، هذا النـّشاط المُختزل إلى النـّصف لم يعُد يفي بالحاجة من أجل استعدادٍ بدنيّ لرياضيّ مُتهيّءٍ للمنافسة.                                                               

                                                                         

ما العمل ؟ يجب على الرياضيّ تكثيف تمرّنه ليُحرّك الدّورة الدمويّة بسُرعة، جاعلاً الخلايا الجديدة تتكاثر لتـُعوّض القديمة، تنخرط ُ الرّياضة في هذا الاتـّجاه. بعبارةٍ أخرى، فإنّ الخلايا لا تبلـُغ نهاية مسار حياتها، إنها تـُقصَـفُ في نصف الطريق من هذا المسار، لذلك يظلّ الجسم دائمًا قويّا ومُحافظا على حيويّته. ولكنّ الخلايا البشريّة لا يُمكن أن تنقسِمَ إلى ما لا نهاية، إنّ عدد انقسامات الخليّة الواحدة مُحدّد. لِنفرضْ أنّ الخلايا قادرة على الانقسام مائة مرّة طيلة كامل حياة الفرد، في الواقع هي تنقسمُ أكثر من مليون مرّة. ولـْنفرضْ أنّ شخصًا عاديّا يُمكنه أن يعيش مائة سنةٍ  بفضل تلك المائة مرّة من الانقسام الخلويّ، إن كانت هذه الخلايا لا تعيشُ سوى نصف حياتها، فإنّ هذا الشّخص لن يُمكنه أن يعيش سوى خمسين سنة. ولكننا لم يسبِقْ وأن رأينا مشاكل كُبرى لدى الرّياضيّين، لأنّ رياضيّي اليوم يتمّ إبعادُهم من السّاحة حتـّى قبل بُـلوغهم سنّ الثلاثين، لأنّ مستوى المُـنافسة الحديثة عال جدّا ويستدعي إقصاء عددٍ كبير من الرّياضيّين، إثر ذلك يعيشون من جديدٍ حياة ًعاديّة ً، يبدو إذن أنّ ذلك لا يُسبّب لهم عواقب وخيمة ً. نظريّا، يتمّ الأمر بذلك الشكل: باستطاعتهم فعلاً إبقاء جسمهم في لياقة بدنيّة جيّدة، ولكنّ مشوار حياتهم يقصُرُ. في الظاهر، إنّ رياضيّا بالغـًا من العُمر عشر سنواتٍ يبدو في العشرين، ورياضيّا بالغـًا من العُمر عشرين يبدو في الثلاثين. في مُعظم الأحيان، يبدو الرّياضيّون في سنّ ناضجةٍ مُبكّرًا أو أكبَرَ من سنـّهم. هناك في الأمر امتيازات وفي نفس الوقت مساوئ، يجبُ تقييمُهُ بطريقةٍ جدليّةٍ ؛ في الواقع، هم ينخرطون في ذلك الاتـّجاه.                                               

                                                       

 إنّ شيولين التشيكونق هو على العكس تمامًا من التمارين الرياضيّة، إنـّه لا يستدعي حركاتٍ عنيفة، بل يتمّ القيام بها، إن وُجدتْ، برفق، بصفةٍ مُتأنـّيةٍ ومُستديرةٍ، بطيئةٍ جدّا، بل وحتـّى يبقى الشخص بدون حراكٍ وساكنـًا. تعلمُون جيّدًا أنّ طريقة الشّيولين في التأمّـل العميق تتطلـّب الجمود، حتـّى دقــّات القلب تنخفضُ سُرعتها، ونفس الشّيء بالنسبة للدّورة الدمويّة وكلّ الباقي. في الهند، كثير من "اليوقي، yogis" يستطيعون أن يجلسوا تحت الماء أو يُدفـَـنوا طيلة أيّام، في حالة سُكون تامّ، ويصلون حتـّى إلى التحكّم في دقّــّات القلب. فلـْنفرضْ أنّ خلايا الإنسان تنقسمُ مرّة في اليوم، إنّ ممارسًا يُمكن أن يَصِلَ إلى جعل خلايا جسمه تنقسمُ مرّة في اليومين، مرّة في الأسبوع، مرّة في الأسبوعين أو حتـّى فترة ً أطول بكثير، بهذه الطريقة يتوصّـل إلى تمديد فترة حياته. رغم أنّ الأمر يتعلـّق هنا بطرق تتعهّد الروح لا الجسد، إلاّ أنها يُمكن أن تـُحقق ذلك وتـُمدّدَ حياته. البعض يتساءلون: "أليست حياة الإنسان وقَدَرُهُ مُحدّدان مُسْبَقـًا ؟ كيف يُمكن أن يعيش المرءُ فترة ً أطولَ دون تعهّد الجسد ؟" هذا ممكن بالفعل، عندما تتجاوز درجة الممارس العوالم الثلاثة "سان دجي، san jie" يُمكنه حينئذٍ تمديد عُمُره، ولكنه يبدو هرمًا جدّا.

 

 إنّ طريقة حقيقيّة لتعهّد الجسد يجبُ أن تحفـَـظ وتخْزنَ باستمرار المادّة الطاقيّة العُـليا المُكتسَبَة أثناء الممارسة في الخلايا البشريّة، وتزيدَ باستمرار من كثافة هذه المادّة، وفي نفس الوقت يُمكنها أن تحُدّ من خلايا الإنسان العاديّة وتـُبدِلها تدريجيّا. في ذلك الحين سيَقعُ تغيّر نوعيّ، سيكون باستطاعة الممارس البقاء شابّا على الدّوام. طبعًا، مسارُ الشّيولين بطيء جدّا، يجبُ أن يبذلَ الممارس الكثير من عنده. يجبُ أن يُرهِقَ جسدهُ، أن يتحمّـلَ مِحَـنـًا لِيَشْحَذ همّـته وعزيمتهُ، ليس الأمرُ هيّـنـًا بالمرّة. هل نستطيـعُ البقاء دون مُبالاة إزاء المُشاحنات بين النـّاس والتي تضع في الميزان الطبيعة الأخلاقيّة ؟ هل نستطيـعُ البقاء دون مُبالاة تـُجاه المصالح الشّخصيّة الحياتيّة ؟ القيام بكلّ هذا صعب جدّا، لا تتحقق هذه الغاية بمُجرّد تمنـّي تحقيقها. لا يُمكن للمرء تحقيق هذه الغاية إلاّ عندما يرتفعُ السين سينغ والدّو بواسطة الشّيولين.                                                    

 

كثير من الناس لا يُميّـزون إلى الآن بين التشيكونق وبين مُجرّد تمارين رياضيّة، في الواقع هناك فارق كبير جدّا بينهما، ليسا نفس الشّيء مُطلقـًا. إنـّه فقط في أدنى مُستوى، عند الاشتغال على التشي، وعندما يكون الهدفُ هو إزالة الأمراض والحصول على بدن سليم ومُعافىً، آنذاك يُصبح الهدفُ من التشيكونق والهدفُ من الرّياضة مُشترَكـًا، ولكن في المستوى الأعلى، لا يظلّ الأمرُ نفسُه بتاتـًا. إنّ تطهير الجسد الذي يتمّ أثناء الممارسة لهُ هدفهُ ؛ ثمّ إنّ الممارس عليه أن يتـّسِمَ بسماتٍ وينتسِبَ لمبادئ غيرعاديّة ولا يجبُ أن يمتـثِلَ لمنطق الناس العاديّين. ما عدا ذلك، فإنّ التمارين الرياضيّة ليست سوى شأن الناس العاديّين.

 

 

 

الفكر، النـشاط الفكري"اليينيان، Yinian"

 

ما نسمّيه بالـ"يينيان" هو في الواقع النشاط الفكريّ للإنسان. في أوساط الشّيولين، ما هو مفهوم الأفكار في النشاط العقليّ لدماغ الإنسان ؟ كيف نقيـّمُ مُختلف أشكال التـفكير لدى الإنسان ؟ وكيف تتجلـّى هذه الأخيرة ؟ لا تزالُ هناك كثير من المسائل المُستعصية على فهم أبحاث الطبّ الحديث للدّماغ البشريّ، إنها فعلاً ليست بنفس السّهولة التي تجري بها الأبحاث بخُصوص أشياء سطحيّة من جسدنا. في مستوًى أكثر عُمقـًا، هناك للفكرأشكال مُختلفة باختلاف العوالم. ولكن ليس هذا أيضًا ما يقولهُ بعض مُعلـّمي التشيكونق عن المسألة. نظرًا لأنّ مُعلـّمي التشيكونق هؤلاء هم أنفسهم لا يعلمون حقيقة الأمر، فإنهم لا يستطيعون تفسيرَهُ بوُضوح. هم يظنـّون أنه حالما يبدأ نشاط الدّماغ، وتتكوّن فكرة مّا، ينتج عنها فعل ؛ هم يعتقدون إذن أنّ تفكيرهم الذاتيّ، أنّ فكرتهم هي التي تقومُ بها، في الواقع ليست بالمرّة فكرتهم هي التي تقومُ بها.

                                                                                                         

فلنـتطرّقْ في بادئ الأمر إلى أصل الفكرة، في الصّين القديمة، كان الناس يتداولون عبارة "القلبُ يُـفـكّر". لماذا كانوا يقولون أنّ القلب يُـفـكّرُ ؟ لقد كان علم الصّين القديمة مُـتقدّمًا جدّا، لأنهُ كان يُوجّهُ أبحاثهُ مُباشرة ًإلى الجسم البشريّ والحياة والكون. هناك أناس يُحسّون فعلاً أنّ قلوبهم تـُـفـكّر، آخرون يُحسّون أنّ دماغهم هو الذي يُـفـكّرُ. لِمَ هذا ؟ أولئك الذين يقولون أنّ قلوبهم تـُـفـكّرُ لهم الحقّ في قول ذلك، لأننا نرَى أنّ يوانشان إنسان عاديّ صغير جدّا، وأنّ حقيقة الرّسائل القادمة من دماغ الإنسان لا يُـنتجها الدّماغ نفسُهُ، ليس الدّماغ في حدّ ذاته هو الذي يبعَثُ الرّسائل بل يُوانشان الإنسان. ويوانشان الإنسان لا يبقى دائمًا في النـّيوان قونق. ما تـُسمّيه المدرسة الطاويّة بالنيوان قونق هو تحديدًا الغـُـدّة الصنوبريّة التي اكتشفها الطبّ الحديث، إن كان اليُوانشان يُوجَدُ في النـّيوان قونق، نـُحسّ بالفعل أنّ الدّماغ هو الذي يُـفـكّرُ ويبعث رسائل ؛ وإن كان يُوجدُ في القلب، نـُحسّ فعلاً أنّ القلبَ هو الذي يُـفـكّرُ.                                                                       

 

إنّ الجسم البشريّ كونٌ مُصغـّرٌ، وعديد الكائنات الحيّة التي تنشأ لدى الممارس يُمكن أن تـُـغيّر أمكنتها. إن وقع تغييرٌ في الأمكنة، وتحوّل اليوانشان إلى البطن، يُمكن أن نـُحسّ بالفعل أنّ البطنَ يُـفـكّرُ ؛ إن تحوّل إلى الرّبلة أو القدم،  نـُحسّ عندئذٍ أنّ الرّبلة أو القدم يُفكّران، من المُؤكّد أنّ الأمر بهذه الكيفيّة ولو أنهُ يبدو مستحيل التـّصديـق عند سماعه. حتـّى وإن لم تبلـُغوا بعدُ درجة ً مُرتفعة ً في تعهّدكم وممارستكم،  يُمكنكم أن تشعُروا بوُجود هذه الظاهرة. لو كان جسم الإنسان معدومًا من روحه الأصليّة وما يتبعُها من مزاج وطبـع وخُصوصيّاتٍ، إن كانت هذه الأشياء غير موجودةٍ فيه، فإنه لن يكون سوى قطعةٍ من اللـّحم ؛ لن يكون إنسانـًا كاملاً، يتمتـّعُ بشخصيّةٍ مُستقـلـّةٍ. إذن ما هي وظيفة دماغ الإنسان ؟ حسب رأيي، دماغ الإنسان، كما هو موجود في عالمنا المادّي هذا، ليس سوى مصنع تكرير. الرّسائل الحقيقيّة يبعَثُ بها اليوانشان، ولكنّ ما يُرسلهُ ليس لغة ً، بل نوعًا من رسالةٍ كونيّةٍ، تحتوي على دلالاتٍ مُعيّـنةٍ. دماغـُـنا يتلقىّ هذه التعليمات، ويُحوّلـُها إلى الشكل التعبيريّ الذي نعرفه وهو لغتنا الحاليّة، ونحنُ نـُعبّر عن هذه التعليمات بواسطة إشاراتٍ باليدين، نظراتٍ وحركاتٍ، ذلك هو دورُ الدّماغ. التعليمات الحقيقيّة والفكرة الحقيقيّة نابعان من الـيوانشان. جرى الاعتقاد في أغلب الأحيان أنّ تلك هي الوظيفة المُباشرة والمُستقلـّـة للدّماغ ؛ بينما في الواقع، يُوجد اليوانشان أحيانـًا في القلب، والبعض يشعرون فعلاً أنّ قلوبهم هي التي تـُفـكّر.                                                                                                                     

       

الناس الذين يقومون اليوم بأبحاثٍ في مجال الجسم البشريّ توصّـلوا إلى الخُلاصة التالية، وهي أنّ ما يُرسله دماغ الإنسان  يُشبه موجاتٍ كهربائيّة، نحنُ لا نـُـناقشُ هنا في خُصوص ما يُرسله الدّماغ البشريّ في الواقع، ولكن على كلّ حال، لقد أقرّوا أنّ ما يُرسلهُ له وُجود ماديّ، ليس إذن خيالاً. إذن لِمَ تصلحُ هذه الأشياء المُرسَـلة ؟ بعض مُعلـّمي التشيكونق يدّعون: "أنا أحرّك الأشياء من أماكنها بواسطة التفكير (اليينيان)، أفتحُ عينكَ الثالثة بواسطة التفكير، أشفي مرضَكَ بواسطة التفكير..الخ." في الواقع، هناك معلـّمو تشيكونق يجهلون هم أنفسهم ما هي نوعيّة قدرات القونق التي يمتلكونها، وهم لا يفهمونها أيضًا. هم يعلمون فقط أنهم عندما يُـفكّرون بما يُريدون فعله، يستطيعون فعلهُ في الحال. في الواقع، عندما يتحرّك تفكيرهم، فإنّ قدرات القونق تخضعُ لتسيير تفكيرهم، إنها هي التي تـُـنفـّذ الأعمال بصفة فعليّة تحت إمرة تفكيرهم، ولكنّ اليينيان في حدّ ذاته غير قادر على القيام بعمل. عندما يقومُ ممارسٌ بعمل فعليّ، فذلك أنّ قدرات القونق لديه هي التي تعملُ.                                                                                                                                                         

 

 قدرات القونق هي بالفعل مَـلـَـكة  كامنة في جسم الإنسان ؛ مع التطوّر التدريجيّ للمُجتمع البشريّ، أصبح تفكير الإنسان أكثرَ فأكثرَ تعقيدًا، وأصبح يُولي قسطـًا أكبر فأكبر من الأهمّية لواقع العالم الذي يُوجَدُ فيه، وأصبح في تبعيّة مُـتزايدة للأدوات المُسمّاة بالحديثة ؛ بهذه الطريقة أخذت ملكاتـُه الفطريّة تنحدرُ بصفةٍ خطيرةٍ ومُستمرّةٍ. تتحدّثُ المدرسة الطاويّة عن الرّجوع للأصل واسترجاع الحقيقة الأولى، أثناء تعهّدكم وممارستكم يجبُ أن تسعَوْا وراء "جهان" (الحقيقة)، لترجعوا في النهاية إلى الأصل وتسترجعوا الحقيقة الأولى ؛ عندما تستردّون طبيعتكم الأصليّة الذاتيّة، عندها يُمكن أن تظهر فيكم من جديدٍ مـَلـَـكاتكم الفطريّة الذاتيّة. يُسمّونها اليوم: الـتايي قونقننق، ولكنها مـَلـَـكاتٌ فطريّة تنتمي للإنسان. يبدو في الظاهر أنّ المجتمع الإنسانيّ يتقدّم، ولكنه في الحقيقة يتراجـعُ، ويبتعدُ أكثر فأكثر عن طبيعة كوننا. في اليوم الفارط، رويتُ أنّ "جانق قوولاو" يركبُ حماره وهو مُتـّجه إلى الخلف، ربّما بدا لكم هذا غير مفهوم. لقد اكتشف أنّ التـقدّم يعني التراجـع، وأنّ الإنسان يبتعدُ أكثر فأكثر عن طبيعة الكون. أثناء تطوّر الكون، وخُصوصًا في الوقت الحاليّ الذي غمرتنا فيه الموجة الكُبرى لاقتصاد السّوق، تدهورت أخلاقيّات كثير من الناس بشكل خطير، إنهم يبتعدون باستمرار عن طبيعة الكون جهان شان ران ؛ أولئك الذين يتبعون تيّار الناس العاديّين لا يُدركون إلى أيّ حدّ بلغ انحطاط أخلاق الإنسان، لذلك يذهبُ البعض حتـّى إلى اعتبار ذلك شيئًا جيّدًا. فقط الناس الذين رفعوا درجة طبيعة أخلاقهم عبر الشّيولين، وعندما يُـلقون نظرة إلى الوراء، يُمكنهم أن يَرَوْا إلى أيّ مدًى تدهورت أخلاق الإنسانيّة بشكل مُريـع.                  

                                                      

 بعض مُعلـّمي التشيكونق يقولُ: "سأساعدكم على تطوير قدرات القونق لديكم." أيّ قدرات قونق ؟ عندما لا يملكُ المرْْءُ الطاقة، فإنّ قدرات القونق لديه تكون دون فاعليّة، كيف تستطيعون أن تـُطوّروها إن لم تكُن قد ظهرت بعدُ ؟ هل تستطيـعون أن تـُـطوّروها إن كانت قدرات القونق فيهم لم تتـّـخذ لها شكلاً بعدُ بفضل قوّة طاقتهم الشخصيّة ؟ يستحيلُ على الإطلاق. ما يدّعونه من "تطوير قدرات القونق"، هو ربط قدرات القونق لديهم والمُكوَّنة منذ السّابق، بدماغكم، والغاية هي جعلُ قدرات القونق تعملُ تحت إمرة اليينيان لديكم. حسب زعمهم، لقد طوّروا قدرات القونق لديكم ؛ في الواقع هم لم يُطوّروا أيّة قدرة قونق لديكم، لم يفعلوا سوى ذلك الشيء البسيط.

 

بالنسبة لممارس، نشاطه الفكريّ يأمرُ قدرات القونق لديه بالقيام بأفعال ؛ بينما بالنسبة لإنسان عاديّ، نشاطه الفكريّ يأمرُ أطرافه وأعضاءه الحسيّة بالقيام بأفعال، تمامًا مثلما يحدُث في مصنع، عندما يُعطي مكتب الإنتاج أو مكتب مُدير المصنع تعليماتٍ، تـُـنفـّـذها الأقسام المُوالية لهُ تِباعًا. يُمكن مُقارنة الأمر أيضًا بالقيادة العسكريّة، تـُعطي القيادة المركزيّة أوامِرَها وتـُرسل فرق الجنود للقيام بمهمّاتٍ. عندما كنتُ ألقي مُحاضراتي في مُختلف الجهات ، كنتُ أتحدّث دائمًا عن هذا الموضوع مع مُديري اللـّجان المحلـّية للبُحوث حول التشيكونق. وقد بُهـِتوا للأمر: "ولكن نحن منذ بدايتنا نقومُ ببُحوثٍ بهدف معرفة كمّية الطاقة الكامنة والوعي الكامن اللـّذان يحتوي عليهما الفكر البشريّ." ولكن في الواقع ليس الأمر كذلك، لقد ضلـّوا السّبيل منذ البداية. أقول أنه لكي تتمّ دراسة علم الجسم البشريّ، ينبغي حُدوث ثورةٍ في الأفكار، يجبُ عليهم ألاّ يستعملوا مُجدّدًا الطريقة الاستنتاجيّة وطريقة فهم الناس العاديّين لإدراك الأشياء ما فوق العاديّة.

                                                             

 

بالنسبة للـيينيان، تـُوجَدُ أيضًا أشكالٌ أخرى: مثلاً، يتحدّث البعض عن اللاّوعي (تشيان ييشي، Qian yishi)، العقل الباطن (سيا ييشي، Xia yishi)، الإلهام، الحلم، الخ. فيما يخصّ الحلم، لا أحد من مُعلـّمي التشيكونق يُريد تفسيرهُ. لأنه عند ولادتك، في كثير من عوالم الكون، عدّة "أنت" (ذواتٍ لك) رأت النـّور في نفس تلك اللحظة، وهي تـُشكّـلُ معك "أنت" كاملا ً(ذاتـًا كاملة)، ولها علاقات مُتبادلة مع بعضها البعض، وتفكير كلّ واحدة مـُتـّصل بالأخرى. لك أيضًا روحك الفاعلة وأرواحك الثانويّة، هناك أيضًا في جسمك صور كائناتك الحيّة المُـتنوّعة الأخرى، وكلّ خليّةٍ والأعضاء الحيويّة الخمسة والأحشاء الستـّة تحمل آثارًا من صورك التي تتجلـّى في العالم الآخر، إذن فالأمر في غاية التـّعقيد. في الحُلم، ترَوْن رُؤىً مرّة ًبهذا الشكل ومرّة ً بشكل آخر، ولكنها من أين تأتي في نهاية الأمر ؟ يعتبر علم الطبّ أنّ الأحلام ناتجة عن تغيّرات في القشرة الدماغيّة. ذاك هو تجلـّيها على المستوى المادّي، ولكنها في الواقع نتيجة رسائل قادمة من العالم الآخر. لهذا، عندما يكونُ فكركم مُشوّشًا بسبب حُـلم، إذن كل ما يدور في الحلم لا يعنيكم، لا داعي لأن تشغـَـلوا أنفسكم به. ولكن هناك نوعٌ من الأحلام يعنيكم مُباشرة ً، حتـّى أنهُ لا يجبُ أن نـُسمّيه حُـلمًا. إن حلـُمَ وعيكم الرّئيسيّ، أي روحكم الفاعلة، أنه رأى أحد أقاربكم أمامكم، أو أنكم أحسستم بشيءٍ مّا فعلاً، أو رأيتم شيئًا، أو فعلتم شيئًا، فهذا يعني أنّ  روحكم الفاعلة قد قامت حقـّا بشيءٍ مّا أو رأت شيئًا مّا في العالم الآخر، أنتم الذين قمُـتم بذلك، وعن وعي ٍ، لقد كان ذلك واضحًا جدّا، واقعيّا جدّا. تلك الأشياء توجدُ فعلاً، فقط أنتم قمتم بها في عالم ماديّ آخر، في مكان-زمانيّ آخر. هل تستطيعون أن تـعتبروها حُلمًا ؟ لا، ولكن بما أنّ جسدكم الماديّ في هذا العالم ينامُ فعلاً، لا يَسَعُـنا إلاّ أن نـُسمّيه حُـلمًا ؛ فقط حُـلمٌ من هذا النوع له علاقة مُباشرة معكم.

                                                                                                                             

يتحدّثون عن الإلهام، عن العقل الباطن، عن اللاّوعي في الإنسان، الخ. أنا أقول أنّ من اخترع هذه التسميات ليسوا رجال علم بل رجال أدبٍ، اخترعوها انطلاقـًا من الحالة الذهنيّة للناس العاديّين، وهي تخلو من الحقيقة العلميّة. وما معنى اللاّوعي من وجهة نظرهم ؟ يصعبُ تفسيرهُ بوُضوح، إنّ هذا يبدو ضبابيّا جدّا، بما أنّ الإنسان مُخزّنٌ ويعُجّ بالمعلومات المُعقـّدة للغاية، فإنّ هذا العقلَ أشبه ما يكونُ بضربٍ من الذاكرة المُشوّشة والباهتة. بينما العقل الباطن الذين يتحدّثون عنه نجد أنه قابلٌ للتـّفسير على كلّ حال. مفهوم حالة العقل الباطن، يعني عُمومًا القيام بعمل في حالةٍ نفسيّةٍ وذهنيّةٍ مُشوّشةٍ جدّا، والناس يقولون في أغلب الأحيان أنهم قاموا به وفق ما يُمليه عليهم به عقلهم الباطن، أي دون قصد. هذا النوع من العقل الباطن هو بالتحديد مُطابق للوعي الثانويّ (الفو ييشي) الذي نتحدّث عنه. عندما ينطلقُ الوعي الرئيسيّ (تسو ييشي) ولا يعود يـُراقبُ الدّماغ، يُصبحُ عندها العقلُ مُشوّشًا كما لو أنـّه نائمٌ، هذا شبيهٌ بالحُـلم أثناء النـوم، أو بحالة اللاّوعي، يصيرُ الشّخص بسهولةٍ تحت سيطرة الوعي الثانويّ، بعبارةٍ أخرى الرّوح الثانويّة. في تلك الآونة، يُصبـحُ الوعي الثانويّ قادرًا على القيام ببعض الأشياء، بعبارة أخرى تفعلون هذه الأشياء عندما تكونون في حالة ذهنيّة مُشوّشة. ولكنكم تتصرّفون عُمومًا تصرّفـًا صحيحًا، لأنّ الوعي الثانويّ يُدرك حقيقة الأشياء في العالم الآخر، ولا يُضِلـّهُ مجتمع الناس العاديّين. لذا عندما يعودُ الشّخصُ لِوعيه ويرى ماذا فعََـلَ، يقولُ في نفسه: "هذا الشّيء، كم أسأتُ فعلهُ ! لو كنتُ في تمام وعيي لما فعلتـُهُ أبدًا بذلك الشكل." ولكن مهما تجدون ذلك الشّيء سيّئـًا في تلك اللحظة، ففي ظرف عشرة أو خمسة عشر يومًا، حينما تـُفكّرون فيه من جديدٍ ستقولون: "آه، كم تصرّفتُ جيّدًا حينها ! كيف فعلتُ ذلك ؟" هذا يحدُث بكثرةٍ. ذلك لأنّ الوعي الثانويّ لا يُولي أهمّية ً لنتائج الفعل في اللحظة ذاتها، ولكن سيكون لها أثرٌ طيّبٌ في المُستقبل. هناك أيضًا أشياء لا تـُـنتج أثرًا لاحقـًا ولكن فقط في اللحظة نفسها ؛ عندما يتولـّى الفو ييشي التصرّف، فإنّ هذه الأشياء يُمكن أن يكون لها أثرٌ طيّب في الحال.

 

يوجدُ هناك شكلٌ آخر، وهو أنهُ في أغلب الأحيان، الناس الذين لهم استعداد جيّد تكون لهم قابليّة أكثر من غيرهم لأن يفعلوا أشياء تحت إمرة وإشراف الحياتات العُلويّة. طبعًا، هذا أمرٌ آخر تمامًا، سوف لن نتحدّث عنه هنا، نحن هنا نتحدّث بالأساس عن حالات الوعي النابـعة من الإنسان نفسه.

 

فيما يخُصّ الإلهام، تلك أيضًا عبارة استنبطها رجال الأدب. عُمومًا يعتبرُ الناس أنّ الإلهام يخُصّ المعارف المُخزّنة طيلة حياةٍ كاملةٍ والتي تظهَرُ من جديدٍ في طرفة عين مثل البوارق. أنا أقول أنه، حسب نظريّة الفلسفة المادّية، عندما تتراكم المعارف أثناء حياةٍ كاملةٍ، كلـّما خزّن الشّخص معارفَ، كلـّما استعمل دماغه أكثر، وكلـّما كان الدّماغ فعّالاً أكثرَ. في هذه الحالة، فإنّ الأفكار من شأنها أن تنبثقَ كما لو من نافورةٍ دائمةٍ، وعندها لا مجال للحديث عن الإلهام. كلّ ما ينطبقُ عليه لفظ "إلهام"، أو "لحظة طفور الإلهام"، لا يتمّ في هذه الحالة. في غالب الأحيان، يتمّ الأمر بالصّفة التالية: عندما يستعمل شخص مّا الدّماغ للتـفـكير، فبطول العمل، يُحسّ في النـّهاية أنّ جميـع المعارف نفدت منه، كما لو كانت يُـنبوعًا وجفّ ؛ لا يستطيـعُ مُواصلة كتابة المقال أو يضيـعُ منه خيط الأفكار أثناء تأليف لحن أغنيةٍ أو لا يستطيـع مُواصلة بحث موضوع علميّ. في غالب الأحيان، يكون الشّخص في تلك اللحظة مُفرَغــًا، يكون قد رمى الكثير من أعقاب السّجائر على الأرض، يكونُ رأسُه مُؤلمًا من فرط التـفـكير المُركّز، دون التـوصّـل إلى الحُصول على أيّ فكرةٍ. إذن، في أيّ حالةٍ يجبُ أن نكونَ لِيأتي الإلهام في النهاية ؟ أمام مثل ذلك الإرهاق يُمكن أن يُفكّرَ الشّخصُ: "لا داعي، من الأفضل أن آخُذ  قسطـًا من الرّاحة". لأنه كلـّما كان الوعي الرئيسيّ آخذاً بزمام أمور الدّماغ، كلـّما ضعُـفت إمكانيّة تدخـّل الحياتات الأخرى. وحالما يستسلِمُ الشّخصُ للرّاحة ويُطلقُ سبيلَ أفكارهِ، وعندما لا يُفكّر مُجدّدًا في ذلك الأمر، في تلك الآونة من الشّرود، تأتي الفكرة بغتة واحدة ً ويُرسلها الدّماغ. في مُعظم الحالات يحدُث الإلهام هكذا.    

                                                                                                           

لماذا نحصلُ على الإلهام في تلك اللحظة ؟ بما أنّ الدّماغ هو تحت سيطرة الوعي الرئيسيّ، فكلـّما استعملنا الدّماغ، كلـّما بسَط الوعي الرئيسيّ عليه نـفوذاً أقوى، وكلـّما عسُرَ التـّدخـل على الوعي الثانويّ.عندما نـُفـكّر إلى حدّ الشّعور بالألم في الرّأس، ونتعذبُ كثيرًا لعدم إيجاد الفكرة، فإنّ الوعي الثانويّ، بما أنه ينتمي أيضًا إلى الجسم، ووُلِـدَ في نفس الوقت من بطن  الأمّ ويُسيطرُ أيضًا على جُزءٍ من الجسم، فإنهُ يُعاني بدوره الأوجاع وألم الرّأس، ويتحمّلُ أيضًا ألمًا مُبرّحًا. فعندما يرتخي الوعي الرئيسيّ، يشرَعُ الوعي الثانويّ في عرض كلّ ما يعرفهُ على الدّماغ، لأنه في عالم آخر يستطيـعُ أن يرى حقيقة الأشياء، وبهذه الطريقة، يُـتمّ الشّخصُ القيام بأبحاث، تأليفٍ، أو إبداع فنـّي.        

                                                                                                      

 البعض يقولُ أنه في هذه الحالة، يُمكن إذن أن نستعمل الوعي الثانويّ. تمامًا مثل السّؤال المكتوب على قطعة ورق والذي تلقيّـتــُه منذ قليل: "كيف يُمكننا أن نتواصَـلَ مع الوعي الثانويّ ؟" أنتم غير قادرين على تحقيق تواصُل معه، لأنكم لستم سوى أشخاص مُبتدئين في الممارسة وليست لديكم أيّ مقدُرة، من الأفضل عدم مُحاولة التواصل، غايتكم لا تعدو أن تكون تعلـّـقـًا. هناك أناس يُفكّرون ربّما: "بتوظيف الوعي الثانويّ، سوف نـُكوّن المزيد من الثروات، ليتطوّر المجتمع البشريّ باستمرار." هل هذا ممكن ؟ لا، هذا غير ممكن ! ولكن لماذا ؟ لأنّ وعيكم الثانويّ هو أيضًا معارفه محدودة كثيرًا. مع وُجود عوالم على تلك الدّرجة من التعقيد، ذلك العدد الضّخم من المستويات والدّرجات، تبدو تركيبة هذا الكون مُعقدة غاية التعقيد، بينما هو، لا يُمكنه معرفة سوى ما يُوجدُ في عالمه هو، ما يتجاوزُ عالمه لا يعرف عنه شيئًا. ثمّ إنـّه، هناك أيضًا عددٌ كبيرٌ جدّا من العوالم المُختلفة على مستويات عموديّة، فقط الحياتات العلويّة ذات الدّرجة الرّفيعة جدّا تستطيـعُ أن تتحكّمَ في سيرورة الإنسانيّة، هذه الأخيرة تتمّ وفق قوانين الارتقاء.               

 

مُجتمعُ الناس العاديّين يتطوّر حسب نواميس التاريـخ، حتى وإن كنتم تـُريدونهُ أن يتطوّرَ بهذا الشّكل أو بآخرَ، أو أن يبلـُغ هذا الهدف أو ذاكَ، فإنّ الحياتات العُلويّة لا تنظرُ بذاك المنظار. هل من الممكن أن يكون أبناء العُصور القديمة قد تخيّـلوا الطائرة والقطار والدرّاجة التي تـُوجدُ اليوم ؟ أقولُ أنه ليس من المُستحيل أن يكونوا قد تخيّـلوها. بما أنّ التاريـخ لم يكن قد تطوّرَ إلى حدود تلك المرحلة، فإنهم كانوا بالتـّالي غير قادرين على اختراعها. بالاستناد إلى النظريّة المألوفة عند الناس العاديّين وإلى المعارف التي حصّـلتها البشريّة، فإنّ الناس لم يتوصّلوا إلى تلك الاختراعات لأنّ العلم الذي بلغته الإنسانيّة لم يكن قد بلغ المُستوى المطلوب. في الواقع، تقدّمُ علم الإنسانيّة يخضعُ لسيرورةٍ مُبرمجةٍ مُسْبقـًا، حتـّى لو أردتم من تلقاء أنفسكم بُـلوغ هدفٍ وبذلتم من أجل ذلك قصارى جُهدكم، فبدون شكّ لن تبلـُغوهُ. طبعًا، هناك أشخاص تلعبُ معهم أرواحهم الثانويّة دورها دائمًا، أحد الكتـّاب قال: "أنا أستطيـعُ أن أكتب عديد عشرات الآلاف من الحُروف يوميّا، لا أحسّ بالتـّعبِ. ريشتي غزيرة جدّا عندما أريدُ الكتابة، والآخرون يُعجَبون كثيرًا بكتابتي عند قراءتها." لِِمَ ذلك ؟ إنها النـّتيجة الحاصلة عن عمل وعيه الرئيسيّ ووعيه الثانويّ معًا، إنّ وعيه الثانويّ هو أيضًا قادر على الاضطلاع بنصف الدّور. ولكنّ مثل هذه الحالات ليست واردة ً لكلّ الناس، في أغلب الحالات، لا يتدخّـلُ الوعي الثانويّ مُطلقـًا في ذلك. إن أردتم استعمال وعيكم الثانويّ، لن تحصلوا على نتائج طيّبة، بل على العكس، سيكونُ على الخلاف تمامًا ممّا تتوقعونهُ.

 

                                                                                                             

القلب النقي الساكن "تشينغ دجينغ سين، Qing jing xin"

 

العديد من النـّاس لا يستطيعون أن يدخلوا في حالةٍ نفسيّةٍ هادئةٍ أثناء الممارسة، هم يبحثون في كلّ مكان عن مُعلـّمي تشيكونق لِيسألوهم: "أيّها المُعلـّم، لماذا لا أستطيـعُ أن أدخـُلَ في حالة سكينةٍ أثناء الممارسة ؟ حال جُـلوسي للتأمّـل، أفـكّرُ في كلّ شيءٍ، يشرُدُ فكري مع شتـّى أنواع الأفكار." إنّ ذلك حقـّا تجسيم حيّ لعبارة "يَقلـِـبُ الوديان ويُـقلـّـبُ البحارَ"، كلّ شيءٍ يصعدُ إلى السطح، أنتم عاجزون تمامًا عن إيجاد هدوء البال. لماذا لا تنجحون في الدّخول في حالة هدوءٍ ؟ البعض لا يفهمون ذلك ويظنـّون أنـّّه للحُصول على ذلك هناك حيل ووسائل، فيذهبون في طلبِ معلـّمين معروفين: "علـّمني بعض المهارات لأتمكّنَ أخيرًا من إيجاد الهدوء". حسب رأيي هذا يدلّ على أنكم تبحثون خارج أنفسكم. إن كنتم تـُريدون رفع مُستواكم، يجبُ أن تبحثوا داخل أنفسكم، وأن تـُركّزوا مجهوداتكم على أنفسكم. فقط بهذه الطريقة يُمكن أن ترتقوا حقـّا في ممارستكم وتجدوا السّكينة أثناء تمارين التأمّـل في وضعيّة الجُـلوس، التمكّن من الدّخول في حالة سكينة هي قدرة، درجة التركيز التي تصِلون إليها هي مُؤشّر على مُستواكم.        

                                                                                                                                                             

هل بإمكان إنسان عاديّ أن يدخُـلَ بيُسر في حالة سكينةٍ ؟ لا مُطلقـًا، إلاّ إذا كان شخصًا ذا استعدادٍ جيّدٍ جدّا. بعبارةٍ أخرى، إن كان النـّاس لا يدخلون في الهدوء، فإنّ السّبب الرئيسيّ ليس تقـنيّا، ليس هناك مهارة أو حيل، ولكنّ تفكيركم وقلبكم هما اللـّذان ليسا نقيّين. أنتم تعيشون وسط الناس العاديّين، عندما تـُواجهون الخلافات بين الناس، من أجل المصلحة الشّخصيّة، المشاعر السّبعة والرّغبات الستّ "تشي تشينق ليو يو، Qi qing liu yu" ومُختلف التعلـّقات، أنتم تدخلون في صراعات ومُشاحنات مع الآخرين، أنتم لا تستطيعون أن تنزعوا عنكم كلّ هذا، لا تستطيعون أن تكونوا مُتجرّدين منها، ولكنكم تـُريدون أن تدخلوا في حالة سكينةٍ، كيف تعتبرون أنّ الأمر بتلك السّهولة ؟ البعض يقول وهو يُمارس التمارين: "أنا لا أصدّق ذلك، يجبُ أن أجد السّكينة ولا يشرُدَ فكري." وحالما يفرغ من قول هذه الكلمات، تعودُ إليه الأفكارُ من كلّ صوبٍ، ذلك لأنّ قلبه ليس نقيّا، إذن من المُستحيل إيجاد السّكينة.

 

ربّما لا يستسيـغ البعض رأيي: "ألا نرى رغم ذلك مُعلـّمي تشيكونق يُـلقـّـنون الآخرين استعمال بعض التقنيات ؟ نستطيـعُ أن نـُركّزَ على نـُقطةٍ واحدةٍ "شو يي، Shou yi"، ممارسة التصوّر "قوان سيانغ، "Guan xiang، تركيز الفكر على الدّانتيان، مُشاهدة الدّانتيان من الدّاخل، أو ترديد اسم بوذا."الخ. إنّ هذه طرق، وليست مُجرّدَ طرق ولكن أيضًا أشكال تجلّ لقدرة التحكّم. إنّ قدرة التحكّم تتعلـّقُ مُباشرة بدرجة السين سينغ التي حققناها عبر التعهّد والممارسة، وبالمستوى الذي ارتقيْـنا إليه، على كلّ حال، لا نستطيـعُ إيجاد السّكينة فقط باستعمال هذه الطرق. إن كنتم لا تـُصدّقون ذلك، جرّبوا، مع كلّ تعلـّقاتكم ورغباتكم الجامحة إلى درجة أنكم لا تقدرون على التجرّد من أيّ شيءٍ، سترَوْن إن كنتم قادرين على الدّخول في حالة سكينةٍ. البعض يقول أنّ ترديد اسم بوذا يبدو أكثرَ فاعليّة ً، هل تستطيعون الوُصول إلى حالة سكينةٍ مع التـرديد المُستمرّ لاسم بوذا ؟ هناك أناس يقولون: "إنّ ممارسة فامان البوذا أميتابها أسهل، يكفي أن نـُردّدَ اسم بوذا. "هيّا، ردّدوهُ لِنرَ !" أنا أقول أنّ تلك قدرة  تحكّم ؛ تقولون أنّ ذلك سهل، أقول لكم أنه ليس بالسّهل، ليس هناك أيّ فامان سهل.

 

كلّ الناس يعلمُون أنّ ساكياموني كان يتحدّث عن دينق (التركيز، التأمّـل)، وإلامَ كان يدعو قبل دينق ؟ كان يتكلـّم عن دجي (التجرّد، الزهد)، يجب أن يتجرّد المرءُ من كلّ رغباته وتعلـّقاته، عندما يزول كلّ هذا، يستطيـعُ عندها التوصّـل إلى التركيز. أليس ذلك هو القانون ؟ ولكنّ  الدينق هو أيضًا قدرة تحكّم، أنتم عاجزون عن الوُصول منذ البداية إلى تجرّدٍ تامّ ؛ مع تجرّدكم التدريجيّ من كلّ الأشياء السّيئة، قدرتكم على التركيز ستقوى شيئًا فشيئًا. عندما نذكُر اسم بوذا، يجبُ أن نذكُرَهُ بذهن خال من الشّواغل، دون أن يُفكـّر القـلب في شيءٍ، إلى أن تصير كلّ أجزاء المُخّ الأخرى مُخدّرة ًمن أثر الذكر، لا يعود المرءُ يعلمُ شيئًا- فكرة واحدة تطرُدُ عشرة آلافٍ أخرى- وحروف اسم بوذا تتشكّـل أمامكم. أليست هذه قدرة تحكّم ؟ هل نستطيـعُ أن نصِلَ إلى ذلك منذ البداية ؟ لا، لا نصلُ إلى ذلك، إذن لا يُمكن بكلّ تأكيدٍ أن ندخـلَ في التركيز ؛ إن كنتم لا تـُصدّقون ذلك، حاولوا لِترَوْا. مع مُواصلة ترديده، ستـُفكّرون في شتـّى أنواع الأشياء: "مُدير مُؤسّسة عملي لا يُعيرني أيّ اهتمام، لقد أعطاني منحة ً ضئيلة ً للغاية هذا الشّهر." وكلـّّما أمعنتم في التـفكير في ذلك، كلـّما زاد غضبُكم، ولكنكم لا تزالون تـُردّدون اسم بوذا، هل تستطيعون القيام بالممارسة بهذا الشكل ؟ أليست هذه مسألة قدرة تحكّم ؟ أليس مردّ هذا عدم نقاوة قلبكم ؟ أولئك الذين لهم تيانمو مفتوحة، يستطيعون أن يتأمّـلوا الدّانتيان في داخلهم. بما أنّ الدّان يتجمّع في مُستوى أسفل البطن من الإنسان، بقدر ما تكون مادّة الطاقة نقيّة، بقدر ماتكون مُضيئة ً، وبقدر ما تكون غير نقيّة، بقدر ما تكون مُظلمة وسوداء. هل يُمكن أن ندخُـلَ في حالة سكينةٍ فقط بواسطة مُشاهدة الدّانتيان من الدّاخل وتأمّـل الدّان ؟ هذا مُستحيل. لا يهمّ ما هي الطريقة المُستعملة في حدّ ذاتها، ما في الأمر هو أنّ الأفكار واليينيان ليسا نقيّيْن وصافييْن. أنتم تـُشاهدون داخل الدّانتيان، وترَوْن أنّ الدّان مُشعّ ورائع ؛ بعد لحظاتٍ يبدأ هذا الدّان في التغيّـر، وهاهو يُصبحُ منزلاً. "هذه الغـرفة ستكون لزواج ابني، الأخرى لابنتي، والأخرى لنا نحن الزّوجان العجوزان، وقاعة الجُـلوس في الوسط، هذا مُـناسب تمامًا ! هل سيمنحونني هذا المنزل ؟ يجب أن أجد وسيلة ً لامتلاكه، ولكن كيف ؟" إنّ الناس مُتعلـّقون كثيرًا بهذه الأشياء، هل تظنـّون أنكم تستطيعون الدّخول هكذا في حالة سكينةٍ ؟ البعض يقولون: "أنا آتي إلى مُجتمع الناس العاديّين كشخص ينزلُ في فندق، وبعد إقامةٍ قصيرةٍ، سأرحلُ بسُرعةٍ." ولكنّ بعض الأشخاص يتشبّـثون كثيرًا بهذا المكان ونسَوْا بيتهم الأصليّ.

 

بالنسبة للشّيولين الحقيقيّ، يجب على المرء أن يتعهّد ويُمارسَ جاعلاً هدفهُ هو القلب، هو باطن الذات، يجب أن يبحَثَ في الدّاخل، ولا يبحَثَ أبدًا خارج ذاته. في بعض المذاهب، يُقالُ أنّ البوذا يُوجد في القلب، هذا صحيـح أيضًا. ولكنّ البعض يفهمون ذلك فهمًا مغلوطـًا، ويقولون أنّ البوذا يُوجد في قلوبهم، كما لو كانوا هم أنفسهم بوذا، كما لو كان في قلوبهم بُوذا. أليس من الخطأ فهم الأمر هكذا ؟ كيف لنا أن نفهمهُ هكذا ؟ في الواقع ذلك يعني أنه عليكم أن تتعهّدوا وتـُمارسوا جاعلين غايتكم هي القلبَ، وأنكم لن تضمنوا النـّجاح بغير ذلك. هذا هو القانون. أنـّّى لكم أن يكون بوذا داخلكم؟ ليس هناك غير الشّيولين تستطيعون من خلاله الوُصول إلى الكمال.

 

إن كنتم لا تستطيعون الدّخول في حالة سكينةٍ، فذلك لأنّ ذهنكم غير خال ولم تبلغوا مُستوىً مُرتفعًا. هذا يتطلـّّبُ مسارًا يمتدّ من السطحيّ إلى العميـق ويتكاملُ مع ارتفاع المُستوى. عندما تزُول روح تعلـَقكم، ترتفعُ درجتكم وتتعمّقُ قدرتكم على التــّركيز أيضًا. إن كنتم تريدون الوصول إلى السّكينة باستعمال هذه الحيلة أو تلك الوسيلة، أقول أنّ كلّ ذلك بحث نحو الخارج. الانحراف في الممارسة أو اتـّباع طريق باطلة يعنيان بالتـّحديد هذا النـّوع من البحث خارجًا. وخاصّة في البوذيّة، إن بحثتم نحو الخارج، سيُقالُ أنكم تـتـّبعون طريقـًا شيطانيّة ً. بينما في الشّيولين الحقيقيّ، يجبُ أن تتعهّدوا وتـمارسوا مُستهدفين القلبَ، وفقط عندما ترفعون طبيعتكم الأخلاقيّة والنفسيّة، تستطيعون أن تصلوا إلى صفاء القـلب والسّكينة ؛ لا يُمكن أن تـنتسبُوا إلى طبيعة كوننا إلاّ بالرّفع من السين سينغ، يجبُ أن تـُـلقوُا وراءكم كلّ الرّغبات، كلّ التعـلـّقات وكلّ الأشياء السّيّئة عند الإنسان، حينها فقط تـُجْـلـُونَ جسمكم من كلّ ما هو سيّء وتصعدون. ستـتحرّرون من قيود طبيعة الكون ومادّتكم- دو ستتحوّل إلى قونق ؛ إنّ الأمران مشروطان ببعضهما ويتكاملان، أليس كذلك ؟ ذلك هو القانون.

 

إذن، السّبب الذاتيّ الذي يمنع الممارس من الدّخول في حالة سكينة، هو أنّ هذا الأخير لا يستجيبُ للمقاييس والشّروط المطلوبة من ممارس. حاليّا، توجد هناك أيضًا أسباب موضوعيّة تـُزعجكم إلى حدّ خطير وتحُول بينكم وبين التعهّد والممارسة نحو المستويات العليا، إنها تـُؤثـّر بشكل خطير على الممارسين. الكلّ يعلمُ أنه مع الإصلاح والانفتاح التدريجيّ، وإعادة إحياء الاقتصاد، أصبحت القوانين السياسيّة أيضًا أكثر مُرونة ؛ أدخِلت الكثير من التكنولوجيّات الحديثة في البلاد، ومستوى العيش آخذ في التـحسّن ؛ كلّ الناس العاديّين يعتبرون ذلك شيئًا جيّدًا. بصفةٍ جدليّةٍ، هناك أشياء سيّئة أيضًا دخلت إلى بلادنا إثر الإصلاح والانفتاح، وهي من كلّ الأصناف. إذا لم تتمّ إضافة وصف إباحيّ وعناصر جنسيّة في عمل أدبيّ أو مجلـّة، يبدو أنهما لا يُباعان، والغاية التي يُرادُ تحقيقها هي أكبر كمّية من المبيعات ؛ إذا لم توجد مشاهد فراش في الأفلام والتـلفزيون، يبدو أنه لن يكونَ هناك مُتفرّجون، والغاية التي يُرادُ تحقيقها هي أكبر عدد من المُتفرّجين ؛ فيما يخصّ الفنون التشكيليّة، لا أحد صار يعلمُ إن كان ذاك فنـّا حقيقيّا أم شيئًا آخرَ، لم يكُن يُوجدُ شيء من هذا في الفنون القديمة للأمّة الصّينية، وتراث الأمّة الصينيّة لم يتمّ اختراعُه أو خلقهُ من قِبل هذا الشّخص أو ذاكَ. عندما تحدّثتُ بشأن الحضارات القديمة، قلتُ أنّ كلّ شيءٍ لهُ أصله وجُذوره. لقد تشوّه المقياس الأخلاقيّ للإنسانيّة وشهد تغيّرًا، حتـّى المقياس الذي يُحدِّدُ الخير والشرّ شهدَ تغيّرًا، هذا هي وضعيّة الناس العاديّين اليوم. ولكن مقياس طبيعة الكون جهان شان ران هو المقياس الأوحد لتقيـيم ما إذا كان إنسان مّا جيّدًا أم سيّئًا، وهو ثابت لا يتغيّر. بصفتك ممارسًا، إن كُـنتَ تـُريد النجاح، يجب إذن أن تقيسَ نفسك وفق ذلك المقياس لا وفق مقاييس الناس العاديّين. إذن، من الناحية الموضوعيّة الخارجيّة، توجدُ ايضًا دخائل. وأكثر من ذلك، خليط كامل قد ظهر، شذوذ جنسيّ، إباحيّة واستهتار، مخدّرات الخ..

 

المجتمع البشريّ تطوّر إلى الحدّ الذي وصلنا إليه اليوم ؛ فكّروا، ماذا سيُصبـحُ لو تواصل الحالُ هكذا ؟ هل من المُمكن أن يُسمَحَ له بالبقاء هكذا إلى الأبد ؟ إن لم يُرْس ِ الإنسان النـظام، فستفرضُهُ السّماء. كلّ مرّة حلـّت فيها كارثة بالإنسانيّة، هذه الأخيرة كانت تـُوجد دائمًا في مثل هذه الحالة. طوال كلّ هذه المُحاضرات، لم أتحدّث أبدًا عن مسألة نهاية العالم بالنسبة للإنسانيّة. الأديان تتحدّث عنها، الكثير من الناس يتحدّثون أيضًا عن هذا الموضوع السّاخن. سأثيرُ هذه المسألة، فكّروا جميعًا: في مجتمعنا هذا، مجتمع الناس العاديّين، شهدت القيم الأخلاقيّة للإنسان تغيّرًا هائلاً ! أصبحت العلاقات بين النـّاس مشحونة للغاية !  فكّروا، ألم تبلغ الإنسانيّة مرحلة ً نهاية ً في الخطورة ؟ لذلك فإنّ المُحيط الموجود حاليّا يُفرزُ أيضًا تشويشًا واضطرابًا خطيرًا بالنسبة لممارسينا في تعهّدهم وممارستهم نحو المُستوى العُـلويّ. صورُ أجسادٍ عاريةٍ معروضة في كلّ مكان، مُعلـّقة في الشّارع، يُشاهدها المرءُ حالما يرفعُ رأسهُ.

 

لقد قال لاوو تسي: "عندما يسمعُ إنسان رفيـعٌ الدّاوو (الطريق)، يُـعجـّـلُ بممارسته." عندما يسمعُ إنسان رفيـع الدّاوو، فهو يعلمُ أنه نال أخيرًا الشّرع الحقّ الذي ليس من السّهل نيلـُهُ، فإن لم يكُن اليومَ فمتى سيشرعُ في التعهّد ؟ أنا أظنّ أنّ مُحيطـًا مُعقـّـدًا هو على العكس شيء جيّد، من المُحيط الأكثر تعقيدًا، سيخرُج الإنسان الأعلى درجة ً ؛ إن قدِرَ على الخُـلوص منه بنجاح، فستكون نتيجة الشّيولين أكثرَ صلابة ً.

 

بالنسبة لممارس ثابتٍ حقـّا في تعهّده وممارسته، أنا أقول أنّ ذلك على العكس شيء جيّد. إن لم يظهر أيّ خلاف ولا أيّ فـُرصة لرفع طبيعتكم الأخلاقيّة، لن تتمكّـنوا من الترقيّ. إن كان الجميـعُ طيّبين ويسودهم التفاهم، فكيف سيتسنـّى للمرء أن يتعهّد نفسه ويُمارسَ ؟ الممارسون العاديّون ينتمون إلى صنف "إنسان وَسَط يسمع الدّاوو"، القيام بالممارسة أو عدمُهُ سيّان عندهم، يصعُبُ جدّا أن يتمكّن هذا النوع من الأشخاص من النجاح. بعض الأشخاص الحاضرين هنا يجدون كلام المُعلـّم معقولاً كثيرًا أثناء الدّرس، إلاّ أنهم حالما يعودون إلى مجتمع الناس العاديّين، يجدون أنّ مصالحهم الآنيّة أكثر واقعيّة ً وعمليّة. حسنـًا، إنها اقرب للواقع ؛ ومع ذلك، بقطع النظر عنكم، عدد كبير من الأثرياء وأصحاب الملايين في الغرب أدركوا بعد الموت أنه لم يبقَ لهم شيء: الثروات المادّية، نأتي للدنيا دون جلبها ونـُفارق الدنيا دون حملها، يبقى شُعور بالفراغ. وفي المُقابل لماذا القونق ثمين للغاية ؟ لأنه ينغرسُ مُباشرة ًعلى جسم روحكم الأصليّة، تستطيعون أن تجلبوه معكم عند قدومكم إلى الدنيا وتحملوه معكم عندما تـُفارقون الدنيا ؛ نحن نقول أنّ اليوانشان خالد لا يفنى، وهذا ليس خياليّا. بعد أن يطرح جسدنا الماديّ عنه خلاياه، فإنّ عناصره الجُزيئيّة الأكثر صِغـَرًا الموجودة في العوالم الأخرى لم تفـْنَ ؛ لم يكن ذلك سوى قشرةٍ خارجيّة نزعها الجسدُ.

 

كلّ ما كنتُ بصددِ الحديث عنه يتعلـّق بمسألة السين سينغ عند الإنسان. لقد قال ساكياموني الجُملة التـّالية، وقالها بودهيدارما أيضًا: "الصّين، أرض الشّرق هذه، هي المكان الذي سيظهرُ فيه رجال ذوو فضيلةٍ عُظمى." في الصّين، كثير من الرّهبان والصّينيّين على مرّ العصور كانوا يعتزّون كثيرًا بهذه الجُملة. كانوا يفهمونها على أنه بإمكانهم امتلاك القونق الأكثر ارتفاعًا عن طريق الشّيولين ؛ وهكذا كان كثير من النـّاس مسرورين وفخورين: "إنه دائمًا نحن الصّينيّين، الصّين هي المكان الذي يظهرُ فيه رجال ذوو استعداد ممتاز ورائع ورجال ذوو فضيلة عُظمى." في الواقع، كثير من الناس لم يفهموا المغزى الحقيقيّ للجملة. لماذا في هذا المكان، الصّين، يُمكن أن نشهد ظهور رجال ذوي فضيلة عُظمى، لماذا نشهدُ ظهور رجال ذوي قونق مُرتفع جدّا هنا ؟ كثير من الناس لا يستطيعون فهم المعنى الحقيقيّ للعبارات التي يقولها ذوو الدّرجات العالية، هم لا يُدركون أيضًا طريقة تفكير الأفراد العلويّين وحالتهم الرّوحيّة. حسنـًا، سنترك جانبًا دراسة معناها، ولكن فكّروا قليلاً ؛ إنه فقط وسط النـّاس الأكثر تعقيدًا، وفي المحيط الأكثر تعقيدًا حيث يستطيـع المرءُ، عبر الشّيولين، أن يتحصّـل على قونق الدّرجة العُـليا، هذا هو المعنى.

 

 الاستعداد "قان دجي، Genji"

 

ما يُحدّد استعداد الإنسان هو كمّية المادّة المُسمّاة دو التي يحملها جسمه في عالم آخر. مع قليل من الدّو وكمّيةٍ كبيرةٍ من المادّة السّوداء،  يكون حقل الكارما شاسعًا ويُعتـَبَرُ الاستعداد غير جيّدٍ ؛ مع كمّية كبيرة من الدّو وكثير من المادّة البيضاء، فإنّ حقل الكارما يكون صغيرًا ويكون الاستعداد جيّدًا. المادّة البيضاء والمادّة السّوداء يُمكن أن تتحوّلَ إحداهُما إلى الأخرى. كيف يتمّ هذا التحوّل ؟ القيام بأفعال طيّبةٍ يُولـّدُ المادّة البيضاء ؛ يتمّ تحصيل هذه المادّة البيضاء عبر مُقاساة المِحن والآلام وإتيان الأفعال الحسنة. المادّة السّوداء تتولـّد من الأفعال السّيئة والأشياء السّيئة، تلك هي الكارما. إنها تمرّ بنظام التحوّل هذا وفي نفس الوقت يحملـُها المرء معه أيضًا. ونظرًا لأنها تتبـعُ مُباشرة ً اليُوانشان فإنها ليست نِتاج حياةٍ واحدةٍ، بل تجمّعت منذ ماض بعيدٍ. لذلك نتحدّث عن تراكم الكارما وتراكم الدّو، ويُمكن أيضًا أن تـُورَثـَا وتـُـنقـَـلا عن الأجداد. أحيانـًا، أتذكّر ما يقوله الصينيّون القدامى أو الشّيوخ المُسنـّون: "لقد جمّع الأجداد الدّو"، أو"جمع الدّو"، أو"الافتقار إلى الدّو"، كم هي صائبة عباراتهم، إنّ ذلك صحيـح تمامًا.      

                                                                                                                                                      

 الاستعداد الجيّد أو السّيء للإنسان يُمكن أن يُحدّد درجة وعيه الجيّدة أو السّيئة. استعداد سيّء يُمكن أن يُفسِدَ درجة وعي الإنسان. لماذا ؟ لأنّ الإنسان ذو الاستعداد الجيّد له الكثير من المادّة البيضاء، وهذه المادّة البيضاء تنسجمُ مع كوننا، هي تتـوافق مع طبيعة جهان شان ران، وتتواصلُ معها دون حواجز. طبيعة الكون ستتجلـّى مُباشرة ً في جسمكم، ستـكونُ على صـِلة مُباشرة مع جسمكم. وعلى العكس من ذلك بالنسبة للمادّة السّوداء، بما أنها مُتولـّدة عن فعل سيّءٍ فهي تذهبُ بالضّبط في الاتـّـجاه العكسيّ لطبيعة الكون. إن بلغت هذه المادّة السّوداء كمّية ً كبيرة ً، فستـُشكّـل حول الجسم البشريّ حقلاً يعزلُ الإنسان. كلـّما انتشر هذا الحقلُ أكثر كلـّما صار كثيفـًا وسميكـًا، وبما أنه لا يستطيـعُ أن يلتقط طبـيعة الكون جهان شان ران فإنّ درجة وعيه تسوء أكثر فأكثر. ذلك لأنه ارتكب أعمالاً سيّئة ًوولـّد مادّة سوداء، في غالب الأحيان، إنسان من هذا الصّـنف ليس مُستعدّا للإيمان بالشّيولين: كلـّما كانت درجة وعيه ضعيفة، كلـّما عرقـلـَـتـْه ديونه (الكارما) ؛ كلـّما مرّ بمِحن، كلـّما ضعُفَ إيمانه، ويُصبـحُ الشّيولين إذن عسيرًا عليه.

                                                                                                   

 يكون الشّيولين أيسر بالنسبة لإنسان مُزوّدٍ بكمّيةٍ كبيرةٍ من المادّة البيضاء، لأنه أثناء الشّيولين، طالما أنه يتـّصفُ بطبعة الكون ويرفعُ طبيعته الأخلاقيّة، فإنّ مادّته البيضاء- دو يُمكن أن تتحوّل مُباشرة إلى قونق. بينما ذاك الذي يملكُ كمّية ً كبيرة ً من المادّة السّوداء، فمثل منتوج في مصنع، هو يحتاجُ إلى عمليّةٍ إضافيّةٍ ؛ إذا كان الآخرون يأتون بموادّ نصف- جاهزة، فإنه هو يملكُ موادّ خامّة، ويجبُ تكريرُها، هذا التمشّي يُصبـحُ أكيدًا. لذلك، يجبُ عليه أوّلاً أن يُقاسيَ محنـًا ليُزيل الكارما التي لديه، أن يُحوّلها إلى مادّة بيضاء، مادّة الدّو، وفقط إثر ذلك يُمكنه أن يُـنمّي طاقته (القونق) إلى مستوىً مُرتفع. ولكن عادة ً، هذا الصّـنف من الناس يملكُ درجة وعي مُتواضعة منذ البداية ؛ إن تـُـثقلوا كاهله بالمِحن والشّدائد، سيصيرُ مُكذبًا أكثر من ذي قبلُ، وصبرُه على تحمّـلها سيَـنفدُ بسرعةٍ، لذلك، فإنّ الإنسان الذي لديه كمّية كبيرة من المادّة السّوداء يصعُبُ عليه كثيرًا التعهّد والممارسة. في الماضي، كانت المدرسة الطاويّة، وكذلك مذاهب تتوخّى تلقين المعرفة لمُريدٍ واحدٍ، كانت تتحدّثُ عن بحث المُعلـّم عن المُريد لا عن بحث المُريد عن المُعلـّم، لأنّ القرار في شأن المُريد يتمّ أيضًا من خلال تقييم كمّية هذه الأشياء التي يحملـُها.      

                    

الاستعداد يُحدّد درجة وعي الإنسان، ولكنّ ذلك ليس مُطلقـًا. البعض لهم استعداد سيّء جدّا، ولكنّ لهم مُحيطـًا عائليّا ممتازًا: الكثير من أفراد عائلتهم يُمارسون التشيكونق، أو أنّ بعضهم لديه عقيدة دينيّة قويّة وإيمان عميـق بالشّيولين. في هذه البيئة، يُمكنُ أن ينساقوا هم أيضًا إلى الإيمان به، وتتحسّنُ درجة وعيهم، إذن فذلك ليس مُطلقـًا. هناك أيضًا ناس لهم استعداد جيّد جدّا، ولكن عادة ً، يكونون قد تلقـّوْا تكوينـًا قائمًا على المعارف المحدودة لمُجتمعنا البشريّ هذا –وخاصّة ً مع استبداديّة التنشئة الايدولوجيّة في السّـنين القليلة الماضية والتي تجعلُ من فكر الإنسان ضيّقـًا جدّا- لذلك فهم لا يُؤمنون بأيّ شيءٍ يتجاوزُ مُحيط معارفهم، وهذا يُؤثر بشكل خطير على درجة وعيهم.

 

ولْنذكُرْ مثالاً، أثناء مُحاضراتي، تحدّثتُ في اليوم الثاني عن فتح  التيانمو. كان يُوجد هناك شخص ذو استعدادٍ جيّدٍ، فتحنا عينه الثالثة منذ البداية على مُستوىً عال جدّا، ورأى كثيرًا من المشاهد التي لا يراها الآخرون، فقال للآخرين: "آه ! لقد رأيتُ في كامل أرجاء مكان الدّعوة، العديدَ من عجلات الشّرع تنزلُ على أجسام الناس كنـُدَفٍ من الثلج ؛ لقد رأيتُ الجسم الحقيقيّ للمُعلـّم "لي" ؛ لقد رأيتُ الهالة النورانيّة للمعلـّم "لي" ؛ لقد رأيتُ كيف هي الفالون وكم هو كبير عدد أجسام الشّرع. لقد رأيتُ كيف يدعو المعلـّم "لي" إلى الشّرع في مختلف المُستويات، لقد رأيتُ كيف يُعدّلُ الفالون جسم التلاميذ في الدّورة التكوينيّة. لقد رأيتُ أيضًا عندما كان المعلـّم يُعطي محاضرته أنّ "أجسام قونق" المعلـّم هي التي تتولـّى تدريس الشرع في كلّ طبقة، في كلّ مستوىً ؛ ورأيتُ أيضًا حوريّات تنثرُ الورودَ..."، الخ. لقد رأى أشياء رائعة ً جدّا، الأمر الذي يدلّ على أنّ استعداد ذلك الشخص كان ممتازًا حقـّا. ولكنه بعد أن تحدّث عن كلّ ذلك، ختمَ حديثه بهذه العبارات: "أنا لا أصدّق هذه الأشياء." بعض الأشياء تمّ إثباتـُها من قِبَـل العلم الحديث، الكثير من الأشياء قد صارت قابلة للتفسير بواسطة العلم الحديث، ونحنُ أيضًا تحدّثنا عن بعضها. لأنّ معارف التشيكونق تتجاوزُ فعلاً معارف العلم الحديث، هذا أكيد. وعلى ضوء هذا المثال يُمكنكم أن تروْا أنّ الاستعداد لا يُحدّدُ كلـّيًا درجة الوعي.      

                                                                      

 

 اليقظة "وو، Wu"

 

ما هي "اليَقظة" ؟ "اليقظة" هي عبارة مأخوذة من الدّيانة البوذيّة. في البوذيّة، تعني هذه العبارة فهم الممارس لشرع بوذا، والاستفاقة المعرفيّة والاستفاقة النهائيّة، أي استفاقة الحكمة. ولكن اليوم، نجدُ هذه العبارة رائجة ً وسط الناس العاديّين، يقولون أنّ هذا الرّجل أو ذاكَ ذكيّ جدّا، أنه قادر على معرفة ماذا يُفكّرُ رئيسُه في العمل، وأن يفهَمَ نواياهُ في الحال، وأنهُ يملِكُ موهبة القيام بما يجبُ لإرضاءه. يقولون أنّ رجُلاً من هذا النوع يتمتـّعُ بدرجة يقظة جيّدة (درجة وعي جيّدة) ؛ في أغلب الأحيان ينحُون نحو فهم الأمر بهذه الطريقة. ولكن عندما تتجاوِزون مُستوى الناس العاديّين، وعندما تضَعون أنفسكم في مُستوىً أعلى قليلاً، سوف تجدون أنّ المبادئ التي يُقرّها الناس العاديّون هي في أغلب الأحيان مغلوطة. اليَقَظة التي نتحدّث عنها ليست بالمرّة بذلك المعنى. إنسان خبيث، بالعكس، لهُ درجة يقظة سيّئة، لأنّ إنسانـًا ذكيّا جدّا لا يقوم سوى بأشياء سطحيّة لينالَ إعجاب مُديره أو رئيسه في العمل. بينما في الواقع، الآخرون هم الذين يقومون بالعمل حقـّا. وهكذا يُصبحُ مدينـًا للآخرين ؛ وبما أنه ماكر فهو يعلمُ تمامًا ما الذي يجبُ فعلهُ ليُرجّح الكفـّة لصالحه، وهكذا يكسَبُ أكثر، ويخسرُ الآخرون أكثر ؛ وبما أنه ذو دهاءٍ فهو لا يرضى أبدًا بالخسارة، وحتـّى أنه من الصّعب أن يخسرَ، إذن، فمن عليه أن يتحمّـل الخسارة هم الآخرون. بقدر ما يُوجّه اهتمامهُ نحو مصالحه في الحياة، بقدر ما يكونُ أفقه ضيّقـًا وبقدر ما يجدُ أنّ المصالح الماديّة للناس العاديّين هي أشياء لا يجبُ إضاعتها ؛ هو يظنّ أنه واقعيّ ولن يقبل أيّ خسارةٍ.                          

 

هناك حتـّى من يحسُدُهُ ! لا تحسُدُوه، أؤكّد لكم. أنتم لا تدرُون كم هي مُتعبة حياتهُ، ليس لديه شاهية للطعام، لا ينامُ جيّدًا، وحتـّى في الحُلم، يُلاحقه الخوف من فقدان مصالحه. تجاه المصالح الشّخصيّة، فهو كما لو كان يلِـجُ في قرن ثور، ألا تروْن أنّ حياته مرهقة ؟ إنه لا يعيشُ طوال حياته إلاّ من أجل ذلك. نحنُ نقولُ أنه أمام المصاعب "لو تتراجعون خُطوة ً واحدة ً إلى الخلف، سيكونُ أمامكم ملْء البحار امتدادًا وملْء السّماوات رحابة ً". سيكونُ هناك حتمًا أفق آخر. ولكنّ إنسانـًا من هذا النوع لا يتراجعُ، إنه يخوضُ حياة مُرهقة جدّا ؛ من الأفضل لكُم ألاّ تحذوا حِذوَهُ. في ميدان الشّيولين يُقال عن هذا الشّخص أنه الشخص الأكثر ضلالة ً، أنه تاه تمامًا وسط الناس العاديّين من أجل مصالح مادّية. وتـُريدون منه أن يُحافظ على حسناته- دو، كم هُو سهل الكلام ! تريدونه أن يقومَ بالممارسة، هُو لا يُؤمن بذلك: "القيام بالممارسة ؟ أنتم الممارسون، يجبُ عليكُم ألاّ ترُدّوا بالمثل على من يضربُكم وألاّ تشتموا من يشتِمُـكم. إن عاملكم أحد بقسوة، لا يجبُ أن ترُدّوا بنفس المُعاملة، بل بالعكس يجبُ أن تشكُروهُ. أنتم كلـّـكم جُبناء ! مجانين !"، بالنسبة لإنسان من هذا النوع، الشّيولين أمر غير مفهوم. بالعكس، سوف يقولُ عنكم أنّ أمركم غريب جدّا، وسوف ينعتكم بالمُغفـّـلين. حسب رأيكم، أليس صعبًا إنقاذ هذا الشّخص ؟                                                   

 

اليَقظة التي نتحدّث عنها ليست تلك اليَقظة ؛ ولكن تمامًا مثلما يقولُ ذلك الشّخص هو أن نكونَ مُغفـّـلين إزاء مصالحنا الشّخصيّة، هذه هي اليَقظة التي نتحدّثُ عنها. طبعًا، نحنُ لسنا حقـّا مُغفـّـلين، نحنُ فقط زاهدون في مثل هذه المصالح الشخصيّة، ولكن من زوايا أخرى، نحنُ أذكياء. إن يكُنْ موضوع بحثٍ علميّ ٍ، مُهمّة ً أو عملاً مُسندًا من طرف رئيس العمل، نستطيـعُ أن نضطلِـعَ بها جيّدًا بذهن يقِظٍ. فقط تجاه مصالحنا الشخصيّة وفي الصّراعات بين الناس، نكون لامُبالين. من يستطيـعُ أن ينعَتـكُم بالحمقى ؟ لا أحد سيقولُ أنكم حمقى، هذا مُؤكّد.

                                                                                   

 سنتحدّث الآن عن الأحمق بالمعنى الحقيقيّ للكلمة ؛ نجدُ أنّ القوانين معكوسة تمامًا في المستوى العُـلويّ. هناك احتمال ضعيف أن يرتكب أحمق آثامًا خطيرة في المجتمع البشريّ العاديّ، أن يتخاصم أو يتصارع مع الآخرين من أجل مصالحه الشخصيّة، إنه لا يهتمّ بالوجاهة ولا يفقدُ حسناته (الدّو). وفي المُقابل سيُعطيه الآخرون الدّو. عندما يضربونه ويشتمونه، يُعطونه الدّو، وهذه المادّة ثمينة للغاية. في كوننا، يُوجد هذا المبدأ: منْ لا يخسَرْ لا يكسبْ، يجبُ أن يخسَرَ المرءُ لكي يكسَبَ. عندما يرى الناسُ أحمقـًا، الكلّ يشتمهُ: "هيه، أنت، أيّها الأحمق." حالما يفتحون أفواههم ويُرسلون نحوه هذه الشّـتيمة، فإنّ كمّية ً من الدّو قد ألقِيَـتْ إليه. لقد تسلـّيْتم على حسابه، أنتم إذن الغالبون. يجبُ إذن أن تتحمّـلوا الخسارة. يركُـلونه بالقدم: "يا لكَ من أحمق." إذن، فقطعة أخرى من الدّو تـُـلقى إليه. يُهينونه، يركُـلونه بالقدم وهُو لا يزيدُ على أن يضحكَ ببلاهةٍ: "افعلوا كما تشاؤون، على كلّ حال، أنتم تعطونني دو، وأنا لا أرفضها!" إذن، من منظور القانون الأعلى، فكّروا، من هو الأذكى ؟ أليس هو ؟ إنه هو الأذكى. إنه لا يخسَرُ أدنى دو، أنتم تـُـلقون إليه دو وهو لا يدفعُها بالمرّة ويتلقاها كاملة ً، ويكتسِبُها بكامل الفرحة. إن كان أحمقـًا في هذه الحياة، فلن يكونَ أحمقـًا في حياته المُقبلة، إنّ روحه الأصليّة ليست حمقاء ؛ في الدّيانة، يُقالُ أنه إذا كان المرءُ مُزوّدًا بكمّيةٍ كبيرةٍ من الدو، ففي حياته القادمة، سيكونُ ذا منصب مرموق أو ثروة طائلة، لأنّ كلّ ذلك يُـنالُ بحسنات الإنسان (دو).                                                         

 

نحنُ نقولُ أنّ الدّو يُمكن أن تتحوّلَ مُباشرة إلى قونق. المستوى الذي تبلغونه عبر الشّيولين، أليس مُحدّدًا بتحوّل حسناتكم (دو) ؟ هذه الأخيرة يُمكن أن تتحوّل مُباشرة ً إلى قونق. والقونق الذي يُحدّدُ مستوى الشّخص ومدى قوّة القونق لديه أليس ناتجًا عن تحوّل هذه المادّة ؟ حسب رأيكم أليست هذه المادّة إذن ثمينة جدّا ؟ يستطيـعُ المرءُ أن يجلِبها معهُ عند ولادته ويحملها معهُ عند موته. تقولُ البوذيّة أنّ المستوى الذي تبلغونه عبر تعهّدكم وممارستكم هُو بالفعل مرتبة الثمرة لديكُم. بقدر ما تـُعطون من عندكم، بقدر ما تأخذون، ذلك هو القانون. في الدّين، يُقالُ أنه إذا كان المرءُ يملِكُ كثيرًا من الدّو، فسيكون ذا مركز عال أو ثروة طائلة في حياته المُقبلة. بقدر ضئيل جدّا من الدّو، حتـّى مُتسوّل لن يُمكنه الحُصول على صدقاتٍ، لأنه ليس لديه دو لِيقومَ بالمُبادلة، من لا يخسَرْ لا يكْسبْ ! عندما يكونُ المرءُ مُعوزاً من أدنى دو، فإنّ ما ينتظرُه هو إفناء كُـليّ لجسده وروحه، سيكونُ ذلك الموت الحقيقيّ.                                                           

 

في الماضي، كان هناك مُعلـّم تشيكونق قد بلغ مرتبة عالية ً جدّا حين ظهوره للعُموم، ولكنه فيما بعدُ اهتمّ بالشّهرة والمصالح. فحمل مُعلـّمه رُوحه الثانويّة بعيدًا، لأنّ تعهّده وممارسته ينتميان لصنف شيولين الفو يوانشان. عندما كانت روحه الثانويّة معهُ، فإنها كانت تـُسيّرُهُ. ولْنذكُرْ مثالاً، في أحد الأيّام شرعت مُؤسّسة عمله في توزيـع المساكن، وقال المُدير:"كلّ من هُم في حاجةٍ إلى مسكن يستطيعون أن يعرضوا وضعيـّاتهم وأسباب احتياجهم إلى مسكن." فعرض كلّ منهم وضعيـّته، أمـّا هو، فقد لزم الصّمت. وفي النـّهاية، علِمَ المُدير أنّ ذلك الشّخص يُعاني من وضعيّةٍ صعبةٍ أكثر من الآخرين، وأنّ عليه أن يمنحَهُ المسكن. فانبرى شخصٌ آخر قائلاً: "لا، لا يُمكنكم أن تمنحُوه هذا المسكن، يجبُ أن تمنحوني أنا إيّاهُ، أنا في أشدّ الحاجة إلى مسكن." فقال لهُ: "إذن،هو لكَ."من وجهة نظر إنسان عاديّ، لقد كان هذا الشّخص أحمقـًا. كان هناك أناس يعلمون أنه ممارس، فسألوه: "أنتم الممارسون، لا تـُريدون شيئًا، ولكن عمّ تبحثون في النهاية ؟" فأجاب:"أنا أريدُ ما لا يُريده الآخرون." في الواقع لم يكُنْ أحمقـًا، بالعكس، لقد كان ذكيّا جدّا. فقط، تـُجاه مصالحه الشّخصيّة، كان يتصرّفُ بتلك الطريقة، كان يتـرك الأشياء تسير مسارها الطبيعيّ. ثمّ طلبوا منه مرّة أخرى:"وما الذي لا يريده الناس هذه الأيام؟" فأجاب:"الحصى على الأرض، التي تتدحرجُ تحت أقدام الناس، لا أحد يُريدُها، أنا أجمعُ هذه الحصى." بالنسبة لإنسان عاديّ، هذا يبدو غير معقول، إنسان عاديّ لا يستطيـعُ أن يفهَمَ ممارسًا، من المُستحيل أن يفهَمَهُ، درجة يقظة كلّ منهما مُختلفة جدّا عن الأخرى، البوْنُ شاسع بين كلا المُستوييْن. طبعـًا، هو لم يكُنْ يجمعُ الحصى بدون شكّ، ولكنـّه أفصح عن مبدأ يعجزُ الناس العاديّون عن فهمه:"أنا لا أسعى وراء أمور الناس العاديّين". بالنسبة للحصى، الكلّ يعلمُ، ومكتوبٌ في السّوطرا البوذيّة أيضًا أنه، في عالم السّعادة الكاملة، الأشجارُ من ذهبٍ، الأرض من ذهبٍ، العصافيرُ من ذهبٍ، الزّهور من ذهبٍ، المنازلُ أيضًا من ذهبٍ، وحتـّى جسمُ بوذا هو أيضًا ذهبيّ ومُتلألأ. هناك لا تـُوجدُ حصىً، يُقالُ أنّ الحصى تحُلّ محلّ النقود. طبعًا لن يحمِلَ حقـّا حصاة ً إلى هناك، ولكنه على كلّ حال، قد كَشَفَ مبدئًا غير مفهوم للناس العاديّين. إنّ الممارسين بالفعل يقولون:"الناسُ العاديّون لهُم ما يسعَوْن في طلبه، نحنُ لا نسعى في طلبِ ما يطلبون ؛ نحنُ لا نهتمّ بما يملكُه الناس العاديّون ؛ وما نملكُهُ نحنُ، لا يُمكن للناس العاديّين امتلاكُهُ حتـّى وإن أرادوا."     

 

بالفعل، اليقظة التي كُـنـّا نتحدّث عنها آنفـًا هي اليقظة التي نـُلاقيها أثناء الشّيولين. إنها بالتحديد على العكس من تلك التي لدى الناس العاديّين. اليقظة التي نتحدّث عنها حقـّا هي: طوال مسار ممارستنا، من خلال الشرع الذي يُدرّسه المعلـّم، من خلال الدّاوو الذي يُدرّسه المعلـّم الطاويّ، من خلال المِحَن التي نـُلاقيها أثناء تعهّدنا وممارستنا، هل نحنُ قادرون على اعتبار أنفـسنا ممارسين، هل نحنُ قادرون على فهم كلّ هذا وقبوله، هل نحنُ قادرون أثناء الشّيولين على التصرّف وفق هذا الشّرع ؟ بالنسبة لبعض الناس، مهما تقولون لهم، لا يُصدّقونكم، تبقى أمور الناس العاديّين هي الأكثر واقعيّة ً بالنسبة لهم. هُم يتشبّـثون بمفاهيمهم الجامدة ولا يتركونها، الأمر الذي يُفضي إلى عدم إيمانهم. البعض لا يبحثُ سوى عن شفاء أمراضه ؛ عندما قلتُ هنا أنّ التشيكونق لا يهدِفُ بالمرّة للمُداواة، شيءٌ مّا في داخلهم ردّ الفعلَ بقوّةٍ، وبالتالي لم يُصدّقوا ما قلتـُهُ فيما بعدُ.    

                                                                                                    

هناك أناس لم تتحسّنْ درجة يقظتهم إلى الآن، هم يخُطـّون سُطورًا في كتابي كيفما شاؤوا ويضعون علاماتٍ. كلّ ممارسينا الذين لديهم تيانمو مفتوحة، يُمكنهم أن يَرَوْا أنّ هذا الكتاب يتلألأ ويشعّ ببريق ذهبيّ ٍ، كلّ حرفٍ هو على صورة جسم الشّرع الذي يتبعـني. لو قلتُ أمرًا كاذبًا واحدًا، فذلك يعني أنني أخدعُكم ؛ تلك الخطوط التي رسمتموها، كلـّها سوداء، كيف وجدتم الجرأة على أن تضعوا علاماتٍ بصفةٍ اعتباطيّةٍ ؟ ما الذي نفعلهُ هنا ؟ ألسنا نقودكم إلى  المُستوى الأعلى بواسطة الشيولين ؟ هناك أشياء عليكم أن تـُفكّروا فيها، هذا الكتاب يستطيـعُ أن يُوجّهكم في تعهّدكم وممارستكم، أفلا تعتقدون أنه ثمينٌ ؟ هل سُجودكم أمام البوذا بإمكانه أن يُدخلكم حقـّا في الشّيولين ؟ أنتم أتقياء جدّاً، لا تجرُؤون بتاتـًا على لمس تمثال بوذا، أنتم تحرقون لهُ البخورَ كلّ يوم، بينما الشّرع الأكبر، الذي هُو قادر حقـّا على هدايتكم في تعهّدكم وممارستكم، تسمحون لأنفسكُم بتدنيس قداسته.  

                     

درجة اليقظة التي نتحدّثُ عنها، تعني درجة فهمكم لما يحدث من أمور أثناء الشيولين في مُختلف المُستويات، أو لبعض المسائل وبعض القوانين التي تحدّث عنها المُعلـّم. ولكنّ هذا لا يعني ما نـُسمّيه باليقظة الجذريّة. اليقظة الجذريّة التي نتحدّثُ عنها هي أنّ شخصًا مّا، أثناء حياته، حالما يبدأ تعهّده وممارسته، يرتفع باستمرار إلى الأعلى ويتحوّل، ينزع باستمرار التعلـّقات والرّغبات البشريّة، طاقته (القونق) لا تفتأ تكبُرُ نحو الأعلى إلى أن يصل في النهاية إلى آخر مرحلة من تعهّده وممارسته. بما أنّ مادّة الدّو لديه كلـّها قد تحوّلت إلى قونق، فيجدُ المرءُ نفسَهُ في نهاية مطاف الشّيولين الذي برمجهُ له المعلـّم ؛ وفي طرفة عين تـُفتـَـحُ كامل المغاليق في انفجار. وترقى التيانمو إلى قمّة الدّرجة التي يكون فيها المرءُ آنذاكَ، فيرى الشّخصُ الشكل الحقيقيّ لكلّ العوالم التي تنتمي إلى الدّرجة التي بلغها، وأشكال وجود مُختلف الكائنات الحيّة في مُختلف الأمكنة-الزمانيّة، يرى حقيقة كوننا. تظهَرُ قواه الإلهيّة كاملة ً ويكون المرءُ قادرًا على التواصُل مع كائناتٍ حيّةٍ من كلّ الأصناف. عندما يتمّ الوصول إلى هذه المرحلة، أليس المرءُ حينئذٍ مُتيقظـًا كبيرًا ؟ إنسانـًا مُتيقظـًا بواسطة تعهّده ومُمارسته ؟ لو نـُترجمُ ذلك إلى اللـّغة الهنديّة القديمة فهو "بوذا، Bouddha".

 

اليقظة التي تحدّثنا عنها، هذا النوع من اليقظة الجذريّة، تنتمي إلى نوع اليقظة المُباغتة. اليقظة المُباغتة (دون وو، Dunwu) تعني أنّ الممارس يتعهّدُ ويُمارسُ في حالة مُقفلة طيلة حياته، هو لا يدري أيّ مُستوىً تبلـُغـُه طاقته (القونق) وما هي أشكال القونق النابعة من ممارسته ؛ هُو لا يُحسّ بأيّ ردّة فعل، حتـّى خلايا الجسم مُقفلة، القونق الناتج عن ممارسته مُقفل أيضًا، ولن يتمّ فتحُهُ إلاّ في الخُطوة الأخيرة من تعهّده وممارسته. فقط، الإنسان ذو الاستعداد الرّوحيّ الكبير (دا قان تشي) يُمكن أن يصِلَ إلى ذلك، لأنّ هذا النوع من الشّيولين عسير حقـّا. يبدأ المرْءُ عبر التصرّف كإنسان طيّبٍ، وبمُثابرةٍ، لا يني يرفعُ طبيعته الأخلاقيّة والنفسيّة، ويتحمّـل مِحنـًا، ويرتقي بواسطة التعهّد، ويكون صارمًا في الرفع من طبيعته الأخلاقيّة، ولكنه لا يرى طاقتهُ (القونق). شيولين إنسان من هذا النوع هو الأكثرُ صُعوبة ً، يجبُ أن يكونَ إنسانـًا ذا استعدادٍ روحيّ كبير، لكيْ يظلّ لا يعلمُ شيئًا رغم كلّ تلك السّـنين الطوال في الممارسة.                                             

 

 نوع آخر من اليقظة هي تلك التي نـُسمّيها اليقظة التدريجيّة (دجيان وو، Jianwu). منذ البداية، كثير من الناس أحسّوا بدَوَران الفالون، وفي نفس الوقت، لقد فتحتُ لكم التيانمو. لأسبابٍ مُختلفة، بعض الأشخاص سيمرّون في المُستقبل من استحالة الرّؤية إلى إمكانيّة الرّؤية، من الضبابيّة إلى الوُضوح، من استحالة الاستخدام إلى الاستخدام الماهر، ومستواهم يرتفعُ باستمرار. مع رفع طبيعتكم الأخلاقيّة ونزع مُختلف التعلـّقات، شتـّى أصناف قدرات القونق ستظهَرُ تـِباعًا. تقدّم كلّ مسار الشّيولين ومسار تحوّل الجسم، كلّ هذه التغيّرات ستحدث في أوضاع من شأنها أن تكونَ مرئيّة أو محسوسة بالنسبة لكُم. بهذه الطريقة، ستتعهّدون وتـُمارسون إلى آخر خُطوةٍ، وتعرفون كُـلـّيا حقيقة الكون، ومُستواكم سيبلـغُ القمّة التي عليكم أن تبلغوها في تعهّدكم وممارستكم. تحوّل الجسد وتقوية قدرات القونق سيبلـُغان مستوىً مُعيّـنـًا، ستصلون تدريجيّا إلى هذه الغاية. كلّ هذا ينتمي إلى اليقظة التدريجيّة. طريقة شيولين اليقظة التدريجيّة ليست بالسّهلة أيضًا: بعضهم حالما تظهر لديهم قدرات القونق، لا يستطيعون مُفارقة روح التعلـّق، سيميلون بسرعة إلى استعراضها والقيام بأفعال سيّئةٍ. فيسقط القونق لديهم، وسيكونون عبثـًا قد قاموا بالشّيولين، وفي النهاية سيجرّ ذلك عليهم الهلاك. هناك أيضًا ناس سيكونون قادرين على الرّؤية، يستطيعون رُؤية ظهور كائناتٍ حيّةٍ مُتنوّعةٍ في مُختلف المُستويات ؛ وهؤلاء يُمكن أن يُسوّلوا لكم أن تفعلوا هذا الشّيء أو ذاكَ، أن تتعهّدوا وتـُمارسوا في طريقتهم ويقبَـلوكم كأتباع ٍ، ولكنهم لا يستطيعون أن يجعلوكم تحصلون على ثمرة الكمال، لأنهم هم أنفسهم لم يحصُلوا على ثمرة الكمال.                                                  

 

وعلى كلّ حال، أفراد عوالم المستويات العلويّة هُم كلـّهم إلهيّون خالدون، ويستطيعون أن يُصبحوا هائلين ويبسطوا قواهم الإلهيّة كاملة ً ؛ فإن لم تكُن قلوبكم مُستقيمة، ستتـّبعونهم، أليس كذلك ؟ حالما تتـّبعونهم فإنّ تعهّدكم وممارستكم سيذهبان سُدىً. حتـّى ولو كانوا بوذا حقيقيّين أو مُتيقـظين طاويّين حقيقيّين، فسيكونُ عليكم أن تـُعيدوا الشّيولين من جديدٍ ابتداءًا من الصّـفر. أليس أهل السّماء، على اختلاف درجاتهم، كلـّهم  إلهيّين ؟ فقط عندما يكون الفرد قد بلغ َ درجة ً مُتناهية العُلوّ في الشّيولين ويكون قد وصل إلى مُبتغاهُ، حينها يستطيـعُ أن ينعتِـقَ نهائيّا. بينما في نظر الناس البُسطاء، هؤلاء الرّجال السّماويّون يبدون حقـّا عُظماء، هائلين، ومُقتدرين جدّا ؛ ولكنهم لم يحصُـلوا بالضرورة على ثمرة الكمال. أمام تدخّـل مُختلف الواردات، وإغواء شتـّى ضروب المشاهد، هل تستطيعون البقاء دون أن تـُحرّكوا ساكنـًا ؟ لذلك نقولُ أنّ الشّيولين مع التيانمو المفتوحة هو أيضًا صعبٌ، إذ تكونُ المُحافظة على السين سينغ أصعَبَ على المرء. ومع ذلك، من حُسن الحظ أننا نفتحُ لبعض الأشخاص قدرات القونق في مُنتصف الطريق، لكي يدخلوا في حالة اليقظة التدريجيّة. لكلّ ٍ نمنحُ فتحَ التيانمو، ولكن بالنسبة لكثير من الناس، نمنعُ قدرات القونق عندهم من الظهور ؛ وليس إلاّ بعد ارتفاع تدريجيّ لطبيعتكم الأخلاقيّة إلى حدّ مُستوىً مُعيّن، وعندما تكونون قد اكتسبتم حالة نفسيّة مُستقرّة وتحكّمًا جيّدًا في النفس، آنذاك نـُحرّرها فيكم، من حينها، في شكل انفجار. وعندما تكونون قد بلغتـُم مُستوىً مُعيّـنـًا، سنترككم تدخلون في حالة اليقظة التدريجيّة ؛ عندها سيكونُ أمر التحكّم في أنفسكم أيسرَ لكم، قدرات القونق المُتنوّعة لديكم سوف تظهَرُ، وسوف تـُواصلون تعهّدكم وممارستكم نحو الأعلى، وفي النهاية كلّ شيءٍ سيتمّ إطلاقهُ. سنتركُكم تحصلون عليها في نصف الطريق من الشيولين، الكثير منـّا ينتمون إلى هذا النوع من الحالات، لذلك يجبُ ألاّتستعجلوا أمر الرّؤية.                       

 

ربّما سمعتـُم عمّا يُقالُ أيضًا من أنّ مدرسة الدّهايانا تـتكلـّم عن الاختلاف الموجود بين اليقظة المُباغتة واليقظة التدريجيّة. هوينانق، المعلـّم السّادس في مدرسة الدّهايانا كان يُؤمن باليقظة المُباغتة، بينما "شانشيو، Shenxiu" معلـّم مدرسة الشّمال، كان يُؤمن باليقظة التدريجيّة. وقد أثارا عبر التاريـخ خلافـًا فيما يخصّ الفلسفة البوذيّة، مصحوبًا بجَدَل طويل. أنا أقولُ أنّ هذا ليس لهُ أيّ معنىً، لماذا ؟ لأنّ ما يتجادلان حولهُ لا يهمّ سوى معرفة قانون مُعيّن في مسار الشّيولين. هذا القانون، البعضُ يستطيعون معرفته منذ البداية، بينما آخرون يفهمونه بدرجة اليقظة أو يعرفونه تدريجيّا. لا يهمّ إن فهمَهُ المرءُ دُفعة واحدة أو شيئًا فشيئًا. يكونُ أحسنَ لو فهمَهُ من الدّفعة الأولى، ليس سيّئًا أيضًا أن يفهمَهُ تدريجيّا، الإثنان يُوصلان إلى اليقظة، أليس كذلك ؟ إذا كان الإثنان يُوصلان إلى اليقظة، فلا أحد منهما مُخطئ.

 

 

 

الإنسان ذو الاستعداد الروحي الكبير "دا قان تشي جي ران،Da Gen Qi Zhi Ren"                           

 

ماذا يعني "الإنسان ذو الاستعداد الروحيّ الكبير (دا قان تشي،Da Gen Qi )"؟ يُوجد فرق بين الإنسان ذي الاستعداد الكبير والإنسان ذي الاستعداد الجيّد أو السيّء. من الصّعب جدّا أن نجدَ هذا النوع من الناس الذين يتمتـّعون بـ"دا قان تشي"، لا نشهدُ ظهور ولادة أحدٍ منهم إلاّ بعد مُرور حقبةٍ تاريخيّةٍ طويلةٍ جدّا. طبعًا، إنسان ذو استعداد كبير هو قبل كلّ شيءٍ إنسان ذو كمّيةٍ كبيرةٍ من الدّو، حقل هذه المادّة البيضاء يجبُ أن يكونَ شاسعًا حقـّا، هذا أكيد. وفي نفس الوقت، يجبُ أن يكونَ أيضًا قادرًا على تحمّـل المِحَن والمِحَن مُضاعفة ً، يجبُ أن يتمتـّع بروح الصّبر إلى درجةٍ كبيرةٍ، يجبُ أن يكونَ قادرًا على التجرّد، يجبُ أن يكونَ قادرًا على الحفاظ على (فضيلته، حسناته)-الدّو، ويكونَ يتمتـّعُ بدرجة وعي جيّدة.. الخ.    

                                                         

 ماهي المِحنُ والمِحَنُ مُضاعفة ً ؟ في البوذيّة ، يُعتبَرُ أنّ وضعيّة الإنسان كلـّها عذاب، يجبُ عليك أن تتعذبَ طالما كُـنتَ في هيئةٍ آدميّةٍ . حسب البوذيّة، الكائنات الحيّة في كلّ العوالم الأخرى لا تملكُ جسمًا بشريّا مثل الذي لنا، لذلك هي لا تـُصابُ بالمرض، ولذلك أيضًا لا توجدُ الولادة والشّيخوخة والمرض والموت، ومن هذا المُـنطلق هي لا تـُعاني هذا الصّـنف من العذاب. ساكن العالم الآخر يستطيـعُ أن يطيرَ في الفضاء، وهو لا يعرفُ خفـّة ولا ثِقلا، هذا رائع. إنّ مُشكل الإنسان العاديّ يكمُنُ بالتحديد في كونه يملك هذا الجسد: إنه لا يتحمّـلُ البردَ ولا الحرارة َ ولا العطشَ ولا الجوعَ ولا التـعبَ، وبالإضافة إلى ذلك هناك الولادة والشّيخوخة والمرض والموت ؛  في كلّ الحالات، لا تستطيعون أن تتمتـّعوا بالرّاحة.     

                                                                                                                                              

 لقد قرأتُ في إحدى الصّحف الخبر التالي: أثناء زلزال "تانقشان، Tangshan"، كثير من الناس ماتوا من جرّاء الزّلزال، ولكنّ بعضهم تمّ إعادتـُهُ إلى الحياة بفضل الإسعافات. وتمّ إجراء بحثٍ سوسيولوجيّ خاصّ على هؤلاء الناجين: لقد سُـئِلوا ماهو الإحساس الذي شعُروا به لحظة الموت. ولكنّ الأمر المُثيرَ للدهشة والغرابة، هو أنّ كلّ هؤلاء الأشخاص تحدّثوا عن شيءٍ فريدٍ، وبدون استثناءٍ، وهو أنه لحظة الموت، ليس هناك خوف، بالعكس، يُحسّ المرءُ بنوع من الانعتاق مع لذةٍ كامنة في داخله ؛ البعضُ أحسّوا أنهم قد تحرّروا فجأة ً من قيود الجسد، وأنهم يسبحون في الهواء بخفـّةٍ ومُـتعةٍ، حتـّى أنهم قد رأوْوا أجسادهم ؛ بعضهم رأى كائنات العوالم الأخرى ؛ البعض الآخر ذهبوا إلى هذا المكان أوذاكَ. كلـّهم قالوا أنه في تلك اللحظة، يتملـّـكُ المرءَ إحساس بالانعتاق وبلذةٍ كامنةٍ، وليس هناك إحساس بالعذاب. بعبارةٍ أخرى، إنّ امتلاك هذا الجسد الحسيّ للإنسان هو في حدّ ذاته عذاب، ولكن بما أنّ كلّ الناس قد وُلِدوا من بُطون أمّهاتهم بهذه الطريقة، فقد صاروا غير واعين بهذا العذاب.

                                                                        

 أقولُ أنّ الإنسان يجبُ أن يُقاسي المِحَنَ والمِحَنَ مُضاعفة ً. لقد قلتُ في اليوم الفارط أنّ مفهوم المكان-الزماني لدى الإنسانيّة يختلفُ عن أمكنة-زمانيّة أخرى أكثر شساعة، "شيشان" واحد عندنا يُساوي ساعتين، ولكنه يُساوي سنة ً بالنسبة لسكّان العالم آخر. هم يقولون عن شخص يُمارس القونق في مثل هذه الظروف القاسية أنه رائع حقـّا ؛ وإن كان هذا الشخص يملكُ عزمًا راسخـًا للحصول على الطريق وكان يُريد التعهّد والممارسة، فهم يرمقونه بكلّ إعجاب وإكبار. حتـّى في ظروف بتلك القسوة، لم تفسُدْ طبيعته الأصليّة بعدُ، وهو لا يزالُ يُريد التعهّد والممارسة من أجل الرّجوع. لماذا يُمكن ُ أن نـُساعدَ ممارسًا مُساعدة غير مشروطةٍ ؟ هذا هو السّبب. عندما يُمارسُ شخص مّا تمرين وضعيّة الجلوس لمدّة ليلةٍ في عالم الناس العاديّين، فإنهم يلمحونهُ ويقولون أنّ ذلك الشّخص رائع حقـّا، وأنه يجلسُ ههُـنا منذ ستّ سنواتٍ كاملةٍ. ذلك أنّ "شيشان" عندنا يُساوي سنة ًهناك. إنّ الكائنات البشريّة توجدُ في عالم فريد للغاية.     

 

كيف يتحمّلُ المرءُ المِحَنَ والمِحَنَ مُضاعفة ً ؟ فلنذكُرْ مثالاً : في أحد الأيّام، يذهبُ أحدهم إلى العمل. مُؤسّسة عمله تـُعاني من صعوباتٍ، هناك مُوظفون زائدون عن النـّصاب ؛ الوضعيّة لا يُمكن أن تستمرّ هكذا، ستتمّ إعادة هيكلة للمُؤسّسة وممارسة التشغيل بعقود مُؤقــّـتة، والمُوظفون الزّائدون يجبُ أن يُغادروا مراكزهم. وهُو، ينتمي إلى الموظفين الزّائدين، إذن فهاهو قد فقدَ فجأة ًمورد رزقه. كيف سيكونُ مزاجُه ؟ لم يعد لديه مُرتـّب، كيف سيعيشُ ؟ وهو غير قادر على القيام بعمل آخر. هاهو يعودُ إلى بيته وهو يجُرّ قدميه. حال وصوله، يجدُ أنّ أحد والديه مريض والأمر خطير جدّا، فيقلقُ قلقـًا شديدًا، يجبُ أن ينقلهُ على جناح السّرعة إلى المستشفى، فيقترضُ بعناءٍ مبلغـًا من المال لإدخاله إلى المستشفى. ثمّ يأخذ طريق العودة إلى المنزل لتحضير حاجيات المريض، ولكنه حالما يصلُ، تأتي مُدرّسة ابنه قائلة ً: "لقد جرحَ ابنـُـكَ طفلاً في خصومة، هيّا بسُرعةٍ لترى الأمرَ."  فيذهبُ ويُسوّي الأمرَ ثمّ يعودُ إلى البيت، وحالما يجلس، يرنّ الهاتف ويقولُ له من على الخط: "زوجتـُك لها عشيق." طبعًا، لن تـُلاقوا هذا النوع من الأشياء. إنسان عاديّ لن يستطيـع تحمّـل هذه المحن، سيُـفـكّر في نفسه: "لِمَ العيشُ هكذا ؟ من الأفضل أن أبحث لي عن قطعة حبل وأشنـُقُ بها نفسي، لم أعدْ أرْغبُ في العيش  !سأستريـحُ من متاعبي نهائيّا !" هذا ما أعنيه بقولي يجبُ أن يكونَ المرءُ قادرًا على تحمّل المِحن والمِحن مُضاعفة ً، طبعًا، لا يكونُ الأمرُ بالضّرورة بهذا الشكل. ولكنّ الخديعة بين الناس، والمُشاحنات التي تختبر السين سينغ، والصّراعات حول المصالح الشخصيّة لا تقِـلّ عن هذا. الكثيرُ من الناس الذين لا يعيشون سوى من أجل كرامةٍ زائفةٍ شنقوا أنفسهم لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل ذلك. لهذا يجبُ أن نتعهّد ونـُمارسَ وسط هذا المُحيط المُعقـّد، وأن نـُقاسيَ المِحنَ والمِحَنَ مُضاعفة ً، وأن يكونَ  لنا في الآن نفسه قلبٌ واسع الصّبر.

                                                                                                                          

ما معنى: قلبٌ واسع الصّبر ؟ بصفتكم ممارسين يجبُ عليكم بدْءًا أن تصلوا إلى عدم ردّ المثل على من ضربكُم، على عدم شتم من شَتمَـكُم ؛ يجبُ أن تـُمارسوا "ران، Ren" (الصّبر). وإلاّ، فهل أنتم جديرون بأن تكونوا ممارسين ؟ هناك أناس يقولون: "ممارسة الصّبر عسيرة عليّ، أنا طبعي رديء." إن كان طبـعك رديئـًا، بإمكانك أن تـُصلحه، ممارس القونق يجبُ عليه أن يُمارس الصّبر (ران). بعضهم يغتاظون حتـّى في تربية أبنائهم، وينهالون عليهم بسيل من الصّراخ والتوبيـخ. ولكن لا داعي للتصرّف هكذا لتربية أبنائكم، لا يجبُ أن تكونوا غاضبين حقـّا ؛ يجبُ أن تـُربّوا أبنائكم بطريقةٍ معقولةٍ أكثر، هكذا تستطيعون أن تـُربّوهم. إن كُـنتم لا تستطيعون الحِفاظ على صوابكم حتـّى في أشياء صغيرة، وكنتم تغضبون، هل تظنـّون أنه يبقى بإمكانكم أن تـُـنمّوا طاقتكم (القونق)؟ البعضُ يقولون: "إن كُنتُ أمشي في الشّارع، وركلني أحدهم بقدمه، ولم يكُن هناك أحد يعرفني، فأستطيـعُ حينئذٍ أن أتـّسِمَ بالصّبر." أقولُ أنّ هذا لا يكفي، ربّما في يوم مّا، سيصفعُكَ أحدهم على وجهك بحُضور أكثر شخص تخشى أن تفقد ماء وجهكَ أمامهُ، وستخجلُ كثيرًا ؛ كيف ستـُعالجُ هذا المُشكل ؟ هذا لِنرى ما إذا كُـنتم قادرين على تحمّـل ذلك بصبر أم لا. حسنـًا، تستطيعون تحمّـلهُ بصبر ولكنّ الأمر يبقى عالقـًا بقلوبكم، هذا لا يكفي. الكُلّ يعلمُ أنه عندما يبلـغُ الإنسان مرتبة أرهات لا يعود يُولي أهمّية ً لأيّ شيءٍ أبدًا، لا يُبالي على الإطلاق بأمور الناس العاديّين، يبدو دائمًا سعيدًا، يستهزأ بكلّ شيءٍ والفرحُ يملأ مُحيّاهُ، مهما يكُن ثِقـلُ الخسارة التي يتكبّدُها. إن كُـنتم تستطيعون حقـّا التصرّف بهذه الطريقة، تكونون قد بلغتـم مرتبة الثمرة الأوليّة لـ: أرهات.

                                                                                                                                        

أحدهم قال أنه إن كان علينا أن نـُمارس الصّبر إلى ذلك الحدّ، حتـّى إنسان عاديّ يُمكن أن يقول عنـّا أنـّـنا جُبناء جدّا وأنه من السّهل للغاية إهانتـُـنا. أقولُ أنّ ذلك ليس جُبنـًا. فكّروا، حتـّى بين الناس العاديّين، الأشخاص المُسنـّون والأشخاص ذوو التربية العالية يُؤكّدون دائمًا على ضبط النفس وعدم الانحدار بها إلى مستوى الآخرين. فكيف يكونُ الإلزام أقلّ بالنسبة لممارسينا ؟ كيف يكونُ ذلك جُبنـًا ؟ أنا أقول أنّ ذلك تجلّ لروح الصّبر الأكبر، تجلـّي إرادةٍ قويّةٍ، فقط  مُمارسٌ يُمكن أن تكون لديه مثل روح الصّبر الأكبر تلك. هناك مثلٌ يقولُ: "أمام أدنى ضرر، فإنّ رجلاً من العامّة يستلّ سيفهُ ويتأهّب للهجوم." هذا طبيعيّ بالنسبة لإنسان عاديّ، "إن تشتمُـني، أشتـمُـكَ ؛ إن تضربُـني، أضربُـكَ." إنه ليس سوى إنسان عاديّ، هل يُمكن القول أنه ممارس ؟ بصفتكم ممارسين، إن كُـنتم لا تملكون إرادة صلبة، وكُـنتم عاجزين عن التحكّم في أنفسكم، فلن تصِلوا إلى ذلك في الممارسة.    

                                      

أنتم تعلمون أنه قد وُجـِدت في الماضي شخصيّة باسم "هان سين، Han Xin"، هذا الرّجلُ كان يملكُ الكثير من القدرات ؛ كان القائد الأكبر لِـ" ليو بانق، Liu Bang" وركيزة من ركائز الدّولة. لماذا كان قادرًا على الاضطلاع بمُهمّات جليلة ؟ يُقالُ أنه كان غير عاديّ منذ طفولته. هناك طرفة تروي أنّ "هان سين" قد تجرّع إهانة المُرور بين قدميْ أحد الأشخاص. كان "هان سين" يُمارسُ فنون القتال منذ سنّ المُراهقة، وبصفته ممارسًا لفنون القتال، كان دائمًا يحملُ سيفـًا. في يوم مّا كان يتجوّلُ في الشّارع، فقطع صُعلوكٌ عليه الطريق وبادرهُ واضعًا يديه على خِصْرِهِ: "ما الذي تفعلـُه هنا بسيفٍ ؟ هل تجرُؤُ أنت على قتل رجل ؟ إن كُـنتَ تجرُؤُ، اقطعْ عـُـنقي." وحالما أتمّ كلامهُ مدّ نحوهُ عُـنقهُ. فقال "هان سين" في نفسه: "لماذا سأقطعُ عُـنقهُ ؟" في ذلك الوقت، لو يقطعُ المرءُ عُـنقَ أحدهم، يجبُ أن يُسلـّمَ نفسهُ للسـّـلطات المحليّة ويدفع حياتهُ ثمنـًا لجريمته، هل يُمكن قتل الناس ببساطةٍ هكذا ؟ وعندما رأى أنّ "هان سين" لا يجرُؤُ على قتله، قال لهُ: "أنت لا تجرُؤُ على قتلي، مُرّ إذن بين قدميّ." ومَرّ "هان سين" فعلاً بين قدميه. هذا يدُلّ على أنّ "هان سين" كان يتمتـّعُ بروح صبر ٍخارقةٍ (الصّبر الأكبر)، كان يتميّـزُ عن عامّة الناس العاديّين، لذلك استطاع أن يقوم بأعمال عظيمة بذلك الشكل. "يجبُ أن يحفظ الرّجل شرفهُ قبل كلّ شيءِ"، هذه كلمات الناس العاديّين. إن كان المرءُ لا يعيشُ إلاّ من أجل شرفه، فكّروا، ألن تكون الحياة مُتعبة ؟ ألن تكون مُضنية ؟ ألن تكون عديمة المعنى أيضًا ؟ "هان سين" لم يكُن في نهاية الأمر سوى إنسان عاديّ ؛ ولكن نحنُ ممارسون، يجبُ أن نتصرّفَ أفضلَ منه بكثير. هدفنا نحنُ هو بُـلوغ مستوى يتجاوزُ مُستوى الناس العاديّين والارتقاء نحو مُستويات أعلى. نحنُ لن نـُلاقيَ هذا النوع من الأشياء، ولكن عندما يخضعُ ممارس لإهاناتٍ أو استهزاءاتٍ وسط الناس العاديّين، فهذا أيضًا لا يقِلّ عناءًا. أقولُ أنّ خلافات السين سينغ بين الناس العاديّين لا تقِلّ أبدًا عن ذلك، بل تستطيـعُ حتـّى أن تتجاوزهُ، هي أيضًا قاسية جدّا.

                                                                                                                       

في خط مُواز ٍ، يجبُ أن يكون الممارسُ قادرًا على التجرّد: التجرّد من كلّ التعلـّقات وكلّ الرّغبات الخاصّة بالناس العاديّين. لا يُمكنه بلوغ ذلك منذ الوهلة الأولى، يُمكنه بلوغ ذلك تدريجيّا. إن بلغتموه اليوم منذ البداية، ستكونون بوذا اليوم. إنّ الشّيولين يأخذ وقتـًا، ولكن لا يجبُ أن تتراخوْا. ستقولون: "لقد قال المُعلـّم ذلك، الشّيولين يأخذ وقتـًا ؛ حسنـًا إذن، سنسيرُ فيه بتأنّ." هذا لايجوزُ ! يجبُ أن تكونوا مُتشدّدين مع أنفسكم ؛ في شيولين شرع بوذا، يجبُ أن يجتهدَ الفرد في التقدّم بسُرعةٍ إلى الأمام.      

 

يجبُ على المرء أيضًا أن يكون قادرًا على الحفاظ على فضيلته (الدّو)، وأن يسهَرَ على طبيعته الأخلاقيّة وألاّ يتصرّف بطريقةٍ غير مسؤولة. لا يجبُ أن تتصرّفوا برعونة وكما يبدو لكم، يجبُ أن تكونوا قادرين على الحفاظ على طبيعتكم الأخلاقيّة. أنتم غالبًا ما تسمعون هذه العبارة لدى الناس العاديّين "جمع الدّو عبر القيام بأشياء طيّبة". الممارس لا يتحدّث عن "جمع الدّو"، نحن نتحدّث عن "الحفاظ على الدّو" (شو دو، Shou De). لماذا الحديث عن الحفاظ على الدّو ؟ لأننا عاينـّا الحالة التالية: "جمع الدّو" لا تعدو أن تكون عبارة ناس عاديّين ؛ ومع تراكم الدّو والأفعال الطيّبة المُحَقـّـقة، سيستفيدُ منها المرءُ في حياته المُقبلة. بينما بالنسبة لنا، لم تعُدْ تـُطرَحُ هذه المسألة، عندما تكونون أتممتم بنجاح تعهّدكم وممارستكم ستكونون قد حصلتم على الطريق، لن يكون هناك مجال لحياةٍ مُقبلةٍ. إننا إذ نتحدّثُ هنا عن الحفاظ على الدّو فإنّ ذلك يتضمّنُ معنىً آخر، وهو أنّ كلا المادّتين اللـّـتان نحملهما على الجسم لم تتجمّعا أثناء حياةٍ واحدةٍ، بل حصلنا عليهما ونتوارثهما منذ عُصور سحيقة. حتـّى لو تطوفون المدينة على الدرّاجة، ستجدون أنّ فـُرَص القيام بأفعال طيّبة هي نادرة حقـّا. لن تجدوا هذه الفـُرَص بالضّرورة حتـّى لو تحرصون على ذلك.                           

                                                                                                                                                        

هناك أيضًا معنىً آخر: عندما نترُككم تجمعون الدّو، ربّما تظنـّون أنّ أمرًا مّا هو فعل حسن، ولكن بعد القيام به، يتبيّنُ أنهُ فعل سيّء ؛ أو ربّما تظنـّون أنه فعل سيّء ولكن إذا تدخّـلتم وفعلتموه، سيتبيّنُ أنه فعل حسن. لماذا ؟ لأنكم لا تستطيعون رُؤية الرّوابط السببيّة والمصيريّة في ذلك الأمر. هناك قوانين تـُسيّر شؤون الناس العاديّين وهذا لا يطرح مُشكلاً. بصفتكم ممارسين، أنتم غير عاديّين، وبصفتكم أشخاصًا غير عاديّين، يجبُ أن تفرضوا على  أنفسكم قوانين غير عاديّة، عِوضَ أن تـُقيّموا أنفسكم وفق قوانين بشريّة عاديّة. عندما تجهلون رابط النتيجة والسّبب في مسألةٍ مّا، فمن شأنكم أن ترتكبوا أخطاء بسهولة. تلك الغاية التي من أجلها نتحدّث عن اللاّ- فعل، لا ينبغي أن تتصرّفوا كما تشاؤون. البعض يقولون: "أنا لي رغبة في تربية الناس وردع المُخطئين." أقول أنه من الأفضل لكم أن تكونوا رجال شُرطةٍ إذن. ومع ذلك، نحنُ لا نطلـُبُ منكم أن تبقوْا مكتوفي الأيدي أمام حوادث قتل أو حرائق. يجبُ أن أقول لكم، عندما تحصُل مُشادّات بين الناس، كأن يُعطي أحدهم لكمة ً للآخر أويركَـلَ أحدهم الآخر، فربّما يكون ذلك هو ديْـنـًا سجّـلهُ هذا الأخير في الماضي، وهذه المرّة قد سوّيَا حساباتهما. لو تتدخّـلون أنتم، لن يتمكّـنا من القيام بالتسوية وسيضطرّان للقيام بها في المرّة القادمة. هذا يعني أنهُ بما أنكم لا ترَوْن الرّابط السببيّ، فيُمكن أن تقعُوا في هفواتٍ، وهكذا يُمكن أن تخسروا الدّو.                                      

 

إن كان رجل عاديّ هو الذي يتدخّـلُ في شُؤون الناس العاديّين، فليس هناك مُشكل، لأنهُ يُقيّم الأمر حسب قوانين الناس العاديّين. بينما أنتَ، يجبُ أن تـُقيّمَ حسب قوانين تخرُج عن المألوف ؛ أمّا لو تـُصادف جريمة قتل أو حريقـًا، ولا تـُبالي به فذلك إذن مُشكل سين سينغ، وإلاّ، فكيف يُمكن للآخرين أن يعرفوا أنك رجلُ خير ؟ لو تبقوْن مكتوفي الأيدي حتـّى أمام جريمة قتل أو حريق، إذن، بمَ ستنشغلون ؟ يبقى أنّ هناك نقطة ً نذكُرُها، هذه الأشياء ليس لها علاقة بنا نحنُ الممارسين. من المُمكن ألاّ تتمّ برمجتـُها لكم وألاّ نترُككم تـُلاقونها. عندما نتحدّثُ عن الحفاظ على الدّو، فتحديدًا لكي نـُجنـّبكم الأفعال السّيّئة ؛ من المُمكن أنكم حتـّى مع القيام بتدخّـل بسيط، ترتكبون سيّئة ً، ويكونُ عليكم إذن أن تخسَروا بعض الدّو. إن خسرتم الدّو فكيف سترفعون درجتكم بعد ذلك ؟ كيف ستصِلون إلى غايتكم النهائيّة ؟ هنا حيثُ يُطرَحُ المُشكل. ثمّ إنه يجبُ عليكم أيضًا أن تكون لديكم درجة وعي جيّدة ؛ وتأثير المُحيط يلعبُ أيضًا دورَهُ في الأمر.         

                                                                                                                                    

 نحنُ نقول أيضًا ما يلي، لو أنّ كلّ أحدٍ يتعهّدُ واضعًا نـُصْبَ عينيه باطنهُ، وكلاّ يضعُ في الميزان طبيعته الأخلاقيّة، وكلاّ يبحث عن أسباب النقائص في داخله بنيّة التصرّف بشكل أفضل في المرّة القادمة، وكلّ فردٍ، لحظة الفعل، يضعُ في اعتباره أوّلاً الآخرين، إذن، فالمُجتمع البشريّ سيتحسّنُ وأخلاقيّاتـُه ستستقيمُ من جديدٍ ؛ والحضارة الرّوحيّة للإنسانيّة ستسيرُ من حسن إلى أحسن، النظام العامّ سيكون أفضل أيضًا ورُبّما لن يعود هناك حتـّى رجال شُرطةٍ. لا داعي لأن يكون أحد مُراقــَـبًا، كلّ سيُراقبُ نفسهُ بنفسهِ، وسيُراجـعُ نفسه يبحثُ داخلها عن الأسباب والدّواعي، أرأيتـُم كم سيكونُ هذا رائعًا ! مثلما يعلمُ الجميـعُ، القوانين اليوم آخذة في التـّحسّن شيئًا فشيئًا، ولكن لماذا هناك مع ذلك أناس يرتكبون آثامًا ؟ لماذا يتصرّفون ضاربين بالقوانين عرض الحائط ؟ لأنكم لا تستطيعون أن تـُراقبوا قلوبهم ؛ عندما يغيبون عن أنظاركم، يرتكبون الأعمال السّيّئة من جديدٍ. لو أنّ كلّ أحدٍ وجّه تعهّدهُ وممارستهُ نحو الباطن، سيكون الأمرُ مُختلفـًا تمامًا، ولن يُصبح هناك داع لإصلاح الأخطاء.                         

                                                                                                

دعوتي للشّرع لا يُمكن أن تتعمّقَ إلاّ لحدّ هذا المُستوى ؛ شرعُ المُستوى الأعلى من ذلك لن تنالوهُ سوى بتعهّدكم وممارستكم. البعض يطرحون أسئلة ًمحسوسة ً للغاية ؛ لو تطلـُبون منـّي الإجابة عن الأسئلة المُتعلـّقة بالحياة اليوميّة، فكيف ستتمكّـنون من القيام بالشّيولين ؟ يجبُ أن تتعهّدوا أنفسكم بأنفسِكم وأن تفهموا بأنفسكم اعتمادًا على درجة الوعي ؛ لو قلتُ لكم كلّ شيءٍ، لن يبقى لكم شيء لتعهّدكم. من حُسن الحظ أنّ الشّرع الأكبر قد تمّ تبليغـُه علنـًا، تستطيعون أن تتصرّفوا تبَعًا للشّرع الأكبر.

 

 

 

               

                                            *       *       *

 

أظنّ أنّ مُدّة تبليغي للشّرع تـُشارفُ على نهايتها تقريبًا ؛ لذلك أريدُ أن أترُكَ لكُم الأشياء الحقيقيّة لكي يتمكّن الجميـعُ من السّير بهدْي الشّرع في الشيولين مُستقبلاً. طوال تبليغي للشّرع، كان مبدئي هو تحمّـل مسؤوليّتكم ومسؤوليّة كلّ المُجتمع في نفس الوقت، لقد تصرّفنا حقـّا تبَعـًا لهذا المبدأ. بينما بالنسبة لأثره، أنا لا أحكُمُ على ذلك، الرّأي العامّ هو الذي سيحسِمُ في الأمر. بُغيتي هي تبليـغ الشّرع الأكبر (دافـا) علانيّة ً لتمكين المزيد من الناس من الاستفادة منه ولكي يتسنـّى لكلّ من يُريد حقـّا التعهّد والممارسة أن يتعهّد ويُمارسَ نحو الأعلى مُهتديًا بالشّرع. في خط ّ مُواز، أثناء تبليـغ الشّرع، تحدّثـنا أيضًا عن المبادئ التي على  الإنسان أن يتـّبعها في سلوكه، أرجو أنه بعد الدّورة التكوينيّة، إن كان من بينكم من لا يستطيعون القيام بالشّيولين حسب هذا الشّرع الأكبر، فعلى الأقلّ يستطيعون أن يكونوا أناسًا طيّبين، سيكون هذا مُفيدًا لِمُجتمعنا. بالفعل، الآن صِرتـُم تعرفون كيف يكونُ المرءُ إنسانـًا طيّبًا، وبعد الدّورة التكوينيّة ستكونون أيضًا قادرين أن تكونوا أناسًا طيّبين.

 

أثناء تبليـغ الشّرع، كانت هناك أيضاً عراقيل، وأمور دخيلة آتية من كلّ صوبٍ. بفضل السّـند الّذي وفرّتهُ الوَحَدات المُـنظـِّمة والمُسيّرون من مُختلف الأوساط، وبفضل مجهودات الأعوان الأكفاء، تمّت مُحاضراتـُـنا بنجاح ٍ.

 

 كلّ الأشياء التي تحدّثتُ عنها أثناء المُحاضرات تستطيـعُ أن تكونَ دليلاً لكُم في تعهّدكم ومُمارسَتكم نحو المُستويات العليا ؛ لا أحد سَبَقَ وأن تحدّثَ عنها في دَعَوات الشّرع في الماضي. لقد تحدّثنا عنها بوُضوح تامّ ٍ، مع اعتبار صِلتها بالعُلوم الحديثة والمعارف العلميّة الحاليّة حول الجسم البشريّ، وزيادة ً على ذلك، شرحناها على مُستوىً عال جدّا. أنا أفعل هذا بالأساس من أجلكم، ولكي نترُككم تحصُلون حقـّا على الشّرع  في المُستقبل، وتـُحققون رُقيّـكم عبر الشّيولين، هذه هو مُنطلـَقي. أثناء تبليغنا للشّرع والطريقة، كثير من الناس يجدون أنّ الشّرع مُمتاز ولكنّ تطبيقه صعب جدّا. في الواقع، أنا أجدُ أنه، إن كان صعبًا أم لا، هذا يتوقّفُ على الناس ؛ إنّ الإنسان العاديّ لا يرغبُ في التعهّد والممارسة، هو يجدُ أنّ الشّيولين صعبٌ جدّا حقـّا، وأنه غير معقول، أنه مُستحيل التحقيـق. إنه إنسان عاديّ، إنه لا يُريد التعهّد والممارسة، لذلك هو يجده صعبًا جدّاً. لقد قال لاوو تسي: "عندما يسمعُ إنسان رفيـعٌ الدّاوو يُعجـّـلُ بممارسته ؛ عندما يسمعُ إنسان وَسَط ٌ الدّاوو تارة يأخذه وتارة يَدَعُهُ ؛ عندما يسمعُ إنسان مُـتدنّ الدّاوو ينفجرُ ضاحكـًا، إن لم يضحكْ، فالدّاوو لن يكونَ هو الدّاوو." بالنسبة لممارس حقيقيّ، أقولُ أنّ ذلك يسير جدّاً، ليس شيئًا مُستحيل المنال. بالفعل، كثير من تلاميذنا القدامى الحاضرين هنا أو المُـتغيّـبـين قد بلغوا مُستوىً عال عُلوّا هامّا في تعهّدهم وممارستهم. إن لم أحدّثكم عن هذا، فخشية أن تتولـّد روح التعلـّق فيكم، وينشأ شعور بالرّضا يُمكن أن يُؤثر على نـُموّ قوّة القونق (قونق لي) لديكم. إنسان عازم حقـّا على التعهّد والممارسة سيكون بمقدوره التـّحلـّي بالصبر والتـّخلـّي عن تعلـّقاته بمُختلف أنواع المصالح الشخصيّة، سيكون بمقدوره أن يزهدَ فيها ؛ طالما توصـّـلتم إلى تحقيق هذا، فلن يكون عسيرًا عليكم. بينما الناس الذي يقولون أنّ ذلك عسيرٌ هم الذين لا يستطيعون التـّخلـّي عن هذه الأشياء. ممارسة الطريقة في حدّ ذاتها ليست صعبة، رفع المُستوى نفسه ليس صعبًا، الصّعبُ هو مُـفارقة روح التعلـّق، لذلك يقولون أنه صعب. لأنه من الصّعب كثيرًا على المرء أن يزهدَ في مصالحه الآنيّة عندما تكون أمامه ؛ ها هي المصلحة هنا أمام عينيه، كيف سيستطيـع ترك هذا التعلـّق ؟ عندما يدّعون أنّ هذا صعب، ففي الحقيقة هناك حيثُ تكمُن الصّعوبة. عندما تنشأ خلافات بين الناس، إن لم نكُنْ قادرين على ابتلاع الإهانات، إن لم نكُن حتـّى قادرين على اعتبار أنفسنا ممارسين، أقول أنه لن يستقيمَ الأمرُ. في الماضي، في فترة تعهّدي وممارستي، كثير من المعلـّمين العظماء توجّهوا إليّ بالعبارات التالية: "كُنْ قادرًا على تحمّـل ما هُو صعبٌ تحمّـلـُهُ، وقادرًا على فعل ما هُو صعبٌ فعلـُهُ." إنها الحقيقة. جرّبوا لِـترَوْا، عندما تكونون حقـّا أمام المصائب أو في لحظة اجتياز مِحَن، حاولوا ؛ مهما يكُنْ تحمّـلُ ذلك صعبًا، تحمّـلوهُ ؛ عندما يبدو لكُم أنّ ذلك مُستحيل أو يـُقال أنه عسير، حاولوا أن تفعلوهُ لِترَوْا أهُوَ حقـّا مُستحيل. إن تمكّـنتم حقـّا من التوصّـل إلى ذلك، سترَوْنَ أنّ مُستقبلاً مُشرقـًا ينتظركم في وضعيّة ميؤوسةٍ.

 

لقد تحدّثتُ كثيراً فعلاً، ستجدون رُبّما أنه من الصّعب تذكّرُ كلّ الأشياء التي تحدّثتُ عنها. سأوجّه إليكم بعض التوصيات: أرجو أن يعتبرَ كلّ واحدٍ منكم نفسهُ ممارسًا في تعهّده وممارسته المُقبـِـليْن وأن يستمرّ حقـّا في التعهّد والممارسة. آملُ أن يتمكّن التلاميذ الجُدد والتلاميذ القـُدامى جميعًا من التعهّد والممارسة في الشّرع الأكبر، أن يتمكّـنوا جميعهم من بلوغ التحقـّـق والكمال التامّ ! آملُ أن يُوظـّـفَ الجميـعُ وقتهم أفضل توظيفٍ من أجل شيولين فعليّ ٍ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملاحظة 1ـ الشروح التالية وضعها المترجمون وليست جزءًا من كتاب "جوهان فالون". ملاحظة 2ـ  بالإضافة إلى الكلمات الصينية ، تحتوي هذه القائمة على بعض الكلمات السانسكريتية.

 

 

"فا،  Fa" : الشرع ، الشريعة ، القانون .

 

"دافا،  DaFa" : الشرع الأكبر .

 

"فالون،  Falun" : عجلة الشرع .

 

"فالون دافا،  Falun DaFa" : الشرع الأكبر لعجلة الشرع .

 

"فالون قونق،  Falun Gong" : طريقة ممارسة عجلة الشرع .

 

"فو،  Fo" : البوذا .

 

"شيولين،  Xiulian" :   " شيو،  Xiu" : التعهّد، تعهّد النفس، تهذيب وتربية

    النفس /القلب/الطبع ؛ التربية الروحية .

 

                                   "لين،  Lian" : الممارسة ( ممارسة الشيء :

خدمتهُ ، سبــكهُ ، الإشتغال عليه) = هنا بمعنى

 التمارين، القيام بتمارين "القونق". 

 

"قونق،  Gong" :1-  طاقة عظيمة ، طاقة من مستوى عال ٍ ناتجة عن تعهّد

 الإنسان لذاته بالتربية الروحية .

 

                          2- طريقة الممارسة، أسلوب الممارسة الذي يُولـّدُ تلك الطاقة.

 

"تشي،  Qi" : في التراث الصيني وشبه القارة الهندية " التشي" هو مادة طاقية تتخذ عدة أشكال إيجابية أو سلبية في الجسم والطبيعة . يُترجَمُ عادة ً إلى : "النفث الحيوي"، "الهواء الداخلي الحيوي"، "الطاقة الحيوية"، ...وهو نوع من الطاقة أدنى من "القونق".

 

"تشيكونق،  Qigong" : تمارين "التشي"، ممارسة "التشي"، اسم جماعي يُطلقُ على طرق ممارسة تقليدية صينية تتعهد "الطاقة الحيوية" (التشي).

 

"دو،  De" : الفضيلة، الحسنات، رصيد الأفعال الطيبة عند الإنسان ؛ المادة البيضاء عند الإنسان.

 

"كارما،  Karma" (يي لي،  Yeli) : الديون، الأثقال، السيئات، العذاب الذي يتحمله الإنسان نتيجة لما ارتكبه من أخطاء في حياتاته السابقة ؛ المادة السوداء عند الإنسان.

 

"سين سينغ،  Xinxin" : طبيعة القلب عند الإنسان، طبيعته الأخلاقية والنفسية، خصوصيّات طبعه وتصرّفاته.  

                                        "سين،  Xin" : القلب، الأخلاق.               

                                                

                                        "سينغ،  Xing" : الطبيعة، الطبيعة الأساسيّة.

 

"جهان، شان، ران،  Zhen shan ren" : الطبع الأعلى للكون، طبيعة الكون، صفته المُميزة وخصوصيته :

                                        "جهان،  Zhen " : الحق، الحقيقة، الصدق. 

 

                                        "شان،  Shan" : الرحمة، الطيبة، الإحسان.  

            

                                        "ران،  Ren" : الصبر، الحلم، القدرة على

التحمّـل، التسامح.    

        

"وو،  Wu" : اليقظة، التنوير، الاستفاقة الروحية، التحقق الروحي. المتنور /أو/ المتيقظ /أو/ المتحقق : هو الإنسان الذي أتمّ تربيته الروحية بنجاح ووصل أخيرًا إلى "اليقظة" و"الحكمة". (المتنور باللغة الهندية هو"بوذا").

 

"يوانشان،  Yuanshen" : الروح الأصلية، الحقيقية للإنسان.

 

"تسو يوانشان،  Zhou yuanshen" : الروح الفاعلة للإنسان، روحه الرئيسية، روحه المهيمنة.

 

"فو يوانشان،  Fu yuanshen" : الروح الثانوية للإنسان، روحه التابعة.

 

"دان،  Dan" : الزنجفر ( /حبّة الزنجفر) أو الإكسير = مجموع طاقات عُـليا مجلوبة من عوالم أخرى. تتركـّز هذه الطاقات وتتجوهر في منطقة أسفل البطن ("الدانتيان،  Dantian": حقل الإكسير).

 

"بنتي،  Benti" : عبارة تعني الجسم بجميع دلالاته، الجسم الحسيّ والجسم في العوالم( /الأبعاد) الأخرى.

 

"كالبا،  Kalpa" (دجي، Jie) : حقبة كونية طويلة جدّا (عديد مئات ملايين السنين)، وهي تمتدّ، حسب الكوسمولوجيّة البوذية، من خلق كون إلى حد ّفناءه وخلق كون آخر.

 

"نيرفانا،  Nirvâna" : "مفارقة هذا العالم دون حمل هذا الجسم الحسيّ" ؛ حالة سكينة وطمأنينة يكون فيها الشخص قد تخلص من العذاب ومن رحلة التجسد في الدروب الستة .

 

"سامسارا،  Samsâra" الدروب الستة : رحلة التجسد( /التـقمص)، سفر التجسد الدائم لدى الإنسان = مشوار الولادة والحياة والموت والتجسد من جديدٍ، هدف التعهد والممارسة هو الخلاص من هذه الحلقة .

 

"فامان،  Famen" : باب شرع، مدرسة شرع، مذهب ؛ تعاليم بوذا التي تفتح الباب من أجل التحقق ( إشارة إلى أبواب الشرع الـ 84.000).

 

"فوتي،  Fu ti" : حيوان، جنـّي، روح سفلية موجودة في عوالم أخرى تستحوذ على الجسم البشريّ وتسكنه. "فوتي" تعني أيضا تلك الحالة التي يكون فيها الجسم مسكونا.

 

"آه كو،  Ah Q" : شخصية روائية صينية تجسد الجبن والخنوع أمام الآخرين .

 

"اليين،  Yin" و"اليانق،  Yang" : حسب المدرسة الطاوية، كل ما يوجد في الكون هو نتيجة لتفاعل هاتين القوتيْن، هذين القطبيْن. ديناميكية هذه الثنائية هي التي تخلق الحركة وتولـّد كل الظواهر وكل الكائنات.

 

"كونق- فو/ أو/ قونق- فو،  Kung-fu/ Gongfu" : قدرة التحكـّم الناتجة عن فترة طويلة من الممارسة، مقدُرة، اقتدار.

 

"الدهايانا،  Dhyâna" : مدرسة "شان" والمعروفة أكثر باسمها اليابانيّ "زان"؛ إحدى المدارس الأساسيّة في البوذيّة، أدخلها للصّين الراهب الهنديّ "بودهيدارما" في القرن السادس م.   

 

"قوو واي،  Guowei" : حرفيّا= "مرتبة الثمرة " ؛ تعني مرتبة الكمال، مستوى الاكتمال، مستوى التحقق الروحيّ.

 

 

 

*ص42 و191 ،" لي، li" : وحدة صينيّة لقيس المسافة.